(المس.. السحر.. الحسد.. الربط) بين الإفراط والتفريط - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 42 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 55 - عددالزوار : 15789 )           »          توجيهات منهجية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          القاعدة الأوفى في الأسماء الحسنى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 127 - عددالزوار : 14510 )           »          تحويل القبلة وتميز الأمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          التوبة في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          فضل صلاة التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          خطر الشذوذ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          مجازر الطحين.. إرهاصات نصر وعز وتمكين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-01-2021, 09:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,327
الدولة : Egypt
افتراضي (المس.. السحر.. الحسد.. الربط) بين الإفراط والتفريط

(المس.. السحر.. الحسد.. الربط) بين الإفراط والتفريط
محمد فريد فرج فراج






بسم الله الرحمن الرحيم
وَالحَمْدُ لله رَبِّ العالَمين، وَالصَّلاةُ والسَّلامُ عَلى أَشْرَفِ المُرسَلِين - صلَّى الله عليه وسلَّم.

الحمدُ لله الذي قَضى بحِكمتِه الواسِعة وعلمِه المُطلَق أنْ يَخلُق الدُّنيا بِحُلوها ومرِّها، بخيرها وشرِّها، بصفْوها وكدَرها، فلم يشأ أنْ يَجعلها خيرًا صِرفًا، كما لم يُرِد أن يجعلها شرًّا مَحضًا؛ بل جعل لكلِّ خلْق مِن الخير المحبوب نقيضَه من الشرِّ المكروه، فخلقَ الملائكة يُرسِل بهم دعوات الهُدى للبشريَّة، كما خلقَ الشياطين بالوسْوسَة في قلوب الناس بالزيغ والضَّلال، وكما خلق الصحَّة والغِنى، والأفراح والعطاء، كذلك خلَق المرَض والفقْر، والأحزان والحِرمان، وأما مَن أراد الخير الخالص؛ فهو في الفردَوس الأعْلى - لا حرَمني الله وإيَّاكم منه - ومَن سأل عن الشرِّ المَحضِ فهو في الجحيم - عياذًا بالله منه.

وكذلك قَضَى الرحمنُ بواسِع رحمتِه أنْ يُزيِّن هذه الدُّنيا بالمتاع الزائل مِن الصحَّة والمال والجمال، والبنين والجاه والسُّلطان والنِّساء، وغير ذلك مِن المتاع الفاني لحِكَمٍ عديدةٍ، منها: أنَّه يُذكِّر خلْقَه بنعيم الجنَّة، ومنها: فتنةٌ وامتحانٌ واختبارٌ، كما قَضى برحمته أن يُنغصها على أهلها بشتَّى المُنغِّصات مِن الأمْراض النفسيَّة والجسَديَّة والرُّوحيَّة، والفقْر والآلام المُختلِفة، حتَّى لا يَركَن إليها النَّاس، ولعلَّهم يَشعُرون بضعفِهم، فلا يتكبَّرون فيها، ولا يتغطرسون، وحتَّى يَشعُروا بدوام حاجتِهم إلى خالقهم - جلَّ وعلا - فيَرجعوا إليه طالبين الأمْن والأمان، والحفْظ والرِّعاية مِن كلِّ ما في هذه الدُّنيا مِن شُرور ومَخاطِر.

ألا ومِن تلك الشُّرور والمَخاطِر التي مُلئتْ بِها الدُّنيا أذى الشَّياطين بصوره الشتَّى، وأنواعِه المُختلِفة: (المسّ/ السِّحر/ الحسَد/ الرَّبط).

وقد انقسَم النَّاس تُجاه هذا البلاء ثلاثة أقسام:
الأوَّل/ المفرِّطون:وهم المُنكِرون الذين يَعتبرون أنَّ كلَّ هذه الابتلاءات مَحضُ تَخاريف، لا أساس لها مِن الصحَّة ألبتَّة.

ولا مِراء في زيغ هذه الطائِفة عن الحقِّ؛ إذ يُنكِرون ما أثبته القرآن الكريم، وأخبرَتْ به السُّنَّة المُطهَّرة، مما لا يدعُ أدنى مجالٍ لِمُسْكة من ريب.

الثاني/ المفرطون: وهم المُغالون الذين يَرجِعونَ أيَّ أذًى في حياتِهم إلى هذا السَّبب وحدَه، فلا يُصاب أحدُهم بمرَض مِن الأمراضِ التي تُصيب النَّاس إلا أرجَع ذلك إلى الجنِّ، والشَّياطين، حتَّى إنْ أصابَ أحدَهم همٌّ أو كربٌ كما يُصيبُ النَّاس، أرجَع ذلك - كذلك - إلى اللَّبسِ، والمسِّ، والسِّحر، وغفَل عن سائر العِلل، والأسباب الأخرى.

وليتَ الغُلوَّ يقفُ عند حدِّ التَّشخيص فحسْب، بل ويتعدَّى الغُلوُّ إلى طرُق العِلاج أيضًا؛ حيثُ تَراه يَلتمس العِلاج في أمور شِركيَّةٍ؛ كالذَّهاب إلى السَّحَرة، والقَساوِسة، والذين يَصفون لهم أمورًا كُفريَّةً لا يأتيها مَن يؤمِن بالله واليوم الآخر، أو أمورًا بدعيَّةً كأنواع البخور وعرق الحلاوة، أو أمورًا محرمة كالخلوة والمسِّ، والنَّظر بين الرِّجال والنِّساء؛ بحُجَّة العِلاج على أيدي أقوامٍ خلَتْ قلوبُهم مِن خشية الجبَّار - جل وعلا - جعلوا مِن دعوى العِلاج بالقرآن مَنهلاً يُشْبِعُونَ منه شهواتِهم الدَّنِسَة، وأهواءَهم المريضة، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

أو يعملون ما يُسمَّى بالزَّار، وهو أمْر - مع عظيم تناقُضِه مع توحيدِ اللهِ تَعالى - لا جَدوى له ألبتة ولا فائدة، ولا يأتيه ذو حظٍّ من الإيمان أو العقل أو الفهم، وهو إحدى وسائل أباطِرة (النَّصْب) في مِصر في (النَّصْب) والاحتيال على السُّذَّج السُّفهاء مِن جميع أنحاء العالم العربي، وهو أحد الأماكن التي لا يَرتادها إلا راغبو الفواحِش، والمُنكَرات عياذًا بالله تعالى.

الثالث: المُعتدِلون: والاعتدال دائمًا في اقتفاء السُّنَّة حَذْوَ القُذَّة بالقُذَّة، فهم يُصدِّقون ما جاء به القرآن، وأخبرتْ به السُّنَّة، ولا يغادِرون سبُل الوقاية والعِلاج مِن هذا البلاء المُستطير بالطُّرُق الشَّرعيَّة طَرفة عين ولا أقلَّ مِن ذلك.

وبعْد..
فأحببْتُ أنْ أَختصِر أشدَّ الاختِصار، اختصارًا لا يُراد مِنه إلا تَلخيص حقيقة الأمْر، لا سيَّما ونحْن في عصْر كَثُرتْ فيه الأمراضُ النَّفسيَّة بدرجةٍ لا تُطاق؛ مِن كَبتِ، وضِيق صدرٍ، واختناقٍ، ومَللٍ، وسآمةٍ، ووحشَةٍ، وهمٍّ، وغمٍّ، دفعَت الكثيرين إلى المُخدِّرات، وآخرين إلى المُسكِرات، وزجَّت بطائِفة إلى السُّجون، وأخرى إلى المُجون؛ حيثُ المَراقِص والملاعب، والملاهي والطَّرَب؛ عساهم لِهمُومهم يُزيحون، ومِن كروبهم يَستريحون.

كلُّهم يَنشُدون السَّعادةَ في غير محلِّها، ويَلتمسُون الدَّواء في محلِّ الدَّاء، ألاَ فقُل لي بالله عليك:
مَتى بِحاجِتهم يَظفَرون، أو لِهدَفهم يُدرِكون؟!

فهُنا حاجَتك أيُّها المَكروب، ودُونَك ضالَّتَك أيُّها المَهموم، حيثُ المَنهَلُ الصَّافي العذْب مِن القُرآن والسُّنَّة.

بذَلتُ جهدي مُستعينًا بربِّي في تَشخيص الدَّاء، ووصْف الدَّواء مِن كتاب ربِّنا - عزَّ وجلَّ - وسُنَّة نبيِّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - مُبيِّنًا سبُل الوقاية والعِلاج، فحَذارِ أنْ تَبرحَها طَرفة عين أو أقلَّ مِن ذلك، واللهَ أسألُ الهُدى والسَّداد في الدُّنيا والآخرة، فهو وليُّ ذلك والقادِر عليه، آمين.

وأُوجِز ما أُريدُه في أربع مسائلَ على النَّحو التالي:
المسألة الأولى: السِّحر، والحسَد حق؛ ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ [الفلق: 1 - 5].

وَالنَّفَّاثَاتُ: هُنَّ السَّواحِرُ.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قالَ: ((العَيْنُ حَقٌّ، وَنَهَى عَنِ الْوَشْمِ))؛ رواه أحمد والبخاري ومسلم.

وهذه نُصوصٌ مُوجَزة دالَّةٌ على صحَّة وقوعِ السِّحر والحسَد.

معاني الكلمات:
الْعَيْنُ: يُراد بها الحسَد.
الْوَشْم: رسْم أو كِتابةٌ على الجِلد قد يُراد به الزِّينة، أو الوقاية مِن العَين والحسَد والسِّحر والجنِّ.

المسألة الثانية: خطر السِّحر، والتحذير منه؛ ﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 102].

عَن أبي هُرَيْرةَ - رضي الله عنه - أنَّ رَسولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قالَ: ((اجْتَنِبوا المُوبِقَاتِ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ))؛ رواه البخاري ومسلم.

معاني الكَلِمات:
المُوبِقَات: المُهلِكات.

المسألة الثالثة: سِحرُ النَّبيِّ، وكَيفيَّة شِفائه.

عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: "سَحَرَ رَسولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - رَجُلٌ مِن بَنِي زُرَيْقٍ؛ يُقالُ له: لَبِيدُ بنُ الأَعْصَمِ - حَلِيفٌ لِيَهودَ كانَ مُنَافقًا - حتَّى كانَ رَسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُخَيَّلُ إِلَيه أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وما فَعَلَهُ - وهذا أَشَدُّ ما يَكونُ مِنَ السِّحْرِ - حتَّى إِذا كانَ ذَاتَ يَومٍ، أو ذَاتَ لَيْلَةٍ وهوَ عِندِي لَكِنَّهُ دَعا وَدَعا، ثُمَّ قالَ: يا عائِشَةُ! أشَعرتِ أنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيما استَفْتَيْتُه فيه؟ أتانِي رَجُلانِ، فَقَعَدَ أحَدُهما عِندَ رَأْسي، والآخَرُ عِنْدَ رجلَيَّ، فقالَ أَحَدُهُما لِصاحِبِه: ما وَجَعُ الرَّجُل؟ فقالَ: مَطْبوبٌ، قالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، قالَ: فِي أَىِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ، وَمُشَاطَةٍ، وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ، قالَ: وأينَ هو؟ قالَ: تَحْتَ رَاعوفَةٍ في بِئرِ ذَرْوَانَ، فأتاها رَسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فِي ناسٍ مِن أصْحابِه، فَجاءَ فقالَ: يا عائشةُ! كأنَّ ماءَها نقاعةُ الحنَّاء، أو كأنَّ رُؤوسَ نَخلِها رؤوسُ الشياطين، قلتُ: يا رسولَ الله! أفلاَ أَستخرِجُه؟ قال: قدْ عافاني اللهُ، فَكَرِهتُ أنْ أُثوِّرَ على الناس فيه شرًّا، فأمَر بِها فدُفِنت"؛ (حم/خ/م).

وفي بعض الرِّوايات: "أنَّه وجَد في الطَّلْعة تِمثالاً مِن شَمعٍ لرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وإذا فيه إبَرٌ مَغروزةٌ، وإذا وتَرٌ فيه إحدى عشْرةَ عُقدةً، فنَزَل جِبريلُ بالمُعوِّذتَين، فكلَّما قرأ آيةً انحلَّتْ عُقدةٌ، وكُلَّما نزَع إبرةً وجَد لها ألمًا، ثُمَّ يَجدُ بعدَها راحةً، حتَّى قامَ كأنَّما نَشِط مِن عِقال".

معاني الكَلِمات:
أشَعرْتِ: أعلمتِ؟!

مَطْبُوبٌ: المطْبوب: المَسْحور، والمَريض، والمُراد هُنا المَسحُور.

مَنْ طَبَّهُ؟: مَن سَحَره؟!

مشْطٍ: وهو الآلَة المَعروفة التي يُسرَّح بِها شَعر الرَّأس واللِّحيَة، وهذا هو المَشهور.

(وَمُشَاطةٍ / مُشَاقَةٍ): ما يَخرُجُ مِن الشَّعرِ إِذَا مُشِطَ، وَالمُشاقَةُ مِنْ مُشاقَةِ الكَتَّانِ.

