تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) - الصفحة 44 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #431  
قديم 21-01-2021, 10:59 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

تفسير قوله تعالى: (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم ...)
يقول الله تعالى: وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ [النساء:15]، قراءة سبعية، وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا [النساء:15].الآية الثانية: وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا [النساء:16]. الآيتان مدنيتان، ونزلتا قبل نزول آيات سورة النور. وَاللَّاتِي [النساء:15]، التي: هذا اسم إشارة لواحدة أثنى، جمعتاها قل: اللاتي، اللائي جمع، مقابل الذي في المذكر والذين. وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ [النساء:15]، الفاحشة هنا: القبيحة وهي الزنا، سمي فاحشة لقبحه ودماره وآثاره السيئة؛ فهو يدمر النفس، ويقضي على النسب، ويدمر الأسرة، ويقلب الإنسان إلى حيوان. وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ [النساء:15]، أيها المؤمنون! ماذا تفعلون معهن؟ قال: فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً [النساء:15]، رجال منكم، لا نساء، ما قال: أربعة من النسوة، (أَرْبَعَةً)، لأن المرأة لا تطيق مناظر كهذه، ذات حياء، وعفة ولين، فلهذا ما نشهدها على رجل إلا في قضية الدين فقط، أما في القصاص والحدود ما تحضر، ما تقوى على هذه المناظر.(أَرْبَعَةً)، أي: من رجالكم، (مِنْكُمْ)، يشهدون أنهم رأوا الفرج بالفرج كالمرود في المكحلة، أربعة، فَإِنْ شَهِدُوا [النساء:15]، فماذا تصنعون بهؤلاء النسوة، فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ [النساء:15]، السجن والبعد عن الرجال، إلى متى؟ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ [النساء:15]، يجيء الموت ويوفيها أيامها ولياليها، ومرحباً به، أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا [النساء:15]، مخرجاً وطريقاً ننتظر أمر الله ماذا يصنع، وكذلك كان، هكذا كانوا في عهد الإسلام الأول، وقد يكون موروثاً من الجاهلية، إذا زنت المرأة، وثبت الزنا ماذا يصنعون؟ المرأة تحبس والرجل ما يحبس؛ لأنه شغال وعامل، فلاح، أو تاجر، احبسوها هي؛ إذ لو لا المرأة ما زنى الرجل.ثم قال تعالى في الآية الثانية: وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ [النساء:16]، أيها المسلمون المؤمنون، وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ [النساء:16]، في الأول ما ذكر الرجال، وهل يقع زنى بدون رجال؟ ما يقع، وهنا ذكر الرجال، وهل يقع أيضاً زنى بدون نساء؟ وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا [النساء:16]، أي: الفاحشة منكم، فَآذُوهُمَا [النساء:16]، بالسب، بالتعيير، بالشتم، بالصيحة في وجوههم، فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا [النساء:16].
علاقة الآية بحكم اللواط، وبعد العرب عنه
والآية قد تتحمل معنى اللواط، وذكر كثير من المفسرين هذا مثل جلال الدين السيوطي ، لكن الذي نعرف ونقوله: بأن الجمهور على أن هذا ليس في اللواط أبداً، ونحن على يقين؛ لأن اللواط ما كان يعرف في هذه الديار أبداً، ولما حدث أن أعجمياً لاط في البحرين اضطرب أصحاب رسول الله في الحكم عليه، منهم من قال: يرمى من أعلى مكان إلى الأرض ثم يرجم بالحجارة، أي: نفعل به ما فعل الله بقوم لوط.وقد ذكرت لكم أن أحد أئمة الأمويين وهو يخطب الناس على المنبر في مسجد دمشق واسمه عبد الملك : أقسم بالله على أنه لولا أن الله تعالى أخبرنا عن قوم لوط ما كان يخطر ببالنا أن الذكر ينزو على الذكر.وأزيدكم أيضاً فضيلة عندهم: ما كان يوجد في ديارنا هذه، ديار الطهر بغلة، ولا بغل، حمار، فرس، وأول بغلة دخلت هي بغلة المقوقس المصري أهداها لرسول الله مع مارية القبطية وسميت: الدلدل، أول بغلة، لماذا؟ لأنهم يتأففون: كيف ينزو الحمار على الفرس؟ ما يقبلون هذا أبداً؛ لأن البغل يتولد من الحمار والفرس.. أبوه الحمار وأمه الفرس، كيف يتم؟ لا بد من إنزاء وحمل الحمار على أن ينزو على الفرس، هذا لا يقبلونه.إذاً: فكيف يخطر ببالهم أن ينزو الذكر على الذكر؟ هذا من باب أولى ما يكون أبداً.والحمد لله أقل بلاد العالم في هذه الفاحشة بلاد المسلمين، إذا يوجد أندية للواط في فرسنا، وفي العالم يوجد نادي العراة، إلا أن البلاد الإسلامية البلد الذي يكثر فيه الإيمان والصالحون تقل فيه هذه الفاحشة، والذي يكثر فيه الخبث والشر والفساد تظهر فيه.
حكم البكر والثيب إذا زنيا
إذاً: نقول: وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ [النساء:16]، أي: الفاحشة، بدون إقامة الحجة عليهم، ما هناك شهود أربعة، فماذا نصنع؟ قال: فَآذُوهُمَا [النساء:16]، بالسب، بالشتم، بالتعيير، بالضرب غير المبرح.. حتى يتوبا.واستمر ذلك فترة من الزمن، حتى جيء بزان وزانية من اليهود، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( أبعدوهما عني، أبعدوهما أبعدوهما.. الثيب بالثيب جلد مائة والرجم بالحجارة، والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ). ونزلت آية: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة، نكالاً من الله والله عليكم حكيم)، وتليت الآية ونسخت، وبقي حكمها طبقه رسول الله، وطبقه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي .(الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة)، هذه الآية نسخت إي والله، نسخ اللفظ والحكم طبقه الرسول صلى الله عليه وسلم، جاء باليهوديين فسألهما: ماذا عندكم؟ أستحلفكما بالله ألم يكن عندكم رجم الزاني والزانية؟ قالوا: نعم، لكن لما سقطت دولتنا وما بقي لنا دولة ولا سلطان تركنا هذا، فأمر الرسول برجم اليهودية واليهودي.إذاً: وأما البكر غير الثيب، لأن الآية الأولى في الثيب، والثانية: (وَاللَّذَانِ) في البكر، قال تعالى: سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور:1-2]، الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي [النور:2]، أي: غير المحصنين، غير الثيبين، يعني: البكرين اللذان ما عرفا النكاح ولا الزواج، وهما بالغان قطعاً، مكلفون، فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور:2]، والرسول سن سنة: غربوهما عاماً، يجلد مائة جلدة ويغرب سنة كاملة، ينقل من إقليم إلى إقليم، من بلد إلى بلد، وبينت لكم علة ذلك، وهي: حتى لا تنتشر الفاحشة بحديث الناس، سبحان الله! إذا أصبح الناس يتكلمون عن فاحشة، والله تقع، ما يسلمون منها إلا إذا اختبأت مناظرها ومظاهر الحديث عنها، فمن هنا عرف العدو هذا ويأتيكم بالمجلات والجرائد التي فيها صور الخلاعة والداعرات، ثم في التلفاز وشاشاته؛ لأجل إثارة الغريزة وبعث الناس على أن يتكالبوا ويهلكوا ويفسدوا.
حكم تغريب الزاني والزانية
لو أننا جلدنا شاباً عند باب السلام، وتركناه يغدوا ويروح، وكل من رآه يقول: هذا جلدوه، لماذا؟ لأنه زنى، ويأخذ الحديث، وهذا والله ليثير الغرائز، ويبعث على إتيان الفاحشة؛ لأن الله عليم حكيم، غربوهما سنة كاملة؛ حتى تنسى هذه الفاحشة.إذاً: واستقر حكم الله إلى اليوم، الزاني والزانية إذا كانا محصنين، أي: سبق أن تزوجا، وطلقا، أو مات الزوج أو الزوجة، فما الحكم؟ الرجم حتى الموت: (فارجموهما ألبتة). فإن كانا غير محصنين بكرين، فالحكم: الجلد مائة جلدة والتغريب عام.يبقى: هل المرأة تغرب؟ إذا كنا نستطيع أن نغربها ولا تؤذى ولا تؤذي غربناها، مثلاً: عمها في الشام، أخوها في الأردن نبعث بها إليه، أما إذا ما عندنا، أين نحفظها؟ ما يجوز تغريبها، تبقى عند أبيها، الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ [النور:2].مرة ثانية:هاتان الآيتان منسوخ حكمهما، وعلى هذا أئمة المسلمين وجماهيرهم، أما الأقوال الشاذة كثيرة ولا يسلم منها قول. وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا [النساء:15] وقد جعل الله السبيل وهو الرجم. وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ من غير المحصنين فَآذُوهُمَا [النساء:16] الأذية تكون بالسب، بالتعيير، بالتقبيح.. حتى يندم ويستغفر ويتوب، نسخت هذه أو لا؟ نسختها آية النور فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور:2]. وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا [النساء:16] اتركوه إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا [النساء:16]، ولهذا أرشد عباده المؤمنين إلى الرأفة والرحمة بإخوانهم إذا زلت أقدامهم وارتكبوا هذه الفاحشة، إن الله كان تواباً وما زال، رحيماً بأوليائه وصالحي عباده.مرة ثانية:هاتان الآيتان نسختا، والآية الأولى نسخت آية المحصنات بآية (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله)، نسخ اللفظ وبقي الحكم، طبقه رسول الله، طبقه أبو بكر ، طبقه أصحابه.. من جلد الغامدية؟ أليس على عهد الرسول وهو الذي جلدها؟ وماعز من جلده؟ قطعاً هو الرسول صلى الله عليه وسلم.وأما غير المحصنين البكرين، وهذا على شرط البلوغ أيضاً، لا بد وأنه بلغ سن التكليف.الشاهد عندنا: وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا [النساء:16] انتهى هذا الحكم، ما يكفي الأذية بالصفع أو بالضرب بعصا، يخوفه! لا، يحضران ويجلدان أمام المسلمين مائة جلدة بعصا من جريد النخل، ما يرفع يده ولا يخفضها، تطهيراً لهما وتعذيباً، لما يفرغ الجالد لهما على الفور يكتب مثلاً فلان ينقل إلى البلد الفلاني، يغرب سنة. وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ [النساء:15] ما المراد بالفاحشة هنا؟ وأين الرجال هنا؟ قال: النساء ما ترتكب الفاحشة إلا مع رجل.والغريب أن بعض المفسرين يقولون: والسحاق يدخل في هذه، ما نتكلم عن السحاق؛ لأن أكثر السامعين ما يعرفونه، لا سيما المؤمنات، والجواب الصحيح: أن الآيتان منسوختان: الأولى في المحصنين والمحصنات، والثانية في الأبكار فقط، الأولى نسخت بآية (الشيخ والشيخة إذا زنيا)، والثانية نسخت بآية فاتحة النور، فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور:2] وتبقى الآيتان تتليان ويتقرب بتلاوتهما إلى الله عز وجل، ونحمد الله على أن أتانا بحكم فاصل، فطرد هذا الخبث من بيننا ومن ديارنا.نكتفي بهذا، وصل اللهم على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #432  
قديم 21-01-2021, 11:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النساء - (5)
الحلقة (229)

تفسير سورة النساء (13)


التوبة هي الرجوع إلى الحق بعد الإعراض عنه، بفعل الطاعات التي كان يتركها العبد، وترك المعاصي التي كان يأتيها، والندم على ما سلف منه، ولا تكون التوبة لمن سوّف فيها حتى بغته الموت، وبلغت الروح الحلقوم فإذا به يقول: تبت الآن، ولا من أدركته الساعة وقامت القيامة وهو عاكف على المعاصي والموبقات، فمثل هذا لا توبة له، وأعد الله له يوم القيامة عذاباً أليماً.
حكم النقاب وصفته الصحيحة
الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات!إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة، ليلة الأربعاء من يوم الثلاثاء ندرس كتاب الله عز وجل، رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال فداه أبي وأمي والعالم أجمع، وصلى الله عليه وسلم، قال: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).اللهم حقق لنا رجاءنا، إنك ولينا ولا ولي لنا سواك!معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات!جاءني مؤمن وقال: يا شيخ! بيّن لنا الوجه الصحيح في النقاب، لقد تأذينا بالنظر إلى النساء من ذوات النقاب، ويلح علي، ماذا عساي أن أقول؟نقول: النقاب حقيقته أن تستر المؤمنة التي ما قعدت عن الحيض والنكاح والزواج وجهها، هذه تجعل على وجهها شيئاً يسترها من أنفها إلى عنقها، وتبقي عينيها أو إحداهما هذا هو النقاب، انتقب ينتقب انتقاباً. هذا النقاب مفروض مشروع لا تخرج امرأة ممن لم يقعدن عن النكاح إلا منتقبة إذا خرجت لقضاء حاجتها.الآن ما دمتم تشعرون بفتنة النقاب لقد أراحكم الله منها، والنقاب كانت المرأة تضعه؛ لأنها لو وضعت على وجهها شيئاً من الصوف فلن ترى شيئاً أبداً، مضطرة إلى أن تستر وجهها وتبقي عينيها؛ لأن النقاب كان من الصوف أو من الكتان القديم الثقيل، الآن انتهينا منه، بعض المؤمنات يوزعن هذا النقاب أو هذه الخمر مجاناً في المسجد، بريال بريالين تشتري خرقة سوداء خفيفة تضعها على رأسها وتمشي، وإذا ابتعدت عن الرجال نزعته، ما تربطها في رأسها ولا تشدها عليها، خرقة سوداء خفيفة إذا خرجت إلى الشارع لأمر استدعى ذلك وضعتها على وجهها وقضت حاجتها وعادت إلى بيتها، انتهينا من النقاب، من يبلغ هذا؟كل ذي امرأة منا أيها الحاضرون يعلمها زوجها هذا، وعلى المؤمنات اللائي يسمعن هذا الكلام أن يبلغ بعضهن بعضاً، ولتواصل تلك المؤمنة التي كانت توزع هذه الخمر مجاناً في داخل المسجد، ولسان في حاجة الآن إلى النقاب، وتبدو العينان ظاهرتان فيفتن أصحاب الشهوات.
حكم التلفظ بالنية
آخر يقول لي: التلفظ بالنية في الفريضة وفي النافلة، لا بد وأن تقول: نويت صلاة المغرب كذا: الله أكبر، وبقي مصراً على هذا.الجواب.. الجواب، وقد علمتموه وسمعتم به، وعرفتموه: أن النية من أعمال القلوب، ما هي من أعمال الجوارح، النية أن تعزم على فعل ما أردت فعله، فإن كانت صلاة تعزم على أدائها، وأنت تذكر أنها فريضة الله عليك وهذا وقتها، إن كانت المغرب في المغرب، وإن كانت العشاء في العشاء، أو الصبح في الصبح. ليس شرطاً أن تقول: نويت صلاة الظهر أربع ركعات حاضراً غير مسافر، هذا لا ينبغي بل منكر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما مات وترك شيئاً تحتاجه الأمة إلا وبينه، حتى الخراء كما قال أبو هريرة ، وما يعلمهم كيف يدخلون في الصلاة؟ هذا منشؤه الوسواس، وإذا رأى العالم ما المصاب، من هو مصاب بالوسواس، يريد أن يدفعه عنه، فيقول له: قل نويت صلاة الظهر، عرفتم؟ لدفع الوسواس فقط، ومن أراد أن ينظر فليشاهد العوام في الصفوف وهم يقولون، يحاول أن يضبط النية ما تنضبط ثلاث أربع مرات! وسواس.
مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة النساء
درسنا فيما سبق آيتين وهما:أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا [النساء:15] هذه معلمة الآن لديكم علماً واضحاً، إن لم تكونوا نسيتم.الثانية: وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا [النساء:16] هذه آية أمس.قبل الانتقال للآيتين بعد ذلك أريد أن أسأل، ومن أراد أن يجيب: هل ما تضمنت هاتان الآيتان من حكم نسخ أو لم ينسخ؟أقول: الآيتان ما تحملانه من حكم نسخ، أما الآيتان فيتقرب بتلاوتهما إلى الله عز وجل، بل إنكار واحدة منها يخرج العبد من الملة، الذي نسخ الحكم، والحكم الأول ما هو؟ كانوا إذا زنت المرأة يحبسونها، والرجل ما يحبسونه؛ لأنه شغال ويعمل كما يزعمون. وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ التي هي أقبح الفواحش وهي الزنا مِنْ نِسَائِكُمْ يا معشر المؤمنين فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ [النساء:15] فإن شهدوا أنها زنت تسجن، أين تسجن؟ في البيت ما عندنا سجون ولا بيت مال، تحبس، حتى يفرج الله، إما أن تموت أو ينزل حكم الله في ذلك، وهذا واضح وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ إلى متى؟ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا [النساء:15]. وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ [النساء:16] هناك ذكر النساء وترك الرجل، وهنا ذكر الرجل وغلبه على النساء، وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ [النساء:16] من غير الثيبين، هؤلاء الأبكار الشبان والشابات قبل الزواج وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا أي: الفاحشة مِنْكُمْ ماذا تفعلون؟ فَآذُوهُمَا [النساء:16] الأذية تكون بماذا؟ بالشتم، بالسب، بالصفع على خده.. هكذا تكون الأذية، ما يجلد، فَإِنْ تَابَا عن هذه الفاحشة وَأَصْلَحَا [النساء:16] أصلحا ما علق بنفوسهما من الآثام، أصلحا فساد قلبيهما بالتوبة والعمل الصالح فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا [النساء:16] اتركوهما إلى أن يحكم الله إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا [النساء:16] وهذه مظاهر توبته ورحمته، هذه الآيتين منسوخة بآية: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ [النور:2] وزاد رسول الله باسم الله: تغريب عام.وأما المحصنين والمحصنات فماذا قال فيهم أبو القاسم؟ ( الثيب بالثيب جلد مائة، والرجم بالحجارة ) وذلك بعد نزول هاتين الآيتين بفترة، وإذا بالرسول يقول: ( خذوا عني.. خذوا عني )، ما بقي حبس ولا سجن ( خذوا عني.. خذوا عني، الثيب بالثيب جلد مائة والرجم بالحجارة ) ونزلت سورة النور، وبينت أن الزاني والزانية من غير المحصنين اجلدوهما مائة جلدة، والتغريب سنة للرجال أو للذكور دون الإناث، لم؟ لأن المرأة إذا غربناها ممكن تتأذى، كيف نبعث بها إلى بلاد ما عندها فيه أحد؟ تبقى في بيتها، والمرأة أيضاً ما لها ضرر؛ لأنها في بيت أهلها، لكن الرجل والذكر يمشي في الشوارع، يدخل المسجد، يقال: من هذا؟ هذا الذي جلدناه بالأمس، لم جلدوه؟ زنى، التحدث بالزنا يحمل النفس البشرية على طلبه.أوما فهمتم هذه؟لماذا نغربه ونبعده من البلد سنة كاملة؟حتى ما يذكر لفظ الفاحشة، وأنتم أيها المسلمون اليوم الأغاني من أولها إلى آخرها وهي دعوة واضحة وصريحة إلى الفحش والباطل، مع أن الكلمة ممنوع النطق بها ولا يحل أبداً؛ خشية أن تتأثر النفوس الضعيفة، وتظهر الفاحشة، وتهلك الأمة، وتهبط من عليائها، فلهذا تتحدث مع أولادك سبعين سنة لا تذكر كلمة الفاحشة، ولا تنطق بها، ولا يحل لمؤمن أبداً أن يذكر كلمة الفاحشة لغير الضرورة الداعية إلى ذلك.إذاً: الحمد لله عرفنا هذا الحكم الجليل الخالد بخلود الأمة الإسلامية، وهو: أن الزاني والزانية إذا كانا محصنين ،أي: ثيبين، تزوجا سواء طلقا أو مات الزوج .. إلى غير ذلك، ثبت له عقد نكاح وخلوة. هذا الثيب، هذا المحصن إذا زنى يجلد مائة ويرجم بالحجارة حتى يموت، هذا الذي يطهره، أما رجم ماعز في مدينة رسوله والغامدية؟نقول: دائماً مطالبة لإخواننا الغامديين هذه امرأة واحدة سجلت تاريخكم، وكل أهل الإسلام يعرفونه بسبب هذه المؤمنة الغامدية .والأبكار الذين ما عرفوا الزواج ولا عقد لهم ولا بنو ولا دخلوا ولا طلقوا - بشرط أن يكونوا بالغين- إذا حدثت منهم هذه الجريمة، بم نحكم عليهم؟ بجلد مائة جلدة وتغريب عام، والمرأة ما قلنا تغرب خشية أن يحدث الفساد أكثر، ثم ما هناك حاجة إلى تغريبها، ليست كالشباب كلما يراه واحد يقول: هذا جلدناه لأنه زنى، فيذكر الناس بالفاحشة، نريد أن تموت هذه الكلمة ولا تذكر.
تفسير قوله تعالى: (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب ...)
والآن مع الآيتين بعد هذه، إليكم تلاوتهما بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [النساء:17-18].
معنى قوله تعالى: (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة)
يقول الله: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ [النساء:17] أولاً التوبة ما هي؟التوبة: الرجوع إلى الحق بعد الإعراض عنه، التوبة فعل الواجب الذي تركته يا عبد الله، التوبة هي أن تتخلى عما حرم الله بعد أن لامسته ولامسته، الرجعة هي التوبة، من تاب يتوب فلان إذا رجع إلى أمره أو بلده أو عمله، فهو تائب. إِنَّمَا التَّوْبَةُ [النساء:17] بصيغة الحصر إِنَّمَا التَّوْبَةُ [النساء:17] مقصورة، التوبة التي هي على الله، وهل هناك من يوجب على الله شيئاً؟ لا أبداً، مستحيل؛ إذ الخلق كلهم ملكه وفي يده من يكون أقوى من الله حتى يوجب عليه أمراً؟ لا أحد؛ إذ لا إله إلا الله، وإنما هو يتبرع، ويعد وينجز ما وعد، فيجعل لك حقاً على نفسه يا عبده.ووعد الله لا يتخلف لمن عمل سوءاً بجهالة ثم تاب من قريب يقبل الله توبته ويتوب عليه. إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ [النساء:17]. ما السوء هذا؟ السوء ما يسوء إليك أو يسوء إلى غيرك، فقد تعمل سوءاً تؤذي غيرك به، وتؤذي نفسك أيضاً.ما الذي يسوؤنا؟ ترك الأحكام الشرعية تسوء، ترك الصلاة، منع الزكاة، عقوق الوالدين، ترك الغسل من الجنابة، السب للمؤمنين، الشتم، قتلهم، سفك دمائهم.. ماذا نقول؟ كل معصية تسوء، وتحدث المساءة والسيئة في نفسك، بعد ما كانت النفس نقية طاهرة تصبح عفنة منتنة.أعيد القول: فأقول: السيئات: كل من ترك واجباً أوجبه الله، أو فعل منهياً نهى الله عنه إلا والله لهو السوء، ويحدث ذلك سوء غُرمة وعفناً في نفس العبد، ولا يزول ذلك إلا التوبة الصادقة. إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ [النساء:17] أولاً: بِجَهَالَةٍ [النساء:17]، أما من يقول: أنت نبي الله ولعنة الله عليك، هذا لا يتاب عليه، من يعلم أن هذه الصلاة فريضة الله وتركها فقد كفر ..يسخر ويتركها؟ هذا ما هو أهل لأن يتوب الله عليه، التوبة التي هي حق على الله أوجبها على نفسه لأوليائه المؤمنين: أن يفعل المعصية بنوع من الجهالة، إما جهلاً: بأن هذا واجب أو بأن هذا حرام، يحدث مؤمن يصلي يزكي، ما يعرف هذا العمل حلال أو حرام فيفعله بدون إذن، هذا نوع من الجهالة، كأن يقول: الله يغفر لي، والله يتوب علي، أو إن شاء الله أتوب. هذا فيه نوع من الجهالة وعدم البصيرة والعلم، وإلا ما يفعل المؤمن معصية على عمد، ويقول: سيغفرها الله لي، دعني أفعلها والله غفور رحيم.من أنواع الجهالة أيضاً: أن العدو إبليس يثير شهوته ويدفعه، وفي تلك الحال نسي الله ونسي المعصية ونسي الإثم، حتى وقع فيها، أو لشدة الغضب يلعن يسب، وبعدها يتراجع.هذه أنواع الجهالات؛ لأن الله تعالى قال: يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ [النساء:17]، أما مع العلم وعدم الغضب، وعدم غريزة دافعة، وهو على بصيرة، ويتعدى حدود الله؛ مثل هذا لا يتاب عليه، وقد عرفنا كثيرين ممن فسقوا على علم، وحاربوا هذا الدين ما ماتوا إلا على كفرهم وضلالهم.إنما التوبة على الله واجبة أوجبها على نفسه تبرعاً منه وإحساناً لأوليائه لمن؟ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ [النساء:17].

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #433  
قديم 21-01-2021, 11:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

معنى قوله تعالى: (ثم يتوبون من قريب)
يقول الله تعالى بعد ذلك: ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ [النساء:17].إذاً: ثانياً: يتوبون من قريب.إياكم أن تفوتكم هذه المعلومة: أولاً: يقدم على الجريمة بجهالة، ثانياً: أن يتوب من قريب، بمجرد ما تذهب تلك الصورة كأنما أفاق من نومه: أستغفر الله وأتوب إليه.. أستغفر الله وأتوب إليه، على الفور يمحى ذلك الأثر يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ [النساء:17] من القائل؟ الله أو لا؟ فلهذا يقول أهل ملة الإسلام: التوبة تجب على الفور، ولن تجد من يقول: يجوز أن يؤخر توبته إلى يوم الجمعة وهو في يوم الخميس، أو يؤخر توبته إلى أن يعتمر، أو حتى يعود إلى أهله، والله ما يوجد إجماع، التوبة على الفور.زلت القدم سقط أفاق وقام ومشى، وما سر ذلك؟ سر ذلك أن المرء رجل أو امرأة إذا فعل المعصية من كبائر الذنوب بترك واجب أو فعل حرام، ثم واصل ذلك يوماً بعد يوم، شهراً بعد آخر، عاماً بعد عام، قد تأتي ساعة إذا قلت له تب إلى الله يسخر منك، وهذا مجرب ومشاهد، الذي يستمر على معصية يوماً بعد يوم بعد يوم وتصبح طبعاً من طباعه وسجية من سجاياه، وخليقة من أخلاقه، ويصعب عليه أن يتركه، هذا توجيه العليم الحكيم.لم يقول: يتوبون من قريب؟ من بعيد قد لا يتوب الله عليهم؛ لأن الخطايا تحوط بنفوسهم، ثم لا يبقى مجال للتوبة منها، واسمع البيان النبوي الشريف، يقول: ( إن العبد إذا أذنب ذنباً ) أي: عمل وقال ما يؤاخذ به من ذنبه ويعاقب، وقع على قلبه نكتة سوداء، فإن تاب على الفور واستغفر وندم صقل ومسح، وإن لم يتب وزاد الذنب الثاني إلى جنب الأول وما تاب، وزاد الثالث والرابع.. يتغطى القلب بذلكم الران الذي قال الله تعالى فيه: بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين:14] انتهى أمرهم، وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ [البقرة:81] إذا أحاطت الخطايا بالقلب ما بقي مجال لأن يقبل الحق أو يسمع صوته، أو يتوب إلى ربه ويقلع عن معصيته، انتهى أمره.والمثال الذي كررناه لو كنا نذكر: المرض، يبتدر أحدنا -واللهم عافنا- فإن عاجل العلاج وذهب إلى الطبيب بإذن الله تعالى يشفى، فإن استمر على عدم العلاج؛ فإن المرض ينخر في جسمه وترتفع نسبته، ويأتي إلى الطبيب فيقول له: مع الأسف فات الحال، ما بقي مجال لعلاجك أيضاً، انتشر هذا الداء.وهذا أمر معلوم في العالم بأسره، يقول: آه! لم يبق للدواء مجال، انتشر الداء في هذا الجسم، كالسرطان وغيره عافانا الله وإياكم منه، هذه مادية أو لا؟ محسوسة، فالذي يعتاد جريمة، وآسف أن أقول: إنها اللواط، هذه ثبت عند أولي البصائر أن من تعاطاها لا يقوى على أن يتوب منها، وأقرب ما عندنا بالمشاهدة الدخان والشيشة والحشيش، الذي يتعاطاها في العام الأول يمكن أن يتوب، والذي يستمر خمسين عاماً وهو يشيش ما يتوب، إن فرضنا أن واحداً في العرب ما ينفع، هذه القضية معروفة بحسب سجايا البشر وطباعهم، الذي يتعود فقط الكذب يصعب عليه أن يتوب منه، ما يستريح حتى يكذب، الذي يعتاد خلف الوعد ويتمرن عليه، يصبح مهما كان يتلذذ بخلف الوعد.خلاصة القول معاشر المستمعين والمستمعات: إننا نتطهر، نتطيب، نتزكى من أجل أن نرقى إلى الملكوت الأعلى، فلا تلوموننا، لا تقولوا: اليابان، والصين، والأمريكان.. هذا لأولئك الذين يريدون أن ينتقلوا من عالم الأرض إلى عالم السماء، فلا بد إذاً من الطهارة الكاملة حتى يصبحوا كالملائكة في طهارة أرواحهم، فلا لوم ولا عتاب، الكلمة الباطلة حرام تحمل إثماً ودماراً للنفس، النظرة المحرمة كذلك، إخراج اللسان تخرج من مؤمن يهبط بروحك ويلوثها فضلاً عن كبائر الذنوب والآثام.كل ما في الأمر أنك تستعين بربك على مجاهدة هواك وشهوتك ودنياك وعدوك إبليس، مستعيناً بالله، فإن زلت القدم ووقعت على المعصية إياك أن تبيت عليها، على الفور قم وأنت تصرخ: أستغفر الله.. أستغفر الله وأتوب إليه.أذكركم بحادثة التمار، أين أبو عبد العزيز؟ أنت تعرف التمارين، التمار عندنا بائع التمر في السوق، جاءت مؤمنة تشتري تمراً لأولادها؛ لأن زوجها في غزوة من غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم.دخلت السوق ما عندها من يشتري لها الطعام، فجاءت متحزبة مستترة، وأخرجت يدها فيها الدرهم، ما عندها قفاز ما تملكه، ما إن رأى التمار بياض اليد حتى دفعته الشهوة دفعاً فأكب على كفها يقبله، ما إن جذبت يدها وقالت: أما تتقي الله؟ حتى أخذته الرعدة، وانتفض ومشى من هذا السوق والله وهو يحثو التراب على رأسه، ويبكي ويصرخ ويستغفر الله، ثم عاد فجاء المغرب فدخل الرسول في الروضة، أولاً تكلم عمر فزجره، وانتظر حتى صلى النبي صلى الله عليه وسلم المغرب، فبكى على مصيبته، فقال: هل حضرت الصلاة معنا؟ قال: نعم، قال: إن الحسنات يذهبن السيئات.عرفتم كيف تكون التوبة؟ فقد شعوره، مشى في الشوارع يصرخ ويحثو التراب على رأسه، أما أن يباشر العبد الذنب ويعاوده ويعاوده.. ويأتي في فصوله وأوقاته، هذا قل من يتوب من هذا النوع، لقد بلغنا -إن صح كلام إخواننا- أن من هذا النوع من يقولون: لا إله إلا الله وهو يغني، يذكرون له لا إله إلا الله وهو يغني في أغنية عاهرة حتى مات على ذلك.الآن عزمنا إن شاء الله على التوبة؟ نعم يا شيخ من قبل، لكن ازددنا عزماً لا أقل ولا أكثر إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ [النساء:17] ما معنى على الله؟ أوجبها على نفسه لنا، ولكن من هم الذين أوجب على نفسه التوبة لهم؟ الذين يعملون السوء بجهالة، ما هو علماً وعمداً وتحد لهذا الدين وهذه الأمة، هؤلاء لن يتاب عليهم وما تابوا، نوع من الجهالة ما عرفوا الحكم غمض الشيطان عينيه، كذا قال أتوب، قال كذا .. قال العالم الفلاني يعمل في كذا وكذا، يجد سحائب دخان تغشيه فيفعل الجريمة. ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ [النساء:17] كم نسبة القرب، بعد يوم.. يومين.. عشرة؟ الله أعلم، كل ما في الأمر أن من واصل جريمة ومشى وراءه اليوم بعد اليوم، إن طالت المدة العام والأعوام قل من يتوب ويرجع، وقد حذرنا الله من هذا، فقال المسلمون: التوبة واجبة على الفور، ما فيه حتى ينتهي رمضان، ما فيه حتى أتزوج، ما فيه حتى نعود إلى بلادنا، لا وجود لهذا، زلت القدم فعلت السوء .. أستغفر الله وأتوب إليه.هل عرفتم أركان التوبة؟أولاً: الإقلاع، أن يقلع عن الذنب على الفور، هذا أولاً.ثانياً: الندم الذي يحصل به ألم، ما هو ندم كأنما فاتك غداء أو عشاء، ندم كأنما مات ولدك أو أباك.ثالثاً: التصميم والعزم ألا نعود لهذا الذنب وإن حرقنا وإن صلبنا وإن قطعنا.إذاً شروط التوبة هي: أولاً: ترك الذنب والإقلاع عنه والبعد عنه.ثانياً: الندم المؤلم، وإن من أصحاب التوبة من أذنب منذ خمسين سنة، وكلما ذكر ذلك الذنب استغفر الله وتاب إليه، واقرءوا لذلك من سورة (ق) يا أهل القرآن: لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ [ق:32] ما معنى أواب؟ تواب، رجاع، ما معنى حفيظ؟ ما ينسى ذنبه، كلما ذكر ذلك الذنب: أستغفر الله.. أستغفر الله، وإن كان تاب منه من أربعين عام أو خمسين سنة، هذا الأواب الحفيظ، تريدون أن تكونوا أوابين حافظين؟ باسم الله، باب الله مفتوح، ما منا معصوم، فإذا زلت القدم في يوم من الأيام وقلت معصية أو فعلتها كلما ذكرت تقول: أستغفر الله.. أستغفر الله وأتوب إليه. إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ [النساء:17] لا يستطيع أحد أن يحدد لك القرب بعام عامين بعشرين، كل ما يجب أن تعلم: أن العبد إذا استمر على ذنب قد يأتي وقت ما يستطيع تركه، ويموت عليه، هذا واضح، ومثاله المرض.
معنى قوله تعالى: (فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً)
ثم قال تعالى: فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ [النساء:17] أبشروا هذا خبر الله؛ فأولئك التائبون من قريب العاملون للسوء بجهالة هؤلاء يتوب الله عليهم، أي يقبل توبتهم ويهديهم إليها ويوفقهم إلى طلبها وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء:17] انتبه! لو كان ما يعلم، يعلم توبة إبراهيم وعثمان ما يدريها، يعلم توبة من كبيرة وذنوب وأخرى ما يدريها، ما يصلح لنا هذا ما نستفيد؟ لكنه عليم بالبواطن والظواهر والماضي والآتي والحاضر، لا يخفى عليه من الكون شيء، عليم بالخواطر والنيات فضلاً عن الحركات والسكنات.حكيم، تعرفون الحكيم؟ ذاك الذي يضع الشيء في موضعه، فعبد رغب فيه وهابه وخاف منه وقرع بابه: تب علي، حاشاه تعالى أن يقول: اذهب لا نتوب عليك.
معنى قوله تعالى: (وليست التوبة للذين يموتون وهم كفار ...)
اسمع نهاية البيان: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ [النساء:18] هذا النفي ككلام العوام، وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ [النساء:18] لا توبة لهم، لا يقبلها الله ولا يوفقون لها، ولا يتوبون.وتعرفون الزعيم فرعون الذي قال: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي [القصص:38] ما كأنه تجول في العوالم، قال: ما وجدت إلهاً إلا أنا، كذب لعنة الله عليه، أخذه الله نكال الآخرة والأولى، فرعون لما خرج موسى ببني إسرائيل من البحر، ودخل فرعون برجاله وجيوشه، وأطبق الله عليهم البحر، فلما نجا موسى وبنو إسرائيل أطبق الله البحر على الزعيم فرعون وبقي على فرسه، فلما وصل الماء وغرق قال: آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرَائِيلَ [يونس:90] آمنت وما عرف لا إله إلا الله؛ لأنه كان يكرهها، فلهذا بحث كيف يقول، فقال: آمنت بالذي آمن به بنو إسرائيل، من هو؟ فرد الرحمن عليه بقوله: آلآنَ [يونس:91] هذا وقت التوبة؟ آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ [يونس:91] من المفسدين: أصحاب السيئات، شارب الخمر مفسد أو لا؟ الزاني مفسد أو لا؟ الذي يشرك بربه أصناماً وأحجاراً وقبوراً مفسد أو لا؟ وهكذا. فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لا بروحك لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ [يونس:92] إي والله يا رب، كثير من الناس عن آيات الله لغافلون، ما يفكرون فيها! وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ [النساء:18] جمع سيئة، ما يشير إلى النفس بالسيئة والظلمة والخبث والعياذ بالله، حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ [النساء:18] شاهد ملك الموت، شاهد أعوانه، حشرجت قَالَ إِنِّي تُبْتُ [النساء:18] انتهى أمر التوبة. قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ [النساء:18] هذه التوبة مردودة.ثانية أخرى: الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ [النساء:18] يهود، نصارى، بوذى، مجوس مشركون عندما يأتي ملك الموت ويشاهد يعلن عن توبته، عرفتم؟ ما من يهودي ولا نصراني يموت إلا ويعرف الحق عند موته، واقرءوا آية النساء: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ [النساء:159] يعرف أن عيسى عبد الله ورسوله، ما هو ابن زنا ولا ساحر، والنصارى يعرفون أنه عبد الله ورسوله، ما هو بإله ولا ابن الله، لكن هل ينفع الآن التوبة؟ أُوْلَئِكَ البعداء أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [النساء:18] يبتدئهم من ساعة معالجة إخراج أنفسهم من أجسادهم، ويستمر العذاب للأرواح إلى أن تقوم الساعة، ويخلق الله الأرواح من جديد، ويدخل بها ويواصلون عذاباً أبدياً لا ينتهي، والعياذ بالله.الحمد لله أننا مؤمنون.. الحمد لله أننا مؤمنون.. الحمد لله أننا مؤمنون.إن ملايين البشر من الصين والشرق والغرب آيسون يأساً كاملاً لا يرون ربهم ولا يسعدون بلقاه، ولا ينعمون في جنات عدن ودار السلام، فلهذا لو نحمد الله طول الليل والنهار، على نعمة أننا مسلمون في إمكاننا أن نتوب.معاشر المستمعين أعيد تلاوة الآيتين، قال تعالى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [النساء:17-18].وصل اللهم على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #434  
قديم 21-01-2021, 11:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النساء - (6)
الحلقة (230)

