شعر الشتات الشركسي المعرب والعربي - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         فتاوى رمضانية ***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 572 - عددالزوار : 92950 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 118 - عددالزوار : 56999 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 81 - عددالزوار : 26305 )           »          شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 35 - عددالزوار : 745 )           »          كلام جرايد د حسام عقل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 41 )           »          تأمل في قوله تعالى: {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره... } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          بيان معجزة القرآن بعظيم أثره وتنوع أدلته وهداياته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          {إن كنتم تحبون الله فاتبعوني} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          { ويحذركم الله نفسه } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر

ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-11-2020, 01:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,670
الدولة : Egypt
افتراضي شعر الشتات الشركسي المعرب والعربي

شعر الشتات الشركسي المعرب والعربي (1)







د. إيمان بقاعي









من القرن العشرين - الشَّتات والغربة

(أولاً: شعر الشَّتات المعرب والعربي - 1)


مدخل
فيصل حبطوش خوت أبزاخ: (أحزان شركسية).

إذا تتبعنا جذور مسألة الشَّتات، وجدناها قديمة قدم الحروب الّتي عاناها الشّراكسة على أرض الوطن والّتي كان آخرها تلك الحرب الّتي استمرت أكثر مِن مائة عام وانتهت في 21/5/1864 وذلك عبر الطّريق البحري مِن الموانئ القفقاسية مثل: تامان، توآبسة أنابا، تسميز، سوتشي، آدلر، سوخوم، بوتي باتوم وغيرها إلى الموانئ العثمانية: ترابزون، سامسون، سينوب، اسطمبول، فارنا، بوركاز وكوستنجة.


أما التَّهجير الَّذي حصل بين عامي 1865 - 1866 أوذاك الَّذي وقع عام 1878 بعد الحرب العثمانية - الرّوسية، فقد تم عبر الطّريق البري. وقد تم تهجير شعوب الشّيشان والدَّاغستان والأسيتين والقبردي عبر الطّريق الشَّرقي، واستمرت الهجرات بعد ذلك عبر الطّريق البري أيضًا[1].


صحيح أن الحروب السَّابقة للحرب الأخيرة المنتهية عام 1864 قد شتَّتت الشّراكسة وأحرقت قراهم وأفنت منهم الكثير، لكنَّ الحرب الأخيرة كانت العامل المهمُّ في اقتلاعهم مِن موطنهم وتشريدهم خارجه في رحلة للتَّأقلم لم تكن سهلة على الإطلاق.


ويعتبر تهجير الشّراكسة من "أكبر عمليات التَّرحيل السُّكاني في التّاريخ، إذ تم اقتلاع ما يقارب المليوني إنسان مِن جذورهم وإجبارهم على الهجرة إلى بلاد غريبة. وتم معظم هذا النّزوح الجماعي عبر مرافئ البحر الأسود[2] الّتي كانت غير مهيئة للتَّعامل مع هذا العدد الهائل مِن النّاس وبوسائل نقل بحرية غير صالحة كانت تغرق في وسط البحر لرداءتها والإفراط في زيادة حمولتها البشرية[3]. وقد هلك من هؤلاء المهجَّرين نصف مليون شخص مِن جراء الغرق والمرض والجوع"[4].


أما مَن بقي في الوطن الأم، فقد خضع لسياسة التَّرويس مِن: إخلاء للسُّكان الأصليين ليحل محلّهم سكان روس موالون للدَّولة، إلى قتل جماعي أو تحويل الدّيانة الإسلامية إلى المسيحية، إلى عزلة طبقت عليهم.


لقد ظلَّ الشّركسي المُزاح إلى السَّهل يرنو بعينيه وآماله إلى جبله المغادر قسرًا:
"في عُرفهم
جبليٌّ أنت يا شعبي
يقولون
زيُّك عباءةٌ لبَّادية
وحصان
وأنا
أعدُّ مِن العمر ما مضى
فخورًا بهذا النَّسبِ الغالي"[5]

وإذ يفخر المُغادر إلى السّهل بنسبه الجبلي، يسمع صوت الجبل - الوطن يناديه هامسًا في أذنيه الأسرار.
أتراها غير أسرار العودة إليه؟
"تلك الدُّروبُ الجبليةُ
كانت يومًا مسالك الأجداد
يخيل إليَّ أنها تناديني
وتهمس في أذني بالأسرار
وبكل ما يعجز اللِّسان عن القولِ
وأنا أتجولُ في البراري باحثًا في صدورها"


إن التَّهجير لا يعني النّسيان، بل لعله يعني العكس تمامًا، فهو ينمِّي الحنين والشَّوق فيدفع المرءَ إلى سلوك الدَّرب إلى الوطن - الأم:
"مددت جذور جبالي
في رحم السُّهول المترامية
رسمْت في فضائك الرَّحب
حيث لغتي الأديغية
نجومه المتناثرة"[6]

ويعلن الشّاعر (قادربتش قومبل) كما سبق وأعلن اعتزازه بجبليته:
"وأنا عنيد... عنيد
لن أنسى مكاني"[7]

وإذا كان التَّهجير مِن الجبل إلى السَّهل يحمل كل هذا الحنين وكل هذه الرغبة وكل هذا الوجع، فماذا عن التَّهجير خارج الحدود؟


إذا كان السَّهل غربة، فماذا تكون البلاد الجديدة بمناخها ولغتها وأناسها وعاداتها وتقاليدها؟ يصرخ الشّاعر (علي شوجن تسوكر) على لسان طفل شركسي وجد نفسه غريبًا في مدينة استنبول التركية فبحث عن جذوره، عن أمه وأبيه ووطنه فما وجد إلا بلدًا غريبًا، فكان عليه أن يتجاوز غربته ويصارعها ليعود إلى وطنه:
"هل تدرين بابنك الصَّغير
مفكرًا، يائسًا على شاطئ البحر
مِن دونِ أمٍّ أو أبٍ في البلدِ الغريب
يصارع للوصول والعودة إلى الجبال الشَّامخة"[8]

يهتف قلبه لرؤية (أوشحه مافه) القمة المباركة الّتي تتجه إليها أنظار الشّراكسة هدفًا مرتجى مناديًا:
"إنَّني هنا لا يمرُّ بي يومٌ
يمكنني فيه رؤية أوشحه مافه
ولا توجد هنا أم
يا أماه، تربتُ يدُها رأسيَ مثلك"[9]


1- من قصيدة (ثلاثة أقمار لمايكوب)

قمرٌ ينزفُ مِن دمي

قمرٌ ينهضُ في دمي

قمرٌ يتأرجحُ ما بين سُلّم عينيك

وصوتي

مثلما كنتِ شاهِد موتي،

أتمنى لو تكونين شاهِدَ بعثي



مايكوب! يا مايكوب!

يا مُهرتي التي تعدو عبر ماء – فارز- والكوبان!

يا أنّةً تنسجُ في هنيهةٍ.. كواكبَ من الأحزان.

يا صفصافتي..

يا مَن أوى إلى أكمامها السُّهاد

ستُبعثينَ ثانيةً مِن الرّماد

كطِفلةٍ جميلةٍ شقراء تُبعثين



2- من قصيدة (وطني دفتر كل العشّاق)

وطني.. يا قمرًا أخضر يسكنُ في الكوبان!

يا حُزمة بللّورٍ، أغصانًا تتمدّد

عبر صباحِ البحرِ الأسودِ والشُطآن! يانجماً يتألّقُّ في كلِّ مكان

ياعشبًا.. يانهرًا.. ياشجرًا

يملأُ قلبي بالأعراس!

يا حلمًا يتجلّى بين حناياي

كواكِب من إحساس!

وطني.. يا أجمل أسورةٍ، حقلاً في زمني!

يا حبّي!

اليوم أتيتك ضيفًا من خلفِ رمادِ التَّاريخ، غُبارِ الأحزان

قبّلتُ جبينك يا وطني،وأخذتك بالأحضان.


يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-11-2020, 01:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,670
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شعر الشتات الشركسي المعرب والعربي

شعر الشتات الشركسي المعرب والعربي (1)







د. إيمان بقاعي



3- من قصيدة (أنتِ.. والوطن)

أنتِ والوطن اسمانِ.. حبيبان

تسكنان

في خاطري

في حاضري

في كلِّ بُرهةٍ من الزمانزنابِق نديّةً

كأنّها ظِلال.[11]


وكذلك ما كتبه القاص والشَّاعر عصام وجوخ[12] في قصيدته: (يوم للحزن أيام للفرح القادم):

أنا إن طربْتُ فمِن سعد أيامي الخوالي

إن حزنْتُ فمن بعد أحبابي الغوالي

لي في الغيابِ حبيبتانِ معا معي

في خاطري في يقظتي ومنامي

معي في كل حين

حبيبتان تتقاسمانِ روحي وقلبي والحنين

لأجل عينيها وعينيها

نشيد حرفي وإيقاع أغنيتي على اللِّحن الحزين

حبيبتي الصُّغرى اسمها جنة الجولان

تنأى

يا للغياب الطّويل المُر

تغيّب النَّوم الهنيء الحلم عن العيون

الجنة الحبيبة الكبرى قفقاسيا - شركستان

بعيدة جدًّا قريبة جدًّا

من ضفاف الرُّوح مِن شغاف قلبي المفتون

جمال وجهها

جلال قدرها

ظلال عرشها

تلك الجموع

النَّكسة المأساة

بحر الدُّموع الأسود المحزون.[13]


وتكثر كلمات الغربة مع مغادرة "أوشحة مافة" بوجهه العتيق المقدس: "لقد انتهى كل شيء"[14]!


تعلن الرِّوائية زهرة عمر بوجع على لسان إحدى شخصيات روايتها الثَّرية رغم البحث الدَّائب عندها عن ممسك لجذور القوم المقطوعة من جغرافيا والمزروعة في جغرافيا.


حمل الشّراكسة معهم أوجاعهم ومعها آمال كبيرة، فالأوطان المغادَر إليها بينهم وبينها إلفة تُدعى: الدّين، والدّين وطن لعله كان بلسمًا للجراح المفتوحة النَّازفة، أو لعله كان بعض بلسم...


نعم! كان النّداء محمَّلاً بالأمل الّذي لم تستطع أوجاع الاقتلاع أن تقضي عليه وتسحقه. لكن الأحزان القديمة تراكم فوقها أحزان جديدة: مرض، جوع، عدم استقرار، حروب، أطماع، كآبة.


حمل الشّراكسة كآبتهم وضجرهم وتشردهم فصار الوقت مموهًا وطرح السّؤال: "ما هو الأمس وما هو اليوم وما هو الغد؟ ما هو بالأمس كان ذات يوم مستقبلاً غائبًا بين طيات المجهول مثقلاً بالأماني والأحلام ثم أصبح الزَّمنَ القاسي وبعدها انطفأ وتحول: أصبح ذلاً، رجع صدى الزمن الغادر"[15].


صار الزَّمان سؤالاً تمامًا كما صار الوطن سؤالاً. ويعود الشّركسي - ابن الشَّتات الأبدي - ليستقرئ تاريخه، لعل وعسى:
"في السِّفر الأول أقرأ أيام القفقاس الذَّهبية
أساطير وملاحم، وجبابرة نارْتيون،
ريادة فكر وحضارات شركسية"[16]

يقترب الزَّمان أكثر، فإذا به أمام حروب الشّراكسة والرّوس وإذا به أمام البطل القوقازي شامل:
"في السِّفر الثّاني: قصة أبطال الحرية
ومن البحر إلى البحر الغضب السَّاطع شامل
والحرب ضروس تقتات الأخضر واليابس
تأكل حتى الصَّخر ولكن لا تلمس وهج الأفئدة الوطنية[17]

ويتابع الزَّمن اقترابه، فبعد انتهاء الحرب، يبحث الشّركسي في الرّماد بين الأنقاض فيستخرج سِفر الهجرة - بداية الشَّتات، وهو سفر الوجع وسفر النّكبة:
"والسِّفر الثّالث هجرة..
هذا السِّفر الموجع نكبة"[18]

موت وذل وقهر وأسر وغرق وشتات:
"جماجم أطفال تكسر...
وكرامات شيوخ جبليين تذل وتقهر
وصبايا.. صبايا.. لا أجمل.. لا أحلى منهن بكل بلاد العالم
لا أطهر لا أنقى منهن بكل بلاد العالم تؤسر.
قوافل في أعماق البحر الأسود تغرق
وقوافل في شتى أرجاء المعمورة تتفرق"[19]

إنه الشَّتات بكل مآسيه وأوجاعه.
إنه الصَّفعة - النّكبة.


اقتلاع يُحَس حين تهدأ العاصفة ويتلمس المقتلع جذوره العارية مِن التربة - الأم وينسى أن العادات الشّركسية تحتِّم عدم البكاء، فيبكي - لا عن ترف ولا عن صفعة صغيرة - بل عن وجع أكبر منه: وجع الوطن المبعد. وتكاد العيون بريق نورها ينطفئ، وهل من نور خارج الوطن الأم؟
"وعيون تبكي..
تذرف دمعًا ودمًا..
تعمى مِن هجر الأوطان"[20]

والبكاء حين تنفجر مكامن الوجع ويضيع الأغلى، يصبح كالوطن المتروك: مُباحًا ومشروعًا إلى أن يتوقف النَّزيف.


ومع البكاء ومع انطفاء النُّور تدريجيًّا، تسمع في الأرجاء مراثي الشّراكسة الّتي تتجدد كل مرة مع كل غزو حزنًا يتراكم ويزيد التمزق:
"وشفاه تنشد وتنوح
بكل أناشيد الأحزان"[21]

بيد أن انتظارًا ما لحلٍّ ما يخترق الحزن المتراكم فيرسم أملاً يعين على احتمال أن يعيش المرء عاريًا من الانتماء، عائدًا تارة إلى الزمن الغابر وأخرى متلمسًا الواقع المعاش.


ينادي الشّركسي - من بين دموعه ومراثيه - الوطن الأم المرتجى، وطنًا حلُّ نسيانه واحد كما يبدو، هو العودة.


وجد الشّركسي ملاذه وأراد أن يحقق انتماءه ولكن، هل يسمح الكبار الّذين يمتلكون القوة والمعرفة والّذين يرسمون مصائر الصغار بتحقيق آمال الشّعوب الصَّغيرة؟


نعم إن تسلحت الشّعوب الصَّغيرة بالعلم. إنه الحل الّذي تطرحه زهرة عمر في نهاية روايتها قائلة: "إن الجهل والضّعف هما اللّذان جعلا الشّعوب الكبيرة أشبه بقدَر الشّعوب الصَّغيرة، قدَر لايُرَدّ وإن تعرض لمقاومة محقة"[22].


[1] فتحي كونكور: الشراكس تهجير أم هجرة:صفحة: الشراكس في البلاد العربية والمهجر: Facebook.





