|
|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله
كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد الأول -كتاب الطهارة الحلقة (10) صــــــــــ 75 الى صـــــــــــ81 [كتاب الحيض] اعتزال الرجل امرأته حائضا وإتيان المستحاضة أخبرنا الربيع قال قال الشافعي - رحمه الله تعالى - قال الله تبارك وتعالى {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض} [البقرة: 222] الآية (قال الشافعي) : وأبان عز وجل أنها حائض غير طاهر وأمر أن لا تقرب حائض حتى تطهر ولا إذا طهرت حتى تتطهر بالماء وتكون ممن تحل لها الصلاة ولا يحل لامرئ كانت امرأته حائضا أن يجامعها حتى تطهر فإن الله تعالى جعل التيمم طهارة إذا لم يوجد الماء أو كان المتيمم مريضا ويحل لها الصلاة بغسل إن وجدت ماء، أو تيمم إن لم تجده (قال الشافعي) : فلما أمر الله تعالى باعتزال الحيض وأباحهن بعد الطهر والتطهير ودلت السنة على أن المستحاضة تصلي دل ذلك على أن لزوج المستحاضة إصابتها إن شاء الله تعالى؛ لأن الله أمر باعتزالهن وهن غير طواهر وأباح أن يؤتين طواهر. [باب ما يحرم أن يؤتى من الحائض] (قال الشافعي) - رحمه الله تعالى - قال بعض أهل العلم بالقرآن في قول الله عز وجل {فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله} [البقرة: 222] أن تعتزلوهن يعني من مواضع الحيض (قال الشافعي) : وكانت الآية محتملة لما قال ومحتملة أن اعتزالهن اعتزال جميع أبدانهن (قال الشافعي) : ودلت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على اعتزال ما تحت الإزار منها وإباحة ما سوى ذلك منها. [باب ترك الحائض الصلاة] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : قال الله عز وجل {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض} [البقرة: 222] الآية (قال الشافعي) : فكان بينا في قول الله عز وجل حتى يطهرن بأنهن حيض في غير حال الطهارة وقضى الله على الجنب أن لا يقرب الصلاة حتى يغتسل وكان بينا أن لا مدة لطهارة الجنب إلا الغسل وأن لا مدة لطهارة الحائض إلا ذهاب الحيض ثم الاغتسال لقول الله عز وجل {حتى يطهرن} [البقرة: 222] وذلك بانقضاء الحيض فإذا تطهرن يعني بالغسل فإن السنة تدل على أن طهارة الحائض بالغسل ودلت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بيان ما دل عليه كتاب الله تعالى من أن لا تصلي الحائض أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن «عائشة قالت قدمت مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فشكوت ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري» . أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن «عائشة قالت خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجه لا نراه إلا الحج حتى إذا كنا بسرف، أو قريبا منها حضت فدخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي فقال ما بالك أنفست؟ قلت: نعم قال إن هذا أمر كتبه الله تعالى على بنات آدم فاقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري» (قال الشافعي) وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عائشة أن لا تطوف بالبيت حتى تطهر، فدل على أن لا تصلي حائضا؛ لأنها غير طاهر ما كان الحيض قائما وكذلك قال الله عز وجل: {حتى يطهرن} [البقرة: 222] .باب أن لا تقضي الصلاة حائض (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : قال الله تبارك وتعالى {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين} [البقرة: 238] (قال الشافعي) : فلما لم يرخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أن تؤخر الصلاة في الخوف وأرخص أن يصليها المصلي كما أمكنه راجلا، أو راكبا وقال {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} [النساء: 103] (قال الشافعي) : وكان من عقل الصلاة من البالغين عاصيا بتركها إذا جاء وقتها وذكرها وكان غير ناس لها وكانت الحائض بالغة عاقلة ذاكرة للصلاة مطيقة لها فكان حكم الله عز وجل لا يقربها زوجها حائضا ودل حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أنه إذا حرم على زوجها أن يقربها للحيض حرم عليها أن تصلي كان في هذا دلائل على أن فرض الصلاة في أيام الحيض زائل عنها فإذا زال عنها وهي ذاكرة عاقلة مطيقة لم يكن عليها قضاء الصلاة وكيف تقضي ما ليس بفرض عليها بزوال فرضه عنها، (قال) : وهذا مما لا أعلم فيه مخالفا (قال الشافعي) : والمعتوه والمجنون لا يفيق والمغمى عليه في أكثر من حال الحائض من أنهم لا يعقلون وفي أن الفرائض عنهم زائلة ما كانوا بهذه الحال كما الفرض عنها زائل ما كانت حائضا ولا يكون على واحد من هؤلاء قضاء الصلاة ومتى أفاق واحد من هؤلاء، أو طهرت حائض في وقت الصلاة فعليهما أن يصليا؛ لأنهما ممن عليه فرض الصلاة. [باب المستحاضة] أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت «قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني لا أطهر أفأدع الصلاة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما ذلك عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة فإذا ذهب قدرها فاغسلي الدم عنك وصلي» . أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا عبد الله بن محمد بن عقيل عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمه عمران بن طلحة عن أمه «حمنة بنت جحش قالت كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة فجئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أستفتيه فوجدته في بيت أختي زينب فقلت يا رسول الله إن لي إليك حاجة وإنه لحديث ما منه بد وإني لأستحيي منه قال: فما هو يا هنتاه قالت إني امرأة أستحاض حيضة كثيرة شديدة فما ترى فيها فقد منعتني الصلاة والصوم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - فإني أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم قالت هو أكثر من ذلك قال: فتلجمي. قالت هو أكثر من ذلك قال: فاتخذي ثوبا قالت: هو أكثر من ذلك إنما أثج ثجا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - سآمرك بأمرين أيهما فعلت أجزأك عن الآخر فإن قويت عليهما فأنت أعلم قال لها إنما هي ركضة من ركضات الشيطان فتحيضي ستة أيام، أو سبعة أيام في علم الله تعالى ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقيت فصلي أربعا وعشرين ليلة وأيامها، أو ثلاثا وعشرين وأيامها وصومي فإنه يجزئك وهكذا افعلي في كل شهر كما تحيض النساء ويطهرن لميقات حيضهن وطهرهن» ومن غير هذا الكتاب «وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر وتغتسلي حتى تطهري، ثم تصلي الظهر والعصر، ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين وتغتسلين مع الفجر» . (قال الشافعي) : هذا يدل على أنها تعرف أيام حيضها ستا، أو سبعا فلذلك قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلي حتى تطهري، ثم تصلي الظهر والعصر جميعا ثم تؤخري المغرب وتعجلي العشاء، ثم تغتسلي وتجمعي بين المغرب والعشاء فافعلي وتغتسلين عند الفجر، ثم تصلين الصبح وكذلك فافعلي وصومي إن قويت على ذلك وقال هذا أحب الأمرين إلي» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستفتت لها أم سلمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر فإذا فعلت ذلك فلتغتسل ولتستثفر، ثم تصلي» (قال الشافعي) : فبهذه الأحاديث الثلاثة نأخذ وهي عندنا متفقة فيما اجتمعت فيه وفي بعضها زيادة على بعض ومعنى غير معنى صاحبه وحديث عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يدل على أن فاطمة بنت أبي حبيش كان دم استحاضتها منفصلا من دم حيضها لجواب النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك أنه قال: «فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة فإذا ذهب قدرها فاغسلي الدم عنك وصلي» . (قال الشافعي) : فنقول إذا كان الدم ينفصل فيكون في أيام أحمر قانئا ثخينا محتدما وأياما رقيقا إلى الصفرة أو رقيقا إلى القلة فأيام الدم الأحمر القانئ المحتدم الثخين أيام الحيض وأيام الدم الرقيق أيام الاستحاضة (قال الشافعي) : ولم يذكر في حديث عائشة الغسل عند تولي الحيضة وذكر غسل الدم فأخذنا بإثبات الغسل من قول الله عز وجل {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى} [البقرة: 222] الآية (قال الشافعي) : فقيل: والله تعالى أعلم - يطهرن من الحيض فإذا تطهرن بالماء، ثم من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أبان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الطهارة بالماء الغسل وفي حديث حمنة بنت جحش فأمرها في الحيض أن تغتسل إذا رأت أنها طهرت ثم أمرها في حديث حمنة بالصلاة فدل ذلك على أن لزوجها أن يصيبها؛ لأن الله تبارك وتعالى أمر باعتزالها حائضا وأذن في إتيانها طاهرا فلما حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - للمستحاضة حكم الطهارة في أن تغتسل وتصلي دل ذلك على أن لزوجها أن يأتيها (قال) : وليس عليها إلا الغسل الذي حكمه الطهر من الحيض بالسنة وعليها الوضوء لكل صلاة قياسا على السنة في الوضوء بما خرج من دبر، أو فرج مما له أثر، أو لا أثر له (قال الشافعي) : وجواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأم سلمة في المستحاضة يدل على أن المرأة التي سألت لها أم سلمة كانت لا ينفصل دمها فأمرها أن تترك الصلاة عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها. (قال الشافعي) : وفي هذا دليل على أن لا وقت للحيضة إذا كانت المرأة ترى حيضا مستقيما وطهرا مستقيما وإن كانت المرأة حائضا يوما، أو أكثر فهو حيض وكذلك إن جاوزت عشرة فهو حيض؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تترك الصلاة عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن ولم يقل إلا أن يكون كذا وكذا أي تجاوز كذا (قال الشافعي) : وإذا ابتدأت المرأة ولم تحض حتى حاضت فطبق الدم عليها فإن كان دمها ينفصل فأيام حيضها أيام الدم الثخين الأحمر القانئ المحتدم وأيام استحاضتها أيام الدم الرقيق فإن كان لا ينفصل ففيها قولان: أحدهما - أن تدع الصلاة ستا، أو سبعا، ثم تغتسل وتصلي كما يكون الأغلب من حيض النساء (قال) : ومن ذهب إلى جملة حديث حمنة بنت جحش وقال لم يذكر في الحديث عدد حيضها فأمرت أن يكون حيضها ستا، أو سبعا والقول الثاني - أن تدع الصلاة أقل ما علم من حيضهن وذلك يوم وليلة، ثم تغتسل وتصلي ولزوجها أن يأتيها ولو احتاط فتركها وسطا من حيض النساء، أو أكثر كان أحب إلي ومن قال بهذا قال إن حمنة وإن لم يكن في حديثها ما نص أن حيضها كان ستا، أو سبعا فقد يحتمل حديثها ما احتمل حديث أم سلمة من أن يكون فيه دلالة أن حيضها كان ستا، أو سبعا؛ لأن فيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فتحيضي ستا، أو سبعا ثم اغتسلي فإذا رأيت أنك قد طهرت فصلي» فيحتمل إذا رأت أنها قد طهرت بالماء واستنقت من الدم الأحمر القانئ (قال) : وإن كان يحتمل طهرت واستنقت بالماء. (قال) : فقد علمنا أن حمنة كانت عند طلحة وولدت له وأنها حكت حين استنقت ذكرت أنها تثج الدم ثجا وكان العلم يحيط أن طلحة لا يقربها في هذه الحال ولا تطيب هي نفسها بالدنو منه وكان مسألتها بعدما كانت زينب عنده دليلا محتملا على أنه أول ما ابتليت بالاستحاضة وذلك بعد بلوغها بزمان فدل على أن حيضها كان يكون ستا، أو سبعا فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - وشكت أنه كان ستا، أو سبعا فأمرها إن كان ستا أن تتركه ستا وإن كان سبعا أن تتركه سبعا وذكرت الحديث فشكت وسألته عن ست فقال لها ست، أو عن سبع فقال لها سبع وقال كما تحيض النساء إن النساء يحضن كما تحيضين (قال الشافعي) : قول - صلى الله عليه وسلم - تحيضي ستا، أو سبعا في علم الله يحتمل أن علم الله ست، أو سبع تحيضين (قال) : وهذا أشبه معانيه - والله تعالى أعلم - (قال) : وفي حديث «حمنة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها إن قويت فاجمعي بين الظهر والعصر بغسل وبين المغرب والعشاء بغسل وصلي الصبح بغسل» وأعلمها أنه أحب الأمرين إليه لها وأنه يجزيها الأمر الأول من أن تغتسل عند الطهر من المحيض، ثم لم يأمرها بغسل بعده فإن قال قائل فهل روى هذا أحد أنه أمر المستحاضة بالغسل سوى الغسل الذي تخرج به من حكم الحيض فحديث حمنة يبين أنه اختيار وأن غيره يجزي منه. (قال الشافعي) : وإن روي في المستحاضة حديث مستغلق ففي إيضاح هذه الأحاديث دليل على معناه والله تعالى أعلم فإن قال قائل فهل يروى في المستحاضة شيء غير ما ذكرت قيل له: نعم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد أنه سمع ابن شهاب يحدث عن عمرة عن عائشة أن «أم حبيبة بنت جحش استحيضت سبع سنين فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستفتته فيه قالت عائشة فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليست تلك الحيضة وإنما ذلك عرق فاغتسلي وصلي قالت عائشة فكانت تجلس في مركن فيعلو الماء حمرة الدم، ثم تخرج فتصلي» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال أخبرني الزهري عن عمرة عن عائشة «أن أم حبيبة استحيضت فكانت لا تصلي سبع سنين فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال إنما هو عرق وليست بالحيضة فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تغتسل وتصلي فكانت تغتسل لكل صلاة وتجلس في المركن فيعلوه الدم» .فإن قال فهذا حديث ثابت فهل يخالف الأحاديث التي ذهبت إليها؟ قلت: لا إنما أمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تغتسل وتصلي وليس فيه أنه أمرها أن تغتسل لكل صلاة فإن قال ذهبنا إلى أنها لا تغتسل لكل صلاة إلا وقد أمرها بذلك ولا تفعل إلا ما أمرها قيل له أفترى أمرها أن تستنقع في مركن حتى يعلو الماء حمرة الدم، ثم تخرج منه فتصلي، أو تراها تطهر بهذا الغسل قال ما تطهر بهذا الغسل الذي يغشى جسدها فيه حمرة الدم ولا تطهر حتى تغسله ولكن لعلها تغسله قلت أفأبين لك أن استنقاعها غير ما أمرت به قال: نعم، قلت: فلا تنكر أن يكون غسلها ولا أشك - إن شاء الله تعالى - أن غسلها كان تطوعا غير ما أمرت به وذلك واسع لها ألا ترى أنه يسعها أن تغتسل ولو لم تؤمر بالغسل قال بلى (قال الشافعي) : وقد روى غير الزهري هذا الحديث «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تغتسل لكل صلاة» ولكن رواه عن عمرة بهذا الإسناد والسياق والزهري أحفظ منه وقد روى فيه شيئا يدل على أن الحديث غلط قال تترك الصلاة قدر أقرائها وعائشة تقول الأقراء الأطهار قال أفرأيت لو كان تثبت الروايتان فإلى أيهما تذهب؟ قلت إلى حديث حمنة بنت جحش وغيره مما أمرن فيه بالغسل عند انقطاع الدم ولو لم يؤمرن به عند كل صلاة. (قال الشافعي) : فإن قال فهل من دليل غير الخبر؟ قيل: نعم قال الله عز وجل {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى} [البقرة: 222] إلى قوله - {فإذا تطهرن} [البقرة: 222] فدلت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الطهر هو الغسل وأن الحائض لا تصلي والطاهر تصلي وجعلت المستحاضة في معنى الطاهر في الصلاة فلم يجز أن تكون في معنى طاهر وعليها غسل بلا حادث حيضة ولا جنابة (قال) : أما إنا فقد روينا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر المستحاضة تتوضأ لكل صلاة قلت نعم قد رويتم ذلك وبه نقول قياسا على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو كان محفوظا عندنا كان أحب إلينا من القياس. [باب الخلاف في المستحاضة] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فقال لي قائل تصلي المستحاضة ولا يأتيها زوجها وزعم لي بعض من يذهب مذهبه أن حجته فيه أن الله تبارك وتعالى قال {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى} [البقرة: 222] الآية وأنه قال في الأذى إنه أمر باجتنابها فيه فأثم فيها فلا يحل له إصابتها (قال الشافعي) : فقيل: له حكم الله عز وجل في أذى المحيض أن تعتزل المرأة ودلت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن حكم الله عز وجل أن الحائض لا تصلي فدل حكم الله وحكم رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن الوقت الذي أمر الزوج باجتناب المرأة فيه للمحيض الوقت الذي أمرت المرأة فيه إذا انقضى المحيض بالصلاة قال: نعم فقيل له: فالحائض لا تطهر - وإن اغتسلت - ولا يحل لها أن تصلي ولا تمس مصحفا، قال: نعم فقيل له فحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدل على أن حكم أيام الاستحاضة حكم الطهر وقد أباح الله للزوج الإصابة إذا تطهرت الحائض ولا أعلمك إلا خالفت كتاب الله في أن حرمت ما أحل الله من المرأة إذا تطهرت وخالفت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنه حكم بأن غسلها من أيام المحيض تحل به الصلاة في أيام الاستحاضة وفرق بين الدمين بحكمه وقوله في الاستحاضة إنما ذلك عرق وليس بالحيضة قال هو أذى قلت فبين إذا فرق النبي - صلى الله عليه وسلم - حكمه فجعلها حائضا في أحد الأذيين يحرم عليها الصلاة وطاهرا في أحد الأذيين يحرم عليها ترك الصلاة وكيف جمعت ما فرق بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ . (قال الشافعي) : وقيل له: أتحرم لو كانت خلقتها أن هنالك رطوبة وتغير ريح مؤذية غير دم قال لا وليس هذا أذى المحيض قلت ولا أذى الاستحاضة أذى المحيض
__________________
|
#12
|
||||
|
||||
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله
__________________
|
#13
|
||||
|
||||
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله
كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد الأول -كتاب الصلاة الحلقة (12) صــــــــــ 89 الى صـــــــــــ96 [صلاة المرتد] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا ارتد الرجل عن الإسلام، ثم أسلم كان عليه قضاء كل صلاة تركها في ردته وكل زكاة وجبت عليه فيها فإن غلب على عقله في ردته لمرض، أو غيره قضى الصلاة في أيام غلبته على عقله كما يقضيها في أيام عقله فإن قيل: فلم لم تجعله قياسا على المشرك يسلم فلا تأمره بإعادة الصلاة قيل: فرق الله عز وجل بينهما فقال {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} [الأنفال: 38] وأسلم رجال فلم يأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقضاء صلاة ومن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المشركين وحرم الله دماء أهل الكتاب ومنع أموالهم بإعطاء الجزية ولم يكن المرتد في هذه المعاني بل أحبط الله تعالى عمله بالردة وأبان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن عليه القتل إن لم يتب بما تقدم له من حكم الإيمان وكان مال الكافر غير المعاهد مغنوما بحال ومال المرتد موقوفا ليغنم إن مات على الردة، أو يكون على ملكه إن تاب ومال المعاهد له عاش، أو مات فلم يجز إلا أن يقضي الصلاة والصوم والزكاة وكل ما كان يلزم مسلما؛ لأنه كان عليه أن يفعل فلم تكن معصيته بالردة تخفف عنه فرضا كان عليه فإن قيل: فكيف يقضي وهو لو صلى في تلك الحال لم يقبل عمله؟ قيل؛ لأنه لو صلى في تلك الحال صلى على غير ما أمر به فكانت عليه الإعادة إذا أسلم ألا ترى أنه لو صلى قبل الوقت وهو مسلم أعاد والمرتد صلى قبل الوقت الذي تكون الصلاة مكتوبة له فيه؛ لأن الله عز وجل قد أحبط عمله بالردة وإن قيل: ما أحبط من عمله قيل: أجر عمله لا أن عليه أن يعيد فرضا أداه من صلاة ولا صوم ولا غيره قبل أن يرتد؛ لأنه أداه مسلما فإن قيل: وما يشبه هذا؟ قيل: ألا ترى أنه لو أدى زكاة كانت عليه، أو نذر نذرا لم يكن عليه إذا أحبط أجره فيها أن يبطل فيكون كما لم يكن، أو لا ترى أنه لو أخذ منه حدا، أو قصاصا، ثم ارتد، ثم أسلم لم يعد عليه وكان هذا فرضا عليه ولو حبط بهذا المعنى فرض منه حبط كله. [جماع مواقيت الصلاة] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أحكم الله عز وجل كتابه أن فرض الصلاة موقوت والموقوت - والله أعلم - الوقت الذي يصلي فيه وعددها فقال عز وجل " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا " وقد ذكرنا نقل العامة عدد الصلاة في مواضعها ونحن ذاكرون الوقت. أخبرنا سفيان عن الزهري قال أخر عمر بن عبد العزيز الصلاة فقال له عروة إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «نزل جبريل فأمني فصليت معه ثم نزل فأمني فصليت معه، ثم نزل فأمني فصليت معه حتى عد الصلوات الخمس» فقال عمر بن عبد العزيز اتق الله يا عروة وانظر ما تقول فقال عروة أخبرنيه بشير بن أبي مسعود عن أبيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا عمرو بن أبي سلمة عن عبد العزيز بن محمد عن عبد الرحمن بن الحارث عن حكيم بن حكيم عن نافع بن جبير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «أمني جبريل عند باب الكعبة مرتين فصلى الظهر حين كان الفيء مثل الشراك، ثم صلى العصر حين كان كل شيء بقدر ظله وصلى المغرب حين أفطر الصائم، ثم صلى العشاء حين غاب الشفق ثم صلى الصبح حين حرم الطعام والشراب على الصائم، ثم صلى المرة الآخرة الظهر حين كان كل شيء قدر ظله قدر العصر بالأمس، ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه، ثم صلى المغرب القدر الأول لم يؤخرها، ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل ثم صلى الصبح حين أسفر ثم التفت فقال يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت فيما بين هذين الوقتين» (قال الشافعي) : وبهذا نأخذ وهذه المواقيت في الحضر فاحتمل ما وصفته من المواقيت أن يكون للحاضر والمسافر في العذر وغيره واحتمل أن يكون لمن كان في المعنى الذي صلى فيه جبريل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في الحضر وفي غير عذر فجمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة غير خائف فذهبنا إلى أن ذلك في مطر وجمع مسافرا فدل ذلك على أن تفريق الصلوات كل صلاة في وقتها إنما هو على الحاضر في غير مطر فلا يجزئ حاضرا في غير مطر أن يصلي صلاة إلا في وقتها ولا يضم إليها غيرها إلا أن ينسى فيذكر في وقت إحداهما، أو ينام فيصليها حينئذ قضاء ولا يخرج أحد كان له الجمع بين الصلاتين من آخر وقت الآخرة منهما ولا يقدم وقت الأولى منهما، والوقت حد لا يجاوز ولا يقدم ولا تؤخر صلاة العشاء عن الثلث الأول في مصر ولا غيره، حضر ولا سفر. [وقت الظهر] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وأول وقت الظهر إذا استيقن الرجل بزوال الشمس عن وسط الفلك، وظل الشمس في الصيف يتقلص حتى لا يكون لشيء قائم معتدل نصف النهار ظل بحال وإذا كان ذلك فسقط للقائم ظل، ما كان الظل فقد زالت الشمس وآخر وقتها في هذا الحين إذا صار ظل كل شيء مثله فإذا جاوز ظل كل شيء مثله بشيء ما كان فقد خرج وقتها ودخل وقت العصر لا فصل بينهما إلا ما وصفت والظل في الشتاء والربيع والخريف مخالف له فيما وصفت من الصيف وإنما يعلم الزوال في هذه الأوقات بأن ينظر إلى الظل ويتفقد نقصانه فإنه إذا تناهى نقصانه زاد فإذا زاد بعد تناهي نقصانه فذلك الزوال وهو أول وقت الظهر، ثم آخر وقتها إذا علم أن قد بلغ الظل مع خلافه ظل الصيف قدر ما يكون ظل كل شيء مثله في الصيف وذلك أن تعلم ما بين زوال الشمس وأول وقت الظهر أقل مما بين أول وقت العصر والليل فإن برز له منها ما يدله وإلا توخى حتى يرى أنه صلاها بعد الوقت واحتاط (قال الشافعي) : فإن كان الغيم مطبقا راعى الشمس واحتاط بتأخيرها ما بينه وبين أن يخاف دخول وقت العصر فإذا توخى فصلى على الأغلب عنده فصلاته مجزئة عنه وذلك أن مدة وقتها متطاول حتى يكاد يحيط إذا احتاط بأن قد زالت وليست كالقبلة التي لا مدة لها إنما عليها دليل لا مدة وعلى هذا الوقت دليل من مدة وموضع وظل فإذا كان هكذا فلا إعادة عليه حتى يعلم أن قد صلى قبل الزوال فإذا علم ذلك أعاد وهكذا إن توخى بلا غيم (قال) : وعلمه بنفسه، وإخبار غيره ممن يصدقه أنه صلى قبل الزوال إذا لم ير هو أو هم يلزمه أن يعيد الصلاة فإن كذب من أعلمه أنه صلى قبل الزوال لم يكن عليه إعادة والاحتياط له أن يعيدوإذا كان أعمى وسعه خبر من يصدق خبره في الوقت والاقتداء بالمؤذنين فيه وإن كان محبوسا في موضع مظلم، أو كان أعمى ليس قربه أحد توخى وأجزأت صلاته حتى يستيقن أنه صلى قبل الوقت والوقت يخالف القبلة؛ لأن في الوقت مدة فجعل مرورها كالدليل وليس ذلك في القبلة فإن علم أنه صلى بعد الوقت أجزأه وكان أقل أمره أن يكون قضاء (قال الشافعي) : وإذا كان كما وصفت محبوسا في ظلمة، أو أعمى ليس قربه أحد لم يسعه أن يصليها بلا تأخ على الأغلب عنده من مرور الوقت من نهار وليل وإن وجد غيره تأخى به وإن صلى على غير تأخ أعاد كل صلاة صلاها على غير تأخ ولا يفوت الظهر حتى يجاوز ظل كل شيء مثله فإذا جاوزه فهو فائت وذلك أن من أخرها إلى هذا الوقت جمع أمرين، تأخيرها عن الوقت المقصود، وحلول وقت غيرها.تعجيل الظهر وتأخيرها (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وتعجيل الحاضر الظهر إماما ومنفردا في كل وقت إلا في شدة الحر فإذا اشتد الحر أخر إمام الجماعة الذي ينتاب من البعد الظهر حتى يبرد بالخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم. وقد اشتكت النار إلى ربها فقالت رب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فأشد ما تجدون من الحر من حرها وأشد ما تجدون من البرد من زمهريرها» أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال «إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم» أخبرنا الثقة يحيى بن حسان عن الليث بن سعد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم» (قال الشافعي) : ولا يبلغ بتأخيرها آخر وقتها فيصليهما جميعا معا ولكن الإبراد ما يعلم أنه يصليها متمهلا وينصرف منها قبل آخر وقتها ليكون بين انصرافه منها وبين آخر وقتها فصل فأما من صلاها في بيته، أو في جماعة بفناء بيته لا يحضرها إلا من بحضرته فليصلها في أول وقتها؛ لأنه لا أذى عليهم في حرها (قال الشافعي) : ولا تؤخر في الشتاء بحال وكلما قدمت كان ألين على من صلاها في الشتاء ولا يؤخرها إمام جماعة ينتاب إلا ببلاد لها حر مؤذ كالحجاز، فإذا كانت بلاد لا أذى لحرها لم يؤخرها؛ لأنه لا شدة لحرها يرفق على أحد بتنحية الأذى عنه في شهودها. [وقت العصر] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ووقت العصر في الصيف إذا جاوز ظل كل شيء مثله بشيء ما كان وذلك حين ينفصل من آخر وقت الظهر وبلغني عن بعض أصحاب ابن عباس أنه قال معنى ما وصفت وأحسبه ذكره عن ابن عباس وأن ابن عباس أراد به صلاة العصر في آخر وقت الظهر على هذا المعنى أنه صلاها حين كان ظل كل شيء مثله يعني حين تم ظل كل شيء مثله ثم جاوز ذلك بأقل ما يجاوزه وحديث ابن عباس محتمل له وهو قول عامة من حفظت عنه وإذا كان الزمان الذي لا يكون الظل فيه هكذا قدر الظل ما كان ينقص فإذا زاد بعد نقصانه فذلك زواله، ثم قدر ما لو كان الصيف بلغ الظل أن يكون مثل القائم فإذا جاوز ذلك قليلا فقد دخل أول وقت العصر ويصلي العصر في كل بلد وكل زمان وإمام جماعة ينتاب من بعد وغير بعد ومنفرد في - أول وقتها لا أحب أن يؤخرها عنهوإذا كان الغيم مطلقا، أو كان محبوسا في ظلمة، أو أعمى ببلد لا أحد معه فيها صنع ما وصفت يصنعه في الظهر لا يختلف في شيء ومن أخر العصر حتى تجاوز ظل كل شيء مثليه في الصيف وقدر ذلك في الشتاء فقد فاته وقت الاختيار ولا يجوز عليه أن يقال: قد فاته وقت العصر مطلقا كما جاز على الذي أخر الظهر إلى أن جاوز ظل كل شيء مثله مطلقا؛ لما وصفت من أنه تحل له صلاة العصر في ذلك الوقت وهذا لا يحل له صلاة الظهر في هذا الوقت وإنما قلت لا يتبين عليه ما وصفت من أن مالكا أخبرنا عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وعن بشر بن سعيد وعن الأعرج يحدثونه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر» (قال الشافعي) : فمن لم يدرك ركعة من العصر قبل غروب الشمس فقد فاتته العصر والركعة ركعة بسجدتين وإنما أحببت تقديم العصر؛ لأن محمد بن إسماعيل أخبرنا عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن أنس بن مالك قال «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي العصر والشمس صاحية، ثم يذهب الذاهب إلى العوالي فيأتيها والشمس مرتفعة» أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن نوفل بن معاوية الديلي قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من فاته العصر فكأنما وتر أهله وماله.» [وقت المغرب] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : لا وقت للمغرب إلا واحد وذلك حين تجب الشمس وذلك بين في حديث إمامة جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي غيره، أخبرنا إبراهيم بن محمد عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي نعيم عن جابر قال: «كنا نصلي المغرب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم نخرج نتناضل حتى نبلغ بيوت بني سلمة ننظر إلى مواقع النبل من الإسفار» أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن القعقاع بن حكيم قال دخلنا على جابر بن عبد الله «فقال جابر كنا نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم ننصرف فتأتي بني سلمة فنبصر مواقع النبل» أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن زيد بن خالد الجهني قال: «كنا نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - المغرب ثم ننصرف فنأتي السوق ولو رمي بنبل لرئي مواقعها» (قال الشافعي) : وقد قيل: لا تفوت حتى يدخل أول وقت صلاة العشاء قيل: يصلي منها ركعة كما قيل: في العصر ولكن لا يجوز؛ لأن الصبح تفوت بأن تطلع الشمس قيل يصلي منها ركعة فإن قيل فتقيسها على الصبح قيل: لا أقيس شيئا من المواقيت على غيره وهي على الأصل والأصل حديث إمامة جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ما جاء فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة دلالة، أو قاله عامة العلماء لم يختلفوا فيه (قال الشافعي) : ولو قيل: تفوت المغرب إذا لم تصل في وقتها كان - والله تعالى أعلم - أشبه بما قال ويتأخاها المصلي في الغيم والمحبوس في الظلمة والأعمى كما وصفت في الظهر ويؤخرها حتى يرى أن قد دخل وقتها، أو جاوز دخوله. [وقت العشاء] (قال الشافعي) - رحمه الله تعالى - أخبرنا سفيان عن ابن أبي لبيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم هي العشاء إلا أنهم يعتمون بالإبل» (قال الشافعي) : فأحب أن لا تسمى إلا العشاء كما سماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأول وقتها حين يغيب الشفق والشفق الحمرة التي في المغرب فإذا ذهبت الحمرة فلم ير منها شيء حل وقتها ومن افتتحها وقد بقي عليه من الحمرة شيء أعادها وإنما قلت: الوقت في الدخول في الصلاة فلا يكون لأحد أن يدخل في الصلاة إلا بعد دخول وقتها وإن لم يعمل فيها شيء إلا بعد الوقت ولا التكبير؛ لأن التكبير هو مدخله فيها فإذا أدخله التكبير فيها قبل الوقت أعادها وأخر وقتها إلى أن يمضي ثلث الليل فإذا مضى ثلث الليل الأول فلا أراها إلا فائتة؛ لأنه آخر وقتها ولم يأت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها شيء يدل على أنها لا تفوت إلا بعد ذلك الوقت (قال) : المواقيت كلها كما وصفت لا تقاس ويصنع المتأخي لها في الغيم وفي الحبس المظلم والأعمى ليس معه أحد كما وصفته يصنعه في الظهر والتأخي في الليل أخف من التأخي لصلاة النهار لطول المدة وشدة الظلمة وبيان الليل. [وقت الفجر] قال الله تبارك وتعالى {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا} [الإسراء: 78] وقال - صلى الله عليه وسلم - «من أدرك ركعة من الصبح» والصبح الفجر فلها اسمان الصبح والفجر لا أحب أن تسمى إلا بأحدهما وإذا بان الفجر الأخير معترضا حلت صلاة الصبح ومن صلاها قبل تبين الفجر الأخير معترضا أعاد ويصليها أول ما يستيقن الفجر معترضا حتى يخرج منها مغلسا (قال الشافعي) وأخبرنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت: «إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي الصبح فتنصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس» ولا تفوت حتى تطلع الشمس قبل أن يصلي منها ركعة والركعة ركعة بسجودها فمن لم يكمل ركعة بسجودها قبل طلوع الشمس فقد فاتته الصبح لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح» [اختلاف وقت الصلاة] اختلاف الوقت (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فلما أم جبريل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحضر لا في مطر وقال ما بين هذين وقت لم يكن لأحد أن يعمد أن يصلي الصلاة في حضر ولا في مطر إلا في هذا الوقت ولا صلاة إلا منفردة كما صلى جبريل برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد مقيما في عمره ولما جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة آمنا مقيما لم يحتمل إلا أن يكون مخالفا لهذا الحديث، أو يكون الحال التي جمع فيها حالا غير الحال التي فرق فيها فلم يجز أن يقال: جمعه في الحضر مخالف لإفراده في الحضر من: وجهين - أنه يوجد لكل واحد منهما وجه وأن الذي رواه منهما معا واحد وهو ابن عباس فعلمنا أن لجمعه في الحضر علة فرقت بينه وبين إفراده فلم يكن إلا المطر - والله تعالى أعلم - إذا لم يكن خوف ووجدنا في المطر علة المشقة كما كان في الجمع في السفر علة المشقة العامة فقلنا إذا كانت العلة من مطر في حضر جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء (قال) : ولا يجمع إلا والمطر مقيم في الوقت الذي تجمع فيه فإن صلى إحداهما، ثم انقطع المطر لم يكن له أن يجمع الأخرى إليها وإذا صلى إحداهما والسماء تمطر، ثم ابتدأ الأخرى والسماء تمطر، ثم انقطع المطر مضى على صلاته؛ لأنه إذا كان له الدخول فيها كان له إتمامها. (قال) : ويجمع من قليل المطر وكثيره ولا يجمع إلا من خرج من بيته إلى مسجد يجمع فيه، قرب المسجد، أو كثر أهله، أو قلوا، أو بعدوا ولا يجمع أحد في بيته؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع في المسجد والمصلي في بيته مخالف المصلي في المسجد وإن صلى رجل الظهر في غير مطر ثم مطر الناس لم يكن له أن يصلي العصر؛ لأنه صلى الظهر وليس له جمع العصر إليها وكذلك لو افتتح الظهر ولم يمطر، ثم مطر بعد ذلك لم يكن له جمع العصر إليها ولا يكون له الجمع إلا بأن يدخل في الأولى ينوي الجمع وهو له فإذا دخل فيها وهو يمطر ودخل في الآخرة وهو يمطر فإن سكنت السماء فيما بين ذلك كان له الجمع؛ لأن الوقت في كل واحدة منهما الدخول فيها والمغرب والعشاء في هذا وقت كالظهر والعصر لا يختلفان وسواء كل بلد في هذا؛ لأن بل المطر في كل موضع أذى.وإذا جمع بين صلاتين في مطر جمعهما في وقت الأولى منهما لا يؤخر ذلك ولا يجمع في حضر في غير المطر من قبل أن الأصل أن يصلي الصلوات منفردات والجمع في المطر رخصة لعذر وإن كان عذر غيره لم يجمع فيه؛ لأن العذر في غيره خاص وذلك المرض والخوف وما أشبهه وقد كانت أمراض وخوف فلم يعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع، والعذر بالمطر عام ويجمع في السفر بالخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والدلالة على المواقيت عامة لا رخصة في ترك شيء منها ولا الجمع إلا حيث رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر ولا رأينا من جمعه الذي رأيناه في المطر والله تعالى أعلم. [وقت الصلاة في السفر] أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه «عن جابر بن عبد الله وهو يذكر حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - فراح النبي - صلى الله عليه وسلم - من منزله» وأخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا» أخبرنا مالك عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عامر بن واثلة «أن معاذ بن جبل أخبره أنهم خرجوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام تبوك فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء قال فأخر الصلاة يوما، ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا، ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا» . (قال الشافعي) : وهذا وهو نازل غير سائر؛ لأن قوله دخل، ثم خرج لا يكون إلا وهو نازل فللمسافر أن يجمع نازلا وسائرا أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي ذؤيب الأسدي قال «خرجنا مع ابن عمر إلى الحمى فغربت الشمس فهبنا أن نقول له: انزل فصل فلما ذهب بياض الأفق وفحمة العشاء نزل فصلى ثلاثا ثم سلم، ثم صلى ركعتين ثم سلم، ثم التفت إلينا فقال هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل» (قال الشافعي) : فدلت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن للمسافر أن يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما إن شاء في وقت الأولى منهما وإن شاء في وقت الآخرة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر وجمع بين المغرب والعشاء في وقت العشاء فلما حكى ابن عباس ومعاذ الجمع بينهما جد به السير، أو لم يجد سائرا ونازلا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بينهما بعرفة غير سائر إلا إلى الموقف إلى جنب المسجد وبالمزدلفة نازلا ثانيا وحكى عنه معاذ أنه جمع ورأيت حكايته على أن جمعه وهو نازل في سفر غير سائر فيه فمن كان له أن يقصر فله أن يجمع لما وصفت من دلالة السنة وليس له أن يجمع الصبح إلى صلاة ولا يجمع إليها صلاة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجمعها ولم يجمع إليها غيرها.وليس للمسافر أن يجمع بين صلاتين قبل وقت الأولى منهما فإن فعل أعاد كما يعيد المقيم إذا صلى قبل الوقت وله أن يجمعهما بعد الوقت؛ لأنه حينئذ يقضي ولو افتتح المسافر الصلاة قبل الزوال، ثم لم يقرأ حتى تزول الشمس، ثم مضى في صلاته فصلى الظهر والعصر معا كانت عليه إعادتهما معا أما الظهر فيعيدها؛ لأن الوقت لم يدخل حين الدخول في الصلاة فدخل فيها قبل وقتها وأما العصر فإنما كان له أن يصليها قبل وقتها إذا أجمع بينها وبين الظهر وهي مجزئة عنه ولو افتتح الظهر وهو يرى أن الشمس لم تزل، ثم استيقن أن دخوله فيها كان بعد الزوال صلاها والعصر أعاد؛ لأنه حين افتتحها افتتحها ولم تحل عنده فليست مجزئة عنه وكان في معنى من صلاها لا ينويها وفي أكثر من حاله، ولو أراد الجمع فبدأ بالعصر، ثم الظهر أجزأت عنه الظهر ولا تجزئ عنه العصر لا تجزئ عنه مقدمة عن وقتها حتى تجزئ عنه الظهر التي قبلها ولو افتتح الظهر على غير وضوء، ثم توضأ للعصر فصلاها أعاد الظهر والعصر لا تجزئ عنه العصر مقدمة عن وقتها حتى تجزئ عنه الظهر قبلها وهكذا لو أفسد الظهر بأي فساد ما كان لم تجزئ عنه العصر مقدمة عن وقتها ولو كان هذا كله في وقت العصر حتى لا يكون العصر إلا بعد وقتها أجزأت عنه العصر وكانت عليه إعادة الظهر ولو افتتح الظهر وهو يشك في وقتها فاستيقن أنه لم يدخل فيها إلا بعد دخول وقتها لم تجزئ عنه صلاته وكذلك لو ظن أن صلاته فاتته استفتح صلاة على أنها إن كانت فائتة فهي التي افتتح، ثم علم أن عليه صلاة فائتة لم تجزه.ولا يجزئ شيء من هذا حتى يدخل فيه على نية الصلاة وعلى نية أن الوقت دخل فإنا إذا دخل على الشك فليست النية بتامة ولو كان مسافرا فأراد الجمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر فسها، أو عمد فبدا بالعصر لم يجزه ولا يجزه العصر قبل وقتها إلا أن يصلي الظهر قبلها فتجزئ عنه وكذلك لو صلى الظهر في وقتها فأفسدها فسها عن إفساده إياها، ثم صلى العصر بعدها في وقت الظهر أعاد الظهر، ثم العصر.
