|
|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
ملابس أهل الذمة وأزياؤهم
ملابس أهل الذمة وأزياؤهم أ. د. عمر بن عبدالعزيز قريشي من الشبهات التي ضخَّمها المستشرقون ما يتعلَّق بملابس أهل الذمة وأزيائهم، وما روي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - اشترط عليهم ألا يتشبَّهوا بالمسلمين في ثيابهم وسروجهم ونِعالهم، وأن يضعوا في أوساطهم أو أكتافهم شارات معيَّنة تُميِّزهم عن المسلمين، ويُنسَب ذلك إلى عمر بن عبدالعزيز أيضًا، كما قيل عن خالد بن الوليد رضي الله عنه. ومن المستشرقين المؤرِّخين مَن يُشكِّك في نسبة الشروط أو الأوامر المتعلقة بالزي إلى الخليفة العادل عمر بن الخطاب؛ لأن كتب المؤرخين الأقدمين الموثوق بها، والتي عُنيت بمِثل هذه الأمور، لم تشتمل عليها، منها كتب الطبري والبلاذري، وابن الأثير واليعقوبي وغيرهم[1]، على أن الأمر أهون من أن يُتكلَّف إنكاره ورده، لو عُرفت دواعيه وأسبابه، وعُرفت الملابسات التاريخية التي وجد فيها. فهو ليس أمرًا دينيًّا يُتعبَّد به في كل زمان ومكان كما فَهِم ذلك جماعة من الفقهاء وظنُّوه شرعًا لازِمًا، وهو ليس أكثر من أمر من أوامر السلطة الشرعية الحاكمة يتعلَّق بمصلحة زمنية للمجتمع آنذاك، ولا مانع من أن تتغيَّر هذه المصلحة في زمن آخر، وحال أخرى، فيُلغى هذا الأمر أو يُعدَّل، لقد كان هذا التمييز بين الناس تبعًا لأديانهم أمرًا ضروريًّا في ذلك الوقت، وكان أهل الأديان أنفسهم حريصين عليه، ولم يكن هناك وسيلة للتمييز غير الزي؛ حيث لم يكن لديهم نظام البطاقات الشخصية في عصرنا، التي يسجل فيها - مع اسم الشخص ولقبه - دينه، وحتى مذهبه، فالحاجة إلى التمييز وحدها هي التي دفعت إلى إصدار تلك الأوامر والقرارات؛ ولهذا لا نرى في عصرنا أحدًا من فقهاء المسلمين يرى ما رآه الأولون من وجوب التمييز في الزي؛ لعدم الحاجة إليه[2]. لقد كانت الملابس المتميِّزة هي الوسيلةُ الوحيدة لإثبات دين كل مَن يرتديها، وكان للعربِ المسلمين ملابسُهم، كما للنصارى أو اليهود أو المجوس ملابسهم أيضًا، وإذا كان المستشرقون قد اعتبروا أن تحديد شكلِ ولون الثياب هو من مظاهر الاضطهاد، فنحن نقول لهم: إن الاضطهاد في هذه الصورة يكون قد لَحِق المسلمين وأهل الذمة على السَّواء، وإذا كان الخلفاء ينصحون العرب والمسلمين بألا يتشبَّهوا بغيرهم، فمن المنطقي أن يأمروا غير العرب وغير المسلمين ألا يتشبَّهوا بالعرب المسلمين[3]، فالأمر لا اضطهاد فيه، وإنما هي وسيلة اجتماعية للتمييز، مثلما نرى اليوم في كل مجتمع حديث من تعدُّد الأزياء للطوائف وأصحاب الحِرَف، وناقَش المؤرخ "ترتون" هذه المسألة أيضًا، وأبدى رأيه فيها، وقال: كان الغرض من القواعد المتعلِّقة بالملابس سهولةَ التمييز بين النصارى والعرب، وهذا أمر لا يرقى إليه الشك، بل رآه مقررًا تقريرًا أكيدًا عند كل من أبي يوسف في كتابه "الخراج"، وابن عبدالحكم في كتابه "فتوح مصر"، وهما من أقدم الكتَّاب الذين وصلت كتبهم إلينا، على أنه يجب أن نلاحظ أنه لم تكن ثمة ضرورة وقت الفتح لإلزام النصارى بلبس معيَّن من الثياب يُخالِف ما يفعلون ذلك من تلقاء أنفسهم دون جَبْر أو إلزام، على أن الحاجة استلزمت هذه الفروض فيما بعد حين أخذ العرب بحظ من التمدن؛ إذ حمل الإغراء الشعوب الخاضعة لهم على الاقتداء بهم في ملابسهم، والتشبه في ثيابهم، ومهما يكن الرأي، فإن كانت هذه الأوامر التي تحدِّد أنواع وأشكال الملابس حقيقة، فإنها لم توضَع موضع التنفيذ في معظم العصور التاريخية، وهناك فرْق بين وجود القانون، ومدى تطبيق هذا القانون، فقد انتهج معظم الخلفاء والولاة المسلمين سياسة تسامُح وإخاء ومساواة، ولم يتدخَّلوا كثيرًا في تحديد ملابس أهل الذمة، ولم ترتفع أصوات مُطلقًا بالشكوى أو الاحتجاج، ثم ذكر أدلَّة تاريخية على تلك الحقائق[4]. [1] الإسلام وأهل الذمة، ص: 84، 85، عن: غير المسلمين في المجتمع الإسلامي ص: 62، 63. [2] غير المسلمين في المجتمع الإسلامي ص: 62، 63 بتصرف، والإسلام وأهل الذمة ص: 86، 87 بتصرف، وسماحة الإسلام ص: 82 بتصرف. [3] الإسلام وأهل الذمة ص: 86، 87 بتصرف. [4] أهل الذمة في الإسلام ص: 134 وما بعدها بتصرف، والإسلام، سعيد حوى (3 : 68- 72) بتصرف.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |