دعاء واستعاذة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         التوبة في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          فضل صلاة التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          خطر الشذوذ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          مجازر الطحين.. إرهاصات نصر وعز وتمكين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          ليكن زماننا كله كرمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          حديث:ويَقْرَأُ فيها ما بيْنَ السِّتِّينَ إلى المِائَةِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          وصايا نبوية مهمة للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          حديث:من رَكعَ أربعَ رَكعاتٍ قبلَ الظُّهرِ وأربعًا بعدَها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          أنوية العلمانيين، وهم يواجهون أعداءهم من أهل القبلة، وحراس العقيدة... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          لفظ (الناس) في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-10-2020, 04:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,316
الدولة : Egypt
افتراضي دعاء واستعاذة

دعاء واستعاذة


الشيخ طه محمد الساكت






عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - قال: لا أقول لكم إلا كما كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: كان يقول: ((اللهمَّ إني أعوذ بك من العَجْز والكسل، والجبن والبخل، والهرَم وعذاب القبر، اللهم آتِ نفسي تَقواها، وزكِّها أنت خيرُ من زكَّاها، أنت وليُّها ومولاها، اللهم إني أعوذُ بك من علم لا ينفع، ومن قلبٍ لا يخشع، ومن نفسٍ لا تَشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها))؛ رواه مسلم[1].


شأن الدعاء:
للدعاء في الإسلام، وهدي النبي - عليه الصلاة والسلام - شأنٌ عظيم، ومقامٌ كريم.


ألم ترَ إلى فاتحة الكتاب: أمِّ القرآن وأعظم سورة فيه؟! شطرها الأول ثناء، وشطرها الآخر دعاء.


أوَلم ترَ إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟! لم يكتف بأن يحدثنا أنَّ الدعاء أكرم شيء على الله تعالى[2]، حتى حدَّثنا أنه هو العبادة[3]، أو هو مخ العبادة[4].


والعبادة: هي منتهى الخشوع والخضوع لله ربِّ العالمين، وبحسَب إخلاص العبد فيها، واستقامته عليها، ترتفع درجتُه، وتشرف عند الله مكانتُه.


خمس آفات مهلكات:
وفي الحديث يستعيذ النبي - صلى الله عليه وسلم - ويعلِّمُ أمته أن تستعيذ من خمس آفاتٍ مُهلكاتٍ، كلهن شرٌّ يُتقى، وبلاء يُستعاذ بالله منه! ثم يستعيذُ - صلوات الله وسلامه عليه - من عذاب القبر، وكأنه عاقبة محتومة للآفات السابقة، ونذيرُ سوء لما بعده من عذاب الآخرة:
﴿ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 127]، ثم يضرع لله تعالى أن يؤتيه ومن اتَّبع هداه التقوى، وأن يُطهِّره من هذه الآفات وما إليها، ويقرن هذه الضراعة بالثناء عليه بما هو أهله، ثم يتحصَّن به - وهو نعم الملجأ - من أربع بلايا، مَنْ كُفِيَهُنَّ، فقد كُفِيَ الشرَّ كله، وضرب في الخير بسهم وفير.


العجز والكسل:
وقد زاوَج النبي - صلى الله عليه وسلم - بين اثنين من هذه البلايا التي عاذ بالله منها؛ لمشاكلةٍ بينهما، فتعوَّذ أولَ ما تعوذ من "العجز، والكسل"، وكلاهما داءٌ وبيل، ومرضٌ قاتل للحياة الروحية والاجتماعية، بل للحياة الطيِّبة في الآخرة والأولى، ويتفقان كلاهما في صفة سلبية، وهي التخلي عن العمل، وإن كان منشأُ التخلي في العجز: عاهةً أو نحوها، ومنشأُ التخلي في الكسل: التقاعدَ والتثاقلَ عن العمل مع القدرة عليه، إيثارًا لراحة البدن، أو حظٍّ من حظوظ النفس وأهوائها، ويختلفان في أن الكسلان مذموم ملوم لا عُذْر له؛ لأنه ساقط الهمَّة، خائر العزيمة، متخلَّف عن الركب، بضاعته الأحلام والأماني و﴿ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ﴾ [الكهف: 50].


أما العاجز، فهو معذورٌ إلى أمد بعيد، ولا سيما عجز بمحض القضاء والقدر، لا يد لصاحبه فيه؛ كالذي يولَد كذلك، أو الذي يصاب من حيثُ لا يحتسب؛ فأما مَن جنى على نفسه حتى أعجزها، أو حاد بها عن طريق الجادة حتى أتلفها، فهو أعظم من الكسلان جُرمًا، وأقبحُ إثمًا وذمًّا، فلْيتق اللهَ امرؤٌ في نفسه، ولْيجنِّبْها بواعثَ العجز والكسل، وإلا فهو عضوٌ فاسدٌ يجب النظر في إصلاحه أو بتره قبل أن يعدوَ فسادُهُ على المجتمع.


الجبن والبخل قرينان:
وتعوَّذ - صلى الله عليه وسلم - من الجبن والبخل، وكلاهما منعٌ وشُحٌّ، غيرَ أنَّ الأول شُحٌّ بالنفس، والثاني شحٌّ بحبيب النفس، وهما قرينان لا يكاد يُذكر أحدهما دون صاحبه، وكذلك ضداهما: الشجاعة والكرم، ومن أمثلة الاستدراك في مبادئ النحو: فلان شجاعٌ لكنَّه بخيل؛ وذلك لأنه لا تخطر الشجاعة بالبال إلا ومعها الكرم، وتعليلُ ذلك هيِّنٌ، فإن الكرم ضربٌ من ضروب الشجاعة.


ومردُّ الشجاعة بجميع صنوفها إلى الثقة بالله أولاً، ثم بالنفس ثانيًا، ومن هنا كان الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - أشجعَ الناس، وأكرمَ الناس؛ لأنهم أوثق الناس بالله - عز وجل.


وجودُ الخليلِ والحبيبِ بالنفس والمال ليس موضع ريبةٍ ولا جدال، وكذلك ورثة الأنبياء من بعدهم، وكم ضحَّوا بالنفس والنفيس في سبيل أوطانهم! لا يبْتغون إلا وجه الله، ولا يخشون أحدًا سواه، فأما الجبناء والبخلاء، فليسوا من ورثة الأنبياء في شيءٍ.


الهرم وعذاب القبر:
وتعوَّذ - صلى الله عليه وسلم - من الهرم وعذاب القبر، والهرم: أقصى السِّن وأرذل العمر، والهَرمُ على هذه الحال كَلٌّ ثقيلٌ على الأهل والولد، وبالحريِّ غيرهم، وكِبَرُ السن مع ثِقَلِ الظِّلِّ داءٌ يُستعاذ بالله منه.


خير الناس:
فأما مجرد الكِبَر ولو جاوز المائة، مع سلامة العقل، وهدوء النفس، واستطاعة العمل، فذلك خيرٌ يُطلب المزيد منه، فإذا اجتمع إلى تلك الصفات حُنْكة وتَجرِبة، وسدادٌ في الرأي، ورُشْد في السياسة، ونور في البصيرة، وخَشية لله وحده، فذلك الإمام المقتدَى به، والسراج الذي يُستضاء بنوره.


وفي مِثل هذا يقول - صلوات الله وسلامه عليه - فيما رواه الإمام أحمد في مسنده عن عبدالله بن بسر- رضي الله عنه -: ((خير الناس من طال عمرُه وحسُن عملُه))[5].


عذاب القبر ونعيمه:
وعذاب القبر ونعيمهُ كلاهما حق، تضافرت الأدلَّة عليه، وصحَّت الروايةُ فيه عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - في مواطن كثيرة، ولا يأبى دُستور العقل أن يُعيد الله تعالى حياة العبد في جسده أو في جزء منه، وأن يَعرِض عليه مَقْعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمِن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمِنْ أهل النار، ويقال له: هذا مَقْعَدُك حتى يَبْعَثَك الله يوم القيامة[6].


وقاعدة أهل السنة والجماعة: أن شيئًا ورد به نَقْلٌ قويم، ولم يمنع منه عقل سليم، وَجَب قَبوله واعتقاده والإيمان به.


وكم من شيء أثبته العلم الحديث في عالم الأحياء، بعد أن أنكره قليلو البضاعة من أشباه العلماء، فكيف بهم في عالم الأموات، وبضاعتهم فيه مُزْجَاة؟!


ألا إنَّ ((القبر روضةٌ من رياض الجنة، أو حفرةٌ من حفر النار))[7]، فلْيُعِدَّ امرؤٌ قبرَه كما يشاء ويختار: ﴿ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ [الإنسان: 30].


التخلية قبل التحلية:
بعد أن تعوَّذ - صلى الله عليه وسلم - من هذه الآفات التي تُهلِك من يُبتلَى بها - فردًا كان أو جماعة - ضرع إلى الله - سبحانه - أن يمنح نفسَه تقواها له، وخشيتها منه، وأن يزكِّيَها ويُجمِّلَها؛ لأنَّه القادر على ذلك وحده، فهو مالكُ أمرها، ومُدبِّر شأنها، والقائم على كل نفس بما كسبت، لا يسوق الخيرَ غيرُه، ولا يكشف الضُرَّ أحدٌ سواه، إنَّ ضراعته هذه بعد استعاذته، من قبيل التحلية بعد التخلية، أو من قبيل الصحة بعد العافية.


تزكية النفس:
وتزكية النفس: تطهيرها سرًّا وعلانية من الخُبْث والدنس، في عقيدة المرء، وسلوكه، ومعاملته، لنفسه أو لربه، أو لأهله وعشيرته، أو لوطنه وأمته والعالم أجمع.


التطهير العام الشامل:
ولقد قام الإسلام على قواعد التطهير العام الشامل: فدعا إلى تطهير العقائد من دنس الشرك والكفر، وعبادة غير الله - عز وجل - وإلى تطهير العقل من الخشوع والخضوع للخرافات والأوهام والأضاليل، وتقليد الآباء والكبراء على غير هدى وبصيرة؛ وإلى تطهير القلب من الحقد والحسد والغل، والشحناء والبغضاء، وما إلى ذلك من أمراضه الذاهبة به وبصاحبه، ودعا إلى تطهير المعاملات من الكذب، والزور، والرِّشوة، والربا، والحرص، والجَشَع، والخداع، والطمع، وما إليها من أكل أموال الناس بالباطل، والعدوان عليهم في المال أو العرض أو النفس.


بُنِي الإسلام - ولا نقول سبق - على التطهير العام الشامل، الذي لم يدع رذيلةً إلا هدمها، ولا نقيصةً إلا محاها، ثم شَيَّد على أنقاض هذه الرذائل مدرسةً قويَّةَ الأركان، عتيدةَ البنيان، منهاجُها الكتاب المبين، وإمامُها خاتَم النبيين، وبَنُوها خيرُ أمة أخرجت للناس[8].


أربع آفات مهلكات:
ولما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمته، والإمام في رعيته، والقائد في جنده، كالطبيب الشفيق الناصح، وكان أخوف ما يخاف على مريضه الانتكاس، والعياذ بالله تعالى، عاد - صلى الله عليه وسلم - يتعَوَّذ من أربعة آفات أخرى، فيهن فساد المرء ودنسه، ومنهنَّ يكون بلاؤه وانتكاسه، على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوَّذ أحيانًا من هذه الأربع على حِدَة، فقد روى الاستعاذةَ منها في حديث مستقل الترمذيُّ والنسائي عن ابن عمرو - رضي الله عنهما[9] - وكذلك أبو داود عن أبي هريرة - رضي الله عنه[10].