[2] يقول ورزاي أفليك في ديوانه: (رقصة الغجر) المنشور في نالتشك 1985 من قصيدته: (حفنة سوناتات) [تر: ممدوح قوموق]:

غاضبة تضرب الريح نافذتي بقوة/أسمع صوت غناء متواصلاً لا ينقطع/ ومن سمائي يطل هلالٌ مضيء/يحرق بنوره الفضي ظلمات الليل/كنت سأنطلق الهوينا محلقاً في الفضاء/بهذا الأمل الوحيد الذي يقوم مقام الجناحين/مازالت بطولاتكم شواهد الطريق على دربي/وهي ملء العين وملء الأسماع وفي نقاء الطفولة/عندما انهمر رصاص الأعداء عليكم يُجندلكم/لم أكن أنا على الأرض في تلك الأيام/وها أنا الآن أبحث عنكم في قاع البحر/محاولاً ما استطعت، أن أعيد اعتباركم/ويفتح تاريخنا البوابة، يناديني للطريق/إن التاريخ بالنسبة إلينا نخب بطولة.




[3] من خلال تقرير أرسله إلى الجنرال كاتراتشيف يشرح المسؤول في إدارة شؤون الهجرة في القنصلية الروسية في ترابزون أحوال المهجرين وأوضاعهم المأساوية على طريق الترحيل الطّويل:"حضر إلى باتوم سبعين ألف شخص أثناء ذهابهم إلى تركيا، يموت منهم وسطيًّا سبعة شراكسة في اليوم ومن بين الـ 24,700 شخص الذين أخرجوا إلى ترابزون مات منهم حتى الآن تسعة عشر ألفًا. أما من بين المتواجدين هناك والبالغ عددهم 63,900 شخص فيموت منهم كل يوم ما بين المائة و الثمانين إلى المائتين والخمسين شخص. وبالنسبة إلى المتواجدين بجوار سامسون والذين يخمن عددهم بنحو مائة وعشرة آلاف فيموت منهم مائتين شخص وسطيًّا كل يوم. ولقد أعلمت بأن الـ 4650 شخص الذين تم إحضارهم إلى ترابزون وفارنا واسطنبول يموت منهم حوالي الأربعين إلى الستين شخص يوميا". أما البقية الباقية منها فقد كانت في حالة مأساوية يرثى لها إذ تفرقت في البلاد ما بين دوبروجا وبلغاريا وصربيا وأرناؤوط وسوريا والعراق حيث كان يتم إسكانهم على الدوام في أماكن غير آمنة[فتحي كونكور: المصدر السابق].



[4] وليد طاش، جذور مأساة تهجير الشّراكسة عن وطنهم [محاضرة ألقيت خلال الأسبوع الثقافي الشّركسي الثّاني عمان ونشرت في الإخاء، العدد 35، أيلول 1991، ص3 _ 7].



[5] قادربتش قومبل، ديوان وردة والدي، قصيدة (أيها الزمن أيها الزمن إنك تنفرد بالرأي)، تر: عز الدّين سطاس ط1979.



[6] قادربتش قومبل.



[7] نفسه.



[8] علي شوجن تسوكر، قصيدة أماه، من الأدب الشّركسي المعاصر، تر: عادل عبد السلام (دمشق: الآداب الأجنبية، 1981) ع: 27، ص75 _ 76..



[9] نفسه.



[10] ولد في الناعور في الأردن عام 1943، وقد نشر قصائده في مجلات: الإخاء ونارت وفي بعض الصحف الأردنية. وقد تم جمعها بعد وفاته في عام 2009م وإصدارهافي ديوان شعر يحمل اسم: (خمسة أسياف تسكن جسدي) في ذكرى وفاته الأولى عام 2010م.



[11] من اختيار الشاعر: فيصل حبطوش خوت أبزاخ.



[12] عصام وجوخ أديب وشاعر، عضو اتحاد الكتاب العرب، له: (يوميات جولاني)، (جولان يا ألمي)، (الخروج من دائرة الوهن)، و(أقاصسص جولانية). عصام وجوخ من قرية المنصورة كاتب قصة قصيرة – عضو اتحاد الكتاب العرب .
3- وصدر له :
يوميات جولاني ( قصص قصيرة)
الخروج من دائرة الوهن (قصص قصيرة )
جولان يا ألمي ( رواية )
يوميات جولاني ( قصص قصيرة )
أشعار منشورة في الصحف والدوريات

حائز على جوائز في القصة في السعودية وسوريا



[13] عصام وجوخ: يوم للحزن أيام للفرح القادم، منشورة في مجلة ألبروز، العدد: 25، 2009.



[14] زهرة عمر، ص84.



[15] زهرة عمر، ص198.



[16] عصام وجوخ، قراءات في أسفار التّاريخ (دمشق: النشرة الثّقافية، جمعية المقاصد الخيرية الشّركسية، 1994)، ع: 7، ص139.



[17] نفسه، ص139 _ 140.



[18] نفسه، ص140.



[19] نفسه.



[20] زهرة عمر.



[21] نفسه.



[22] زهرة عمر، ص304.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-11-2020, 01:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,670
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شعر الشتات الشركسي المعرب والعربي

شعر الشتات الشركسي المعرب والعربي (2)







د. إيمان بقاعي





فيصل حبطوش خوت أبزاخ.. أحزان شركسية: [1]
كان الشّاعر منذ القديم لسان أمته والمعبر عن آمالها وآلامها. كان وما زال ذلك الّذي يلتقط، بإحساس مرهف، القضايا الّتي قد لا يراها الإنسان العادي بوضوح، فيضعها تحت مجهر الحقائق ويبين خفاياها وحيثياتها واضحة للناس.

إن واقع الشَّتات مؤلم؛ فهو يعني قضية هجرة وتهجير، وقضية اقتلاع ومحاولة زرع، وقضية وجع محاولة التَّأقلم وسط وجع أكبر هو الخوف من أن يصبح الوطن - الأم حلمًا مستحيلاً أو شبه مستحيل. الحكاية تبدأ مع فيصل حبطوش خوت أبزاخ في قصيدة: (أحزان شركسية) كما تبدأ حكايات ألف ليلة وليلة، يوم الزّحف والهجرة:
مِن ألْفِ ليلَة ٍ وألْفٍ... بلْ تزيدْ
من يومِ أن ْزحفَ الجليدْ
التَفَّ في عُنُقي وريدْ،
والتفَّ جِيدْ
لوّحْتُ سيفًا مِن شَرارْ
أوْقَدْتُ في الزّحْفِ.. الأُوارْ،
وَنَهلْتُ منهُ ..فما ارتَويتْ،
وشَرِبتُ منهُ.. فما اسْتدارْ
فَعَبَبْتُ.. حتى الانفجارْ




ويتابع الشّاعر قصة الزَّحف الموجع المتَّقد الأوار، المكثف الجفاف، فترى في سطوره جوًّا صحراويًّا يملؤه غبار التَّشرد وتحيط به أشواك الطَّريق.


تسحب صحراؤه الممتدة بلا هادٍ ولا دليل ولا سند كلَّ ما يعطي الأمان للنَّفس، مستبدلةً إياه بكل ما يخيف ويرعب، فإذا بنذر الخطر تحدق بالشّاعر، فيتنفس الغبار ملء رئتيه، ويبدو كل شيء ممتدًّا في غموض التّيه، حتى إذا ما وصل بيتًا يلجأ إليه، وجد نفسه أيضًا في بيت ممتدٍّ كما الصَّحراء:
عانَقْتُ في حربي الغُبارْ،
وضَمَمْتُ أشواكًا وغار ْ
وَرقَدْتُ في حُضْنٍ لِدارْ،
لا سقْفَ فيهِ ولا جِدارْ،


وعبثًا يفتش الشَّاعر عن ماء يرطب هذا الجو الخانق أو عن حلم بتخفيف كل هذا الجفاف:

لا نبْعَ يغتَرِفُ الصِّغارْ،
فالماءُ .. غارْ
يسْقي بجوفِ الأرضِ .. أحلامَ انتِصارْ،
وبِلا .. قرارْ
الماءُ لابَ عنِ ِ افتِرارْ،
في مَبْسَمٍ ومدامِع ٍ جفّتْ .. عِطاشًا في انتظارْ
سِلْمٍ .. سلامٍ .. وازدِهارْ


والماء - عبر الحضارة الإنسانية ذو أهمية مطلقة لحياة الإنسان واستمراره؛ فنرى ارتباط الإنسان بالماء عبر الأساطير القديمة، ونرى أهميته في الأساطير المصرية الّتي تتحدث عن ولادة الإله الأكبر من مياه الغمر العظيم.


ويتابع الشّاعر حبطوش رحلة الأحزان الّتي - إن اقتحمت - اقتحمت بسخاء كل شيء حتى الخيل والطَّير، فذوى الأول، وشدا الثّاني أناشيد الحزن:
الخيْلُ تذْوي.. كالغصونْ

والطَّيْرُ تشْدو.. بالحُزونْ

أما الحزن، فهو عميق غير سطحي، وهو واسع كالبحر - يذكرنا بموج بحر امرئ القيس -: يبدو ممتدًّا وكأن لا نهاية له ولا حدود. هنا، استعار شاعرنا مدى البحر مكنّيًا عن الوجع بأنه لا نهائي، كما استعار المساحة السَّخية مِن البحر إلى الحزن، واستعار أعماق البحر اللانهائية، فإذا بالحزن عنده بحجم المأساة: كبير وواسع وعميق، لكن لا بد مِن خوض غماره تمامًا كما لا بد مِن هطول سحابة ممتلئة مطرًا:

والحُزْنُ.. في قعْر ِ العيونْ،
بحْرٌ .. وخوضٌ في الهَتونْ[2]


والحزن، أيضًا، أشبه بموقد متقد يُسقى بما يغذي ناره. ولطالما كانت عبارة التحية عند الشّراكسة، منذ أقدم الأزمان تقول: "في نارك البركة"[3]! وأن تحل البركة في نار الإنسان، معناها أن تصبح خيرة معطاءة..."[4].

والحزن:
نارٌ .. بمُتّقِدِ الأتونْ،
تُسْقى.. بِمُعْتَصر ِ المَنونْ



وهي هنا، كانت العذاب.. أما الضَّوء، الّذي يكون منبعثًا إيجابيًّا عن النّار المشتعلة، والّذي عرف الشّراكسة أهميته منذ القدم إذ عرفوا انتقاء أفضل نوع من قطع حطب الوقود وعرفوا شجرة الـ "وزدغي" أو "وستغي" الّتي كان يصنع منها حطب القناديل[5]، فهو أشبه - في هذه المعمعة وهذه الانكسارات- بطفل يحبو غير قادر على الاعتماد على نفسه في السّير.

يحبو، ولكن ينطفئ الضّوء إذ تنطبق الجفون فلا ضوء ولا ماء ولا سقف، كما لا نهاية للحزن:

والضَّوءُ في قِمَمِ الفُتونْ،
يخبو ..فتنطَبِقُ الجُفونْ


ويعود الشّاعر حبطوش إلى بداية قصة الأحزان وبداية التَّشرد، فيذكر أنه الآتي مِن بلاد بعيدة يمثِّل الغربة في أعمق معانيها، وأنه الآتي مِن أرض الوجع والحرب، فكل شيء مستقبلي مُبهَم لديه، غارق في الأضدادِ الّتي تمزقه، وما أوجع الأضداد حين تسكن إنسانًا أو شعبًا بكامله.


الآتي متعبًا - كما يقول حبطوش - يحمل اغترابه، يخوض المجهول، يفتقد إلى تلمُّس الوجود الواضح بيديه. لكن كل شيء يبدو متثاقلاً تحت زمان الرحلةِ ومكانها، وهي مرهِقةٌ حتى الإعياء أو الضّياع:
مِن ألْفِ ليلَةٍ وألْفٍ.. بلْ تزيدْ
دوحي .. أُبيدْ،
فأنا بقايا مِن جريدْ،
ألْقتْهُ ريحٌ .. في البعيدْ،
أشباحَ اغتراب ْ
من أرضيَ .. المطعونةِ الحِرابْ
أخوضُ في غياهِبِ العُبابْ،
وأمضُغُ السَّرابَ .. والضَّبابْ



الآتي متعبًا يحمل اغترابه، تمزقه الأحلام المشدودة إلى الفرح المطعون بخناجر الواقع النازف.


تفتح الأرض الجديدة المجهولة يديها لتستقبله.


يسمع صوت المآذن الّتي مِن أجلها قاتل وهاجر وهُجِّرَ، فيحاول أن يجد أنسًا أو دليلاً إلى طريق، لكنه يعود فيضيّع اليدين والصَّوت.


يحاول أن يلتمَّس الفرح الأبيض - الحمائم - لكن الغراب يسرق المتعَب من دنيا الفرح الأبيض إلى أرض الحزن الدّاكن، فيصير الغراب رمزًا واضحًا جليًّا للمصير المتنازَع عليه، فيطغى اللّون الأسود، ويتركنا الشّاعر نبحث عنه وقد حط في أرجاء مملكة الغراب مجللاً بالانكسار المعتم وبالتمزق الواضح من ألفاظ الأضداد: تشدني/ تصدني، تطير/يحط، ويستقر على الأرض:
تشُدُّني مآذِنٌ،
تصُدُّني القِلاعُ والحصونُ والقِبابْ
تطيرُ بي .. حمائِمُ،
يَحُطُّ بي.. غُرابْ




وبين الأمل والتَّشاؤم، يتابع شاعرنا بوجع قص حكاية القوم المحيرة:
أقولُ لوْ سَمِعْتُمْ،
عنْ أرضيَ.. اليباب ْ
أقولُ لو أردتُمْ .. عن قوميَ الأحبابْ
أتْقَنْتُ لوْ علِمْتُمْ،
ما حيّرَ الألبابْ


وهو - ممثِّل هذا القوم - ينبي عنهم أنهم قادرون على الحرب ببسالة كما هم قادرون على عيش السَّلام في أبهى حلله:
أتقَنتُ .. قضْمَ جمْرةْ،
وقطْفَ ... أُقحُوانْ
ورقْصَةَ النِّزالِ .. والطِّعانْ
سوّيتُ .. ظهرَ ليلْ،
لوّيْتُ.. عُنْقَ ويلْ
لكنَّني .. التَويتْ،


هذا البطل الخارق القادر على أن يجابه أقسى الصّعوبات والّذي يقدِّم ذاته كاملة بسخاء ومِن دون ضجة - في حالات الحرب والسّلم - ليسود الخير بعد الحرب وأثناء السّلم، تراه وحيدًا ينزوي أشبه بيوسف (النّبي) في بئر مرميٍّ في انتظار فرج قد يأتي وقد لا!


هنا أيضًا يبرع الشّاعر بتصوير الحال الهيولية - حال انتظار المجهول - براعة كبرى إذ يصف حبل البئر الّذي يكون الخلاص في أن يشد فينقذ ساكن البئر، يصفه بأنه يرتخي فتدعو الحال إلى ترجيح كفة اليأس على الأمل، ويصبح المرء مجبرًا على معايشة تباطؤ الأحداث ومعايشة الانتظار.


وكما الغراب انتصر على الحمائم، وكما الأسوَد انتصر على الأبيض، ينتصر الحبل المرخي على المشدود، فتتراكم السَّلبيات:
مُسِخْتُ في عيونِكمْ.. هوَيتْ
لأنني أغوصُ في التُّرابِ .. كالمطَرْ،
أُليّنُ الحصاةَ .. والصّخورَ .. والحجرْ
وأغسِلُ الشَّجرْ،
أسقيه في البُكور ِ.. والغَسَقْ،
أرويه بالدِّماءِ .. والدّموع ِ .. والعرقْ
لِتُمْرِعَ الغُصونْ،
بفاتِنِ العبَقْ
وأرتدي الخِرقْ،
أُشيّدُ الظِلالَ.. في الهجير ْ
أكونُ.. في أوائِلِ النَّفيرْ
في حبِّكمْ .. أرتادُ قلبَ بيرْ،
فترتخي الحِبالُ .. كي تصيرْ،
مؤانسًا.. لِغُربتي،
مُرافِقًا .. إلى مصيرْ


إنها الضَّريبة الّتي يدفعها كلّ مَن يعمل بصمت وكل مَن يلغي مِن قاموسه كلمة "الأنا" وكل مَن يضحي ولا يقول إنَّه قد ضحى وكلّ مَن يعمل أكثر مما يتكلم؛ وما أكثر المتكلمين وما أقل العاملين!


ما أكثر الأوسمة الّتي تُعَلق على صدور أصحاب الكلمات وما أكثر ما تستبعد كلمة شكر لعاملٍ بصمت، حتى لو أجاد وأشاد.


لكن الّذي يتقن عيشَ الحرب والسَّلام كما يتقن الصّمت، تسحبه قضيته المحقّة الصادقة مِن خيبة اللامبالاة الّتي يغرقه فيها مَن اعتاد السَّماع قبل الرّؤية.


القضية مباركة وتحتمل تحمّل الأوجاع في سبيلها.


إنها الهجرة إلى حيث الأرض مقدسة. والهجرة في تاريخ هذا الشّعب تُستقى أسبابها مِن هجرة الرّسول العربي صلى الله عليه وسلم الّذي هاجر في سبيل نشر الدّين وإنقاذه؛ فأبناء هذا الشعب يسيرون على خطى الرّسول، حاملين إيمانهم الّذي منع عليهم أن يبوحوا به ويمارسوه، إلى حيث يجب أن يحمَل: إلى أرض مقدسة شريفة.


يعتبر الشّاعر الإيمان دفئًا والكفر جليدًا؛ لذا فهو لا يرضى الغرق في لجَّة الجليد ولا يرضى أن يتجمد:
أقولُ لوْ سمِعْتُمْ،
عن حُزنيَ الكبيرْ
لمْ أرْتَضِ بزاحِفِ الجليدِ لي الغرَقْ


ورفض الجليد هذا يدعو إلى اتخاذ موقف حاسم: الهجرة إلى حيث كل شيء ينبض بالحيوية وكل شيء يتلون بالأخضر، بالأمل، لأنه يتصل بالإيمان - الوطن الثّاني:
سمِعتُ اِسمَ اللهِ .. كالخريرْ
شمَمْتُ اِسمَ اللهِ.. كالعبيرْ
وفَردْتُ أجنِحتي أطيرْ،
من دوحَةٍ .. يقتُلُها .. يسْحَقُها الجليدْ
لأخضرِ ِالآمالِ .. فرْحيَ الوليدْ،
هُنيهَةً .. أو بُرْهَةً،
تكونُ فيها عزّتي.. حرّيّةً .. وعودةً .. وعيدْ
القضية مباركة، والهجرة مباركة، والأرض مباركة.

عند الأرض المقدسة[6] العابقة بعبير الله، خلع المنادَى نعله.
لا يُلبس النَّعل في كل الأماكن!
خلع المنادى نعله، ومشى حافيًا صوب الصَّوت الدَّافئ المسموع إلى حيث الجليد البعيد.
ما أقل الحديث عن بهجة الحياة وسط رحلة التَّغرب والضَّياع!

لكن الألق رسم زاوية انفراج لجأ الشّاعر إليها وهو يسعى إلى ترميم الثَّقوب الّتي اجتاحت جسده، فقرأ حيثيات الزَّاوية الّتي يغمرها الألق، وسرعان ما انبنى فوقها سقف وأُقيم جدار:

وخلعْتُ نعليَ لن ْ أدوسْ
أرضًا.. تُعانِقُها الشُّموسْ،
أرضًا.. يُبارِكها السّلامْ
ومضيْتُ يغمُرُني الألقْ،
ونسيتُ جرحيَ في الشّفقْ
وقُلتُ.. بسمِ الله،
يقِرُّ لي.. قرار
يقِرُّ لي.. قرارْ


القضية مباركة، والهجرة مباركة، والأرض مباركة.


[1] فيصل حبطوش خوت أبزاخ خوت أبزاخ، أحزان شركسية (عمان: الإخاء، نشرة دورية تصدرها اللجنة الثّقافية في الجمعية الخيرية الشّركسية فرع وادي السير، 1992)، ع: 37. وله: أعلام الشراكسة، الصادر في عمان، مؤسسة خوست للإعلان، 2007.

[2] هَتَنَتِ السماء تَهْتِنُ هَتْنًا وهتونًا وهَتنانًا وتَهْتانًا وتَهاتَنَتْ: صَبَّتْ، وقيل: هو من المطر فوق الهَطْلِ، وقيل: الهَتَنان المطر الضعيف الدائم.
ومطر هَتُون: هَطُولٌ.وسحابة هَتُون وسحاب هاتنٌ وسحاب هَتُون، والجمع هُتُن مثل عَمُود وعُمُد. قال ابن بري: صوابه مثل صَبُور وصُبُر لأَن عَمُوداً اسم هَتونًا صفة.


[3] "ما هو فؤرخو ابشي"، ممدوح قدموق، ملاحم نارْتْ الشّركسية، ص73.

[4] إن الجماعة الّتي يبقى دخانها يتصاعد طوال العام، إذا مر دون أن تنطفئ جذوة نارهم ودون أن يبرد موقدهم كانت تقدم قربانًا في يوم "عودة الروح" إلى الأرض وكان هذا اليوم يأتي دومًا في موعده المحدد بحلول شهر "ودجيح مازة" في 22 آذار مارس. وكان الشّراكسة يعتبرون ذلك اليوم، يوم رأس السّنة [قوموق، ص73].

[5] كان لديهم نوعان من القناديل: القناديل العادية والقناديل السَّوداء .والسَّوداء كانت تثبت داخل نوع آخر من الحطب فكانت تعطي ضوءًا أفضل وأقوى. وكانت النساء يوقدن من هذه القناديل عندما يقمن بأعمال الخياطة ليلاً. أما شجر (الوزغي)، فهو نوع من الأشجار الباسقة تحوي كمية كبيرة من الزيوت القابلة للاشتعال وما زالت غابات هناك منها عند سفوح أوشحه ماكوا البروز في شمال الققفاس [قوموق، ع.س، ص74 - 75].