__________________
|
#14
|
||||
|
||||
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله
كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد الأول -كتاب الصلاة الحلقة (13) صــــــــــ 97 الى صـــــــــــ104 الرجل يصلي وقد فاتته قبلها صلاة أخبرنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي: من فاتته الصلاة فذكرها وقد دخل في صلاة غيرها مضى على صلاته التي هو فيها ولم تفسد عليه إماما كان أو مأموما فإذا فرغ من صلاته صلى الصلاة الفائتة وكذلك لو ذكرها ولم يدخل في صلاة فدخل فيها وهو ذاكر للفائتة أجزأته الصلاة التي دخل فيها وصلى الصلاة المكتوبة الفائتة له وكان الاختيار له إن شاء أتى بالصلاة الفائتة له قبل الصلاة التي ذكرها قبل الدخول فيها إلا أن يخاف فوت التي هو في وقتها فيصليها، ثم يصلي التي فاتته أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد الكريم الجزري. (قال الشافعي) : وسواء كانت الصلوات الفائتات صلاة يوم، أو صلاة سنة وقد أثبت هذا في غير هذا الموضع وإنما قلته «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نام عن الصبح فارتحل عن موضعه» فأخر الصلاة الفائتة وصلاتها ممكنة له فلم يجز أن يكون قوله «من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها» على معنى أن وقت ذكره إياها وقتها لا وقت لها غيره؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يؤخر الصلاة عن وقتها فلما لم يكن هذا معنى قوله لم يكن له معنى إلا أن يصليها إذا ذكرها فإنها غير موضوعة الفرض عنه بالنسيان إذا كان الذكر الذي هو خلاف النسيان وأن يصليها أي ساعة كانت منهيا عن الصلاة فيها، أو غير منهي (قال الربيع) قال الشافعي قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «فليصلها إذا ذكرها» يحتمل أن يكون وقتها حين يذكرها ويحتمل أن يكون يصليها إذا ذكرها لا أن ذهاب وقتها يذهب بفرضها قلما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في الوادي صلاة الصبح فلم يصلها حتى قطع الوادي علمنا أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «فليصلها إذا ذكرها» أي وإن ذهب وقتها ولم يذهب فرضها فإن قيل: فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما خرج من الوادي فإنه واد فيه شيطان فقيل: لو كانت الصلاة لا تصلح في واد فيه شيطان فقد صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يخنق الشيطان فخنقه أكثر من صلاة في واد فيه شيطان (قال الشافعي) : فلو أن مسافرا أراد أن يجمع بين الظهر والعصر في وقت العصر فبدأ بالظهر فأفسدها، ثم صلى العصر أجزأه العصر وإنما أجزأته؛ لأنها صليت في وقتها على الانفراد الذي لو صليت فيه وحدها أجزأت ثم يصلي الظهر بعدها.(قال الشافعي) : ولو بدأ فصلى العصر، ثم صلى الظهر أجزأت عنه العصر؛ لأنه صلاها في وقتها على الانفراد وكان عليه أن يصلي الظهر وأكره هذا له وإن كان مجزئا عنه (قال الشافعي) : وإذا كان الغيم مطبقا في السفر فهو كإطباقه في الحضر يتأخى فإن فعل فجمع بين الظهر والعصر، ثم تكشف الغيم فعلم أنه قد كان افتتح الظهر قبل الزوال أعاد الظهر والعصر معا؛ لأنه صلى كل واحدة منهما غير مجزئة الظهر قبل وقتها والعصر في الوقت الذي لا نجزئ عنه فيه إلا أن تكون الظهر قبلها مجزئة (قال الشافعي) ولو كان تأخى فصلاهما فكشف الغيم فعلم أنه صلاها في وقت العصر أجزأتا عنه؛ لأنه كان له أن يصليهما عامدا في ذلك الوقت (قال الشافعي) : ولو تكشف الغيم فعلم أنه صلاهما بعد مغيب الشمس أجزأتا عنه؛ لأن أقل أمرهما أن يكونا قضاء مما عليه (قال الشافعي) : ولو كان تأخى فعلم أنه صلى إحداهما قبل مغيب الشمس والأخرى بعد مغيبها أجزأتا عنه وكانت إحداهما مصلاة في وقتها وأقل أمر الأخرى أن تكون قضاء (قال الشافعي) : وهكذا القول في المغرب والعشاء يجمع بينهما (قال الشافعي) : ولو كان مسافرا فلم يكن له في يوم سفره نية في أن يجمع بين الظهر والعصر وأخر الظهر ذاكرا لا يريد بها الجمع حتى يدخل وقت العصر كان عاصيا بتأخيرها لا يريد الجمع بها؛ لأن تأخيرها إنما كان له على إرادة الجمع فيكون ذلك وقتا لها فإذا لم يرد به الجمع كان تأخيرها وصلاتها تمكنه معصية وصلاتها قضاء والعصر في وقتها وأجزأتا عنه وأخاف المأثم عليه في تأخير الظهر. (قال الشافعي) : ولو صلى الظهر ولا ينوي أن يجمع بينها وبين العصر فلما أكمل الظهر، أو كان وقتها كانت له نية في أن يجمع بينهما كان ذلك له؛ لأنه إذا كان له أن ينوي ذلك على الابتداء كان له أن يحدث فيه نية في الوقت الذي يجوز له فيه الجمع ولو انصرف من الظهر وانصرافه أن يسلم ولم ينو قبلها ولا مع انصرافه الجمع ثم أراد الجمع لم يكن له؛ لأنه لا يقال له إذا انصرف جامع وإنما يقال هو مصل صلاة انفراد فلا يكون له أن يصلي صلاة قبل وقتها إلا صلاة جمع لا صلاة انفراد (قال الشافعي) : ولو كان أخر الظهر بلا نية جمع وانصرف منها في وقت العصر كان له أن يصلي العصر؛ لأنها وإن صليت صلاة انفراد فإنما صليت في وقتها لا في وقت غيرها وكذلك لو أخر الظهر عامدا لا يريد بها الجمع إلى وقت العصر فهو آثم في تأخيرها عامدا ولا يريد بها الجمع (قال الشافعي) : وإذا صليت الظهر والعصر في وقت الظهر ووالى بينهما قبل أن يفارق مقامه الذي صلى فيه وقبل أن يقطع بينهما بصلاة فإن فارق مقامه الذي صلى فيه، أو قطع بينهما بصلاة لم يكن له الجمع بينهما؛ لأنه لا يقال أبدا: جامع إلا أن يكونا متواليين لا عمل بينهما ولو كان الإمام والمأموم تكلما كلاما كثيرا كان له أن يجمع.وإن طال ذلك به لم يكن له الجمع وإذا جمع بينهما في وقت الآخرة كان له أن يصلي في وقت الأولى وينصرف ويصنع ما بدا له؛ لأنه حينئذ يصلي الآخرة في وقتها وقد روي في بعض الحديث أن بعض من صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بجمع صلى معه المغرب، ثم أناخ بعضهم أباعرهم في منازلهم، ثم صلوا العشاء فيما يرى حيث صلوا وإنما صلوا العشاء في وقتها (قال الشافعي) فالقول في الجمع بين المغرب والعشاء كالقول في الجمع بين الظهر والعصر لا يختلفان في شيء (قال الشافعي) : ولو نوى أن يجمع بين الظهر والعصر فصلى الظهر، ثم أغمي عليه ثم أفاق قبل خروج وقت الظهر لم يكن له أن يصلي العصر حتى يدخل وقتها؛ لأنه حينئذ غير جامع بينهما وكذلك لو نام، أو سها، أو شغل، أو قطع ذلك بأمر يتطاول (قال الشافعي) : وجماع هذا أن ينظر إلى الحال التي لو سها فيها في الصلاة فانصرف قبل إكمالها هل يبني لتقارب انصرافه فله إذا صنع مثل ذلك أن يجمع وإذا سها فانصرف فتطاول ذلك لم يكن له أن يبني وكان عليه أن يستأنف فكذلك ليس له أن يجمع في وقت ذلك إن كان في مسجد أن لا يخرج منه يطيل المقام قبل توجهه إلى الصلاة وإن كان في موضع مصلاه لا يزايله ولا يطيل قبل أن يعود إلى الصلاة. [باب صلاة العذر] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا يكون لأحد أن يجمع بين صلاتين في وقت الأولى منهما إلا في مطر ولا يقصر صلاة بحال خوف ولا عذر غيره إلا أن يكون مسافرا؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى بالخندق محاربا فلم يبلغنا أنه قصر (قال الشافعي) : وكذلك لا يكون له أن يصلي قاعدا إلا من مرض لا يقدر معه على القيام وهو يقدر على القيام إلا في حال الخوف التي ذكرت ولا يكون له بعذر غيره أن يصلي قاعدا إلا من مرض لا يقدر على القيام (قال الشافعي) : وذلك أن الفرض في المكتوبة استقبال القبلة والصلاة قائما فلا يجوز غير هذا إلا في المواضع التي دل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليها ولا يكون شيء قياسا عليه وتكون الأشياء كلها مردودة إلى أصولها والرخص لا يتعدى بها مواضعها. [باب صلاة المريض] قال الله عز وجل {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين} [البقرة: 238] فقيل: والله سبحانه وتعالى أعلم قانتين مطيعين وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة قائما (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - وإذا خوطب بالفرائض من أطاقها فإذا كان المرء مطيقا للقيام في الصلاة لم يجزه إلا هو إلا عندما ذكرت من الخوف (قال الشافعي) : وإذا لم يطق القيام صلى قاعدا وركع وسجد إذا أطاق الركوع والسجود أخبرنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن حسان عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا بكر أن يصلي بالناس فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - خفة فجاء فقعد إلى جنب أبي بكر فأم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر وهو قاعد وأم أبو بكر الناس وهو قائم» أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفي قال سمعت يحيى بن سعيد يقول حدثني ابن أبي مليكة أن عبيد بن عمير الليثي حدثه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا بكر أن يصلي بالناس الصبح وأن أبا بكر كبر فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض الخفة فقام يفرج الصفوف قال وكان أبو بكر لا يلتفت إذا صلى فلما سمع أبو بكر الحس من ورائه عرف أنه لا يتقدم ذلك المقام المقدم إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخنس وراءه إلى الصف فرده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكانه فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جنبه وأبو بكر قائم حتى إذا فرغ أبو بكر قال أي رسول الله أراك أصبحت صالحا وهذا يوم بنت خارجة فرجع أبو بكر إلى أهله فمكث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكانه وجلس إلى جنب الحجر يحذر الناس الفتن وقال إني والله لا يمسك الناس علي شيئا إني والله لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه ولا أحرم إلا ما حرم الله في كتابه يا فاطمة بنت رسول الله وصفية عمة رسول الله اعملا لما عند الله فإني لا أغني عنكما من الله شيئا» (قال الشافعي) : ويصلي الإمام قاعدا ومن خلفه قياما إذا أطاقوا القيام ولا يجزي من أطاق القيام أن يصلي إلا قائما وكذلك إذا أطاق الإمام القيام صلى قائما ومن لم يطق القيام ممن خلفه صلى قاعدا (قال الشافعي) : وهكذا كل حال قدر المصلي فيها على تأدية فرض الصلاة كما فرض الله تعالى عليه صلاها وصلى ما لا يقدر عليه كما يطيقفإن لم يطق المصلي القعود وأطاق أن يصلي مضطجعا صلى مضطجعا وإن لم يطق الركوع والسجود صلى مومئا وجعل السجود أخفض من إيماء الركوع (قال الشافعي) : فإذا كان بظهره مرض لا يمنعه القيام ويمنعه الركوع لم يجزه إلا أن يقوم وأجزأه أن ينحني كما يقدر في الركوع فإن لم يقدر على ذلك بظهره حتى رقبته فإن لم يقدر على ذلك إلا بأن يعتمد على شيء اعتمد عليه مستويا، أو في شق، ثم ركع ثم رفع، ثم سجد وإن لم يقدر على السجود جلس أومأ إيماءوإن قدر على السجود على صدغه ولم يقدر عليه على جبهته طأطأ رأسه ولو في شق، ثم سجد على صدغه وكان أقرب ما يقدر عليه من السجود مستويا، أو على أي شقيه كان لا يجزيه أن يطيق أن يقارب السجود بحال إلا قاربه (قال الشافعي) : ولا يرفع إلى جبهته شيئا ليسجد عليه؛ لأنه لا يقال له ساجد حتى يسجد بما يلصق بالأرض فإن وضع وسادة على الأرض فسجد عليها أجزأه ذلك إن شاء الله تعالى. أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن يونس عن الحسن عن أمه قالت: رأيت أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تسجد على وسادة من أدم من رمد بها (قال الشافعي) : ولو سجد الصحيح على وسادة من أدم لاصقة بالأرض كرهته له ولم أر عليه أن يعيد كما لو سجد على ربوة من الأرض أرفع من الموضع الذي يقوم عليه لم يعد (قال الشافعي) : وإن قدر المصلي على الركوع ولم يقدر على القيام كان في قيامه راكعا وإذا ركع خفض عن قدر قيامه ثم يسجد وإن لم يقدر على أن يصلي إلا مستلقيا صلى مستلقيا يومئ إيماء (قال الشافعي) : وكل حال أمرته فيها أن يصلي كما يطيق فإذا أصابها ببعض المشقة المحتملة لم يكن له أن يصلي إلا كما فرض الله عليه إذا أطاق القيام ببعض المشقة قام فأتى ببعض ما عليه في القيام من قراءة أم القرآن وأحب أن يزيد معها شيئا وإنما آمره بالقعود إذا كانت المشقة عليه غير محتملة، أو كان لا يقدر على القيام بحال وهكذا هذا في الركوع والسجود لا يختلف ولو أطاق أن يأتي بأم القرآن وقل هو الله أحد وأم القرآن في الركعة الأخرى وإنا أعطيناك الكوثر منفردا قائما ولم يقدر على صلاة الإمام لا يقرأ بأطول مما وصفت إلا جالسا، أمرته أن يصلي منفردا وكان له عذر بالمرض في ترك الصلاة مع الإمامولو صلى مع الإمام فقدر على القيام في بعض ولم يقدر عليه في بعض صلى قائما ما قدر وقاعدا ما لم يقدر وليست عليه إعادةولو افتتح الصلاة قائما ثم عرض له عذر جلس فإن ذهب عنه لم يجزه إلا أن يقوم فإن كان قرأ بما يجزيه جالسا لم يكن عليه إذا قام أن يعيد قراءة وإن بقي عليه من قراءته شيء قرأ بما بقي منها قائما، كأن قرأ بعض أم القرآن جالسا، ثم برئ فلا يجزيه أن يقرأ جالسا وعليه أن يقرأ ما بقي قائما ولو قرأه ناهضا في القيام لم يجزه ولا يجزيه حتى يقرأه قائما معتدلا إذا قدر على القيام وإذا قرأ ما بقي قائما، ثم حدث له عذر فجلس قرأ ما بقي جالسا فإن حدثت له إفاقة قام وقرأ ما بقي قائما ولو قرأ قاعدا أم القرآن وشيئا معها، ثم أفاق فقام لم يكن له أن يركع حتى يعتدل قائما فإن قرأ قائما كان أحب إلي وإن لم يقرأ فركع بعد اعتداله قائما أجزأته ركعته وإذا ركع قبل أن يعتدل قائما وهو يطيق ذلك وسجد ألغى هذه الركعة والسجدة وكان عليه أن يقوم فيعتدل قائما، ثم يركع ويسجد وليس عليه إعادة قراءة فإن لم يفعل حتى يقوم فيقرأ، ثم يركع ثم يسجد لم يعتد بالركعة التي قرأ فيها وسجد فكان السجود للركعة التي قبلها وكانت سجدة وسقطت عنه إحدى الركعتين، ولو فرغ من صلاته واعتد بالركعة التي لم يعتدل فيها قائما، فإن ذكر وهو في الوقت الذي له أن يبني لو سها فانصرف قبل أن يكمل صلاته كبر وركع وسجد وسجد للسهو وأجزأته صلاته، وإن لم يذكر ذلك حتى يخرج من المسجد، أو يطول ذلك استأنف الصلاة وهكذا هذا في كل ركعة وسجدة وشيء من صلب الصلاة أطاقه فإن لم يأت به كما أطاقهولو أطاق سجدة فلم يسجدها وأومأ إيماء سجدها ما لم يركع الركعة التي بعدها وإن لم يسجدها وأومأ بها وهو يطيق سجودها، ثم قرأ بعد ما ركع لم يعتد بتلك الركعة وسجدها، ثم أعاد القراءة والركوع بعدها لا يجزيه غير ذلك وإن ركع وسجد سجدة فتلك السجدة مكان التي أطاقها وأومأ بها فقام فقرأ وركع ولم يعتد بتلك الركعة وكذلك لو سجد سجدتين كانت إحداهما مكانها ولم يعتد بالثانية؛ لأنها سجدة قبل ركوع وإنما تجزي عنه سجدة مكان سجدة قبلها تركها، أو فعل فيها ما لا يجزيه إذا سجد السجدة التي بعدها على أنها من صلب الصلاةفأما لو ترك سجدة من صلب الصلاة وأومأ بها وهو يقدر عليها، ثم سجد بعدها سجدة من سجود القرآن، أو سجدة سهو، لا يريد بها صلب الصلاة لم تجز عنه من السجدة التي ترك، أو، أومأ بها (قال الشافعي) : وهكذا أم الولد والمكاتبة والمدبرة والأمة يصلين معا بغير قناع، ثم يعتقن قبل أن يكملن الصلاة عليهن أن يتقنعن ويتممن الصلاة فإن تركن القناع بعد ما يمكنهن أعدن تلك الصلاة ولو صلين بغير قناع وقد عتقن لا يعلمن بالعتق أعدن كل صلاة صلينها بلا قناع من يوم عتقن؛ لأنهن يرجعن إلى أن يحطن بالعتق فيرجعن إلى اليقين (قال الشافعي) : ولو كانت منهن مكاتبة عندها ما تؤدي وقد حلت نجومها فصلت بلا قناع كرهت ذلك لها وأجزأتها صلاتها؛ لأنها لا تعتق إلا بالأداء وليس بمحرم عليها أن تبقى رقيقا وإنما أرى أن محرما عليها المطل وهي تجد الأداء وكذلك إن قال لأمة له: أنت حرة إن دخلت في يومك هذه الدار فتركت دخولها وهي تقدر على الدخول حتى صلت بلا قناع، ثم دخلت، أو لم تدخل لم تعد صلاتها؛ لأنها صلتها قبل أن تعتق وكذلك لو قال لها أنت حرة إن شئت فصلت وتركت المشيئة ثم أعتقها بعد لم تعد تلك الصلاةوإن أبطأ عن الغلام الحلم فدخل في صلاة فلم يكملها حتى استكمل خمس عشرة سنة من مولده فأتمها أحببت له أن يستأنفها من قبل أنه صار ممن يلزمه جميع الفرائض في وقت صلاة فلم يصلها بكمالها بالغا ولو قطعها واستأنفها أجزأت عنه ولو أهل بالحج في هذه الحالة فاستكمل خمس عشرة سنة بعد فوت عرفة، أو احتلم مضى في حجه وكان عليه أن يستأنف حجا؛ لأنه لم يكن ممن أدرك الحج يعمل عمله وهو من أهل الفرائض كلها ولو صام يوما من شهر رمضان فلم يكمله حتى احتلم، أو استكمل خمس عشرة أحببت أن يتم ذلك اليوم، ثم يعيده؛ لما وصفت ولا يعود لصوم قبله لأنه لم يبلغ حتى مضى ذلك اليوم وكذلك لا يعود لصلاة صلاها قبل بلوغه؛ لأنها قد مضت قبل بلوغه وكل صلاة غير التي تليها.