الآفة الأولى:
عِلمٌ لا ينفع؛ لأنه شر من الجهل؛ فإنَّ الجاهل قد يُعذَر بجهله، وأما العالم الذي لم ينفعه الله بعلمه، فهو فتنة للناس، ومضلةَّ لهم؛ لأنه في موضع القدوة منهم، لا جرم أنَّ علمه حُجَّةٌ عليه لا له، وأنه أشد الناس خزيًا ومَقْتًا في الدنيا والآخرة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2، 3].


الآفة الثانية:
قلب لا يخشع؛ لخلُوِّه من الإيمان واليقين، ولفساده باجْتراح السيِّئات والمعاصي، طبع الله عليه، فلم يلِنْ لذِكْر الله، ولم يتَّعظ بمواعظ الله، ثم انتقل فسادُهُ إلى الجوارح؛ لأنه المهيمن عليها، والمحرِّك لها.


وفي حديث الصحيحين المعروف: ((ألاَ وإن في الجسد مضغة، إذا صلَحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألاَ وهي القلب))[11].


الآفة الثالثة:
نفس لا تشبع؛ لجشعها وطمعها، فهي وبالٌ على صاحبها، ومُتْعِبة له، لا تدعُه يتمتَّع بما أوتِيَ من نعمة ومتاع، لا يتمتَّع بنعمة عاجلة؛ لأنه مشغول عنها بالآجلة، ولا يتمتع بنعمة آجلة؛ لأنها لم تأتِ بعدُ، لا جرم أنه الشقيُّ المحروم الذي سُلِب نعمة الرضا، ومُلئ قلبه بحب الدنيا، وحبُّ الدينار رأس كل خطيئة.


الآفة الرابعة:
دعوة لا يستجاب لها، أو ((دعاء لا يسمع)) كما في الرواية الأخرى؛ لأن عدم الاستجابة أمَارة إعراض الله عن العبد؛ لإعراض العبد عنه.


من أسرار تأخير الإجابة:
وينبغي أن يُعْلَم أن تأخير الإجابة ليس دليلاً على رد المسألة؛ فقد تؤخَّر لأسرار إلهية.


منها: أن الله يحب أن يسمع صوت الداعي وتضرُّعه، كما أنه ليس من شرط الإجابة أن تقضَى حاجة العبد نفسها، فربما ادخرها الله له يوم القيامة، وربما صرف عنه من السوء مثلها؛ فلا ييئَس العبد من روح الله، ولْيدْعُ ربه صادقَ النيةِ، حاضر القلب، طيِّبَ الكسب، موقنًا بالإجابة.


وقد بسطنا القول في أدب الدعاء، في شرح حديث الصحيحين: ((يستجاب لأحدكم ما لم يعجل))، فلا حاجة بنا إلى إعادته.


إرشادات وتنبيهات:
ذلك، وينطوي الحديثُ على لطائفَ جمة، وإرشاداتٍ كريمة، إذا لم يتَّسع المقام لتفصيلها كلها، فلا أقل من التنبيه على بعضها.


فمنها: أن التحصُّن من الآفات والبلايا، بالدعوات والاستعاذة، بمنزلة الوقاية منها قبل وقوعها، ومَثَلُ الأمراض الروحية والاجتماعية كَمَثَلِ الأمراض الجسميَّة، والوقايةُ في كلٍّ منها خيرٌ من العلاج، فإذا وقع شيءٌ من هذه الأدواء، وجد أنَّ جانبه الأدوية التي أنزلها الحكيم الخبير ضامنة للشفاء، ومتى أصاب الدواء موضعَ الداء برأ بإذن الله، وما مَثَلُ الضمان الاجتماعي الذي تتباهى به الأمم بجانب هذا الضمان الإلهي إلا كمَثَلِ القشر من اللب، أو كمثل الزَّبَدِ من الزُّبْدِ ﴿ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ﴾ [الأحزاب: 4].


ومنها: شدَّة الصحابة - رضي الله عنهم - في تحرِّي الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذًا من قول زيد - رضي الله عنه -: لا أقول لكم إلا كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول، وحسْبُ زيد شرفًا وتحرِّيًا أن الله تعالى صدَّقه لما رفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قول عبدالله بن أبَيٍّ رأسِ المنافقين: ﴿ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ﴾ [المنافقون: 8]. وقد أكذبه ابنُ أُبَيٍّ، وَحَلَفَ، فأنزل الله تصديقه، وأخذ - صلى الله عليه وسلم - بأُذُنِهِ وقال: ((وفَّتْ أُذُنُكَ يا غلام))[12]، ولبسط القصة مقام آخر غير هذا المقام.


ومنها: الإشارة إلى فضلِ الدعاء والاستعاذة، وعظيم أثرهما في تزكية النفس وتربيتها، وصلتها بربها ومالك أمرها وناصيتها، ولا سيَّما مع الدوام الذي تشير إليه صيغة ((كان..)).


فاللهمَّ هذا الدعاء، وعليك الإجابة، وهذا الجهد، وعليك التُّكْلان، اللهم اهدنا لأحسن الأعمال وأحسن الأخلاق؛ لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وقنا سيئ الأعمال وسيئ الأخلاق؛ لا يقي سيئها إلا أنت[13]، ﴿ رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ﴾ [الكهف: 10].


المصدر: من ذخائر السنة النبوية؛ جمعها ورتبها وعلق عليها الأستاذ مجد بن أحمد مكي


[*] مجلة الأزهر، العدد الثاني، المجلد الرابع والعشرون، (1372 = 1952).

[1] رواه مسلم (2722) في كتاب الذكر والدعاء.

[2] رواه الترمذي (3370)، وابن ماجه (3829)، وابن حبان (871)، والحاكم (1844) كلهم من حديث أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: ((ليس شيء أكرم على الله من الدعاء)).

[3] رواه أبو داود (1479)، والترمذي (3247) و(3372).

[4] رواه الترمذي (3371) وقال: هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجه، لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة.

[5] أخرجه أحمد في مسند عبدالله بن بسر المازني 4: 188 (17680) و (17698) وإسناده صحيح، وهذه الجملة: ((خير الناس من طال عمره وحسن عمله)) رواها أحمد أيضًا في مسند أبي هريرة (7212)، وفي مسند أبي بكرة الثقفي (20415).

[6] اقتباس من حديث رواه البخاري (1379)، ومسلم (2866) كلاهما من حديث عبدالله بن عمر، ولفظه عند البخاري عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن أحدكم إذا مات، عُرض عليه مقعده بالغداة والعشي؛ إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة)).

[7] اقتباس من حديث رواه الترمذي (2462) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار))؛ وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.


[8] شرح المؤلف حديث عبادة بن الصامت: ((بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئًا)) تحت عنوان: التطهير في الإسلام.

[9] أخرجه الترمذي (3478)، والنسائي (5442).

[10] أخرجه أبو داود (1548)، والنسائي (5467).

[11] أخرجه البخاري (52)، ومسلم (1599).

[12] أخرجه البخاري (4621)، (4623)، ومسلم (2772)، ولفظه عند البخاري من حديث طويل: "... وقال: ((إن الله قد صدقك))"، وفي لفظ آخر من حديث أنس، قالوا: هو الذي يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((هذا الذي أوفى الله له بأذنه)).

[13] اقتباس من حديث رواه مسلم (771)، وأبو داود (760)، والترمذي (3421)، والنسائي 2: 129 (896)، وابن ماجه (729)، وابن حبان (1772) من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال: ((وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا...)).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 75.30 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 73.42 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.50%)]