|
|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
حكاية شجرة ( للأطفال )
حكاية شجرة ( للأطفال ) الشيخ حسن عبدالعال محمود لا يَخفى مقام النخلة في بلاد المسلمين وما لها من مَيزات وتقدير وعناية فائقة من المسلمين في شتَّى البلاد، ولا عجب في ذلك لما فيها من الخير والنفع للعباد. وهي شجرة المسلمين؛ كما يقال، بل شبَّهها النبي صلى الله عليه وسلم بالمؤمن لا يتحات ورقُها، تعالوا أبنائي نسمع حكايتها وهي ترويها بنفسها: أنا النخلة شَرُفت بذِكري في القرآن الكريم في أكثر من آية، لي قصة مع السيدة مريم عليها السلام حين وضعت وليدَها إلى جذع النخلة، وحين أُمِرتْ أن تَهُز الجِذعَ، فيتساقط عليها الرُّطب ليكون غذاء ودواء، قال تعالى: ﴿ فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا * فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ﴾ [مريم: 23 - 25]. وأنا الشجرة الطيبة التي ضرب اللهُ بها المَثَلَ لكلمة التوحيد، عندما تَستقِرُّ في القلب الصادق فتُثمِر الأعمال المقوية للإيمان. قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ﴾ [إبراهيم: 24]. وأنا الشجرة التي ضربها الله مثلاً للمؤمن في عموم نفْعها وبقائها وتنوُّع فائدتها؛ كما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من الشجر شجرة لا يَسقُط ورقها، وإنها مثل المسلم، حدِّثوني ما هي؟))، قال: فوقع الناس في شجر البوادي، قال عبدالله: فوقع في نفسي أنها النخلة، ثم قالوا: حدِّثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: ((هي النخلة)). ولي موقف مؤثِّر لما كنتُ منبرَ رسول الله؛ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار أو رجل: يا رسول الله، ألا نجعل لك منبرًا؟ قال: ((إن شئتم))، فجعلوا له منبرًا، فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي صلى الله عليه وسلم فضمَّها إليه تئن أنين الصبي الذي يَسكُن، قال: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذِّكر عندها. لا تخفى على أحد بركتي ومنفعتي، وهي موجودة في كل أجزائي من حين أن أطلع إلى أن أيبس، فينتفع بجميع أجزائي حتى النوى في علف الدواب والليف في الحبال وغير ذلك مما لا يخفى. أتحمَّل الجفاف وتقلبات الطقس، وأصبر على الشدائد البيئية، ولا تَعصِف بي الريحُ بسهولة، وأستمِدُّ طاقتي من الشمس والهواء بورقي المهيَّأ لذلك، وقوتي في هالتي الورقية. فنفعي دائم بثماري وأوراقي، وظلِّي وجذعي، وخوصي وكرانيفي، وليفي وكروبي، وعذوقي وأنويتي، وقطميري وجماري، وجمالي دائم في حياتي وبعد مماتي. دائمًا أُقابِل السيئة بالحسنة: أُرْمى بالحجر فأسقط أطيب الثمر، قطوفي دانية في كل أحوالي، في حال قصري وطول جذعي، يسهل الصعود إلي، والصعود إلي لا ينال من أوراقي، ولا يكسر أغصاني، ولا ينال جماري، تؤكل ثماري بكميات كافية كل حين على هيئة: الطلع والجمرى والبسر والرطب والتمر، وعندما تجف الثمار تؤكل طوال العام. أنا زاد للمسافر وعصمة للمقيم، سهلة التخزين، بطيئة الفساد والتغير، لا أعتدي على جيراني بسيقاني أو فروعي، ولا أوذي المحيطين بي، ثماري حلوة الطعم عديمة الرائحة، وأنا دائمة الخضرة، وأنا كما قال عني لقمان الحكيم لابنه: يا بني، ليكن أول شيء تكسبه بعد الإيمان بالله خليلاً صالحًا؛ فإنما الخليل الصالح كالنخلة إذا قعدت في ظلِّها أظلَّتك، وإذا احتطبت من حطبها نفعتك، وإذا أكلت من ثمارها وجدته طيبًا. وأنا سيدة الشجر؛ فكما أن "لا إله إلا الله" سيدة الكلام، كذلك أنا سيدة الشجر. وهكذا يا أبنائي كانت تلك حكايتي
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |