سنة الأخذ (فأخذهم الله بذنوبهم) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         اللَّغْو في الأقوال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الزلاقة يوسف بن تاشفين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-11-2020, 09:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,097
الدولة : Egypt
افتراضي سنة الأخذ (فأخذهم الله بذنوبهم)

سنة الأخذ (فأخذهم الله بذنوبهم)


د. أمين الدميري







قال تعالى: ﴿ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ ﴾ [الأنفال: 52 - 54].
والدَّأْب معناه - لغةً -: دَأَب الرجل في عمله: اجتَهَد فيه، ومن المجاز: هذا دأبك؛ أي: شأنُك وعملك؛ ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ﴾[1].
والدَّأْب: العادة المستمرة، والمراد شأنهم الذي استمروا عليه مما فعَلوه وفُعل بهم من الأخذ - وهم كفار قريش - كدأب آل فرعون المشهورين بقباحة الأعمال، وفظاعة العذاب والنكال[2]، فالتشبيه يقتضي أن ما فعله كفار قريش يُشبِه ما فعله آل فرعون، كما يقتضي أن ما فُعل بهم يُشبِه ما فُعل بآلِ فرعون، ويقتضي أيضًا المجموع، وهذا يعني أمورًا في غاية الأهمية؛ إذ لا بد مِن وقفة وتأمل للعبرة والعِظَة، واستخلاص الدروس، ومن هذه الأمور السُّنن الإلهية؛ وهي هنا ثلاث:
1- سُنة الأخذ:
نحن أمام سُنة إلهية وقانون رباني، فإن هذا الذي حدَث لكفار قريشٍ خاضعٌ لسُنة الله في الأوَّلين، ويسير وَفْقَ قانونٍ ربَّاني مُحكَم صارم، لا يجامل ولا يحابي، ولا يعرف التهاون ولا النسيان، فقد جاء في السورة الكريمة قولُ الله تعالى: ﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ ﴾ [الأنفال: 38]، فلم يَنْتَهوا عن الكفر، وأصرُّوا على العناد، وها هو جوابُ الشرط (الثاني)، وها هي سُنة الأولين قد مضت فيهم، لقد عرَضَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عليهم الإسلامَ، وقص عليهم مصير المكذِّبين قبلهم، وحدَّثهم عن فرعون، وحذَّرهم مصيرًا كمصير فرعون، وأنهم إن أصرُّوا على كفرهم فهم ليسوا بأفضل من كفار الأمسِ، وأنهم سيُهزَمون ويُولُّون الدُّبر إن أصروا على الكفر والعناد، وها هم الآن أخذهم الله بذنوبهم كما أَخَذَ فِرعونَ وقومَه أخذَ عزيزٍ مقتدر، قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ * كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ * أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ * أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ﴾ [القمر: 41 - 46].
وقد هُزم جمعُهم وذاقوا مرارة الخِزْي وطعمَ الهزيمة، وها هو أولُ استقبال لهم لحظةَ قتلهم ضرب الوجوه والأدبار، قال تعالى: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ﴾ [محمد: 27].

ومِن هنا فقد تبيَّن أن التشبيه في الآية الأولى هو لبيان أن الذي حدَث لقريش في بدر إنما يخضع لقانون السُّنن الإلهية، وأن هؤلاء الكفار قد جمعوا بين الكفر وسائر أنواع الذنوب والمعاصي، فقولُه تعالى: ﴿ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ ﴾ [الأنفال: 52] بيان أن هناك ذنوبًا كثيرة، أولها الكفر، وهو إنكار الألوهية، بل والربوبية أحيانًا، ثم إن منهم مَن سخِر مِن الأنبياء والرسل، ومنهم مَن أخرَج المؤمنين مِن ديارهم، ومنهم مَن اغترَّ بقوَّته، ومنهم مَن أَتَى الذُّكرَانَ وترك البنات، ومنهم مَن طفَّف الميزان وتعامل بالبخسِ، وأكل الحقوق وخلف الوعد وغير ذلك، يقول عز وجل: ﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 40]، وكما أخذ الله فرعونَ موسى أخذَ عزيزٍ مقتدر، ولم تنفعه وقتَ الأخذِ جنودُه، فقد أخذ الله أبا جهل (وهو فرعون قريشٍ) [3]، أخذه أخذ عزيز مقتدر.

