كيف تذاكرين لطفلك؟

[ابوالوليد المسلم]

كيف تذاكرين لطفلك؟





فاطمة عبد الرؤوف




لا شك أن العلم أحد ركائز الشخصية وكل منا يتمنى لأولاده قسطا وفيرا من العلم، لكننا ولأسباب عديدة لا نستطيع الاكتفاء بالمدرسة للقيام بهذا الدور ونشعر أنه من الواجب علينا أن نساعد أطفالنا على التعلم وأن نستذكر لهم، وعندما نشرع في هذا العمل تواجهنا العقبات والمشكلات ونتساءل: ما هي الخطوات الصحيحة التي يجب علي أن اتبعها كي أستذكر مع طفلي بنجاح؟
مناخ الثقة:
إن أطفالنا هم أكثر من نحب، إنهم الأعز والأغلى فلماذا إذن مناخ الحروب الموجود في بعض البيوت لكي تنجح عملية المذاكرة؟ لا بد من مناخ الثقة والحب والحوار، قد يقول قائل: إذا لم أهدد وأضرب فلن يستجيب الطفل، وهذا وهم شائع؛ فالتهديد والضرب وسيلة سريعة المفعول، لكنها هدامة على المدى البعيد وستفقد تأثيرها عاجلاً أو آجلاً فلم لا نستخدم أسلوب آخر نطلق عليه (الحنان الحازم) فنقل لطفلنا بنبرة حازمة وهادئة الآن وقت مذاكرة اللغة العربية مثلاً.
تهيئة ضرورية:
حجرة مخصصة وهادئة وبعيدة عن التشويش.. هذا هو المكان الأفضل لعملية الاستذكار؛ حجرة بسيطة ليس فيها ما يشتت الانتباه وموعد ثابت ومحدد سلفا لكل مادة.. تجلس الأم وطفلها وكتاب المادة وأدواتها.. تكون الأم متفرغة في هذا الوقت هادئة الأعصاب تذكر نفسها بضرورة الصبر الجميل حتى يحسن طفلها عملية التعلم.
ويجب أن يكون الطفل قد تناول وطعامه ولا يشعر بالجوع ومتيقظ ودرجة حرارة الغرفة ملائمة كل هذه المقدمات أساسيات كي تنجح عملية الاستذكار.
الوقت المناسب:
يتوقف الوقت المناسب للاستذكار على عدد من الأمور منها:
ـ سن الطفل؛ فالطفل في سنوات دراسته الأولى لا يستطيع التركيز مدة طويلة، وبالتدريج يستطيع الطفل زيادة المدة التي يستطيع فيها التركيز.
ـ طبيعة المادة نفسها؛ فالرياضيات غير العلوم غير اللغة الإنجليزية وهكذا.
وعلى أي حال لابد أن يحصل الطفل على فترات من الراحة بين كل مادة دراسية وأخرى مثلا يستذكر أربعين دقيقة ثم يستريح عشرين دقيقة وهكذا حتى يتم المواد المطلوبة منه.
وسائل جديدة:
ما أجمل أن يتمتع طفلك بالتعلم.. لا تندهشي فالأمر سهل وليس صعب كما قد تظنين كل ما في الأمر أنك بحاجة لشيء من روح الإبداع والتجديد.. جلسة على النت لمزيد من المعلومات.. نزهة أخر الأسبوع لمشاهدة الأماكن التي يتحدث عنها الكتاب.. أدوات بسيطة من مطبخك لعمل التجربة.. مناقشة حرة بشكل فعال حول موضوع الدرس.. وسائل كثيرة فكري فيها واحتسبي الأجر من المولى -عز وجل-؛ فطفلك يا أختي هو جزء من مشروع الأمة الكبير فلا تستهيني به.
المكافأة والتحفيز:
إن الطفل كائن صغير يحب المكافأة وتطربه كلمات التشجيع والتقدير فهي تحفزه وتحببه في العمل الذي يجب عليه أن يقوم به أعني المذاكرة.. نوعي بين التقدير المادي والمعنوي ولا تبخلي عى طفلك بهما، لكن احذري المبالغة حتى لا تفقد هذه المكافآت دورها التحفيزي.. امزجي بين المكافأة وتدعيم أجواء الثقة قولي لطفلك كنت واثقة أنك سوف تجيب عن هذا السؤال فأنت ولد رائع وذكي وهكذا.
