هل في الشر خير؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12530 - عددالزوار : 215309 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          زوجي مصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 182 - عددالزوار : 61189 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 123 - عددالزوار : 29163 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-02-2021, 07:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,055
الدولة : Egypt
افتراضي هل في الشر خير؟

هل في الشر خير؟


أسماء السكاف



كنت أجلس بين أطفالي أقرأ عن الأندلس ويتحدثون ويلعبون أمامي، قرأت لابنتي جزءا مؤثرا ومليئا بالمشاعر عن بداية الانهيار وعن محاكم التفتيش فنظرت لي ببراءة وقالت: ما هذا الشر؟ هذا الموقف وكلمة «شر» ضربا على وتر الذاكرة عندي، أعاداني إلى كتيب رائع كنت قد قرأته عندما أحضره والدي، وأذكر جيدا كيف كان معجبا بمضمونه وعنوانه وأسلوب كاتبه (الأستاذ الشيخ محمد سعيد الطنطاوي)، تذكرت جيدا مناوشتي مع أخي على من سيقرأه أولا، قرأته حينها ربما مرتين لأني رأيت إعجاب والدي به وأنا أثق بخيارات أبي، إضافة لذلك عنوانه الجاذب والملفت، كنت صغيرة نوعا ما، وما أذكره أن الكتاب أعطاني دافعا جيدا وثقة وإيمانا أكبر بخالقي (جل وعلا) ولكن الآن بعد أن كبرت إذا سألت نفسي هذا السؤال: يا ترى هل ما زلت على نفس الدرجة من الثقة والإيمان أم أن هناك أشياء تتغير بعقولنا ومفاهيمنا عندما نكبر؟ هل الأحداث والهموم والمشاكل تغير شيئا أم أنها تترك فقط طبقة على قلوبنا نحتاج إلى إزالتها بين الحين والآخر؟


حسنا، قلت لنفسي: سأخضع نفسي لاختبار لأرى كيف حالي اليوم، سألت عقلي وقلبي أيضا سؤالا سريعا ومباشرا، ما أكثر شر مر بحياتي وآلمني إلى الآن؟ وكما توقعت كانت الإجابة أيضا سريعة ومباشرة: (فقد أبي)، حسنا، أشكر قلبي وعقلي على الإجابة، ولكن هل فقده كان شرا مطلقا أم هل فيه خير؟ أحسست بقلبي يحاول نخزي وإيلامي: خير!! هل في فقد أبيك خير؟ أحسست بالوضاعة لبرهة، ولكن أنقذني عقلي بتذكيره لي: لو كان موجودا إلى الآن لكانت معاناته كبيرة جدا، ربما لا تحتمل من ناحية مرضه المفاجئ الذي أصابه ومن ناحية تطور الأحداث المتسارع في وطني وفقد الأحبة والأهل المتواصل هناك، وأبي مرهف الحس إذن كان سيعاني كثيرا وسيحزن كثيرا.. هذا يعني أن رحيله بهذا التوقيت بالذات خير له، إذن اعتبار هذا الأمر شرا ربما كان من الأنانية، أسرع عقلي بإكمال ما بدأ: وهو خير لك أيضا! أجبت: خير لي!؟ وأنا اللي تعلقت بأبي لدرجة لا تسعها كتب لأحكي عن علاقتي وتفاهمي وصداقتي معه، أكمل عقلي: لهذا السبب كان خيرا لك فتعلقك به كان أيضا تعليقا للمسؤوليات التي عليك، فوجوده قربك دائما واطمئنانك لوجوده جعل منك طفلة كبيرة لا تقوم بمهامها المنوطة بها ولا تحقق الهدف من وجودها في هذه الحياة، كنت تستشيرينه بأدق الأمور والتفاصيل، هل لاحظت كيف أصبحت خياراتك صحيحة وأصبحت أكثر مسؤولية وإنجازا في الآونة الأخيرة، إذن هو خير لك أيضا، هذا ما توصل له عقلي المتواضع وما عند الله من علم وأسرار أكثر بكثير طبعا.. لبرهة أحسست أن هذا مجرد تخدير للألم أو مسكن ربما ولكنني عاجلت نفسي وراجعت الركن السادس لأركان الإيمان: الإيمان بالقدر خيره وشره، إذن هذا ليس مجرد تسكين بل هو إيمان راسخ ورضا بالقضاء والقدر.


لو كان كل منا يملك قوة إيمان راسخة مستحضرة في كل حين لما حزنا ولا جزعنا لأي أمر؛ لا من ترك حبيبا سيتألم ولا من فقد ابنا سيشعر أن الكون مات بعينيه، ولا من خسر وظيفة سيشعر أنه ظلم ولا... ولا...، نفسية الرضا والاطمئنان ستلازمنا في كل حين، وما أروعها من نفسية وما أجملها من حياة تلك التي سنعيشها مع الرضا، ستسمو أرواحنا لتعانق السحب.. سنمشي على الأرض لن نلامسها.. سنطير كما تطير الطيور في الحرم دون خوف أو تحسب.. ليس سذاجة كما تصور الأفلام والمسلسلات الأشخاص المتفائلين، بل ثقة بمالك الكون المتصرف الأوحد فيه.


ذكر الأستاذ الشيخ محمد سعيد الطنطاوي في بحثه «هل في الشر خير؟» واحدة من أروع وأكبر الأمثلة التي ذكرها الله تعالى في كتابه، وهي حادثة الإفك وكيف كانت شرا ظهر خيره لاحقا، بل إننا نستقي الفوائد منها إلى الآن رغم مضي أكثر من 1430 عاما على هذه الحادثة، الكثير الكثير من الأحداث والقصص التي مرت في السابق بل وحتى التي تحدث الآن ظاهرها يبدو لنا شرا وباطنها أو يليها خير كبير.


أذكر جيدا صديقة لي كانت تمسك عملا بشركة خاصة بمنصب مريح لها وبراتب رائع يناسبها ومتطلباتها.. بالمختصر كانت مرتاحة جدا بعملها وممتنة، دخلت مكتبها صباحا لتفاجأ بورقة استغناء عن خدماتها من الشركة، حاولت البقاء قدر المستطاع دون جدوى، مازلت أذكر كيف ضاقت الدنيا بوجهها حينها ودخلت بدوامة اكتئاب قوية، والإحساس بالظلم كان يطفئ بريق عينيها، حاولنا معها لأشهر بعد أزمتها حتى اقتنعت وقدمت طلب عمل لشركة أخرى، اتصلوا بها ليحددوا موعد مقابلة العمل، وفي يوم واحد أنهت المقابلة وقبلت وأخبروها بطبيعة عملها والراتب الذي يفوق راتبها القديم بضعفه، وتعرفت على الفريق الذي ستعمل معه.. فريق متعاون كانت تفتقده في عملها القديم، وكأن الله أخرجها من عملها القديم فبدا لها الأمر شرا ووضعت في اختبار للرضا بالقضاء والقدر ثم تلا ذلك الخير الذي تمثل بالعمل الجديد، فرحت صديقتي حينها جدا ولكنها بالمقابل حزنت لجزعها لفترة ليست قصيرة، كان ذلك بمثابة درس عملي لها، أظنها تعلمت منه إلى آخر يوم في حياتها.


هل نحن بحاجة لابتلاءات واختبارات للرضا؟ بالتأكيد نحن بحاجة لأنها تقوي علاقتنا بخالقنا في لحظة من اللحظات عندما تنقطع الأسباب الدنيوية الملموسة يقوى الرابط مع الخالق وتتطهر العلاقة بين المسلم وخالقه من أي شائبة وتصبح الحياة أكثر بساطة ومساحة السعادة فيها أكبر.


نفسية الرضا تولد مع الإنسان بالفطرة فأبواه والمجتمع المحيط به إما ينميانها أو يميتانها، وعندما يكبر يصبح الأمر بيده إما أن يختار طريق الرضا والسعادة وإما أن يختار طريق السخط والتعاسة، ونهاية الطريقين معروفة.


عودة لما بدأت، أجبت صغيرتي: سقوط الأندلس شر فيه خير قد نعرف بعضه وقد لا نعرفه الآن. ولكن نعم في الشر خير، قرأت أبياتا رائعة أحسستها ملامسة:


لا يدفع المرء ما يأتي به القدر


وفي الخطوب إذا فكرت معتبر


فليس ينجي من الأقدار إن نزلت


رأي وحزم ولا خوف ولا حذر


فاستعمل الصبر في كل الأمور ولا


تجزع لشيء فعقبى صبرك الظفر



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 50.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.23 كيلو بايت... تم توفير 1.65 كيلو بايت...بمعدل (3.25%)]