رحلة الحياة إلى طريق النجاح - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-08-2020, 02:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رحلة الحياة إلى طريق النجاح

رحلة الحياة إلى طريق النجاح


د. محمد زبير عباسي





حوارات

رحلة الحياة إلى طريق النجاح

القَسَم باسم الجلالة


ما أكثرَ كَذِبَ مَن يُقْسِم بالله كثيرًا!

محمود: لا يَنبَغِي لك أن تتشاجر بسببٍ خفيفٍ.
جمال: أقسمُ باللهِ! لا أُجادِل، ولا أَقول شيئًا.

محمود: لماذا أقسمتَ فورًا دون تفكيرٍ ورَوِيَّة؟
جمال: أنت تَخُوضُ في الكلام، فتأخذ أذنابَه دائمًا، وما لا علاقة لنا بها.

محمود: اصدُقني، لماذا أقسمتَ بالله دون حاجةٍ ماسَّةٍ إليه؟
جمال: أقسمتُ به؛ لئلا تُكَذِّبَني.

محمود: هذا من نقصِ عقلِك، إذا لم يكن أيُّ اعتبارٍ لحديث الرجل، فماذا يُفِيد قسمُه، وإن أقسم ألفَ مرَّة؟
جمال: واللهِ هذا حقٌّ.

محمود: انظُر أقسمتَ مرَّة أخرى، تَذكُر اسمَ ملكِ الملوك في الدارين دونَ أيَّة حيطةٍ، وحذرٍ، وخوفٍ، وخجلٍ، واستحياءٍ.
جمال: لو كان هناك مانعٌ من ذكر اسم الجلالة، لما كان يجوز أن يذكر اسمُه في الأذان، ولا في الصلاة.

محمود: أما تَعرِف أن ذكرَه في الأذان والصلاة أمرٌ غيرُ ما يُذْكَر اسم جلالته في القسم من مرَّة إلى مرَّة، وهذا أمرٌ كَرِيهٌ؟
جمال: أنا شاهدتُ كثيرًا من الناس يُسمُّون الله، ويُقسِمون باسمه العزيز من حديثٍ إلى حديثٍ.

محمود: اعلم أن السيئةَ تَكُونُ سيئةً للجميع، ولا تكونُ حسنةً لواحدٍ وسيئةً لآخرَ، فإن أَحبَبنَاه حُبًّا صادقًا، يَجِب أن لا يَخرُج عن لساننا شيءٌ يَجلِب لنا الويلاتِ، والغضبَ، والعقاب.
جمال: أقسمُ بالله، أحتَرِز من القسم به الآن.

محمود - مبتسمًا -: أقسمتَ باللهِ مرَّة أخرى، وقد نويتَ عنه الوقوف.
جمال: أستَغفِر الله، أَستَغفِر الله! لا أُعِيد الخطأ ثانيًا.

محمود: إلى اللقاءِ في مساءِ الغدِ.
جمال: إلى اللقاء.

الرِّشْوَة

خالد: السلام عليكم.
عادل: وعليكم السلام، أين تكون يا صديقي؟ منذ أيامٍ ما رأيتُك!

خالد: تَسأَلُ، ولا تَعرِف عني أن الأشغالَ قد صَرفَتنِي بعيدًا عن اللقاءاتِ والجلسات بين الأصدقاء، فاليوم قد جئتُ لكم خاصةً.
عادل: آهٍ! لماذا؟ هاتِ ما عندك!

خالد: أريدُ أن أكتبَ مقالاً عن "الرِّشْوَة"، فأتمنَّى الحديثَ معك عن هذا الموضوع قبلَ البَدْءِ.
عادل: هذا الموضوعُ معروفٌ لَدَى الجميعِ بكل سلبيَّاته، ولا يَحتَاجُ إلى الكتابة ثانيًا، وكما ترى أن اليوم حيثما تَنطَلق فتَجِد بابَها مفتوحًا.

