حجر، ورقة، مقص - ملتقى الشفاء الإسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 858377 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 392836 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215478 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          زوجي مصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-07-2020, 11:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي حجر، ورقة، مقص

حجر، ورقة، مقص


شريفة الغامدي







مِن الألعاب التي يَلعبها الأطفال، حين يَحتاجون إلى الاقْتراع لاختيار مَن يبدأ اللَّعب، لعبة "حجَر، ورقَة، مِقَص" وفيها يردِّد الأطفالُ "حجر، ورقة، مقص"، ثم يُخْرج كلٌّ منهم يدَه؛ إما فاتحًا إياها فيكون هو الورَقة، أو قابِضًا لها فيكون الحجر، أو رافعًا أُصْبَعيه السبابة والوسطى كالمِقَص.













والفكرة هي أنَّ الحجَر يَضرب المقصَّ فيُحَطِّمه، فيكون صاحبُ الحجَر هو الرَّابحَ في القُرعة، بينما الورقة تَلُفُّ الحجر فيخسر، أمَّا المقصُّ فيقُصُّ الورقة، وهكذا فالرِّبح لا يَعتمد على اختيارك فقط، بل على ما يَختاره الآخَر أيضًا.







ولا مجالَ لمعرفة ما سيختاره الآخَر قبل أن تَختار؛ فالأيدي تُعْرض في نفس الوقت.







عندما تَنظر إلى الأطفال وهم يلعبون هذه اللعبة تجد فيهم مَن يحاول معرفةَ ما يَختاره الآخَر، إلاَّ أنَّ تأخُّره في إبداء يَدِه يعرِّضه للخَسارة، وتَمتلئ شِفاهُهم غالبًا بالابتسامات والضَّحكات وهم يلعبونها، وإن كانت أحيانًا تنتهي بالغضب والبكاء، خاصةً ممن لم يحالفه الحظ، فيسحب يده وينسحب من اللعبة ساخطًا مردِّدًا: لن ألعب معكم.







وبِغَضِّ النَّظر عن أصل هذه اللعبة ومَنشئها، إلا أنَّ التَّأمُّل في فكرتها يُوحي إليك بأمور أخرى، ويصِلُ بك لأِفكار متشعِّبة أخرى قد لا يكون لها علاقةٌ مباشرة بها.







إنَّ العقْل الحجري يَستعصي على المقصِّ الذي هو مِن أدوات القَطْع التي تُحاول تحطيمه دون جَدوى، حتى تأتِيَ الورقة فتَلُفَّه، وتتمكَّنَ منه.







تلك الورقة الممتلئة بالعلم تلُفُّ العقل المتحجِّر، وتغلِّفه تمامًا، وتغلبه وتحطمه، وتجبره على الانكسار.







فالورقة تَنثني وتَلِين فتلُفُّ الحجر القاسي، أما المقص الذي يُصِرُّ على مواجهة القوة بالقوة والعنف، فإنه يَنكسر أمامه ويُخذل مُراده، فقوَّة العقل تتغلَّب على قوة اليد، وتلين أمام قوة الفكر المقْنِع الذي يفجِّر طاقاتِ العقل وإبداعاته.







والحقُّ أنَّه ليست كلُّ الأوراق رابحةً، فالورقة الرابحة حقًّا هي تلك المَليئة بكلمات الحق؛ فقوتها مستمَدَّة من حروفِه المكتوبة عليها، فيكسب صاحبها حتمًا، بينما تتمزَّق كلُّ الأوراق التي تعجُّ بتفاهات الفكر، وتلك التي أُلقيت عليها نفاياته.







لديك ورقة سليمة، إذًا حتْمًا ستربح وتتمكَّن من الحجر (العقل) وتُزَحْزِح ثوابته، أما إذا كانت ورقتُك تالفةً منتهيَةَ الصلاحية فهي لن تَزِيد العقل إلا تردِّيًا وانحدارًا.







عندما جاء الإسلام استطاع بقوَّةِ ثباتِه وسلامة محتواه أنْ يَلُفَّ العقول الحجَرية الجاهلة رغْمَ صَلابتها، ويغيِّرَ قناعاتِها الخاويةَ بقوةِ الفِكر قَبْل السَّيف، فلم تَستطع كلُّ مِقصَّات العالَم أن تَقْطع على الإسلام مسيرةَ انتشاره.







قيمة الورق أغْلَى وأفضل مِن قيمة الحجَر، وقيمة ما في الورَق مِن عِلم هي الأعْلى، فلولا العِلْمُ ما تقدَّمَت الشعوب، وما سخَّرَت الحجَر لنَفْعها؛ فالورقة الصغيرة جعَلت مِن الحجر جِسرًا للعبور إلى برِّ الأمان، وبنَتْ منه أسوارًا عاليةً لا تستطيع لها الأعداءُ نقْبًا.













كُنِ الورقة؛ فاليد المبسوطة تمتدُّ لِتَهب الخير، وتجود به، فتلُف القلوب القاسية الجافية وتلينها، و:



لَطَالَمَا اسْتَعْبَدَ الإِنْسَانَ إِحْسَانُ[1]











كُنِ المقصَّ لكل يدٍ امتدَّت لتغطِّي أعين الناس عن الحق، ولكل طريق يؤدِّي إلى ضلالة، ولكل منحَدر يضيِّع جهود الأمة في الارتقاء، واحذَرْ أن تَكْسرك عثرة بسيطة بحجر؛ لِتمْنَعك عن إكمال مسيرتك نحو القِمَّة، بل انهض وأَعِد المحاولة حتى تَصِل لمبتغاك، وحتمًا ستصل إليه.





مَا ضَلَّ ذُو أَمَلٍ سَعَى

يَوْمًا وَحِكْمَتُهُ الدَّلِيلُ




كَلاَّ وَلاَ خَابَ امْرُؤٌ

يَوْمًا وَمَقْصِدُهُ نَبِيلُ[2]
















لا بأس بأن تكون حجَرًا أحيانًا، راسِخًا فيما يتعلَّق بمبادئك وثَوابت عقيدتك ودينك، فالسِّكِّين تَقْطع قالب الزُّبْد دون عناء، أما الحجر فإنَّه لا يستطيعه، هنا مِن الجيِّد والمطلوبِ أن تَكُون حجرًا.







واجعل المياه الجارية تتدفَّق مِن فَوقك أو مِن تحتك دُون أن تتأثَّر بها؛ فالحِكمة خير مِن القوة؛ تَضْبط الفَوضى وتُسدِّد القرار، فما لا تستطيعه الآلات تَستطيعه الحيلة كما يقال، وما لا يُنال بالقوة يُنال بالحكمة.







كن حجرًا تُلْقِمه لكلِّ الأفواه التي تتشدَّق بما لا يُرضي الله.







هنا لفْتة:



لا تغضب إذا ما كنت مقصًّا وكان مَن أمامك حجرًا؛ فلربَّما صار غدًا المقصَّ وأنت الحجر، فالتقلُّب بين الهدوء والصَّخب، وبين الشدَّة والرَّخاء سُنَّة الحياة، وما تَكْرهه أنت قد يحبُّه غيرُك، وما يضُرُّك قد يكون خيرًا لسِوَاك.







فلا تنظر للأمور السيِّئة على أنها سوء مُطْلق، فالزَّلازل دَمار شامل، لكنها تُخرج خيرات الأرض لأجيال تَعْقب جِيلك.







فلا تنسحب، وواصل المسير، ولا تَرْكن للدَّعَة والكسل؛ فالقدَر محتوم، وقد كُتِب كاملاً قبل أن تُخلق، فلا تعتمِدْ على الحظِّ في اختياراتك، بل الجأ إلى من قدَّره واستعن به.





الدَّهْرُ يَوْمَانِ ذَا أَمْنٌ وَذَا خَطَرُ

وَالعَيْشُ عَيْشَانِ ذَا صَفْوٌ وَذَا كَدَرُ [3]
















ــــــــــــــــــــــــــــ





[1] لأَبي الفتْح البُسْتي.




[2] إبراهيم طوقان.




[3] الشافعي.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 60.99 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.34 كيلو بايت... تم توفير 1.65 كيلو بايت...بمعدل (2.71%)]