تفسير سورة النساء (14)


وجه الشرع الحكيم إلى حسن المعاملة بين الأزواج، وشدد على الزوج في معاملته لزوجته لأنه صاحب القوامة عليها، وهو الغالب عليها في جميع الأحوال، فحرم الله عليه فعل الجاهلية من توريث النساء لورثة الميت من الرجال، كما حرم عليه سبحانه أن يضيق على امرأته ويؤذيها ليضطرها إلى افتداء نفسها منه بالمهر، وإذا أحب أن يتزوج عليها أو يطلقها فلا يحل له أن يأخذ شيئاً من مالها قليلاً أم كثيراً.
تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ...)
الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات!إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة -ليلة الإثنين- من يوم الأحد ندرس كتاب الله عز وجل، رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).اللهم اجعلنا منهم، واحشرنا في زمرتهم، وارض عنا كما رضيت عنهم يا رب العالمين!ما زلنا مع سورة النساء، وها نحن مع ثلاث آيات، هيا نتلوها، ونتدبرها، ونتفكر فيها، ثم نشرحها ونضع أيدينا على المطلوب منها، وكلنا عزم وتصميم -والله العظيم- على أن نطبق هذا، والذي لا يريد هذا لا مقام له بيننا.يقول تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا * وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:19-21].آمنا بالله، هذا قرآن أم ماذا؟هذا القرآن يقرأ على الموتى، كيف يعقل هذا؟ ونجادل، أنزل هذا ليقرأ على الموتى؟ هذا دستور ما اكتحلت عين الوجود بمثله قط، هذا سبيل العزة والكرامة والسلامة والنجاة والنعيم المقيم في دار السلام، ما يقرأ على الموتى، أمثل هذا يهجر ويترك ويهمل؟ إن أمرنا عجب، وحالنا تنبئ عن حالنا. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا * وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:19-21].صدق إخواننا الجن عندما قالوا: إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا [الجن:1] والله عجب، أو لا؟
معنى قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً)
أولاً: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [النساء:19] بم؟ بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً ورسولاً، وبالقرآن هادياً ونوراً، بعبارة موجزة: يا أيها الأحياء! أما الأموات فلا ينادون، أتنادون الميت؟ يسمع؟ يجيب؟ هذا عبث إذا نادينا ميتاً.إذاً ما معنى هذا يا شيخ؟معناه أن الإيمان الصحيح، الإيمان الحق الذي إن عرضته على القرآن وافق وصدق عليه، هذا الإيمان بمثابة الروح سواء بسواء، صاحبه حي وفاقده ميت، ماذا ترون؟ تشكون؟لا والله. هذا الروح إن أصابه ضعف أو نقص أو مرض صاحبه يتجلى ذلك في سلوكه، في منطقه، في حركته، في حياته مريض، فإن فقده مات؛ فلا بد من أن يكون الإيمان سليماً صحيحاً إن عرضته على القرآن وافق عليه، إن عرضته على أهل القرآن وافقوا، فإن قالوا: إيمانك ناقص، إيمانك ضعيف فاسد، عالج قبل أن تنتهي.الآن نادى الله الأحياء أو الأموات؟نادى الأحياء. يا من آمنتم اليوم وبالأمس كنتم كفرة أمواتاً تتخبطون في ظلمات الحياة والجهل، أما وقد آمنتم وحييتم اسمعوا ما يقول المولى تعالى لكم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19] هذا جزء من هذه الأحكام الأربعة.هذا الحمد لله نجونا منه، وإن بقيت آثاره في ظلمات الجهل والجهلة في الشرق والغرب، لكنها نادرة.حقيقة هذا: أن العرب في الجاهلية قبل نزول هذا الكتاب، قبل بعثة هذا الرسول صلى الله عليه وسلم، كان الرجل يرث امرأة أبيه، فالرجل إذا تزوج أباه وأنجبت له المرأة أولاداً، أو لم تنجب، فهذا ابن الرجل من غيرها يرث امرأة أبيه كما تورث الأموال والعروض، إن شاء زوجها وأخذ مهراً، وإن شاء أبقاها، وإن شاء تزوجها، بمعنى أنه ورثها كسائر الأموال، وانتشرت أيضاً هذه العادة الجاهلية حتى الأخ يرث أيضاً امرأة أخيه إذا كانت ليس لها ولد فهو أحق بها، إن شاء زوجها، وإن شاء استخدمها أو طلب منها مالاً وأطلقها.فأبطل الله هذه العادة الجاهلية وهذا القانون الجاهلي الذي أوحاه الشيطان وأملاه على أهل الشرك والكفر.اسمع: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا [النساء:19] هذا كره أو لا؟ بالقوة، بالهراوة آتي لامرأة أبي: أنا أزوجك وآخذ المهر، هذا أولاً.
معنى قوله تعالى: (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن ...)
وثانياً: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19] العضل مأخوذ من العضلات، والداء العضال ما ينفك صاحبه منه، بمعنى: لا يحل للرجل الذي تحته زوجة أن يؤذيها ويضايقها ويؤلمها، حتى تفتدي منه بالمهر الذي دفعه أو بأكثر منه أو أقل، هذا قد يوجد عند الغافلين والجاهلين، ما تعجبه زليخة دميمة الوجه، سليطة اللسان، فقير أهلها، فماذا يصنع؟ يأخذ في مضايقتها والضغط عليها، يعبس، يقطب، ما يبتسم في وجهها، ما.. ما.. حتى تمل الحياة معه ... تريدين الطلاق؟ أعطيني كذا وأطلقك، وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ [النساء:19].قال: (لتذهبوا ببعض)؛ إذ من الجائز ألا تعطيه كل ما أخذ، لكن حتى البعض ما يجوز، ولا ريالاً واحداً.. حرام، وليس فقط كل المهر، أنت استبحت فرجها بذاك الريال كيف تأخذ منه وتسترده؟ بأي حق؟ وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19] وقرئ مبيَّنة واضحة، فإذا أتت المرأة بفاحشة أعلى الفواحش الزنا، وكالزنا السحاق، تعرفون السحاق؟ المرأة تعلو المرأة وتتلذذ بالاتصال بها، هذا يعرف بالسحاق، وهو محرم كالزنا.إذاً فاحشة أعلاها الزنا والسحاق، ودون ذلك سلاطة اللسان، انتبهتم؟ أذية الزوج، المكر به، الاتصالات بغيره، فإذا ثبت عندك يقيناً أنها ارتكبت الفاحشة الكبرى أو دونها، ما أصبحت أهلاً للبقاء في بيتك، في هذه الحال لك أن تضايقها فإن تبرمت وتململت فقل لها: أعطني كذا وأطلق سراحك.واضع هذا القانون هو رب النساء والرجال، الرجال عبيده والنساء إماؤه، فهو أرحم بهم والله من أنفسهم، فلا يشرع لهم إلا ما فيه خيرهم وصيانتهم، فلا دخل لنا في هذا، لا تقل: لم؟ انتبه. إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19] وهذه هي قضية الخلع.الخلع: أن يخلع الرجل المرأة وتخلعه بعد أن كانت مرتبطة به. الخلع إذا هذه المرأة ما أطاقت البقاء في هذا البيت، كرهت هذا الفحل، أصبحت ما تطيقه، هو ما آذاها، ولكن خلقها، نفسها، تطلعها.. خرجت مرة على النافذة شاهدت رجلاً أبيض قالت: نريد مثله، ما نريد هذا الشخص، والشيطان يملي، وهذا هو السر أو من أسرار منع النساء من الشوارع والطرقات، ولكن الأموات لا يفهمون هذا؛ لأن المرأة إذا كانت تتبرج بوجهها وتمشي في الشوارع، وزوجها دميم الخلقة أعمش، ترجع البيت كارهة له، وتبدأ تتطلع: لم أنا محبوسة مع هذا العفن، والرجل كذلك زوجته أم أولاده مستورة محجوبة، لا يرى من النساء إلا هي، كأنها حوراء، فلما يخرج إلى الشوارع والدكاكين والأعمال والأسواق يشاهد الحسناوات الجميلات.. إيه، أنا ماذا أصابني، لماذا أنا مربوط مع هذه الحية؟ فيأخذ في المكر والتضليل والطلاق والخداع، إن لم يكن للطلاق إلا هذا السر والله لكفى؛ لأنه دعامة المجتمع والخلق والدين.وهل فهم الناس هذا؟ ما فهموا؛ لأنهم يسمعون فقط عن الموتى من اليهود والنصارى يقبحون لهم الحجاب وتعدد الزوجات و.. و.. ويمدون أعناقهم؛ لأنهم جهلة، ما عرفوا الطريق إلى الله بعد.ولا لوم، من علمهم؟ هل قرعوا أبواب العلماء وطلبوا العلم؟ لا. إذاً ما نرجو لهم؟ هذه المحن وهذه الإحن، وهذا السقوط والهبوط.كيف نأخذ عن الأموات قوانين وشرائع وآداب وأخلاق؟ أموات، تأخذ عن الميت أنت؟ الأعمى فقط لو تمشي وراءه يضلك.وهذا أبو القاسم بالأمس كان في فرنسا وأطلعني على حادثة، وهي: أن البلديات الكبرى في فرنسا في مدنها يتنافسون في الحصول على عقد النكاح بين الذكر والذكر، وهذا بالنسبة لبريطانيا ماض، أهذه أمة حية هذه؟ هذه أمة نأخذ عنها العلم والمعرفة؟ نثق فيما تقول وما تملي علينا؟آه.. ماذا أصابنا؟ أعرضنا عن كتاب الله هجرناه وسيقول الرسول: يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا [الفرقان:30] ولم يهجره قرأه ليقرأ على الموتى.
معنى قوله تعالى: (وعاشروهن بالمعروف ...)
ثالثاً: يقول تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] أين الذين يتبجحون بحقوق المرأة، ألا لعنة الله عليهم، أموات شر من القردة والخنازير، بقضاء الرب تعالى وحكمه عليهم، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [البينة:6] من قال هذا؟ خالق الخلق.. شر الخليقة! ونمشي وراءهم ونستمع إلى تعاليمهم، ونأخذ بها ونطبقها.وعاشروهن أيها الفحول، عاشروا أزواجكم بالمعروف، المعروف: العدل، القسمة الحقة، الصبر، الحلم، الابتسامة الطيبة، الكلمة الرحيمة، المعاملة الحسنة.. هذه أختك قبل كل شيء، وأختك مرة أخرى في دينك وإسلامك، ثم أم أولادك وزوجتك، كيف تؤذيها؟ والله يسبونهن ويشتمونهن ويعيرونهن، ويقبحون لهن.. لعلي واهم؟والضرب والطلاق كأنها حيوانات، أبهذا نزل القرآن؟ ما معنى هذا الأمر؟ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] ضد المنكر، العدل والرحمة والإخاء والتعاون والمودة، ما تصبح المرأة كأنها سجينة في بيتك، لا تلقاها إلا بوجه قطب مقطب! وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ [النساء:19] لدمامة الوجه، لمرض، لعدم قدرة، لجهالة، وكرهتها اصبر على ذلك ولا تنزعج أبداً، واصبر في يوم من الأيام تصبح أحسن النساء وأكملهن.قال تعالى: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء:19] عامة هذه، كم من إنسان يكره وظيفته، وإذا به بعد أعوام يتبين له أنها أحسن وظيفة، كم من إنسان يكره تجارة بدأها وما يصبر ويصبر وتصبح أحسن حال، كم من إنسان تكون له زوجة ويتضايق وكذا ويصبر، وإذا بها أحسن ما يكون من النساء، هذا وعد الله أو لا؟ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء:19] ممكن هذا رجل لما كانت الوظيفة وافية والمال متوفراً كان يتعنتر عليها، ويريد أن يطلقها، ثم يلهم الصبر فيصبر فيزول ذلك الغنى ويصبح في حالة ناقصة، فيجد تلك المرأة تؤانسه وتواسيه وتحسن إليه، وتحول شقاءه إلى راحة ونقمته إلى نعمة، أو تلد له أولاداً ويجد في الأيام عضداً له وساعداً ويقول: أبي اجلس وأنا أعمل، وأنت اعبد الله فقط.ومعنى هذا: ليس من شأننا أن كل من يكره من امرأته شيئاً يطلق، ويضايق حتى يطلقها ويأخذ منها، والرسول الحبيب يقول: ( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر ) لا يكره مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً -رفع صوتها- يرضى منها خلق آخر، كره منها التبذير، قد يفرح بالعمل والنشاط اليومي، ( لا يفرك مؤمن مؤمنة ) أي لا يبغضها ولا يغضب عليها، لم؟ قال: ( إن كره منها خلقاً ) من أخلاقها مثلاً ( رضي منها بخلق آخر ) هذه تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم مشتقة من قول الله تعالى: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء:19]. مرة ثانية: أولاً: هذا النداء الإلهي الكريم لعباده المؤمنين، نادانا به ليحرم علينا إرث نسائنا، كيف إرث نسائنا حرام؟ لا. هذا نزل والجهل حاكم وسائد، وهو: أن الرجل إذا مات والده أو مات أخاه، أو مات ابنه، يرث امرأته، كيف يرثها؟ يستخدمها، يبيعها، يتزوجها.. هذا محاه الإسلام وانتهى، ولن يعود. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا [النساء:19].ثانياً: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ [النساء:19] لا تضايق المؤمنة مضايقة حتى تمل من وجودك وتطالب بالطلاق وتقول: لا أطلقك حتى تعطيني كذا وكذا، انتبهتم لهذه أو لا؟يقول تعالى: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ [النساء:19].اللهم إلا أن يأتين بفاحشة مبينة واضحة مبينة كاشفة للستار، ما فيها جدال ولا شك، في هذه الحال لك أن تطلقها وتأخذ منها ما شئت من مالها، إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19] أعلاها الزنا والسحاق، ودون ذلك الاتصال بالرجال كذا كذا.. خيانات منكرة.ثالثاً: قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] أي: عاشروا نساءكم أيها الرجال بالمعروف لا بالمنكر، فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ [النساء:19] لأمر ما: ذمامة في الوجه، قصر في الذات، عجم في اللسان، صوت صليط ومرفوع فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء:19] اصبر على هذه المؤمنة، لا تطلقها ولا تفارقها، اصبر على مرضها، اصبر على لسانها، شيئاً فشيئاً عسى أن يتحول ذلك إلى خير كثير.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #435  
قديم 21-01-2021, 11:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

تفسير قوله تعالى: (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج ...)
يقول تعالى: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ [النساء:20].تزوجت زليخة ثم بدا لك أن تطلقها وتتزوج غيرها، ما دام المال متوفراً وأنت في خير أردت أن تستبدلها، ماذا تصنع؟ تضايقها؟ تضغط عليها حتى تملك وتقول: اتركني وأعطيك كذا؟ لا لا.. لا يحل أبداً، فقط تقول: إن شئتِ بقيتِ في بيتك وأريد أن أتزوج، تأذنين؟ البيت بيتك وأنت أنت وأنا أخوك، ولكن أردت أن أتزوج.في هذه الحال إذا قالت: طلقني، وتزوج، طلقها ولا تأخذ من مهرها شيئاً ولو كننت قد مهرتها قنطاراً لا تأخذ منه جراماً واحداً، وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ [النساء:20] بالهاء محذوفة لأن الأصل زوج بدون هاء، لماذا؟ لأنها أصبحت بك زوج، وبها أصبحت أنت زوج، فأنتما جنس واحد، عجب!هل أن ترضى أن تضر جسمك؟ هذا نصفي، لا إله إلا الله.ما كنت زوجاً أنت والله إلا بها، ولا كانت هي زوجة إلا بك، أنتما شيء واحد، كيف إذاً تؤذيها أو تؤذيك؟ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا [النساء:20] التعبير بالقنطار فيه ما يفهم أنه يجوز رفع المهور إلى القناطير، انتبهتم؟ مائة كيلو فضة، لكن ليس هذا هو المطلوب، من باب إن أعطيت قنطاراً، ما فيه أن نعطي قنطاراً، على فرض إن أعطيتها قنطاراً لا تأخذ منه جراماً واحداً، أعطها مهرها كاملاً وسرحها وطلقها. وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا [النساء:20]، وهنا لا ننسى أن النبي صلى الله عليه وسلم رغب في المهر القليل: ( أكثر النساء بركة أقلهن مهوراً )، ( أيسرهن مئونة )، كلما كان المهر قليلاً كانت العاقبة أحسن، كلما كان المهر أكثر كانت العاقبة أسوأ، وهذا واقع ملموس ما يختلف، فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا [النساء:20].ثم قال: أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [النساء:20].هذا الاستفهام للإنكار: (أتأخذونه بهتاناً) كيف بهتاناً؟ لأنك بهتها: هاه أنت تتصلين بفلان، أنا شاهدتك كذا، أنا سمعت شريط في كذا، يكذب عليها يبهتها، ماذا تصنع هي؟ هيا اذهبي عني أعطيني كذا، هذا بهتان وإثم مبين، أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [النساء:20]. وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ [النساء:21].دلوني. وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ [النساء:21].أفضى الرجل إلى المرأة والمرأة إلى الرجل كالجسم الواحد، كتلة واحدة من اللحم، أمع هذا الالتصاق وهذا الالتحام تكذب عليها وتفتري وتتهمها بالفاحشة الباطلة من أجل أن تطلقها وتأخذ منها شيئاً من مهرها؟! آمنا بالله، القائل هذا هو خالق العقول وإلا لا، وغارز الغرائز وإلا لا؟ إذاً فلا يخطر ببالك أن يكون شيئاً من هذا غير واقع. وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:21].أخذ الأزواج من أزواجهن العهد والميثاق وهو العقد، ما هو عقد بالمحكمة وإلا لا؟ ومن جملة العقد: فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229]، زوجني يا فلان ابنتك فلانة، تقول: زوجتكها على مهر قدره كذا إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، إما أن تمسكها بالمعروف الذي أمر الله، وإما أن تسرحها بإحسان، ما هو بالسب والشتم والتعيير، أو بالتهم وأخذ المال، فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229]، تسريح من الراحة وإلا لا؟ إن كنت تعبت منها، أو تعبت منك استريحا .. استرح أنت وتستريح هي. إذاً: وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا [النساء:21] هذا العقد وإلا لا؟ من مواد العقد: فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229] وافقت على هذا أنت ووقعت، لم تخون إذاً؟
المهر حق للمرأة بكامله بمجرد الدخول بها والإفضاء إليها
وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:21].معاشر المستمعين! هيا نتلو الآيات بالتأني بدون تجويد، بعض طلبة العلم يقولون: هذا الشيخ ما يجود، نحن نريد أن نفهم كلام الله عز وجل بدون غنة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [النساء:19] يدخل في هذا اليهود والنصارى والمجوس؟ لا. بل المقصود فقط المؤمنون الأحياء الذين شرفهم الله بالإيمان فناداهم فزادهم في شرفهم، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [النساء:19] نقول: لبيك اللهم لبيك، مر نفعل وانه ننته. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا [النساء:19].امرأة أبيك إذا مات والدك تعتد في بيتها، وإذا انتهت عدتها تأخذ مالها إن كان لها مال، تأخذ بقية مهر إن كان لها بقية، تأخذ حصتها من الإرث، ترث الزوج لأنها زوجته. بهذا أمرنا الله عز وجل، أما أن تحبسها وتقول: أنت زوجة أخي ومات أو أبي أنا أزوجك وآخذ المال الذي دفعه أبي، لا هذا عصر الظلمات، ظلمات الجهل وإلا لا؟ إن ظلماتنا اليوم والله لأعظم من تلك الظلمات، أبعد أن يعقدوا للذكر على الذكر في المحكمة بقي شيء؟ مسخ وسوف تنزل بهم، أين الله؟ لَبِالْمِرْصَادِ [الفجر:14]، وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ [الرعد:31]، ولعل حرباً ذرية تقضي على وجودهم، موجودة الذرة وإلا لا؟ محتفظون بها وإلا لا؟ لأمر أراده الله، علمنا الله إذا كثر الخبث وهبطت ينسفها الله. وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19].ماذا فهمتم من هذه الجملة؟ ما معنى: (ولا تعضلوهن)؟ العضل ما هو؟ الحبس: لا تخرجي ولا أطلقك حتى تعطيني ما في يديك ورجليك من الذهب، أو حتى تتنازلي عن بقية المهر، يجوز هذا؟ وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ [النساء:19]، اللهم إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19] لا غبار عليها ولا شك، فهنا تعاقب بأن تسترد بعض المهر والمهر كامل ويطلقها؛ لأنها ارتكبت فاحشة ما يبقيها الزوج في بيته، إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19] أي: ظاهرة واضحة.ثم قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19].أيها الفحول! أيها الرجال! عاشروا النساء المؤمنات بالمعروف، عاشرها وهي تعاشرك، ولو كانت لفظة أخرى ما تدل على المعاشرة بين اثنين، هي تعاشرك وأنت تعاشرها وتتم العشرة والسلامة بينكما، وَعَاشِرُوهُنَّ [النساء:19] بماذا؟ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، المعروف ما عرفه الله من الحق.. من العدل.. من الإحسان، بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]. فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ [النساء:19].لأمر ما اصبر، اصبر ما تطلق، اذكر الله، حاول أن تصلح مما رأيت من المكروه كذا وإلا لا؟ لم؟ عسى أن تكره شيئاً وفيه خير لك، إذا كنت لا تعلم الغيب.ومعنى هذا: أن الله عز وجل يدعو عباده المؤمنين من أمثالنا إذا شاهدوا شيئاً في المرأة أن يصبروا، لا يعالج بالطلاق: أنت طالق اذهبي، قد يطلق وهو لا يجد مثلها ويندم، إذاً: ما دام كره منها خلقاً في أخلاقها ما يرضيه ، لكلمة الرسول الخالدة: ( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر )، وقد بينا إذا صبر عليها قد يرزقه الله منها أولاداً يسعدونه طول حياته ويدخلونه الجنة بدعائهم وصلاتهم وحجهم واعتمارهم، صبر، هذا الذي أراد أن يطلق لما شعر بالغنى والمال قد يسلب منه في يوم من الأيام ويصبح فقيراً وتحتضنه هي وتتحمل معه، قد يمرض ويلصق بالأرض فيجدها هي التي تعالجه وهي التي تمرضه، هذا تعليم سيدنا ومولانا الذي يحبنا فيشرع لنا هذه الهداية، ومع الأسف جهلناها وعدلنا عنها.ثم قال تعالى: وَإِنْ أَرَدْتُمُ [النساء:20].على فرض. وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ [النساء:20].هذا يقع وإلا لا؟ فماذا تصنع؟ وَآتَيْتُمْ [النساء:20].الزوجة التي أردت أن تطلقها وأن تأتي بأخرى، آتيتها قنطاراً من الذهب أو الفضة فاحذر أن تأخذ منه شيئاً، أردت أن أتزوج ما رضيت بالزوجة: اذهبي إلى أهلك وخذي بضاعتك.. سلعتك.. دينك.. أموالك، وأستودعك الله وأنا أتزوج، حسن هذا. أما التقبيح والتعيير والشتم والتعالي والدفع.. و... و...، هذا لا يتم أبداً.إذاً: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ [النساء:20] أعطيتم، إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا [النساء:20] وإن قلَّ.ثم يقول: أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [النساء:20].وأنتم أولياء الله وعباده الصالحون، كيف تكذبون عليها وتبهتوها بالأقوال الباطلة: فعلت كذا وعملت كذا، من أجل أن تختلع منك؟ كيف تفعلون هذا؟ ما يليق بك. وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ [النساء:21].سبحان الله العظيم! وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ [النساء:21] دلونا بينوا لنا. وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ [النساء:21].تعرفون الإفضاء وإلا لا؟ الرجل يلبس امرأته وتلبسه: هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ [البقرة:187]، هذه التي تلصق بك وتلصق بها وتصبحا جسماً واحداً، هذه تؤذيها؟ يمشي معك إنسان في سفر فقط ويخدمك تحبه طوال حياتك وما تؤذيه، فكيف بالتي تلصق بها وتلصق بك أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ [النساء:21]؟ هذا أولاً. وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:21].كيف تنقضون المواثيق وتحلون العقود، أيجوز هذا وأنتم الأحياء المؤمنون؟ نسيت لما قال القاضي: فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229]، لو قال لك: لا. أنا حر، هل يعقد لك العاقد؟ ما يعقد، فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229].أسمعكم الآيات مرة أخرى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] أي: النساء، وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء:19]، وكم من إنسان أبغض زوجته أو غاظته شهرين.. ثلاثة.. عام وعاد الصفا والحب والولاء، كم وكم، والقائل هو الله: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء:19]. وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا [النساء:20] واضح هذا البيان وإلا لا؟ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:20-21] هل يجوز نقض الميثاق والعقد المربوط بالأيمان كالحبل؟ كيف تحلوه؟ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا [البقرة:177]، وَلا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ [الرعد:20].
قراءة في كتاب أيسر التفاسير

هداية الآيات
قال: [ من هداية الآيات:أولاً: إبطال قانون الجاهلية القائم على أن ابن الزوج يرث امرأة أبيه ].هذا فهمناه من الآية وإلا لا؟ أولها ماذا؟ لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا [النساء:19].[ ثانياً: حرمة العضل من أجل الافتداء بالمهر وغيره ].العضل حرام وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ [النساء:19] العضل من أجل ماذا؟ يعضلها لتفتدي منه بالمهر أو غيره وهذا حرام، أليست اللام ناهية: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ [النساء:19].[ ثالثاً: الترغيب في الصبر ].هل في الآية الترغيب في الصبر؟ ما هو؟ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء:19] معناه: اصبر على هذه المؤمنة لقبح في وجهها أو لسلاطة لسانها أو لكذا شيئاً فشيئاً، ويجعل الله في ذلك خيراً كثيراً، نتيجة الصبر وإلا لا؟ من صبر ظفر.[ رابعاً: جواز أخذ الفدية من الزوجة بالمهر أو أكثر أو أقل إن هي أتت بفاحشة ظاهرة لا شك فيها كالزنا أو النشوز ].والترفع عن الزوج وكراهيته، وتقول له: لا أريد أن أبقى معك، حاول جاهد ما استطاع، أعطينا النفقة وخذي روحك، من أين أخذنا هذا؟ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19] سبحان الله![ خامساً: جواز غلاء المهر؛ فقد يبلغ القنطار غير أن التيسير فيه أكثر بركة ].من أين أخذنا جواز؟ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا [النساء:20]لما كان عمر يخطب يوم الجمعة فدعا إلى التيسير في المهور، قال: لا ينبغي أن تزيدوا على أربعمائة درهم، لما نزل قالت سيدة من النساء: أيعطينا الله وتمنعنا يا عمر ؟ أما قال الله: وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا [النساء:20]؟ فعاد إلى المنبر وقال: صدقت امرأة وأخطأ عمر، كل الناس أعلم منك يا عمر ، وحصل هذا عندنا في حكومتنا القرآنية منذ حوالي ثلاثين سنة أرادوا أن يحددوا المهر -أظن- بأربعمائة ريال، وشجع ذلك طلبة العلم وكذا، وبعد نظر أهل العلم قالوا: أين يذهب بعقولنا أيعطيهن الله ونمنعهن؟ عمر على جلالته كذب نفسه وخطأها وفتحوا الباب، وإلا كادوا يجعلونه في المحكمة.قال: [خامساً: جواز غلاء المهر فقد يبلغ القنطار غير أن التيسير فيه أبرك]، المهر أكثره قنطار وأقله ربع دينار، وهذا الذي عليه جمهور الفقهاء؛ لأن ربع دينار تقطع فيه يد السارق، انتبهت؟ وبذلك ما يفتض الفرج إلا بمثله، ربع دينار.[ سادساً: وجوب مراعاة العهود والوفاء بها ]. من أين أخذنا هذا من الآية؟من قوله: وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:21]، فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229].وصل اللهم على نبيك محمد وآله وصحبه أجمعين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #436  
قديم 29-01-2021, 05:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النساء - (7)
الحلقة (231)

تفسير سورة النساء (15)


كان العرب في الجاهلية إذا طلق أحدهم امرأته أو مات عنها فإن لابنه أن يتزوجها، فلما جاء الإسلام طهر المجتمع من مثل هذه الممارسات الشنيعة، فحرم على الرجل أن يتزوج بزوجة أبيه، سواء دخل بها الأب أو لم يدخل، ومن تزوج بامرأة أبيه قبل الإسلام فيلزمه تركها بمجرد دخوله في الإسلام، وبلوغ هذا الأمر الإلهي إليه.
قراءة في تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ...) وما بعدها من كتاب أيسر التفاسير

معنى الآيات
الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات!إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة والتي بعدها واللتان قبلها ندرس كتاب الله عز وجل، رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال فداه أبي وأمي والعالم أجمع، قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )، الحمد لله الذي وفقنا لهذا وجعلنا من أهله.وها نحن مع سورة النساء، وشاء الله أن نجتمع مع أحد المستمعين فسألته فأجاب عن درس أمس إجابة علمية كافية فسررت بذلك وأحمد الله عليه، فهل أنتم كذلك؟لأن الآيات آيات وأحكام ولا بد من معرفتها، هيا أقرأ عليكم شرحها في الكتاب وبعد ذلك أطرح الأسئلة باختصار لننتقل إلى الآيات التالية.
حرمة فعل أهل الجاهلية المتمثل في توريث النساء لأهل الميت من الرجال
قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمنا الله وإياكم قال: [ تضمنت هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا [النساء:19] ].تذكرون هذا المعنى؟ يا من آمنتم بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً ورسولاً! أيها الأحياء اسمعوا! لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا [النساء:19] وهل المرأة تورث كالرجل؟ الجواب: نعم، كانوا في الجاهلية إذا مات الأب ابنه يتصرف في زوجته التي ليست أماً له، إن شاء تزوجها، وإن شاء أخذ مهراً من زوجها الجديد.. إن شاء.. إن شاء، يتصرف فيها تصرف المملوكة؛ فجاء القرآن الكريم، جاءت أنوار الله لهداية عباده فنزلت هذه الآية فلم يبق مجال لابن الأب أن يتحكم في زوجة أبيه إذا ماتت، بل هذه الزوجة تعتد في بيت زوجها أربعة أشهر وعشر ليالي وهي تطعم وتشرب وتنام آمنة، وترث من زوجها الثمن لأن له ولد، وإن كان لها بقية صداق تأخذه كاملاً قبل أن تقسم التركة، وبطلت عادت الجاهلية والحمد لله، هذا معنى قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا [النساء:19].قال: [ تضمنت هذه الآية إبطال ما كان شائعاً بين الناس قبل الإسلام من الظلم اللاحق بالنساء، فقد كان الرجل إذا مات والده عن زوجته ورثها أكبر أولاده من غيرها، فإن شاء زوجها وأخذ مهرها، وإن شاء استبقاها حتى تعطيه ما يطلب منها من مال ].ظلمة الكفر والجهل.[ فأنزل الله تعالى قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا [النساء:19]، فبطل ذلك الحكم الجاهلي بهذه الآية الكريمة، وأصبحت المرأة إذا مات زوجها اعتدت في بيت زوجها، فإذا انقضت عدتها ذهبت حيث شاءت، ولها مالها وما ورثته من زوجها أيضاً.
حرمة عضل المرأة لحملها على افتداء نفسها بمهرها أو بعضه
وقوله تعالى: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19] ].هذه الآية الثانية، فهمتم بالأمس معناها؟قال: [ فهذا حكم آخر ].غير الأول.[ فهذا حكم آخر وهو ].أي: هذا الحكم.[ أنه يحرم على الزوج ].الفحل.[ إذا كره زوجته ].يحرم عليه.[ أن يضايقها ويضارَّها حتى تفتدي منه ببعض مهرها، إذ من معاني العضل المضايقة والمضارة، هذا ما لم ترتكب الزوجة فاحشة الزنا أو تترفع عن الزوج، وتتمرد عليه، وتبخسه حقه في الطاعة والمعاشرة بالمعروف، أما إن أتت بفاحشة مبينة لا شك فيها أو نشزت نشوزاً بيناً؛ فحينئذ للزوج أن يضايقها حتى تفتدي منه بمهرها أو بأكثر حتى يطلقها؛ وذلك لقوله تعالى: إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19] ].كأن سامعة سمعت الدرس بالأمس شكت اليوم قائلة: أنا محسنة لزوجي وهو دائماً معبس مقطب مكشر لا سلام ولا كلام، ماذا أصنع معه؟ لم يعمل هذا العمل؟ نحن مأمورون بالابتسامة في وجه الفقير والمسكين، في وجه أيما مؤمن يمر بك تبتسم، وأنت زوجتك وأم أولادك تتعالى وتتكبر وتتنزه من أن تسلم عليها، أو تبتسم في وجهها، أو تكلمها بكلمة ترحمها بها، أيجوز هذا؟ وقالت: أذكره بقول الله تعالى: فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229] ويسخر مني ويدعي أنه مؤمن، وأظن جاهد في الأفغان هذا، إلى من نشكو؟ ما علة هذا؟ الجهل الذي ما يتربى في حجور الصالحين، تقول للمؤمن: أنا أربي أولاده وهو يعاكسهم، كل يا فلان بيمينك، يقول له: كل بيسارك، عيب كل بيمينك الشياطين يأكلون بشمالك، يقول: دعيه يأكل بشماله، وهكذا.هيا نخرج من هذه المحنة، والله لا خروج إلا بالعودة وإلى أن نجتمع في بيوت ربنا كل ليلة نتعلم الكتاب والحكمة ونزكي أنفسنا ونهذب أخلاقنا يوماً بعد يوم، أما أن نعيش في الشوارع والدكاكين والملاهي والملاعب وتريد منا أن نكمل هذا الكمال مستحيل، غير ممكن أبداً.عرف هذا عدونا الثالوث الأسود: المجوس واليهود والنصارى، فصرفونا عن القرآن وأبعدونا عن السنة وربطونا بمؤلفات فقهية، وظنوا أننا بهذا نصبح ربانيين، وقد نجحوا، وهبطنا من علياء السماء إلى الأرض، وأذلنا الله لهم، وهانحن نتملقهم حتى في البرانيط أولادنا نلبسهم برانيط في المسجد النبوي.ونحن الآن نشعر كالبهائم، أماتونا، متنا وإلا لا؟ ما هي الروح يا عباد الله يا أهل القرآن؟ قولوا ما الروح؟ القرآن، من هجر القرآن وتركه وجهله وأصبح يقرأ على الموتى حي هذا؟ بل ميت.إذاً: قال: (وقوله تعالى: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19]، فهذا حكم آخر) غير الأول وهو (أنه يحرم على الزوج) المؤمن (إذا كره زوجته) لدمامة وجهها.. لسوء خلقها.. لسلاطة لسانها.. لأمر ما، لا يحل له (أن يضايقها ويضارها حتى تفتدي منه ببعض مهرها، إذ من معاني العضل المضايقة والمضارة، هذا ما لم ترتكب الزوجة فاحشة الزنا)، أما قال: إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ [النساء:19]؟ (ما لم ترتكب الزوجة فاحشة الزنا) أو السحاق كما عرفتم، (أو تترفع عن الزوج، وتتمرد عليه، وتبخسه حقه في الطاعة والمعاشرة بالمعروف، أما إن أتت بفاحشة مبيِنة) مبيَنة قراءتان، (لا شك فيها أو نشزت نشوزاً بيناً) واضحاً (فحينئذ للزوج أن يضايقها حتى تفتدي منه) بالمهر الذي دفعه أو أقل أو أكثر، هذه أحكام الله، هل ترقى البشرية إلى مثله؟ والله ما تصل، قال: (وذلك لقوله تعالى: إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19]).قال: [ ثم أمر تعالى عباده المؤمنين ].ونحن منهم، بماذا أمرهم؟قال: [ بمعاشرة الزوجات بالمعروف وهو العدل والإحسان ].ما هو مجرد عدل فقط، العدل والإحسان، والإحسان يتجلى في الكلمة الطيبة، والمعاملة الحسنة، والمؤانسة، وحب ما تحب المرأة من طعام أو شراب، وكره ما تكره؛ لتتلاءم الأجساد وتصبح كالجسد الواحد، ونعم لم سمي الزوج زوجاً؟ زوجته المرأة أصبح زوجاً وإلا كان فرداً، وهي سميت زوجة لم؟ لأن الرجل زوجها أصبحت زوجة، إذاً هما جسم واحد، كيف تؤذي جسمك أنت؟ كالذي يأخذ حربة ويطعن في جسمه.قال: [ وإن فرض أن أحداً منكم ].يا معشر الفحول![ كره زوجته وهي لم تأت بفاحشة مبينة ].ماذا عليه؟قال: [ فليصبر عليها ولا يطلقها؛ فلعل الله تعالى يجعل في بقائها في عصمته خيراً كثيراً له نتيجة الصبر عليها وتقوى الله تعالى فيها وفي غيرها، فقد يرزق منها ولداً ينفعه، وقد يذهب من نفسه ذلك الكره ويحل محله الحب والمودة ].وحديث المصطفى بالأمس: ( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر )، لعل المستمعون لم يفهموه؟يا عبد الله! إذا كرهت من زوجتك خلقاً لا تأخذ في ضربها وأذيتها، أو من أول يوم اذهبي عني وتطلقها؛ لأنك تملك ما تتزوج به، دعوة ربك إليك أن تصبر ولا تستعجل، فإنك إن كرهت منها خلقاً يرضيك منها خلقاً آخر ما دامت برة تقية مؤمنة، كون لونها .. أو ما أعجبتك اصبر عليها؛ فإن عاقبة الصبر مضمونة -والحمد لله- حسنى والخير كله، قد تعقب لك ولداً تعيش كل حياتك على نفقته وعلى كفالته.هذا توجيه الله أو توجيه الناس؟هذا توجيه الله، وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، [ وإن فرض أن أحداً منا كره زوجته وهي لم تأت بفاحشة مبينة فليصبر عليها ولا يطلقها فلعل الله يجعل في بقائها في عصمته خيراً كثيراً له نتيجة الصبر عليها، وتقوى الله تعالى فيها وفي غيرها، فقد يرزق منها ولداً ينفعه، وقد يذهب من نفسه ذلك الكره ويحل محله الحب والمودة ]، وكم وكم حصل هذا.[ والمراد أن الله تعالى أرشد المؤمن إن كره زوجته أن يصبر ولا يطلق؛ لما في ذلك من العاقبة الحسنة؛ لأن الطلاق بغير موجب غير صالح ولا مرغوب للشارع، وكم من أمر يكرهه العبد ويصبر عليه فيجعل الله تعالى فيه الخير الكثير .هذا ما تضمنته الآية الأولى ].

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #437  
قديم 29-01-2021, 05:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

تحريم أخذ شيء من مهر المرأة عند رغبة الزوج في طلاقها والزواج من غيرها
قال: [ أما الآيتان بعدها فقد تضمنتا ].أولاً.[ تحريم أخذ شيء من مهر المرأة إذا طلقها الزوج لا لإتيانها بفاحشة ولا لنشوزها، ولكن لرغبة منه في طلاقها ليتزوج غيرها، في هذه الحال لا يحل له أن يضارّها لتفتدي منه بشيء ولو قلَّ، ولو كان قد أمهرها قنطاراً فلا يحل أن يأخذ منه فلساً -واحداً- فضلاً عن دينار أو درهم ].لأن بعض الماديين: الجهلة ما تعجبه المرأة يأخذ في مضايقتها.. وو، اضغط شدد كذا حتى تمل، فتقول له: طلقني وخذ ما أعطيتني، هل يحل هذا؟ والله ما يجوز ولا فلس واحد، يجوز إذا هي كرهتك وما أحبتك وترفعت عنك وما أرادتك وأصبحت تتصل بفلانة وفلان، في هذه الحال لك أن تضايقها وتقول: تعطيني كذا وأطلقك، هي الراغبة في الطلاق، وهذه هي المخالعة التي تقدمت في سورة البقرة.قال: [ هذا معنى قوله تعالى: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا [النساء:20] أي: ظلماً بغير حق وكذباً وافتراء وإثماً ].مبيَناً أو مبيِناً.[ أي: ذنباً عظيماً ].هذا التوبيخ من الله عز وجل والإنكار: ] أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا [النساء:20] أي: ظلماً بغير حق وكذباً وافتراء وإثماً مبيناً، أي: ذنباً عظيماً].[ ثم قال تعالى منكراً على من يفعل ذلك: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ [النساء:21] أي: بأي وجه يحل لكم ذلك؟ والحال أنه قد أفضى بعضهم إلى بعض أي: بالجماع، إذ ما استحل الزوج فرجها إلا بذلك المهر؛ فكيف إذاً يسترده، أو شيئاً منه بهتاناً وإثماً مبيناً؟ فقال تعالى: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ [النساء:21]؟ وقوله تعالى: وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:21] يعني: عقد النكاح فهو عهد مؤكد يقول: الزوج نكحتها على مبدأ: فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229]، فأين التسريح بإحسان إذا كان يضايقها حتى تتنازل عن مهرها أو عن شيء منه؟ هذا ما أنكره تعالى بقوله: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ [النساء:21] إذ هو استفهام إنكاري ].وتعجبي أيضاً، كيف يتم هذا؟ سمعتم هذا الشرح، اسمعوا الآيات المشروحة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا * وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:19-21].إن شاء الله استقرت هذه الأحكام في أذهان الأبناء والمستمعين ونطبق وإلا لا؟ أو ما في حاجة؟ يا ويل الذي يذهب الليلة إلى بيته ويسب ويشتم هذه المؤمنة أو يتكبر عليها.
هداية الآيات
أما هداية هذه الآيات فهي ست هدايات أذكركم بها:[ أولاً: إبطال قانون الجاهلية القائم على أن ابن الزوج يرث امرأة أبيه ].بطل وإلا لا؟ هل بلغكم قانون الجاهلية في فرنسا وبريطانيا، ما سمعتم لي، ما قلناه أمس، نعيد هذا من أجل أن تعرفوا أن الكافرين هابطين بهائم أوسخ من القردة والخنازير، هذا كلام الله، حتى لا تعشقوهم ولا تحبوهم.. ولا ولا، في فرنسا وبريطانيا يصح عقد نكاح رجل على رجل، مسيو على مسيو، مستر على مستر، أي هبوط أعظم من هذا؟! أمثال هؤلاء نقتدي بهم، يجب أن نعاكسهم في كل شيء حتى نبعد من ساحتهم وظلمتهم وضلالهم، يا شيخ هذا الكلام من يسمعه؟ ألف مليون مسلم يسمعون هذا الكلام.أزيد وإلا لا؟ لماذا تلبسون أولادكم البرانيط في المسجد النبوي؟ يمر بي الرجل معه ثلاثة أولاد بالبرانيط يتلذذ بها، كان محمد يلبس البرانيط أو الحسن والحسين ؟ والتلفاز والفيديو في بيوت المؤمنين لا يا شيخ ما هو معقول أبداً، هذا يوجد في بيوت الكافرين؛ لأنهم لا حلال ولا حرام، ولا إيمان ولا لقاء الله ولا رجاء الدار الآخرة، حيوانات تأكل وتنكح فقط لا هم لها إلا هذا، كيف يوجد في بيوت المؤمنين؟! يتعلم الناس والرجال ماذا؟ العهر والسقوط والهبوط والتلصص والجرائم والأغاني، هذا شأن المؤمنين؟ والله ما هو بشأنهم، المؤمنون بيوتهم يذكر فيها اسم الله، يتلى فيها كتاب الله، لا أن تصبح موبآت للشياطين يدخلون ويخرجون الليل والنهار، هل فهمتم؟أو ... هذه رجعية.. هذا تخلف.. هذه الكلمات يلقيها الشيطان في صدور أوليائه، تعال إذا كنت منطقياً عليماً واعياً نتناقش نبين لك، من منكم يرفع رأسه ويده؟نسأل: ما هي المكاسب الحقيقية التي من أجلها نشتري التلفاز ونسهر عليه ونراقب أوقاته وننتفع به، دلونا؟ تعطون أموالاً شهرية أو سنوية على ذلك؟ الجواب: الآن لا، لكن ممكن لو يسمع جماعة لندن وإسرائيل يجعلون جوائز: الذي يستخدم هذا الفيديو أو التلفاز كل سنة تأتيه بطاقة شيك فيه عشرة ريال، مستعدون لكن ما هم في حاجة إلى هذا بالأغاني فقط سلبونا وهبطوا بنا، هل صاحب التلفاز مع أسرته تتأدب تلك الأسرة وتحتشم المرأة وتصبح لا تتكلم بكلمة عالية ولا تكشف عن وجهها.. ولا ولا؟ الجواب: لا أبداً، يكتشفون مهناً صناعية يتفوقون فيها؟ الجواب: لا، والله لا فائدة البتة، والحكيم القائد الأعظم صلى الله عليه وسلم يقول: ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )، كيف نحصل على هذه الحكمة؟ ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )، إذا ما أنت في حاجة إلى أن تشرب لا تشرب، ما أنت في حاجة إلى أن تأكل ما تأكل، ما أنت في حاجة إلى أن تنام لا تنم، ما أنت في حاجة إلى أن تكسب كذا ما تكسب، خذ دائماً ما أنت في حاجة إليه، من حسن إسلام المرء أن يترك ما لا يعنيه، لا يكسبه خيراً ولا يدفع عنه ضراً وشراً.قال: (إبطال قانون الجاهلية القائم على) ماذا؟ (أن ابن الزوج يرث امرأة أبيه) وحتى امرأة أخيه أيضاً.[ ثانياً: حرمة العضل من أجل الافتداء بالمهر وغيره ].يفعله الجهال هذا وإلا لا؟ يضايقون المؤمنة حتى تصرخ: هذا ما أعطيتني واتركني.[ثالثاً: الترغيب في الصبر ].من يرغبنا في الصبر؟ الله، عندك مؤمنة تقية ذميمة ما هي بجميلة قصيرة ما أحببتها اصبر عليها، هذه المؤمنة تقية أصلي إلى جنبها أو قدامها أعلمها .. تحبها تصبح كأنها حوراء.قال: [ رابعاً: جواز أخذ الفدية من الزوجة بالمهر أو أكثر أو أقل إن هي أتت بفاحشة ظاهرة ].تتصل بفلان وفلان أو ارتكبتها وشاهدتها أنت؛ لأنك ما تستطيع أن تشكوها بدون أربعة شهود، أو ترفعت تكبرت أهانتك أذلتك وأنت الفحل وأنت رب البيت، إذا كان من هذا خذ منها ما شئت وطلقها؛ لأنها تريد أن تطلق، رغبت في غيرك.قال: [ جواز أخذ الفدية من الزوجة بالمهر أو أكثر أو أقل إني هي أتت بفاحشة ظاهرة لا شك فيها كالزنا أو النشوز ].النشوز العلو والارتفاع، تتكبر عنه وتهينه وتعبس في وجهه، وقد تضحك عليه وخاصة إذا كانت جامعية وهو بدوي مثلي يا ويله، وخاصة إذا كان راتبها عشرة آلاف وهو صعلوك يا ويحه إن لم تكن ربانية تربت في حجور الصالحين سوف تركب هذا معه.قال: [ خامساً: جواز غلاء المهر فقد يبلغ القنطار ].لقوله تعالى: وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا [النساء:20].[ غير أن التيسير فيه أكثر بركة ].وأكثر خيراً، دعانا الرسول إلى التيسير.قال: [ سادساً: وجوب مراعاة العهود والوفاء بها ].ماذا في الآية؟ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:21]، هو العقد القائم على أساس: فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229] لا بأذى الحمد لله.
تفسير قوله تعالى: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء ...)
قال تعالى: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:22].النكاح هنا الزواج. وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ [النساء:22].ما معنى: سلف؟ مر، السلف الصالح من هم؟ الذين مضوا. إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا [النساء:22]. وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا [النساء:22]، تعرفون المقت ما هو؟ أشد البغض، المقت والعياذ بالله، هذه اللام لام النهي (لا تنكحوا) وهذا الكلام معطوف على النداء: (يا أيها الذين آمنوا) لا يحل لكم كذا وكذا ولا تنكحوا، هذه الآية تابعة لما سبق. وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:22].كان الرجل يتزوج امرأة أبيه، عرفتم؟ إذا طلق أباه امرأة ما أعجبته ما لائمته يتزوجها ابنه، أو يموت الأب وتبقى المرأة يتزوجها ابنه، وهنا سبب في نزول هذه الآية:روي: أن صحابياً يقال له: أبو قيس ، توفي وكان من صالحي الأنصار بالمدينة، فخطب ابنه قيس امرأة أبيه -ما هي أمه لكنها امرأة أبيه- لعلها تتزوجه ويتزوج بها.قال: فقالت له: إني أعدك ولداً، كيف؟ قالت: ولكني آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله. حكيمة هذه وإلا لا؟ يا ليتنا مثلها، أولاً قالت له: أي قيس أنا أعدك ولداً، كيف تقول: أتزوجك؟ ثم قالت له: آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسأله، فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43]، لو كنا في ذلك المستوى من يوم ما ظهر الفيديو والتلفاز لا يقدم عليه مؤمن حتى يسأل أهل العلم، والله العظيم، فيكم من سأل؟ لم ما نسأل: أيحل لنا أن نأتي الأمر بدون علم، وهل يجوز أو لا يجوز؟ والله ما يحل، حتى اللقمة ما تأكلها حتى تعرف يجوز هذا أو لا يجوز، لكن لما غطونا بسحائب الجهل ما أصبحنا نميز ولا نعرف، هذه المؤمنة خطبها ابن زوجها قالت له: أعدك ولداً ولكن آتي رسول الله وأسأل إذا أذن لنا لا بأس، والله يقول: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43].قالت: فأستأمره. آتي رسول الله فأطلب أمره، قال: فأتته فأخبرته فأنزل الله هذه الآية: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا [النساء:22].ولنعلم أن امرأة الأب لا يحل نكاحها، وامرأة أب الأب كذلك، سلسلة أعلى ما كان، (آباؤكم) يدخل فيه: الأب والجد وأبو الجد.. وهكذا، أي نعم، وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ [النساء:22]، وهنا إذا عقد الأب على الزوجة وما دخل بها وما بنى بها يحرم أن يتزوجها الابن؛ لأنها زوجة أبيه بالعقد، ليس شرطاً أن يخلو بها ويدخل عليها أبداً، إذا تم العقد لا يحل له أن يتزوجها، بل إذا علمت أن أباك يخطب لفلانة لا يحل لك أن تخطبها أنت أو تتزوجها، أو يحل؟ حتى المؤمن مع المؤمن إذا علمت أن زيداً يخطب في بنت فلان لا يحل لك أن تخطبها أنت حتى يفترقا، وتتيقن أنهما افترقا، لماذا هذا؟ ليبقى المجتمع متكاتفاً متعاوناً متحاباً متآخياً؛ لأنه يحمل راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، والإنس والجن .. الكل عدو لها، كيف تبقى مرفوعة إذا لم تتضافر الجهود والقلوب والأموال. وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ [النساء:22].ما معنى: سلف؟ مضى في الجاهلية أم قيس هي السبب في نزول هذه الآية، ابن زوجها خطبها لأنه كان شائعاً بينهم أنه يتزوج امرأة أبيه أليس كذلك؟ لكن نور الإيمان الجديد أثر فيها وقالت: أعدك ولداً، ولكني أستأذن رسول الله وأستأمره، على الفور مشت إلى رسول الله وقصت عليه القصة، وما زالت جالسة حتى نزل القرآن، وامرأة الأب كامرأة الجد على حد سواء وإن علا.قال: [ ما زال السياق الكريم في بيان الأحكام الشرعية المتعلقة بالإرث والنكاح وعشرة النساء.وفي هاتين الآيتين ذكر تعالى محرمات النكاح من النسب والرضاع والمصاهرة، فبدأ بتحريم امرأة الأب وإن علا، فقال: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ [النساء:22]، ولم يقل ]. ولا تنكحوا من نكح آباؤكم، المفروض يقول من للعاقل.قال: [ ولم يقل من ].وقال: (ما).[ ليشمل التحريم منكوحة الأب والطريقة التي كانت متبعة عندهم في الجاهلية ].يشمل النكاح والوسائل التي يتوصل بها إليه.المفروض يقول: ولا تنكحوا من نكح آباؤكم وإلا لا؟ من للعاقل، الله قال: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ [النساء:22] ليشمل الهيئات والصفات على عمومها، فيدخل الخطبة فيها.. وو، وما إلى ذلك، سبحان الله العظيم![ولم يقل: من ليشمل التحريم منكوحة الأب والطريقة التي كانت متبعة عندهم في الجاهلية، ولذا قال: إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ [النساء:22] في الجاهلية فإنه معفو عنه بالإسلام بعد التخلي عنه وعدم القيام عليه ].قوله: (إلا ما قد سلف) لا تفهم منه أن الذي تزوج من قبل يبقي عليها؛ لأنه تزوجها في أيام الجاهلية، لا على الفور يخلي سبيلها وتخرج منه ولا يصح أبداً أن يبقيها، يحتج بأن يقول: نحن تزوجنا قبل نزول الآية، فلهذا قال: مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ [النساء:22] على أية صورة قديمة أو حديثة.(ولم يقل: من ليشمل التحريم منكوحة الأب والطريقة التي كانت متبعة عندهم في الجاهلية؛ ولذا قال: إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ [النساء:22] في الجاهلية فإنه معفو عنه بالإسلام) الصحابة جُلهم عبدوا الأصنام عشرين سنة وثلاثين سنة، فهل يؤاخذون بذلك؟ الإسلام يجب ما قبله، أي: يقطع، الإسلام يجب ما قبله، فمن عاش مشركاً يهودياً ثمانين سنة مائة سنة ودخل في الإسلام لم يخاطب بشيء مما مضى ولا يسأل عنه ولا يعاقب به أبداً، والتوبة أيضاً تجب ما قبلها، التوبة النصوح التي صاحبها لا يعود إلى الذنب كما لا يعود اللبن في الضرع، صاحب هذه التوبة لا يذكر ذنوبه الماضية انتهت، لكن إذا كان ما زال يميل أو يتردد ما تنفع؛ لأنه قال: تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا [التحريم:8] قالت العلماء: التوبة النصوح هي التي لا يعاود المؤمن الذنب فيها ولا يرجع إليه كما لا يعود اللبن إلى الضرع، يمكن يعود الحليب إلى ضرع المرأة بالإبرة؟ ما ينفع، لبن البقرة أو الشاة يمكن لطبيب يرجعه أيضاً؟ والله ما يستطيع مستحيل، فالتوبة النصوح هي هذه.وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #438  
قديم 29-01-2021, 05:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النساء - (8)
الحلقة (232)

تفسير سورة النساء (16)


النساء المحرمات على الرجل أما أن يكن محرمات تحريماً أبدياً؛ كالأم والبنت والأخت والعمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت، فهؤلاء حرمهن النسب، ومنهن من تحرم تحريماً أبدياً بسبب الرضاع؛ كأمه التي أرضعته، وسائر النساء اللاتي يرتبط بهن ارتباطاً مناظراً لما في النسب، والربائب من بنات الأزواج المدخول بهن محرمات أبداً، وكذلك زوجات الأبناء، أما ما عدا ذلك فمن النساء من تحرم على الرجل تحريماً مؤقتاً كأخت الزوجة ما دامت عنده، وكذلك خالتها وعمتها، والمحصنة من النساء ما دامت تحت زوج.
تفسير قوله تعالى: (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم ...)
الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات!إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة والليالي الثلاث قبلها ندرس كتاب الله عز وجل، رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال فداه أبي وأمي والعالم أجمع وصلى الله عليه ألفاً وسلم قال: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )، الحمد لله الذي وفقنا لهذا الخير وجعلنا من أهله.وأعيد إلى أذهان المستمعين وبخاصة الذين قلما يشهدون هذه الأنوار، أذكرهم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من أتى هذا المسجد لا يأتيه إلا لخير يعلمه أو يتعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله ).وأخرى: أن الملائكة تصلي على من صلى المغرب وجلس ينتظر صلاة العشاء، تصلي عليه بلفظ: اللهم اغفر له اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه! حتى يصلي العشاء وينصرف ما لم يحدث، أي: ينتقض وضوءه وينصرف.وأعظم من ذلك كله: أن طلب العلم فريضة، وليس من باب المستحبات، إن تعلمنا لشريعة الله فريضة فرضها الله علينا، على كل من أراد الله به خيراً ساقه حيث يحب ويرضى.وها نحن مع سورة النساء ومع أحكامها المتعلقة بالنساء، بالأمس شرحنا آية واحدة وفهمناها وأكثرنا حفظها، وهي قوله سبحانه وتعالى: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا [النساء:22].هذه الآية نص في تحريم نكاح ما نكح الآباء والأجداد مهما علو وارتفعوا، حرم الله نكاح امرأة الأب وامرأة الجد وأب الجد.. وهكذا مهما علو، وكانوا في الجاهلية ينكحون نساء آبائهم، إذا مات الأب تزوج الابن بامرأته التي ليست أماً له، وانتهت هذه الفاحشة، وانتهى هذا المقت، وحل الإيمان بالمؤمنين وهداية الرحمن ورضاه عنهم، والحمد لله.والآن مع الآية الباقية -وهي طويلة- إليكم تلاوتها فتأملوها:أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء:23].أولاً: المحرمات ثلاثة أنواع:أولاً: محرمات النسب، والثاني: محرمات الرضاعة، والثالث: محرمات المصاهرة.والإرث تقدم في هذا؛ فهيا مع محرمات النسب، قال تعالى: حُرِّمَتْ [النساء:23].ولم يقل: حَرمتُ عليكم. من أجل الاختصار؛ ليحفظ كلام الله ولا ينسى.
المحرمات بالنسب
أولاً: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ [النساء:23].الأمهات جمع أمهة، وعدل عنها للتخفيف قالوا: أم، فتجمع أم على أمات وعلى أمهات، وأم الشيء من يرجع إليها ويعود إليها لسلطانها لقدرتها، من ذلك أم القرى مكة، والمراد من الأم تلك المرأة التي ولدتها فأصبحت أمك لأنها ولدتك، وأمها التي ولدتها أيضاً أمك؛ لولاها ما كانت أمك ولا كنت أنت، وهكذا وإن علت علونا، (أمهاتكم) وهذا بداية بالأصول، الأم أصل وإلا لا؟ أصل.ثانياً: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ [النساء:23].وهذا أصول أيضاً سفلية، والبنات جمع بنت، الذكر ابن والأنثى بنت، وجمع البنت بنات، فالرجل يحرم عليه أن يتزوج أمه وجدته.. وهكذا، ويحرم عليه أن يتزوج بنته أو بنت بنته.. مهما نزلنا إذ الكل بناته (وبناتكم).ثالثاً: وَأَخَوَاتُكُمْ [النساء:23].هنا الفروع، الأخوات جمع أخت والذكر أخ، إذاً والأصل أخوون؛ ولهذا يقال: أخوان وإخوان، ولا عبرة بهذا العبرة بأن نحفظ ونفهم، الأخوات محرمات، أختك محرمة، وبنتها محرمة، وبنت بنتها.. وهكذا مهما نزلنا، وسواء كانت أختك من أبيك فقط أو من أمك فقط أو منهما معاً شقيقة، لا تحل لك أختك سواء كانت من الأم فقط أو من الأب فقط أو منهما معاً، وبنتها مهما نزلت، (وأخواتكم).رابعاً: وَعَمَّاتُكُمْ [النساء:23].الفروع الآن، العمات جمع عمة، والعمة أخت الأب من أبيه ومن أمه، أخت أبيك هي عمتك، لا تقل: هذه أخت أبي من أمه فقط أو من أبيه فقط مطلقاً، العمات جمع عمة أخت الأب من الأم من الأب منهما معاً، عمات جمع عمة، تحرم عليك عمتك، وبنتها لا تحرم بالإجماع.خامساً: وَخَالاتُكُمْ [النساء:23].جمع خالة وهي أخت الأم، بنتها بنت خالتك ليست محرمة وإنما هي الخالة نفسها محرمة، سواء خالة من أب أو من أم أو منهما معاً النسبة موجودة مرتبطة بأمك من أبيها من أمها منهما معاً.سادساً: وَبَنَاتُ الأَخِ [النساء:23].بنت أخيك، لك أخ تزوج وأنجب بنتاً أنت تعتبر عمها، فلا يصح للمرء أن يتزوج ابنة أخيه لأنه عمها، فالعم لا يتزوج بنت الأخ.سابعاً: وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ [النساء:23].أختك زليخة تزوجت ولها بنت اسمها عفريتة هل يجوز أن تتزوجها؟ الجواب: لا؛ لأنها بنت أختك.الآن هؤلاء سبعة حرمن بالنسب، أولاً: أمهاتكم، ثانياً: بناتكم، ثالثاً: أخواتكم، رابعاً: عماتكم، خامساً: خالاتكم، سادساً: بنات الأخ، سابعاً: بنات الأخت، هؤلاء المحرمات بالنسب لا بالمصاهرة ولا بالرضاعة، محرمات بالنسب، سلسلة الظهر وفقراته؛ لأنك تنسب إليهم وينسبون إليك.
المحرمات بالرضاعة
ثم سبعة أخر محرمات بالرضاعة إليكموها:أولاً: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ [النساء:23].فمن أرضعته امرأة، وكان الرضاع خمس رضعات لا يحل له أن يتزوجها؛ لأنها أمه.وهنا مسألة قد يستفيدها الفقهاء أو الأذكياء من أهل المجلس:اختلف من عهد الصحابة إلى الأئمة في عدد الرضعات المحرمة:فذهب مالك وأبو حنيفة رحمهما الله إلى أن الرضعة الواحدة تحرم، ورواية كذلك لـأحمد ، وهذا خلاف بين الأئمة سبقهم إليه الصحابة، قالوا: العبرة بأن هذا اللبن يتكون منه هذا الجسم ويصبح من دمه ولحمه، لكن عارض هذا حديث صحيح: ( لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان )، وفي لفظ: ( لا المصة ولا المصتان )، والقضية سهلة لأن أملج أدخل الضرع في فمه ما حصل شيء امتص قليلاً وصارت إلى حلقة، بخلاف رضع وتغذى وشبع، أما الإملاج إدخال حلمة الضرع في الفم ومص يمتصها ما تكون شيئاً.. ما يتغذى، أليس كذلك؟والمسلك الذي ينبغي أن نسلكه -إن وفقنا الله- هو ما يلي: وهو الجمع بين هذه المذاهب حتى لا تتعصب لمذهب، العبرة بأن يطاع الله ورسوله، فنقول: إذا رضع وتغذى باللبن وشبع مرة مرتين ثلاثة أربعة خمسة فهو ابن لهذه المرضعة ولزوجها، ثم إن جاءنا من يقول: إن ولدي رضع من امرأة رضعتين أو ثلاثة فقط أو مرة واحدة نسأل: هل يريد أن يتزوج ابنتها أو تزوجها؟ فإن قال: يريد أن نزوجه إياها نقول: لا لا، لا تزوجوه، ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك )، كلمة الهادي صلى الله عليه وسلم، ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك )، وإن قال: يا شيخ تزوجت ولها أولاد، نقول: كم رضعة؟ قال: مرتين أو ثلاثة، نقول: لا بأس أبقي على هذا الزواج ولا حرج، هذا المسلك من خير المسالك، لكن يحرمه المتمذهبون الذي لا يرى إلا مذهبه، ما يستطيع أبداً أن يقول هذا، إن كان ممن يمنع منع، وإن كان ممن يجيز أجاز.أقول: يقول الله تبارك وتعالى: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ [النساء:23] كم الرضاع؟ ما هو الرضاع؟ معروف أن يمتص الغلام وهو في سن الرضاع لم يبلغ العامين، فهذا الرضاع يجعله ابناً لهذه المرأة وابناً لزوجها؛ لأن اللبن له بجماعه تكون هذا الحليب، وإلا فالمرأة إذا لم تتزوج لم يكن معها لبن.إذاً: وحديث النسخ: ( كان النهي ثلاثاً ثم نسخن بخمس )، من جانب من يؤيد ومن جانب من لا يؤيد، وكما علمتم بالنسبة إلى المذاهب الأربعة مذاهب أهل السنة والجماعة ما وراءها لا نلتفت إليه، ما هم بأهل لهداية الله، وقد شقوا عصا الطاعة للمسلمين، نقول: ما دام من يقول: لا يحرم من الرضاع إلا خمس رضعات، ومنهم من يقول: الرضعة الواحدة إذا تغذى بها الطفل أصبح ابناً وأصبحت المرأة أمه والأب، لما جاء في الحديث الصحيح: ( لا المصة ولا المصتان، ولا الإملاجة ولا الإملاجتان )، فهم منه أن الذي مص هذا يتغذى؟ هذا يشبع يعني؟ أملجت ثديها في فمه ما يحصل غذاء، فلا بد إذاً من تغذية تصبح دماً له ولحماً فيصبح ابناً حقيقة.إذاً: فما المخرج إن كنتم غير متعصبين لمذاهبكم؟ في الحلقة هنا ما عندنا إلا قال الله وقال رسوله، ونعرف قول الله وقول رسوله من طريق أئمتنا وهداتنا، فنحن نجلهم ونكبرهم ولا نعد حتى خدماً لهم، بل نعالهم مثلنا، وعندما يختلفون ننظر في عوامل الاختلاف، ونسلك مسلكاً عليه طابع الرحمة المحمدية، بل الرحمة الإلهية.فمن هنا أقول: إذا قال لك قائل: ابني يرضع من امرأة وأردت أن أزوجه هذه البنت؟ فنقول: اترك هذا. ما دام رضع مرة واحدة فقط نقول: اترك. ماذا يكلفك أن لا يتزوج ابنك؟ النساء كثيرات: ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) وتستريح. لم تبق في كرب دائماً؟وإن قال: يا شيخ! زوجناه وولد ماذا نصنع؟ إن قلنا له: كم رضع؟ قال: رضع خمس رضعات. نقول له: الآن يجب أن تفصلها عنه وتفصله عنها، هذه أخته. والأولاد يا شيخ؟ أولادهما يرثانهما ويرثون منهم، أما الاجتماع انتهى، هذه أخته. وإن قال: رضعة أو رضعتين أو ثلاثة لسنا متأكدين؛ نقول: ما دمتم غير متأكدين أنها خمس رضعات خلها مع زوجها وغض الطرف وهي زوجته وليست بأخته.هل فهمتم هذه الهمجية أو لا؟ هذا أحسن مسلك، ينجو منه من على منهج سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ، ما يتعصب لمذهبه الحنبلي ولا لمذهب الأحناف ولا المالكية ولا الشافعية، وإنما يبحث عما يرضي الله تعالى ويوافق منهج رسوله صلى الله عليه وسلم.قال تعالى: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ [النساء:23] أولاً.ثانياً: وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ [النساء:23]، إذا رضع مؤمن من امرأة فجميع بناتها أخوات له، وجميع بنات زوجها من امرأة أخرى أخوات له: يراهن، يجلس إليهن، لا تستر أخته وجهها عنه ولا.. ولا.. أخته كأخته لأمه وأبيه مطلقاً ولو كن سبعين أختاً.إذا رضع الطفل في سن الرضاع -أي: في الحولين- أما بعد الحولين فلا قيمة له، ولا نلتفت إلى الخلاف؛ لأن العبرة بلبن يتغذى منه الجسم ويكثر لحمه وعظمه منه، أما من تجاوز الحولين وأصبح يجري فلا قيمة لهذا الرضاع.إذاً: وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ [النساء:23]، هذه المرأة التي رضعها أصبحت أمه، أمها وأم أمها داخلة معها وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ [النساء:23] أو لا؟ محرمة. أختها خالة له، أخت أبيه الذي رضع عمته، وهكذا، ينزل هذا الرضيع منزلة الابن الحق، فلا يصح لهذا الذي رضع من امرأة أن يتزوج بنتاً من بناتها ولا بنتاً من بنات بناتها ولا من عمتها ولا من خالتها.. أبداً.وأخوه من الرضاع إن كان له بنت يتزوج بنت أخيه؟ لا يصح أبداً، فتفهموا هذه. وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ [النساء:23] لأن الحديث الذي يعطي هذه القاعدة: ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) قاعدة عامة. كل ما حرم بالنسب يحرم بالرضاع، فلهذا لما يورد علينا العوام أسئلة نرتبك فيها، نقول: خذ القاعدة، هذا الولد الرضيع أعطه حكم الولد من النسب، لا يحل لهذا الرضيع أن يتزوج أخته من الرضاع، ولا بنت أخيه من الرضاع، ولا أخت أبيه من الرضاع، ولا أخت أمه من الرضاع، كالابن الأصل، والذي ما رضع لا علاقة له بهذا.تأملوا هذه! الذي رضع من امرأة -بنتاً كان أو ابناً- جميع بناتها وبنات أبي زوجها من امرأة أخرى أخوات له؛ لأنها أم كالأم الأصلية جميع بناتها جميع أخواتها جميع عماتها لا يحل له، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، والآية سواءً بسواء.ابنان هذا رضع من هذه المرأة وهذا لم يرضع، كذا أو لا؟ هذا الذي رضع لا يحل له أن يتزوج من أم التي رضعها ولا من نساء أبيه ولا.. ولا، وهذا الذي ما رضع لا علاقة له، يتزوج أخت أخيه من الرضاع ما هو من النسب.إذاً: فهن سبعة، من النسب سبعة، كذلك الرضاع سبعة: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ [النساء:23].

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #439  
قديم 29-01-2021, 05:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

أحكام الزواج بالربائب
ثم بعد النسب والرضاع ذكر المصاهرة، فقال تعالى: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ [النساء:23]، أي: ومما حرم الله عليكم أمهات نسائكم، فلا يصح أبداً لمؤمن تزوج امرأة أن يتزوج أمها أو جدتها أبداً، لماذا؟ العليم الحكيم هو الذي منع لما يترتب عليه من القطيعة والشر والفساد ما لا يخطر بالبال، يجب أن نوقن أن ما حرمه الله لن يخلو من أذى وضرر أبداً، ما يرضاه الله لأوليائه.ومن هنا من اعتدى وتعدى هذه الحدود تمزق وتلاشى وهلك، إما لجهله فارتكب، وإلا لتمرده فارتكب. أضرب لكم مثلاً: طبيب يقدم دواء، وأنت تعلم أنه طبيب، هل ترى أن هذا الدواء يضرك وهو يريد نفعك؟ الجواب: لا. منعك من أكل كذا أو شرب كذا، هل تراه أراد النكاية بك وتعذيبك؟ بل أراد نفعك لاعتقادك أنه عليم وحكيم يضع الشيء في موضعه، والطبيب قد يمكر وقد يغش، لكن الله العليم الحكيم الرءوف الرحيم، وهو يشرع لعباده وأوليائه مستحيل أن يشرع لهم ما يضرهم أبداً، أو يحرم عليهم ما ينفعهم، والله ما كان ولن يكون؛ لغناء الله واستغنائه عن خلقه، ما هو في حاجة إلى أن يزور أو يقول أو يشرع غير الحق، فلهذا إذا قال الله طأطئ رأسك وقل: آمنت بالله، آمنت بالله.قلت هذا حتى لا تسألوا عن الأسباب التي جعلها الله ليحرم بها هذه.قال: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ [النساء:23].ثانياً: السبعة من المصاهرة: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ [النساء:23] أم امرأتك كجدتها لا تحل. وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [النساء:23] مسألة بعينها ما هي؟ ربيبتك وهي بنت زوجتك، كانت زوجتك تربها، وأنت أيضاً تربها وتربيها، هذه الربيبة وهي بنت الزوجة.امرأة تزوجت ومات زوجها وعندها بنت، وكبرت وأصبحت أهلاً للزواج، فإذا تزوجت أمها هل يجوز أن تتزوج هذه البنت بعدما تموت أمها أو بعدما تطلقها؟ الجواب: لا، هذه بنت زوجتك كبنتك فكيف تتزوجها؟ وَرَبَائِبُكُمُ [النساء:23] جمع ربيبة. اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ [النساء:23] هذا القيد ما هو بشرط. انتبهتم؟ قد تتربى الربيبة عند أبيها، فأمها مطلقة من عشرين سنة؛ فليس شرطاً أن تكون متربية في حجرك أنت، تزوجت أمها وهي صغيرة بنت عامين ثلاثة أربعة وتربت بلغت الخامسة عشر في حجرك، هذا القيد لا، وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ [النساء:23]، والدخول هنا الوطء، الدخول هنا عليها في فراشها في غرفتها، لكن القرآن لسمو معانيه وكرامته ما يعبر بعبارة قد يستحي الأب أن يقولها بين يدي أولاده، قال: اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ [النساء:23]، هذه امرأة وهذه بنتها، تزوجت أنت الأم أو لا؟ هل يجوز أن تتزوج البنت؟لا. وإن أنت عقدت على أمها فقط ما دخلت، ثم عدلت عنها لكبر سنها وأردت أن تتزوج ابنتها، يجوز أو لا يجوز؟مرة ثانية. امرأة حسناء خطبتها وتزوجت بها، ثم تبين لك أن لها بنتاً في الخامسة عشرة أو العشرين من عمرها، قلت: نطلق أمها ونتزوجها، أو ماتت أمها؛ هل يجوز أن تتزوج الربيبة هذه؟ هنا دخلت بالأم أو لا؟ فإن أنت خطبت الأم وعقدت عليها، ثم بدا لك أن تتزوج ابنتها ما كنت تدري، قالوا: لها بنت أيضاً، هل يجوز أن يطلق تلك الأم ويتزوج بنتها أو لا يجوز؟ يجوز؛ لأنه ما دخل بها، لو دخل بها ما صح.مرة ثانية: تأملوا! أنت خطبت البنت وأمها موجودة، وعقدت عليها ولم تبن، هل يجوز أن تطلقها وتتزوج أمها؟ الجواب: لا، ما بنيت بالبنت، قال: وإن لم تبن بها؛ لأن الأم لا تكرب ولا تحزن إن أنت تزوجت ابنتها. هيا نراجع القضية من جديد: يقول الله تعالى فيما حرم علينا: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [النساء:23].تأملوا! حرم الله تبارك وتعالى علينا الربيبة وهي بنت الزوجة، بقيد أو بدون قيد؟بقيد، وهو: الدخول؛ فإذا دخل بالأم لا يصح أن يتزوج الربيبة وهي البنت، فإن لم يدخل بالأم يجوز أن يتزوج بابنتها، لم؟ لأن الأم تفرح، تتنازل عن حاجتها من أجل ابنتها بالفطرة أو لا؟ خطبتها وعقدت عليها وما بنيت بها وأردت أن تطلقها وقلت لها: زوجيني ابنتكِ، فهل تحزن الأم؟ والله ما تحزن بل تفرح، تقدم وتؤثر ابنتها على نفسها، بخلاف العكس، وهو: إن أنت خطبت البنت وعقدت عليها ولم تدخل بها، هل يجوز أن تتزوج أمها؟ الجواب: لا، أمها تكرب وتحزن وما تقبل، كيف تركت ابنتي وتريدني أنا؟ بالفطرة ما تقبل.هذا معنى قوله جل جلاله وعظم سلطانه في محرمات نكاح المصاهرة: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [النساء:23].
معنى قوله تعالى: (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم)
قال تعالى: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23].الحلائل: جمع حليلة، والحليلة هي زوجة الابن؛ لأن الابن تحللها وحل معها، فكيف يجوز أن تتزوج امرأة ابنك، حرمها الله تحريماً كاملاً: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23]، أما ابن بالتبني لا قيمة له، أن يكون من صلبك، والابن من الرضاع من الصلب، ما هو تكون من مائه؟ يحرم، فلا يحل لمؤمن أن يتزوج امرأة ابنه؛ لقوله تعالى فيما حرم: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23]، إذا كان ليس من صلبه بالتبني فقط ما يمنع، ما هو بابن له.وهنا مسألة عويصة: هل ابن الزنا ابن؟زنى الرجل -وأغواه الشيطان- بامرأة وأنجبت ولداً، كبر هذا الولد وهو يعرف أنه ابنه من الزنا وتزوج وطلق، هل يجوز أن تتزوج امرأته؟ الإمام الشافعي يقول: نعم، نكاح فاسد ولا بنوة ولا أبوة، والجمهور لا، ما دمت تعرف أن هذا ابنك من مائك، وإن كان الوقاع محرماً فهو ابنك ولا تتزوج ابنته؛ لأنه من صلبك: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23] هذا من صلبك، من ظهرك، من مائك، وهذا الذي عليه الجمهور والذي نقول به؛ لأن كلمة: مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23] ما يدخل فيه هذا؟ نعم يدخل، من صلبه، المني خرج من ظهره. وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23]، وامرأة ابنك من الرضاعة تحرم أو لا تحرم؟ تحرم، لم؟ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23] كيف أصبح ابنك؟ لأنه شرب من اللبن الذي تكون منك أنت ، ابنك من الرضاع ابن.. امرأته تعتبر محرمة عليك كامرأة ابنك من النسب سواءً بسواء، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ). العمة، الخالة، الأم، بنت، الأخ، بنت.. وهكذا مطلقاً، امرأة الابن، كذلك امرأة الابن من الرضاع محرمة. وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23].
معنى قوله تعالى: (وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف)
قال تعالى: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ [النساء:23]، أي: تتزوج زليخة وتضيف إليها هندية وهي أختها، إما من أبيها أو من أمها أو شقيقة مطلقاً، فتجمع بينهما في وقت واحد، هذا لا يحل.أما إذا تزوج زليخة وماتت أو طلقتها تنتهي العدة وتزوج أختها، ما جمعت، لكن لابد من مراعاة انقضاء العدة، انتبهوا.ومن هنا يلغز، ويقال: متى يعتد الرجل؟ أعوذ بالله! الرجل عليه عدة، والمرأة هذه؟ قال: نعم، ما يسمى بالعدة يسمى بالتربص، ينتظر حتى تنتهي العدة، وإذا انتهت عقد على أختها وتزوجها.إذاً: وَأَنْ [النساء:23] أي: وإن مما حرم الله عليكم وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ [النساء:23]، سواء شقيقتين من أب من أم مطلقاً، الجمع بينهما حرام.هذه ظاهرة: الأخت مع أختها ما تبغضها إذا لم يوجد سبب البغض والعداء بينهما، كيف تتسبب فيها أنت؟ لا تريدها، ماتت أو طلقت أو كذا ما بقي شيء يؤلم، بل هي تقول: تفضل خذ أختي أنا كنت أحترمك وأحبك كذا خذ أختي، كما أحسنت إلي أحسن إليك، مثلاً. وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ [النساء:23] ما معنى سلف؟مر من زمان أيام الجاهلية؛ إذ كانوا قبل نزول هذه الشرائع والأحكام كان يتزوج الرجل امرأة أخيه، يتزوج امرأة أبيه، يجمعون بين الأختين، الرضاع لا يعرفون له قيمة، لكن ذهبت الجاهلية وظلمتها بعد أن أنار الله البلاد بهذه الأنوار أولاً: نور الإيمان، لو كانوا لا إيمان لهم ما يقبلون هذا التشريع، يسخرون منها ، لكن لما آمنوا حيوا وتمت حياتهم وأصبحوا يفرحون بما يبين ويُشرح لهم، كحالكم أنتم أيها المؤمنون. إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ [النساء:23] معفو عنه، لكن الذين تحتهم اثنتان ونزلت الآية أيقولوا: هذا شيء مضى؟ على الفور يباعدها، كجاهل ما يعرف لما تبين له أن هذا حرام على الفور يتخلى عنه، جاهل ما كان يظن أن السجائر حرام، ثم حضر الحلقة وسمع وعرف أنها محرمة على الفور يمزق تلك العلبة من السجائر ويغفر له ما مضى ولا حرج، لكن إن أصر يا ويله؛ لأن الله قال: إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء:23]؛ (غفوراً) لعباده (رحيماً) بهم، أي: بعباده المؤمنين، فمن كان تحته أختان وبلغته الآية على الفور يختار واحدة ويترك واحدة، التحقي بأبيكِ خذي حقكِ، ولا يحل أن يبقيهما ساعة واحدة، ما يقول: حتى يطلع النهار، بمجرد ما يبلغه الخبر يفارق، نعم.مسألة: يقول: زوجة ابن الربيب، نحن تكلمنا على الربيبة أو لا؟ أما الربيب وهو ابن زوجته، هذا لو كانت له زوجة ومات أو طلقها يجوز أن يتزوجها زوج أمه، ما هو بابنه، فالله تعالى ذكر ربائب النساء ما له علاقة.مما ينبغي التنبيه إليه: أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، إذا تحتك امرأة ولها خالة لا يجوز أن تجمع بينهما، أو لها عمة لا يجوز أن تجمع بينهما كما سيأتي.إذاً قال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ [النساء:23] نعم. هذا النسب سبعة. وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ [النساء:23] سبعة كذا أو لا؟ثالثاً: الصهر والأصهار: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [النساء:23] أي: لا حرمة ولا تضييق. وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23] وابن الزنا، من أصلابكم. وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء:23].اسمعوا هداية الآيات علكم تتأكدون من صحة ما فهمتم.
قراءة في كتاب أيسر التفاسير