وكما كان قتلُ فرعونَ موسى نقطةَ تحوُّل في تاريخ البشرية، فقد كان مقتلُ فرعون قريشٍ أيضًا نقطةَ تحوُّلٍ في تاريخ الدعوة الإسلامية، فبعد مقتلِ فرعون نزلَتِ التوراةُ على موسى عليه السلام، وفيها شرائع وأحكام، ومنها تشريع القتال، وهو السُّنة الجديدة التي صارت سُنة ماضية إلى يوم القيامة، بديلة عن سُنة الاستئصال التي كانت تعمَل في الأمم السابقة الأُولى، وفي هذا يقول تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [القصص: 43].
يقول ابن كثير رحمه الله تعالى: (يُخبِر تعالى عمَّا أنعم به على عبده ورسوله موسى عليه السلام، من إنزال التوراة عليه بعدما أهلك فرعون وملأه، وقوله: ﴿ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى ﴾؛ يعني أنه بعد إنزال التوراة لم يُعذِّب أمة بعامَّةٍ، بل أمر المؤمنين أن يقاتِلوا أعداء الله من المشركين)[4].

فتبيَّن أن أخذ الله تعالى فرعون وجنوده نقطة تحوُّل، فقد مضت فيه - وفيمَن قبلَه مِن الأوَّلين - سُنة الأخذ، ثم نزلتِ التوراةُ لتُقِرَّ سُنة أخرى، وهي سُنة القتال والمدافعة، ليكون أخذ الكافرين بأيدي المؤمنين وجهادهم، كما كان إنزال التوراة أيضًا استجابةً لحاجة البشرية إلى أحكام وتشريعات تنظِّم الحياة، وتقضي بين الناس، وفي هذا يقول الإمام الألوسي رحمه الله في تفسير آية القصص:
(قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ﴾؛ أي: التوراة، وهو أولُ كتاب فُصِّلت فيه الأحكام، ﴿مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى﴾ أقوامَ نوحٍ وهودٍ وصالحٍ ولوطٍ عليهم السلام، والتعرُّض لبيان كون إيتائِها بعد إهلاكهم؛ للإشعار بأنها نزلت بعد مَساسِ الحاجة إليها؛ تمهيدًا لِمَا يعقبه من بيان الحاجة الداعية إلى إنزال القرآن الكريم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن إهلاك القرون الأولى من موجبات اندراس معالم الشرائع، وانطماس آثارها المؤدِّيينِ إلى اختلال نظام العالَم، وفساد أحوال الأمم، المستدعيينِ للتشريع الجديد؛ بتقرير الأصول الباقية على ممر الدهور، وترتيب الفروع المتبدلة بتبدُّل العصور، وتذكير أحوال الأمم الخالية للاعتبار)[5].
غير أن التوراة حُرِّفت وبُدِّلت فيها الأحكام، فأنزل الله تعالى القرآن الكريم، وفيه بيان الأحكام النهائية الثابتة إلى يوم القيامة، وقد حفِظه الله تعالى من التحريف والتبديل. (.. يتبع).


[1] أساس البلاغة.

[2] روح المعاني، ج6، ص25.

[3] قالها النبي صلى الله عليه وسلم لما رآه مقتولًا: ((الحمد لله الذي قد أخزاك يا عدو الله، هذا كان فرعون هذه الأمة)).

[4] تفسير ابن كثير ج3، ص390، ج2، ص291.

[5] روح المعاني، ج11، ص114.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.24 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.23%)]