[6] تركيا وبلاد الشّام.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25-08-2022, 06:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,670
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شعر الشتات الشركسي المعرب والعربي

شعر الشتات الشركسي المعرب والعربي (3)


د. إيمان بقاعي





... كانت أهدافه سامية، وكانت أهداف الآخرين سياسية لا تمتّ إلى السّمو بصِلة، فتمزق الألق وكبر القلق وصارت الحياة ذات عنوان مأزوم يؤرقها الغموض حينًا ويرهقها الوعي حينًا فيكبر الاغتراب:
زُرِعْتُ في الدّروبِ .. والثُّغورِ.. والنُدوبْ،
تجتاحني الرّياحُ والسّيوفُ والرّماحُ والهبوبْ،
تستلُّ مِن حقوليَ... الطّيوبْ،
تستافُ مِن عذابيَ الذّنوبْ
أقولُ يا غفّارْ:
"أصْلِحْ لنا القلوبْ"
وأرْتَجي الجوابْ،
"فلتصْلُحِ القلوبْ"


ويقص الشّاعر قصة المكان الّذي زُرع فيه المهاجِر الحامل قضية مباركة، أو المكان الّذي هُجر إليه مرة ثانية وثالثة فكان اللا استقرار قدَرَه.


إن ارتباط الشّاعر بالمكان ارتباط وثيق قوي، فهو ارتباط حب بُنيَ بالعرق والدَّم والأمل والألم عبر الزَّمن المارِّ مكرسًا وطنًا جديدًا في انتظار عودةٍ إلى الوطن الأم لا تُمَلّ:
وشق الزّرعُ أكنافًا
بوادي السّير في ناعورَ[1] في عمانْ[2]
وفي حِمصٍ .. وفي حلبٍ .. وفي الجولانْ[3]
وماءُ النِّيلِ كم رويَتْ
جذوري منه والأفنانْ
وجبْتُ بدفقِهِ مصرا[4]
وجلْتُ حدائقَ السُّودانْ[5]
وذقْتُ المُرَّ والأحْزانْ
فلسطينًا ... وسيناءَ... وجولانًا
مع العدوانْ


ويتابع الشّاعر حبطوش إرهاصات الشَّتات، فيعدّ الضّربات الّتي وجهت إليه في الحروب الّتي اجتاحت هذه الأماكن إذ تبدو الحرب حاثَّة سيرها وراءه أينما سارَ؛ ومع ذلك فقد شارك الشّركسي في الدِّفاع عن الوطن الجديد وفي التَّمازج مع آلام مواطنيه.

قاتل كما كان يقاتل في وطنه الأم:
حصيدًا كنتُ إذْ دالتْ،
ربوعُ الطُّهْر ِ... للغُربانْ
ففي الجولانِ ... تحرقُني،
خيولٌ .. دونما فرسانْ
وفي عمانَ ...لي غمٌّ ،
بِقُدْسٍ ... غالها العدوانْ
وفوقي ... طارَ طائِرهُمْ،
يُنقِّبُ يطْحنُ البُنيانْ
جريحًا كنتُ في قُدسي،
وقُدسي دمعةُ الحرّانْ
شهيدًا كنتُ، لا كفنًا،
ولا تشييعَ ... أو ترتيلَ للقرآنْ
ولكن في ثرى قدسي،
نجيعُ الدَّم لي أكفانْ
وفي سينا فقدتُ الفرحْ،
بكيدٍ كادَهُ الطُّغيانْ


ويتابع الشّاعر رحلة الحروب الملاحقة أبدًا إياه والمتفاعل أبدًا معها:
وعُدتُ مكبّرًا أرجو،
لقاءَ اللهِ والرّضوانْ
وجُزتُ قناتَنا[6] لهبًا،
وسدًّا شادَهُ الفتَّانْ
غرسْتُ برملِنا علمًا،
فضاء الرَّملُ بالوجدانْ
لَثمتُ الحبّةَ الظَّمأى،
لِتبرُدَ في الحشا النّيران ْ


كان الاعتماد، إذن، على الله دائمًا؛ فكان النّصر إذ كان الاعتماد قويًّا والإرادة قوية:
وفي السُّودانِ.. كنتُ يدًا،
تُشارِكُ.. تعلو بالعُمرانْ
وفي نجدٍ .. إذا رُمتَ،
تراني ، أو رُبى وهرانْ
وفي بغدادَ، في اليمنِ،
وفي الخُلجانِ، في الشُّطآنْ


وبعد أن يعدد شاعرنا المناطق الّتي سكنها الشّراكسة فحاربوا فيها ومن أجلها وعمروها أيام السّلم، يخلص إلى نتيجة تلخص إيمانه وسبب عطائه وتفانيه، ألا وهو الحلم بالوصول إلى الأفضل.

نعود لنجد ألفاظ التّألق الإيجابية: "الشّمس"، "الضّوء"، "الغد"، "الحلم".
رخيصٌ في الهوى عُمري،
لحُلمٍ ٍ يزدهي فتّانْ
لشمسِ الغد باهِرةً،
تُضوّءُ دُرّةَ الأزمانْ


أن يجتاز المرء كل المصاعب ويظل يحلم بالأفضل ويظل يجد السَّير حثيثًا للوصول إلى الإشراق، يعني أنه إيجابي؛ وقد عرف عن القوم - منذ القدم - الإيجابية والشَّجاعة والمتابعة وعدم اليأس والبؤس؛ فهم - في طبيعتهم - قوم يحبون الوصول إلى الأفضل، فلا يستسلمون بسهولة، وقد زادهم الإسلام قوة فصارت أهدافهم عملية - إيجابية في آن.

كانت الرحلة شاقة وكان طريقها صعبًا، مليئًا بالألغام الّتي فككها سائر الدَّرب حينًا وانفجرت به حينًا آخر.

لكنه تابع السَّير فارسًا بالفعل قبل القول.

اقتُلع الشّركسي مِن تربته وزُرع في تربة جديدة، فإذا به يعطي ويعطي، وكأن العطاء يحتوي الزَّمان والمكان، وكأن العطاء لا يدقق كثيرًا في الجغرافيا.

لكن هذا العطاء كان - في أحيان كثيرة - يصطدم بالصَّخر الجامد، فيرد للمُعطي بدل الشُّكر صفعةً وبدل الاهتمام رفضًا وبدل الاحتضان نفورًا[7]، فيقف هذا المُعطي متمزقًا مِن جديد، حائرًا، مفتشًا عن سبيل للانتماء:
زُرِعتُ ... فأينعَ الثَّمرُ،
زُرِعتُ... ومائيَ الكَدَرُ
واسمي لم ْ يزلْ لحنًا،
نشازًا عنهُ عبَروا
ورسمي صورةٌ خَرُسَتْ،
بلاءٌ .. إن بها نظروا


يعود شاعرنا لاستجلاب ألفاظ الشَّتات وما بعد الشَّتات: "الغُربة"! إنها اللَّفظة الأكثر تعبيرًا عما يجري، فهي مولودة الشَّتات البكر. إنها الأكبر والأشد قسوة.

يقف الشّاعر ممزَّقًا في الغربة المريرة محاولاً أن يكسرها بالمشاركة كما يَفترِض وكما يُفتَرَض، لكنه يُبعَد ويعلق على صدره لقب غريب:
غريبٌ لم أزلْ أبني،
ويُنكِرُ كديَّ الحجَرُ،
غريبٌ لستُ من أهلٍ،
إذا فاؤوا أو انتصروا
شقيقًا كنتُ .. لا آلو،
جهادًا ضدّ مَن عبروا....


إنها قضية الانتماء أو عدمه، قضية الهوية أو فقدانها، قضية أن يشعر المرء أنه - رغم محاولاته في التقدم نحو الآخر - وفي مد يد صادقة وخيرة أوقات المحنة وأوقات عدم الاستقرار وأوقات الحروب، يشعر أنه غريب لا منتمٍ، ويعامل على أنه غريب لا منتم.


تتضاءل الأحلام وتتقزم.
يخف الضَّوء.
تصبح المعاناة - الّتي كان هناك أهداف سامية يعمل من أجلها - ضئيلة.


تصبح المعاناة أكبر، أقسى؛ لأنها تأتي من الجزء الّذي يعتقد المرء أنه منه أو يعمل على أن يكون منه فلم يكن!


لكن، وكما دائمًا، تبقى هناك قوة أكبر مِن العبد بضعفه وردات فعله.


تبقى هناك قوة شرط لهذا الانتماء الضَّائع تحميه مِن تسلل الفساد إليه، تحميه من السَّطحية، تحميه من التلاشي، فتعمقه، تعززه، تبعد عنه الهشاشة، فيصمد من جديد.

يبقى هناك "الله" الكبير الّذي يرعى الإنسان بمحبة في أوقات المحنة، فيشعر بتلك الطَّمأنينة الّتي يعطيها الإيمان.

وينسى المصفوع بالغربة، المتمزق بالوجع، المفتش عن سقف وجدار ونبع ماء، ينسى التَّفاصيل المغروسة في خاصرته ليلتفت إلى اليد الحانية الشّاملة الّتي تعطي الفرح وتمنح الدّفء فتصبحَ وحدَها المأوى:
فيا اللهُ..
اِحفظنا من التَّزييفِ... إن مكروا،
ويا اللهُ، رُحماكَ ...
بأنْ يصفو لنا القدَرُ
ويا اللهُ سُقياكَ ...
ليغسلَ حُزننا .. المطرُ.



وإذ تنتهي القصيدة الموجِعةُ بهذه الطّريقة الإيمانية، نجد الشَّاعر يحوم في الأجواء ذاتها في قصيدة أخرى بعدها تؤرخ (مأساة التَّهجير الشّركسية)[8] نشرها عام 1998 ، ونشر بعدها - في العام نفسه - قصيدة فرحةً يتغزل من خلالها بالوطن الأم نشرت في نيسان في مجلة (نارت) في العدد 62، بعنوان: (وطني) إلى أن لاحَ في الأفق طريقٌ يبدو أنه طريق يسلكه أو سوف يسلكه كثير من الشَّراكسة الذين هُجِّروا، وهو الطَّريق إلى الوطن الأم؛ فإذا - بعد رحلة الوجع والانتماء أو اللا انتماء - ينبثق سؤال ممزوج بحلم هوى كبير عن العودة إلى القفقاس في قصيدةٍ له تحمل اسم الوطن: (القفقاس) كتبت سنة 2005، أي بعد نشر قصيدته (أحزان شركسية) بثلاثة عشر عامًا يقول فيها ما لا حاجة معه إلى التَّعليق:
يا ذُرى القفقاسِ! يا مثوى الجُدود ْ!
ياسنا القفقاس! يابرقَ الرعود ْ!
يا سُهولاً! يا نُهورًا! ياشُطوطْ!
يا وَريفَ الغابِ! يا رحْمَ الأُسودْ!
أيّها القفقاسُ يا حلمي الكبير!
يا شُموسًا بضياء ٍ لي تجودْ!
أيّها القفقاسُ يا بدْرَ الدُّجى!
إنْ دهاني الدَّهرُ في ليلٍ يسودْ!
أنتَ نبْضُ القلبِ، أحلامُ الهوى!
أنتَ خِدْنُ الروحِ يا سِحرَ الوجود ْ!
كلّما قالوا: هواكُمْ يَنْقَضي!
يجْرحُ القلبَ بأسيافِ الصّدودْ!
يُطْفئُ الأشواقَ يمْضي هاجِرًا،
ثُمّ ينْأى ، كيف َينْأى ؟ سيعودْ!
فإذا الجرحُ التئامٌ كُلُّهُ .
وإذا الأشواقُ نارٌ في صُعودْ .
وإذا النأيُ خيالٌ واهِمٌ .
وإذا الصدُّ عِناقٌ وعُهودْ.
وإذا البَيْنُ لِقاءٌ دائِمٌ .
وإذا العيشُ هناءٌ وسُعودْ [9].