وكذلك كل صوم يوم غير الذي يليه ولا يبين أن هذا عليه في الصلاة ولا في الصوم فأما في الحج فبين. [باب جماع الأذان] قال الله تبارك وتعالى {وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا} [المائدة: 58] وقال {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله} [الجمعة: 9] فذكر الله عز وجل الأذان للصلاة وذكر يوم الجمعة فكان بينا - والله تعالى أعلم - أنه أراد المكتوبة بالآيتين معا وسن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأذان للمكتوبات ولم يحفظ عنه أحد علمته أنه أمر بالأذان لغير صلاة مكتوبة بل حفظ الزهري عنه «أنه كان يأمر في العيدين المؤذن فيقول الصلاة جامعة ولا أذان إلا لمكتوبة» وكذلك لا إقامة فأما الأعياد والخسوف وقيام شهر رمضان فأحب إلي أن يقال فيه «الصلاة جامعة» وإن لم يقل ذلك فلا شيء على من تركه إلا ترك الأفضل والصلاة على الجنائز وكل نافلة غير الأعياد والخسوف بلا أذان فيها ولا قول: الصلاة جامعة. [باب وقت الأذان للصبح] أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن سالم بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال: له أصبحت أصبحت» (قال الشافعي) : فالسنة أن يؤذن للصبح بليل ليدلج المدلج ويتنبه النائم فيتأهب لحضور الصلاة وأحب إلي لو أذن مؤذن بعد الفجر ولو لم يفعل لم أر بأسا أن يترك ذلك؛ لأن وقت أذانها كان قبل الفجر في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يؤذن لصلاة غير الصبح إلا بعد وقتها؛ لأني لم أعلم أحدا حكى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أذن له لصلاة قبل وقتها غير الفجر ولم يزل المؤذنون عندنا يؤذنون لكل صلاة بعد دخول وقتها إلا الفجر ولا أحب أن يترك الأذان لصلاة مكتوبة انفرد صاحبها، أو جمع ولا الإقامة في مسجد جماعة كبر ولا صغر ولا يدع ذلك الرجل في بيته ولا سفره وأنا عليه في مساجد الجماعة العظام أحظ.وإذا أراد الرجل أن يكمل الأذان لكل صلاة غير الصبح بعد دخول وقتها فإن أذن لها قبل دخول وقتها أعاد إذا دخل الوقت وإن افتتح الأذان قبل الوقت ثم دخل الوقت عاد فاستأنف الأذان من أوله وإن أتم ما بقي من الأذان ثم عاد إلى ما مضى منه قبل الوقت لم يجزئه ولا يكمل الأذان حتى يأتي به على الولاء وبعد وقت الصلاة إلا في الصبح ولو ترك من الأذان شيئا عاد إلى ما ترك ثم بنى من حيث ترك لا يجزيه غيره وكذلك كل ما قدم منه، أو أخر فعليه أن يأتي به في موضعه فلو قال في أول الأذان الله أكبر الله أكبر ثم قال أشهد أن محمدا رسول الله، ثم أكمل الأذان أعاد فقال الله أكبر أكبر التي ترك ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله مرتين حتى يكمل الأذان، ثم يجهر بشيء من الأذان ويخافت بشيء منه لم تكن عليه إعادة ما وصفت به؛ لأنه قد جاء بلفظ الأذان كاملا فلا إعادة عليه كما لا يكون عليه إعادة ما خافت من القرآن فيما يجهر بالقرآن فيه. (قال الشافعي) : ولو كبر، ثم قال حي على الصلاة عاد فتشهد، ثم أعاد حي على الصلاة حتى يأتي على الأذان كله فيضع كل شيء منه موضعه وما وضعه في غير موضعه أعاده في موضعه. [باب عدد المؤذنين وأرزاقهم] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أحب أن يقتصر في المؤذنين على اثنين؛ لأنا، إنما حفظنا أنه أذن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - اثنان ولا يضيق أن يؤذن أكثر من اثنين فإن اقتصر في الأذان على واحد أجزأه ولا أحب للإمام إذا أذن المؤذن الأول أن يبطئ بالصلاة ليفرغ من بعده ولكنه يخرج ويقطع من بعده الأذان بخروج الإمام (قال الشافعي) : وواجب على الإمام أن يتفقد أحوال المؤذنين ليؤذنوا في أول الوقت ولا ينتظرهم بالإقامة وأن يأمرهم فيقيموا في الوقت وأحب أن يؤذن مؤذن بعد مؤذن ولا يؤذن جماعة معا.وإن كان مسجدا كبيرا له مؤذنون عدد فلا بأس أن يؤذن في كل منارة له مؤذن فيسمع من يليه في وقت واحد وأحب أن يكون المؤذنون متطوعين وليس للإمام أن يرزقهم ولا واحدا منهم وهو يجد من يؤذن له متطوعا ممن له أمانة إلا أن يرزقهم من ماله ولا أحسب أحدا ببلد كثير الأهل يعوزه أن يجد مؤذنا أمينا لازما يؤذن متطوعا فإن لم يجده فلا بأس أن يرزق مؤذنا ولا يرزقه إلا من خمس الخمس سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يجوز له أن يرزقه من غيره من الفيء؛ لأن لكله مالكا موصوفا (قال الشافعي) : ولا يجوز له أن يرزقه من الصدقات شيئا ويحل للمؤذن أخذ الرزق إذا رزق من حيث وصفت أن يرزق ولا يحل له أخذه من غيره بأنه رزق (قال الشافعي) : ولا يؤذن إلا عدل ثقة للإشراف على عورات الناس وأماناتهم على المواقيتوإذا كان المقدم من المؤذنين بصيرا بالوقت لم أكره أن يكون معه أعمى وإن كان الأعمى مؤذنا منفردا ومعه من يعلمه الوقت لم أكره ذلك له فإن لم يكن معه أحد كرهته؛ لأنه لا يبصرولا أحب أن يؤذن أحد إلا بعد البلوغ وإن أذن قبل البلوغ مؤذن أجزأ ومن أذن من عبد ومكاتب وحر، أجزأ. وكذلك الخصي المجبوب والأعجمي إذا أفصح بالأذان وعلم الوقت وأحب إلي في هذا كله أن يكون المؤذنون خيار الناسولا تؤذن امرأة ولو أذنت لرجال لم يجز عنهم أذانها وليس على النساء أذان وإن جمعن الصلاة وإن أذن فأقمن فلا بأس.ولا تجهر المرأة بصوتها تؤذن في نفسها وتسمع صواحباتها إذا أذنت وكذلك تقيم إذا أقامت وكذلك إن تركت الإقامة لم أكره لها من تركها ما أكره للرجال وإن كنت أحب أن تقيموأذان الرجل في بيته وإقامته سواء كهو في غير بيته في الحكاية وسواء أسمع المؤذنين حوله، أو لم يسمعهم ولا أحب له ترك الأذان ولا الإقامة وإن دخل مسجدا أقيمت فيه الصلاة أحببت له أن يؤذن ويقيم في نفسه
__________________
|
#15
|
||||
|
||||
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله
كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد الأول -كتاب الصلاة الحلقة (14) صــــــــــ 105 الى صـــــــــــ112 [باب استقبال القبلة بالأذان] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا أحب أن يكون المؤذن في شيء من أذانه إلا مستقبل القبلة لا تزول قدماه ولا وجهه عنها؛ لأنه إيذان بالصلاة وقد وجه الناس بالصلاة إلى القبلة فإن زال عن القبلة ببدنه كله، أو صرف وجهه في الأذان كله، أو بعضه كرهته له ولم ولا إعادة عليه وأحب أن يكون المؤذن على طهارة الصلاة فإن أذن جنبا، أو على غير وضوء كرهته له ولم يعد وكذلك آمره في الإقامة باستقبال القبلة وأن يكون طاهرا فإن كان في الحالين كلاهما غير طاهر كرهته له وهو في الإقامة أشد؛ لأنه يقيم فيصلي الناس وينصرف عنهم فيكون أقل ما صنع أن عرض نفسه للتهمة بالاستخفاف وأكره أذانه جنبا؛ لأنه يدخل المسجد ولم يؤذن له في دخوله إلا عابر سبيل والمؤذن غير عابر سبيل مجتاز ولو ابتدأ بالأذان طاهرا ثم انتقضت طهارته بنى على أذانه ولم يقطعه ثم تطهر إذا فرغ منه وسواء ما انتقضت به طهارته في أن يبني جنابة، أو غيرها فإن قطعه، ثم تطهر ثم رجع بنى على أذانه ولو استأنف كان أحب إلي. [باب الكلام في أثناء الأذان] باب الكلام في الأذان (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وأحب المؤذن أن لا يتكلم حتى يفرغ من أذانه فإن تكلم بين ظهراني أذانه فلا يعيد ما أذن به قبل الكلام كان ذلك الكلام ما شاء (قال الشافعي) : وما كرهت له من الكلام في الأذان كنت له في الإقامة أكره وإن تكلم في الإقامة لم يعد الإقامة ولو كان بين كلامه في كل واحدة منهما سكات طويل أحببت له أن يستأنف وإن لم يفعل فليس ذلك عليه وكذلك لو سكت في كل واحدة منهما سكاتا طويلا أحببت له استئنافه ولم أوجب عليه الاستئناف ولو أذن بعض الأذان ثم نام، أو غلب على عقله ثم انتبه، أو رجع إليه عقله أحببت أن يستأنف تطاول ذلك، أو قصر وإن لم يفعل بنى على أذانه وكذلك لو أذن في بعض الأذان فذهب عقله ثم رجع أحببت أن يستأنف وإن بنى على أذانه كان له ذلك وإن كان الذي يؤذن غيره في شيء من هذه الحالات استأنف ولم يبن على أذانه قرب ذلك، أو بعد، فإن بنى على أذانه لم يجزه البناء عليه ولا يشبه هذا الصلاة يبني الإمام فيها على صلاة إمام قبله؛ لأنه يقوم في الصلاة فيتم ما عليه وهذا لا يعود فيتم الأذان بعد فراغه؛ ولأن ما ابتدأ من الصلاة كان أول صلاته ولا يكون بأول الأذان شيء غير التكبير، ثم التشهد ولو أذن بعض الأذان، أو كله، ثم ارتد أحببت أن لا يترك يعود لأذان ولا يصلى بأذانه ويؤم غيره فيه فيؤذن أذانا مستأنفا [باب الرجل يؤذن ويقيم غيره] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أذن الرجل أحببت أن يتولى الإقامة بشيء يروى فيه أن من أذن أقام وذلك والله تعالى أعلم أن المؤذن إذا عني بالأذان دون غيره فهو أولى بالإقامة وإذا أقام غيره لم يكن يمتنع من كراهية ذلك وإن أقام غيره أجزأه إن شاء الله تعالى. [باب الأذان والإقامة للجمع بين الصلاتين والصلوات] أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد وغيره عن جعفر بن محمد عن أبيه «عن جابر بن عبد الله في حجة الإسلام قال فراح النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الموقف بعرفة فخطب الناس الخطبة الأولى ثم أذن بلال، ثم أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة الثانية ففرغ النبي - صلى الله عليه وسلم - من الخطبة وبلال من الأذان، ثم أقام بلال وصلى الظهر، ثم أقام وصلى العصر» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل، أو عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه. أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن «أبي سعيد الخدري قال حبسنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب بهوي من الليل حتى كفينا وذلك قول الله عز وجل {وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا} [الأحزاب: 25] فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلالا فأمره فأقام الظهر فصلاها فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها ثم أقام العصر فصلاها كذلك، ثم أقام المغرب فصلاها كذلك، ثم أقام العشاء فصلاها كذلك أيضا قال وذلك قبل أن ينزل الله تعالى في صلاة الخوف {فرجالا أو ركبانا} [البقرة: 239] » (قال الشافعي) : وبهذا كله نأخذ، وفيه دلالة على أن كل من جمع بين صلاتين في وقت الأولى منهما أقام لكل واحدة منهما وأذن للأولى وفي الآخرة يقيم بلا أذان، وكذلك كل صلاة صلاها في غير وقتها كما وصفت (قال الشافعي) : وفي أن المؤذن لم يؤذن له - صلى الله عليه وسلم - حين جمع بالمزدلفة والخندق دليل على أن لو لم يجزئ المصلي أن يصلي إلا بأذان لم يدع النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأمر بالأذان وهو يمكنه (قال) : وموجود في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - إن كان هذا في الأذان وكان الأذان غير الصلاة أن يكون هذا في الإقامة هكذا؛ لأنها غير الصلاة وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة «فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا» ومن أدرك آخر الصلاة فقد فاته أن يحضر أذانا وإقامة ولم يؤذن لنفسه ولم يقم ولم أعلم مخالفا في أنه إذا جاء المسجد وقد خرج الإمام من الصلاة كان له أن يصلي بلا أذان ولا إقامة فإن ترك رجل الأذان والإقامة منفردا، أو في جماعة كرهت ذلك له وليست عليه إعادة ما صلى بلا أذان ولا إقامة وكذلك ما جمع بينه وفرق من الصلوات. [باب اجتزاء المرء بأذان غيره وإقامته وإن لم يقم له] أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عمارة بن غزية عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن عمر بن الخطاب قال: «سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يؤذن للمغرب فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ما قال فانتهى النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الرجل وقد قامت الصلاة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: انزلوا فصلوا فصلى المغرب بإقامة ذلك العبد الأسود» (قال الشافعي) فبهذا نأخذ ونقول يصلي الرجل بأذان الرجل لم يؤذن له وبإقامته وأذانه وإن كان أعرابيا، أو أسود، أو عبدا، أو غير فقيه إذا أقام الأذان والإقامة وأحب أن يكون المؤذنون كلهم خيار الناس لإشرافهم على عوراتهم وأمانتهم على الوقت أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن يونس بن عبيد عن الحسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المؤذنون أمناء المسلمين على صلاتهم» وذكر معها غيرها واستحب الأذان لما جاء فيه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الأئمة ضمناء والمؤذنون أمناء فأرشد الله الأئمة وغفر للمؤذنين» . [باب رفع الصوت بالأذان] أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبيه «أن أبا سعيد الخدري قال له إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك، أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك فإنه لا يسمع مدى صوتك جن ولا إنس إلا شهد لك يوم القيامة قال أبو سعيد سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (قال الشافعي) : فأحب رفع الصوت للمؤذن وأحب إذا اتخذ المؤذن أن يتخذ صيتا وأن يتحرى أن يكون حسن الصوت فإنه أحرى أن يسمع من لا يسمعه ضعيف الصوت وحسن الصوت أرق لسامعه والترغيب في رفع الصوت يدل على ترتيل الأذان؛ لأنه لا يقدر أحد على أن يبلغ غاية من صوته في كلام متتابع إلا مترسلا وذلك أنه إذا حذف ورفع انقطع فأحب ترتيل الأذان وتبينه بغير تمطيط ولا تغن في الكلام ولا عجلة وأحب في الإقامة أن تدرج إدراجا ويبينها مع الإدراج (قال) : وكيفما جاء بالأذان والإقامة أجزآ، غير أن الاحتياط ما وصفت [باب الكلام في الأذان بما ليست فيه للناس منفعة] باب الكلام في الأذان أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات ريح يقول ألا صلوا في الرحال» (قال الشافعي) : وأحب للإمام أن يأمر بهذا إذا فرغ المؤذن من أذانه وإن قاله في أذانه فلا بأس عليه وإذا تكلم بما يشبه هذا خلف الأذان من منافع الناس فلا بأس ولا أحب الكلام في الأذان بما ليست فيه للناس منفعة وإن تكلم لم يعد أذانا وكذلك إذا تكلم في الإقامة كرهته ولم يكن عليه إعادة إقامة. [باب في القول مثل ما يقول المؤذن] أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن مجمع بن يحيى قال أخبرني أبو أمامة عن ابن شهاب أنه سمع معاوية يقول سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «إذا قال المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله قال أشهد أن لا إله إلا الله وإذا قال أشهد أن محمدا رسول الله قال وأنا، ثم سكت» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن طلحة بن يحيى عن عمه عيسى بن طلحة قال سمعت معاوية يحدث مثله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرني عمرو بن يحيى المازني أن عيسى بن عمر أخبره عن عبد الله بن علقمة بن وقاص قال «إني لعند معاوية إذ أذن مؤذنه فقال معاوية كما قال مؤذنه حتى إذا قال حي على الصلاة قال لا حول ولا قوة إلا بالله ولما قال حي على الفلاح قال معاوية لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال بعد ذلك ما قال المؤذن، ثم قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك» . أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وبحديث معاوية نقول وهو يوافق حديث أبي سعيد الخدري وفيه تفسير ليس في حديث أبي سعيد (قال الشافعي) : فيجب لكل من كان خارجا من الصلاة من قارئ أو ذاكر أو صامت أو متحدث أن يقول كما يقول المؤذن، وفي حي على الصلاة حي على الفلاح لا حول ولا قوة إلا بالله ومن كان مصليا مكتوبة، أو نافلة فأحب إلي أن يمضي فيها وأحب إذا فرغ أن يقول ما أمرت من كان خارجا من الصلاة أن يقوله وإن قاله مصل لم يكن مفسدا للصلاة إن شاء الله تعالى والاختيار أن لا يقوله. [باب جماع لبس المصلي] (قال الشافعي) - رحمه الله تعالى - قال الله عز وجل {خذوا زينتكم عند كل مسجد} [الأعراف: 31] (قال الشافعي) : فقيل - والله سبحانه وتعالى أعلم -: إنه الثياب وهو يشبه ما قيل، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء» فدل على أن ليس لأحد أن يصلي إلا لابسا إذا قدر على ما يلبس وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغسل دم الحيض من الثوب، والطهارة إنما تكون في الصلاة فدل على أن على المرء لا يصلي إلا في ثوب طاهر وإذ أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتطهير المسجد من نجس؛ لأنه يصلى فيه وعليه فما يصلى فيه أولى أن يطهر وقد تأول بعض أهل العلم قول الله عز وجل وثيابك فطهر قال طهر ثيابك للصلاة وتأولها غيرهم على غير هذا المعنى والله تعالى أعلم (قال) : ولا يصلي الرجل والمرأة إلا متواريي العورة (قال) : وكذلك إن صليا في ثوب غير طاهر أعادا فإن صليا وهما يقدران على مواراة عورتهما غير متواريي العورة أعادا علما حين صليا، أو لم يعلما في الوقت، أو غير الوقت، من أمرته بالإعادة أبدا أمرته بها بكل حال (قال الشافعي) : وكل ما وارى العورة غير نجس أجزأت الصلاة فيه (قال الشافعي) : وعورة الرجل ما دون سرته إلى ركبتيه ليس سرته ولا ركبتاه من عورته وعلى المرأة أن تغطي في الصلاة كل بدنها ما عدا كفها ووجهها ومن صلى وعليه ثوب نجس، أو يحمل شيئا نجسا أعاد الصلاة وإن صلى يحمل كلبا، أو خنزيرا أو خمرا أو دما أو شيئا من ميتة، أو جلد ميتة لم يدبغ أعاد الصلاة وسواء قليل ذلك، أو كثيره وإن صلى وهو يحمل حيا لا يؤكل لحمه غير كلب، أو خنزير لم يعد حية كان، أو غير حية وإن كان ميتة أعاد والثياب كلها على الطهارة حتى يعلم فيها نجاسة وإن كانت ثياب الصبيان الذين لا يتوقون النجاسة ولا يعرفونها، أو ثياب المشركين كلها، أو أزرهم وسراويلاتهم وقمصهم ليس منها شيء يعيد من صلى فيه الصلاة حتى يعلم أن فيه نجاسة وهكذا البسط والأرض على الطهارة حتى تعلم نجاسة وأحب إلي لو توقى ثياب المشركين كلها، ثم ما يلي سفلتهم منها مثل الأزر والسراويلات فإن قال قائل ما دل على ما وصفت (قال الشافعي) أخبرنا مالك بن أنس عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة الأنصاري «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي وهو حامل أمامة بنت أبي العاص» (قال الشافعي) : وثوب أمامة ثوب صبي. [باب كيفية لبس الثياب في الصلاة] باب كيف لبس الثياب في الصلاة (قال الشافعي) - رحمه الله تعالى - أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء» (قال الشافعي) : فاحتمل قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء» أن يكون اختيارا واحتمل أن يكون لا يجزيه غيره فلما حكى جابر ما وصفت وحكت ميمونة «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصلي في ثوب واحد بعضه عليه وبعضه عليها» دل ذلك على أنه صلى فيما صلى فيه من ثوبها مؤتزرا به؛ لأنه لا يستره أبدا إلا مؤتزرا به إذا كان بعضه على غيره (قال الشافعي) : فعلمنا أن نهيه أن يصلى في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء اختيارا وأنه يجزي الرجل والمرأة كل واحد أن يصلي متواريي العورة، وعورة الرجل ما وصفت وكل المرأة عورة إلا كفيها ووجهها وظهر قدميها عورة فإذا انكشف من الرجل في صلاته شيء مما بين سرته وركبته ومن المرأة في صلاتها شيء من شعرها قل، أو كثر ومن جسدها سوى وجهها وكفيها وما يلي الكف من موضع مفصلها ولا يعدوه، علما أم لم يعلما أعادا الصلاة معا إلا أن يكون تنكشف بريح، أو سقطة، ثم يعاد مكانه لا لبث في ذلك فإن لبث بعدها قدر ما يمكنه إذا عاجله مكانه إعادته أعاد وكذلك هي (قال) : ويصلي الرجل في السراويل إذا وارى ما بين السرة والركبة، والإزار أستر وأحب منه (قال) : وأحب إلي أن لا يصلي إلا وعلى عاتقه شيء عمامة، أو غيرها ولو حبلا يضعه. [باب الصلاة في القميص الواحد] (قال الشافعي) - رحمه الله تعالى - أخبرنا العطاف بن خالد المخزومي وعبد العزيز بن محمد الدراوردي عن موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة عن سلمة بن الأكوع قال «قلت: يا رسول الله إنا نكون في الصيد أفيصلي أحدنا في القميص الواحد؟ قال: نعم وليزره ولو بشوكة ولو لم يجد إلا أن يخله بشوكة» (قال الشافعي) : وبهذا نقول وثياب القوم كانت صفاقا فإذا كان القميص صفيقا لا يشف عن لابسه صلى في القميص الواحد وزره، أو خله بشيء، أو ربطه لئلا يتجافى القميص فيرى من الجيب عورته، أو يراها غيره فإن صلى في قميص، أو ثوب معمول عمل القميص من جبة، أو غيرها غير مزرور أعاد الصلاة (قال الشافعي) : وهو يخالف الرجل يصلي متوشحا، التوشح مانع للعورة أن ترى ويخالف المرأة تصلي في الدرع والخمار والمقنعة، والخمار والمقنعة ساتران عورة الجيب فإن صلى الرجل في قميص غير مزرور وفوقه عمامة، أو رداء، أو إزار يضم موضع الجيب حتى يمنعه من أن ينكشف، أو ما دونه إلى العورة حتى لو انكشف لم تر عورته أجزأته صلاته وكذلك إن صلى حازما فوق عورته بحبل، أو خيط؛ لأن ذلك يضم القميص حتى يمنع عورة الجيب وإن كان القميص مزرورا ودون الجيب، أو حذاءه شق له عورة كعورة الجيب لم تجزه الصلاة فيه إلا كما تجزيه في الجيب وإن صلى في قميص فيه خرق على شيء من العورة وإن قل لم تجزه الصلاة وإن صلى في قميص يشف عنه لم تجزه الصلاة وإن صلى في قميص فيه خرق على غير العورة ليس بواسع ترى منه العورة أجزأته الصلاة وإن كانت العورة ترى منه لم تجزه الصلاة فيه وهكذا الخرق في الإزار يصلي فيه وأحب أن لا يصلي في القميص إلا وتحته إزار، أو سراويل، أو فوقه سترة فإن صلى في قميص واحد يصفه ولم يشف كرهت له ولا يتبين أن عليه إعادة الصلاة، والمرأة في ذلك أشد حالا من الرجل إذا صلت في درع وخمار يصفها الدرع وأحب إلي أن لا تصلي إلا في جلباب فوق ذلك وتجافيه عنها لئلا يصفها الدرع. [باب ما يصلى عليه مما يلبس ويبسط] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نمرة والنمرة صوف فلا بأس أن يصلى في الصوف والشعر والوبر ويصلى عليه (قال الشافعي) : وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أيما إهاب دبغ فقد طهر» فلا بأس أن يصلى في جلود الميتة والسباع وكل ذي روح إذا دبغ إلا الكلب والخنزير ويصلى في جلد كل ذكي يؤكل لحمه وإن لم يكن مدبوغا فأما ما لا يؤكل لحمه فذكاته وغير ذكاته سواء لا يطهره إلا الدباغ وجلد الذكي يحل أكله وإن كان غير مدبوغ (قال) : وما قطع من جلد ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل لحمه فهو ميتة لا يطهره إلا الدباغ، وأنهى الرجال عن ثياب الحرير فمن صلى فيها منهم لم يعد؛ لأنها ليست بنجسة وإنما تعبدوا بترك لبسها لا أنها نجسة؛ لأن أثمانها حلال وإن النساء يلبسنها ويصلين فيها وكذلك أنهاهم عن لبس الذهب خواتيم وغير خواتيم ولو لبسوه فصلوا فيه كانوا مسيئين باللبس عاصين إن كانوا علموا بالنهي ولم يكن عليهم إعادة صلاة؛ لأنه ليس من الأنجاس ألا ترى أن الأنجاس على الرجال والنساء سواء والنساء يصلين في الذهب. [باب صلاة العراة] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا غرق القوم فخرجوا عراة كلهم، أو سلبوا في طريق ثيابهم، أو احترقت فيه فلم يجد أحد منهم ثوبا وهم رجال ونساء، صلوا فرادى وجماعة رجالا وحدهم، قياما يركعون ويسجدون ويقوم إمامهم وسطهم ويغض بعضهم عن بعض، وتنحى النساء فاستترن إن وجدن سترا عنهم فصلين جماعة أمتهن إحداهن وتقوم وسطهن ويغض بعضهم عن بعض، ويركعن ويسجدن، ويصلين قياما كما وصفت فإن كانوا في ضيق لا ستر بينهم من الأرض ولين وجوههن عن الرجال حتى إذا صلوا ولى الرجال وجوههم عنهن حتى يصلين كما وصفت وليس على واحد منهم إعادة إذا وجد ثوبا في وقت ولا غيره وإن كان مع أحدهم ثوب أمهم إن كان يحسن يقرأ فإن لم يكن يحسن يقرأ صلى وحده ثم أعار لمن بقي ثوبه وصلوا واحدا واحدا فإن امتنع من أن يعيرهم ثوبه فقد أساء وتجزيهم الصلاة وليس لهم مكابرته عليه وإن كان معه نساء فإن يعيره للنساء، أوجب عليه ويبدأ بهن فإذا فرغن أعار الرجال فإذا أعارهم إياه لم يسع واحدا منهم أن يصلي وانتظر صلاة غيره لا يصلي حتى يصلي لابسا فإن صلى وقد أعطاه إياه عريانا أعاد، خاف ذهاب الوقت، أو لم يخفه، وإن كان معهم، أو مع واحد منهم ثوب نجس لم يصل فيه وتجزيه الصلاة عريانا إذا كان ثوبه غير طاهر وإذا وجد ما يواري به عورته من ورق وشجر يخصفه عليه، أو جلد، أو غيره مما ليس بنجس لم يكن له أن يصلي بحال إلا متواري العورة وكذلك إن لم يجد إلا ما يواري ذكره ودبره لم يكن له أن يصلي حتى يواريهما معا وكذلك إن لم يجد إلا ما يواري أحدهما لم يكن له أن يصلي حتى يواري ما وجد إلى مواراته سبيلا وإذا كان ما يواري أحد فرجيه دون الآخر يواري الذكر دون الدبر؛ لأنه لا حائل دون الذكر يستره ودون الدبر حائل من أليتيه وكذلك المرأة في قبلها ودبرها وإذا كان هو وامرأته عريانين أحببت إن وجد ما يواريها به أن يواريها؛ لأن عورتها أعظم حرمة من عورته وإن استأثر بذلك دونها فقد أساء وتجزئها صلاتها وإن مس ذكره ليستره، أو مست فرجها لتستره أعادا الوضوء معا ولكن ليباشرا من وراء شيء لا يفضيان إليه:
__________________
|
#16
|
||||
|
||||
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله
كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد الأول -كتاب الصلاة الحلقة (15) صــــــــــ 112 الى صـــــــــــ119 [باب جماع ما يصلى عليه ولا يصلى من الأرض] (قال الشافعي) - رحمه الله تعالى - أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام» (قال الشافعي) : وجدت هذا الحديث في كتابي في موضعين: أحدهما منقطع والآخر عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (قال الشافعي) : وبهذا نقول ومعقول أنه كما جاء في الحديث ولو لم يبينه؛ لأنه ليس لأحد أن يصلي على أرض نجسة؛ لأن المقبرة مختلطة التراب بلحوم الموتى وصديدهم وما يخرج منهم وذلك ميتة وإن الحمام ما كان مدخولا يجري عليه البول والدم والأنجاس (قال الشافعي) : والمقبرة الموضع الذي يقبر فيها العامة وذلك كما وصفت مختلطة التراب بالموتى وأما صحراء لم يقبر فيها قط قبر فيها قوم مات لهم ميت، ثم لم يحرك القبر فلو صلى رجل إلى جنب ذلك القبر، أو فوقه كرهته له ولم آمره يعيد؛ لأن العلم يحيط بأن التراب طاهر لم يختلط فيه شيء وكذلك لو قبر فيه ميتان، أو موتى فإن غاب أمرها عن رجل لم يكن له أن يصلي فيها؛ لأنها على أنها مقبرة حتى يعلم أنها ليست بمقبرة وأن يكون يحيط العلم أنه لم يدفن فيها قط قبل من دفن فيها ولم ينبش أحد منهم لأحد والذي ينجس الأرض شيئان: شيء يختلط بالتراب لا يتميز منه شيء وشيء يتميز من التراب وما لا يختلط من التراب ولا يتميز منه متفرق فإذا كان جسدا يختلط بالتراب ويعقل أنه جسد قائم فيه كلحوم الموتى وعظامهم وعصبهم وإن كان غير موجود لغلبة التراب عليه وكينونته كهو في الأرض التي يختلط بها هذا لا يطهر وإن أتى عليه الماء وكذلك الدم والخلاء وما في معانيهما مما لو انفرد كان جسدا قائما ومما يزال إن كان مستجسدا فيزول وينحى فيخلو الموضع منه ما كان تحته من تراب، أو غيره بحاله وشيء يكون كالماء إذا خالط التراب نشفه، أو الأرض تنشفه وذلك مثل البول والخمر وما في معناه (قال الشافعي) : والأرض تطهر من هذا بأن يصب عليه الماء حتى يصير لا يوجد ولا يعقل فيها منه جسد ولا لون. [باب الصلاة في أعطان الإبل ومراح الغنم] (قال الشافعي) - رحمه الله تعالى - أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبيد الله بن طلحة بن كريز عن الحسن عن عبد الله بن مغفل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «إذا أدركتكم الصلاة وأنتم في أعطان الإبل فاخرجوا منها فصلوا فإنها جن، من جن خلقت ألا ترونها إذا نفرت كيف تشمخ بآنافها وإذا أدركتكم الصلاة وأنتم في مراح الغنم فصلوا فيها فإنها سكينة وبركة» (قال الشافعي) : وبهذا نأخذ ومعناه عندنا - والله أعلم - على ما يعرف من مراح الغنم وأعطان الإبل أن الناس يريحون الغنم في أنظف ما يجدون من الأرض؛ لأنها تصلح على ذلك والإبل تصلح على الدقع من الأرض فمواضعها التي تختار من الأرض أدقعها وأوسخها (قال الشافعي) : والمراح والعطن اسمان يقعان على موضع من الأرض وإن لم يعطن ولم يروح إلا اليسير منها فالمراح ما طابت تربته واستعملت أرضه واستذرى من مهب الشمال موضعه والعطن قرب البئر التي تسقى منها الإبل تكون البئر في موضع والحوض قريبا منها فيصب فيه فيملأ فتسقى الإبل ثم تنحى عن البئر شيئا حتى تجد الواردة موضعا فذلك عطن ليس أن العطن مراح الإبل التي تبيت فيه نفسه ولا المراح مراح الغنم التي تبيت فيه نفسه دون ما قاربه وفي قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا تصلوا في أعطان الإبل فإنها جن، من جن خلقت» دليل على أنه إنما نهى عنها كما «قال - صلى الله عليه وسلم - حين نام عن الصلاة: اخرجوا بنا من هذا الوادي فإنه واد به شيطان» فكره أن يصلي في قرب الشيطان فكان يكره أن يصلي قرب الإبل؛ لأنها خلقت من جن لا لنجاسة موضعها.وقال في الغنم هي من دواب الجنة فأمر أن يصلى في مراحها يعني - والله تعالى أعلم - في الموضع الذي يقع عليه اسم مراحها الذي لا بعر فيه ولا بول (قال) : ولا يحتمل الحديث معنى غيرهما وهو مستغن بتفسير حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - والدلائل عنه عن بعض هذا الإيضاح (قال) : فمن صلى على موضع فيه بول، أو بعر الإبل أو غنم أو ثلط البقر أو روث الخيل أو الحمير فعليه الإعادة؛ لأن هذا كله نجس ومن صلى قربه فصلاته مجزئة عنه وأكره له الصلاة في أعطان الإبل وإن لم يكن فيها قذر لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه فإن صلى أجزأه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى فمر به شيطان فخنقه حتى وجد برد لسانه على يده فلم يفسد ذلك صلاته وفي هذا دليل على أن نهيه أن يصلى في أعطان الإبل؛ لأنها جن لقوله: «اخرجوا بنا من هذا الوادي فإنه واد به شيطان» اختيار وليس يمتنع من أن تكون الجن حيث شاء الله من المنازل ولا يعلم ذلك أحد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قال الشافعي) : مع أن الإبل نفسها إنما تعمد في البروك إلى أدقع مكان تجده وإن عطنها - وإن كان غير دقع - فحصته بمباركها وتمرغها حتى تدقعه، أو تقربه من الإدقاع وليس ما كان هكذا من مواضع الاختيار من النظافة للمصليات فإن قال قائل: فلعل أبوال الإبل وما أكل لحمه وأبعاره لا تنجس فلذلك أمر بالصلاة في مراح الغنم.قيل: فيكون إذا نهيه عن الصلاة في أعطان الإبل؛ لأن أبوالها وأبعارها تنجس ولكنه ليس كما ذهبت إليه ولا يحتمله الحديث (قال الشافعي) : فإن ذهب ذاهب إلى أن أبوال الغنم ليست بنجسة؛ لأن لحومها تؤكل قيل: فلحوم الإبل تؤكل وقد نهى عن الصلاة في أعطانها فلو كان معنى أمره - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة في مراحها على أن أبوالها حلال لكانت أبوال الإبل وأبعارها حراما ولكن معناه إن شاء الله عز وجل على ما وصفنا. [باب استقبال القبلة] أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال قال الله عز وجل {وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر} [الأنعام: 97] وقال {وعلامات وبالنجم هم يهتدون} [النحل: 16] وقال لنبيه - صلى الله عليه وسلم - {ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} [البقرة: 150] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فنصب الله عز وجل لهم البيت والمسجد فكانوا إذا رأوه فعليهم استقبال البيت؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى مستقبله والناس معه حوله من كل جهة ودلهم بالعلامات التي خلق لهم والعقول التي ركب فيهم على قصد البيت الحرام وقصد المسجد الحرام وهو قصد البيت الحرام فالفرض على كل مصلي فريضة، أو نافلة، أو على جنازة، أو ساجد لشكر، أو سجود قرآن أن يتحرى استقبال البيت إلا في حالين أرخص الله تعالى فيهما سأذكرهما إن شاء الله تعالى. [كيفية استقبال البيت] كيف استقبال البيت (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : واستقبال البيت وجهان فكل من كان يقدر على رؤية البيت ممن بمكة في مسجدها، أو منزل منها أو سهل أو جبل فلا تجزيه صلاته حتى يصيب استقبال البيت؛ لأنه يدرك صواب استقباله بمعاينته وإن كان أعمى وسعه أن يستقبل به غيره البيت ولم يكن له أن يصلي وهو لا يرى البيت بغير أن يستقبله به غيره فإن كان في حال لا يجد أحدا يستقبله به صلى وأعاد الصلاة؛ لأنه على غير علم من أنه أصاب استقبال القبلة إذا غاب عنه بالدلائل التي جعلها الله من النجوم والشمس والقمر والجبال والرياح وغيرها مما يستدل به أهل الخبرة على التوجه إلى البيت وإن كان بصيرا وصلى في ظلمة واجتهد في استقبال القبلة فعلم أنه أخطأ استقبالها لم يجزه إلا أن يعيد الصلاة؛ لأنه يرجع من ظن إلى إحاطة وكذلك إن كان أعمى فاستقبل به رجل القبلة، ثم علم بخبر من يثق به أنه أخطأ به استقبال القبلة أعاد الصلاة وإن صلى في ظلمة حائلة دون رؤية البيت فاستقبل القبلة في ظلمة، أو استقبل به وهو أعمى، ثم شكا أنهما قد أخطآ الكعبة لم يكن عليهما إعادة، وهما على الصواب إذا حيل دون رؤية البيت حتى يعلما أن قد أخطآ فيعيدان معا (قال الشافعي) : ومن كان في موضع من مكة لا يرى منه البيت، أو خارجا عن مكة فلا يحل له أن يدع كلما أراد المكتوبة أن يجتهد في طلب صواب الكعبة بالدلائل من النجوم والشمس والقمر والجبال ومهب الريح وكل ما فيه عنده دلالة على القبلة وإذا كان رجال خارجون من مكة فاجتهدوا في طلب القبلة فاختلف اجتهادهم لم يسع واحدا منهم أن يتبع اجتهاد صاحبه وإن رآه أعلم بالاجتهاد منه حتى يدله صاحبه على علامة يرى هو بها أنه قد أخطأ باجتهاده الأول يرجع إلى ما رأى هو لنفسه آخر إلى اتباع اجتهاد غيره ويصلي كل واحد منهم على جهته التي رأى أن القبلة فيها ولا يسع واحدا منهم أن يأتم بواحد إذا خالف اجتهاده اجتهاده (قال) : فإذا كان فيهم أعمى لم يسعه أن يصلي إلى حيث رأى أن قد أصاب القبلة؛ لأنه لا يرى شيئا ووسعه أن يصلي حيث رأى له بعضهم فإن اختلفوا عليه تبع آمنهم عنده وأبصرهم وإن خالفه غيره (قال) : وإن صلى الأعمى برأي نفسه، أو منفردا كان في السفر وحده، أو هو وغيره كانت عليه إعادة كل ما صلى برأي نفسه؛ لأنه لا رأي له (قال الشافعي) : وكل من دله على القبلة من رجل، أو امرأة، أو عبد من المسلمين وكان بصيرا وسعه أن يقبل قوله إذا كان يصدقه وتصديقه أن لا يرى أنه كذبه (قال) : ولا يسعه أن يقبل دلالة مشرك وإن رأى أنه قد صدقه؛ لأنه ليس في موضع أمانة على القبلة (قال الشافعي) : وإذا أطبق الغيم ليلا، أو نهارا لم يسع رجلا الصلاة إلا مجتهدا في طلب القبلة إما بجبل وإما ببحر، أو بموضع شمس إن كان يرى شعاعا، أو قمر إن كان يرى له نورا، أو موضع نجم، أو مهب ريح، أو ما أشبه هذا من الدلائل وأي هذا كان إذا لم يجد غيره أجزأه فإن غمي عليه كل هذا فلم يكن له فيه دلالة صلى على الأغلب عنده وأعاد تلك الصلاة إذا وجد دلالة وقلما يخلو أحد من الدلالة وإذا خلا منها صلى على الأغلب عنده وأعاد الصلاة وهكذا إن كان أعمى منفردا، أو محبوسا في ظلمة، أو دخل في حال لا يرى فيها دلالة صلى على الأغلب عنده وكانت عليه الإعادة ولا تجزيه صلاة إلا بدلالة على وقت وقبلة من نفسه، أو غيره إن كان لا يصل إلى رؤية الدلالة. [استبان الخطأ بعد الاجتهاد في القبلة] فيمن استبان الخطأ بعد الاجتهاد. أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر قال «بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ آتاهم آت فقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة» (قال الشافعي) : وإذا غاب المرء عن البيت والمسجد الحرام الذي فيه البيت فاجتهد فرأى القبلة في موضع فلم يدخل في الصلاة حتى رآها في موضع آخر صلى حيث رأى آخرا ولم يسعه أن يصلي حيث رأى أولا وعليه اجتهاده حتى يدخل في الصلاة (قال) : ولو افتتح الصلاة على اجتهاده ثم رأى القبلة في غيره فهذان وجهان: أحدهما إن كانت قبلته مشرقا فغمت السماء سحابة، أو أخطأ بدلالة ريح، أو غيره ثم تجلت الشمس، أو القمر، أو النجوم فعلم أنه صلى مشرقا، أو مغربا لم يعتد بما مضى من صلاته وسلم واستقبل القبلة على ما بان له؛ لأنه على يقين من الخطأ في الأمر الأول فإن الكعبة في خلاف الموضع الذي صلى إليه فهو إن لم يرجع إلى يقين صواب عين الكعبة فقد رجع إلى يقين صواب جهتها وتبين خطأ جهته التي صلى إليها فحكمه حكم من صلى حيث يرى البيت مجتهدا، ثم علم أنه أخطأ (قال) : وكذلك إذا ترك الشرق كله واستقبل ما بين المشرق والمغرب وعلى كل من أخطأ يقينا أن يرجع إليه ويقين الخطأ يوجد بالجهة وليس على من أخطأ غير يقين عين أن يرجع إليهومن رأى أنه تحرف وهو مستيقن الجهة فالتحرف لا يكون يقين خطأ وذلك أن يرى أنه قد أخطأ قريبا: مثل أن تكون قبلته شرقا فاستقبل الشرق، ثم رأى قبلته منحرفة عن جهته التي استقبل يمينا، أو يسارا وتلك جهة واحدة مشرقة لم يكن عليه إن صلى أن يعيد ولا إن كان في صلاة أن يلغي ما مضى منها وعليه أن ينحرف إلى اجتهاده الآخر فيكمل صلاته؛ لأنه لم يرجع من يقين خطأ إلى يقين صواب جهة ولا عين وإنما رجع من اجتهاده بدلالة إلى اجتهاد بمثلها يمكن فيه أن يكون اجتهاده الأول أصوب من الآخر غير أنه إنما كلف أن يكون في كل صلاته حيث يدله اجتهاده على القبلة (قال) : وهكذا إن رأى بعد الاجتهاد الثاني وهو في الصلاة أنه انحرف قليلا ينحرف إلى حيث يرى تكمل صلاته واعتد بما مضى فإن كان معه أعمى انحرف الأعمى بتحرفه ولا يسعه غير ذلك وكذلك في الموضع الذي تنتقض فيه صلاته بيقين خطأ القبلة تنتقض صلاة الأعمى معه إذا أعلمه فإن لم يعلمه ذلك في مقامه فأعلمه إياه بعد أعاد الأعمىوإن اجتهد بصير فتوجه، ثم عمي بعد التوجه فله أن يمضي على جهته فإن استدار عنها بنفسه، أو أداره غيره قبل أن تكمل صلاته فعليه أن يخرج من صلاته ويستقبل لها اجتهادا بغيره فإن لم يجد غيره صلاها وأعادها متى وجد مجتهدا بصيرا غيرهوإن اجتهد مجتهد، أو جماعة فرأوا القبلة في موضع فصلوا إليها جماعة وأبصر من خلف الإمام أن قد أخطأ وأن القبلة منحرفة عن موضعه الذي توجه إليه انحرافا قريبا انحرف إليه فصلى لنفسه فإن كان يرى أن الرجل إذا كان خلف الإمام، ثم خرج من إمامة الإمام قبل أن يكمل الإمام صلاته وصار إماما لنفسه فصلاته مجزية عنه بنى على صلاته وإن كان يرى أنه مذ خرج إلى إمامة نفسه قبل فراغ الإمام من الصلاة فسدت صلاته عليه استأنف والاحتياط أن يقطع الصلاة ويستقبل حيث رأى القبلة (قال) : وهكذا كل من خلفه من أول صلاته وآخرها ما لم يخرجوا من الصلاة فإن كان الإمام رأى القبلة منحرفة عن حيث توجه توجه إلى حيث رأى ولم يكن لأحد ممن وراءه أن يتوجه بتوجهه إلا أن يرى مثل رأيه فمن حدث له منهم مثل رأيه توجه بتوجهه ومن لم ير مثل رأيه خرج من إمامته وكان له أن يبني على صلاته منفردا وإنما خالف بين هذا والمسألة الأولى أن الإمام أخرج نفسه في هذه المسألة من إمامتهم فلا يفسد ذلك صلاتهم بحال ألا ترى أنه لو أفسد صلاة نفسه، أو انصرف لرعاف، أو غيره بنوا؛ لأنه مخرج نفسه من الإمامة لا هم وفي المسألة الأولى مخرجون أنفسهم من إمامته لا هو قال والقياس أن لا يكون للأولين بكل حال أن يبنوا على صلاتهم معه؛ لأن عليهم أن يفعلوا ما فعلوا وعليه أن يفعل ما فعل فثبوته على ما فعل قد يكون إخراجا لنفسه من الإمامة وبه أقولوإذا اجتهد الرجل في القبلة فدخل في الصلاة، ثم شك ولم ير القبلة في غير اجتهاده الأول مضى على صلاته؛ لأنه على قبلة ما لم ير غيرها والإمام والمأموم في هذا سواء وإذا اجتهد بالأعمى فوجهه للقبلة فرأى القبلة في غير الجهة التي وجه لها لم يكن له أن يستقبل حيث رأى؛ لأنه لا رأي له وإن قال له غيره قد أخطأ بك الذي اجتهد لك فصدقه انحرف إلى حيث يقول له غيره وما مضى من صلاته مجزئ عنه؛ لأنه اجتهد به من له قبول اجتهاده (قال) : وإذا حبس الرجل في ظلمة وحيث لا دلالة بوجه من الوجوه ولا دليل يصدقه فهو كالأعمى يتأخى ويصلي على أكثر ما عنده ويعيد كل صلاة صلاها بلا دلالة وقد قيل: يسع البصير إذا عميت عليه الدلالة اجتهاد غيره فإن أخطأ به المجتهد له القبلة فدله على جهة مشرقة والقبلة مغربة أعاد كل ما صلى وإن رأى أنه أخطأ به قريبا منحرفا أحببت أن يعيد وإن لم يفعل فليس عليه إعادة؛ لأن اجتهاده في حاله تلك له إذا صدقه كاجتهاده كان لنفسه إذا لم يكن له سبيل إلى دلالة (قال الشافعي) : وهو يفارق الأعمى في هذا الموضع فلو أن بصيرا اجتهد لأعمى، ثم قال له غيره قد أخطأ بك فشرق، والقبلة مغربة فلم يدر لعله صدق لم يكن عليه إعادة؛ لأن خبر الأول كخبر الآخر إذا كانا عنده من أهل الصدق وأيهما كان عنده من أهل الكذب لم يقبل منه (قال) : والبصير إنما يصلي بيقين، أو اجتهاد نفسه ولو صلى رجل شاك لا يرى القبلة في موضع بعينه أعاد ولا تجزئه الصلاة حتى يصلي وهو يرى القبلة في موضع بعينه وكذلك لو اشتبه عليه موضعان فغلب عليه أن القبلة في أحدهما دون الآخر فصلى حيث يراها فإن صلى ولا يغلب عليه واحد منهما أعاد وكذلك لو افتتح على هذا الشك، ثم رآها حيث افتتح فمضى على صلاته أعاد لا تجزئه حتى يفتتحها حيث يراها. [باب الحالين اللذين يجوز فيهما استقبال غير القبلة] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : الحالان اللذان يجوز فيهما استقبال غير القبلة قال الله عز وجل {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} [النساء: 101] إلى {فلتقم طائفة منهم معك} [النساء: 102] الآية قال فأمرهم الله خائفين محروسين بالصلاة فدل ذلك على أنه أمرهم بالصلاة للجهة التي وجههم لها من القبلة وقال الله عز وجل {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} [البقرة: 238] إلى ركبانا فدل إرخاصه في أن يصلوا رجالا وركبانا على أن الحال التي أذن لهم فيها بأن يصلوا رجالا وركبانا من الخوف غير الحال الأولى التي أمرهم فيها أن يحرس بعضهم بعضا فعلمنا أن الخوفين مختلفان وأن الخوف الآخر الذي أذن لهم فيه أن يصلوا رجالا وركبانا لا يكون إلا أشد من الخوف الأول وذلك على أن لهم أن يصلوا حيث توجهوا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها في هذه الحال، وقعودا على الدواب وقياما على الأقدام، ودلت على ذلك السنة أخبرنا مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال: يتقدم الإمام وطائفة، ثم قص الحديث وقال ابن عمر في الحديث فإن كان خوف أشد من ذلك صلوا رجالا وركبانا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها قال مالك قال نافع ما أرى عبد الله ذكر ذلك إلا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبرنا عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن أبيه. (قال الشافعي) : ولا يجوز في صلاة مكتوبة استقبال غير القبلة إلا عند إطلال العدو على المسلمين وذلك عند المسايفة وما أشبهها ودنو الزحف من الزحف فيجوز أن يصلوا الصلاة في ذلك الوقت رجالا وركبانا فإن قدروا على استقبال القبلة، وإلا صلوا مستقبلي حيث يقدرون وإن لم يقدروا على ركوع ولا سجود، أومئوا إيماء، وكذلك إن طلبهم العدو فأطلوا عليهم صلوا متوجهين على دوابهم يومئون إيماء ولا يجوز لهم في واحد من الحالين أن يصلوا على غير وضوء ولا تيمم ولا ينقصون من عدد الصلاة شيئا ويجوز لهم أن يصلوا بتيمم وإن كان الماء قريبا؛ لأنه محول بينهم وبين الماء وسواء أي عدو أطل عليهم أكفار أم لصوص أم أهل بغي أم سباع أم فحول إبل؛ لأن كل ذلك يخاف إتلافه وإن طلبهم العدو فنأوا عن العدو حتى يمكنهم أن ينزلوا بلا خوف أن يرهقوا لم يكن إلا النزول والصلاة بالأرض إلى القبلة وإن خافوا الرهق صلوا ركبانا وإن صلوا ركبانا يومئون ببعض الصلاة، ثم أمنوا العدو كان عليهم أن ينزلوا فيصلوا ما بقي من الصلاة مستقبلي القبلة، وأحب إلي لو استأنفوا الصلاة بالأرض وليس لهم أن يقصروا الصلاة في شيء من هذه الحالات إلا أن يكونوا في سفر يقصر في مثله الصلاة فإن كان المسلمون طالبي العدو فطلبوهم طلبا لم يأمنوا رجعة العدو عليهم فيه صلوا هكذا، وإن كانوا إذا وقفوا عن الطلب، أو رجعوا أمنوا رجعتهم لم يكن لهم إلا أن ينزلوا فيصلوا ويدعوا الطلب فلا يكون لهم أن يطلبوهم ويدعوا الصلاة بالأرض إذا أمكنهم؛ لأن الطلب نافلة فلا تترك لها الفريضة وإنما يكون ما وصفت من الرخصة في الصلاة في شدة الخوف ركبانا وغير مستقبلي القبلة إذا كان الرجل يقاتل المشركين، أو يدفع عن نفسه مظلوما ولا يكون هذا لفئة باغية ولا رجل قاتل عاص بحال وعلى من صلاها كذا وهو ظالم بالقتال إعادة كل صلاة صلاها بهذه الحال وكذلك إن خرج يقطع سبيلا، أو يفسد في الأرض فخاف سبعا، أو جملا صائلا صلى يومئ وأعاد إذا أمن ولا رخصة عندنا لعاص إذا وجد السبيل إلى أداء الفريضة بحال:الحال الثانية التي يجوز فيها استقبال غير القبلة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ودلت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن للمسافر إذا تطوع راكبا أن يصلي راكبا حيث توجه (قال) : وإذا كان الرجل مسافرا متطوعا راكبا صلى النوافل حيث توجهت به راحلته وصلاها على أي دابة قدر على ركوبها حمارا، أو بعيرا، أو غيره وإذا أراد الركوع، أو السجود، أومأ إيماء وجعل السجود أخفض من الركوع وليس له أن يصلي إلى غير القبلة مسافرا ولا مقيما إذا كان غير خائف صلاة وجبت عليه بحال مكتوبة في وقتها، أو فائتة، أو صلاة نذر، أو صلاة طواف، أو صلاة على جنازة (قال) : وبهذا فرقنا بين الرجل يوجب على نفسه الصلاة قبل الدخول فيها فقلنا لا يجزيه فيها إلا ما يجزيه في المكتوبات من القبلة وغيرها وبين الرجل يدخل في الصلاة متطوعا ثم زعمنا أنه غلط من زعم أنه إذا دخل فيها بلا إيجاب لها فحكمها حكم الواجب وهو يزعم كما نزعم أنه لا يصلي واجبا لنفسه إلا واجبا، أوجبه على نفسه مسافرا إلا إلى القبلة وأن المتطوع يصلي إلى غير القبلة.أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي على راحلته في السفر حيثما توجهت به» أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن ابن عمر أنه قال «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي على حمار وهو متوجه إلى خيبر» (قال الشافعي) : يعني النوافل أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي وهو على راحلته النوافل في كل جهة» أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن عثمان بن عبد الله بن سراقة عن جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بني أنمار كان يصلي على راحلته متوجها قبل المشرق» وإذا كان المسافر ماشيا لم يجزه أن يصلي حتى يستقبل القبلة فيكبر ثم ينحرف إلى جهته فيمشي فإذا حضر ركوعه لم يجزه في الركوع ولا في السجود إلا أن يركع ويسجد بالأرض؛ لأنه لا مؤنة عليه في ذلك كهي على الراكب (قال) : وسجود القرآن والشكر والوتر وركعتا الفجر نافلة فللراكب أن يومئ به إيماء وعلى الماشي أن يسجد به إذا أراد السجود ولا يكون للراكب في مصر أن يصلي نافلة إلا كما يصلي المكتوبة إلى قبلة وعلى الأرض وما تجزيه الصلاة عليه في المكتوبة؛ لأن أصل فرض المصلين سواء إلا حيث دل كتاب الله تعالى وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أرخص لهم (قال) : وسواء قصير السفر وطويله إذا خرج من المصر مسافرا يصلي حيث توجهت به راحلته متطوعا كما يكون له التيمم في قصير السفر وطويله؛ لأنه يقع على كل اسم سفر وكذلك لو ركب محملا، أو حمارا، أو غيره كان له أن يصلي حيث توجهت به مركبه وإن افتتح الصلاة متطوعا راكبا مسافرا ثم دخل المصر لم يكن له أن يمضي على صلاته بعد أن يصير إلى مصره ولا موضع مقام له فكان عليه أن ينزل فيركع ويسجد بالأرض وكذلك إذا نزل في قرية، أو غيرها لم يكن له أن يمضي على صلاته وإن مر بقرية في سفره ليست مصره ولا يريد النزول بها فهي من سفره وله أن يمضي فيها مصليا على بعيره وإن نزل في سفره منزلا في صحراء، أو قرية فسواء ولا يكون له أن يصلي إلا على الأرض كما يصلي المكتوبة وإن افتتح الصلاة على الأرض ثم أراد الركوب لم يكن له ذلك إلا أن يخرج من الصلاة التي افتتح بإكمالها بالسلام فإن ركب قبل أن يكملها فهو قاطع لها ولا يكون متطوعا على البعير حتى يفتتح على البعير صلاة بعد فراقه النزول وكذلك إذا خرج ماشيا وإن افتتح الصلاة على الأرض مسافرا فأراد ركوب البعير لم يكن ذلك له حتى يركع ويسجد ويسلم فإن فعل قبل أن يصلي ويسلم قطع صلاته وكذلك لو فعل، ثم ركب فقرأ ثم نزل فسجد بالأرض كان قاطعا لصلاته؛ لأن ابتداء الركوب عمل يطول ليس له أن يعمله في الصلاة ولو افتتح الصلاة راكبا فأراد النزول قبل أن يكمل الصلاة وأن يكون في صلاته كان ذلك له؛ لأن النزول أخف في العمل من الركوب وإذا نزل ركع على الأرض وسجد لا يجزيه غيره فإذا نزل، ثم ركب قطع الصلاة بالركوب كما وصفت بأنه كان عليه إذا نزل أن يركع ويسجد على الأرض وإذا افتتح الصلاة راكبا، أو ماشيا فإن انحرفت به طريقه كان له أن ينحرف وهو في الصلاة وإن انحرفت عن جهته حتى يوليها قفاه كله بغير طريق يسلكها فقد أفسد صلاته إلا أن تكون القبلة في الطريق التي انحرف إليها ولو غبته دابته، أو نعس فولى طريقه قفاه إلى غير قبلة فإن رجع مكانه بنى على صلاته وإن تطاول ساهيا، ثم ذكر مضى على صلاته وسجد للسهو وإن ثبت وهو لا يمكنه أن ينحرف ذاكرا؛ لأنه في صلاة فلم ينحرف فسدت صلاته وإذا ركب فأراد افتتاح الصلاة حيث توجهت به راحلته لم يكن عليه تأخي القبلة؛ لأن له أن يتعمد أن يجعل قبلته حيث توجه مركبه فإن افتتح الصلاة، وبعيره واقف قبل القبلة منحرفا عن طريقه افتتحها على القبلة ومضى على بعيره وإن افتتحها وبعيره واقف على غير القبلة لم يكن له ذلك ولا يفتتحها إلا وبعيره متوجه إلى قبلة، أو إلى طريقه حين يفتتحها، فأما وهو واقف على غير القبلة فلا يكون له أن يفتتح الصلاةوليس لراكب السفينة ولا الرمث ولا شيء مما يركب في البحر أن يصلي نافلة حيث توجهت به السفينة ولكن عليه أن ينحرف إلى القبلة وإن غرق فتعلق بعود صلى على جهته يومئ إيماء، ثم أعاد كل مكتوبة صلاها بتلك الحال إذا صلاها إلى غير قبلة ولم يعد ما صلى إلى قبلة بتلك الحال فإن قال قائل كيف يومئ ولا يعيد للضرورة ويصلي منحرفا عن القبلة للضرورة فيعيد قيل؛ لأنه جعل للمريض أن يصلي كيف أمكنه ولم يجعل له أن يصلي إلى غير قبلة مكتوبة بحال.
__________________
|
#17
|
||||
|
||||
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله
__________________
|
#18
|
||||
|
||||
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله
كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد الأول -كتاب الصلاة الحلقة (17) صــــــــــ 128 الى صـــــــــــ136 [باب افتتاح الصلاة] أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد وغيرهما عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال بعضهم كان إذا ابتدأ الصلاة وقال غيره منهم كان إذا افتتح الصلاة قال وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وقال أكثرهم وأنا أول المسلمين قال ابن أبي رافع وشككت أن يكون أحدهم قال وأنا من المسلمين اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعها لا يغفرها إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنى سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت لبيك وسعديك والخير بيديك والشر ليس إليك والمهدي من هديت أنا بك وإليك لا منجى منك إلا إليك تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن محمد قال حدثني صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة ثم كبر قال {وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين} [الأنعام: 79] وآيتين بعدها إلى قوله {وأنا أول المسلمين} [الأنعام: 163] ثم يقول اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعها لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق ولا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت لبيك وسعديك والخير بيديك والشر ليس إليك والمهدي من هديت أنا بك وإليك لا منجى ولا ملجأ منك إلا إليك تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك» (قال الشافعي) : وبهذا كله أقول وآمر وأحب أن يأتي به كما يروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يغادر منه شيئا ويجعل مكان: " وأنا أول المسلمين " " وأنا من المسلمين " (قال) : فإن زاد فيه شيئا، أو نقصه كرهته ولا إعادة ولا سجود للسهو عليه عمد ذلك، أو نسيه، أو جهله (قال الشافعي) : وإن سها عنه حين يفتتح الصلاة ثم ذكر قبل أن يفتتح القراءة أحببت أن يقوله وإن لم يذكره حتى يفتتح القراءة لم يقله ولا يقوله إلا في أول ركعة ولا يقوله فيما بعدها بحال.وإن ذكره قبل افتتاح القراءة وقبل التعوذ أحببت أن يقوله (قال الشافعي) : وسواء في ذلك الإمام والمأموم إذا لم يفت المأموم من الركعة ما لا يقدر عليه فإن فاته منها ما يقدر على بعض هذا القول ولا يقدر على بعضه أحببت أن يقوله وإن لم يقله لم يقضه في ركعة غيرها وإن كان خلف الإمام فيما لا يجهر فيه ففاته من الركعة ما لو قاله لم يقرأ أم القرآن تركه.وإن قال غيرها من ذكر الله وتعظيمه لم يكن عليه فيه شيء إن شاء الله تعالى، وكذلك إن قاله حيث لا آمره أن يقوله ولا يقطع ذكر الله الصلاة في أي حال ذكره (قال الشافعي) : ويقول هذا في الفريضة والنافلة. [باب التعوذ بعد الافتتاح] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : قال الله عز وجل {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} [النحل: 98] أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن سعد بن عثمان عن صالح بن أبي صالح أنه سمع أبا هريرة وهو يؤم الناس رافعا صوته ربنا إنا نعوذ بك من الشيطان الرجيم في المكتوبة وإذا فرغ من أم القرآن. (قال الشافعي) وكان ابن عمر يتعوذ في نفسه. (قال الشافعي) : وأيهما فعل الرجل أجزأه إن جهر، أو أخفى وكان بعضهم يتعوذ حين يفتتح قبل أم القرآن وبذلك أقول وأحب أن يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وإذا استعاذ بالله من الشيطان الرجيم وأي كلام استعاذ به أجزأه ويقوله في أول ركعة وقد قيل إن قاله حين يفتتح كل ركعة قبل القراءة فحسن ولا آمر به في شيء من الصلاة أمرت به في أول ركعة وإن تركه ناسيا، أو جاهلا، أو عامدا لم يكن عليه إعادة ولا سجود سهو وأكره له تركه عامدا وأحب إذا تركه في أول ركعة أن يقوله في غيرها وإنما منعني أن آمره أن يعيد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علم رجلا ما يكفيه في الصلاة فقال كبر ثم اقرأ» (قال) : ولم يرو عنه أنه أمره بتعوذ ولا افتتاح فدل على أن افتتاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اختيار وأن التعوذ مما لا يفسد الصلاة إن تركه [باب القراءة بعد التعوذ] أخبرنا الربيع قال قال الشافعي - رحمه الله تعالى - وسن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرأ القارئ في الصلاة بأم القرآن ودل على أنها فرض على المصلي إذا كان يحسن يقرؤها أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن محمود بن ربيع عن عبادة بن الصامت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «لا صلاة لمن لم يقرأ فاتحة الكتاب» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج فهي خداج» ، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أيوب بن أبي تميمة عن قتادة عن أنس قال «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين» (قال الشافعي) : يعني يبدءون بقراءة أم القرآن قبل ما يقرأ بعدها والله تعالى أعلم لا يعني أنهم يتركون بسم الله الرحمن الرحيم (قال الشافعي) : فواجب على من صلى منفردا، أو إماما أن يقرأ بأم القرآن في كل ركعة لا يجزيه غيرها وأحب أن يقرأ معها شيئا آية، أو أكثر وسأذكر المأموم إن شاء الله تعالى (قال الشافعي) : وإن ترك من أم القرآن حرفا واحدا ناسيا، أو ساهيا لم يعتد بتلك الركعة؛ لأن من ترك منها حرفا لا يقال له قرأ أم القرآن على الكمال (قال الشافعي) : بسم الله الرحمن الرحيم: الآية السابعة فإن تركها، أو بعضها لم تجزه الركعة التي تركها فيها (قال الشافعي) : وبلغني أن ابن عباس - رضي الله عنهما - كان يقول «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفتتح القراءة ب بسم الله الرحمن الرحيم» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرني أبي عن سعيد بن جبير " ولقد آتيناك سبعا من المثاني " قال هي أم القرآن قال أبي وقرأها على سعيد بن جبير حتى ختمها ثم قال بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة قال سعيد فقرأها على ابن عباس كما قرأتها عليك ثم قال بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة قال ابن عباس فادخرها لكم فما أخرجها لأحد قبلكم، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صالح مولى التوأمة أن أبا هريرة كان يفتتح الصلاة ب " بسم الله الرحمن الرحيم " أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم أن أبا بكر بن حفص بن عمر أخبره أن أنس بن مالك أخبره قال صلى معاوية بالمدينة صلاة فجهر فيها بالقراءة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها حتى قضى تلك القراءة ولم يكبر حين يهوي حتى قضى تلك الصلاة فلما سلم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين من كل مكان يا معاوية أسرقت الصلاة أم نسيت فلما صلى بعد ذلك قرأ بسم الله الرحمن الرحيم للسورة التي بعد أم القرآن وكبر حين يهوي ساجدا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن عثمان بن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه أن معاوية قدم المدينة فصلى بهم فلم يقرأ ب " بسم الله الرحمن الرحيم " ولم يكبر إذا خفض وإذا رفع فناداه المهاجرون حين سلم والأنصار أن يا معاوية سرقت صلاتك أين بسم الله الرحمن الرحيم وأين التكبير إذا خفضت وإذا رفعت فصلى بهم صلاة أخرى فقال ذلك فيها الذي عابوا عليه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن معاوية والمهاجرين والأنصار مثله، أو مثل معناه لا يخالفه وأحسب هذا الإسناد أخفض من الإسناد الأول (قال الشافعي) : وفي الأولى أنه قرأ بسم الله الرحمن الرحيم في أم القرآن ولم يقرأها في السورة التي بعدها فذلك زيادة حفظها ابن جريج وقوله فصلى بهم صلاة أخرى يحتمل أن يكون أعاد ويحتمل أن تكون الصلاة التي تليها، والله تعالى أعلم.أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر أنه كان لا يدع بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن وللسورة التي بعدها. (قال للشافعي) هذا أحب إلي؛ لأنه حينئذ مبتدئ قراءة القرآن (قال الشافعي) : وإن أغفل أن يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم وقرأ من الحمد لله رب العالمين حتى يختم السورة كان عليه أن يعود فيقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين حتى يأتي على السورة (قال الشافعي) : ولا يجزيه أن يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم بعد قراءة الحمد لله رب العالمين ولا بين ظهرانيها حتى يعود فيقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم يبتدئ أم القرآن فيكون قد وضع كل حرف منها في موضعه وكذلك لو أغفل فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قال: {مالك يوم الدين} [الفاتحة: 4] حتى يأتي على آخر السورة وعاد فقال الحمد لله رب العالمين حتى يأتي على آخر السورة، وكذلك لو أغفل " الحمد " فقط فقال: {لله رب العالمين} [الفاتحة: 2] عاد فقرأ " الحمد "، وما بعدها لا يجزيه غيره حتى يأتي بها كما أنزلت ولو أجزت له أن يقدم منها شيئا عن موضعه، أو يؤخره ناسيا أجزت له إذا نسي أن يقرأ آخر آية منها ثم التي تليها قبلها ثم التي تليها حتى يجعل بسم الله الرحمن الرحيم آخرها، ولكن لا يجزي عنه حتى يأتي بها بكمالها كما أنزلت ولو وقف فيها، أو تعايا، أو غفل فأدخل فيها آية، أو آيتين من غيرها رجع حتى يقرأ من حيث غفل، أو يأتي بها متوالية فإن جاء بها متوالية لم يقدم منها مؤخرا وإنما أدخل بينها آية من غيرها أجزأت؛ لأنه قد جاء بها متوالية، وإنما أدخل بينها ما له قراءته في الصلاة فلا يكون قاطعا لها به وإن وضعه غير موضعه ولو عمد أن يقرأ منها شيئا ثم يقرأ قبل أن يكملها من القرآن غيرها كان هذا عملا قاطعا لها وكان عليه أن يستأنفها لا يجزيه غيرها، ولو غفل فقرأ ناسيا من غيرها لم يكن عليه إعادة ما مضى منها؛ لأنه معفو له عن النسيان في الصلاة إذا أتى على الكمال ولو نسي فقرأ ثم ذكر فتم على قراءة غيرها كان هذا قاطعا لها وكان عليه أن يستأنفها ولو قرأ منها شيئا ثم نوى أن يقطعها ثم عاد فقرأ ما بقي أجزأته ولا يشبه هذا نيته في قطع المكتوبة نفسها وصرفها إلى غيرها ولكنه لو نوى قطعها وسكت شيئا كان قاطعا لها وكان عليه أن يستأنفها وعمد القطع لها حتى يأخذ في غيرها، أو يصمت فأما ما يتابعه قطعها حديث نفس موضوع عنه (قال الشافعي) : ولو بدأ فقرأ في الركعة غيرها ثم قرأها أجزأت عنه [باب التأمين عند الفراغ من قراءة أم القرآن] أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن أنهما أخبراه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» ، قال ابن شهاب: وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول آمين أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك قال أخبرنا سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «إذا قال الإمام: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [الفاتحة: 7] فقولوا آمين؛ فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «إذا قال أحدكم: آمين وقالت الملائكة في السماء: آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر الله له ما تقدم من ذنبه» (قال الشافعي) : فإذا فرغ الإمام من قراءة أم القرآن قال: آمين، ورفع بها صوته ليقتدي به من كان خلفه فإذا قالها قالوها وأسمعوا أنفسهم ولا أحب أن يجهروا بها فإن فعلوا فلا شيء عليهم وإن تركها الإمام قالها من خلفه وأسمعه لعله يذكر فيقولها ولا يتركونها لتركه كما لو ترك التكبير والتسليم لم يكن لهم تركه، فإن لم يقلها ولا من خلفه فلا إعادة عليهم ولا سجود للسهو وأحب قولها لكل من صلى رجل، أو امرأة، أو صبي في جماعة كان، أو غير جماعة. ولا يقال: آمين إلا بعد أم القرآن فإن لم يقل لم يقضها في موضع غيره (قال الشافعي) : وقول آمين يدل على أن لا بأس أن يسأل العبد ربه في الصلاة كلها في الدين والدنيا مع ما يدل من السنن على ذلك (قال الشافعي) : ولو قال مع: آمين رب العالمين وغير ذلك من ذكر الله كان حسنا لا يقطع الصلاة شيء من ذكر الله [باب القراءة بعد أم القرآن] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وأحب أن يقرأ المصلي بعد أم القرآن سورة من القرآن فإن قرأ بعض سورة أجزأه فإن اقتصر على أم القرآن ولم يقرأ بعدها شيئا لم يبن لي أن يعيد الركعة ولا أحب ذلك له وأحب أن يكون أقل ما يقرأ مع أم القرآن في الركعتين الأوليين قدر أقصر سورة من القرآن مثل {إنا أعطيناك الكوثر} [الكوثر: 1] وما أشبهها وفي الأخريين أم القرآن وآية وما زاد كان أحب إلي ما لم يكن إماما فيثقل عليه (قال) : وإذا أغفل من القرآن بعد أم القرآن شيئا، أو قدمه، أو قطعه لم يكن عليه إعادة وأحب أن يعود فيقرأه وذلك أنه لو ترك قراءة ما بعد أم القرآن أجزأته الصلاة وإذا قرأ بأم القرآن وآية معها أي آية كانت إن شاء الله تعالى [باب كيف قراءة المصلي] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : قال الله تبارك وتعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - {ورتل القرآن ترتيلا} [المزمل: 4] (قال الشافعي) : وأقل الترتيل ترك العجلة في القرآن عن الإبانة وكلما زاد على أقل الإبانة في القراءة كان أحب إلي ما لم يبلغ أن تكون الزيادة فيها تمطيطا.وأحب ما وصفت لكل قارئ في صلاة وغيرها وأنا له في المصلي أشد استحبابا منه للقارئ في غير صلاة فإذا أيقن المصلي أن لم يبق من القراءة شيء إلا نطق به أجزأته قراءته ولا يجزئه أن يقرأ في صدره القرآن ولم ينطق به لسانه ولو كانت بالرجل تمتمة لا تبين معها القراءة أجزأته قراءته إذا بلغ منها ما لا يطيق أكثر منه وأكره أن يكون إماما وإن أم أجزأ إذا أيقن أنه قرأ ما تجزئه به صلاته، وكذلك الفأفاء أكره أن يؤم فإن أم أجزأه وأحب أن لا يكون الإمام أرت ولا ألثغ وإن صلى لنفسه أجزأه وأكره أن يكون الإمام لحانا؛ لأن اللحان قد يحيل معاني القرآن فإن لم يلحن لحنا يحيل معنى القرآن أجزأته صلاته.وإن لحن في أم القرآن لحانا يحيل معنى شيء منها لم أر صلاته مجزئة عنه ولا عمن خلفه وإن لحن في غيرها كرهته ولم أر عليه إعادة؛ لأنه لو ترك قراءة غير أم القرآن وأتى بأم القرآن رجوت أن تجزئه صلاته وإذا أجزأته أجزأت من خلفه إن شاء الله تعالى.وإن كان لحنه في أم القرآن وغيرها لا يحيل المعنى أجزأت صلاته وأكره أن يكون إماما بحال. [باب التكبير للركوع وغيره] أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن علي بن الحسين قال «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكبر كلما خفض ورفع فما زالت تلك صلاته حتى لقي الله تعالى» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة أن أبا هريرة كان يصلي لهم فيكبر كلما خفض ورفع فإذا انصرف قال: والله إني لأشبهكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (قال الشافعي) : ولا أحب لمصل منفردا ولا إماما ولا مأموما أن يدع التكبير للركوع والسجود والرفع والخفض؛ وقول سمع الله لمن حمده، وربنا لك الحمد إذا رفع من الركوع ولو رفع رأسه من شيء مما وصفت، أو وضعه بلا تكبير لم يكن عليه أن يكبر بعد رفع الرأس ووضعه وإذا ترك التكبير في موضعه لم يقضه في غيره " قال أبو محمد الربيع بن سليمان: فاتني من هذا الموضع من الكتاب وسمعته من البويطي وأعرفه من كلام الشافعي ". (قال الشافعي) : وإذا أراد الرجل أن يركع ابتدأ بالتكبير قائما فكان فيه وهو يهوي راكعا وإذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع ابتدأ قوله: سمع الله لمن حمده رافعا مع الرفع ثم قال إذا استوى قائما وفرغ من قوله: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد وإذا هوى ليسجد ابتدأ التكبير قائما ثم هوى مع ابتدائه حتى ينتهي إلى السجود وقد فرغ من آخر التكبير ولو كبر وأتم بقية التكبير ساجدا لم يكن عليه شيء واجب إلى أن لا يسجد إلا وقد فرغ من التكبير فإذا رفع رأسه من السجود ابتدأ التكبير حتى يستوي جالسا وقد قضاه فإذا هوى ليسجد ابتدأ التكبير قاعدا وأتمه وهو يهوي للسجود ثم هكذا في جميع صلاته.ويصنع في التكبير ما وصفت من أن يبينه ولا يمططه ولا يحذفه فإذا جاء بالتكبير بينا أجزأه ولو ترك التكبير سوى تكبيرة الافتتاح وقوله سمع الله لمن حمده لم يعد صلاته وكذلك من ترك. الذكر في الركوع والسجود وإنما قلت ما وصفت بدلالة الكتاب ثم السنة قال الله عز وجل {اركعوا واسجدوا} [الحج: 77] ولم يذكر في الركوع والسجود عملا غيرهما فكانا الفرض فمن جاء بما يقع عليه اسم ركوع، أو سجود فقد جاء بالفرض عليه والذكر فيهما سنة اختيار وهكذا قلنا في المضمضة والاستنشاق مع غسل الوجه. (قال الشافعي) : «ورأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا يصلي صلاة لم يحسنها فأمره بالإعادة ثم صلاها فأمره بالإعادة فقال له يا رسول الله علمني فعلمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الركوع والسجود والرفع والتكبير للافتتاح، وقال فإذا جئت بهذا فقد تمت صلاتك ولم يعلمه ذكرا في ركوع ولا سجود ولا تكبيرا سوى تكبيرة الافتتاح ولا قول سمع الله لمن حمده فقال له فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك وما نقصت منه فقد نقصت من صلاتك» فدل ذلك على أنه علمه ما لا تجزئ الصلاة إلا به وما فيه ما يؤديها عنه وإن كان الاختيار غيره [باب القول في الركوع] أخبرنا الربيع قال: أخبرنا البويطي قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: أخبرني صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ركع قال اللهم لك ركعت ولك أسلمت وبك آمنت وأنت ربي خشع لك سمعي وبصري وعظامي وشعري وبشري وما استقلت به قدمي لله رب العالمين» أخبرنا الربيع قال أخبرنا البويطي قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد أحسبه عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ركع قال اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت أنت ربي خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وما استقلت به قدمي لله رب العالمين» أخبرنا الربيع قال أخبرنا البويطي قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة وإبراهيم بن محمد عن سليمان بن سحيم عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن أبيه عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ألا إني نهيت أن أقرأ راكعا، أو ساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا فيه» قال أحدهما من الدعاء وقال الآخر فاجتهدوا فإنه قمن أن يستجاب. (قال الشافعي) : ولا أحب لأحد أن يقرأ راكعا ولا ساجدا لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنهما موضع ذكر غير القراءة وكذلك لا أحب لأحد أن يقرأ في موضع التشهد قياسا على هذا أخبرنا الربيع قال أخبرنا البويطي قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن إسحاق بن يزيد الهذلي عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا ركع أحدكم فقال سبحان ربي العظيم ثلاث مرات فقد تم ركوعه وذلك أدناه وإذا سجد فقال سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات فقد تم سجوده وذلك أدناه» . (قال الشافعي) : إن كان هذا ثابتا فإنما يعني والله تعالى أعلم أدنى ما ينسب إلى كمال الفرض والاختيار معا لا كمال الفرض وحده وأحب أن يبدأ الراكع في ركوعه أن يقول سبحان ربي العظيم ثلاثا ويقول ما حكيت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقوله وكل ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ركوع، أو سجود أحببت أن لا يقصر عنه إماما كان، أو منفردا وهو تخفيف لا تثقيل " قال الربيع إلى ها هنا انتهى سماعي من البويطي ".أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال: وأقل كمال الركوع أن يضع كفيه على ركبتيه فإذا فعل فقد جاء بأقل ما عليه في الركوع حتى لا يكون عليه إعادة هذه الركعة وإن لم يذكر في الركوع لقول الله عز وجل {اركعوا واسجدوا} [الحج: 77] فإذا ركع وسجد فقد جاء بالفرض، والذكر فيه سنة اختيار لا أحب تركها وما علم النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجل من الركوع والسجود ولم يذكر الذكر فدل على أن الذكر فيه سنة اختيار وإن كان أقطع، أو أشل إحدى اليدين أخذ إحدى ركبتيه بالأخرى وإن كانتا معا عليلتين بلغ من الركوع ما لو كان مطلق اليدين فوضع يديه على ركبتيه لم يجاوزه، ولا يجزيه غير ذلك وإن كان صحيح اليدين فلم يضع يديه على ركبتيه فقد أساء ولا شيء عليه إذا بلغ من الركوع ما لو وضع يديه على ركبتيه لم يجاوزه إذا ترك وضع يديه على ركبتيه وشك في أنه لم يبلغ من الركوع ما لو وضع يديه على ركبتيه لم يجاوزه لم يعتد بهذه الركعة. (قال الشافعي) : وكمال الركوع أن يضع يديه على ركبتيه ويمد ظهره وعنقه ولا يخفض عنقه عن ظهره ولا يرفعه ولا يجافي ظهره ويجتهد أن يكون مستويا في ذلك كله فإن رفع رأسه عن ظهره، أو ظهره عن رأسه، أو جافى ظهره حتى يكون كالمحدودب كرهت ذلك له ولا إعادة عليه؛ لأنه قد جاء بالركوع والركوع في الظهر، ولو بلغ أن يكون راكعا فرفع يديه فلم يضعهما على ركبتيه ولا غيرهما لم تكن عليه إعادة ولو أن رجلا أدرك الإمام راكعا فركع قبل أن يرفع الإمام ظهره من الركوع اعتد بتلك الركعة، ولو لم يركع حتى يرفع الإمام ظهره من الركوع لم يعتد بتلك الركعة ولا يعتد بها حتى يصير راكعا والإمام راكع بحاله، ولو ركع الإمام فاطمأن راكعا ثم رفع رأسه من الركوع فاستوى قائما، أو لم يستو إلا أنه قد زايل الركوع إلى حال لا يكون فيها تام الركوع ثم عاد فركع ليسبح فأدركه رجل في هذه الحال راكعا فركع معه لم يعتد بهذه الركعة؛ لأن الإمام قد أكمل الركوع أولا وهذا ركوع لا يعتد به من الصلاة. (قال الربيع) وفيه قول آخر أنه إذا ركع ولم يسبح ثم رفع رأسه ثم عاد فركع ليسبح فقد بطلت صلاته؛ لأن ركوعه الأول كان تماما وإن لم يسبح فلما عاد فركع ركعة أخرى ليسبح فيها كان قد زاد في الصلاة ركعة عامدا فبطلت صلاته بهذا المعنى. (قال الشافعي) : وإذا ركع الرجل مع الإمام ثم رفع قبل الإمام فأحب أن يعود حتى يرفع الإمام رأسه ثم يرفع برفعه، أو بعده وإن لم يرفع وقد ركع مع الإمام كرهته له ويعتد بتلك الركعة ولو ركع المصلي فاستوى راكعا وسقط إلى الأرض كان عليه أن يقوم حتى يعتدل صلبه قائما ولم يكن عليه أن يعود لركوع؛ لأنه قد ركع ولو أدركه رجل بعد ما ركع وسقط راكعا باركا، أو مضطجعا، أو فيما بين ذلك لم يزل عن الركوع فركع معه لم يعتد بتلك الركعة؛ لأنه راكع في حين لا يجزئ فيه الركوع ألا ترى أنه لو ابتدأ الركوع في تلك الحال لم يكن راكعا؛ لأن فرضه أن يركع قائما لا غير قائم ولو عاد فقام راكعا كما هو فأدركه رجل فركع معه في تلك الحال لم تجزه تلك الركعة؛ لأنه قد خرج من الركوع الأول حين زايل القيام واستأنف ركوعا غير الأول قبل سجوده وإذا كان الرجل إماما فسمع حس رجل خلفه لم يقم راكعا له ولا يحبسه في الصلاة شيء انتظارا لغيره ولا تكون صلاته كلها إلا خالصا لله عز وجل لا يريد بالمقام فيها شيئا إلا هو عز وجل. [باب القول عند رفع الرأس من الركوع] أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال ويقول الإمام والمأموم والمنفرد عند رفعهم رءوسهم من الركوع سمع الله لمن حمده فإذا فرغ منها قائلها أتبعها فقال ربنا ولك الحمد وإن شاء قال اللهم ربنا لك الحمد ولو قال لك الحمد ربنا اكتفى والقول الأول اقتداء بما أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي ولو قال من حمد الله سمع له لم أر عليه إعادة وأن يقول سمع الله لمن حمده اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن أبي داود ومسلم بن خالد عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رفع رأسه من الركوع في الصلاة المكتوبة قال: اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد» وإن لم يزد على أن يركع ويرفع ولم يقل شيئا كرهت ذلك له ولا إعادة عليه ولا سجود سهو. [باب كيف القيام من الركوع] أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن محمد بن عجلان عن علي بن يحيى عن رفاعة بن رافع «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك ومكن لركوعك فإذا رفعت فأقم صلبك وارفع رأسك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها» . (قال الشافعي) : ولا يجزي مصليا قدر على أن يعتدل قائما إذا رفع رأسه من الركوع شيء دون أن يعتدل قائما إذا كان ممن يقدر على القيام وما كان من القيام دون الاعتدال لم يجزئه. (قال الشافعي) : ولو رفع رأسه فشك أن يكون اعتدل ثم سجد، أو طرحه شيء عاد فقام حتى يعتدل ولم يعتد بالسجود حتى يعتدل قائما قبله وإن لم يفعل لم يعتد بتلك الركعة من صلاته ولو ذهب ليعتدل فعرضت له علة تمنعه الاعتدال فسجد أجزأت عنه تلك الركعة من صلاته؛ لأنه لم يكن ممن يقدر على الاعتدال وإن ذهبت العلة عنه قبل السجود فعليه أن يعود معتدلا؛ لأنه لم يدع القيام كله بدخوله في عمل السجود الذي يمنعه حتى صار يقدر على الاعتدال وإن ذهبت العلة عنه بعدما يصير ساجدا لم يكن عليه ولا له أن يقوم إلا لما يستقبل من الركوع وإن فعل فعليه سجود السهو؛ لأنه زاد في صلاته ما ليس عليه وإذا اعتدل قائما لم أحب له يتلبث حتى يقول ما أحببت له القول ثم يهوي ساجدا، أو يأخذ في التكبير فيهوي وهو فيه وبعد أن يصل إلى الأرض ساجدا مع انقضاء التكبير وإن أخر التكبير عن ذلك، أو كبر معتدلا، أو ترك التكبير كرهت ذلك له، ولا إعادة، ولا سجود للسهو عليه ولو أطال القيام بذكر الله عز وجل يدعو وساهيا وهو لا ينوي به القنوت كرهت ذلك له ولا إعادة ولا سجود للسهو؛ لأن القراءة من عمل الصلاة في غير هذا الموضع وهذا الموضع موضع ذكر غير قراءة فإن زاد فيه فلا يوجب عليه سهوا، ولذلك لو أطال القيام ينوي به القنوت كان عليه سجود السهو؛ لأن القنوت عمل معدود من عمل الصلاة فإذا عمله في غير موضعه، أوجب عليه السهو.
__________________
|
#19
|
||||
|
||||
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله
__________________
|
#20
|
||||
|
||||
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |