محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 187 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28432 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60058 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 833 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          من تستشير في مشكلاتك الزوجية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          فن إيقاظ الطفل للذهاب إلى المدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر

ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 16-10-2021, 03:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية

ثم يردُّنا إلى التاريخ البعيد والقريب مستوحيًا إياه في بيان مدى تشوه الواقع:
إني لأعجب يا عراق وقد جرَت
كل الخيول وغابت البلقاءُ

ضُربت خيام الشعر حول فُراتنا
إلا الأصائل ما لهنَّ خباءُ

لم ألق من بين القصائد حرَّةً
فيها تتيهُ الغادة السمراءُ[4]



إنه بعد هذا العتاب المربدي، يبكي غربته كشاعر ملتزم، فيقول:
حملت جرحيَ حتى ملَّني التعبُ
فكيف أنقذُ هذا الحرفَ يا عربُ

بناتُ شعري ما زالت مؤرِّقةً
فهل تجفُّ على أعذاقها الرطبُ؟

وخطوتي صوبَ ذاك الأُفْق يَلسعها
سوطٌ وتُذهلها عن قصدها نوَبُ

زرعت وردة فلٍّ في ضفائرها
لكنَّ قومي بالأزهار ما رغبوا[5]



ثم ينظر إلى قلمه فإذا هو مضرج في آلام أمته التي رغبت عنه:
هذا المضرجُ في آلامكم قلمي
من أربعينَ وجرح الحرف ينسكبُ

ضيَّعت من عمُري عمرًا ولست أرى
كَرْمًا على الدرب فيه ينضجُ العنبُ

ولا ظلالًا بها ترتاح قافلَتي
كلُّ الظلال التي شاهدتُها كذبُ

ولا رأيت زمانًا كنتُ أرسمهُ
فيه الطيورُ على أكتافكم تثبُ

بقيتُ في الظلمة الظَّلماء محتبسًا
والفجر مثل دبيبِ النمل يقتربُ[6]





يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 16-10-2021, 03:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية

ومن ثم يحاول في نهاية القصيدة أن يعرف لنا الشعر الحقيقي الذي يحمل القضايا، ولا يكون خدرًا في العقول والقلوب، وقعودًا عن عظائم الأمور، ونكصًا على الأعقاب، وعيشًا في مواخير الفساد:
الشعر ليس عصافيرًا ملونةً
تزورنا وكؤوس الخمر تنتخبُ

ولا حبوبًا - كما قلتم - منومةً
حاشا فإن القوافيْ أمرُها عجبُ

ما قيمة الشعر بالونًا نُطيِّرهُ
وحيثما قلبته الريحُ ينقلبُ؟![7]



إنه يريد الشعر الذي يوجِّه، لا الشعر الذي يدور مع الريح حيث دارت، يريد الشاعر الذي يلتزم بفكر سليم، وهدف سام، وغاية نبيلة؛ لذا يصبح الشعر عند الملتزم بالمنهج الحق عبئًا حقيقيًّا يحتاج الأشداء الأوفياء ليحملوه:
حملت شعري دهرًا دونما تعبٍ
حتى تقوَّس هذا الظهر والتعبُ

حملته صخرةً ما كان أثقلها
ولم أعاتب ولم أَعبأ بمن عَتبوا

وخُضت فيه بحورًا من مكابدةٍ
وكم سريتُ بليلٍ ما له شُهبُ

الشعر دورقُ ماءٍ كنت أحملهُ
إلى العطاش وحرُّ الشمس يلتهبُ

خبز أَمُدُّ به الجوعان حين أرى
ولعنة فوقَ من عاثوا ومَن نهبوا[8]



وفي هذه الغربة القاسية وهذا الهجير الشديد، يمد الشاعر بصره ويطل بقلبه - على بعد المدى - إلى إخوانه على شاطئ الأطلسي في المغرب، الذين حملوا نفس الراية - راية الالتزام الإسلامي في الأدب - ويكتب لهم قصيدة "الأشجار"، وكأني بهذه الإطلالة هي الظل الذي يجد فيه الشاعر بعضًا من الطمأنينة والراحة، بعد أن مرت قافلته على ظلال كاذبة فما ارتاحت؛ يقول محمود مفلح في هذه القصيدة:
إليكم
إلى كل قلبٍ تندَّى بماء القداسة والبَسملهْ
إلى كل نجمٍ هنالك يغزل أعيادنا المُقبلهْ
إلى كل نقطة حبرٍ تجادل عن نفسها قبل فوت الأوانِ،
ترسِّخ من واقع السُّنبلهْ.
إلى رقصة الزيزفون الذي لا يُمارَى بـ"وَجْدَةَ"
وهو يؤذنُ للفجر، ثم يرتل شيئًا من السوَرِ المثقلهْ
إليكم وأنتم تضيؤون في غسَق الليلِ
تجترحون الحكاياتِ التي أرَّخت للبدايةِ
تستنزفون الأصالة حتى الثمالهْ
تشدُّون أقواسكم والنيامُ نيامٌ على فرش من نذالهْ
إليكم أزف التحية والمجدَ
أشهد أني على باب هذا الكفاح المكافحِ
أصبحتُ عالهْ[9]

والأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، والشاعر يعرف هؤلاء جميعًا واحدًا واحدًا، ويغلق نوافذ القلب كيلا يفروا منه، ثم يتمنى لو أنه انضم إليهم، ورحل إليهم، والتقى بهم؛ حيث اتحد الطريق واتحدت الوجهة، واتحدت الغاية والهدف:
عرفتكمُ واحدًا واحدًا
وغلَّقت كل النوافذ في القلب كيلا تفرُّوا
قرأتكمُ ساعدًا ساعدًا
عرفت متى تشهرونَ القصائدَ
كي تستريحوا على شرفاتِ القمرْ
عرفت متى تقرؤون حروفَ الندى..
أو متى ترحلونَ إلى الموعدِ المنتظرْ
تمنيت لو أنني ريشةٌ في الجناح الكبيرِ
ترفُّ على سرب أحلامِكم..
تمنيت لو أنني نقطةٌ في"المحيط"..
سحابةُ صيف تجول على ذلك المنحدرْ
تمنيت لو أُطلقَ القلب صوبَ مساءاتكم في الشمالِ
وأنتم تجيدون كنس الغثاءِ
ليلعب في الريح تحتَ المطرْ[10]

والقصيدة تفيض بالعذوبة، وتضم بين جوانحها كثيرًا من المشاعر الأخوية الصادقة، وتدل بمجرد النظر إلى مفرداتها على النموذج الإسلامي للأدب الذي نريده اليوم، والذي يتمتع بقدر كبير من الحساسية الشعرية، وتشرب المعاني والمفردات القرآنية والإيمانية جاعلاً القرآن - بلغته وصوره وتعبيراته ومضامينه - مرجعيةً فكريةً وفنيةً في آن واحد.

وحسبنا أن ننظر في بعض التعبيرات التي ضمتها القصيدة؛ لنقف على هذه الحقيقة:
كل قلب تندى بماء القداسة والبسملة

كل نقطة حبر تجادل عن نفسها

يؤذن للفجر، ثم يرتل شيئًا من السور المثقلة

تشدون أقواسكم والنيام نيام

تجيدون كنس الغثاء...

يعانق كل الكواكب كل المآذن

تدقون بالقبضات العنيدة أعتى الرياح

أهز جذوع الأخوة فيكم، فيساقط الثمر الحلو

تفيضون من ماء زمزم في الليلة الباردة

تعوذون بالله من همزات الشياطين


أيها القابضون على الجمر

الخطى المسرعات إلى الفجر

كل هذا الزخم من التعبيرات التي تلمح فيها أثرًا قرآنيًّا في فكرتها، أو طريقة تعبيرها، أو حساسيتها التعبيرية والدلالية، يقدم القصيدة النموذج ويؤصل من خلال ذلك للشعر الإسلامي الذي نطمح إليه.

إن غربة الغريب في هذه القصيدة قد تحولت ظلاًّ وتهادلت ثمرًا:
وجاءَ الربيع بما لا يجيءُ كثيرًا
يفتِّح أزهارنا الواعدة
وفي نبضكم أيها القابضونَ على الجمرِ
أحكمتُ نبضي
عرفتكمُ بالخُطى المسرعات إلى الفجرِ
والقسماتِ الجريئة.. والأعينِ الثاقبة
عرفتكم بالحروف الندية
والكلماتِ التي تنعش القلبَ..
في درب أيامنا اللاهبة
عرفتكم حينما تنقشونَ بتلك الأظافرِ
فجرًا جديدًا
تضيؤون في عتمة الفكرِ حرفًا جديدًا
تجيئون كالموجةِ العاضبة.[11]


يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 16-10-2021, 03:42 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية

محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية (2)
أ. طاهر العتباني



المحور الرابع: غربة أصحاب العقيدة وحاملي المنهج في عالم نسي ربه وبعُدَ عن منهجه:
رابع هذه المحاور التي يدور حولها حديث الغربة في هذا الديوان، هو غربة أصحاب العقيدة وحاملي المنهج في عالم نسي ربه، وابتعد عن منهجه، وفي أمة بعدت كثيرًا عن الصورة المثلى لأمة الإسلام.

إن الشاعر الذي حدثنا عن فلسطين وقضيَّتها وغربة أهلها وغربة قضيتها من منظورها الحقيقي، وحدثنا عن الأدب الملتزم بالإسلام وغربته في هذا العصر، وغربة كل مَن يسلك هذا الدرب، لا ينسى أن يقول لنا: إن هذا كله مظهر من مظاهر غربة الإسلام والعقيدة والمنهج الإسلامي في هذا العصر؛ حيث يعاني الدعاة في كثير من البلدان أشد أنواع الغربة، ويعاني الإسلام في كثير من المواطن من أبناء الإسلام أنفسهم تجاهلاً وجهلاً وبُعدًا عن نهجه الصحيح، فلقد انغمسوا - إلا من رحم الله - في الشهوات والملذات، فضيَّعوا أنفسهم - أولاً - ثم ضيعوا قضاياهم ثانيًا.

إنه في وسط هذا الركام يُنبه إلى ضرورة الالتزام بالمنهج الإسلامي والأخذ به؛ لأن فيه الحل الحقيقي لكل المشكلات.

ونرى الشاعر معاتبًا مرةً وزاجرًا مرةً، كل هذا في أسلوب شعري راق وأسلوب فني رقيق.

وغربة أصحاب العقيدة هي قدرهم الذي قدره الله - تعالى - وهم لا يملكون إلا السير على الطريق في صبر وثبات، وجدٍّ واجتهاد، راجين ما عند الله.

وفي قصيدة "إلى ممثلة" يخاطب الشاعر تلك الممثلة التي ما زالت تبرق حولها الأضواء الخادعة، وتَزدهيها الصور الملونة على صفحات الصحف، مذكرًا إياها بحقائق العقيدة التي نسيتها، ويُبين لها زيف الحياة التي تحياها بعيدةً عن الله:
سيذوب هذا السحرُ والعطرُ
ويجف هذا الثغر والصدرُ

ستغادر الأطيارُ دَوحتها
وتؤولُ لا عطرٌ ولا زهرُ

والشَّعر إن أغرى السفور بهِ
يومًا، ومسَّ غرورَه الكبرُ

فالثلج آتٍ سوف يأكله
والثلجُ تحتَ بياضه الذُّعرُ[12]



إن هذا الجمال سيَذوي، وإن هذه الشهوات سوف تنقضي، والحياة نهايتها الموت ولا بد:
يَذوي الجمالُ فلا يظل به
قدٌّ ولا جِيد ولا خَصرُ

سيجف عُشب النهر سيدتي
ويَجف عندَ خريفه النهرُ

هذا الذي تتشبثينَ به
واهٍ، وكل رصيدهِ صفرُ

لا الليلةُ الحمراء باقيةٌ
لا الكأس لا العُشاق لا الخمرُ

كم نجمةٍ بالأمس قد سقَطت
واليوم لا حِسٌّ ولا خبرُ[13]



إن إطلاق شهوات النفس مآله في النهاية أن يصبح الإنسان الذي كرمه الله - تعالى - هو الضحية بين ذئاب البشر:
الدربُ يا حسناء مُذْأَبةٌ
ولكل ذِئب منهم ظفرُ

لا تسخري بالتائباتِ ففي
هذا الإياب العزُّ والفخرُ

ويح الذين قسَت قلوبهمُ
وأمامهم يتشقَّق الصخرُ[14]
يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 16-10-2021, 03:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية

والغريب صاحب العقيدة يرى التائهين الحائرين الضائعين من حوله، ممن فقدوا الهداية بعين الإشفاق، إنه وإن كان غريبًا بغربة منهجه الذي يلتزم به، إلا إنه يعرف ما سيحيق بهم لو ظلوا على ذلك الضياع والتيه والغفلة:
إني لأُشفق أن أراك غدًا
تتقلبينَ وتحتك الجمرُ

إني لأشفق أن أرى جسدًا
يُشوى وكان نسيمَهُ العطرُ

والنار يأكل بعضها بعضًا
وطعامها الأجسادُ والصخرُ

يومٌ يضجُّ الناس من رهقٍ
فيهِ، وينكر فرعَه الجذرُ

وترى الخلائق فيه دائخةً
مثل السُّكارى ما بهم سُكْرُ[15]



ومع هذه الشفقة على الخلق، يؤكد أن باب التوبة مفتوح، وأن الله يقبل التائبين والتائبات مهما أسرفوا على أنفسهم:
لم يغلقِ الرحمنُ دونهمُ
بابًا وجُود إلهنا وفرُ[16]



إن غربة صاحب العقيدة الملتزم بالمنهج - الذي يرى الناكبين - تزيده إصرارًا على تمسكه بعقيدته؛ لأن فيها حل جميع مشكلات الدنيا، وهي طريق السعادة في الآخرة، ويرى فيها الغناء عن العالم كله، العالم الذي يستشعر فيه مدى غربته ووحشته:
إن العقيدة سيفُنا وضِمادنا
والعروةُ الوثقى والاستعلاءُ

فإذا بردنا فالعقيدةُ دِفئنا
وإذا اعترانا الجوع فهيَ غذاءُ[17]



وهو يرد على الذين يرون العروبة عقيدةً يدينون بها، ويرد عليهم بأن العروبة لم يكن لها قيمة عبر التاريخ؛ حتى جاء الإسلام فأعطاها المعنى ونفخ فيها من روحه:
إن العروبة دون هدْي محمدٍ
خيرِ البرية، كلْمةٌ جوفاءُ

والعرب من دونِ العقيدة أمةٌ
مهزومة وإرادةٌ شلاَّءُ[18]
يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 16-10-2021, 03:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية

وحينما سيطرت المفاهيم القومية الضيقة للعروبة، وجدنا الأمة ترجع إلى سالف عهدها قبل الإسلام: تقاطُع وتدابُر:
مزَقٌ.. ونهتف: أمة عربيةٌ
عجبًا.. ولَهجة بعضنا عجماءُ!

وسيوفُنا عربيةٌ لكنَّما
بشفارِها قد ذُبِّح الأبناءُ[19]



إن الأخوَّة الحقة التي يستشعرها صاحب العقيدة، هي أخوة العقيدة لا أخوة النسب والطين والدم، ثم ها هو ينظر إلى الشرق الأقصى كما نظر من قبل إلى أقصى الغرب؛ ليحس بأخوة كل مَن أضاءت سماءه شمس العقيدة:
كفْكِف دموعك فالطريق طويلُ
دَرْبُ الشهادة قاتلٌ وقتيلُ

قَدرٌ بأن نلقى القذائفَ عُزَّلاً
ونلوكَ مُرَّ الصبرِ وهو جميلُ

كفكف دموعكَ فالجراح عزاؤنا
ودمُ الشهادة في الدُّجى قنديلُ

لا بد من قطف الثمارِ فهذه
شمسُ العقيدة فجرُها مأمولُ[20]



