لِمَ لا تقولين لا؟!

[mahmoud eysa]

د. هند أحمد تكتب: لِمَ لا تقولين لا؟!
إخوان أون لاين - 31/03/2007








قالت: "كنت أراه يصرخ في وجهها فيغلي دمي.. كنت أراها خائرةَ العزم والقوة.. لطالما تساءلت عن سرِّ ضعفها واستسلامها.. كنتُ أرقب صمتَها فأكاد أصرخ: "لِمَ لا تقولين "لا"؟ لِمَ لا تردين؟ لِمَ لا تدافعين؟".. يأمرها وينهى وهي كما هي.. لا أرى على وجهها سوى تلك الابتسامة الراضية.. ثم تُومئُ برأسها وهي في قمةِ خضوعها وتهمس شفتاها بكلمة: (حاضر).. تلك الكلمة التي أكرهها ولا أطيق سماعها.. كنتُ في دهشةٍ لمواقفها المختلفة تجاهه!!

ولطالما تساءلت عن سرِّ تحكُّمه في كل صغيرةٍ وكبيرةٍ في حياتها.. في دخولها وخروجها.. وفي كل شيء؟! حتى جاء يومٌ عرفتُ فيه سرَّها، فقد أصابها مرض جعلها تشعر بالدوار كلما وقفت، وأصابها الوهن فمكثت أسبوعًا في الفراش لا تملك لجسدها اتزانًا.. فوجئتُ بأبي وكأنه طفلٌ صغيرٌ فقد أمه.. كان يعاملها برقَّةٍ شديدةٍ ويترضَّاها ثم يخرج من غرفتها قلقًا وهو يداري عنها الدمع.

جلستُ بجانبها وأنا في حيرة.. مسحَت رأسي بكفِّها الحاني وابتسمَت ابتسامتها الرقيقة ثم همست: "طاعة المرأة لزوجها من أهم حقوقه عليها، ولا تظني ابنتي أنني كنتُ أستسلم لأوضاعٍ لا أرضاها.. كلُّ ما كنتُ أفعله هو انتظاري للوقتِ المناسب كي أناقش وأدافع، ولكن ماذا لو لم نتفق؟! في النهاية لا بد أن تكون الكلمة هي كلمته- في غير معصية الله- هذا ما يجب أن يكون كي تستقيم الحياة، واعلمي ابنتي أن قمة قوة المرأة في ضعفها".

عن عائشة قالت: "يا معشر النساء لو تعلمْنَ حقَّ أزواجكن عليكن لجعلت المرأةُ منكنَّ تمسح الغبار عن وجهِ زوجها بحرِّ وجهها".. نعم لو علمت المرأةُ حق زوجها العظيم عليها لحَسَمت خلافاتٍ زوجيةً كثيرةً، ولاستقرت في مهدها بيوتٌ وبيوتٌ.

والأزواج- كل الأزواج الليِّن منهم والمسيطِر- يحب كلٌّ منهم أن يشعر باحترامِ زوجتِه له وطاعتِها لما يقول ويطلب، والمرأة الذكية هي التي تفهم أن تلك هي طبيعة الرجل.

لكل مملكة ملك واحد

وتعالوا بنا نُفكِّر معًا في الحكمة من تملُّك الرجلِ لحقِّ القوامة على زوجته، وتعالوا نتساءل أولاً: "هل يمكن أن يكون لبلدٍ ملكان ولمؤسسة مديران ولسفينةٍ قبطانان ولسيارة قائدان؟! يصدر أحدهما أمرًا فيلغيه الآخر، ويقود واحدٌ في اتجاه والآخر في الاتجاه المعاكس؟!

لذا جعل الله تعالى حقَّ القوامة للرجل على زوجته: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ (النساء: من الآية 34).

والمرأة مخلوقٌ عاطفيٌّ، تتخذ قراراتها بعواطفها، فتفتقر قراراتُها إلى الصحة وتُجانب الصواب في كثير من الأحيان، وطاعتها لزوجها في غير معصية الله تعالى هي طريقها إلى الجنة، وقد جاء ترتيبها في صالح الأعمال بعد صلاتها وصيامها وحفظها لنفسها مباشرةً؛ مما يدلِّل على عظيم قدرها، قال الرسول- صلى الله عليه وسلم: "المرأة إذا صلَّت خمسَها وصامت شهرَها وحفظت فرجَها وأطاعت زوجَها فلتدخل من أي أبواب الجنة شاءت" (رواه أحمد).

كوني له أمةً يكن لك عبدًا

لما كنا صغارًا أدهشتنا هذه الكلمات، فكنا نقول لقد انتهي عهد الرق، والأمة هي عبدة مملوكة لا تملك لنفسها قرارًا، والعبودية ذلٌّ وهوانٌ، فما بال هذه الكلمات المهينة تأتي في صورة نصيحة للمرأة؟!