[1] مناطق في الأردن سكنها الشّركس.
[2] عمان: من أقدم العواصم في العالم وكانت مزدهرة جدًّا في القرن الرّابع عشر قبل الميلاد. لجأ إليها الملك داوود، وقتل (أريا) ملك الحثيين ضربًا في معاقلها. كما استولى عليها الاسكندر المقدوني عندما غزا بلاد الشّرق ثم استولى عليها الرومان ودخلت ضمن المدن العشرة (الديكا بوليس) وسميت (فيلادلفيا). وفي العهد الإسلامي، ازدهرت خاصة في عهد الأمويين، ولكنها أهملت عندما أصاب الضّعف الخلافة الإسلامية وبقيت مهملة حتى جاء الشّراكسة وسكنوا في أروقة المدرج الروماني والكهوف الكثيرة المتوفرة في أودية عمان. أتوا إلى واد غير ذي زرع ففكروا تفكيرًا جماعيًّا فنظموا حياتهم ومعيشتهم وشقوا الأرض بمحارث خشبية من صنعهم وزرعوها. وقد جعلوا من قراهم (عمان - وادي السير - صويلح - جرش - الرصيفة) قرى عامرة غنية بالأشجار المثمرة والكروم واندمجوا مع المجتمع بكل إخلاص وشرف ورجولة، وكانوا من أوائل من استقبلوا مؤسس المملكة الأردنية الهاشمية الملك عبدالله بن الحسين، وكذلك حافظوا على سلامة الخط الحديدي الحجازي، الشّام تبوك - المدينة المنورة، وكان قوامه 300 من الفرسان الشّراكسة، وأخمدوا حركات العصيان بقيادة ميرزا باشا وحافظوا على حياة الأمير عبد الله بن الحسين وحموه وحفظوا أمنه وسلامه، وبات الزائر لإحدى القرى الشّركسية "يرى حفلات الرّقص والولائم وسباق الخيل ورحلات الصيد"، أي: أعادوا سابق حياتهم في القفقاس .كما طوروا الزراعة وتربية النحل والحدادة والنجارة والصياغة وطوروا صناعة الجلود والعربات الّتي تجرها الثيران والخيول، وجلبوا معهم إلى الأردن الشاي العادي و"قالمق شاي"، وهو نبات الحميض بعد أن ينشف ويغلى ويضاف إليه الحليب والقشدة والملح والفلفل الأسود وجلبوا "البرغل"، [انظر التفاصيل: محمد خير حغندوقة، الشّركس أصلهم. تاريخهم عاداتهم وتقاليدهم، ص33 - 72].
[3] جاء الشّركس مع من جاء مشردين ليستقروا في القنيطرة وما حولها في الجولان حوالي عام 1874، وقد استوطنوا في منطقة القنيطرة وقد كانت الجولان كما عمان ملائمة لصحة الشّراكسة أكثر من غرها لذلك ازدهرتا ونمتا. عام 1878 بلغ عدد الشّراكسة 300 - أو 400 نسمة وخلال "أقل من عشرة أعاوام فيما بعد، وكان الشّركس يمتلكون اثنتي عشرة قرية كبيرة مزدهرة مثل القنيطرة نفسها"، وقد اختار العثمانيون للشَّراكسة القنيطرة "لموقعها الاستراتيجي بين جبل الدروز والقرى الدرزية في جبل الشيخ"، وقد قامت عدة معارك بين الخيالة الشّركس مع الخيالة الأكراد ودروز مجدل شمس أكبر القرى الدرزية الواقعة على السفوح الجبلية الشّرقية لجبل الشيخ، ولكنهم لم يتمتعوا بتطور سلمي فيها فقد هرب خمسة وعشرون ألفاً من الشّركس من مساكنهم في القنيطرة والقرى الشّركسية حولها في الجولان أو طردوا منها حين احتل الإسرائليون الجولان خلال حرب عام 1967م واتجهوا جمعيهم - تقريباً - إلى دمشق" أو هاجر قسم منهم إلى الولايات المتحدة بمساعدة جمعية "تولستوي" وخاصة إلى مدينة باترسون في ولاية نيو جرسي [نورمان.ن.لويس، البدو الرحل والمستوطنون - في سوريا والأردن، (بريطانيا: مطبعة كمبريدج/1800 - 1980)، الفصل السّادس الشّركس والشيشان، تر: أحمد عبد الرزاق هاكوز، الإخاء، ع: 30، 1990، ص22 - 26. بتصرف. وعنوان الكتاب الأصلي: Nomads and settelers Lewis. In Syria and Jordon 1800 – 1980 – Nor man N. الأهمية الاقتصادية للجولان، (دمشق: النشرة الثّقافية جمعية المقاصد الخيرية الشّركسية، 1994)، ع: 7، ص105 - 113. انظر أيضًا: انظر: محمد خير فوزي بن إسماعيل(حبسوغ)، وهو كاتب اهتم بتاريخ الشراكسة عامة والجولان خاصة، وله: 1 - دليل الأنساب: 1996 (2) (بريقة) بين الأمس واليوم: 1997 (3) دليل العائلات الشركسية 1998 (4) دليل الشركس 2006. انظر أيضا: عدنان قبرطاي، وله: (1) صفحات مطوية - تاريخ القنيطرة والجولان، 2005 (2)أوراق شركسية منسية، 2006، آخر كتائب الفرسان الشركسية، 2007، الجولان في المراسم والقرارات (1918 - 1937)، 2008.انظر أيضًا: عدنان شكري يوسف (غش) في قصته (الجولان) التي نشرت كاملة في (الموقف الأدبي) في السبعينيات ونشرت مقتطفات منها وقررت للتدريس في منهاج اللغة العربية للشهادة الإعدادية. وكذلك: عصام وجوخ في: (يوميات جولاني)، (جولان يا ألمي)، (الخروج من دائرة الوهن)، (قراءات في أسفار التّاريخ) (دمشق: النشرة الثّقافية، جمعية المقاصد الخيرية الشّركسية، 1994)، ع: 7، (يوم للحزن أيام للفرح القادم)، (مجلة ألبروز، العدد: 25، 2009).
[4] إشارة إلى ما قام به الشّراكسة أثناء حكمهم المزدهر في مصر أيام المماليك البرجية وقد لمست أسماء شركسية أخرى في سماء مصر بعد المجزرة الرهيبة الّتي قام بها محمد علي باشا الكبير ضدهم. فلمع اسم محمود سامي البارودي شاعراً ووزيراً عام 1882 وقد شكل (92) شركسياً في مصر وزارات منذ 1878 إلى 18 يوليو 1952 أي بنسبة 12.3%ٍ وانخرط العديد معهم في تنظيم الضباط الأحرار بعد ثورة 23 يوليو 1952 بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر أمثال وجيه أباظة والأخوين صلاح وجمال سالم (من عائلة غوناروك) وزكريا يحي_ى الدّين وخالد محي الدّين وكان لهم دور إيجابي بدا في إسمهمُّهم في حركة الثورة العرابية ونبغ العديد من الأدباء الشّراكسة وردت أسمائهم في فصل البارودي [فيصل حبطوش خوت أبزاخ الشّراكسة في مصر منذ عهد محمد علي باشا، ص25 - 27].
[5] دخل الشّراكسة الخرطوم اضطراريًا هربًا من بطش جيوش محمد علي باشا الكبير بعد مذبحة القلعة الّتي جرت يوم (1 مارس آذار) عام 1811م قضى فيها على حوالي ألف من أمراء الشّراكسة. ثم كان دخولهم الثّاني ضمن الحملات العسكرية المرية المختلفة إلى شتى أنحاء السودان فكانوا يصطحبون عائلاتهم لتستقر في السودان متخذين إياه وطناً لهم، وقد بنى الشّراكسة عاصمة السودان الخرطوم إذ بدأ بناؤها بالقلعة الّتي أنشأها عثمان جركس باشا (البرنجي) في ديسمبر 1824م ثم تطورت ونمت وصارت على ما عليه اليوم وكذلك بنوا مدينة كسلا الّتي أسسها حاكم السودان المشهور أحمد باشا جركس المشهور بأحمد باشا أبو ودان، وكذلك مدينة فامكة الّتي بناها هو نفسه وقد أقام الحكام الشّراكسة في السودان العديد من المصانع والمنشآت الحكومية. من مشهوريهم: عثمان شركس باشا البرنجي، أحمد باشا شركس، عبد اللطيف باشا شركس، علي باشا شري، علي شركس باشا حسن بك سلامة الشّركسي. الفريق جعفر صادق باشا (جنكات) إسماعيل أيوب باشا [فيصل حبطوش خوت أبزاخ، الشّراكسة في السودان (عمان: الإخاء، 1992)، ع: 39 - 40، ص13 - 16].
[6] قناة السويس.
[7] كحملات التَّشهير ضد سلاطين الشّراكسة الّذين دافعوا عن الشّرق ضد الصّليبيين وجموع التّتار والمغول بإيمان وإخلاص مِن دون أن ينالوا التقدير المناسب خاصة مِن دارسي ومؤرخي الأدب والتّاريخ.
[8] .. أحبّتي على الدروبِ من فَرُوقْ\!! أحبّتي ، نشيجنا يفيض ُ بالأساةِ في البحار والسهولْ\ ننساقُ مُرغمينَ، كالحُطامِ، كالدريسْ\ لنرتوي ، كذائبَ الوعودْ\ في جنّةِ المنفاةِ والتغريبِ والشّرودْ\ تَلْفِظُنا أزِقّةُ المدينةِ النكودْ\ للبيدِ والوباءِ والعِداءِ والجُحودْ ....[ألقيت بمناسبة إحياء ذكرى يوم الحداد الشّركسي 21 أيار/ 1998مفي الجمعية الخيرية الشّركسية في عمان] انظر القصيدة كاملة في [مجلة (نارت) الشّركسية الصادرة عن الجمعية الخيرية الشّركسية في عمان/ العدد63م السنة 27/ أيلول 1998م]

[9] فيصل حبطوش خوت أبزاخ: (القفقاس)، عمان، ك1: 2005، مجلة (نارت)، ع: 86




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 141.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 137.77 كيلو بايت... تم توفير 3.26 كيلو بايت...بمعدل (2.31%)]