احلمي معه بعطلة رائعة إذا حصل على درجات ممتازة، واجعليه يتفاعل معك ودعيه يحلم فسوف تجدينه وقد انكب على كتبه كي يفوز بالجائزة النهائية.
ولعل أكبر مكافأة له هو شعوره أن هذا الوقت تكونان فيه قريبان وهو شعور يحتاجه الطفل حاجته للطعام والشراب.
بين التعليم والتعلم:
إذا كانت مذاكرتك لطفلك مسالة بالغة الأهمية لتعليمه فإن تعليمه كيف يعلم نفسه ذاتياً أمراً بالغ الأهمية حتى لا يتحول لطفل اعتمادي تواكلي ولن يستذكر بعد ذلك إلا عندما تجلسين بجواره وتتابعين ما يقوم به ولا شك أن هذا أمر مرهق ناهيك أنك لن تستطيعي القيام بهذا الأمر في المراحل السنية الأعلى.
اشرحي شيئا لطفلك وتفاعلي معه واطرحي عليه الاسئلة واستمعي لبعض الإجابات ثم اتركيه تدريجياً يعتمد على نفسه فترة أطول مثلاً ابدئي وقولي له ها قد حللنا عدد كبير من الاسئلة والآن اتركك كي تجيب هذه الاسئلة الثلاثة وحدك وسوف نتسابق هل سأطهي أنا الطعام أولا أم تنتهي أنت من إجابة الاسئلة؟
وبالتدريج اطرحي على طفلك أسئلة من نوعية ما رأيك؟ ما تفسيرك؟ دعنا نتصور نهاية أخرى؟
امنحيه لذة الدهشة باكتشافه للمجهول شجعيه على البحث قولي له دعنا نعرف مزيد من المعلومات من شبكة الإنترنت ونحن نستطيع القيام بتحبيب الأطفال في القراءة والمعرفة منذ سنوات عمرهم الأولى وربما يكون هذا الفهم غير شائع بل ونادر.
(إن العناية بتأسيس التوجه المعرفي لدى الأطفال في سن مبكرة شبه معدومة فنحن نعتقد أن الطفل في السنوات الثلاث أو الأربع الأولى يتأبى على إيصال أي أفكار أو معلومات ذات قيمة إليه وكثير من الآباء الذين يعتقدون أنهم يملكون رؤى تربوية جيدة يرون أن الأطفال سنواتهم الأولى لا يحتاجون إلا إلى العطف واللعب ومع أن هذين الأمرين مهمان جدا إلا أن في الإمكان أيضا توجيه الموقف النفسي لدى الصغار في اتجاه تعشق المعرفة وتكوين عادة القراءة عندهم فالآباء والأمهات الذين يعرفون أصول التربية يستطيعون وضع بذور المعرفة الجيدة لدى أبنائهم من نحو الملاحظة والإصغاء والانتباه وعقد المقارنات وتمييز المفارقات منذ وقت مبكر جدا) (1)
التعلم عن طريق اللعب:
نعم عزيزتي الأم لا يوجد عند الطفل متعة تزيد عن متعة اللعب ونحن نريد له أن يحب العلم كما يحب اللعب فما رأيك في إدماجهم سويا.. إنها طريقة رائعة لاكتساب المعلومات خاصة عند الأطفال صغار السن سأطرح لك نموذجاً:
اصنعي مجموعة الحروف على شكل بطاقات من ورق مقوى أنيق واجلسي أنت وطفلك وضعي البطاقات فوق بعض بحيث أن الحروف تكون مختبئة وابدئي برفع البطاقة الأولى وقولي ألف وعلى طفلك أن يسحب البطاقة الثانية ويقول الحرف باء مثلا وهكذا نحن نكرر الحروف ونتعلمها ونحن نلعب بالبطاقات والأمر يصلح أيضا لتعلم القراءة بوضع كلمات بسيطة بدلا من الحروف ويمكن أن يشاركك طفلك الأكبر وتشتركا أنتما الاثنين في تعليم الصغير وتكون اللعبة ثلاثية ومن فوائد هذه اللعبة:
1ـ تعليم الطفل القراءة بطريقة ممتعة.
2ـ قضاء وقت عاطفي يدعم الجانب النفسي عند الطفل.
3ـ نزع مشاعر الغيرة بين الأبناء.
4ـ منح الثقة للطفل الأكبر وتحميله جزء من المسئولية الأسرية، وهذا يصنع من إنساناً مسئولاً.
ـــــــــــــــــ
(1) بناء الأجيال، د. عبد الكريم بكار، ص 90ـ 91.