هداية الآيات
قال: [ من هداية الآيتين:أولاً: تحريم مناكح الجاهلية إلا ما وافق الإسلام منها، وخاصة أزواج الآباء، فزوجة الأب محرمة على الابن، ولو لم يدخل بها الأب وطلقها أو مات عنها ]، وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ [النساء:22].[ ثانياً: بيان المحرمات من النسب وهن سبع: الأمهات، البنات، الأخوات، العمات، الخالات، بنات الأخ، بنات الأخت.ثالثاً: بيان المحرمات من الرضاع وهن: المحرمات من النسب ]، واحدة بواحدة.[ فالرضيع يحرم عليه أمه المرضع له وبناتها وعماته وخالاته وبنات أخيه وبنات أخته ]، مطلقاً كالأول.[ رابعاً: بيان المحرمات من المصاهرة، وهن سبع أيضاً: زوجة الأب بنى بها أو لم يبن، أم امرأته بنى بابنتها أو لم يبن، بنت امرأته وهي الربيبة إذا دخل بأمها -بالشرط هذا- وامرأة الولد من الصلب ]، وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ [النساء:23].[ بنى بها الولد أو لم يبن، وكذا ابنه من الرضاع ] لما بينا.قال: [ وأخت امرأته ما دامت أختها تحته لم يفارقها بطلاق أو بوفاة.والمحصنات من النساء، أي: المتزوجات قبل طلاقهن أو وفاة أزواجهن وانقضاء عددهن ].هذه ما ذكرناها؛ لأنها في آية أخرى بداية آية ثانية: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:24].هذه معناها: أيما امرأة تحت زوج ما طلقها ولا مات لا يحل لأحد أن يتزوجها بحال من الأحوال، امرأة محصنة محصَّنة بزوج تحته لا يحل أن يخطبها امرؤ أو يحتال عليها أو يتزوجها أبداً، ويستثنى من هذا كما سيأتي المحصنة في بلاد الكفر، إذا أعلنت الحرب بيننا وبين دولة كافرة، فسبينا النساء والأطفال، فهذه المرأة قد يكون زوجها ما مات، هل تعود إليه؟ غير ممكن، مسبية تباع، ففي هذه الحال صلة الكفر مانعة لها، لو أسلم زوجها لعادت إليه وجوباً، لكن مادام كافراً الإسلام يقطع بين الكفر والإيمان ويفصل بينهما، قال تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:24]، يعني: الإماء المملوكات، منها هذه زوجها إيطالي ووقعت في الحرب أسيرة، تحل للمسلم الذي ملكها بالجهاد.مسألة: هل يجمع بين أختين من الرضاع؟ما يحرم من النسب يحرم من الرضاع، قاعدة عامة.وصل اللهم على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #440  
قديم 29-01-2021, 05:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النساء - (9)
الحلقة (233)

تفسير سورة النساء (17)


أحل الله عز وجل لعباده العلاقات الزوجية، فأحل للرجل أن يتزوج ما شاء من النساء إلا أن تكون ممن يربطه بهن نسب الدم، أو يرتبط بها بعلاقة مصاهرة، أو تكون من بنات زوجاته أو زوجات أبنائه، وأما ما عدا ذلك فله أن يتزوج أي امرأة أجنبية ليست بذات زوج، ولها عليه أن يعطيها مهرها، وإن تراضوا على شيء من بعد المهر فلا جناح عليهم فيه.
مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة النساء
الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات!إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة والليالي الثلاث بعدها ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال فداه أبي وأمي وصلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).اللهم حقق لنا رجاءنا، إنك ولينا ولا ولي لنا سواك!وها نحن مع سورة النساء وهي رابعة السور: الفاتحة والبقرة وآل عمران والنساء، والليلة ندرس هذه الآية الكريمة، ثم نرجع لأذكر المستمعين والمستمعات لما حفظناه وفهمناه من المناكح المباحة والمحرمة.الآية الكريمة تلاوتها بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء:24]. وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ [النساء:24]، هذا تابع للآيات السابقة، المحرمات من المناكح آخرهن المحصنات من النساء. وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:24] من الإماء. كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ [النساء:24] هذه فريضة الله فرضها وكتبها علينا. وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ [النساء:24] فقط لا تنسوا ما بين لكم من المحرمات، وما وراء ذلك فكله حلال. وَأُحِلَّ [النساء:24] وقراءة سبعية: (وأحَلَّ) لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء:24]. وَالْمُحْصَنَاتُ [النساء:24] جمع محصنة هي التي تزوجت فحصنت زوجها حتى لا يزني، وحصنها زوجها فبنى عليها سوراً حتى لا تزني، فالمراد من المحصنات هنا: المتزوجات. هل يجوز لعبد أن يخطب امرأة تحت زوج؟ ما قال بهذا أحد أبداً، ما دامت متزوجة فهي محصنة بهذا الزواج فلا يحل أبداً التزوج بها حتى يطلقها زوجها وتنتهي عدتها، أو يموت عنها وتنتهي عدتها، ولا يحل خطبتها أثناء العدة لا عدة الطلاق ولا الوفاة.هذه نهاية المحرمات وهن: المحرمات بالنسب سبع، والمحرمات من الرضاع سبع؛ لحديث لرسول في هذا الباب: ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ).وأما المحرمات بالمصاهرة فهن أولاً: زوجة الأب؛ لقوله: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ [النساء:22]، فإذا تزوج الرجل بامرأة ومات عنها أو طلقها، لا يحل لابنه أن يتزوجها، ولا لابن ابنه أن يتزوجها، ولا لجده أن يتزوجها.ثانياً: إذا نكح الرجل امرأة لا يحل أن ينكح ابنتها من رجل آخر وهي الربيبة، قال تعالى: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ [النساء:23]، إذا تزوج الرجل امرأة وبنى بها ودخل عليها، ثم ماتت، أو طلقها، أو ما طلق ولا ماتت، لا يحل أن يتزوج ابنتها من رجل آخر أبداً؛ لقوله تعالى: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [النساء:23].امرأة خطبتها يا فحل ولها بنت أجمل منها وأحسن، فخطبت الأم، ثم بدا لك أن تتركها، بل عقدت عليها بالقاضي، وقبل البناء والدخول قيل لك: إن لها ابنة حوراء، كيف تأخذ هذه الكبيرة وتترك الصغيرة؟ فقلت: إذاً إنها طالق. واخطب ابنتها وتزوجها، لم؟ لأن الأم ذات البنت تحب لابنتها أكثر مما تحبه لنفسها. تعرفون الأمومة وحنانها أو لا؟ ما تحزن ولا تكرب، لو طلقها وتزوج امرأة أخرى نعم، لها أن تكرب وتحزن، أليس كذلك؟ لكن إذا تزوج ابنتها تزغرد وتفرح، هذا التشريع تشريع من؟ تشريع العليم الحكيم: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [النساء:23].وإذا أنت خطبت الصغرى -أي: البنت- بنيت أو لم تبن لا يحل أن تتزوج أمها، لم؟ لأن أمها كربت وحزنت وتألمت كيف يخطب ابنتها ولما يتزوجها، ثم يريد أن يتزوجني أنا؟ ما ترضى. سبحان الله العظيم! من شرع هذا التشريع؟ آمنا بالله، والله لا يقدر عليه إلا الله.إذاً اللطيفة: أن الأم إذا خطبتها وعقدت عليها ولم تبن بها لا بأس أن تطلقها وتتزوج ابنتها، وأما البنت إذا خطبتها وعقدت عليها بنيت أو لم تبن لا تحل أمها، والله يقول: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ [النساء:23]، أصبحت أمها أو لا؟ومن المحرمات بالمصاهرة: زوجة الابن: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23]، هذا القيد من أصلابكم.ثالثاً: وَحَلائِلُ [النساء:23] جمع حليلة. من هذه الحليلة؟ التي تحللها ابنك وتزوجها، فهي حليلة. إذا مات ابنك عن امرأة تتزوجها؟ أعوذ بالله. إذا طلق امرأته تتزوجها؟ أعوذ بالله. إذا عقد عليها فقط وما بنى بها تتزوجها؟ ما في. وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23] لا بالتبني، وتقول: هذا ابني، فالتبني انتهى أمره، يطلق الذي تبنيته امرأة وتتزوجها أنت، وهذا الذي فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما طلق أبو أسامة زيد بن حارثة لما طلق زينب المخزومية بنت عمة الرسول صلى الله عليه وسلم، أمر الله الرسول أن يتزوجها، بل عقد له في الملكوت الأعلى عليها، ليبطل عادة التبني: فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا [الأحزاب:37]، لم؟ لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا [الأحزاب:37].فقوله: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ [النساء:23] احترازاً من أولاد التبني؛ إذ أبناء التبني لا قيمة لهم.أما امرأتك لو أرضعت ولداً أصبح ابنك وابن امرأتك وأخاً لأولادك؛ إذا تزوج هذا امرأة وطلقها؛ قبل البناء أو بعده هل يحل لك أن تتزوجها؟أبداً. هذا ابنك، تربى على لبنك ودمك، وماؤك امتزج به، كيف تحل لك امرأته؟فقوله تعالى: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23] هذا القيد مقيد بماذا؟ بأبناء التبني، أما أبناء الرضاعة فهم كالأبناء.رابعاً: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ [النساء:23] حرم الله تعالى على المؤمن أن يتزوج أختين ويجمع بينهما، زينب وخديجة بنتان أختان تزوج هذه ورغب في الثانية فزوجوه أختها، يجوز هذا؟ حرام، لكن إذا ماتت الأخت أو تطلقت له أن يتزوج أختها؛ لأن الله تعالى قال: وَأَنْ تَجْمَعُوا [النساء:23]، والجمع بينهما في البيت، في الفراش، في العقد، أن تجمعوا بين الأختين. أما إذا ماتت الأخ يتزوج أختها، تطلقت وانتهت عدتها يتزوج أختها إذا رضي وليها وهي، ما هو بالعصا.والنبي صلى الله عليه وسلم أضاف إلى هذا -وهو مأذون له بالتشريع- حرم الجمع أيضاً بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها، لا تجمع امرأتين واحدة منهما عمة للثانية أو خالة لها، كالجمع بين الأختين ممنوع الجمع بين المرأة وخالتها ممنوع، لم؟ لما يترتب عليه من العقوق، هذه عمتها قد تحسدها، قد تبغضها، أليس كذلك؟ قد تعمل على أذاها، تتضايق منها، إذاً: قطعت صلة الرحم.الحمد لله أن أنعم الله علينا بهذه الشريعة وحرمها بلايين البشر، ولكن نأسف أننا جاهلون بها، ما عندنا علم بها أبداً، هجرنا كتاب الله وجعلناه وراء ظهورنا واشتغلنا بالأغاني والطبول والمزامير.إذاً: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ [النساء:23] الذي مضى في الجاهلية نسخه الله وانتهينا منه. إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء:23].وأخيراً: وَالْمُحْصَنَاتُ [النساء:24]، هذه معطوفة على ما سبق. كم هي؟ سبع أيضاً.إذاً: سبع بالنسب، وسبع بالرضاع، وسبع بالمصاهرة. الحمد لله، نضع لكم أسئلة وإن نجحتم فزتم بالجوائز أما موضوع المواريث فقد نجح فيه عدد كبير، وأمس المسئول عدنان وضع قائمة بالأسماء، وقال: اختر، يعني: قرعة، ما هو أوراق مكتوبة، فأخذت خمسة، وسوف يعلن عن أسمائهم ويتهيئون للجائزة. ما هي جائزة حلوى وبقلاوة ولا طعام، جائزة علم، أما الحلوى تحدث في نفسك مرارة.
تفسير قوله تعالى: (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ...)

معنى قوله تعالى: (والمحصنات من النساء)
يقول الله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:24]، ما المراد بالمحصنات من النساء في هذه الكلمة؟المتزوجات، والرجل المحصن هو المتزوج، وإن ماتت زوجته يبقى محصناً، المرأة متزوجة محصنة وإن مات زوجها أو طلقت.ولهذا لابد من وقفة هنا: عندنا النساء والرجال صنفان: ثيبات وأبكار، أو محصنون وغير محصنين، فالثيب هي المرأة تتزوج وتطلق أو تبقى مع زوجها أو يموت زوجها، تزوجت وبنى بها الفحل وخلا بها أصبحت ثيباً، أي: محصنة، لو زنت ترجم. الرجل تزوج، طلق، ماتت زوجته، شأنه، تزوج عقد أو دخل على امرأة وعرف باطنها أصبح محصناً، ماتت زوجته، طلقت، شأنه، هو الآن محصن وثيب.أما البكر فهو من لم يتزوج ولم يبن بزوجة.فائدة هذا: أن البكر إذا زنى يجلد مائة جلدة ويغرب سنة؛ لأنه بكر، والبكر من النساء أيضاً، إذا زنت فتاة ما تزوجت ولا عرفت الزواج وضبط أنها زنت أو هي رفعت أمرها إلى المسئولين لتطهر، تجلد كم؟ مائة جلدة، وهل تغرب عام كالرجل أو لا؟ ينظر؛ إذا عندها أقارب في الرياض مثلاً، وهي زنت في المدينة تبعث إلى أقاربها إلى عند خالتها هناك أو عمتها من المحارم وتبعد من المدينة سنة. هذا مثال.فإن لم يكن لها من يحميها وتنزل عنده كيف يجوز تغريبها؟ لا يصح أبداً، أما الفحل لابد وأن يغرب، الإبعاد سنة كاملة وهو في الصحارى أو في الجبال.إذاً: المحصن والمحصنة إذا زنيا ما هو الحكم؟ الرجم بالحجارة، وغير المحصنين من الأبكار من رجال أو نساء ما الحكم؟ جلد مائة وتغريب عام للرجال للذكور، وللنساء إن أمكن.الآن قوله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ [النساء:24] هذه الجملة معطوفة على ما حرم من المصاهرة أو لا؟قال: وَالْمُحْصَنَاتُ [النساء:24] جمع محصنة وهي التي تزوجت، وهي تحت زوجها، فلا يحل لمؤمن أن يخطبها بالتلفون، أقول: هذا الآن يفعلون، وتأتينا الشكاوى والدموع، يبغضها في زوجها ويذكر لها عيوبه و.. و.. من أجل أن تطلق ليتزوجها، هذا نوع من الهابطين اللاصقين بالأرض، ما عرفوا الله ولا آمنوا الإيمان الصحيح، أموات، فما دامت متزوجة وزوجها عصمته في يدها فلا يحل أبداً بحال من الأحوال أن تخطبها وتفصلها عن زوجها بالحيل وإلا بالهراوة لتتزوجها، حرام هذا. محرمة كالمحرمات بالمصاهرة.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 259.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 253.47 كيلو بايت... تم توفير 6.07 كيلو بايت...بمعدل (2.34%)]