" أروع القيم الحضارية في سيرة سيد البرية" - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك (اخر مشاركة : رضا البطاوى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4387 - عددالزوار : 836929 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3919 - عددالزوار : 379447 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11942 - عددالزوار : 191303 )           »          سحور يوم 19 رمضان.. ساندوتشات فول مخبوزة خفيفة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          واتس اب بلس الذهبي (اخر مشاركة : whatsapp Girl - عددالردود : 2 - عددالزوار : 2671 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 664 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 951 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1105 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 857 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-06-2010, 09:54 PM
الصورة الرمزية جوهرة مصر
جوهرة مصر جوهرة مصر غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 385
الدولة : Egypt
59 59 " أروع القيم الحضارية في سيرة سيد البرية"




القيم الحضارية النبيلة في جهاد النبي الكريم

من الشبهات المثارة حول رسول الله r وسيرته الكريمة هي (أنه دموي) متهور في قتل الأنفس وإزهاق الأرواح، وهذه التهمة متهافتة كأختها أمام الحقائق التاريخية في سيرة رسول الله، في غزواته وسراياه، وفتوحات خلفائه من بعد، وساقطة أمام مقررات الشريعة الإسلامية، وما توجبه من آداب وضوابط في ممارسة الجهاد (القتال)، وإليك تفصيل ذلك في المباحث التالية:






. مشروعية الجهاد
إن الحرب أو القتال عمل يقوم به أغلب شعوب العالم إن لم نقل كلها، يلجأ إليه المتحضر منها عندما تخفق الوسائل والأساليب السلمية في ما يطلبه أو يدفعه عنه، والذي يحكم على هذا العمل بالحسن أو القبح هو شرعية رايته، ونبل أهدافه، وسلامة أساليبه ووسائله.

وقد دل على مشروعية الجهاد (القتال) القرآن والسنة والإجماع والعقل.

أما من القرآن فمنه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (التوبة:111)، وقوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (البقرة:190)، وقوله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} (البقرة:193).

ودل على مشروعة الجهاد من السنة أحاديث كثيرة، ومنها ما روي عن أبي هريرة t قال سئل رسول الله أي الأعمال أحب إلى الله قال: ((إيمان بالله ورسوله)) قيل: ثم أي؟ قال: ((جهاد في سبيل الله)) قيل: ثم أي؟ قال: ((حجج مبرور)) رواه البخاري ومسلم، وعنه أيضا t عن رسول الله r قال: ((من خير معاش الناس لهم رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه يبتغي القتل والموت مظانه)) رواه مسلم وغيره.

وهذه النصوص كلها متضافرة في الدلالة على فضل ومشروعية الجهاد والقتال في سبيل الله تعالى، ولا جرم أن المفسرين وشراح الحديث النبوي والفقهاء اختلفوا في حكم القتال في سبيل الله هل هو فرض كفاية أم فرض عين، وذلك بعد إجماعهم على مشروعيته، وليس هذه الدراسة موضع التفصيل في هذه المسألة.

أما دلالة العقل على مشروعية الجهاد في الإسلام فمنها ما ذكره الأستاذ مصطفى السباعي رحمه الله تعالى في محاضرته القيمة عن نظام السلم والحرب في الإسلام، إذ يقول: (وأما نظام الحرب في الإسلام فلا ريب في أنه يقوم على النظرة التي يقوم عليها كل شريعة واقعية أقرت فكرة الحرب وهي أن في الناس من لا تردعهم التربية ولا القانون عن العدوان والطغيان، وأن في الأمم من تغريها قوتها وضعف جيرانها بالعدوان والاستعمار، لا جرم إن كان من الخير أن يشرع استعمال القوة حينئذ...).

فليس الإسلام إذن أول من شرع القتال والحرب بل سبقه وتلاه غيره من الأديان والحضارات، والحاصل أن الإسلام يتميز على غيره في هديه في القتال فيحرص على نبل أهدافه ونزاهة وسائله وأساليبه، وشرعية رايته.




. مراتب تشريع القتال
ليس الإسلام رسالة يكره الناس على قبولها والتصديق بها، بل هي دعوة ذات قوة ذاتية بما تشتمل عليه من حقائق ناصعة وتعاليم سامية، قال تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (البقرة:256)، غير أن العادات والتقاليد الموروثة لاسيما إذا اقترنت بها أهواء أصحابها فإنها تمثل عقبات جسيمة تمنع من قبول الحق وترك الباطل، وقد يبلغ الصلف بالملأ المستكبر ممن يستعبدون الناس بغير الحق، أن يعلن الحرب على دعاة الحق وأهله، ويؤلب عليهم من ليس له في قتال أهل الحق أي مصلحة، وما دامت هذه سنة الله في الدعوات فليس من المعقول أن يبقى الدعاة مكتوفي الأيدي، لا يردون ظالما ولا يرهبون عدوا.

ولذلك شرع القتال في سبيل الله على أربع مراحل وهي:





الأولى: المنع من القتال

وقد استغرقت هذه المرحلة جميع العهد المكي أي طيلة ثلاث عشرة سنة من الظلم والاضطهاد والتضييق والمحاصرة، وكان الصحابة يراجعون فيها رسول الله rr وهو متوسط بردة له في الكعبة، فقلنا له ألا تستنصر لنا؟ ألا تدع الله لنا؟ قال: ((كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون)) رواه البخاري ومسلم، ولم يكن شخص الرسول الكريم r بمنأى عن الأذى والظلم من قومه فقد كان يصيبه من ذلك ما يصيب أصحابه، ومع ذلك لم يأذن الله له ولا لأتباعه بالقتال ولو لهدف الدفاع عن أنفسهم. ليستأذنوه برد الظلم عنهم فيمنعهم عن ذلك، ويأمرهم بالصبر وباستكمال مراحل التربية الإيمانية الواجبة في الطلائع الأولى من حملة الدعوة، ولننصت إلى حديث الصحابي الجليل خباب بن الأرت t وهو أحد السابقين الأولين في الإسلام، ومن الذين ذاقوا مرارة هذه المرحلة وويلاتها، وهو شاهد عيان على فصولها الأليمة، يقول t: (شكونا إلى رسول الله





المرحلة الثانية: مرحلة الإذن بالقتال

وبدأت هذه المرحلة بعد الهجرة إلى المدينة، وذلك لمنع الظلم عن أنفسهم، وتوفر القدرة في العدد والعدة، وذلك لما نزل قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} (الحج:39)، حيث إن الطمع في القضاء على الدعوة لم يزل يراود صناديد الكفر من قريش، يقول الدكتور مهدي رزق الله أحمد: (وعندما أذن الله لنبيه والمؤمنين بالقتال، أخذوا في إعداد القوة لرد عدوان قريش، ومن على شاكلتها، فلما أرادت قريش أن تري المسلمين أن لها يدا في داخل المدينة، أراد المسلمون أن يروا قريشا أن المسلمين ليسوا بذلك الهوان الذي تتصور قريش، وأنهم قادرون على كسر شوكة قريش وحصارها سياسيا واقتصاديا ورد حقوقهم المسلوبة).

وليس بعيدا أيضا أن يكون من أسرار الإذن بالقتال في هذه المرحلة وحكمها إرهاب حركة النفاق المتربصة في المدينة، والتي كان رئيسها عبد الله بن أبي متحسرا من فوات ملك كان يرجوه ويطمع فيه، وفي هذه الفترة وقعت غزوة بدر وغزوة أحد وسبقتها مناورات عسكرية في شكل سرايا وبعوث.







المرحلة الثالثة: الأمر بقتال من يقاتلهم

وذلك منذ نزل قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (البقرة:190)، وهذه مرحلة مناسبة لتقدم الدولة الإسلامية وتطورها، وكون جيشها في طور الجيوش المنظمة والمدربة لاسيما بعد معركة بدر وأحد.

المرحلة الرابعة: الأمر بقتال جميع الكفار:

وذلك منذ نزل قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (التوبة: من الآية36)، ونظرا للبعد الدولي للدعوة الإسلامية حينئذ، وسماع الملوك بها ووقوفهم في طريقها نحو تحرير الشعوب من الظلم والاضطهاد.

والجدير بالإشارة هنا أن ليس بين هذه المراحل تناسخ، بل لكل مرحلة ظروفها الخاصة ومبرراتها الموضوعية، من حيث القوة والضعف، وتغير موقف العدو في السلم والحرب، ونوعية الكفار من أهل كتاب وغيرهم، إلى أمور عديدة ليس هنا موضع تفصيلها.

يقول الأستاذ مصطفى السباعي رحمه الله: (وتاريخ الرسول في حروبه أوضح دليل على المعنى النبيل الذي خاض من أجله رسول الله r حروبه ومعاركه، فما أعلن الرسول الحرب إلا بعد أن اضطهد هو وجماعته في عقيدتهم، وأخرجوا من أوطانهم، فجاءت معركة بدر وما تلاها من معاركه في سبيل الحرية الدينية، وإقرار السلام والأمن في ربوع الجزيرة العربية، ذلك السلام الذي حاربه الوثنيون من العرب، فأحالوا بطاح مكة ورمالها إلى ميادين لتذبيح المؤمنين وتعذيبهم ومطاردتهم في أرزاقهم وأوطانهم وأموالهم).






يتبع


__________________




رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21-06-2010, 10:02 PM
الصورة الرمزية جوهرة مصر
جوهرة مصر جوهرة مصر غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 385
الدولة : Egypt
افتراضي رد: " أروع القيم الحضارية في سيرة سيد البرية"

. هدي النبي الكريم في قتال الأعداء:
لم تعرف الدنيا رئيسا لدولة مثل محمد r، ولا غازيا أو فاتحا أرحم منه بمحاربيه ومن يقع في يديه من الأسرى، وهذه دعوى قد تبدو عريضة ومبالغ فيها، إذا لم نذكر لها البينات الشاهدة على صدقها، وفي هذا المبحث سوف نتناول هدي النبي الكريم r قبل القتال وفي أثنائه وبعده، لنقرأ من ذلك أجمع أعظم دروس الإنسانية وأروع قيم الحضارة.





أولا: هديه قبل القتال

لم يكن رسول الله r ينظر إلى مخالفيه جميعا نظرة عدائية لا تفرق بين معاهد ومحارب وأهل ذمة، ولم يكن ينقض العهود أو يغدر بأعدائه، بل كان يعامل كل فريق من هؤلاء بمقتضى ما يربط بينهما من علاقات السلم والحرب، ولقد لخص العلامة ابن القيم مجمل هديه في ذلك في كتابه زاد المعاد فقال: »ثم كان الكفار معه بعد الأمر بالجهاد ثلاثة أقسام: أهل صلح وهدنة، وأهل حرب وأهل ذمة، فأمر أن يتم لأهل العهد عهدهم، وأن يوفي لهم ما استقاموا على العهد، فإن خاف منهم خيانة نبذ إلى عهدهم، ولم يقاتلهم حتى يعلمهم بنقض العهد، وأمر أن يقاتل كل من نقض عهده، ولما نزلت سورة براءة ببيان حكم هذه الأقسام كلها فأمره فيها أن يقاتل عدوه من أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية أو يدخلوا في الإسلام، وأمره بجهاد الكفار فجاهد الكفار بالسيف والسنان والمنافقين بالحجة واللسان...«.

هذه هي الأحكام التي كانت تنظم علاقته بمخالفيه من مسالمين ومحاربين، المسالمة على شروط معينة، وإعلان للحرب وقبلها مقدمات موضوعية ترجح جانب السلم من دعوة إلى الدخول في الإسلام طواعية، أو دفع الجزية للدولة الإسلامية، فإن أبوا إلا القتال والاستمرار في العناد ومحاربة الدعوة كان لهم ما يريدون.





ثانيا: هديه في أثناء القتال

برغم كون القتال عملية تزهق فيها الأرواح وتجرح فيها الأبدان، ويقصد فيها إلحاق أنواع الأذية بالأعداء، فإن رسول الله r شرع لأمته آداب سامية وضوابط حاكمة على سلوك المقاتل المسلم، توجب عليه مخالفتها عقوبات زاجرة قي الدنيا والآخرة.

فلا يستخدم في الجهاد في سبيل الله إلا الوسائل المشروعة والأساليب النزيهة، فعن صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: (بعثني رسول الله r في سرية فقال: ((اغزوا باسم الله في سبيل الله لا تغلوا ولا تغدروا..)) رواه الطبراني في المعجم الكبير؟

وعن يحيى بن سعيد قال: حدثت أن أبا بكر t بعث جيوشا إلى الشام فخرج يتبع يزيد بن أبي سفيان فقال: (إني أوصيكم بعشر: لا تخربن عامرا، ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة، ولا تغرقن نخلا، ولا تحرقنه، ولا تغلل، ولا تجبن، ولا تقتلن صبيا، ولا امرأة، ولا كبيرا هرما، ولا تقطعن شجرا مثمرا) رواه ابن أبي شيبة في المصنف وفي رواية: (وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له).

وهذه النصوص وغيرها من دستور العسكرية الإسلامية التي وضعها رسول الله r تشتمل على الأصول الأخلاقية للحرب، وهذه جملتها:





1- الإخلاص والتجرد للأهداف الحقيقية للحرب وترك ما يخالف ذلك من غلول وغدر وثأر وانتقام.

2- المحافظة على البيئة واجتناب الفساد في الأرض بتحريق الأشجار وقتل الحيوانات لغير ضرورة.

3- عدم التعرض لغير المقاتلين من النساء والصبيان والشيوخ.

4- السماحة الدينية واحترام مقدسات الآخرين، بعدم قتل الرهبان والقسيسين ما لم يقاتلوا أو يعينوا على القتال، وعدم التعرض كذلك لبيعهم وكنائسهم بسوء.





أما الذين يرمون رسول الله r وأتباعه بتهمة الدموية والهمجية فلا يعرفون هذه الأصول والآداب، ولا يراعونها في حروبهم، (فلقد عهدنا شرائع تعلن للناس أصدق آيات البر والخير والرحمة في تشريعها وفلسفتها وأدبها، حتى إذا حكمت نسيت ذلك كله، وانقلبت إلى أبشع صور الحقد والقسوة والاستهزاء لحقوق الشعوب، والإمعان في سفك الدماء وإثارة الحروب، ولعل أقرب الأمثلة على ذلك في العصر الحديث التناقض الواضح بين مبادئ الثروة الفرنسية وبين أعمال الفرنسيين في البلاد الواقعة تحت حكمهم كبلاد الشمال الإفريقي العربي التي ذاقت وما تزال تذوق أمر صنوف الاضطهاد والعسف والإذلال و النكال، ومثل ذلك يقال في الدول الكبرى التي أعلنت شرعة حقوق الإنسان في هيئة الأمم، ثم هي اليوم أول من يدوس حقوق الإنسان ويعتدي على حرماته وكرامته وسيادته، على أرضه ومقدراته).





وأين الحروب الاستباقية، والإبادات الجماعية التي يمارسها الدول الكبرى ضد مخالفيها بدعوى محاربة الإرهاب وتحرير الشعوب وتصدير الديمقراطية، وغيرها من الدعاوي، ولا ترحم فيها صغيرا ولا كبيرا، ولا شيخا ولا امرأة، وتهلك الحرث والنسل، وأين فضائح معتقل غوانتنامو وسجن أبو غريب؟؟؟ وغيرها... نماذج صارخة من سلوكهم وأخلاقياتهم.

ثالثا: هديه بعد القتال

وإذا وضع الحرب بين الجيشين أوزارها، وصار الفريقين بين غالب ومغلوب، وإذا كانت الغلبة للإسلام ووقع المقاتلون من الأعداء وما بأيديهم في سيطرة المسلمين، وسقطت دولهم أمام جحافل الإسلام طبق الرسول r أحكام الإسلام العادلة في أسرى الحروب، والتي تراعي فيها مصلحة الجماعة المسلمة ومعاني الكرامة الإنسانية وملف الأسرى الأمني تجاه المسلمين.

وقد بين فقهاء السيرة النبوية هدي الإسلام وسنة الرسول بعد القتال، فقالوا: (أما المغلوب عليهم فتحترم عقائدهم ودماؤهم وأموالهم ومعابدهم، وهم في حماية الدولة وحقوق المواطنين، ولا يكلفون إلا بالإخلاص للدولة ودفع مبلغ زهيد يسمى الجزية كانت الأمم الغالبة قبل الإسلام وبعده تفرضه على الأمم المغلوبة، ولا تزال الدول في عصرنا الحاضر تفرضه في كثير من الحالات على أبناء شعبها كضريبة شخصية على الرؤوس...).





وقد لخص ابن قيم الجوزية الكلام في هديه r في الأسرى فقال: (وكان يمن على بعض الأسرى،، ويفادي بعضهم بالمال، وبعضهم بأسرى المسلمين، وقد فعل ذلك كله بحسب المصلحة، ففادى أسارى بدر بمال، وقال لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء لتركتهم له، وهبط عليه في صلح الحديبية ثمانون متسلحون يريدون غرته، فأسرهم، ثم من عليهم، وأسر ثمامة بن أثال سيد بني حنيفة، ثم أطلقه فأسلم..).

وواقع معاملات الرسول r مع الأسرى في غزواته مطابق لما قاله هؤلاء العلماء وإليك نبذ من مواقفه الحكيمة من الأسرى من سيرته العطرة:



1. موقفه من أسرى بدر: وكان عدد أولئك الأسرى سبعين، ولقد استشار فيهم رسول الله r أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، فاختلف الصاحبان في القضية، فقال أبو بكر بأخذ الفدية منهم لمكان قرابتهم، ورجاء دخولهم في الإسلام، وقال عمر بقتلهم لسابقتهم في اضطهاد المسلمين، وكان رأي رسول الله مع قول أبي بكر، وفي الغد أنزل الله قوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (لأنفال:67) ليرجح بذلك ما قاله عمر، وكان الفداء يومئذ بأربع مائة درهم إلى أربعة آلاف، وممن فاداهم المطلب بن حنطب، وصيفي بن أبي رفاعة، وأبوعزة الجمحي... ومن على ختنه أبي العاص بشرط أن يخلي زينب ويتركها لتهاجر إلى المدينة...).





2. موقفه من أسرى غزوة بني المصطلق: حيث سبى المسلمون منهم نساء وذرية، كان من بينهم جويرية بنت الحارث بن أبي الحارث سيد بني المصطلق، وكان قد وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس، فكاتبها فأدى عنها رسول الله وتزوجها... فما هو إلا أن علم المسلمون بذلك فقالوا أصهار رسول الله r بأيدينا؟؟! فأعتقوا كل من بأيديهم من الأسرى، وأسلم سائر بني المصطلق.





3. حكمه على بني قريظة: كان بنو قريظة في معسكر الأحزاب المتحالفة لغزو رسول الله r، وكانوا من قبل في عهد مع رسول الله r، وبعد غزوة الأحزاب مباشرة ذهب إليهم رسول الله r وحاصرهم خمس وعشرين ليلة، فلما اشتد حصارهم واشتد البلاء، قيل لهم انزلوا على حكم رسول الله، فاستشاروا أبا لبابة بن عبد المنذر فأشار إليهم أنه القتل، قالوا ننزل على حكم سعد بن معاذ t فوافقهم على ذلك رسول الله r، فأتي بسعد على حمار، فلما وصل جعلوا يستعطفونه في تخفيف الحكم عليهم، وحكم فيهم t بحكم الله من فوق سبع سماوات: بأن يقتل الرجال، وتسبى الذرية، وتقسم الأموال، وكان هذا الحكم في غاية العدل والإنصاف، فإن بني قريظة بالإضافة إلى ما ارتكبوا من جريمة الخيانة، كانوا قد جمعوا لإبادة المسلمين ألفا وخمسمائة سيف، وألفين من الرماح، وثلاثمائة درع، وخمسمائة ترس وحجفة، حصل عليها المسلمون بعد فتح ديارهم.