([وجُفّ/ وجُبّ] طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ)؛ بمعْنًى واحِد، وهو الغِشاء الذي يَكون على الطَّلْع، ويُطلَق على الذَّكْر، والأُنْثى؛ فلِهذا قيَّده بالذَّكَر في قولِه: طَلْعة ذَكَر، وذلك أنَّ النَّخْل مِنه نَخلة ذَكَر، ونَخلة أُنثى.

(راعوفة/أرعوفة): هي صَخْرة تُتْرك في أسْفل البِئر لِيَجلِس عليها المُستقِي، أو من يُنظِّف البِئر.

بِِئْرِ ذَرْوان: (ذَرْوان): بِئْر في بني زُرَيق اسمُه: (ذي أَرْوان)، ثُمَّ لكَثْرةِ الاستعمال سُهِّلتِ الهَمزة فصارتْ: (ذَروان).

لكأنَّ ماءَها؛ أي: ماء البئر.

نُقاعَة الحنَّاء؛ أي: لونُه أحمر.

وكأنَّ رؤوس نَخلِها؛ أي: النَّخْل الذي يُسقَى مِن مائها.

رُؤوس الشياطين: اعْتادتِ العرَب أنْ تَصِفَ كلَّ خبيثٍ مُستقذَر قبيح المَنظَر، مُنتِن الرِّيح بأنَّه يُشبِه الشياطين، وقدْ وقَع تَشبيهُ طَلْع شَجَرةِ الزُّقُّوم في القُرآن برُؤوسِ الشياطين.

أُثوِّرَ: أُثير على النَّاس شرًّا فيقتلوه غضبًا لي، وغيرةً على دِينهم.

مُوجَزُ المَعْنى:
وجَدَ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - آلامًا شديدةً، وأحوالاً غريبةً، كانَ مِنها أنَّه يَفعل الشَّيء، ويَنسى أنَّه فعلَه، ويُخيَّل إليه أنَّه فَعَل الشَّيء الذي لم يَفعَلْه، ولمْ يَكنْ يَعلَم سبب ذلك تَمامًا، والنبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بَشَرٌ، يُصيبُه ما يُصيب سائِر البَشَر مِن الأمْراض والأوجاع والآم، فأخَذَ بالأسباب المَشروعة كما أمَرنا الله تعالى، فاحتَجَم، ولكنَّ الحِجامة لمْ تأتِ بِنتيجَة مَرجوَّة، وبَقي الحالُ على ما هُو عليه، فما كانَ مِنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلا الاجتهادُ في الدُّعاء اجتهادًا عَظيمًا، وفي إحْدى تِلك الليالي التي عَظُمَ فيها اجْتهادُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الدُّعاء لربِّه - جلَّ وعلا - أنْ يَكشِف عنه الكرْب الذي هو فيه، أجابَ الله دُعاءه، فَفَرِح فَرَحًا شَديدًا، وَبَشَّرَ أُمَّنا - أُمَّ المؤمِنِينَ - عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قائلاً: أعلَمتِ أنَّ اللهَ أجابَ دُعائي، وبيَّن لي حَقيقة ما أصابني؟! إنَّه أمْر لا عَلاقة له بالطِّبِّ، إنَّما هو سِحرٌ مَحضٌ، وقدْ أتمَّ الله عليَّ النِّعمَة، وأرسَل إليَّ ملَكَين كريمَين، وأنزل عليَّ سورتَين عَظيمتَين فيهما رُقيَة، وشِفاءٌ مِن كلِّ مسٍّ وسِحْر ومَرَض وداء.

وكان في رُقيَة النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بِهاتَين السُّورتَين شِفاء مِن سِحرِه، الذي قامَ به رَجُل يَهوديٌّ استطاع أنْ يَتوصَّل إلى أثَرِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - مِن خِلال خادِمٍ مُنافِق.

