أهمية علو الهمّة في حياة المسلم - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3943 - عددالزوار : 386416 )           »          عرش الشيطان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أسلحة الداعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 66 - عددالزوار : 16182 )           »          لماذا يرفضون تطبيق الشريعة؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          واحة الفرقان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 3123 )           »          الأيادي البيضاء .. حملة مشبوهة وحلقة جديدة من حلقات علمنة المرأة المسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          التوبـة سبيــل الفــلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          طرق تساعد على تنمية ذكاء الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 102 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-09-2019, 03:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي أهمية علو الهمّة في حياة المسلم

أهمية علو الهمّة في حياة المسلم
(1) معنى الهمّة وأهميتها


محمد بن موسى الشريف


قول ممشاد الدينوريّ:
(همتك فاحفظها، فإن الهمّة مقدمة الأشياء، فمن صلحت له همته وصدق فيها صلح له ما وراء ذلك من الأعمال).
ويقول ابن القيم رحمه الله:
(لابد للسالك من همة تسيِّره وترقيه، وعلم يبصِّره ويهديه).
وقال الشيخ أحمد بن إبراهيم الدرعيّ:
(كن رجلاً رجله في الثرى وهمه في الثريا، وما افترقت الناس إلا في الهمم، من علت همته علت رتبته، ولا يكون أحدٌ إلا فيما رضيت له همته).
وقد أسلفتُ بأنها عمود أمر الإنسان والأمر المهم في دنياه، ولكن سأفصّل ما أجملت
بما يلي:

جاء في القاموس: (هـ م م): ((ما هُمَّ به من أمر ليُفعل)).
فالهمّة هي الباعث على الفعل، وتوصف بعلو أو سفول، فمن الناس من تكون همته عالية علو السماء، ومنهم من تكون همته قاصرة دنيئة سافلة تهبط به إلى أسوأ الدرجات.

وعرّف بعضهم علو الهمّة فقال:
(هو استصغار ما دون النهاية من معالي الأمور)
قال ابن القيمرحمه الله تعالى، واصفاً الهمّة العالية:
(علو الهمّة ألا تقف (أي النفس) دون الله، ولا تتعوض عنه بشيء سواه، ولاترضى بغيره بدلاً منه، ولا تبيع حظها من الله وقربه والأنس به والفرح والسرور والابتهاج به بشيء من الحظوظ الخسيسة الفانية.

فالهمّة العالية على الهمم كالطائر العالي على الطيور، لا يرضى بمساقطهم، ولا تصل
إليه الآفات التي تصل إليهم، فإن الهمّة كلما علت بعدت عن وصول الآفات إليها، وكلما نزلت قصدتها الآفات من كل مكان)
وقد حذر السلف كثيراً من سقوط الهمّة وقصورها، فقد قال الفاروق عمر رضي الله عنه:
(لاتُصُغِّرَنّ همتك ، فإني لم أرَ أقْعَدَ بالرجل من سقوط همته).


وقال ابن نُباتة رحمه الله تعالى:
حاول جَسيمات الأمور ولا تَقُل ... إن المـحامأد والـعُلــى أرزاقُ
وارغب بنفسك أن تكون مقصراً ... عن غاية فيها الطِّلابُ سِباقُ



وقد قيل:
(المرء حيث يجعل نفسه، إن رفعها ارتفعت، وإن قصر بها اتّضعت)


وقال شاعرُ بني عامر:
إذا لــم يكن للفتـى هـمـة ... تبوئه في العلا مصعدا
ونفس يعودها المكرمات ... والـمرء يـلزم مـا عُـوِّدا
ولم تَعْـدُ هـمـتـه نـفـسـه ... فليس ينال بها السـؤدُدا



وقد ذمّ أعرابيٌّ رجلاً فقال:
(هو عبد البدن، حُرُّ الثياب، عظيم الرُّواق، صغير الأخلاق، الدهر يرفعه وهمته تضعه).


وقال أبو دُلف:
وليس فراغ القلب مجداً ورفعة ... ولكنّ شغلَ القلب للهمِّ رافعُ
وذو المجد محمول على كل آلة ... وكل قصير الهمِّ في الحيّ وادعُ


والهمّة قسمان: وهيبة، وكسبية:
فالوهبيّة هي ما وهبه الله تعالى للعبد من علو الهمّة أو سفولها، ويمكن أن تنمى
وتُرعى أو تهمل وتترك، فإن نماها صاحبها وعلا بها صارت كسبية، أي أن
صاحب الهمّة كسب درجات عالية لهمته، وزاد من أصل مقدارها الذي
وهبه الله تعالى إياه، وإن تركها وأهملها ولم يلتفت إليها خَبَتْ وتضاءلت.
والهمّة في هذا تشترك مع باقي الصفات العقلية والخلقية كالذكاء وقوة الذاكرة وحسن الخلق وغير ذلك مما هو معلوم بَدَهِيّ.


وقال ابن الجوزي
رحمه الله تعالى:
(وقد عرفت بالدليل أن الهمّة مولودة مع الآدميّ، وإنما تقصر بعض الهمم في بعض الأوقات، فإذا حُثَّت سارت، ومتى رأيت في نفسك عجزاً فَسَلِ المنعم، أو كسلاً فالجأ إلى الموفِّق، فلن تنال خيراً إلا بطاعته، ولا يفوتك خيرٌ إلا بمعصيته)
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16-09-2019, 03:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أهمية علو الهمّة في حياة المسلم

أهمية علو الهمّة في حياة المسلم

(2) مراتب الهمم



محمد بن موسى الشريف


الناس متفاوتون في أمرين:
الأمر الأول: مطالبهم وأهدافهم.
والآخر: الهمم الموصلة إلى هذه المطالب والأهداف.
فمن الناس من يطلب المعالي بلسانه وليس له همة في الوصول إليها، فهذا متمنٍّ مغرور. وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
ومن أعظم المغالبات مغالبة النفس لتصبح ذا همة عالية.

ومن الناس من لا يطلب إلا سفاسف الأمور ودناياها، وهم فريقان:
- فريق ذو همة في تحصيل تلك الدنايا، فتجده السبَّاق إلى أماكن اللهو ومغاني الغواني، وهذا إن اهتدى يكن سبّاقاً إلىالمعالي، ذا همة عالية نفسية: (الناس معادن: خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إن فقهوا)

- وفريق لا همة له، فهو معدود من سقط المتاع، وموته وحياته سواء، لا يُفتقد إذا غاب، ولا يُسأل إذا حضر.
إني رأيت من المكارم حسبكم ** أن تلبسوا خَزَّ الثياب وتشبعوا

ومن الناس من تسمو مطالبه إلى ما يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وله همة عظيمة في تحصيل مطالبه وأهدافه فهنيئاً له.
وبين كل هذه الأقسام مراتب كثيرة متفاوتة.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
(لذة كل أحد على حسب قدره وهمته وشرف نفسه، فأشرف الناس نفساً وأعلاهم همة وأرفعهم قدراً من لذتهم في معرفة الله ومحبته، والشوق إلى لقائه، والتودد إليه بما يحبه ويرضاه)


وقال ابن القيم أيضاً:
(ولله الهمم ما أعجب شأنها وأشد تفاوتها! ، فهمة متعلقة بالعرش، وهمة حائمة حول الأنتان والحُش).
يتفاوت الناس في هممهم فتتفاوت على هذا أعمالهم وحظوظهم ودرجاتهم،
وإذا أردت أن تعرف مراتب الهمم فانظر إلى همة ربيعة بن كعب الأسلمي، رضي الله عنه وقد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سَلْ».فقال: (أسألك مرافقتك في الجنة).
وكان بعض الناس يسأله ما يملأ بطنه أو يواري جلده.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«ألا تسألني من هذه الغنائم التي يسألني أصحابك».
قلت: أسألك أن تعلمني مما علمك الله.
فنزع نمرةً كانت على ظهري فبسطها بيني وبينه حتى كأني أنظر إلى النمل يدب عليه فحدثني، حتى إذا استوعبت حديثه قال: (اجمعها فصُرها إليك). فأصبحت لا أسقط حرفاً مما حدثني .

فاكتسب رضي الله عنه بهمته في الطلب مجداً عظيماً، وهو أنه حفظ للناس أحاديث رسولهم صلى الله عليه وسلم، فأصبح حافظ الصحابة بلا منازع، بل أصبح راوية الإسلام.


وقال الشيخ عبد القادر الجيلاني لغلامه:
(ياغلام: لا يكن همك ما تأكل وما تشرب، وما تلبس وما تنكح، وما تسكن وما تجمع، كل هذا همُّ النفس والطبع فأين همُّ القلب، همك ما أهمك فليكن همك ربك عز وجل وما عنده). وهذه - والله - من أعظم الوصايا للدعاة حتى لا تضعف همتهم أمام المغريات، لا سيما وأن من أهم صفات الداعية مخالطته للناس والتأثير عليهم، فكم من داعية انزلق في بحر هذه المغريات حتى أضحت الدعوة آخر اهتماماته.

وأما أمر ابن عباس رضي الله عنه مع صاحبه الأنصاري فهو دليل على تفاوت الهمم واختلاف مراتبها فقد قال رضي الله عنه:
(لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لرجل: هلم فلنتعلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم كثير.
فقال: العجب - والله - لك يا ابن عباس، أترى الناس يحتاجون إليك وفي الناسمن ترى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فركبت ذلك وأقبلت على المسألة وتَتَبُّع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فإن كنت لآتي الرجل في الحديث يبلغني أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجده قائلاً، فأتوسد ردائي على باب داره تسفي الرياح على وجهي حتى يخرج إليّ، فإذا رآني قال: يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لك؟
قلت: حديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحببت أنأسمعه منك.
فيقول: هلا أرسلت إليّ فآتيك؟
فأقول: أنا كنت أحق أن آتيك.
وكان ذلك الرجل يراني، فذهب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد احتاج الناس إلي، فيقول: أنت أعلم مني).
وترى اليوم من تفاوت الهمم أمراً عجباً، فإذا استثنى الناظر في أحوال الناس أمر العامة - واستثناؤهم واجب لأنه قد ماتت هممهم، وقعدت بهم عن تحصيل معالي الأمور- واطلع على أحوال الخاصة وهم: الدعاة، وطلاب العلم، وباقي الملتزمينالحريص ين على دينهم، سيصاب بالدهشة لما يراه من فتور الهمّة، وأنها الشأن الغالب على الخصوص الذين ذكرتهم:
فمنهم من إذا اطَّلع ساعة أو ساعتين في اليوم ظن أنه قد أتى بما لم يأتِ به الأوائل،
ومنهم من إذا خرج لزيارة فلان من الناس بقصد الدعوة يظنّ أنه قد قضى ما عليه منحق يوميّ،

ومنهم من تتغلب عليه زوجة وعيال فيقطع عامة وقته في مرضاتهم، ومنهم من اقتصر في تحصيل العلم على سماع بعض الأشرطة وحضور محاضرة أو اثنتين فيالأسبوع أو الشهر، ومنهم من غلب عليه الركون إلى الدنيا والتمتع بمباحاتها تمتعاً
يُفضي به إلى نسيان المعاني العلية، ومنهم من يقضي عامة يومه متتبعاً لسقطات إخوانه، ومطلعاً على ما يزيد علمه رسوخاً في هذا المجال.


وهكذا يندر أن تجد إنساناً استطاع أن يعلو بهمته، ويجمع شمله ويَقْصر من الاعتذارات والشكايات فتصبح حياته مثلاً أعلى يُحتذى به.
ولا أزعم أن جمهور الصحوة قد فات عليه هذا الأمر- أي أمر الهمّة وعلوها- ولكن أقول جازماً بأنه - إلا القليل - لم يستثمروا هممهم حق الاستثمار، ولم يحاولوا أن يرتقوا بأنفسهم حق الارتقاء .يقول الأستاذ المودوديّ رحمه الله تعالى مخاطباً قوماً ممن ذكرناهم آنفاً:

((إنه من الواجب أن تكون في قلوبكم نار متّقدة تكون في ضرامها - على الأقل مثل النار التي تتقد في قلب أحدكم عندما يجد ابناً له مريضاً ولا تدعه حتى تجرّه إلى الطبيب، أو عندما لا يجد في بيته شيئاً يسد به رمق حياة أولاده فتقلقه وتضطره إلى بذل الجهد والسعي.


إنه من الواجب أن تكون في صدوركم عاطفة صادقة تشغلكم في كل حين من أحيانكم بالسعي في سبيل غايتكم، وتعمر قلوبكم بالطمأنينة، وتكسب لعقولكم الإخلاص والتجرد، وتستقطب عليها جهودكم وأفكاركم بحيث إن شؤونكم
الشخصية وقضاياكم العائلية إذا استرعت اهتمامكم فلا تلتفتون إليها إلا مكرهين. وعليكم بالسعي ألا تنفقوا لمصالحكم وشؤونكم الشخصية إلا أقل ما يمكن من أوقاتكم وجهودكم، فتكون معظمها منصرفة لما اتخذتم لأنفسكم من الغاية في الحياة.


وهذه العاطفة ما لم تكن راسخة في أذهانكم، ملتحمة مع أرواحكم ودمائكم، آخذةً عليكم ألبابكم وأفكاركم، فإنكم لا تقدرون أن تحرِّكوا ساكناً بمجرد أقوالكم
. .
الحقيقة أن الإنسان إذا كان قلبه مربوطاً بغايته، وفكره متطلعاً إليها، فإنه لا يحتاج إلى
تحريض أو دفع. . .
واسمحوا لي أن أقول لكم: إنكم إذا خطوتم على طريق هذه الدعوة بعاطفة أبردَ من تلك لعاطفة القلبية التي تجدونها في قلوبكم نحو أزواجكم وأبنائكم وأمهاتكم فإنكم لا بد أن تبوؤوا بالفشل الذريع).
أرأيتم همة الإمام رحمه الله، ولا غرو أن تخرج هذه اللآلىء من رجل تصدى طيلة حياته المباركة لهموم دعوة الخلق إلى الحق، حتى أنه كان يصدر دورية بنفسه لا يشاركه فيها أحد - وكان هذا في مقتبل حياته - فهو الناشر ومدير التحرير والموزِّع، وقد أخبر عن نفسه بأنه كان يبل الخبز اليابس في النهر ثم يأكله، وحياته تصلح أن تكون
تطبيقاً لما أوردته عنه آنفاً، رحمه الله. ويمكن بعد هذا أن نقول:

إن مراتب الهمم متفاوتة فيما يلي:


1- همة لا تسعف صاحبها لقضاء حوائجه الأساسية بل يظل عامة ليله وسحابة نهاره في نوم وتراخ وكسل، وهذه أدنى درجات الهمم - والعياذ بالله - وصاحبها عاجز قاصر يعتمد على الناس اعتماداً كلياً، وهذه المرتبة قليلة في النوع الإنسانيّ، ولله الحمد. ومن أمثلتها في الناس الطفيليون، وطبقة التنابلة المشتهرين في التاريخ بكسلهم وسقوط هممهم.


2 - ومن الهمم همة ترقى بصاحبها إلى قضاء الحوائج والسعي في الأرض وأداء الفروض، ولكن كل هذا يقضيه بقدر بحيث يستصعب معه كثيراً من الأمور، ويعتقد استحالتها وهي أمور ممكنة التحقق عند غيره، وتجده - عند الاستشارة-
كثير الصدّ قريب القصد. وهذه المرتبة من الهمّة يشترك فيها كثير من الناس إن لم نقل أغلبهم.

3 - ومن الناس من يريد الارتفاع بهمته ولكنه لا يعرف سبل استثمارها ولا كيفية الاستفادة التامة منها، فتجده متذبذباً في أموره، فتارة ينجز أموراً عظيمة، وتارة يستصعب الممكن ويستبعده. والغالب على أهل هذه المرتبة أنهم لا يحققون ما يصبون له يتطلعلون إليه.

4 - ومن الناس من تتجاوز به همته واقع الناس بكثير وتتعداه، بل تكاد تستسهل المستحيل ولا تخضع له، وصاحب هذه الهمّة نادر في دنيا البشر، ولكنه موجود معروف، يعرفه الناس ويقتدون به. والغالب على صاحب هذه الهمّة أنه يحقق أهدافه وغايته، بل يحقق أموراً تحتاج في تصور معظم الناس إلى فريق من العاملين لإنجازها. الأرض وأداء الفروض، ولكن كل هذا يقضيه بقدر بحيث يستصعب معه كثيراً من الأمور، ويعتقد استحالتها وهي أمور ممكنة التحقق عند غيره، وتجده - عند الاستشارة- كثير الصدّ قريب القصد. وهذه المرتبة من الهمّة يشترك فيها كثير من الناس إن لم نقل أغلبهم.


3 - ومن الناس من يريد الارتفاع بهمته ولكنه لا يعرف سبل استثمارها ولا كيفية الاستفادة التامة منها، فتجده متذبذباً في أموره، فتارة ينجز أموراً عظيمة، وتارة يستصعب الممكن ويستبعده. والغالب على أهل هذه المرتبة أنهم لا يحققون ما يصبون له يتطلعلون إليه.
4 - ومن الناس من تتجاوز به همته واقع الناس بكثير وتتعداه، بل تكاد تستسهل المستحيل ولا تخضع له، وصاحب هذه الهمّة نادر في دنيا البشر، ولكنه موجود معروف، يعرفه الناس ويقتدون به.والغالب على صاحب هذه الهمّة أنه يحقق أهدافه وغايته، بل يحقق أموراً تحتاج في تصور معظم الناس إلى فريق من العاملين لإنجازها.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16-09-2019, 03:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أهمية علو الهمّة في حياة المسلم

أهمية علو الهمّة في حياة المسلم

(5) أهمية علو الهمّة في حياة المسلم


محمد بن موسى الشريف


همتك فاحفظها, فإن الهمّة مقدمة الأشياء, فمن صلحت له همته وصدق فيها صلح له ما وراء ذلك من الأعمال.

التصنيفات: تربية النفس - وسائل التكنولوجيا الحديثة -
يقول ممشاد الدينوريّ: همتك فاحفظها، فإن الهمّة مقدمة الأشياء، فمن صلحت له همته وصدق فيها صلح له ما وراء ذلك من الأعمال.
ويقول ابن القيم رحمه الله: لابد للسالك من همة تسيِّره وترقيه، وعلم يبصِّره ويهديه.


أولاً: تحقيق كثير من الأمور مما يعده عامة الناس خيالاً لا يتحقق:


وهذا الأمر مشاهد معروف عند أهل الهمم، إذ يستطيعون - بتوفيق الله لهم أولاً، وبهمتهم ثانياً - إنجاز كثير من الأعمال التي يستعظم بعضَها من قعدت به همته ويظنها خيالاً.
وأعظم مثال على هذا سيرة المصطفى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، إذ المعروف عند أهل التواريخ أن بناء الأمم يحتاج إلى أجيال لتحقيقه، لكنه صلى الله عليه وسلم استطاع بناء خير أمة أُخرجت للناس في أقلَّ من ربع قرن، واستطاعت هذه الأمة أن تنير بالإسلام غالب الأجزاء المعروفة آنذاك، وجهاده صلى الله عليه وسلم وعمله وهمته العالية في بناء الأمة أمرّ معروف، وهو مما تقاصر عنه أطماع أهل الهمّة العالية وخيالاتهم وما يتطلعون إليه.
والصدِّيق رضي الله عنه استطاع - في أقل من سنتين - أن يخرج من دائرة حصار المرتدين، ولم يمت إلا وجيوشه تحاصر أعظم إمبراطوريتين في ذلك الوقت، هذا وقد نهاه كبار الصحابة عن حرب المرتدين وظنوا أنه لا يستطيع أن يقوم في وجه العرب كلهم، ولكن همته العالية أبَتْ عليه ذلك واستطاع أن ينجز ما ظنه الناس خيالاً لا ينجز.
وقس على هذا أمر الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حتى أنه من عظمة همته في طلب الحق قال له علي رضي الله عنه: (لقد أذللت الخلفاء من بعدك يا أمير المؤمنين).

ويصلح أن يكون أمر الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز مثالاً يستضاء به لطالب الهمّة العالية، إذ أنه حاول إرجاع الناس إلى ما كان عليه الصدر الأول، ولقد حقق كثيراً من النجاح، رحمه الله.
وهناك أمثلة كثيرة مبثوثة في التواريخ، ولكن لنقترب قليلاً من عصرنا، ونحلِّق قريباً من ديارنا، ولنضرب مثلين على علو الهمّة لا أكاد أجد لهما - فيما أعلم - نظيراً:
أما أحدهما فشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الذي استطاع في مدة وجيزة إخراج مجتمعه من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد بهمة وعزيمة نادرتين.
وأما الآخر فالإمام حسن البنا رحمه الله، إذ كانت حياته مثلاً جميلاً لعلو الهمّة، ومن أراد الإنصاف فليراجع (مذكرات الدعوة والداعية)، (ورسائله) التي تفوح بعلو الهمّة وقوة الإرادة، وكيف لا يكون كذلك وقد كان يخاطب أتباعه بقوله: (أحلام الأمس حقائق اليوم، وأحلام اليوم حقائق الغد).


وأضرب - في الختام - مثلاً بهمة أحد الكافرين حتى نعتبره ونتعظ، فنحن أولى منه بعلو الهمّة وقوة الإرادة، وهذه القصة حكاها الدكتور توفيق الواعي حيث قال حفظه الله:

(أرسلت الدولة اليابانية في بدء حضارتها بعوثاً دراسية إلى ألمانيا كما بعثت الأمة العربية بعوثاً، ورجعت بعوث اليابان لتحضر أمتها، ورجعت بعوثنا خاوية الوفاض!! فما هو السر؟ لنقرأ هذه القصة حتى نتعرف على الإجابة.


يقول الطالب الياباني (أوساهير) الذي بعثته حكومته للدراسة في ألمانيا:
لو أنني اتبعت نصائح أستاذي الألمانيّ الذي ذهبت لأدرس عليه في جامعة هامبورج لما وصلت إلى شيء، كانت حكومتي قد أرسلتني لأدرس أصول الميكانيكا العلمية، كنت أحلم بأن أتعلم كيف أصنع محركاً صغيراً، كنت أعرف أن لكل صناعة وحدة أساسية أو ما يسمى (موديل) هو أساس الصناعة كلها، فإذا عرفت كيف تصنع وضعت يدك على سر هذه الصناعة كلها، وبدلاً من أن يأخذني الأساتذة إلى معمل، أو مركز تدريب عمليّ، أخذوا يعطونني كتباً لأقرأها، وقرأت حتى عرفت نظريات الميكانيكا كلها، ولكنني ظللت أمام المحرك - أياً كانت قوته - وكأنني أقف أمام لغز لا يحل.

وفي ذات يوم قرأت عن معرض محركات إيطالية الصنع، كان ذلك أول الشهر، وكان معي راتبي، وجدت في المعرض محركاً قوة حصانين ثمنه يعادل مرتبي كله، فأخرجت الراتب ودفعته، وحملت المحرك وكان ثقيلاً جداً، وذهبت إلى حجرتي ووضعته على المنضدة

وجعلت أنظر إليه، وكأني أنظر إلى تاج من الجوهر، وقلت لنفسي: هذا هو سر قوة أوربا، لو استطعت أن أصنع محركاً كهذا لغيرت تاريخ اليابان، وطاف بذهني خاطر
يقول: إن هذا المحرك يتألف من قطع ذات أشكال وطبائع شتى، مغناطيس كحذوة الحصان، وأسلاك، وأذرع دافعة، وعجلات، وتروس وما إلى ذلك، لو أنني استطعت أن أفكك قطع هذا المحرك وأعيد تركيبها بالطريقة نفسها التي ركبوها بها ثم شغلته فاشتغل أكون قد خطوت خطوة نحو سر ((موديل)) الصناعة الأوربية.
وبحثت في رفوف الكتب التي عندي، حتى عثرت على الرسوم الخاصة بالمحركات، وأخذت ورقاً كثيراً، وأتيت بصندوق أدوات العمل، ومضيت أعمل، رسمت المحرك، بعد أن رفعت الغطاء الذي يحمل أجزاءه، ثم جعلت أفككه، قطعة قطعة، وكلما فككت قطعة رسمتها على الورقة بغاية الدقة وأعطيتها رقماً، وشيئاً فشيئاً فككته كله، ثم أعدت تركيبه، وشغلته فاشتغل، كاد قلبي يقف من الفرح، استغرقت العملية ثلاثة أيام، كنت آكل في اليوم وجبة واحدة، ولا أصيب من النوم إلا ما يمكنني من مواصلة العمل.


وحملت النبأ إلى رئيس بعثتنا فقال: حسناً ما فعلت، الآن لا بد أن أختبرك، سآتيك بمحرك متعطل، وعليك أن تفككه،
وتكتشف موضع الخطأ وتصححه، وتجعل هذا المحرك العاطل يعمل، وكلفتني هذه العملية عشرة أيام عرفت أثناءها مواضع الخلل، فقد كانت ثلاثاً من قطع المحرك بالية متآكلة، صنعت غيرها بيدي، صنعتها بالمطرقة والمبرد.
بعد ذلك قال رئيس البعثة - وكان بمثابة الكاهن يتولى قيادتي روحياً - قال: عليك الآن أن تصنع القطع بنفسك، ثم تركبها محركاً، ولكي أستطيع أن أفعل ذلك التحقت بمصانع صهر الحديد، وصهر النحاس، والألومنيوم، بدلاً من أعد رسالة الدكتوراه كما أراد مني أساتذتي الألمان، تحولت إلى عامل ألبس بذلة زرقاء وأقف صاغراً إلى جانب عامل صهر المعادن، كنت أطيع أوامره كأنه سيد عظيم، حتى كنت أخدمه وقت الأكل، مع أنني من أسرة ساموراي، ولكنني كنت أخدم اليابان وفي سبيل اليابان يهون كل شيء، قضيت في هذه الدراسات والتدريبات ثماني سنوات، كنت أعمل خلالها ما بين عشرة وخمس عشرة ساعة في اليوم، وبعد انتهاء يوم العمل كنت آخذ نوبة حراسة، وخلال الليل كنت أراجع قواعد كل صناعة على الطبيعة.


وعلم (الميكادو) -الحاكم اليابانيّ- بأمري فأرسل لي من ماله الخاص خمسة آلاف جنيه إنجليزي ذهب اشتريت بها أدوات مصنع محركات كاملة، وأدوات وآلات، وعندما أردت شحنها إلى اليابان كانت النقود قد فرغت، فوضعت راتبي وكل ما ادخرته.
وعندما وصلت إلى (نجازاكي) قيل لي: إن (الميكادو) يريد أن يراني، قلت: لن أستحق مقابلته إلا بعد أن أنشىء مصنع محركات كاملاً، استغرق ذلك 9 سنوات، وفي يوم من الأيام حملت مع مساعدي عشرة محركات (صنع في اليابان)، قطعة قطعة، حملناها إلى القصر، ودخل (الميكادو) وانحنينا نحييه وابتسم وقال: هذه أعذب موسيقى سمعتها في حياتي، صوت محركات يابانية خالصة، هكذا ملكنا (الموديل) وهو سر قوة الغرب، نقلناه إلى اليابان، نقلنا قوة أوربا إلى اليابان ونقلنا اليابان إلى الغرب.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 16-09-2019, 03:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أهمية علو الهمّة في حياة المسلم

أهمية علو الهمّة في حياة المسلم

(6) الوصول إلى مراتب عليا في العبادة والزهد


محمد بن موسى الشريف


وهذا مَعْلَم بارز في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة ومن تبعهم بإحسان، يقول حذيفة رضي الله عنه:
(صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلاً، إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مّر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحواً من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ثم قام طويلاً قريباً مما ركع، ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى، فكان سجوده قريباً من قيامه).


وقال ابن مسعود رضي الله عنه:
(صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأطال حتى هممت بأمر سوء، قيل: وما هممت به؟ قال: هممت أن أجلس وأدعه).


وهذا معاذ بن جبل رضي الله عنه على فراش الموت يذكر أموراً تدل على همّته في العبادة والزهد، فروي عنه أنه قال:
(اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاء في الدنيا ولا طول المكث فيها لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن كنت أحب البقاء لمكابدة الليل الطويل، وظمأ الهواجر في الحر الشديد، ولمزاحمة العلماء بالركب في حلَق الذكر).
هذا وقد كان يعيش في دمشق ولكنه علا بهمته عما فيها من مغريات وجمال.


وهذا الإمام مالك بن أنس رحمه الله إمام دار الهجرة قد روى عنه الإمام ابن القاسم
هذه الحادثة:
(كنت آتي مالكاً غلساً فأسأله عن مسألتين، ثلاثة، أربعة، وكنت أجد منه انشراح الصدر، فكنت آتي كلّ سحر، فتوسدت مرة في عتبته، فغلبتني عيني فنمت، وخرج مالك إلى المسجد فلم أشعر به، فركضتني سوداء له برجلها وقالت لي: إن مولاك لا يغفل كما تغفل أنت، اليوم له تسع وأربعون سنة ما صلى الصبح إلا بوضوء العَتَمَة، ظنت السوداء أنه مولاه من كثرة اختلافه إليه).
وإذا أردت التوسع في أمثلة عبادة السلف وزهدهم فسيطول بي الأمر، وحسبي ما أوردته دليلاً على علو هممهم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16-09-2019, 03:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أهمية علو الهمّة في حياة المسلم

أهمية علو الهمّة في حياة المسلم


(7) البعد عن سفاسف الأمور ودناياها



محمد بن موسى الشريف



صاحب الهمّة العالية لا يرضى لنفسه دنايا الأمور بل يطمح دائماً إلى ماهو أفضل وأحسن، فتجده يترفع عن مجالس اللغو وإضاعة الوقت، وينأى بنفسه عنها.
يقول الإمام ابن الجوزيّ متألماً من حال من يقطع يومه وليلته في سفاسف الأمور:
(قد رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعاً عجيباً، إن طال الليل فبحديث لا ينفع أو بقراءة كتاب فيه غزل وسمر، وإن طال النهار فبالنوم، وهم في أطراف النهار على دجلة أو في الأسواق، فشبهتهم بالمتحدثين في سفينة وهي تجري وما عندهم خبر، ورأيت النادرين قد فهموا معنى الزمان وتهيأوا للرحيل، فالله الله في مواسم العمر، والبدارَ البدارَ قبل الفوات، ونافسوا الزمان) .
ولما فرّ عبد الرحمن الداخل - صقر قريش - من العباسين وتوجه تلقاء الأندلس أهديت إليه جارية جميلة فنظر إليها وقال:
((إن هذه من القلب والعين بمكان، وإن أنا اشتغلت عنها بهمتي فيما أطلبه ظلمتها، وإن اشتغلت بها عما أطلبه ظلمت همتي، ولا حاجة لي بها الآن، وردّها على صاحبها).


ويروي الأستاذ عبد الستّار نوير قصة طريفة فيها عبرة فيقول:
(قرأت للأستاذ أحمد أمين طريفة معبرة، قال:
حُدثت أن جندياً ظريفاً رأى في مقهى رجلين يلعبان النرد، وكانت الساعة السابعة مساءً، فتقدم إليهما بكل أدب واحترام وحيّاهما ثُمّ سألهما:
-? من أي وقت بدأتما اللعب؟
- من الساعة الرابعة.
- وإلى متى؟
- إلى الثامنة أو التاسعة.
- وما عملكما؟
- مدرسان.
فانهال عليهما ضرباً ولكماً وقال: أما لكما عمل تعملانه، أو رياضة تقومان بها، أو خدمة اجتماعية تؤديانها؟.

ذكر الأستاذ القصة ثم قال معلقاً:
(ليت لنا مشرفين من هذا القبيل يعزرون من أضاع وقته على هذا النمط، إذا ما نجا من الضرب واللكم إلا القليل).



إن الإسلام - وهو الدين الشامل الخاتم - قد أبيح فيه الترويح والتنفيس، ولكن أن يُخطأ في تقدير هذا الترويح فيُجعل هو الأصل، فهذا من الدنايا التي تُنزه عنها الأديان وترتفع عنها همة الإنسان.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16-09-2019, 03:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أهمية علو الهمّة في حياة المسلم

أهمية علو الهمّة في حياة المسلم


(10) صاحب الهمّة العالية يستفيد من حياته أعظم استفادة



محمد بن موسى الشريف


صاحب الهمّة العالية يستفيد من حياته أعظم استفادة، وتكون أوقاته مستثمرة بنّاءة:

وهذا هو مطمع الصالحين ومراد العالمين ومجال المتنافسين، وقد كان السلف رحمهم الله يضربون أعظم الأمثلة في هذا المجال، وحسبي في هذا الأمر أن أورد مثالين:


كان الإمام ابن عقيل الحنبليّ يقول: ((إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مطالعة، أعملت فكري في حال راحتي وأنا مستطرح).


ووصف الإمام النوويّ حياته لتلميذه أبي الحسن ابن العطار فذكر له أنه كان يقرأ كل يوم اثني عشر درساً على مشايخه شرحاً وتصحيحاً: درسين في (الوسيط)، ودرساً في (المهذب)، ودرساً في صحيح مسلم، ودرساً في (اللمع) لابن جنّي، ودرساً في إصلاح المنطق، ودرساً في التصريف، ودرساً في أصول الفقه، ودرساً في أسماء الرجال، ودرساً في أصول الدين، قال: وكنت أعلق جميع ما يتعلق بها من شرح مشكل ووضوح عبارة، وضبط لغة، وبارك الله تعالى في وقتي).


وقال أبو الحسن العطّار: (ذكر لي شيخنا رحمه الله تعالى أنه كان لا يُضيع له وقتاً لا في ليل ولا في نهار إلا في اشتغال حتى في الطرق، وأنه دام على هذا ست سنين، ثم أخذ في التصنيف والإفادة والنصيحة وقول الحق.


قلت: مع ما هو عليه من المجاهدة بنفسه، والعمل بدقائق الورع، والمراقبة، وتصفية النفس من الشوائب ومحقها من أغراضها).


وإليك - أخي القارىء - كلاماً مهماً لأحد الغربيين يوضح حال أهل الهمّة مع وقته:


قال د. ماردن: (كل رجل ناجح لديه نوع من الشّباك يلتقط به نحاتات وقراضات الزمان، ونعني بها فَضَلات الأيام والأجزاء الصغيرة من الساعات مما يَكنِسه معظم الناس بين مهملات الحياة، وإن الرجل الذي يدخر كل الدقائق المفردة، وأنصاف الساعات، والأعياد غير المنتظرة، والفسحات التي بين وقت وآخر، والفترات التي تنقضي في انتظار أشخاص يتأخرون عن مواعيد مضروبة لهم، ويستعمل كلَّ هذه الأوقات، ويستفيد منها ليأتي بنتائج باهرة يدهش لها الذين لم يفطنوا لهذا السر العظيم الشأن).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16-09-2019, 03:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أهمية علو الهمّة في حياة المسلم

أهمية علو الهمّة في حياة المسلم

(11) صاحب الهمّة العالية قدوة للناس


محمد بن موسى الشريف



صاحب الهمّة قدوة في مجتمعه، ينظر إلى حاله القاعدون وأنصاف الكسالى والفاترون فيقتدون بهمته،
ويرون ما كانوا يظنونه أمراً مسطوراً في الكتب القديمة قد انتهى وعُدم من دنيا الناس،

يرونه واقعاً متحققاً في حياتهم, فيظل هذا الشخص رمزاً للناس ومحل ضرب أمثالهم.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 16-09-2019, 03:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أهمية علو الهمّة في حياة المسلم

أهمية علو الهمّة في حياة المسلم

(12) تغيير طريقة حياة الأفراد والشعوب


محمد بن موسى الشريف



يقول الشيخ الأستاذ محمد الخضر حسين شارحاً المراد:
((يسمو هذا الخلق بصاحبه فيتوجه به إلى النهايات من معالي الأمور، فهو الذي ينهض بالضعيف يُضطهد أو يزدرى فإذا هو عزيز كريم،

وهو الذي يرفع القوم من سقوط ويبدلهم بالخمول نباهة وبالاضطهاد حرية، وبالطاعة العمياء شجاعة أدبية.


هذا الخلق هو الذي يحمي الجماعة من أن تتملق خصمها ... أما صغير الهمّة فإنه يبصر بخصومه في قوة وسطوة فيذوب أمامهم رهبة، ويطرق إليهم رأسه حِطَّة ثم لا يلبث أن يسير في ريحهم، ويسابق إلى حيث تنحط أهواؤهم).








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 118.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 113.78 كيلو بايت... تم توفير 5.15 كيلو بايت...بمعدل (4.33%)]