ولكن بالتجربة ثبت صدقُ هذه الكلمات، فاللين لا يأتي إلا باللين، والطيب لا يثمر إلا طيبًا، وما جزاء الإحسان إلا الإحسان، ولا نتيجة للطاعة إلا عطف الزوج ومحبته لزوجته، والزوجة التي تهمل طاعة زوجها توغِرُ صدره ولا تجني إلا كراهيته لها، ويكفيك ثوابًا أيتها الزوجة أن طاعتَك لزوجك هي طاعةٌ لله.

أسباب العصيان

ولكن.. لماذا تهمل الزوجة هذا الحق العظيم لزوجها؟! ولِمَ نرَى هذا الحق مهضومًا في المجتمع؟!
1- ثورة المرأة على أوضاعها والادِّعاء أن ذلك من تحرُّر المرأة.
2- ارتفاع سنّ الزواج؛ مما أدَّى إلى تقوقع المرأة داخل آرائها وأفكارها التي اكتسبتها، وعدم رغبتها في التنازل عنها بسهولة.
3- ارتفاع مستوى تعليم المرأة واعتزازها بعقليتها.
4- إهمال تعليم البنات أساسيات الحياة الزوجية (وهذا الواجب مهدَرٌ من ناحية الأم والمدرسة والمؤسسات الاجتماعية).
5- تجاهل تعاليم ديننا الحنيف في ذلك الأمر، والانبهار بأفكار الحضارة الغربية.
6- غياب القدوة الصالحة.
7- تعسف الزوج في استخدام حق القوامة.

كيف تعاملين زوجك؟!

تأملي عزيزتي الزوجة معاملتَك لزوجك، واسألي نفسك هل تعاملينه كما يجب أن يكون؟! وهل تُظهرين له الودَّ مع الاحترام والطاعة؟! هل تعاملينه بما يُرضي الله تعالى؟ وهل تحرصين على تجديد نيتك وعزمك؟! هل تفكِّرين في الجنة كلما أطَعْتِ زوجَك في أمرٍ من الأمور، خاصةً إن لم يكن هذا الأمر على هواك؟!
واستمعي إلى ابنة سعيد بن المسيب تقول: "ما كنا نكلِّم أزواجنا إلا كما تكلِّمون أمراءكم".
1- انتقي كلماتك معه ولا تعامليه إلا بحسن الخلق.
2- لا تهزئي بكلامه ولو مازحةً، ولا تسخري من عيب فيه.
3- حافظي على كرامته وأَظهِري احترامَك له أمام الآخرين.
4- لا تُشعريه أنك أفضل منه علمًا أو معرفةً أو تجربةً في الحياة، بل أَشعريه بحاجتك إليه في كل وقت.
5- احترمي غيبته ولا تذكريه إلا بالخير أمام الآخرين.
6- لا تَخرجي إلا بإذنه؛ قال الرسول- صلى الله عليه وسلم-: "إن المرأة إذا خرجت من بيتها وزوجها كارهٌ لعنَها كلُّ ملك في السماء وكل شيء مرَّت عليه غير الإنس والجن حتى ترجع" (الطبراني).
7- لا تصومي تطوعًا إلا بإذنه، قال الرسول- صلى الله عليه وسلم-: "لا يحلُّ لامرأةٍ أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه".
8- لا تُدخلي البيت أحدًا يكره زوجُك دخوله.
9- لا تُنفقي شيئًا من ماله دون إذنه، ولا تدخري لنفسك من ماله دون علمه.
10- إذا كان واجبًا عليك نصحُه فانصحيه برفقٍ ولينٍ، وتخيَّري الوقتَ والأسلوب المناسبَين لذلك.
11- لا تجرحي مشاعره ولا تؤذيه بقول أو فعل؛ قال الرسول- صلى الله عليه وسلم-: "لا تؤذي امرأةٌ زوجَها في الدنيا إلا قالت زوجتُه من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك الله، هو عندنا دخيل يوشك أن يفارقك إلينا" (الترمذي).
12- لا تتجاهلي العلاقة الخاصة بينكما رغم كلِّ الظروف، بل استجيبي له، وأظهري سعادتك بذلك؛ قال الرسول- صلى الله عليه وسلم-: "إذا دعا الرجلُ امرأتَه إلى فراشه فلم تأتِهِ فبات غضبان عليها لعنتها الملائكةُ حتى تصبح".

واعلمي أيتها الزوجة أن هذه النقطة الأخيرة من أهم النقاط التي قد تغفل عنها الزوجة أو تتجاهلها أو تهملها، فتفسد العلاقة بينها وبين زوجها، بينما احترامها لهذا الحق لزوجها وتفنُّنها فيه يجعل الزوج يتغاضَى عن الكثير من العيوب والمشكلات.

واسمعي مديح النبي- صلى الله عليه وسلم- للزوجة الصالحة، قال: "ما استفاد مؤمنٌ بعد تقوى الله عز وجلَّ خيرًا له من زوجةٍ صالحةٍ، إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرَّته، وإن أقسم عليها أبرَّته، وإن غاب عنها نصحته (حفظته) في نفسها وماله" (ابن ماجة).

[الاميرة المجهوله]

يسلموووووووووو

[قاصرة الطرف]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم
محمود عبيسى
بارك الله فيك على هذه النصائح القيمة
جعلها الله تعالى في موازين حسناتك