السيرة النبوية (ابن هشام)-----متجدد إن شاء الله - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث > ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم

ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-09-2020, 11:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي السيرة النبوية (ابن هشام)-----متجدد إن شاء الله

السيرة النبوية (ابن هشام)



ابن هشام - عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري

الأجزاء: جزءان
سنة الطباعة: -
الناشر: مؤسسة علوم القرآن
من أهم كتب السيرة النبوية ومصادرها الرئيسة، وهو كتاب ألفه أبو محمد عبد الملك بن هشام المتوفى سنة 218هـ، مهذبًا كتاب العلامة محمد بن إسحاق المتوفى سنة 151 هـ. وقد شرحها الإمام عبد الرحمن السهيلي في كتابه: الروض الأنف.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17-09-2020, 05:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السيرة النبوية (ابن هشام)-----متجدد إن شاء الله



السيرة النبوية (ابن هشام)

ابن هشام - عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري
الحلقة (2)
صــ 1إلى صــ 5

[ ص: 1 ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَصَلَوَاتُهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ


ذِكْرُ سَرْدِ النَّسَبِ الزَّكِيِّ

مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، إلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ ( النَّحْوِيُّ ) : هَذَا كِتَابُ سِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَّلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ . قَالَ : مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَاسْمُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ : شَيْبَةُ بْنُ هَاشِمٍ وَاسْمُ هَاشِمٍ : عَمْرُو بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ وَاسْمُ عَبْدِ مَنَافٍ : الْمُغِيرَةُ بْنُ قُصَيٍّ ، ( وَاسْمُ قُصَيٍّ : زَيْدُ ) بْنُ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ [ ص: 2 ] بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ ، وَاسْمُ مُدْرِكَةَ : عَامِرُ بْنُ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ بْنِ ( أُدٍّ ، وَيُقَالُ ) : أُدَدُ بْنُ مُقَوِّمِ بْنِ نَاحُورَ بْنِ تَيْرَحَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ نَابِتِ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ - خَلِيلِ الرَّحْمَنِ - بْنِ تَارِحٍ ، وَهُوَ آزَرُ بْنُ نَاحُورَ بْنِ سَارُوغَ بْنِ رَاعُو بْنِ فَالَخٍ [ ص: 3 ] بْنِ عَيْبَرِ بْنِ شالَخٍ بْنِ أرْفَخْشَذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحِ بْنِ لَمْكَ بْنِ مُتَوَشْلِخَ بْنِ أَخْنُوخَ ، وَهُوَ إدْرِيسُ النَّبِيُّ فِيمَا يَزْعُمُونَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، وَكَانَ أَوَّلَ بَنِي آدَمَ أُعْطَى النُّبُوَّةَ ، وَخَطَّ بِالْقَلَمِ - ابْنِ يَرْدِ بْنِ مُهْلَيِلِ بْنِ قَيْنَنَ بْنِ يانِشَ بْنِ شِيثِ بْنِ آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ هِشَامٍ : حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ الْمُطَّلِبِيِّ بِهَذَا الَّذِي ذَكَرْتُ مِنْ نَسَبِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَمَا فِيهِ مِنْ حَدِيثِ إدْرِيسَ وَغَيْرِهِ .

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَحَدَّثَنِي خَلَّادُ بْنُ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ السَّدُوسِيُّ ، عَنْ شَيْبَانَ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ شَقِيقِ بْنِ ثَوْرٍ عَنْ قَتَادَةَ بْنِ دُعَامةَ ، أَنَّهُ قَالَ :

إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ - خَلِيلِ الرَّحْمَنِ - بْنُ تَارِحٍ ، وهُوَ آزَرُ بْنُ نَاحُورَ بْنِ أَسْرَغَ [ ص: 4 ] بْنِ أَرْغُو بْنِ فَالَخٍ بْنِ عَابِرِ بْنِ شَالَخٍ بْنِ أرْفخْشَذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحِ بْنِ لَمْكِ بْنِ مَتُّوشَلَخِ بْنِ أَخْنُوخَ بْنِ يَرْدِ بْنِ مِهْلَائِيلَ بْنِ قَايِنَ بْنِ أَنُوشَ بْنِ شِيثِ بْنِ آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
[ نَهْجُ ابْنِ هِشَامٍ فِي هَذَا الْكِتَابِ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَأَنَا إنْ شَاءَ اللَّهُ مُبْتَدِئٌ هَذَا الْكِتَابَ بِذِكْرِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ ، وَمَنْ وَلَدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَلَدِهِ ، وَأَوْلَادِهِمْ لِأَصْلَابِهِمْ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ ، مِنْ إسْمَاعِيلَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، وَمَا يَعْرِضُ مِنْ حَدِيثهِمْ ، وَتَارِكٌ ذِكْرَ غَيْرِهِمْ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ ، عَلَى هَذِهِ الْجِهَةِ لِلِاخْتِصَارِ ، إلَى حَدِيثِ سِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَارِكٌ بَعْضَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ إسْحَاقَ فِي هَذَا الْكِتَابِ ، مِمَّا لَيْسَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِيهِ ذِكْرٌ ، وَلَا نَزَلَ فِيهِ مِنْ الْقُرْآنِ شَيْءٌ ، وَلَيْسَ سَبَبًا لِشَيْءِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ ، وَلَا تَفْسِيرًا لَهُ ، وَلَا شَاهِدًا عَلَيْهِ ، لِمَا ذَكَرْتُ مِنْ الِاخْتِصَارِ ، وَأَشْعَارًا ذَكَرَهَا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يَعْرِفُهَا ، وَأَشْيَاءَ بَعْضُهَا ، يَشْنُعُ الْحَدِيثُ بِهِ ، وَبَعْضٌ يَسُوءُ بَعْضَ النَّاسِ ذِكْرُهُ ، وَبَعْضٌ لَمْ يُقِرَّ لَنَا الْبَكَّائِيُّ بِرِوَايَتِهِ وَمُسْتَقْصٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْهُ بِمَبْلَغِ الرِّوَايَةِ لَهُ ، وَالْعِلْمِ بِهِ .
[ سِيَاقَةُ النَّسَبِ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ]

[ أَوْلَادُ إسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَنَسَبُ أُمِّهِمْ ]

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ الْمُطَّلِبِيِّ قَالَ : وَلَدَ إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا : نَابِتًا ، وَكَانَ أَكْبَرَهُمْ ، [ ص: 5 ] وقَيْذَرُ ، وَأَذْبُلَ ، وَمُبِشًّا ، وَمِسْمَعًا ، وَمَاشِي ، وَدِمَّا ، وَأَذَرُ ، وَطَيْمَا ، وَيَطُورَ ، ونَبِشَ ، وقَيْذُما . وَأُمُّهُمْ ( رَعْلَةُ ) بِنْتُ مُضَاضِ بْنِ عَمْرٍو الْجُرْهُمِيُّ - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَيُقَالُ : مِضَاضٌ . وَجُرْهُمُ بْنُ قَحْطَانَ ، وَقَحْطَانُ أَبُو الْيَمَنِ كُلِّهَا ، وَإِلَيْهِ يَجْتَمِعُ نَسَبُهَا - ابْنُ عَامِرِ بْنِ شالَخِ بْنِ أرْفَخْشَذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ .

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : جُرْهُمُ بْنُ يَقْطَنَ بْنِ عَيْبَرِ بْنِ شَالَخٍ . و ( يَقْطَنُ هُوَ ) قَحْطَانُ بْنُ عَيْبَرِ بْنِ شالَخٍ .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27-09-2020, 06:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السيرة النبوية (ابن هشام)-----متجدد إن شاء الله



السيرة النبوية (ابن هشام)

ابن هشام - عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري
الحلقة (3)
صــ 6إلى صــ 10

[ عُمْرُ إسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَدْفِنُهُ ]

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ عُمْرُ إسْمَاعِيلَ - فِيمَا يَذْكُرُونَ مِئَةَ سَنَةٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً ثُمَّ مَاتَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْهِ وَدُفِنَ فِي الْحِجْرِ مَعَ أُمِّهِ هَاجَرَ ، رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى . [ ص: 6 ]
[ مَوْطِنُ هَاجَرَ ]

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : تَقُولُ الْعَرَبُ : هَاجَرَ وَآجَرَ فَيُبْدِلُونَ الْأَلِفَ مِنْ الْهَاءِ كَمَا قَالُوا : هَرَاقَ الْمَاءَ ، وَأَرَاقَ الْمَاءَ وَغَيْرَهُ . وَهَاجَرُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ .
[ وَصَاةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَهْلِ مِصْرَ وَسَبَبُ ذَلِكَ ]

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ ، عَنْ عُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : اللَّهَ اللَّهَ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ ، أَهْلِ الْمَدَرَةِ السَّوْدَاءِ السُّحْمِ الْجِعَادِ ، فَإِنَّ لَهُمْ نَسَبًا وَصِهْرًا

قَالَ عُمَرُ مَوْلَى غُفْرَةَ : نَسَبُهُمْ ، أَنَّ أُمَّ إسْمَاعِيلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ . وَصِهْرُهُمْ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - تَسَرَّرَ فِيهِمْ .

قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ : أُمُّ إسْمَاعِيلَ : هَاجَرُ ، مِنْ أُمِّ الْعَرَبِ ، قَرْيَةٍ كَانَتْ أَمَامَ الْفَرَمَا [ ص: 7 ] مِنْ مِصْرَ . وَأُمُّ إبْرَاهِيمَ مَارِيَةُ سُرِّيَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، الَّتِي أَهْدَاهَا لَهُ الْمُقَوْقِسُ مِنْ حَفْنٍ مِنْ كُورَةِ أنْصِنا .

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيَّ ، ثُمَّ السُّلَمِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إذَا افْتَتَحْتُمْ مِصْرَ فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا ، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا فَقُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيِّ : مَا الرَّحِمُ الَّتِي ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ ؟ فَقَالَ : كَانَتْ هَاجَرُ أُمُّ إسْمَاعِيلَ مِنْهُمْ .
[ أَصْلُ الْعَرَبِ ]

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : فَالْعَرَبُ كُلُّهَا مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ وَقَحْطَانَ . وَبَعْضُ أَهْلِ الْيَمَنِ يَقُولُ : قَحْطَانُ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ ، وَيَقُولُ : إسْمَاعِيلُ أَبُو الْعَرَبِ كُلِّهَا .

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : عَادُ بْنُ عَوْصِ بْنِ إرَمِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ ، وَثَمُودُ وَجُدَيْسٌ ابْنَا عَابِرِ ، بْنِ إرَمِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ ، وطَسْمُ وَعِمْلَاقُ وَأُمَيْمُ بَنُو لَاوِذْ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ : عَرَبٌ كُلُّهُمْ . فَوَلَدَ نَابِتُ بْنُ إسْمَاعِيلَ : يَشْجُبَ بْنَ نَابِتٍ ، فَوَلَدَ يَشْجُبُ : يَعْرُبَ بْنَ يَشْجُبَ ، فَوَلَدَ يَعْرُبُ : تَيْرَحَ بْنَ يَعْرُبَ ، فَوَلَدَ تَيْرَحُ : [ ص: 8 ] نَاحُورَ بْنَ تَيْرَحَ ، فَوَلَدَ نَاحُورُ : مُقَوِّمَ بْنَ نَاحُورٍ ، فَوَلَدَ مُقَوِّمُ : أُدَدَ بْنَ مُقَوِّمٍ ، فَوَلَدَ أُدَدُ : عَدْنَانَ بْنَ أُدَدَ .

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَيُقَالُ : عَدْنَانُ بْنُ أُدٍّ .
[ أَوْلَادُ عَدْنَانَ ]

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَمِنْ عَدْنَانَ تَفَرَّقَتْ الْقَبَائِلُ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ، فَوَلَدَ عَدْنَانُ رَجُلَيْنِ : مَعَدَّ بْنَ عَدْنَانَ ، وَعَكَّ بْنَ عَدْنَانَ .

[ مَوْطِنُ عَكٍّ ]

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : فَصَارَتْ عَكٌّ فِي دَارِ الْيَمَنِ ، وَذَلِكَ أَنَّ عَكَّا تَزَوَّجَ فِي الْأَشْعَرِيِّينَ فَأَقَامَ فِيهِمْ ، فَصَارَتْ الدَّارُ وَاللُّغَةُ وَاحِدَةً ، وَالْأَشْعَرِيُّونَ بَنُو أَشْعَرَ بْنِ نَبْتِ بْنِ أُدَدَ بْنِ زَيْدِ بْنِ هُمَيْسِعِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَرِيبِ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ زَيْدِ بْنِ كَهْلَانَ بْنِ سَبَأِ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ ، وَيُقَالُ : أَشْعَرُ : نَبْتُ بْنُ أُدَدَ ، وَيُقَالُ : أَشْعَرُ : ابْنُ مَالِكٍ . وَمَالِكٌ : مَذْحجُ بْنُ أُدَدَ بْنِ زَيْدِ بْنِ هُمَيْسِعِ . وَيُقَالُ أَشْعَرُ : ابْنُ سَبَأِ بْنِ يَشْجُبَ .

وَأَنْشَدَنِي أَبُو مُحْرِزٍ خَلَفٌ الْأَحْمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ ، لِعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ ، أَحَدِ بَنِي سُلَيْمِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلَانَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ ، يَفْخَرُ بِعَكِّ : [ ص: 9 ]

وَعَكُّ بْنُ عَدْنَانَ الَّذِينَ تَلَقَّبُوا بِغَسَّانِ حَتَّى طُرِّدُوا كُلَّ مَطْرِدِ
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ . وَغَسَّانُ : مَاءٌ بِسَدِّ مَأْرِبَ بِالْيَمَنِ ، كَانَ شِرْبًا لِوَلَدِ مَازِنِ بْنِ الْأَسْدِ بْنِ الْغَوْثِ فَسُمُّوا بِهِ ، وَيُقَالُ : غَسَّانُ : مَاءٌ بِالْمُشَلَّلِ قَرِيبٌ مِنْ الْجُحْفَةِ ، وَاَلَّذِينَ شَرِبُوا مِنْهُ فَسُمُّوا بِهِ قَبَائِلُ مِنْ وَلَدِ مَازِنِ بْنِ الْأَسْدِ بْنِ الْغَوْثِ بْنِ نَبْتِ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ كَهْلَانَ بْنِ سَبَأِ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ . قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ - وَالْأَنْصَارُ بَنُو الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ ، ابْنَيْ حَارِثَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَازِنِ بْنِ الْأَسْدِ بْنِ الْغَوْثِ :

[ ص: 10 ] إمَّا سَأَلْتِ فَإِنَّا مَعْشَرٌ نُجُبٌ الْأَسْدُ نِسْبَتُنَا وَالْمَاءُ غَسَّانُ

وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أَبْيَاتٍ لَهُ . فَقَالَتْ الْيَمَنُ : وَبَعْضُ عَكٍّ ، وَهُمْ الَّذِينَ بِخُرَاسَانَ مِنْهُمْ ، عَكُّ بْنُ عَدْنَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَسْدِ بْنِ الْغَوْثِ ، وَيُقَالُ : عُدْثَانَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَسْدِ بْنِ الْغَوْثِ .
[ أَوْلَادُ مَعَدٍّ ]

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَوَلَدَ مَعَدُّ بْنُ عَدْنَانَ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ : نِزَارَ بْنَ مَعَدٍّ ، وَقُضَاعَةَ بْنَ مَعَدٍّ ، وَكَانَ قُضَاعَةُ بِكْرَ مَعَدٍّ الَّذِي بِهِ يُكَنَّى فِيمَا يَزْعُمُونَ ، وقُنُصُ بْنَ مَعَدٍّ ، وَإِيَادَ بْنَ مَعَدٍّ . فَأَمَّا قُضَاعَةُ فَتَيَامَنَتْ إلَى حِمْيَرِ بْنِ سَبَأٍ - وَكَانَ اسْمُ سَبَأٍ عَبْدَ شَمْسٍ ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ سَبَأً ، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَبَى فِي الْعَرَبِ - ابْنِ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ .







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27-09-2020, 06:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السيرة النبوية (ابن هشام)-----متجدد إن شاء الله




السيرة النبوية (ابن هشام)

ابن هشام - عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري
الحلقة (4)
صــ 11إلى صــ 15

[ قُضَاعَةُ ] :

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : فَقَالَتْ الْيَمَنُ وَقُضَاعَةُ : قُضَاعَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ حِمْيَرَ . وَقَالَ [ ص: 11 ] عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ الْجُهَنِيُّ ، وَجُهَيْنَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ لَيْثِ بْنِ سَوْدِ بْنِ أَسْلَمَ بْنِ الْحَافِ بْنِ قُضَاعَةَ :

نَحْنُ بَنُو الشَّيْخِ الْهِجَانِ الْأَزْهَرَ قُضَاعَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ حِمْيَرِ النَّسَبِ الْمَعْرُوفِ غَيْرِ الْمُنْكَرِ
فِي الْحَجَرِ الْمَنْقُوشِ تَحْتَ الْمِنْبَرِ





[ قُنُصُ بْنُ مَعَدٍّ وَنَسَبُ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ ]

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَأَمَّا قُنُصُ بْنُ مَعَدٍّ فَهَلَكَتْ بَقِيَّتُهُمْ - فِيمَا يَزْعُمُ نُسَّابُ مَعَدٍّ - وَكَانَ مِنْهُمْ النُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ مَلِكُ الْحِيرَةِ .

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ : أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ كَانَ مِنْ وَلَدِ قُنُصِ بْنِ مَعَدٍّ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَيُقَالُ : قَنَصَ .

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ : [ ص: 12 ] أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ أُتِيَ بِسَيْفِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ ، دَعَا جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ - وَكَانَ جُبَيْرُ مِنْ أَنْسَبِ قُرَيْشٍ لِقُرَيْشِ وَلِلْعَرَبِ قَاطِبَةً ، وَكَانَ يَقُولُ : إنَّمَا أَخَذْتُ النَّسَبَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَنْسَبَ الْعَرَبِ - فَسَلَّحَهُ إيَّاهُ ، ثُمَّ قَالَ : مِمَّنْ كَانَ يَا جُبَيْرُ ، النُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ ؟ فَقَالَ : كَانَ مِنْ أَشْلَاءِ قُنُصِ بْنِ مَعَدٍّ .

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَأَمَّا سَائِرُ الْعَرَبِ فَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا مِنْ لَخْمٍ مِنْ وَلَدِ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ ، فَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ .

[ نَسَبُ لَخْمِ بْنِ عَدِيٍّ ]

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : لَخْمُ : ابْنُ عَدِيِّ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ أُدَدَ بْنِ زَيْدِ بْنِ هُمَيْسِعِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَرِيبِ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ زَيْدِ بْنِ كَهْلَانَ بْنِ سَبَأٍ ، وَيُقَالُ : لَخْمُ : ابْنُ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَبَأٍ ، وَيُقَالُ : رَبِيعَةُ بْنُ نَصْرِ بْنِ أَبِي حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ ، وَكَانَ تَخَلَّفَ بِالْيَمَنِ بَعْدَ خُرُوجِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنْ الْيَمَنِ .
[ ص: 13 ] أَمْرُ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ فِي خُرُوجِهِ مِنْ الْيَمَنِ [ وَقِصَّةُ سَدِّ مَأْرِبٍ ]

وَكَانَ سَبَبُ خُرُوجِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنْ الْيَمَنِ - فِيمَا حَدَّثَنِي أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ - أَنَّهُ رَأَى جُرَذًا يَحْفِرُ فِي سَدِّ مَأْرِبٍ ، الَّذِي كَانَ يَحْبِسُ عَلَيْهِمْ الْمَاءَ - فَيُصَرِّفُونَهُ حَيْثُ شَاءُوا مِنْ أَرْضِهِمْ ، فَعَلِمَ أَنَّهُ لَا بَقَاءَ لِلسَّدِّ عَلَى ذَلِكَ ، فَاعْتَزَمَ عَلَى النُّقْلَةِ مِنْ الْيَمَنِ ، فَكَادَ قَوْمَهُ ، فَأَمَرَ أَصْغَرَ وَلَدِهِ إذَا أَغْلَظَ لَهُ وَلَطَمَهُ أَنْ يَقُومَ إلَيْهِ فَيَلْطِمَهُ ، فَفَعَلَ ابْنُهُ مَا أَمَرَهُ بِهِ ، فَقَالَ عَمْرٌو : لَا أُقِيمُ بِبَلَدِ لَطَمَ وَجْهِي فِيهِ أَصْغَرُ وَلَدِي ، وَعَرَضَ أَمْوَالَهُ . فَقَالَ أَشْرَافٌ مِنْ أَشْرَافِ الْيَمَنِ : اغْتَنِمُوا غَضْبَةَ عَمْرٍو ، فَاشْتَرَوْا مِنْهُ أَمْوَالَهُ .

وَانْتَقَلَ فِي وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ . وَقَالَتْ الْأَزْدُ : لَا نَتَخَلَّفُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ ، فَبَاعُوا أَمْوَالَهُمْ ، وَخَرَجُوا مَعَهُ ، فَسَارُوا حَتَّى نَزَلُوا بِلَادَ عَكٍّ مُجْتَازِينَ يَرْتَادُونَ الْبُلْدَانَ ، فَحَارَبَتْهُمْ عَكٌّ ، فَكَانَتْ حَرْبُهُمْ سِجَالًا . فَفِي ذَلِكَ قَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ الْبَيْتَ الَّذِي كَتَبْنَا .

ثُمَّ ارْتَحَلُوا عَنْهُمْ فَتَفَرَّقُوا فِي الْبُلْدَانِ ، فَنَزَلَ آلُ جَفْنَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ الشَّامَ ، وَنَزَلَتْ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ يَثْرِبَ ، وَنَزَلَتْ خُزَاعَةُ مَرَّا ، وَنَزَلَتْ أَزْدُ السَّرَاةَ ، وَنَزَلَتْ أَزْدُ عَمَّانَ عُمَانَ .

ثُمَّ أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى السَّدِّ السَّيْلَ فَهَدَمَهُ ، فَفِيهِ أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ .

[ ص: 14 ] وَالْعَرِمُ : السَّدُّ ، وَاحِدَتُهُ : عَرِمَةٌ ، فِيمَا حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ . قَالَ الْأَعْشَى : أَعْشَى بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عُكَابَةَ بْنِ صَعْبِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَكْرِ بْنِ وَائِلِ بْنِ هِنْبِ بْنِ أَفْصَى بْنِ جَدِيلَةَ بْنِ أَسَدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدٍّ .

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَيُقَالُ : أَفْصَى بْنِ دُعْمِيِّ بْنِ جَدِيلَةَ ، وَاسْمُ الْأَعْشَى ، مَيْمُونُ بْنُ قَيْسِ بْنِ جَنْدَلِ بْنِ شَرَاحِيلَ بْنِ عَوْفِ بْنِ سَعْدِ بْنِ ضُبَيْعَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ :

وَفِي ذَاكَ لِلْمُؤْتَسِي أُسْوَةٌ ومارِبُ عَفَّى عَلَيْهَا العَرِمْ رُخَامٌ بَنَتْهُ لَهُمْ حِمْيرٌ
إذَا جَاءَ مَوَّارُهُ لَمْ يَرِمْ فَأَرْوَى الزُّرُوعَ وَأَعْنَابَهَا
عَلَى سَعَةٍ مَاؤُهُمْ إذْ قُسِمْ فَصَارُوا أَيَادَى مَا يَقْدِرُو
نَ مِنْهُ عَلَى شُرْبِ طِفْلٍ فُطِمْ

وَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ .

وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ الثَّقَفِيُّ - وَاسْمُ ثَقِيفٍ قَسِيُّ بْنُ مُنَبِّهِ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلَانَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدٍّ بْنِ عَدْنَانَ :

مِنْ سَبَأِ الْحَاضِرِينَ مَأْرِبَ إذْ يَبْنُونَ مِنْ دُونِ سَيْلِهِ الْعَرِمَا

وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ .

وَتُرْوَى لِلنَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ ، وَاسْمُهُ قَيْسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَحَدُ بَنِي جَعْدَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ وَهُوَ حَدِيثٌ طَوِيلٌ ، مَنَعَنِي مِنْ اسْتِقْصَائِهِ مَا ذَكَرْتُ مِنْ الِاخْتِصَارِ
[ ص: 15 ] . [ أَمْرُ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرِ مَلِكِ الْيَمَنِ ] [ وَقِصَّةُ شِقٍّ وَسَطِيحٍ الْكَاهِنَيْنِ مَعَهُ ] [ رُؤْيَا رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ ]

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ رَبِيعَةُ بْنُ نَصْرٍ مَلِكُ الْيَمَنِ بَيْنَ أَضْعَافِ مُلُوكِ التَّبَابِعَةِ فَرَأَى رُؤْيَا هَالَتْهُ وَفَظِعَ بِهَا فَلَمْ يَدَعْ كَاهِنًا ، وَلَا سَاحِرًا ، وَلَا عَائِفًا وَلَا مُنَجِّمًا مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ إلَّا جَمَعَهُ إلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُمْ : إنِّي قَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا هَالَتْنِي ، وَفَظِعْتُ بِهَا ، فَأَخْبِرُونِي بِهَا وَبِتَأْوِيلِهَا ، قَالُوا لَهُ : اُقْصُصْهَا عَلَيْنَا نُخْبِرْكَ بِتَأْوِيلِهَا ، قَالَ : إنِّي إنْ أَخْبَرْتُكُمْ بِهَا لَمْ أَطْمَئِنَّ إلَى خَبَرِكُمْ عَنْ تَأْوِيلِهَا ، فَإِنَّهُ لَا يَعْرِفُ تَأْوِيلَهَا إلَّا مَنْ عَرَفَهَا قَبْلَ أَنْ أُخْبِرَهُ بِهَا .

فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ : فَإِنْ كَانَ الْمَلِكُ يُرِيدُ هَذَا فَلْيَبْعَثْ إلَى سَطِيحٍ وَشِقٍّ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَعْلَمَ مِنْهُمَا ، فَهُمَا يُخْبِرَانِهِ بِمَا سَأَلَ عَنْهُ .
[ نَسَبُ سَطِيحٍ وَشِقٍّ ]

وَاسْمُ سَطِيحٍ رَبِيعُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ مَازِنِ بْنِ ذِئْبِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ مَازِنِ غَسَّانَ . وَشِقٌّ : ابْنُ صَعْبِ بْنُ يَشْكُرَ بْنِ رُهْمِ بْنِ أَفْرَكَ بْنِ قَسْرِ بْنِ عَبْقَرَ بْنِ أَنْمَارِ بْنِ نِزَارٍ ، وَأَنْمَارُ أَبُو بَجِيلَةَ وَخَثْعَمَ .





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 27-09-2020, 06:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السيرة النبوية (ابن هشام)-----متجدد إن شاء الله



السيرة النبوية (ابن هشام)

ابن هشام - عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري
الحلقة (5)
صــ 16إلى صــ 20


[ نَسَبُ بَجِيلَةَ ]

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَقَالَتْ : الْيَمَنُ وَبَجِيلَةُ : ( بَنُو ) أَنْمَارِ : بْنِ إرَاشِ [ ص: 16 ] بْنِ لِحْيَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْغَوْثِ بْنِ نَبْتِ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ كَهْلَانَ بْنِ سَبَأٍ : وَيُقَالُ : إرَاشُ بْنُ عَمْرِو بْنِ لِحْيَانَ بْنِ الْغَوْثِ . وَدَارُ بَجِيلَةَ وَخَثْعَمَ يَمَانِيَّةٌ .
[ رَبِيعَةُ بْنُ نَصْرٍ وَسَطِيحٌ ]

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَبَعَثَ إلَيْهِمَا ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ سَطِيحٌ قَبْلَ شِقٍّ ، فَقَالَ لَهُ : إنِّي رَأَيْتُ رُؤْيَا هَالَتْنِي وَفَظِعْتُ بِهَا ، فَأَخْبِرْنِي بِهَا ، فَإِنَّكَ إنْ أَصَبْتَهَا أَصَبْتَ تَأْوِيلَهَا . قَالَ أَفْعَلُ ، رَأَيْتُ حُمَمَهُ خَرَجَتْ مِنْ ظُلُمِهِ ، فَوَقَعَتْ بِأَرْضِ تُهَمِهِ ، فَأَكَلَتْ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ جُمْجُمَهُ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : مَا أَخْطَأْتَ مِنْهَا شَيْئًا يَا سَطِيحٌ ، فَمَا عِنْدَكَ فِي تَأْوِيلِهَا ؟ فَقَالَ : أَحْلِفُ بِمَا بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ مِنْ حَنَشٍ ، لَتَهْبِطَنَّ أَرْضَكُمْ الْحَبَشُ ، فَلَتَمْلِكَنَّ مَا بَيْنَ أَبْيَنَ إلَى جُرَشَ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : [ ص: 17 ] وَأَبِيكَ يَا سَطِيحُ ، إنَّ هَذَا لَنَا لَغَائِظٌ مُوجِعٌ ، فَمَتَى ، هُوَ كَائِنٌ ؟ أَفِي زَمَانِي هَذَا ، أَمْ بَعْدَهُ ؟ قَالَ : لَا ، بَلْ بَعْدَهُ بِحِينِ ، أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ أَوْ سَبْعِينَ ، يَمْضِينَ مِنْ السِّنِينَ قَالَ : أَفَيَدُومُ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِهِمْ أَمْ يَنْقَطِعُ ؟ قَالَ : لَا ، بَلْ يَنْقَطِعُ لِبِضْعِ وَسَبْعِينَ مِنْ السِّنِينَ ، ثُمَّ يُقْتَلُونَ وَيَخْرُجُونَ مِنْهَا هَارِبِينَ ، قَالَ : وَمَنْ يَلِي مِنْ ذَلِكَ مِنْ قَتْلِهِمْ وَإِخْرَاجِهِمْ ؟ قَالَ : يَلِيهِ إرَمُ ( بْنُ ) ذِي يَزَنَ ، يَخْرُجُ عَلَيْهِمْ مِنْ عَدَنَ ، فَلَا يَتْرُكُ أَحَدًا مِنْهُمْ بِالْيَمَنِ ، قَالَ : أَفَيَدُومُ ذَلِكَ مِنْ سُلْطَانِهِ ، أَمْ يَنْقَطِعُ ؟ قَالَ : لَا ، بَلْ يَنْقَطِعُ ، قَالَ : وَمَنْ يَقْطَعُهُ ؟ قَالَ : نَبِيٌّ زَكِيٌّ ، يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنْ قِبَلِ الْعَلِيِّ ، قَالَ : وَمِمَّنْ هَذَا النَّبِيُّ ؟ قَالَ : رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ ، يَكُونُ الْمُلْكُ فِي قَوْمِهِ إلَى آخِرِ الدَّهْرِ ؟ قَالَ : وَهَلْ لِلدَّهْرِ مِنْ آخِرٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، يَوْمٌ يُجْمَعُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ يَسْعَدُ فِيهِ الْمُحْسِنُونَ وَيَشْقَى فِيهِ الْمُسِيئُونَ قَالَ : أَحَقٌّ مَا تُخْبِرُنِي ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَالشَّفَقُ وَالْغَسَقُ ، وَالْفَلَقُ إذَا اتَّسَقَ إنَّ مَا أَنْبَأْتُكَ بِهِ لَحَقٌّ .
[ رَبِيعَةُ بْنُ نَصْرٍ وَشِقٌّ ]

ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِ شِقٌّ ، فَقَالَ لَهُ كَقَوْلِهِ لِسَطِيحِ ، وَكَتَمَهُ مَا قَالَ سَطِيحٌ ، لِيَنْظُرَ أَيَتَّفِقَانِ أَمْ يَخْتَلِفَانِ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، رَأَيْتُ حُمَمَهُ ، خَرَجَتْ مِنْ ظُلُمِهِ ، فَوَقَعَتْ بَيْنَ رَوْضَةٍ وَأَكَمَهْ ، فَأَكَلَتْ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ نَسَمَهْ .

[ ص: 18 ] قَالَ : فَلَمَّا قَالَ لَهُ ذَلِكَ ، وَعَرَفَ أَنَّهُمَا قَدْ اتَّفَقَا وَأَنَّ قَوْلَهُمَا وَاحِدٌ إلَّا أَنَّ سَطِيحًا قَالَ : وَقَعَتْ بِأَرْضِ تَهَمَهْ ، فَأَكَلَتْ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ جُمْجُمَهُ وَقَالَ شِقٌّ : وَقَعَتْ بَيْنَ رَوْضَةٍ وَأَكَمَهْ ، فَأَكَلَتْ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ نَسَمَهْ . فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : مَا أَخْطَأْتَ يَا شِقُّ مِنْهَا شَيْئًا ، فَمَا عِنْدَكَ فِي تَأْوِيلِهَا ؟ قَالَ : أَحْلِفُ بِمَا بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ مِنْ إنْسَانٍ ، لَيَنْزِلَنَّ أَرْضَكُمْ السُّودَانُ ، فَلَيَغْلِبُنَّ عَلَى كُلِّ طَفْلَةِ الْبَنَانِ ، وَلَيَمْلِكُنَّ مَا بَيْنَ أَبْيَنَ إلَى نَجْرَانَ .

فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : وَأَبِيكَ يَا شِقُّ ، إنَّ هَذَا لَنَا لَغَائِظٌ مُوجِعٌ ، فَمَتَى هُوَ كَائِنٌ ؟ أَفِي زَمَانِي ، أَمْ بَعْدَهُ ؟ قَالَ : لَا ، بَلْ بَعْدَهُ بِزَمَانِ ، ثُمَّ يَسْتَنْقِذُكُمْ مِنْهُمْ عَظِيمٌ ذُو شَأْنٍ ، وَيُذِيقُهُمْ أَشَدَّ الْهَوَانِ ، قَالَ : وَمَنْ هَذَا الْعَظِيمُ الشَّانِ ؟ قَالَ : غُلَامٌ لَيْسَ بِدَنِيِّ ، وَلَا مُدَنٍّ ، يَخْرُجُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْتِ ذِي يَزَنَ ، ( فَلَا يَتْرُكُ أَحَدًا مِنْهُمْ بِالْيَمَنِ ) ، قَالَ : أَفَيَدُومُ سُلْطَانُهُ ، أَمْ يَنْقَطِعُ ؟ قَالَ : بَلْ يَنْقَطِعُ بِرَسُولِ مُرْسَلٍ يَأْتِي بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ ، بَيْنَ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ ، يَكُونُ الْمُلْكُ فِي قَوْمِهِ إلَى يَوْمِ الْفَصْلِ : قَالَ : وَمَا يَوْمُ الْفَصْلِ ؟ قَالَ : يَوْمٌ تُجْزَى فِيهِ الْوُلَاةُ ، وَيُدْعَى فِيهِ مِنْ السَّمَاءِ بِدَعَوَاتِ ، يَسْمَعُ مِنْهَا الْأَحْيَاءُ وَالْأَمْوَاتُ ، وَيُجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ النَّاسِ لِلْمِيقَاتِ ، يَكُونُ فِيهِ لِمَنْ اتَّقَى الْفَوْزُ وَالْخَيْرَاتُ ، قَالَ : أَحَقٌّ مَا تَقُولُ ؟ قَالَ : إي وَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ رَفْعٍ وَخَفْضٍ ، إنَّ مَا أَنْبَأْتُكَ بِهِ لَحَقٌّ مَا فِيهِ أَمْضِ .

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : أَمْضِ : يَعْنِي شَكَّا ، هَذَا بِلُغَةِ حِمْيَرَ ، وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو : أَمْضِ أَيْ بَاطِلٌ .

[ هِجْرَةُ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ إلَى الْعِرَاقِ ]

فَوَقَعَ فِي نَفْسِ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ مَا قَالَا . فَجَهَّزَ بَنِيهِ وَأَهْلَ بَيْتِهِ إلَى الْعِرَاقِ بِمَا يُصْلِحُهُمْ ، وَكَتَبَ لَهُمْ إلَى مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ فَارِسَ يُقَالُ لَهُ سَابُورُ بْنُ خُرَّزاذَ ، فَأَسْكَنَهُمْ الْحِيرَةَ .
[ ص: 19 ] [ نَسَبُ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ ]

فَمِنْ بَقِيَّةِ وَلَدِ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ النُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ ، فَهُوَ فِي نَسَبِ الْيَمَنِ وَعِلْمِهِمْ النُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَدِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ ، ذَلِكَ الْمَلِكُ .

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : النُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ الْمُنْذِرِ ، فِيمَا أَخْبَرَنِي خَلَفٌ الْأَحْمَرُ .
اسْتِيلَاءُ أَبِي كَرِبٍ تُبَّانَ أَسْعَدَ عَلَى مَلِكِ الْيَمَنِ

[ وَغَزْوِهِ إلَى يَثْرِبَ ]

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَلَمَّا هَلَكَ رَبِيعَةُ بْنُ نَصْرٍ رَجَعَ مُلْكُ الْيَمَنِ كُلُّهُ إلَى حَسَّانِ بْنِ تُبَّانَ أَسْعَدَ أَبِي كَرِبٍ - وَتُبَّانُ أَسْعَدُ هُوَ تُبَّعٌ الْآخِرُ - ابْنُ كُلِي كَرِبِ بْنِ زَيْدٍ ، وَزَيْدٌ هُوَ تُبَّعٌ الْأَوَّلُ بْنُ عَمْرِو ذِي الْأَذْعَارِ بْنِ أَبْرَهَةَ ذِي الْمَنَارِ بْنِ الرِّيشِ - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَيُقَالُ الرَّائِشُ - قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : ابْنَ عَدِيِّ بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ سَبَأٍ الْأَصْغَرِ بْنِ كَعْبٍ ، كَهْفِ الظُّلْمِ ، بْنِ زَيْدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ عَمْرِو [ ص: 20 ] بْنِ قَيْسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ جُشَمَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ وَائِلِ بْنِ الْغَوْثِ بْنِ قَطَنِ بْنِ عَرِيبِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَيْمَنَ بْنِ الهُمَيْسِعِ بْنِ العَرَنجَج ، والعَرَنْجَجُ : حِمْيَرُ بْنُ سَبَأٍ الْأَكْبَرِ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ قَحْطَانَ .

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : يَشْجُبُ : ابْنُ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ .
[ شَيْءٌ مِنْ سِيرَةِ تُبَّانَ ]

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَتُبَّانُ أَسْعَدُ أَبُو كَرِبٍ الَّذِي قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَسَاقَ الْحِبْرَيْنِ مِنْ يَهُودِ ( الْمَدِينَةِ ) إلَى الْيَمَنِ ، وَعَمَّرَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ وَكَسَاهُ ، وَكَانَ مُلْكُهُ قَبْلَ مُلْكِ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ .

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ :
لَيْتَ حَظِّي مِنْ أَبِي كَرِبٍ أَنْ يَسُدَّ خَيْرُهُ خَبَلَهُ






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10-10-2020, 06:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السيرة النبوية (ابن هشام)-----متجدد إن شاء الله



السيرة النبوية (ابن هشام)

ابن هشام - عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري
الحلقة (6)
صــ 21إلى صــ 25


[ غَضَبُ تُبَّانَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَسَبَبُ ذَلِكَ ]

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ قَدْ جَعَلَ طَرِيقَهُ - حِينَ أَقْبَلَ مِنْ الْمَشْرِقِ - عَلَى الْمَدِينَةِ ، وَكَانَ قَدْ مَرَّ بِهَا فِي بَدْأَتِهِ فَلَمْ يَهِجْ أَهْلَهَا ، وَخَلَّفَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ ابْنًا لَهُ ، فَقُتِلَ غِيلَةً . فَقَدِمَهَا وَهُوَ مُجْمِعٌ لِإِخْرَابِهَا وَاسْتِئْصَالِ أَهْلِهَا ، وَقَطْعِ نَخْلِهَا ؟ فَجُمِعَ لَهُ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ وَرَئِيسُهُمْ عَمْرُو بْنُ طَلَّةَ أَخُو بَنِي النَّجَّارِ ، ثُمَّ أَحَدُ بَنِي عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ وَاسْمُ مَبْذُولٍ : عَامِرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ ، وَاسْمُ النَّجَّارِ : [ ص: 21 ] تَيْمُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ .

[ نَسَبُ عَمْرِو بْنِ طَلَّةَ ] قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : عَمْرُو بْنُ طَلَّةَ : عَمْرُو بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ ، وَطَلَّةُ أُمُّهُ ، وَهِيَ بِنْتُ عَامِرِ بْنِ زُرَيْقِ بْنِ عَبْدِ حَارِثَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ غَضْبِ بْنِ جُشَمَ بْنِ الْخَزْرَجِ .
[ سَبَبُ قِتَالِ تُبَّانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ]

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَدْ كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ ، يُقَالُ لَهُ أَحْمَرُ . عَدَا عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ تُبَّعٍ حِينَ نَزَلَ بِهِمْ فَقَتَلَهُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ وَجَدَهُ فِي عَذْقٍ لَهُ يَجُدُّهُ فَضَرَبَهُ بِمِنْجَلِهِ فَقَتَلَهُ ، وَقَالَ : إنَّمَا التَّمْرُ لِمَنْ أَبَّرَهُ . فَزَادَ ذَلِكَ تُبَّعًا حَنَقًا عَلَيْهِمْ ، فَاقْتَتَلُوا . فَتَزْعُمُ الْأَنْصَارُ أَنَّهُمْ كَانُوا يُقَاتِلُونَهُ بِالنَّهَارِ ، وَيَقْرُونَهُ بِاللَّيْلِ ، فَيُعْجِبُهُ ذَلِكَ مِنْهُمْ ، وَيَقُولُ : وَاَللَّهِ إنَّ قَوْمَنَا لَكِرَامٌ .
[ انْصِرَافُ تُبَّانَ عَنْ إهْلَاكِ الْمَدِينَةِ ، وَشِعْرُ خَالِدٍ فِي ذَلِكَ ]

فَبَيْنَا تُبَّعٌ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قِتَالِهِمْ ، إذْ جَاءَهُ حَبْرَانِ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ - وَقُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ وَالنَّجَّامُ وَعَمْرٌو ، وَهُوَ هَدَلُ ، بَنُو الْخَزْرَجِ بْنِ الصَّرِيحِ بْنِ التَّوْءَمَانِ بْنِ السِّبْطِ بْنِ الْيَسَعَ بْنِ سَعْدِ بْنِ لَاوِيِّ بْنِ خَيْرِ بْنِ النَّجَّامِ بْنِ تَنْحُومَ بْنِ عَازَرِ بْنِ عُزْرَى بْنِ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ يَصْهَرَ بْنِ قَاهِثِ ابْنِ لَاوَى بْنِ يَعْقُوبَ ، وَهُوَ إسْرَائِيلُ بْنُ إسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ ، صَلَّى اللَّهُ [ ص: 22 ] عَلَيْهِمْ - عَالِمَانِ رَاسِخَانِ فِي الْعِلْمِ حِينَ سَمِعَا بِمَا يُرِيدُ مِنْ إهْلَاكِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِهَا . فَقَالَا لَهُ : أَيُّهَا الْمَلِكُ ، لَا تَفْعَلْ فَإِنَّكَ إنْ أَبَيْتَ إلَّا مَا تُرِيدُ حِيلَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا وَلَمْ نَأْمَنْ عَلَيْكَ عَاجِلَ الْعُقُوبَةِ ، فَقَالَ لَهُمَا : وَلِمَ ذَلِكَ ؟ فَقَالَا : هِيَ مُهَاجَرُ نَبِيٍّ يَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْحَرَمِ مِنْ قُرَيْشٍ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ، تَكُونُ دَارَهُ وَقَرَارَهُ ، فَتَنَاهَى عَنْ ذَلِكَ . وَرَأَى أَنَّ لَهُمَا عِلْمًا ، وَأَعْجَبَهُ مَا سَمِعَ مِنْهُمَا ، فَانْصَرَفَ عَنْالْمَدِينَةِ - وَاتَّبَعَهُمَا عَلَى دِينِهِمَا . فَقَالَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ غَزِيَّةَ بْنِ عَمْرِو ( ابْنِ عَبْدِ ) بْنِ عَوْفِ بْنِ غُنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ يَفْخَرُ بِعَمْرِو بْنِ طَلَّةَ :
أَصَحَّا أَمْ قَدْ نَهَى ذُكَرَهْ أَمْ قَضَى مِنْ لَذَّةٍ وَطَرَهْ أَمْ تَذَكَّرْتَ الشَّبَابَ وَمَا
ذِكْرُكَ الشَّبَابَ أَوْ عُصُرَهْ إنَّهَا حَرْبٌ رَبَاعِيَةٌ
مِثْلُهَا أَتَى الْفَتَى عِبَرَهْ فَاسْأَلَا عِمْرَانَ أَوْ أَسَدًا
إذْ أَتَتْ عَدْوًا مَعَ الزُّهَرَهْ فَيْلَقٌ فِيهَا أَبُو كَرِبٍ
سُبَّغٌ أَبْدَانُهَا ذَفِرَهْ ثُمَّ قَالُوا : مَنْ نَؤُمُّ بِهَا
أَبَنِي عَوْفٍ أَمْ النَّجَرَهْ [ ص: 23 ] بَلْ بَنِي النَّجَّارِ إنَّ لَنَا
فِيهِمْ قَتْلَى وَإِنَّ تِرَهْ فَتَلَقَّتْهُمْ مُسَايِفَةٌ
مُدُّهَا كَالغَبْيَةِ النَّثِرَهْ فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ طَلَّةَ مَلَّى
الْإِلَهُ قَوْمَهُ عُمُرَهْ سَيْدٌ سَامِي الْمُلُوكِ وَمَنْ
رَامَ عَمْرًا لَا يَكُنْ قَدَرَهْ
وَهَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ حَنَقُ تُبَّعٍ عَلَى هَذَا الْحَيِّ مِنْ يَهُودَ الَّذِينَ كَانُوا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ هَلَاكَهُمْ فَمَنَعُوهُمْ مِنْهُ ، حَتَّى انْصَرَفَ عَنْهُمْ ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي شِعْرِهِ :
حَنَقًا عَلَى سَبْطَيْنِ حَلَّا يَثْرِبَا أَوْلَى لَهُمْ بِعِقَابِ يَوْمٍ مُفْسِدِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : الشِّعْرُ الَّذِي فِي هَذَا الْبَيْتِ مَصْنُوعٌ ، فَذَلِكَ الَّذِي مَنَعَنَا مِنْ إثْبَاتِهِ .
[ اعْتِنَاقُ تُبَّانَ النصرانيَّةَ وَكِسْوَتُهُ الْبَيْتَ وَتَعْظِيمَهُ وَشِعْرُ سُبَيعَةَ فِي ذَلِكَ ]

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ تُبَّعٌ وَقَوْمُهُ أَصْحَابَ أَوْثَانٍ يَعْبُدُونَهَا ، فَتَوَجَّهَ إلَى مَكَّةَ ، وَهِيَ طَرِيقُهُ إلَى الْيَمَنِ ، حَتَّى إذَا كَانَ بَيْنَ عُسْفانَ ، وَأَمَجٍ ، أَتَاهُ نَفَرٌ مِنْ [ ص: 24 ] هُذَيلِ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدٍّ ، فَقَالُوا لَهُ : أَيُّهَا الْمَلِكُ ، أَلَا نَدُلُّكَ عَلَى بَيْتِ مَالٍ دَاثِرٍ أَغَفَلَتْهُ الْمُلُوكُ قَبْلَكَ ، فِيهِ اللُّؤْلُؤُ وَالزَّبَرْجَدُ وَالْيَاقُوتُ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ قَالَ : بَلَى ، قَالُوا : بَيْتٌ بِمَكَّةَ يَعْبُدُهُ أَهْلُهُ ، وَيُصَلُّونَ عِنْدَهُ

وَإِنَّمَا أَرَادَ الْهُذَلِيُّونَ هَلَاكَهُ بِذَلِكَ لِمَا عَرَفُوا مِنْ هَلَاكِ مَنْ أَرَادَهُ مِنْ الْمُلُوكِ وَبَغَى عِنْدَهُ . فَلَمَّا أَجْمَعَ لِمَا قَالُوا أَرْسَلَ إلَى الْحَبْرَيْنِ ، فَسَأَلَهُمَا عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَا لَهُ : مَا أَرَادَ الْقَوْمُ إلَّا هَلَاكَكَ وَهَلَاكَ جُنْدِكَ ، مَا نَعْلَمُ بَيْتًا لِلَّهِ اتَّخَذَهُ فِي الْأَرْضِ لِنَفْسِهِ غَيْرَهُ وَلَئِنْ فَعَلْتَ مَا دَعَوْكَ إلَيْهِ لَتَهْلَكَنَّ وَلَيَهْلَكَنَّ مَنْ مَعَكَ جَمِيعًا - قَالَ : فَمَاذَا تَأْمُرَانِنِي أَنْ أَصْنَعَ إذَا أَنَا قَدِمْتُ عَلَيْهِ ، قَالَا : تَصْنَعُ عِنْدَهُ مَا يَصْنَعُ أَهْلُهُ : تَطُوفُ بِهِ وَتُعَظِّمُهُ وَتُكْرِمُهُ وَتَحْلِقُ رَأْسَكَ عِنْدَهُ ، وَتَذِلُّ لَهُ ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ عِنْدِهِ ، قَالَ فَمَا يَمْنَعُكُمَا أَنْتُمَا مِنْ ذَلِكَ قَالَ : أَمَا وَاَللَّهِ إنَّهُ لَبَيْتُ أَبِينَا إبْرَاهِيمَ . وَإِنَّهُ لَكَمَا أَخْبَرْنَاكَ وَلَكِنَّ أَهْلَهُ حَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ بِالْأَوْثَانِ الَّتِي نَصَبُوهَا حَوْلَهُ وَبِالدِّمَاءِ الَّتِي يُهْرِقُونَ عِنْدَهُ ، وَهُمْ نَجَسٌ أَهْلُ شِرْكٍ - أَوْ كَمَا قَالَا لَهُ - فَعَرَفَ نُصْحَهُمَا وَصِدْقَ حَدِيثِهِمَا فَقَرَّبَ النَّفَرَ مِنْ هُذَيْلٍ ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ . فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَنَحَرَ عِنْدَهُ ، وَحَلَقَ رَأْسَهُ ، وَأَقَامَ بِمَكَّةَ سِتَّةَ أَيَّامٍ - فِيمَا يَذْكُرُونَ - يَنْحَرُ بِهَا لِلنَّاسِ ، وَيُطْعِمُ أَهْلَهَا وَيَسْقِيهِمْ الْعَسَلَ ، وَأُرَى فِي الْمَنَامِ أَنْ يَكْسُوَ الْبَيْتَ ، فَكَسَاهُ الْخَصَفَ ، ثُمَّ أُرَى أَنْ يَكْسُوَهُ أَحْسَنَ مِنْ ذَلِكَ ، فَكَسَاهُ الْمَعَافِرَ ، ثُمَّ أُرَى أَنْ يَكْسُوَهُ أَحْسَنَ مِنْ ذَلِكَ ، فَكَسَاهُ الْمُلَاءَ وَالْوَصَائِلَ ، فَكَانَ تُبَّعٌ - فِيمَا يَزْعُمُونَ [ ص: 25 ] أَوَّلَ مَنْ كَسَا الْبَيْتَ ، وَأَوْصَى بِهِ وُلَاتَهُ مِنْ جُرْهُمٍ ، وَأَمَرَهُمْ بِتَطْهِيرِهِ وَأَلَّا يُقَرِّبُوهُ دَمًا وَلَا مِيتَةً وَلَا مِئْلَاةً ، وَهِيَ الْمَحَايِضُ ، وَجَعَلَ لَهُ بَابًا وَمِفْتَاحًا وَقَالَتْ سُبَيعَةُ بِنْتُ الْأَحَبِّ بْنِ زَبِينةَ بْنِ جَذِيمَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ نَصْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلَانَ ، وَكَانَتْ عِنْدَ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ ، لِابْنِ لَهَا مِنْهُ يُقَالُ لَهُ خَالِدٌ ، تُعَظِّمُ عَلَيْهِ حُرْمَةَ مَكَّةَ ، وَتَنْهَاهُ عَنْ الْبَغْيِ فِيهَا ، وَتَذْكُرُ تُبَّعًا وَتَذَلُّلَهُ لَهَا ، وَمَا صَنَعَ بِهَا :


أَبُنَيَّ لَا تَظْلِمْ بِمَكَّةَ لَا الصَّغِيرَ وَلَا الْكَبِيرْ وَاحْفَظْ مَحَارِمَهَا بُنَ
يَّ وَلَا يَغُرَّنكَ الغَرورْ أَبُنَيَّ مَنْ يَظْلِمْ بِمَكَّةَ


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 10-10-2020, 06:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السيرة النبوية (ابن هشام)-----متجدد إن شاء الله



السيرة النبوية (ابن هشام)

ابن هشام - عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري
الحلقة (7)
صــ 26إلى صــ 30

يَلْقَ أَطْرَافَ الشُّرورْ أَبُنَيَّ يُضْرَبْ وَجْهُهُ
وَيَلُحْ بِخَدَّيْهِ السَّعيرْ أَبُنَيَّ قَدْ جَرَّبْتهَا
فَوَجَدْتُ ظَالِمهَا يَبُورْ اللَّهُ أَمَّنَهَا وَمَا
بُنِيَتْ بِعَرْصَتِهَا قُصورْ وَاَللَّهُ أَمَّنَ طَيْرَهَا
وَالْعُصْمُ تَأْمَنُ فِي ثَبيرْ وَلَقَدْ غَزَاهَا تُبَّعٌ
فَكَسَا بَنِيَّتَهَا الْحَبِيرْ وَأَذَلَّ رَبِّي مُلْكَهُ
فِيهَا فَأَوْفَى بالنُّذُورْ يَمْشِي إلَيْهَا حَافِيًا
بِفِنَائِهَا أَلْفَا بَعِيرْ وَيَظَلُّ يُطْعِمُ أَهْلَهَا
لَحْمَ الْمَهَارَى والجَزورْ يَسْقِيهِمْ الْعَسَلَ الْمُصَفَّى
وَالرَّحِيضَ مِنْ الشعيرْ وَالْفِيلُ أُهْلِكَ جَيْشُهُ
يُرْمَوْنَ فِيهَا بِالصُّخُورْ وَالْمُلْكَ فِي أَقْصَى الْبِلَا
دِ وَفِي الْأَعَاجِمِ وَالْخَزِيرْ فَاسْمَعْ إذَا حُدِّثْتَ وَافْهَمْ
كَيْفَ عَاقِبَةُ الأمورْ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ . يُوقَفُ عَلَى قَوَافِيهَا لَا تُعْرَبُ .
[ دَعْوَةُ تُبَّانَ قَوْمَهُ إلَى النصرانيَّة‏ ، وَتَحْكِيمُهُمْ النَّارَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ ]

ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا مُتَوَجِّهًا إلَى الْيَمَنِ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ جُنُودِهِ وَبِالْحَبْرَيْ نِ ، حَتَّى إذَا دَخَلَ [ ص: 27 ] الْيَمَنَ دَعَا قَوْمَهُ إلَى الدُّخُولِ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ ، حَتَّى يُحَاكِمُوهُ إلَى النَّارِ الَّتِي كَانَتْ بِالْيَمَنِ .

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : حَدَّثَنِي أَبُو مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكِ القُرَظيُّ ، قَالَ سَمِعْتُ إبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ :

أَنَّ تُبَّعًا لَمَّا دَنَا مِنْ الْيَمَنِ لِيَدْخُلَهَا حَالَتْ حِمْيَرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ : وَقَالُوا : لَا تَدْخُلُهَا عَلَيْنَا ، وَقَدْ فَارَقْتَ دِينَنَا ، فَدَعَاهُمْ إلَى دِينِهِ وَقَالَ : إنَّهُ خَيْرٌ مِنْ دِينِكُمْ ، فَقَالُوا : فَحَاكِمْنَا إلَى النَّارِ ؛ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَكَانَتْ بِالْيَمَنِ - فِيمَا يَزْعُمُ أَهْلُ الْيَمَنِ - نَارٌ تَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِيمَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ ، تَأْكُلُ الظَّالِمَ وَلَا تَضُرُّ الْمَظْلُومَ ، فَخَرَجَ قَوْمُهُ بِأَوْثَانِهِمْ وَمَا يَتَقَرَّبُونَ بِهِ فِي دِينِهِمْ وَخَرَجَ الْحَبْرَانِ بِمَصَاحِفِهِمَ ا فِي أَعْنَاقِهِمَا مُتَقَلِّدَيْهَ ا ، حَتَّى قَعَدُوا لِلنَّارِ عِنْدَ مَخْرَجِهَا الَّذِي تَخْرُجُ مِنْهُ ، فَخَرَجَتْ النَّارُ إلَيْهِمْ ، فَلَمَّا أَقْبَلَتْ نَحْوَهُمْ حَادُوا عَنْهَا وَهَابُوهَا ، فَذَمَرَهُمْ مَنْ حَضَرَهُمْ مِنْ النَّاسِ ، وَأَمَرُوهُمْ بِالصَّبْرِ لَهَا ، فَصَبَرُوا حَتَّى غَشِيَتْهُمْ ، فَأَكَلَتْ الْأَوْثَانَ وَمَا قَرَّبُوا مَعَهَا ، وَمَنْ حَمَلَ ذَلِكَ مِنْ رِجَالِ حِمْيَرَ ، وَخَرَجَ الْحَبْرَانِ بِمَصَاحِفِهِمَ ا فِي أَعْنَاقِهِمَا تَعْرَقُ جِبَاهُهُمَا لَمْ تَضُرَّهُمَا ، فَأُصْفِقَتْ عِنْدَ ذَلِكَ حِمْيَرُ عَلَى دِينِهِ ، فَمِنْ هُنَالِكَ وَعَنْ ذَلِكَ كَانَ أَصْلُ الْيَهُودِيَّةِ بِالْيَمَنِ .

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَدْ حَدَّثَنِي مُحَدِّثٌ أَنَّ الْحَبْرَيْنِ ، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ حِمْيَرَ ، إنَّمَا اتَّبَعُوا النَّارَ لِيَرُدُّوهَا ، وَقَالُوا : مَنْ رَدَّهَا فَهُوَ أَوْلَى بِالْحَقِّ ، فَدَنَا مِنْهَا رِجَالٌ مِنْ حِمْيَرَ بِأَوْثَانِهِمْ لِيَرُدُّوهَا فَدَنَتْ مِنْهُمْ لِتَأْكُلَهُمْ ، فَحَادُوا عَنْهَا وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا رَدَّهَا وَدَنَا مِنْهَا الْحَبْرَانِ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَعَلَا يَتْلُوَانِ التَّوْرَاةَ وَتَنْكُصُ عَنْهُمَا ، حَتَّى رَدَّاهَا إلَى مَخْرَجِهَا الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ ، فَأُصْفِقَتْ عِنْدَ ذَلِكَ حِمْيَرُ عَلَى دِينِهِمَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ .
[ رئَامٌ وَمَا صَارَ إلَيْهِ ]

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ رِئَامٌ بَيْتًا لَهُمْ يُعَظِّمُونَهُ ، وَيَنْحَرُونَ عِنْدَهُ ، وَيَكَلَّمُونَ [ ص: 28 ] ( مِنْهُ ) إذْ كَانُوا عَلَى شِرْكِهِمْ ؟ فَقَالَ الْحَبْرَانِ لِتُبَّعِ : إنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ يَفْتِنُهُمْ بِذَلِكَ فَخَلِّ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ ، قَالَ : فَشَأْنُكُمَا بِهِ ، فَاسْتَخْرَجَا مِنْهُ - فِيمَا يَزْعُمُ أَهْلُ الْيَمَنِ - كَلْبًا أَسْوَدَ فَذَبَحَاهُ ، ثُمَّ هَدَمَا ذَلِكَ الْبَيْتَ فَبَقَايَاهُ الْيَوْمَ - كَمَا ذُكِرَ لِي - بِهَا آثَارُ الدِّمَاءِ الَّتِي كَانَتْ تُهْرَاقُ عَلَيْهِ .

مُلْكُ ابْنِهِ حَسَّانَ بْنِ تُبَّانَ وَقَتْلُ عَمْرٍو أَخِيهِ لَهُ

[ سَبَبُ قَتْلِهِ ]

فَلَمَّا مَلَكَ ابْنُهُ حَسَّانُ بْنُ تُبَّانَ أَسْعَدَ أَبِي كَرِبٍ سَارَ بِأَهْلِ الْيَمَنِ يُرِيدُ أَنْ يَطَأَ بِهِمْ أَرْضَ الْعَرَبِ وَأَرْضَ الْأَعَاجِمِ ، حَتَّى إذَا كَانُوا بِبَعْضِ أَرْضِ الْعِرَاقِ - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : بالَبحريْنِ فِيمَا ذَكَرَ لِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ - كَرِهَتْ حِمْيَرُ وَقَبَائِلُ الْيَمَنِ الْمَسِيرَ مَعَهُ ، وَأَرَادُوا الرَّجْعَةَ إلَى بِلَادِهِمْ وَأَهْلِهِمْ ، فَكَلَّمُوا أَخًا لَهُ يُقَالُ لَهُ عَمْرٌو ، وَكَانَ مَعَهُ فِي جَيْشِهِ ، فَقَالُوا لَهُ : اُقْتُلْ أَخَاكَ حَسَّانَ وَنُمَلِّكُكَ عَلَيْنَا ، وَتَرْجِعُ بِنَا إلَى بِلَادِنَا ، فَأَجَابَهُمْ . فَاجْتَمَعَتْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا ذَا رُعَيْنٍ الْحِمْيَرِيُّ فَإِنَّهُ نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ ، فَقَالَ ذُو رُعَيْنٍ :
أَلَا مَنْ يَشْتَرِي سَهْرًا بِنَوْمِ سَعِيدٌ مَنْ يَبِيتُ قَرِيرَ عَيْنِ فَأَمَّا حِمْيَرُ غَدَرَتْ وَخَانَتْ
فَمَعْذِرَةُ الْإِلَهِ لَذِي رُعَيْنِ
ثُمَّ كَتَبَهُمَا فِي رُقْعَةٍ ، وَخَتَمَ عَلَيْهَا ، ثُمَّ أَتَى بِهَا عَمْرًا فَقَالَ لَهُ : ضَعْ لِي هَذَا الْكِتَابَ عِنْدَكَ ، فَفَعَلَ ، تَمَّ قَتَلَ عَمْرٌو أَخَاهُ حَسَّانَ ، وَرَجَعَ بِمَنْ مَعَهُ إلَى الْيَمَنِ ؛ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ :
[ ص: 29 ] لَاهِ عَيْنَا الَّذِي رَأَى مِثْلَ حَسَّا نَ قَتِيلًا فِي سَالِفِ الْأَحْقَابِ
قَتَلَتْهُ مَقاوِلٌ خَشْيَةَ الْحَبْسِ غَدَاةً قَالُوا : لَبَابِ لَبَابِ
مَيْتُكُمْ خَيْرُنَا وَحَيُّكُمْ رَبٌّ عَلَيْنَا وَكُلُّكُمْ أَرْبَابِي
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَوْلُهُ لَبَابِ لَبَابِ : لا بَأْسَ لَا بَأْسَ ، بِلُغَةِ حِمْيَرَ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَيُرْوَى : لِبَابِ لِبَابِ .
[ نَدَمُ عَمْرٍو وَهَلَاكُهُ ]

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَلَمَّا نَزَلَ عَمْرُو بْنُ تُبَّانَ الْيَمَنَ مُنِعَ مِنْهُ النَّوْمُ ، وَسُلِّطَ عَلَيْهِ السَّهَرُ ، فَلَمَّا جَهَدَهُ ذَلِكَ سَأَلَ الْأَطِبَّاءَ والْحُزَاةَ مِنْ الْكُهَّانِ وَالْعَرَّافِين َ عَمَّا بِهِ ؛ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مِنْهُمْ : إنَّهُ وَاَللَّهِ مَا قَتَلَ رَجُلٌ قَطُّ أَخَاهُ ، أَوْ ذَا رَحِمِهِ بَغْيًا عَلَى مِثْلِ مَا قَتَلْتَ أَخَاكَ عَلَيْهِ ، إلَّا ذَهَبَ نَوْمُهُ ، وَسُلِّطَ عَلَيْهِ السَّهَرُ فَلَمَّا قِيلَ لَهُ ذَلِكَ جَعَلَ يَقْتُلُ كُلَّ مَنْ أَمَرَهُ بِقَتْلِ أَخِيهِ حَسَّانَ مِنْ أَشْرَافِ الْيَمَنِ ، حَتَّى خَلَصَ إلَى ذِي رُعَيْنٍ ، فَقَالَ لَهُ ذُو رُعَيْنٍ : إنَّ لِي عِنْدَكَ بَرَاءَةً ، فَقَالَ : وَمَا هِيَ ؟ قَالَ : الْكِتَابُ الَّذِي دَفَعْتُ إلَيْكَ : فَأَخْرَجَهُ فَإِذَا فِيهِ الْبَيْتَانِ ، فَتَرَكَهُ وَرَأَى أَنَّهُ قَدْ نَصَحَهُ .

وَهَلَكَ عَمْرٌو ، فَمَرَجَ أَمْرُ حِمْيَرَ عِنْدَ ذَلِكَ وَتَفَرَّقُوا .
وَثَوْبٌ لِخَيْنَعَةَ ذِي شَنَاتِرَ عَلَى مُلْكِ الْيَمَنِ

[ تَوَلِّيهِ الْمُلْكَ ، وَشَيْءٌ مِنْ سِيرَتِهِ ، ثُمَّ قَتْلُهُ ]

فَوَثَبَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ لَمْ يَكُنْ مِنْ بُيُوتِ الْمَمْلَكَةِ ، يُقَالُ لهَ لِخُنَيْعَةَ يَنُوفَ . [ ص: 30 ] ذُو شَنِاتَرَ ، فَقَتَلَ خِيَارَهُمْ ، وَعَبِثَ بِبُيُوتِ أَهْلِ الْمَمْلَكَةِ مِنْهُمْ ، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْ حِمْيَرَ لِلْخَنِيعَةِ : حِمْيَرَ لِلْخَنِيعَةِ :
تُقَتِّلُ أَبْنَاهَا وَتَنْفِي سَرَاتَهَا وَتَبْنِي بِأَيْدِيهَا لَهَا الذُّلَّ حِمْيَرُ تُدَمِّرُ دُنْيَاهَا بِطَيْشِ حُلُومِهَا
وَمَا ضَيَّعَتْ مِنْ دِينِهَا فَهُوَ أَكْثَرُ كَذَاكَ الْقُرُونُ هَلْ ذَاكَ بِظُلْمِهَا
وَإِسْرَافِهَا تَأْتِي الشُّرُورَ فَتُخْسَرُ





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 10-10-2020, 06:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السيرة النبوية (ابن هشام)-----متجدد إن شاء الله



السيرة النبوية (ابن هشام)

ابن هشام - عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري
الحلقة (8)
صــ 31إلى صــ 35

وَكَانَ لَخَنِيعَةَ امْرِأً فَاسِقًا يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ ، فَكَانَ يُرْسِلُ إلَى الْغُلَامِ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ ، فَيَقَعُ عَلَيْهِ فِي مَشْرَبَةٍ لَهُ قَدْ صَنَعَهَا لِذَلِكَ . لِئَلَّا يَمْلِكُ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ يَطْلُعُ مِنْ مَشْرَبَتِهِ تِلْكَ إلَى حَرَسِهِ وَمَنْ حَضَرَ مِنْ جُنْدِهِ ، قَدْ أَخَذَ مِسْوَاكًا فَجَعَلَهُ فِي فِيهِ ، أَيْ لِيُعْلَمَهُمْ أَنَّهُ قَدْ فَرَغَ مِنْهُ . حَتَّى بَعَثَ إلَى زُرْعَةَ ذِي نُوَاسِ بْنِ تُبَّانَ أَسْعَدَ أَخِي حَسَّانَ ، وَكَانَ صَبِيَّا صَغِيرًا حِينَ قُتِلَ حَسَّانُ ، ثُمَّ شَبَّ غُلَامًا جَمِيلًا وَسِيمًا ، ذَا هَيْئَةٍ وَعَقْلٍ ، فَلَمَّا أَتَاهُ رَسُولُهُ عَرَفَ مَا يُرِيدُ مِنْهُ فَأَخَذَ سِكِّينًا حَدِيدًا لَطِيفًا ، فَخَبَّأَهُ بَيْنَ قَدَمِهِ وَنَعْلِهِ ، ثُمَّ أَتَاهُ ، فَلَمَّا خَلَا مَعَهُ وَثَبَ إلَيْهِ ، فَوَاثَبَهُ ذُو نُوَاسٍ فَوَجَأَهُ حَتَّى قَتَلَهُ ، ثُمَّ حَزَّ رَأْسَهُ ، فَوَضَعَهُ فِي الْكُوَّةِ الَّتِي كَانَ يُشْرِفُ مِنْهَا ، وَوَضَعَ مِسْوَاكَهُ فِي فِيهِ ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَى النَّاسِ ، فَقَالُوا لَهُ : ذَا نُوَاسٍ أَرَطْبٌ أَمْ يَبَاسٌ فَقَالَ : سَلْ نَخْمَاسَ اسْتِرْطُبَانَ ذُو نُوَاسٍ . اسْتِرْطُبَانَ لَابَاسَ - قَالَ [ ص: 31 ] ابْنُ هِشَامٍ : هَذَا كَلَامُ حِمْيَرَ . وَنَخْمَاسُ : الرَّأْسُ - فَنَظَرُوا إلَى الْكُوَّةِ فَإِذَا رَأْسُ لَخَنِيعَةَ مَقْطُوعٌ ، فَخَرَجُوا فِي إثْرِ ذِي نُوَاسٍ حَتَّى أَدْرَكُوهُ ، فَقَالُوا : مَا يَنْبَغِي أَنْ يَمْلِكَنَا غَيْرُكَ : إذْ أَرَحْتنَا مِنْ هَذَا الْخَبِيثِ .

مُلْكُ ذِي نُوَاسٍ

فَمَلَّكُوهُ ، وَاجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ حِمْيَرُ وَقَبَائِلُ الْيَمَنِ ، فَكَانَ آخِرَ مُلُوكِ حِمْيَرَ ، وَهُوَ صَاحِبُ الْأُخْدُودِ ، وَتَسَمَّى يُوسُفَ ، فَأَقَامَ فِي مُلْكِهِ زَمَانًا .
[ النَّصْرَانِيَّ ةُ بِنَجْرَانَ ] وَبِنَجْرَانَ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ دِينِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الْإِنْجِيلِ ، أَهْلِ فَضْلٍ ، وَاسْتِقَامَةٍ مِنْ أَهْلِ دِينِهِمْ ، لَهُمْ رَأْسٌ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الثَّامِرِ ، وَكَانَ مَوْقِعُ أَصْلِ ذَلِكَ الدِّينِ بِنَجْرَانَ ، وَهِيَ بِأَوْسَطِ أَرْضِ الْعَرَبِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ ، وَأَهْلُهَا وَسَائِرُ الْعَرَبِ كُلِّهَا أَهْلُ أَوْثَانٍ يَعْبُدُونَهَا ، وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَقَايَا أَهْلِ ذَلِكَ الدِّينِ يُقَالُ لَهُ فَيْمِيُونُ - وَقَعَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ ، فَحَمَلَهُمْ عَلَيْهِ ، فَدَانُوا بِهِ .
ابْتِدَاءُ وُقُوعِ النَّصْرَانِيَّ ةِ بِنَجْرَانَ

[ فَيْمِيُونُ وَصَالِحٌ وَنَشْرُ النَّصْرَانِيَّ ةِ بِنَجْرَانَ ]

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي لَبِيَدٍ مَوْلَى الْأَخْنَسِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ الْيَمَانِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ :

[ ص: 32 ] أَنَّ مَوْقِعَ ذَلِكَ الدِّينِ بِنَجْرَانَ كَانَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَقَايَا أَهْلِ دِينِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ يُقَالُ لَهُ فَيْمِيُونُ ، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا مُجْتَهِدًا زَاهِدًا فِي الدُّنْيَا ، مُجَابَ الدَّعْوَةِ ، وَكَانَ سَائِحًا يَنْزِلُ بَيْنَ الْقُرَى ، لَا يُعْرَفُ بِقَرْيَةِ إلَّا خَرَجَ مِنْهَا إلَى قَرْيَةٍ لَا يُعْرَفُ بِهَا ، وَكَانَ لَا يَأْكُلُ إلَّا مِنْ كَسْبِ يَدَيْهِ ، وَكَانَ بَنَّاءً يَعْمَلُ الطِّينَ وَكَانَ يُعَظِّمُ الْأَحَدَ ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْأَحَدِ لَمْ يَعْمَلْ فِيهِ شَيْئًا ، وَخَرَجَ إلَى فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ يُصَلِّي بِهَا حَتَّى يُمْسِيَ .

قَالَ : وَكَانَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الشَّامِ يَعْمَلُ عَمَلَهُ ذَلِكَ مُسْتَخْفِيًا ، فَفَطِنَ لِشَأْنِهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِهَا يُقَالُ لَهُ صَالِحٌ ، فَأَحَبَّهُ صَالِحٌ حُبًّا لَمْ يُحِبَّهُ شَيْئًا كَانَ قَبْلَهُ ، فَكَانَ يَتْبَعُهُ حَيْثُ ذَهَبَ ، وَلَا يَفْطِنُ لَهُ فَيْمِيُونُ : حَتَّى خَرَجَ مَرَّةً فِي يَوْمِ الْأَحَدِ إلَى فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ ، كَمَا كَانَ يَصْنَعُ ، وَقَدْ اتَّبَعَهُ صَالِحٌ وفَيْمِيونُ لَا يَدْرِي فَجَلَسَ صَالِحٌ مِنْهُ مَنْظَرَ الْعَيْنِ مُسْتَخْفِيًا مِنْهُ ، لَا يُحِبُّ أَنْ يَعْلَمَ بِمَكَانِهِ .

وَقَامَ فَيْمِيُونُ يُصَلِّي ، فَبَيْنَمَا هُوَ يُصَلِّي إذْ أَقْبَلَ نَحْوَهُ التِّنِّينُ - الْحَيَّةُ ذَاتُ الرُّءُوسِ السَّبْعَةِ - فَلَمَّا رَآهَا فَيْمِيُونُ دَعَا عَلَيْهَا فَمَاتَتْ ، وَرَآهَا صَالِحٌ وَلَمْ يَدْرِ ، مَا أَصَابَهَا فَخَافَهَا عَلَيْهِ ، فَعِيلَ عَوْلُهُ ، فَصَرَخَ : يَا فَيْمِيُونُ ، التِّنِّينُ قَدْ أَقْبَلَ نَحْوَكَ ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ ، وَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا ، وَأَمْسَى فَانْصَرَفَ .

وَعَرَفَ أَنَّهُ قَدْ عُرِفَ ، وَعَرَفَ صَالِحٌ أَنَّهُ قَدْ رَأَى مَكَانَهُ ، فَقَالَ ( لَهُ : يَا ) فَيْمِيُونُ ، تَعْلَمُ وَاَللَّهِ أَنِّي مَا أَحْبَبْتُ شَيْئًا قَطُّ حُبَّكَ ، وَقَدْ أَرَدْتُ صُحْبَتَكَ ، وَالْكَيْنُونَة َ مَعَكَ حَيْثُ كُنْتَ ، فَقَالَ : مَا شِئْتَ أَمْرِي كَمَا تَرَى ، فَإِنْ عَلِمْتَ أَنَّكَ تَقْوَى عَلَيْهِ فَنَعَمْ ؟ فَلَزِمَهُ صَالِحٌ .

وَقَدْ كَادَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ يَفْطِنُونَ لِشَأْنِهِ ، وَكَانَ إذَا فَاجَأَهُ الْعَبْدُ بِهِ الضُّرُّ دَعَا لَهُ فَشُفِيَ ، وَإِذَا دُعِي إلَى أَحَدٍ بِهِ ضُرٌّ لَمْ يَأْتِهِ ، وَكَانَ لِرَجُلِ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ ابْنٌ ضَرِيرٌ ، فَسَأَلَ عَنْ شَأْنِ فَيْمِيُونَ فَقِيلَ لَهُ : إنَّهُ لَا يَأْتِي أَحَدًا دَعَاهُ وَلَكِنَّهُ رَجُلٌ يَعْمَلُ لِلنَّاسِ الْبُنْيَانَ بِالْأَجْرِ .

فَعَمَدَ الرَّجُلُ إلَى ابْنِهِ ذَلِكَ فَوَضَعَهُ فِي حُجْرَتِهِ وَأَلْقَى عَلَيْهِ ثَوْبًا ، تَمَّ جَاءَهُ فَقَالَ لَهُ : [ ص: 33 ] يَا فَيْمِيُونُ ، إنِّي قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَعْمَلَ فِي بَيْتِي عَمَلًا ، فَانْطَلِقْ مَعِي إلَيْهِ حَتَّى تَنْظُرَ إلَيْهِ ، فَأُشَارِطُكَ عَلَيْهِ . فَانْطَلَقَ مَعَهُ ، حَتَّى دَخَلَ حُجْرَتَهُ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : مَا تُرِيدُ أَنْ تَعْمَلَ فِي بَيْتِكَ هَذَا ؟ قَالَ : كَذَا وَكَذَا ، ثُمَّ انْتَشَطَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ عَنْ الصَّبِيِّ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : يَا فَيْمِيُونُ ، عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ أَصَابَهُ مَا تَرَى ، فَادْعُ اللَّهَ لَهُ .

فَدَعَا لَهُ فَيْمِيُونُ ، فَقَامَ الصَّبِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ . وَعَرَفَ فَيْمِيُونُ أَنَّهُ قَدْ عُرِفَ ، فَخَرَجَ مِنْ الْقَرْيَةِ وَاتَّبَعَهُ صَالِحٌ ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَمْشِي فِي بَعْضِ الشَّامِ إذْ مَرَّ بِشَجَرَةِ عَظِيمَةٍ . فَنَادَاهُ مِنْهَا رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا فَيْمِيُونُ ؛ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : مَا زِلْتُ أَنْظُرُكَ وَأَقُولُ مَتَى هُوَ جَاءٍ ، حَتَّى سَمِعْتُ صَوْتَكَ ، فَعَرَفْتُ أَنَّكَ هُوَ ، لَا تَبْرَحْ حَتَّى تَقُومَ عَلَيَّ ، فَإِنِّي مَيِّتٌ الْآنَ ، قَالَ : فَمَاتَ وَقَامَ عَلَيْهِ حَتَّى وَارَاهُ ثُمَّ انْصَرَفَ ، وَتَبِعَهُ صَالِحٌ ، حَتَّى وَطِئَا بَعْضَ أَرْضِ الْعَرَبِ . فَعَدَوْا عَلَيْهِمَا .

فَاخْتَطَفَتْهُ مَا سَيَّارَةٌ مِنْ بَعْضِ الْعَرَبِ ، فَخَرَجُوا بِهِمَا حَتَّى بَاعُوهُمَا بِنَجْرَانَ وَأَهْلُ نَجْرَانَ يَوْمَئِذٍ عَلَى دِينِ الْعَرَبِ ، يَعْبُدُونَ نَخْلَةً طَوِيلَةً بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ ، لَهَا عِيدٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ ، إذَا كَانَ ذَلِكَ الْعِيدُ عَلَّقُوا عَلَيْهَا كُلَّ ثَوْبٍ حَسَنٍ وَجَدُوهُ ، وَحُلِيَّ النِّسَاءِ ، ثُمَّ خَرَجُوا إلَيْهَا فَعَكَفُوا عَلَيْهَا يَوْمًا . فَابْتَاعَ فَيْمِيُونُ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ ، وَابْتَاعَ صَالِحًا آخَرُ .

فَكَانَ فَيْمِيُونُ إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ فِي بَيْتٍ لَهُ - أَسْكَنَهُ إيَّاهُ سَيِّدُهُ - يُصَلِّي ، اُسْتُسْرِجَ لَهُ الْبَيْتُ نُورًا حَتَّى يُصْبِحَ مِنْ غَيْرِ مِصْبَاحٍ ، فَرَأَى ذَلِكَ سَيِّدُهُ ، فَأَعْجَبَهُ مَا يَرَى مِنْهُ ، فَسَأَلَهُ عَنْ دِينِهِ ، فَأَخْبَرَهُ بِهِ ، وَقَالَ لَهُ فَيْمِيُونُ : إنَّمَا أَنْتُمْ فِي بَاطِلٍ ، إنَّ هَذِهِ النَّخْلَةَ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ ، وَلَوْ دَعَوْتُ عَلَيْهَا إلَهِي الَّذِي أَعْبُدُهُ لَأَهْلَكَهَا ، وَهُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ . قَالَ : فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ : فَافْعَلْ ، فَإِنَّكَ إنْ فَعَلْتَ دَخَلْنَا فِي دِينِكَ ، وَتَرَكْنَا مَا نَحْنُ عَلَيْهِ .

قَالَ : فَقَامَ فَيْمِيُونُ ، فَتَطَهَّرَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ دَعَا اللَّهَ عَلَيْهَا ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهَا رِيحًا فَجَعَفَتْهَا مِنْ أَصْلِهَا فَأَلْقَتْهَا ، فَاتَّبَعَهُ عِنْدَ ذَلِكَ أَهْلُ نَجْرَانَ عَلَى دِينِهِ ، فَحَمَلَهُمْ عَلَى الشَّرِيعَةِ مِنْ دِينِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، ثُمَّ دَخَلَتْ عَلَيْهِمْ الْأَحْدَاثُ الَّتِي دَخَلَتْ عَلَى أَهْلِ [ ص: 34 ] دِينِهِمْ بِكُلِّ أَرْضٍ ، فَمِنْ هُنَالِكَ كَانَتْ النَّصْرَانِيَّ ةُ بِنَجْرَانَ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَهَذَا حَدِيثُ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَهْلِ نَجْرَانَ .
أَمْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الثَّامِرِ ، وَقِصَّةُ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ

[ فَيْمِيُونُ وَابْنُ الثَّامِرِ وَاسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ ] قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ، وَحَدَّثَنِي أَيْضًا بَعْضُ أَهْلِ نَجْرَانَ عَنْ أَهْلِهَا :

أَنَّ أَهْلَ نَجْرَانَ كَانُوا أَهْلَ شِرْكٍ يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ ، وَكَانَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهَا قَرِيبًا مِنْ نَجْرَانَ - وَنَجْرَانُ : الْقَرْيَةُ الْعُظْمَى الَّتِي إلَيْهَا جِمَاعُ أَهْلِ تِلْكَ الْبِلَادِ - سَاحِرٌ يُعَلِّمُ غِلْمَانَ أَهْلِ نَجْرَانَ السِّحْرَ ، فَلَمَّا نَزَلَهَا فَيْمِيُونُ - وَلَمْ يُسَمُّوهُ لِي بِاسْمِهِ الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ ، قَالُوا : رَجُلٌ نَزَلَهَا - ابْتَنَى خَيْمَةً بَيْنَ نَجْرَانَ وَبَيْنَ تِلْكَ الْقَرْيَةِ الَّتِي بِهَا السَّاحِرُ فَجَعَلَ أَهْلُ نَجْرَانَ يُرْسِلُونَ غِلْمَانَهُمْ إلَى ذَلِكَ السَّاحِرِ يُعَلِّمُهُمْ السِّحْرَ فَبَعَثَ إلَيْهِ الثَّامِرُ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الثَّامِرِ ، مَعَ غِلْمَانِ أَهْلِ نَجْرَانَ فَكَانَ إذَا مَرَّ بِصَاحِبِ الْخَيْمَةِ أَعْجَبَهُ مَا يَرَى مِنْهُ مِنْ صَلَاتِهِ وَعِبَادَتِهِ فَجَعَلَ يَجْلِسُ إلَيْهِ . وَيَسْمَعُ مِنْهُ حَتَّى أَسْلَمَ فَوَحَّدَ اللَّهَ وَعَبَدَهُ ، وَجَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ حَتَّى إذَا فَقِهَ فِيهِ جَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ .

وَكَانَ يَعْلَمُهُ ، فَكَتَمَهُ إيَّاهُ . وَقَالَ ( لَهُ ) : يَا ابْنَ أَخِي ، إنَّكَ لَنْ تَحْمِلَهُ أَخْشَى عَلَيْكَ ضَعْفَكَ عَنْهُ . وَالثَّامِرُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَا يَظُنُّ إلَّا أَنَّ ابْنَهُ يَخْتَلِفُ إلَى السَّاحِرِ كَمَا يَخْتَلِفُ الْغِلْمَانُ ، فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ صَاحِبَهُ قَدْ ضَنَّ بِهِ عَنْهُ . وَتَخَوَّفَ ضَعْفَهُ فِيهِ عَمَدَ إلَى أَقْدَاحٍ فَجَمَعَهَا . ثُمَّ لَمْ يُبْقِ لِلَّهِ اسْمًا يَعْلَمُهُ إلَّا كَتَبَهُ فِي قِدْحٍ ، وَلِكُلِّ اسْمٍ قِدْحٌ حَتَّى إذَا أَحْصَاهَا أَوْقَدَ لَهَا نَارًا ، ثُمَّ جَعَلَ يَقْذِفُهَا فِيهَا قِدْحًا قِدْحًا . حَتَّى إذَا مَرَّ بِالِاسْمِ الْأَعْظَمِ قَذَفَ فِيهَا بِقِدْحِهِ . فَوَثَبَ الْقِدْحُ حَتَّى خَرَجَ مِنْهَا لَمْ تَضُرَّهُ شَيْئًا فَأَخَذَهُ ثُمَّ أَتَى صَاحِبَهُ فَأَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ الِاسْمَ الَّذِي كَتَمَهُ ؟ فَقَالَ : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : هُوَ كَذَا وَكَذَا ، وَكَيْفَ [ ص: 35 ] عَلِمْتَهُ ؟ فَأَخْبَرَهُ بِمَا صَنَعَ ، قَالَ : أَيْ ابْنَ أَخِي ، قَدْ أَصَبْتَهُ فَأَمْسِكْ عَلَى نَفْسِكَ ، وَمَا أَظُنُّ أَنْ تَفْعَلَ .
[ ابْنُ الثَّامِرِ وَدَعْوَتُهُ إلَى النَّصْرَانِيَّ ةِ بِنَجْرَانَ ]

فَجَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الثَّامِرِ إذَا دَخَلَ نَجْرَانَ لَمْ يَلْقَ أَحَدًا بِهِ ضُرٌّ إلَّا قَالَ ( لَهُ ) يَا عَبْدَ اللَّهِ ، أَتُوَحِّدُ اللَّهَ وَتَدْخُلُ فِي دِينِي وَأَدْعُو اللَّهَ فَيُعَافِيكَ مِمَّا أَنْتَ فِيهِ مِنْ الْبَلَاءِ ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ ، فَيُوَحِّدُ اللَّهَ وَيُسْلِمُ ، وَيَدْعُو لَهُ فَيُشْفَى . حَتَّى لَمْ يَبْقَ بِنَجْرَانَ أَحَدٌ بِهِ ضُرٌّ إلَّا أَتَاهُ فَاتَّبَعَهُ عَلَى أَمْرِهِ ، وَدَعَا لَهُ فَعُوفِيَ حَتَّى رُفِعَ شَأْنُهُ إلَى مَلِكِ نَجْرَانَ ، فَدَعَاهُ فَقَالَ ( لَهُ ) : أَفْسَدْتَ عَلَيَّ أَهْلَ قَرْيَتِي ، وَخَالَفْتَ دِينِي وَدِينَ آبَائِي ، لَأُمَثِّلَنَّ بِكَ ، قَالَ : لَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ .

قَالَ : فَجَعَلَ يُرْسِلُ بِهِ إلَى الْجَبَلِ الطَّوِيلِ فَيُطْرَحُ عَلَى رَأْسِهِ فَيَقَعُ إلَى الْأَرْضِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ، وَجَعَلَ يَبْعَثُ بِهِ إلَى مِيَاهٍ بِنَجْرَانَ ، بُحُورٍ لَا يَقَعُ فِيهَا شَيْءٌ إلَّا هَلَكَ ، فَيُلْقَى فِيهَا فَيَخْرُجُ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ . فَلَمَّا غَلَبَهُ قَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الثَّامِرِ : إنَّكَ وَاَللَّهِ لَنْ تَقْدِرَ عَلَى قَتْلِي حَتَّى تُوَحِّدَ اللَّهَ فَتُؤْمِنَ بِمَا آمَنْتُ بِهِ ، فَإِنَّكَ إنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ سُلِّطْتَ عَلَيَّ فَقَتَلْتنِي . قَالَ : فَوَحَّدَ اللَّهَ تَعَالَى ذَلِكَ الْمَلِكُ ، وَشَهِدَ شَهَادَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الثَّامِرِ ، ثُمَّ ضَرَبَهُ بِعَصَا فِي يَدِهِ فَشَجَّهُ شَجَّةً غَيْرَ كَبِيرَةٍ ، فَقَتَلَهُ ، ثُمَّ هَلَكَ الْمَلِكُ مَكَانَهُ ؟ وَاسْتَجْمَعَ أَهْلُ نَجْرَانَ عَلَى دِينِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الثَّامِرِ ، وَكَانَ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ مِنْ الْإِنْجِيلِ وَحُكْمِهِ ، ثُمَّ أَصَابَهُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ أَهْلَ دِينِهِمْ مِنْ الْأَحْدَاثِ ، فَمِنْ هُنَالِكَ كَانَ أَصْلُ النَّصْرَانِيَّ ةِ بِنَجْرَانَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ .

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَهَذَا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ، وَبَعْضِ أَهْلِ نَجْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الثَّامِرِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ .
[ ذُو نُوَاسٍ ‏وَخَدُّ الْأُخْدُودِ ]

فَسَارَ إلَيْهِمْ ذُو نُوَاسٍ بِجُنُودِهِ ، فَدَعَاهُمْ إلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَخَيَّرَهُمْ بَيْنَ ذَلِكَ وَالْقَتْلِ ، فَاخْتَارُوا الْقَتْلَ ، فَخَدَّ لَهُمْ الْأُخْدُودَ ، فَحَرَقَ مَنْ حَرَقَ بِالنَّارِ ، وَقَتَلَ بِالسَّيْفِ وَمَثَّلَ بِهِ حَتَّى قَتَلَ مِنْهُمْ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ أَلْفًا ، فَفِي ذِي نُوَاسٍ وَجُنْدِهِ تِلْكَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِين َ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 164.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 159.50 كيلو بايت... تم توفير 5.12 كيلو بايت...بمعدل (3.11%)]