4. موقف رسول الله r من أهل مكة يوم فتحها: لما فتح النبي r مكة وتم سيطرته عليها، وتمكن من صناديدها الذين فعلوا به وبأصحابه ما فعلوا، أمن الناس على أموالهم ودمائهم، إلا طائفة منهم لجرائم ارتكبوها ضد المسلمين، وهم عبد العزى بن خطل، وعبد الله بن سعد ابن أبي سرح، والحارث بن نفيل بن وهب، وعكرمة بن أبي جهل، ومقيس بن صبابة، وهبار بن الأسود، وقينتان كانتا لابن خطل كانتا تغنيان بهجو النبي r، وسارة مولاة لبعض بني عبد المطلب وهي التي وجد معها كتاب حاطب، فأما ابن أبي سرح فجاء به عثمان بن عفان إلى النبي r وشفع فيه فحقن دمه، وكان قد أسلم قبل ذلك وهاجر، ثم ارتد ورجع إلى مكة، وأما عكرمة بن أبي جهل ففر إلى اليمن فاستأمنت له امرأته، فأمنه النبي r فتبعته، فرجع معها وأسلم وحسن إسلامه، وأما ابن خطل فكان متعلقا بأستار الكعبة فجاء رجل إلى رسول الله r فأخبره فقال: »اقتله«، فقتله، وأما مقيس بن صبابة فقتله نميلة بن عبد الله، وكان مقيس قد أسلم قبل ذلك، ثم عدا على رجل من الأنصار فقتله، ثم ارتد ولحق بالمشركين، وأما الحارث فكان شديد الأذى برسول الله r بمكة فقتله علي t، وأما هبار بن الأسود فهو الذي كان عرض لزينب بنت رسول الله r حين هاجرت، فنخس بها حتى سقطت على صخرة وأسقطت جنينها، ففر هبار يوم فتح مكة، ثم أسلم وحسن إسلامه، وأما القينتان فقتلت إحداهما، واستؤمن للأخرى فأسلمت كما استؤمنت لسارة وأسلمت، وبعد ذلك جمع أهل مكة وخطب فيهم فقال: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين، إلا سدانة البيت وسقاية الحاج، ألا وقتيل الخطأ شبه العمد بالسوط أو العصا ففيه الدية مغلظة مائة من الإبل، أربعون منها في بطونها أولادها، يا





معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس من آدم وآدم من تراب، ثم تلا {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (الحجرات: من الآية13)، ثم قال: ((يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم اليوم؟)) قالوا: خيرا، أخ كريم ابن أخ كريم، قال: ((اذهبوا فأنتم الطلقاء...).

ولا شك أنه لو قتلهم وأخذ أموالهم ما كان لهم بظالم، كيف وهم الذين اضطهدوه وأصحابه، وقتلوا من قتل منهم، وأخذوا أموالهم، وأخرجوهم من ديارهم بغير حق، وقاتلوهم في الدين، وأعانوا على قتالهم، وهجاهم شعرائهم ونال منهم سفهائهم!!

فما أرحمه بأمته! وما أرفقه بأعدائه ومخالفيه! بأبي هو وأمي!!!
خضوع لله وشكر بعد النصر والتمكين

إن من عادة ملوك الأرض وسادة العالم أنهم إذا انتصروا في غزواتهم على أعدائهم ومكنوا في الأرض، افتخروا ببطولاتهم، وتلوا الخطب الرنانة في بيان قدراتهم القتالية، ومدحهم الشعراء بالقصائد الرنانة، وتحدثت عن مفاخرهم وسائل الإعلام المختلفة، وكل ذلك لما يعتريهم من نشوة الانتصار.

أما رسول الله r فقد سن للفاتحين والغزاة سنة التواضع لله والشكر له بعد نعمة النصر والتمكين، فقد دخل مكة مطأطئًا رأسه وخاضعا لله سبحانه، حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح، وكان يضع رأسه تواضعا لله حتى أن شعر لحيته ليكاد يمس واسطة رحله r...).





وكل ذلك امتثال لأمر الله تعالى الوارد في سورة النصر إذ يقول جل شأنه: {إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح لحمد ربك واستغفره إنه كان توابا}.

الغالبية الصامتة من المسلمين
وبدلا من الاستماع إلى صوت المتطرفين والتعامل معه كنموذج ممثل للعالم الإسلامي، أو الاكتفاء بآراء الخبراء والمتابعين لشئون المسلمين، لماذا لا نتوجه مباشرة إلى تلك الغالبية الصامتة من المسلمين لاستطلاع رأيها واستكناه مواقفها دون واسطة أو تدخل؟




__________________




رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 81.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 79.22 كيلو بايت... تم توفير 2.38 كيلو بايت...بمعدل (2.92%)]