وفي أجواء غربة العقيدة تُصبح مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وذكرياتها الخالدة لدى المسلم المعاصر الملتزم المغترب، مَعلمًا من معالم الضياء، وظلاًّ يستروح فيه الغريب عبق التاريخ وذكريات الإسلام العظيمة؛ يقول الشاعر في قصيدة "أم المدائن" التي نوردها هنا كاملة:
تحيةً معطَّرة
إليكِ يا مدينتي المنورة
تحية الطيور والأقاح
تحية الندى
إليك يا مدينةَ الهدى
إليك يا مدينةَ الرسول
إليك يا ناصعة الجبين
يا طيبة الفروعِ والأصول
تحية الغراسْ
إليك يا طاهرة الأنفاسْ
• •
من أرضك الطهورِ يا حبيبة
تدفقتْ مواكب العروبة
تألق الإسلامْ
وفاضتِ المواسمُ الخصيبة
• •
أيتها المدينة الضياءْ
أيتها البخور والعطور والمآذن الشماءْ
أيتها الضحى النديُّ..
والتلاوةُ التي تَسكب في رماد عمرنا الأنداءْ
ماذا أقول عن شعوبنا الغثاءْ؟
شعوبنا التي تموت كل عام مرتينْ
وتخسر الرهان مرتينْ؟
ماذا أقول عن مسارح الخصام والصدامِ...
والدماء والأشلاءْ؟
ماذا أقول عن خيولنا العجفاءْ؟
خيولُنا التي تدور حول نفسها
وتطحن الهواءْ؟
• •
أيتها المدينة الجميلةُ البهية
يا قلعة الإيمانْ
أيتها الحنان والأمانْ
أيتها الحنجرة التي منذ توثب التاريخ...
وهي ترتلُ القرآنْ
وتمنحُ الوجود سحرهُ
وتمنح البيان أنصع البيانْ
• •
من خضرة القباب..
كانت خضرة القلوب والزيتون والرمانْ
ماذا أقول عن براثن الشيطانْ
تغوص في دمائنا؟
ونحن لا نملك إلا أن نقول: كان يا ما كانْ
• •
على ثراك قد مشى رسولُنا الأمين
وضجَّت الملائكة
وفي ثراك أينعت غراسنا المباركة
وأرهف التاريخ سمعهُ
كم بطلٍ أدار للشروق وجهَهُ
وأعلن الشهادة
كم حرة تبلج الصباحُ فوق سيفها
وأصبحت في جيدنا قلادة
وكم جبين مثل دفق النور في الظلام...
يسكب العبادة
أيتها المدينة الأثيرةُ، العريقة الريادة
أيتها الغمامْ
على رسولنا الأمين أفضلُ الصلاةِ والسلامْ[21]

وهكذا نجد محاور الغربة في هذا الديوان تدور حول هذه المحاور الأربعة، التي تتمثل في غربة قضية فلسطين من منظورها الإسلامي، وغربة الفلسطيني المهاجر الذي أُخرج من داره وماله، وغربة الفنان والمفكر والشاعر، الذي يحمل همَّ هذه القضية وغيرها من قضايا الإسلام، ثم يكون المحور الرابع غربة أصحاب العقيدة الذين قال عنهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: "طوبى للغرباء".


[1] "الديوان"، (ص 88).

[2] "الديوان"، (ص 89 - 90).

[3] "الديوان"، (ص 91).

[4] "الديوان"، (ص 92).

[5] "الديوان"، (ص93).

[6] "الديوان"، (ص 93).

[7] "الديوان"، (ص 94 - 95).

[8] "الديوان"، (ص 95).

[9] "الديوان"، (ص 71 - 72).

[10] "الديوان"، (ص 72 - 73).

[11] "الديوان"، (ص 74).

[12] "الديوان"، (ص 20).

[13] "الديوان"، (ص 20).

[14] "الديوان"، (ص 21).

[15] "الديوان"، (ص 22).

[16] "الديوان"، (ص 23).

[17] "الديوان"، (ص 90).

[18] "الديوان"، (ص 90).

[19] "الديوان"، (ص 91).

[20] "الديوان"، (ص 103).

[21] "الديوان"، (ص 30 – 33).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 106.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 103.15 كيلو بايت... تم توفير 3.81 كيلو بايت...بمعدل (3.56%)]