خالد: أجل، قد أصبح هذا حديثَ العامِّ والخاصِّ، ولكن هل فَكَّرتم لماذا هكذا؟
عادل: أَعرِف السببَ، أَصبَحنا حَريصينَ على الثروات والغِنَى والأموال، فبدأنا نَجْمَعها، ونملأ خزَّاناتنا بها في أسرع وقتٍ؛ لنكون من الأثرياء، ثم قيَّدنا "الحياة" في المادَّة، فقد صارت ضَرُوراتُنا حبيستَها بأعقابِها وأذنابِها، تَنحَرِف إليها بأسْودِها وأبيضِها؛ لذا نَستَخِدم وسائلَ التكسُّب والمعاشِ دون تمييزٍ بين الحلال والحرام؛ لنُقِيم به معموراتِ أهوائنا، ونحقِّق بها ما نتمنَّى إيَّاها، غافلين عن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((لو كان لابنِ آدمَ وَادٍ من ذهبٍ، أَحَبَّ أن له وَادِيًا آخر، ولن يملأَ فَاهُ إلا الترابُ، والله يَتوبُ على من تاب))؛ "صحيح مسلم بشرح النووي: 7/139، باب كراهية الحرص على الدنيا، الطبعة الأولى: 1347هـ - 1929مـ، المطبعة المصرية بالأزهر، إدارة محمد محمد عبداللطيف".

خالد: أنت محقٌّ، كلٌّ منا يُحَاوِل أن يَحصُل على الأموالِ الهائلة مهما كان، بطريق الحلال أو الحرام.

وقد انحَرَفنا عن طريقِ الهُدَى، نَحْسُب يوميًّا كم كَسَبْنا، ولا نُحَاسِب أنفسنا - ولو مرَّة - كيف كَسَبْناه؟ وبمَ؟

عادل: نعم، قد تركنا المعاشَ الإسلاميَّ، وتأخَّرنا عن الاقتصاد الإسلامي، وأصبحنا مُنهَمِكين في الهَوَى واللهو واللعب، فنُنفِق عليها ما نتكسب يوميًّا أو شهريًّا، عندما تَنتَهِي الفلوس، فنكونُ حائرينَ أمام الخجل، وذَاهِلين عن الرُّشد، فنتوسَّل حينئذٍ لما حَرَّمه الله تعالى، ومنه "الرِّشْوَة".

خالد: هذا هو الواقعُ، لكنَّ السؤال ههنا، لماذا يَرْشُو الناسُ؟ ويَرتَشِي الآخرون؟
عادل: عندما يَذهَب الناسُ إلى المكتبات الحكوميَّة، فلا يَجِدون مَن يَكفِي حاجاتِهم، بل في كثيرٍ من الأحيان هم يُقابِلون صعوباتٍ، فلا يستطيعون أيَّ ملجأ يعوِّلون عليه، ويَستَعِينون به، ويتَّكِلون ويعتمدون عليه، عندئذٍ يستَمِدُّون المعونة لما يريدون بـ "الرشوة"، أما المُرتَشُون، فلا تَسأَلْ عنهم؛ لأنهم من ملوك الدنيا يَأكُلون حيثما يَرُيدون، وكثيرٌ منهم مَن يَستَرشُون بكلِّ صراحةٍ، ويَشتَرِطون أن يتحرَّكوا لصاحب الحاجة - رغم حقِّه عليهم - إذا عوَّضهم بكذا وكذا.

خالد: أجل، ولكن كما أن هناك أصحابَ الحاجاتِ، لهم مشكلات، فيتوسَّلون إلى حلِّها بالرشوة، فكذلك هناك الآخرون من يَرْشُونَ العُمَّالَ لأمورٍ سيئةٍ أو تافهةٍ.
عادل: لذلك؛ فالإسلام قد مَنَع الرِّشْوَة، ولعن الرَّاشِي والمُرتَشِي والرَّائِش، ألا وهو الوَسِيط بينهما، ونَصَح الأمة بالوقوف عنها فورًا.

خالد: لماذا لا يُوَفَّقُ الناسُ لخيرٍ، مع أنهم يَعرِفون قول الرسول المبارك - صلى الله عليه وسلم - ويَعلَمُون عِقابَ الله، ويُدْرِكون شدَّة العذابِ.

فَكِّر كيف نُنهِي "الرِّشْوَة" من بيئتِنا؟ وكيف نَخلَع جذورَها وأصولَها من مجتمعِنا؟

عادل: لابدَّ له من خوفه - سبحانه وتعالى - فيَجِب أن يَترُكَ الناسُ الإسرافَ، والترفَ في الحياة، ويَقنَعوا بالحلالِ وإن كان قليلاً، ويَنصَرِفوا عن الحرام وإن كان كثيرًا، وههنا يَلزَم الحكومةَ أن تَضَع الخطَّة القيِّمةَ ضدَّها، وتحددَ جزاءَ هذه السيِّئة الخبيثة بمثلها؛ ليكونَ المذنِبُ عِبْرةً لأُولِي الألباب.

خالد: شكرًا سيدي العزيز، والآن قد تيسَّر لي الأمر - بإذن الله تعالى - فأستطيعُ أن أكتبَ مقالاً قيِّمًا عن هذا الموضوع، وأحاولَ أن أغطيَ جوانبَ الموضوعِ، وأعرض حلولَه في ضوءِ مقتضيات الشريعة، وما يناسب عصرَنا الحاضرَ.
عادل: وفَّقك الله تعالى.

خالد: شكرًا سيدي العزيز.
عادل: عفوًا.

المحاسبة

الإنسان: أيتها النفسُ! اصدُقيني، أنت مسلمةٌ أم كافرةٌ؟
النفس: أنا مسلمةٌ دونَ أدنى شكٍّ.

الإنسان: فلماذا تَأمُريننِي بالسوء، وتَنهيننِي عن العمل الصالح؟
النفس: متى آمُرك؟ ومتى أَنْهَاك؟ لا تتَّهمني بلا دليلٍ.

الإنسان: وَلِمَ لا أتَّهِمك، وأنت تَنْفَضّين إلى الشرِّ حيثما ترينه؟
النفس: لا أَستَطِيع أن آخُذَ شيئًا ما بمجرَّد قصدي إليه.

الإنسان: إذًا، فكيف تتحقَّق لك أمنياتك؟
النفس: عندما تفعلُها، فتتحقَّق.

الإنسان: أنا لا أقصدُ إلا الخيرَ دائمًا.
النفس: لو أنك لا تَريدُ إلا الخيرَ، فلماذا يَصدُر منك الشرُّ إذًا؟

الإنسان: يُوَسوِس لي الشيطان.
النفس: لا، الشيطانُ يُوسوِسُ لك فحَسْب، ولكن العملَ لا يتحقَّق بمجرَّد ورودِ الخواطرِ.

الإنسان: إذًا، فكيف؟
النفس: حينما يُرَاوِغُك الشيطانُ، فيَغْلِب عقلَك الهَوَى، ويُفتَتَنُ به قلبُك، ثم تَمِيل إليه نفسُك؛ فيضل فؤادُك وأنت متردد في الأمر، ولا تَدرِي على أيِّهما تَثبُت، حتى تفوتَك الفرصة، وتبقى متلوثًا بمعصية الخالق.

الإنسان: شكرًا.
النفس: عفوًا.

قلَّما يأتي على الإنسان حينٌ، فيَنتَهِزه، أو فرصةٌ فيَغتَنِمها؛ لأنه يَنسَى فَيَنسَى ثم يَستَغفِر ربَّه، فيعفُو، ويَصفَح، ويَغفِر له، أو يَتَناسَى فيَتَناسَى، حتى ينسى نسيًا منسيًّا، فيَخْتِم الله على قلبِه، وقد يُذكِّرنا القرآن الكريم بأساليبَ متنوعةٍ؛ لنميزَ الحقَّ من الباطل، ونعتَبِر قبل أن نكونَ عِبْرَةً للآخرين، ولا نكونَ من السفهاء بدلاً من أولي الألباب.

مادام يَعقِل الإنسان فيَنظُر، ويُشاهِد، ويتفكَّر، ويَستَنتِج، ثم يُنجِز ما يَرَاه مناسبًا لدنياه وآخرته، فيَغتَنِم الحياةَ قبل أن يَختَطِفه الموت، ويَغتَنِم الفرصةَ قبل أن يَصرِفه اللهو، ويَغتَنِم الشباب قبل أن يُصِيبه الهَرَم.

فمتى يعود الإنسان إلى تلك المحاسبة، فيحاسِب نفسَه قبل أن يحاسَب؟

عندما يُشَكِّلُ المحكمةَ بنفسِه، فيَعرِض نفسَه على تلك المحكمة، يَتَّهِمُ نفسَه، فيكون مدَّعى عَليه، يكون القاضي بنفسه، فيقضي على نفسِه حيث يخطِّئها، أو يقضي لها حيث يبرئها.

هذه المحكمةُ تسمَّى بـ "محكمةِ الشعورِ والإحساس"؛ فالإنسانُ حينما يَقُوم بين يَدَي عدالة الشعور الذاتي، ومحكمة الإحساس الشخصي، يَسأَل نفسَه عما فعل وفُعِلَ، ويفعل وسيفعل، وهذا العرضُ لا يَأتِي عفويًّا، بل إنه يَحتَاجُ إلى عزيمةٍ جبَّارة، ونيةٍ صادقةٍ، وإرادةٍ قويمةٍ، ووقتٍ هادئٍ؛ عندئذٍ يَجلِس الإنسان بمجرَّده، فيتحدَّث ويحاور نفسَه ليتفقَّد الأحوال، ويدركَ الحقائق، ويُحاسِب الماضي، ويَنتَبِه إلى الحال، ويضع الخطَّة للمستقبل.

عندما يُحاسِب الإنسانُ كلَّ ليلةٍ في وقت هادئ، ويَسأَل نفسَه عما صَدَر منه - خلافًا للشريعة البيضاء - ويَلُومها على ما كفر فغَوَى؛ فتتقرَّح جفونُه بالدموع الحارَّة؛ خوفًا من ربِّه؛ ليتوبَ الله عليه.

الإنسان: استمعي يا نفسي بكل عنايةٍ وانتباهٍ، لقد خَلَقَنَا الله؛ ليَبلُوَنا أيُّنا أحسنُ عملاً.
النفس: أجل، إنه حقٌّ.

الإنسان: فلماذا تَهْرُبين من الهداية، وتَغرَقين في الظلمات، وتبتعدين عن الخيرات، وتُعانِقين الضلالة، وتُصافِحين الباطل، ولا تُوَفَّقين لخيرٍ؟
النفس: كلا، ثم كلا، أنا رهنُ إشارتِك، وأكون على شاكلة أمرك.

الإنسان: نويتُ من الآن، لأُطِيعنَّ الله - عز وجل - ورسوله- صلى الله عليه وسلم - ولا أَعصِيهما أبدًا، فهل تعصين ربك؟
النفس: نِعْمَ مَا نويتَ وقلتَ، فلا أَعِصيه إلا إذا عصيتَه.

الإنسان: فلماذا تُلْقِين بيديك إلى التهلكة، وتصبّين سُمَّ الظلمات في غضاريفك؟
النفس: انتبه إليَّ جيدًا أيها الإنسان! إنك قد خُلِقْتَ ضعيفًا؛ إذا مسَّك الشرُّ تكون جزوعًا، وإذا مسَّك الخيرُ تكون مَنُوعًا، وأنا منك أيُّها الضعيفُ الإيمانِ، الهزيلُ الجسم.

فأصغِ آذانَك إليَّ، إنني ميَّالة إلى الشهوات واللهو واللعب، إذا أعجبتُ بإحداها، فأحسب أنني فاعلةٌ، فلا تَذهَب كلَّ مذهبٍ دونَ حجَّة قاطعة، بل اجعَل "عقلَك" معيارًا على أخذِ الرأي، ولا تُطِع نفسَك وقلبَك؛ فإنهما تحت أمرِك، وأنت تحت أمرِ عقلِك، فإن عصيتَ عقلَك كنت من الخاسرين، وإن عصيت نفسَك وقلبَك كنت من القانتين؛ فإن العقل يَقطَع الشهواتِ، ويَطْرُد الوساوس، ويُمِيت غلبةَ النفسِ، واشدُد قلبَك إلى ما يَضرِبون به: الوقتُ كالسيفِ إن لم تَقطَعْه قَطَعك.

لابدَّ للمحاسَبة أن تكون بالوعي والإدراك، وهذا الوعيُ المطلوبُ لا يتأتَّى على علاَّته، بل يحصل بالخطوات التي يسير بها الإنسان إليها، تلك الخطوات توصِّلُه إلى الغاية التي من أجلِها قد خُلِقَ، ألاَ وهو النجاحُ المتكامِل.

النجاح المتكامِل يتحقَّق بالمحاسَبة، والمحاسَبة تتحقَّق بـ"إجراءِ اليوميات"، و"اليوميات" لا تَنجَح في هدفِها باليأس، فلابدَّ أن تتَّصف بـ: "الرجاء"، و"الأمل"، وكلاهما يموتان، دون ذكر هازِم اللَّذَّات، ألا وهو "الموت"، ومَن يَذكُر الموتَ، يجد إيمانًا خالصًا، ويُرزَقْ عملاً صالحًا ويُوفَّقْ لجهدٍ متميزٍ، ولا يَخسَرُ المؤمنُ المخلِصُ المجتهدُ في الدارين أبدًا.

يومياتك، فهي تَعنِي أن تَكتُب كلَّ يومٍ أعمالَك ووظائفَك ومسؤولياتِك في دفتر، ثم تَنظُر فيها فتَفحَصُ عن النقص، وتُنَقِّبُ عن القصور، فإن تَجِدْه فأَصْلِح قبل أن يفوتَك الوقت، وإن لم تَجِدْ شيئًا من النقص، فاشكُرِ الله - تعالى - وخَطِّط لليوم التالي، وهكذا.

هذه اليوميات تمثِّل لك المرآة التي تُبَرِّئُك من كلِّ عيبٍ.

الرجاءُ وعدمُ اليأسِ، الرجاءُ يَعنِي الأمل، أن ترجو خيرًا فيما تفعل؛ لأن الرجاءَ يَبُثُّ فيك القوة الإرادية، ويجعل لك العقل المستَيقِظ، ويَدُلُّك إلى الهدف الواضح؛ لأنك ستَعرِف فيما تَخطُو نحوه، وتُدرِك مسيرَك فيما تقصد إليه.

وعدمُ اليأسِ؛ يعني: ألاَّ تَقنَط، ولا تيئَس؛ لأن اليأسَ والبؤس يؤدِّيان إلى الهلاكِ والدمار، ويُبْعِدك عن التأمل والتأني في الحقائق والمسائل، ويَذهَب بك إلى عدم إمعان النظر في الحوادث، فأنت ستُحرَمُ هكذا من الثقة بنفسك، فتموت، ولكنك لا تموت ولا تحيا.

اسمعني جيدًا، أنا أُضِلُّك؛ لأنني جائرة عن الصراط المستقيم، فاثبُت أنت بنفسِك، واستعِن بالله تعالى ليوفِّقك إلى الخير، فلا تَجلِس بين أصحابِ المزاح والهزل؛ لأنهم يُسِيئون إليك، فيُنْسُونك الآخرة ويُزَوِّرُون لك الدنيا حتى يشغفَ بها قلبك، فلا تُؤثِرِ الحياةَ الدنيا، واعلم أن الآخرة خير ٌوأبقى.


إذا كان لديك إيمانٌ قويٌّ، وعملٌ صالح، وجهدٌ متواصل، فلا تَخسَر حياتك الدنيا ولا الآخرة، وكن من الفائزين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 72.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 70.54 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.61%)]