وفي هذا الحَديث بَيانُ خُطورة المُنافِقين، وأنَّ أشدَّهم خطرًا الذين يُخالِطون المؤمنين، ويَطَّلعون على خُصوصيَّاتِهم التي لا يَعرِفها غيرُهم، وكيفَ يَستغلُّ هؤلاء المنافقون قُربَهم مِن المؤمنين في إلْحاق الأذى بهم، فلا حولَ ولا قوَّةَ إلاَّ بالله العظيم، وكيف أنَّ اليهود - وهم العدوُّ الظاهر - ما استطاعوا أنْ يَنالوا مِن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلا بمُعاوَنة المنافقين - وهم العدوُّ الباطن - وهم أقدَر الأعْداء جَميعًا على النيل مِن المؤمِنين مُنتهزين غَفْلتَهم، وحُسنَ ظنِّهم بمَن حولَهم، فحسْبُنا الله ونعم الوكيل، وتأمَّلْ هُنا أبرَز صِفات المنافقين؛ وهي الغدْر، والخِيانة، وهُما صِفتان خبيثتان مَذمُومتان مع كلِّ أحد، وأخبَثُ ما يَكونان مع مَنْ أحسَن وقَدَّمَ المعروف، كما فعَل هذا المُنافِق الخائن، فهلْ رأيتَ مِن قبْل كَلبًا عضَّ يدًا قَدَّمتْ له قِطعةً مِن العظم؟! بل على العكْس مِن ذلك يُبصبِص لمَن قدَّمها، ويَهزُّ له ذَيله احترامًا وحِفظًا للمعروف، ليس هذا فقط، بلْ ما إنْ يَرى أحدًا يُريده بسُوء إلا انقضَّ عليه كالوحْش دِفاعًا عن صاحبه، ووفاءً لمَعروف قِطعة العظْم، ولكنَّ المنافِق لمْ يَرتقِ لدرجة الكَلْب، فهو أقل همَّة في ذلك.

ورَحِم الله ابن المرزبان المحولي عندما ألَّف كتابًا موسومًا بـ: (تفضيل الكِلاب على كثير ممَّن لبس الثياب)، وأشدُّ الناس تَضرُّرًا بالمنافقين هم مَن يُقَدِّمُونَ إليهم المَعروف، وهذا ما حدَث مع نبيِّنا مُحمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - فانظُر كيفَ لمْ يَرْعَ هذا المُنافِق حقَّ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا إحسانَه إليه، ولا تَشريفَه له بِدخول بيتِه، ولا تَكريمه له بتَقريبِه مِنه - صلَّى الله عليه وسلَّم، هَكذا الفُجْرُ والجُحود مِن أبرز خَصائِص المُنافِقين في كلِّ عصْر ومَكان، فحسبنا الله ونِعمَ الوكيل، اللهمَّ احفظْنا مِن شرِّ المُنافِقين، ومِن شرِّ كلِّ ذي شرٍّ أنتَ آخذٌ بناصيته، آمين.

وعنْدما مَنَّ الله تَعالى على نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالرُّقيَة التي كان فيها شِفاؤه - صلَّى الله عليه وسلَّم - اقتَرحتْ عليه أُمُّنا - أُمُّ المؤمِنِينَ - عائِشَةُ - رضي الله عنها - أنْ يَهدِم البئرَ، ولكنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كعادتِه في الحرْص على استتْباب الأمْن بينَ المُسلِمين، وخُمود الفِتنة - حتَّى ولو كانَ ذلكَ على حِساب شخصِه - صلَّى الله عليه وسلَّم - خافَ أن يُثيرَ فِتنةً، فحَمِد الله على الشِّفاء، وكفَّ عن الأمْر.

المسألة الرابعة - الأمْر بالرُّقْية:
عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قالَتْ: ((أَمَرَنِي رَسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أو أَمَرَ أن يُسْتَرْقَى مِنَ العَيْن))؛ (حم/خ/م).

عن زينبَ ابنةِ أَبي سَلمةَ عنْ أمِّ سَلمة - رضي الله عنها -: ((أنَّ النَّبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - رَأَى فِي بَيْتِها جَارِيَةً في وَجْهِهَا سَفْعَةٌ، فقالَ: اسْتَرْقُوا لها؛ فإِنَّ بِها النَّظْرَةَ))؛ رواه البخاري ومسلم.

معاني الكَلِمات:
السَّفْعَة: صُفْرةُ الوجْه وشُحُوبه.
النَّظْرَة: الحسَد.

وعن عبدِ الرحمنِ بنِ الأسودِ، عَن أبِيه، قالَ: سَأَلْتُ عائِشَةَ، عَنِ الرُّقْيَةِ مِنَ الحُمَةِ فَقالَتْ: ((رَخَّصَ النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - الرُّقْيَةَ مِنْ كُلِّ ذِي حُمَةٍ))؛ رواه أحمد والبخاري ومسلم.

مَعاني الكلمات:
(رخَّص/أرخَص): أباح، وشرَع.
كلّ ذِي حُمَةٍ: كل دابَّة ذات سم.
عَن أنَسِ بنِ مالِكٍ قالَ: ((رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فِي الرُّقْيَةِ مِنَ العَيْنِ والحُمَةِ والنَّمْلَةِ))؛ رواه أحمد ومسلم.

معاني الكلمات:
النَّمْلَة: قُروح تَخرُج في الجَنبِ.
وقال جابرُ بنُ عبدِالله: رَخَّصَ النَّبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لآلِ حَزْمٍ في رُقْيَةِ الحَيَّةِ))، وفي رِوايةٍ: ((لِبَنِي عَمْرٍو))؛ رواه أحمد ومسلم.

وقالَ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأَسْماءَ بِنتِ عُمَيْسٍ: ((ما لِي أَرَى أَجْسَامَ بَنِي أخِي ضَارِعَةً تُصيبُهم الحاجَةُ؟)) قالَتْ: لاَ، ولَكن العَيْن تُسرِعُ إلَيْهم، قالَ: ((ارْقِيهم))، قالَتْ: فَعَرَضْتُ عَليْه، فقالَ: ((ارْقِيهم))؛ رواه أحمد ومسلم.

معاني الكلمات:
ضَارِعَة: نَحيفة هَزيلة.

ولَكن العَيْن تُسرِعُ إلَيْهم: وَلَكن الحسد يُسْرِعُ إِلَيْهِم.

وعَنْ جابِرٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قالَ: "نهَى رَسولُ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عَنِ الرُّقَى، فَجاءَ آلُ عَمْرِو بنِ حَزْمٍ إلى رَسولِ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فَقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ! إنَّهُ كانَتْ عِنْدَنا رُقْيَةٌ نَرْقِى بِها مِنَ العَقْرَب، وإنَّكَ نَهَيْتَ عَنِ الرُّقَى، قالَ: فَعَرَضوها عَلَيه، فقال: ((ما أَرى بأسًا؛ مَن استطاع منكم أن يَنفعَ أخاه فلينفعْه))؛ رواه مسلم.

وعن عوفِ بن مالكٍ الأشجعيِّ؛ قال: "كنَّا نَرقِي في الجاهلية، فقُلْنا: يا رسولَ الله: كيف تَرَى في ذلك؟ فقال: ((اعرْضوا عليَّ رُقاكم، لا بأسَ بالرُّقَى ما لم يكُن فيه شِرْك))؛ رواه مسلم.

عن جابرِ بن عبدالله - رضي الله عنهما - يقول: ((أَرْخَص النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فِي رُقْيَةِ الحَيَّةِ لِبَنِي عَمْرٍو))؛ رواه أحمد ومسلم.

وقال جابرُ بنُ عبدالله - رضي الله عنهما -: "لدَغتْ رجلاً منَّا عقربٌ ونحن جلوسٌ مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال رجلٌ: يا رسولَ الله! أرقيه؟ قال: ((مَن استطاع منكم أن ينفعَ أخاه فليفعلْ))؛ رواه أحمد ومسلم.

عن جابر - رضي الله عنه - قال: ((كان لي خالٌ يَرقي مِن العقْرب، فنَهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن الرُّقَى؛ قال: فأتاه، فقال: يا رسولَ الله! إنَّك نهيتَ عنِ الرُّقَى، وأنا أَرقي مِن العقرب؟ فقال: ((مَن استطاع منكم أن يَنفعَ أخاه فليفعلْ))؛ رواه أحمد ومسلم.

وختامًا:
أرْجو مِن الله تعالى أنْ أكونَ مُوفَّقًا في تَوضيحِ المسألة، وتَلخيصها؛ فإن هذه الأمْراضَ حَقٌّ لا جِدالَ فيه، وقدْ أمَر النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالتَّداوي مِنها على النحوِ المشروع، ولا يَجوز أبدًا لمُسلمٍ أنْ يَحيدَ عمَّا حدَّه له الإسلام مِن حُدودٍ في كلِّ أمْرٍ مِن الأمور؛ إذ في اتِّباع شَرْع الله الفَلاح في الدُّنيا والفوز في الآخِرة.

نسألُه تَعالى الفلاحَ والنَّجاح في الدُّنيا والآخِرَة، آمين يا أرحمَ الرَّاحِمين.


وآخِر دَعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالَمين، سُبحانَك اللهمَّ وبحمدِك، أشهَد أنْ لا إلهَ إلاَّ أنت، أستغفِرك، وأتوبُ إليك.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 76.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 74.18 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.47%)]