كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله - الصفحة 5 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4418 - عددالزوار : 854499 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3949 - عددالزوار : 389447 )           »          معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #41  
قديم 28-08-2021, 05:29 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الأول -كتاب الصلاة
الحلقة (41)
صــــــــــ 276 الى صـــــــــــ280

[كَيْفَة التَّكْبِيرُ فِي الْعِيد]
كَيْفَ التَّكْبِيرُ؟
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) :
وَالتَّكْبِيرُ كَمَا كَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ " اللَّهُ أَكْبَرُ " فَيَبْدَأُ الْإِمَامُ فَيَقُولُ: " اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ " حَتَّى يَقُولَهَا ثَلَاثًا، وَإِنْ زَادَ تَكْبِيرًا فَحَسَنٌ،
وَإِنْ زَادَ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا نَعْبُدُ إلَّا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدَّيْنَ، وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ " فَحَسَنٌ وَمَا زَادَ مَعَ هَذَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أَحْبَبْتُهُ، غَيْرَ أَنِّي أُحِبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ نَسْقًا، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدَةٍ أَجْزَأَتْهُ، وَإِنْ بَدَأَ بِشَيْءٍ مِنْ الذِّكْرِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ أَوْ لَمْ يَأْتِ بِالتَّكْبِيرِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ
[كِتَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ سُلَيْمَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ قَالَ اللَّهُ: تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ - فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 37 - 38] ، وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ} [البقرة: 164] إلَى قَوْلِهِ " يَعْقِلُونَ " مَعَ مَا ذَكَرَ مِنْ الْآيَاتِ فِي كِتَابِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْآيَاتِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهَا سُجُودًا إلَّا مَعَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَأَمَرَ بِأَنْ لَا يُسْجَدَ لَهُمَا، وَأَمَرَ بِأَنْ يُسْجَدَ لَهُ فَاحْتَمَلَ أَمْرُهُ أَنْ يُسْجَدَ لَهُ عِنْدَ ذِكْرِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ بِأَنْ يَأْمُرَ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ حَادِثٍ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا نَهَى عَنْ السُّجُودِ لَهُمَا كَمَا نَهَى عَنْ عِبَادَةِ مَا سِوَاهُ، فَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنْ يُصَلَّى لِلَّهِ
عِنْدَ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فَأَشْبَهَ ذَلِكَ مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يُصَلِّيَ عِنْدَ كُسُوفِهِمَا لَا يَخْتَلِفَانِ فِي ذَلِكَ، وَأَنْ لَا يُؤْمَرَ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ كَانَتْ فِي غَيْرِهِمَا بِالصَّلَاةِ كَمَا أُمِرَ بِهَا عِنْدَهُمَا لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يَذْكُرْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْآيَاتِ صَلَاةً، وَالصَّلَاةُ فِي كُلِّ حَالٍ طَاعَةٌ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَغِبْطَةٌ لِمَنْ صَلَّاهَا
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَيُصَلِّي عِنْدَ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ صَلَاةَ جَمَاعَةٍ، وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْآيَاتِ غَيْرِهِمَا أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالنَّاسُ مَعَهُ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا قَالَ نَحْوًا مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ قَالَ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ انْصَرَفَ،
وَقَدْ تَجَلَّتْ الشَّمْسُ فَقَالَ:
إنَّ الشَّمْسَ، وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ،
وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاك قَدْ تَنَاوَلْتَ فِي مَقَامِك هَذَا شَيْئًا ثُمَّ رَأَيْنَاك كَأَنَّك تَكَعْكَعْت فَقَالَ:
إنِّي رَأَيْتَ أَوْ أُرِيتَ الْجَنَّةَ فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا، وَلَوْ أَخَذْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتْ الدُّنْيَا،
وَرَأَيْت أَوْ أُرِيتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ مَنْظَرًا وَرَأَيْت أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ فَقَالُوا:
لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ بِكُفْرِهِنَّ قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاَللَّهِ؟
قَالَ:
يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَةَ وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ لَوْ أَحْسَنْتَ إلَى إحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْك شَيْئًا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْك خَيْرًا قَطُّ»
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) :
فَذِكْرُ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الصَّلَاةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ خَطَبَ بَعْدَهَا، وَكَانَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْخُطْبَةِ لِلسُّنَّةِ، وَالْخُطْبَةِ لِلْفَرْضِ فَقَدَّمَ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهَا مَكْتُوبَةٌ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَأَخَّرَ خُطْبَةَ الْكُسُوفِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَكَذَلِكَ صَنَعَ فِي الْعِيدَيْنِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ الصَّلَوَاتِ، وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ، وَذُكِرَ أَنَّهُ أَمَرَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ بِالْفَزَعِ إلَى ذِكْرِ اللَّهِ، وَكَانَ ذِكْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي فَزِعَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ التَّذْكِيرُ فَوَافَقَ ذَلِكَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى - وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 14 - 15]
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) :
فَكَانَ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كِفَايَةٌ مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَمَرَ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ بِمَا أَمَرَ بِهِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، وَاَلَّذِي أَمَرَ بِهِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ فِعْلُهُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ ثُمَّ ذَكَرَ سُفْيَانُ مَا يُوَافِقُ هَذَا
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) :
أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إبْرَاهِيمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ، وَإِلَى الصَّلَاةِ»
(قَالَ الشَّافِعِيُّ)

فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا فِيهِمَا مَعًا بِالصَّلَاةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) :
أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «إنَّ الْقَمَرَ انْكَسَفَ،
وَابْنُ عَبَّاسٍ بِالْبَصْرَةِ فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رَكْعَتَانِ ثُمَّ رَكِبَ فَخَطَبَنَا فَقَالَ:
إنَّمَا صَلَّيْتُ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي قَالَ،
وَقَالَ: إنَّ الشَّمْسَ، وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْهُمَا كَاسِفًا فَلْيَكُنْ فَزَعُكُمْ إلَى اللَّهِ»
.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ)
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الشَّمْسَ كَسَفَتْ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَصَفَتْ صَلَاتَهُ.
رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رَكْعَتَانِ»
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) :
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) :
أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سُهَيْلٍ نَافِعٌ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) :
وَرُوِيَ «عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: قُمْتُ إلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ فَمَا سَمِعْتُ مِنْهُ حَرْفًا» ، وَفِي قَوْلٍ بِقَدْرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مَا قَرَأَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ سَمِعَهُ لَمْ يُقَدِّرْ بِغَيْرِهِ.
[وَقْتُ كُسُوفُ الشَّمْسِ]
، وَقْتُ كُسُوفُ الشَّمْسِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) :
فَمَتَى كَسَفَتْ الشَّمْسُ نِصْفَ النَّهَارِ أَوْ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ صَلَّى الْإِمَامُ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْكُسُوفِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالصَّلَاةِ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ فَلَا وَقْتَ يَحْرُمُ فِيهِ صَلَاةٌ أَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا لَا يَحْرُمُ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَلَا الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَلَا الصَّلَاةِ لِلطَّوَافِ وَلَا الصَّلَاةِ يُؤَكِّدُهَا الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنْ يَلْزَمَهَا فَيَشْتَغِلَ عَنْهَا أَوْ يَنْسَاهَا.
(قَالَ) :
وَإِنْ كَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ، وَقَدَرَ الْمُصَلِّي أَنْ يَخْرُجَ مِنْ صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ، وَيُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ ثُمَّ يَخْطُبَ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) :
وَإِنْ كَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي وَقْتِ الْجُمُعَةِ بَدَأَ بِصَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ، وَخَفَّفَ فِيهَا فَقَرَأَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي الرَّكْعَةِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَسُورَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] ، وَمَا أَشْبَهَهَا ثُمَّ خَطَبَ فِي الْجُمُعَةِ، وَذَكَرَ الْكُسُوفَ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَجَمَعَ فِيهَا الْكَلَامَ فِي الْخُطْبَةِ فِي الْكُسُوفِ وَالْجُمُعَةِ، وَنَوَى بِهَا الْجُمُعَةَ ثُمَّ صَلَّى الْجُمُعَةَ.
(قَالَ)
:
وَإِنْ كَانَ أَخَّرَ الْجُمُعَةَ حَتَّى يَرَى أَنَّهُ صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ كَأَخَفَّ مَا تَكُونُ صَلَاتُهُ لَمْ يُدْرِكْ أَنْ يَخْطُبَ يَجْمَعُ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْعَصْرِ بَدَأَ بِالْجُمُعَةِ فَإِنْ فَرَغَ مِنْهَا، وَالشَّمْسُ كَاسِفَةٌ صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ، وَإِنْ فَرَغَ مِنْهَا، وَقَدْ تَجَلَّتْ الشَّمْسُ فَتَتَامَّ تَجَلِّيهَا حَتَّى تَعُودَ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الْكُسُوفِ لَمْ يُصَلِّ الْكُسُوفَ وَلَمْ يَقْضِ لِأَنَّهُ عَمَلٌ فِي وَقْتٍ فَإِذَا ذَهَبَ الْوَقْتُ لَمْ يَعْمَلْ (قَالَ) : وَهَكَذَا يَصْنَعُ فِي كُلِّ مَكْتُوبَةٍ اجْتَمَعَتْ وَالْكُسُوفُ فَخِيفَ فَوْتُهَا يَبْدَأُ بِالْمَكْتُوبَةِ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْفَوْتَ بَدَأَ بِصَلَاةِ الْكُسُوفِ ثُمَّ الْمَكْتُوبَةِ لِأَنَّهُ لَا وَقْتَ فِي الْخُطْبَةِ.
(قَالَ)
:
وَإِنْ اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَعِيدٌ وَاسْتِسْقَاءٌ وَجِنَازَةٌ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَضَرَ الْإِمَامُ أَمَرَ مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهَا وَبَدَأَ بِالْكُسُوفِ فَإِنْ فَرَغَتْ الْجِنَازَةُ صَلَّى عَلَيْهَا أَوْ تَرَكَهَا ثُمَّ صَلَّى الْعِيدَ، وَأَخَّرَ الِاسْتِسْقَاءَ إلَى يَوْمِ غَيْرِ الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ فِيهِ (قَالَ) : وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْعِيدِ صَلَّى، وَخَفَّفَ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ صَلَاتِهِ إلَى صَلَاةِ الْكُسُوفِ ثُمَّ خَطَبَ لِلْعِيدِ وَالْكُسُوفِ، وَلَا يَضُرُّهُ أَنْ يَخْطُبَ بَعْدَ الزَّوَالِ لَهُمَا لِأَنَّهُ لَيْسَ كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ.
(قَالَ)
:
وَإِنْ كَانَ الْكُسُوفُ بِمَكَّةَ عِنْدَ رَوَاحِ الْإِمَامِ إلَى الصَّلَاةِ بِمِنًى " صَلَّوْا الْكُسُوفَ،
وَإِنْ خَافَ أَنْ تَفُوتَهُ صَلَاةُ الظُّهْرِ:
بِمِنًى "
صَلَّاهَا بِمَكَّةَ.
(قَالَ)
:
وَإِنْ كَانَ الْكُسُوفُ بِعَرَفَةَ عِنْدَ الزَّوَالِ قَدَّمَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ فَإِنْ خَافَ فَوْتَهُمَا بَدَأَ بِهِمَا ثُمَّ صَلَّى الْكُسُوفَ، وَلَمْ يَدَعْهُ لِلْمَوْقِفِ، وَخَفَّفَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَالْخُطْبَةِ
(قَالَ) :
وَهَكَذَا يَصْنَعُ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ.
(قَالَ)
:
وَإِنْ كَسَفَتْ الشَّمْسُ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَهُوَ بِالْمَوْقِفِ صَلَّى الْكُسُوفَ ثُمَّ خَطَبَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَدَعَا، وَإِنْ خَسَفَ الْقَمَرُ قَبْلَ الْفَجْرِ بِالْمُزْدَلِفَةِ أَوْ بَعْدَهُ صَلَّى الْكُسُوفَ، وَخَطَبَ وَلَوْ حَبَسَهُ ذَلِكَ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيُخَفِّفُ لِئَلَّا يَحْبِسَهُ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ إنْ قَدَرَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ)
:
إذَا اجْتَمَعَ أَمْرَانِ يَخَافُ أَبَدًا فَوْتَ أَحَدِهِمَا، وَلَا يَخَافُ فَوْتَ الْآخَرِ بَدَأَ بِاَلَّذِي يَخَافُ فَوْتَهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الَّذِي لَا يَخَافُ فَوْتَهُ.
(قَالَ) :
وَإِنْ خَسَفَ الْقَمَرُ وَقْتَ صَلَاةِ الْقِيَامِ بَدَأَ بِصَلَاةِ الْخُسُوفِ، وَكَذَلِكَ يَبْدَأُ بِهِ قَبْلَ الْوِتْرِ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ لِأَنَّهُ صَلَاةُ جَمَاعَةٍ وَالْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ صَلَاةُ انْفِرَادٍ فَيَبْدَأُ بِهِ قَبْلَهُمَا وَلَوْ فَاتَا.
(قَالَ)
:
وَإِذَا كَسَفَتْ الشَّمْسُ، وَلَمْ يُصَلُّوا حَتَّى تَغِيبَ كَاسِفَةً أَوْ مُتَجَلِّيَةً لَمْ يُصَلُّوا لِكُسُوفِ الشَّمْسِ، وَكَذَلِكَ لَوْ خَسَفَ الْقَمَرُ فَلَمْ يُصَلُّوا حَتَّى تَجَلَّى أَوْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ لَمْ يُصَلُّوا، وَإِنْ صَلَّوْا الصُّبْحَ، وَقَدْ غَابَ الْقَمَرُ خَاسِفًا صَلَّوْا لِخُسُوفِ الْقَمَرِ بَعْدَ الصُّبْحِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ، وَيُخَفِّفُونَ الصَّلَاةَ لِخُسُوفِ الْقَمَرِ فِي هَذِهِ الْحَالِ حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنْ افْتَتَحُوا الصَّلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ وَقَبْلَ الشَّمْسِ فَلَمْ يَفْرُغُوا مِنْهَا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَتَمُّوهَا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ)
:
، وَيَخْطُبُ بَعْدَ تَجَلِّي الشَّمْسِ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ تَكُونُ بَعْدَ تَجَلِّي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَإِذَا كَسَفَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ حَدَثَ خَوْفٌ صَلَّى الْإِمَامُ صَلَاةَ الْخُسُوفِ صَلَاةَ خَوْفٍ كَمَا يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ صَلَاةَ خَوْفٍ لَا يَخْتَلِفُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يُصَلِّي صَلَاةَ الْخُسُوفِ، وَصَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ إيمَاءً حَيْثُ تَوَجَّهَ رَاكِبًا، وَمَاشِيًا فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخُطْبَةُ وَالصَّلَاةُ تَكَلَّمَ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فَلَا يَضُرُّهُ.
(قَالَ) :
وَإِنْ كَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي حَضَرٍ فَغَشِيَ أَهْلَ الْبَلَدِ عَدُوٌّ مَضَوْا إلَى الْعَدُوِّ، فَإِنْ أَمْكَنَهُمْ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ مَا يُمْكِنُهُمْ فِي الْمَكْتُوبَةِ صَلَّوْهَا صَلَاةَ خَوْفٍ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُمْ ذَلِكَ صَلَّوْهَا صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ طَالِبِينَ وَمَطْلُوبِينَ لَا يَخْتَلِفُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ)
:
وَمَتَى غَفَلَ عَنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ حَتَّى تَجَلَّى الشَّمْسُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ صَلَاتُهَا، وَلَا قَضَاؤُهَا.
(قَالَ)
:
فَإِنْ غَفَلُوا عَنْهَا حَتَّى تَنْكَسِفَ كُلُّهَا ثُمَّ يَنْجَلِيَ بَعْضُهَا صَلَّوْا صَلَاةَ كُسُوفٍ مُتَمَكِّنِينَ إذَا لَمْ يَكُونُوا خَائِفِينَ، وَلَا مُتَفَاوِتِينَ، وَإِنْ انْجَلَتْ لَمْ يَخْرُجُوا مِنْ الصَّلَاةِ حَتَّى يَفْرُغُوا مِنْهَا، وَهِيَ كَاسِفَةٌ حَتَّى تَعُودَ بِحَالِهَا قَبْلَ أَنْ تَكْسِفَ.
(قَالَ)
:
وَإِنْ انْكَسَفَتْ فَجَلَّلَهَا سَحَابٌ أَوْ غُبَارٌ أَوْ حَائِلٌ مَا كَانَ فَظَنُّوا أَنَّهَا تَجَلَّتْ صَلَّوْا صَلَاةَ الْكُسُوفِ إذَا عَلِمُوا أَنَّهَا قَدْ كَسَفَتْ فَهِيَ عَلَى الْكُسُوفِ حَتَّى يَسْتَيْقِنُوا بِتَجَلِّيهَا، وَلَوْ تَجَلَّى بَعْضُهَا فَرَأَوْهُ صَافِيًا لَمْ يَدَعُوا الصَّلَاةَ لِأَنَّهُمْ مُسْتَيْقِنُونَ بِالْكُسُوفِ، وَلَا يَدْرُونَ انْجَلَى الْمَغِيبُ مِنْهَا أَمْ لَمْ يَنْجَلِ، وَقَدْ يَكُونُ الْكُسُوفُ فِي بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ، وَتَنْكَسِفُ كُلُّهَا فَيَتَجَلَّى بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ حَتَّى يَتَجَلَّى الْبَاقِي بَعْدَهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ)
:
وَلَوْ طَلَعَتْ فِي طَخَافٍ أَوْ غَيَانَةٍ أَوْ غَمَامَةٍ فَتَوَهَّمُوهَا كَاسِفَةً لَمْ يُصَلُّوهَا حَتَّى يَسْتَيْقِنُوا كُسُوفَهَا.
(قَالَ)
:
وَإِذَا تَوَجَّهَ الْإِمَامُ لِيُصَلِّيَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ فَلَمْ يُكَبِّرْ حَتَّى تَنْجَلِيَ الشَّمْسُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ الْكُسُوفَ، وَإِنْ كَبَّرَ ثُمَّ تَجَلَّتْ الشَّمْسُ أَتَمَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ بِكَمَالِهَا.
(قَالَ)
:
وَإِنْ صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ فَأَكْمَلَهَا ثُمَّ انْصَرَفَ، وَالشَّمْسُ كَاسِفَةٌ يَزِيدُ كُسُوفُهَا أَوْ لَا يَزِيدُ لَمْ يُعِدْ الصَّلَاةَ، وَخَطَبَ النَّاسَ لِأَنَّا لَا نَحْفَظُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي كُسُوفٍ إلَّا رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَاةُ خُسُوفِ الْقَمَرِ كَصَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ لَا يَخْتَلِفَانِ فِي شَيْءٍ إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَجْهَرْ فِيهَا كَمَا يَجْهَرُ فِي صَلَاةِ الْأَعْيَادِ، وَأَنَّهَا مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ، وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ لِأَنَّهَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَقَدْ سَنَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْجَهْرَ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ
[الْخُطْبَةُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ]ِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) :
وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ نَهَارًا خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ فِي الْأُولَى حِينَ يَصْعَدُ الْمِنْبَرَ ثُمَّ يَقُومُ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْخُطْبَةِ الْأُولَى جَلَسَ ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ الثَّانِيَةَ فَإِذَا فَرَغَ نَزَلَ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) :
وَيَجْعَلُهَا كَالْخُطَبِ يَبْدَأُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَضِّ النَّاسِ عَلَى الْخَيْرِ، وَأَمْرِهِمْ بِالتَّوْبَةِ وَالتَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيَخْطُبُ فِي مَوْضِعِ مُصَلَّاهُ، وَيُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ حَيْثُ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ لَا حَيْثُ يُصَلِّي الْأَعْيَادَ، وَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ، وَصَلَّى فِي غَيْرِهِ أَجْزَأَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ كَانَ بِالْمَوْقِفِ بِعَرَفَةَ خَطَبَ رَاكِبًا، وَفَصَلَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بِسَكْتَةٍ كَالسَّكْتَةِ إذَا خَطَبَ عَلَى مِنْبَرِهِ، وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَسْمَعَ الْإِمَامَ فِي الْخُطْبَةِ فِي الْكُسُوفِ، وَالْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، وَيُنْصِتُ لَهَا، وَإِنْ انْصَرَفَ رَجُلٌ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ لَهَا أَوْ تَكَلَّمَ كَرِهْت ذَلِكَ لَهُ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ الْخُطْبَةَ أَوْ خَطَبَ عَلَى غَيْرِ مَا أُمِرَ بِهِ كَرِهْت ذَلِكَ لَهُ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) :
وَأُحِبُّ لِلْقَوْمِ بِالْبَادِيَةِ وَالسَّفَرِ، وَحَيْثُ لَا يَجْمَعُ فِيهِ الصَّلَاةَ أَنْ يَخْطُبَ بِهِمْ أَحَدُهُمْ، وَيُذَكِّرُهُمْ إذَا صَلَّوْا الْكُسُوفَ
(قَالَ) :
وَلَا أُحِبُّ ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ فِي الْبُيُوتِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ سُنَّةِ النِّسَاءِ أَنْ يَخْطُبْنَ إذَا لَمْ يَكُنَّ مَعَ رِجَالٍ.
[الْأَذَانُ لِلْكُسُوفِ]ِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) :
وَلَا أَذَانَ لِكُسُوفٍ وَلَا لِعِيدٍ وَلَا لِصَلَاةٍ غَيْرِ مَكْتُوبَةٍ، وَإِنْ أَمَرَ الْإِمَامُ مَنْ يَصِيحُ " الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ " أَحْبَبْت ذَلِكَ لَهُ فَإِنَّ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ أَنْ يَقُولَ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ» .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #42  
قديم 28-08-2021, 05:29 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الأول -كتاب الصلاة
الحلقة (42)
صــــــــــ 281 الى صـــــــــــ285


[قدر صلاة الكسوف]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
:
وأحب أن يقوم الإمام في صلاة الكسوف فيكبر ثم يفتتح كما يفتتح المكتوبة ثم يقرأ في القيام الأول بعد الافتتاح بسورة البقرة إن كان يحفظها أو قدرها من القرآن إن كان لا يحفظها ثم يركع فيطيل، ويجعل ركوعه قدر مائة آية من سورة البقرة ثم يرفع، ويقول سمع الله لمن حمده ربنا، ولك الحمد، ثم يقرأ بأم القرآن وقدر مائتي آية من البقرة ثم يركع بقدر ثلثي ركوعه الأول ثم يرفع، ويسجد ثم يقوم في الركعة الثانية فيقرأ بأم القرآن وقدر مائة وخمسين آية من البقرة ثم يركع بقدر سبعين آية من البقرة ثم يرفع فيقرأ بأم القرآن، وقدر مائة آية من البقرة ثم يركع بقدر قراءة خمسين آية من البقرة ثم يرفع ويسجد
(قال الشافعي)
:
وإن جاوز هذا في بعض وقصر عنه في بعض أو جاوزه في كل أو قصر عنه في كل إذا قرأ أم القرآن في مبتدأ الركعة، وعند رفعه رأسه من الركعة قبل الركعة الثانية في كل ركعة أجزأه.
(قال الشافعي) :
وإن ترك أم القرآن في ركعة من صلاة الكسوف في القيام الأول أو القيام الثاني لم يعتد بتلك الركعة، وصلى ركعة أخرى، وسجد سجدتي السهو كما إذا ترك أم القرآن في ركعة واحدة من صلاة المكتوبة لم يعتد بها كأنه قرأ بأم القرآن عند افتتاح الصلاة ثم ركع فرفع فلم يقرأ بأم القرآن حتى رفع ثم يعود لأم القرآن فيقرؤها ثم يركع، وإن ترك أم القرآن حتى يسجد ألغى السجود، وعاد إلى القيام حتى يركع بعد أم القرآن.
(قال) :
، ولا يجزئ أن يؤم في صلاة الكسوف إلا من يجزئ أن يؤم في الصلاة المكتوبة فإن أم أمي قراء لم تجزئ صلاتهم عنهم، وإن قرءوا معه إذا كانوا يأتمون به
(قال) :
وإن أمهم قارئ أجزأت صلاته عنهم، وإذا قلت لا تجزئ عنهم أعادوا بإمام ما كانت الشمس كاسفة، وإن تجلت لم يعيدوا، وإن امتنعوا كلهم من الإعادة إلا واحدا أمرت الواحد أن يعيد، فإن كان معه غيره أمرتهما أن يجمعا.
[صلاة المنفردين في صلاة الكسوف]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن أبي بكر عن عمرو أو صفوان بن عبد الله بن صفوان قال: رأيت ابن عباس صلى على ظهر زمزم لكسوف الشمس ركعتين في كل ركعة ركعتين.
(قال الشافعي)
:
ولا أحسب ابن عباس صلى صلاة الكسوف إلا أن الوالي تركها لعل الشمس تكون كاسفة بعد العصر فلم يصل فصلى ابن عباس أو لعل الوالي كان غائبا أو امتنع من الصلاة
(قال) :
فهكذا أحب لكل من كان حاضرا إماما أن يصلي إذا ترك الإمام صلاة الكسوف أن يصلي علانية إن لم يخف وسرا إن خاف الوالي في أي ساعة كسفت الشمس، وأحسب من روى عنه أن الشمس كسفت بعد العصر، وهو بمكة تركها في زمان بني أمية اتقاء لهم فأما أيوب بن موسى فيذهب إلى أن لا صلاة بعد العصر لطواف ولا غيره، والسنة تدل على ما وصفت من أن يصلي بعد العصر لطواف، والصلاة المؤكدة تنسى، ويشتغل عنها، ولا يجوز ترك صلاة الكسوف عندي لمسافر ولا مقيم، ولا لأحد جاز له أن يصلي بحال فيصليها كل من وصفت بإمام تقدمه، ومنفردا إن لم يجد إماما ويصليها كما وصفت صلاة الإمام ركعتين، في كل ركعة ركعتين، وكذلك خسوف القمر
(قال) :
وإن خطب الرجل الذي، وصفت فذكرهم لم أكره.
(قال) :
وإن كسفت الشمس ورجل مع نساء فيهن ذوات محرم منه صلى بهن، وإن لم يكن فيهن ذوات محرم منه كرهت ذلك له، وإن صلى بهن فلا بأس إن شاء الله تعالى فإن كن اللاتي يصلين نساء فليس من شأن النساء الخطبة، ولكن لو ذكرتهن إحداهن كان حسنا.
(قال) :
وإذا صلى الرجل وحده صلاة الكسوف ثم أدركها مع الإمام صلاها كما يصنع في المكتوبة، وكذلك المرأة فلا أكره لمن لا هيئة لها بارعة من النساء، ولا للعجوز، ولا للصبية شهود صلاة الكسوف مع الإمام بل أحبها لهن، وأحب إلي لذوات الهيئة أن يصلينها في بيوتهن.
[الصلاة في غير كسوف الشمس والقمر]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
:
ولا آمر بصلاة جماعة في زلزلة، ولا ظلمة، ولا لصواعق، ولا ريح ولا غير ذلك من الآيات، وآمر بالصلاة منفردين كما يصلون منفردين سائر الصلوات.
[كتاب الاستسقاء]
متى يستسقي الإمام، وهل يسأل الإمام رفع المطر إذا خاف ضرره؟
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس قال:
«جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فقال: يا رسول الله هلكت المواشي، وتقطعت السبل فادع الله فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمطرنا من جمعة إلى جمعة قال فجاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله تهدمت البيوت وتقطعت السبيل، وهلكت المواشي فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فقال:
اللهم على رءوس الجبال والآكام، وبطون الأودية، ومنابت الشجر فانجابت عن المدينة انجياب الثوب»
(قال الشافعي) :
فإذا كان جدب أو قلة ماء في نهر أو عين أو بئر في حاضر أو باد من المسلمين لم أحب للإمام أن يتخلف عن أن يعمل عمل الاستسقاء، وإن تخلف عن ذلك لم تكن عليه كفارة ولا قضاء، وقد أساء في تخلفه عنه، وترك سنة فيه، وإن لم تكن واجبة، وموضع فضل،
فإن قال قائل:
فكيف لا يكون واجبا عليه أن يعمل عمل الاستسقاء من صلاة وخطبة؟ قيل لا فرض من الصلاة إلا خمس صلوات، وفي الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على أن جدبا كان ولم يعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أوله عمل الاستسقاء، وقد عمله بعد مدة منه فاستسقى،
وبذلك قلت:
لا يدع الإمام الاستسقاء، وإن لم يفعل الإمام لم أر للناس ترك الاستسقاء لأن المواشي لا تهلك إلا وقد تقدمها جدب دائم، وأما الدعاء بالاستسقاء فما لا أحب تركه إذا كان الجدب، وإن لم يكن ثم صلاة ولا خطبة، وإن استسقى فلم تمطر الناس أحببت أن يعود ثم يعود حتى يمطروا، وليس استحبابي لعودته الثانية بعد الأولى، ولا الثالثة بعد الثانية كاستحبابي للأولى، وإنما أجزت له العود بعد الأولى أن الصلاة والجماعة في الأولى فرض وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استسقى سقي أولا فإذا سقوا أولا لم يعد الإمام، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من لا أتهم عن سليمان بن عبد الله بن عويمر الأسلمي عن عروة بن الزبير عن عائشة - رضي الله تعالى عنها -
قالت:
«أصاب الناس سنة شديدة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فمر بهم يهودي فقال: أما والله لو شاء صاحبكم لمطرتم ما شئتم، ولكنه لا يحب ذلك فأخبر الناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بقول اليهودي قال: أوقد قال ذلك؟
فقالوا:
نعم قال إني لأستنصر بالسنة على أهل نجد، وإني لأرى السحابة خارجة من العين فأكرهها موعدكم يوم كذا أستسقي لكم»
فلما كان ذلك اليوم غدا الناس فما تفرق الناس حتى مطروا ما شاءوا فما أقلعت السماء جمعة، وإذا خاف الناس غرقا من سيل أو نهر دعوا الله بكف الضرر عنهم كما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بكف الضرر عن البيوت أن تهدمت، وكذلك يدعو بكف الضرر من المطر عن المنازل، وأن يجعل حيث ينفع، ولا يضر البيوت من الشجر والجبال والصحاري إذا دعا بكف الضرر، ولم آمر بصلاة جماعة، وأمرت الإمام، والعامة يدعون في خطبة الجمعة، وبعد الصلوات، ويدعو في كل نازلة نزلت بأحد من المسلمين، وإذا كانت ناحية مخصبة، وأخرى مجدبة فحسن أن يستسقي إمام الناحية المخصبة لأهل الناحية المجدبة ولجماعة المسلمين، ويسأل الله الزيادة لمن أخصب مع استسقائه لمن أجدب فإن ما عند الله واسع، ولا أحضه على الاستسقاء لمن ليس بين ظهرانيه كما أحضه على الاستسقاء لمن هو بين ظهرانيه ممن قاربه، ويكتب إلى الذي يقوم بأمر المجدبين أن يستسقي لهم أو أقرب الأئمة بهم، فإن لم يفعل أحببت أن يستسقي لهم رجل من بين ظهرانيهم.من يستسقي بصلاة
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
وكل إمام صلى الجمعة، وصلى العيدين استسقى، وصلى الخسوف، ولا يصلي الجمعة إلا حيث تجب لأنها ظهر فإذا صليت جمعة قصرت منها ركعتان، ويجوز أن يستسقي وأستحب أن يصلي العيدين والخسوف حيث لا يجمع من بادية وقرية صغيرة، ويفعله مسافرون في البدو لأنها ليست بإحالة شيء من فرض وهي سنة ونافلة خير، ولا أحب تركه بحال، وإن كان أمري به، واستحبابه حيث لا يجمع ليس هو كاستحبابه حيث يجمع، وليس كأمري به من يجمع من الأئمة والناس، وإنما أمرت به كما وصفت لأنها سنة، ولم ينه عنه أحد يلزم أمره، وإذا استسقى الجماعة بالبادية فعلوا ما يفعلونه في الأمصار من صلاة أو خطبة، وإذا خلت الأمصار من الولاة قدموا أحدهم للجمعة والعيدين، والخسوف، والاستسقاء كما قد «قدم الناس أبا بكر، وعبد الرحمن بن عوف للصلاة مكتوبة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلح بين بني عمر بن عوف، وعبد الرحمن في غزوة تبوك، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ذهب لحاجته ثم غبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس بما صنعوا من تقديم عبد الرحمن بن عوف» فإذا أجاز هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المكتوبة غير الجمعة كانت الجمعة مكتوبة، وكان هذا في غير المكتوبة مما ذكرت أجوز.
[الاستسقاء بغير الصلاة]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
:
ويستسقي الإمام بغير صلاة مثل أن يستسقي بصلاة وبعد خطبته وصلاته، وخلف صلاته، وقد رأيت من يقيم مؤذنا فيأمره بعد صلاة الصبح والمغرب أن يستسقي، ويحض الناس على الدعاء فما كرهت من صنع ذلك.
[الأذان لغير المكتوبة]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
، ولا أذان، ولا إقامة إلا للمكتوبة، فأما الخسوف، والعيدان والاستسقاء، وجميع صلاة النافلة فبغير أذان ولا إقامة.
[كيف يبتدئ الاستسقاء]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
:
وبلغنا عن بعض الأئمة أنه كان إذا أراد أن يستسقي أمر الناس فصاموا ثلاثة أيام متتابعة، وتقربوا إلى الله عز وجل بما استطاعوا من خير ثم خرج في اليوم الرابع فاستسقى بهم، وأنا أحب ذلك لهم، وآمرهم أن يخرجوا في اليوم الرابع صياما من غير أن أوجب ذلك عليهم، ولا على إمامهم، ولا أرى بأسا أن يأمرهم بالخروج، ويخرج قبل أن يتقدم إليهم في الصوم، وأولى ما يتقربون إلى الله أداء ما يلزمهم من مظلمة في دم أو مال أو عوض ثم صلح المشاجر، والمهاجر ثم يتطوعون بصدقة، وصلاة، وذكر، وغيره من البر، وأحب كلما أراد الإمام العودة إلى الاستسقاء أن يأمر الناس أن يصوموا قبل عودته إليه ثلاثا
[الهيئة للاستسقاء]
للعيدين.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
:
«خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجمعة، والعيدين بأحسن هيئة» ، وروي أنه «خرج في الاستسقاء متواضعا» وأحسب الذي رواه قال متبذلا فأحب في العيدين أن يخرج بأحسن ما يجد من الثياب وأطيب الطيب، ويخرج في الاستسقاء متنظفا بالماء، وما يقطع تغير الرائحة من سواك وغيره، وفي ثياب تواضع، ويكون مشيه وجلوسه وكلامه كلام تواضع واستكانة، وما أحببت للإمام في الحالات من هذا أحببته للناس كافة وما لبس الناس، والإمام مما يحل لهم الصلاة فيه أجزأه وإياهم.
[خروج النساء والصبيان في الاستسقاء]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
وأحب أن يخرج الصبيان ويتنظفوا للاستسقاء، وكبار النساء، ومن لا هيئة له منهن، ولا أحب خروج ذوات الهيئة ولا آمر بإخراج البهائم، وأكره إخراج من خالف الإسلام للاستسقاء مع المسلمين في موضع مستسقى المسلمين، وغيره، وآمر بمنعهم من ذلك فإن خرجوا متميزين على حدة لم نمنعهم ذلك، ونساؤهم فيما أكره من هذا كرجالهم، ولو تميز نساؤهم، لم أكره من مخرجهم ما أكره من مخرج بالغيهم، ولو ترك سادات العبيد المسلمين العبيد يخرجون كان أحب إلي، وليس يلزمهم تركهم، والإماء مثل الحرائر، وأحب إلي لو ترك عجائزهن، ومن لا هيئة له منهن يخرج، ولا أحب ذلك في ذوات الهيئة منهن، ولا يجب على ساداتهن تركهن يخرجن.
[المطر قبل الاستسقاء]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
وإذا تهيأ الإمام للخروج فمطر الناس مطرا قليلا أو كثيرا، أحببت أن يمضي، والناس على الخروج فيشكروا الله على سقياه، ويسألوا الله زيادته، وعموم خلقه بالغيث، وأن لا يتخلفوا فإن فعلوا فلا كفارة، ولا قضاء عليهم، فإن كانوا يمطرون في الوقت الذي يريد الخروج بهم فيه استسقى بهم في المسجد أو أخر ذلك إلى أن يقلع المطر، ولو نذر الإمام أن يستسقي ثم سقى الناس، وجب عليه أن يخرج فيوفي نذره، وإن لم يفعل فعليه قضاؤه، وليس عليه أن يخرج بالناس لأنه لا يملكهم، ولا له أن يلزمهم أن يستسقوا في غير جدب، وكذلك لو نذر رجل أن يخرج يستسقي كان عليه أن يخرج للنذر بنفسه فإن نذر أن يخرج بالناس كان عليه أن يخرج بنفسه، ولم يكن عليه أن يخرج بالناس لأنه لا يملكهم، ولا نذر فيما لا يملك ابن آدم، وأحب أن يخرج بمن أطاعه منهم من ولده وغيرهم، فإن كان في نذره أن يخطب فيخطب، ويذكر الله تعالى ويدعو جالسا إن شاء لأنه ليس في قيامه إذا لم يكن واليا، ولا معه جماعة بالذكر طاعة، وإن نذر أن يخطب على منبر فليخطب جالسا، وليس عليه أن يخطب على منبر لأنه لا طاعة في ركوبه لمنبر ولا بعير ولا بناء، إنما أمر بهذا الإمام ليسمع الناس فإن كان إماما، ومعه ناس لم يف نذره إلا بالخطبة قائما لأن الطاعة إذا كان معه ناس فيها أن يخطب قائما فإذا فعل هذا كله فوقف على منبر أو جدار أو قائما أجزأه من نذره، ولو نذر أن يخرج فليستسق أحببت له أن يستسقي في المسجد ويجزئه لو استسقى في بيته.
[أين يصلي للاستسقاء]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
:
ويصلي الإمام حيث يصلي العيد في أوسع ما يجد على الناس، وحيث استسقى أجزأه إن شاء الله تعالى.
[الوقت الذي يخرج فيه الإمام للاستسقاء وما يخطب عليه]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
:
ويخرج الإمام للاستسقاء في الوقت الذي يصل فيه إلى موضع مصلاه، وقد برزت الشمس فيبتدئ فيصلي فإذا فرغ خطب، ويخطب على منبر يخرجه إن شاء، وإن شاء خطب راكبا أو على جدار أو شيء يرفع له أو على الأرض، كل ذلك جائز له.
[كيف صلاة الاستسقاء]
(قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -
أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو أنه سمع عباد بن تميم يقول سمعت عبد الله بن زيد المازني يقول: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المصلى فاستسقى، وحول رداءه حين استقبل القبلة»
(قال الشافعي) :
أخبرني من لا أتهم عن جعفر بن محمد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يجهرون بالقراءة في الاستسقاء، ويصلون قبل الخطبة، ويكبرون في الاستسقاء سبعا وخمسا» ، أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني جعفر بن محمد عن أبيه عن علي - رضي الله عنه - مثله
(قال الشافعي) :
أخبرني سعد بن إسحاق عن صالح عن ابن المسيب عن عثمان بن عفان أنه كبر في الاستسقاء سبعا وخمسا أخبرني إبراهيم بن محمد قال أخبرني أبو الحويرث عن إسحاق بن عبد الله بن كنانة عن أبيه أنه سأل ابن عباس عن التكبير في صلاة الاستسقاء فقال مثل التكبير في صلاة العيدين سبع وخمس، أخبرنا ابن عيينة قال أخبرني عبد الله بن أبي بكر قال سمعت عباد بن تميم يخبر عن عمه عبد الله بن زيد قال «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المصلى يستسقي فاستقبل القبلة، وحول رداءه، وصلى ركعتين» أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة عن أبيه عن ابن عباس مثله، أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني صالح بن محمد بن زائدة عن عمر بن عبد العزيز أنه كبر في الاستسقاء سبعا وخمسا وكبر في العيدين مثل ذلك أخبرنا إبراهيم قال حدثني عمرو بن يحيى بن عمارة أن أبا بكر بن عمرو بن حزم أشار على محمد بن هشام أن يكبر في الاستسقاء سبعا، وخمسا
(قال الشافعي) :
فبهذا كله نأخذ فنأمر الإمام يكبر في الاستسقاء سبعا وخمسا قبل القراءة، ويرفع يديه عند كل تكبيرة من السبع، والخمس ويجهر بالقراءة، ويصلي ركعتين لا يخالف صلاة العيد بشيء، ونأمره أن يقرأ فيها ما يقرأ في صلاة العيدين فإذا خافت بالقراءة في صلاة الاستسقاء فلا إعادة عليه، وإن ترك التكبير فكذلك، ولا سجود للسهو عليه، وإن ترك التكبير حتى يفتتح القراءة في ركعة لم يكبر بعد افتتاحه القراءة، وكذلك إن كبر بعض التكبير ثم افتتح بالقراءة لم يقض التكبير في تلك الركعة، وكبر في الأخرى تكبيرها، ولم يقض ما ترك من تكبير الأولى فإن صنع في الأخرى كذلك صنع هكذا يكبر قبل أن يقرأ، ولا يكبر بعدما يقرأ في الركعة التي افتتح فيها القراءة
(قال الشافعي)
:
وهكذا هذا في صلاة العيدين لا يختلف، وما قرأ به مع أم القرآن في كل ركعة أجزأه، وإن اقتصر على أم القرآن في كل ركعة أجزأته، وإن صلى ركعتين قرأ في إحداهما بأم القرآن، ولم يقرأ في الأخرى بأم القرآن فإنما صلى ركعة فيضيف إليها أخرى، ويسجد للسهو، ولا يعتد هو، ولا من خلفه بركعة لم يقرأ فيها، وإن صلى ركعتين لم يقرأ في واحدة منهما بأم القرآن أعادهما خطب أم لم يخطب فإن لم يعدهما حتى ينصرف أحببت له إعادتهما من الغد أو يومه إن لم يكن الناس تفرقوا، وإذا أعادهما أعاد الخطبة بعدهما، وإن كان هذا في صلاة العيد أعادهما من يومه ما بينه، وبين أن تزول الشمس فإذا زالت لم يعدهما لأن صلاة العيد في وقت فإذا مضى لم تصل، وكل يوم وقت لصلاة الاستسقاء، ولذلك يعيدهما في الاستسقاء بعد الظهر، وقبل العصر. .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #43  
قديم 28-08-2021, 05:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الأول -كتاب الصلاة
الحلقة (43)
صــــــــــ 286 الى صـــــــــــ290

[الطهارة لصلاة الاستسقاء]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
ولا يصلي حاضر، ولا مسافر صلاة الاستسقاء ولا عيد، ولا جنازة، ولا يسجد للشكر، ولا سجود القرآن، ولا يمس مصحفا إلا طاهرا الطهارة التي تجزيه للصلاة المكتوبة لأن كلا صلاة، ولا يحل مس مصحف إلا بطهارة، وسواء خاف فوت شيء من هذه الصلوات أو لم يخفه يكون ذلك سواء في المكتوبات. .
[الخطبة في الاستسقاء]
كيف الخطبة في الاستسقاء؟
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
ويخطب الإمام في الاستسقاء خطبتين كما يخطب في صلاة العيدين يكبر الله فيهما، ويحمده ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويكثر فيهما الاستغفار حتى يكون أكثر كلامه، ويقول كثيرا {استغفروا ربكم إنه كان غفارا - يرسل السماء عليكم مدرارا} [نوح: 10 - 11] .
[الدعاء في خطبة الاستسقاء]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
:
ويقول " اللهم إنك أمرتنا بدعائك، ووعدتنا إجابتك فقد دعوناك كما أمرتنا فأجبنا كما وعدتنا اللهم إن كنت أوجبت إجابتك لأهل طاعتك، وكنا قد قارفنا ما خالفنا فيه الذين محضوا طاعتك فامنن علينا بمغفرة ما قارفنا، وإجابتنا في سقيانا، وسعة رزقنا "، ويدعو بما شاء بعد للدنيا والآخرة ويكون أكثر دعائه الاستغفار يبدأ به دعاءه ويفصل به بين كلامه، ويختم به، ويكون أكثر كلامه حتى ينقطع الكلام، ويحض الناس على التوبة، والطاعة، والتقرب إلى الله عز وجل
(قال الشافعي) :
وبلغنا «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دعا في الاستسقاء رفع يديه» أخبرنا إبراهيم بن محمد عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك «أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
كان إذا استسقى قال:
اللهم أمطرنا»
، أخبرنا إبراهيم قال حدثني خالد بن رباح عن المطلب بن حنطب «أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
كان يقول عند المطر:
اللهم سقيا رحمة، ولا سقيا عذاب، ولا بلاء، ولا هدم، ولا غرق اللهم على الظراب، ومنابت الشجر اللهم حوالينا، ولا علينا» ،
(قال) :
وروى سالم بن عبد الله عن أبيه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استسقى قال اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريئا مريعا غدقا مجللا عاما طبقا سحا دائما اللهم اسقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين اللهم إن بالعباد والبلاد، والبهائم، والخلق من اللأواء، والجهد والضنك ما لا نشكو إلا إليك اللهم أنبت لنا الزرع، وأدر لنا الضرع، واسقنا من بركات السماء، وأنبت لنا من بركات الأرض اللهم ارفع عنا الجهد، والجوع، والعري، واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا»
(قال الشافعي) :
وأحب أن يدعو الإمام بهذا، ولا وقت في الدعاء، ولا يجاوزه، أخبرنا إبراهيم عن المطلب بن السائب عن ابن المسيب قال استسقى عمر، وكان أكثر دعائه الاستغفار.
(قال الشافعي)
:
وإن خطب خطبة واحدة لم يجلس فيها، ولم يكن عليه إعادة، وأحب أن يجلس حين يرقى المنبر أو موضعه الذي يخطب فيه ثم يخطب ثم يجلس فيخطب.
[تحويل الإمام الرداء في صلاة الاستسقاء]
تحويل الإمام الرداء
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
ويبدأ فيخطب الخطبة الأولى ثم يجلس ثم يقوم فيخطب بعض الخطبة الآخرة فيستقبل الناس في الخطبتين ثم يحول وجهه إلى القبلة، ويحول رداءه ويحول الناس أرديتهم معه فيدعو سرا في نفسه، ويدعو الناس معه ثم يقبل على الناس بوجهه فيحضهم، ويأمرهم بخير، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ويقرأ آية أو أكثر من القرآن،
ويقول:
أستغفر الله لي ولكم ثم ينزل، وإن استقبل القبلة في الخطبة الأولى لم يكن عليه أن يعود لذلك في الخطبة الثانية، وأحب لمن حضر الاستسقاء استماع الخطبة والإنصات، ولا يجب ذلك وجوبه في الجمعة.كيف تحويل الإمام رداءه في الخطبة.
(قال الشافعي)
: - رحمه الله تعالى -
أخبرنا الدراوردي عن عمارة بن غزية عن عباد بن تميم قال «استسقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه خميصة له سوداء فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها فلما ثقلت عليه قلبها على عاتقه»
(قال الشافعي) :
وبهذا أقول فنأمر الإمام أن ينكس رداءه فيجعل أعلاه أسفله، ويزيد مع تنكيسه فيجعل شقه الذي على منكبه الأيمن على منكبه الأيسر، والذي على منكبه الأيسر على منكبه الأيمن فيكون قد جاء بما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نكسه، وبما فعل من تحويل الأيمن على الأيسر إذا خف له رداؤه فإن ثقل فعل ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تحويل ما على منكبه الأيمن على منكبه الأيسر، وما على منكبه الأيسر على منكبه الأيمن، ويصنع الناس في ذلك ما صنع الإمام فإن تركه منهم تارك أو الإمام أو كلهم كرهت تركه لمن تركه، ولا كفارة، ولا إعادة عليه، ولا يحول رداءه إذا انصرف من مكانه الذي يخطب فيه، وإذا حولوا أرديتهم أقروها محولة كما هي حتى ينزعوها متى نزعوها، وإن اقتصر رجل على تحويل ردائه، ولم ينكسه أجزأه إن شاء الله تعالى لسعة ذلك، وكذلك لو اقتصر على نكسه، ولم يحول إلا نكسا، رجوت أن يجزيه
[كراهية الاستمطار بالأنواء]
(قال الشافعي)
: - رحمه الله تعالى -
أخبرنا عن مالك عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن زيد بن خالد الجهني قال:
«صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم؟
قالوا الله ورسوله أعلم قال:
قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب، وأما من قال مطرنا بنوء كذا، وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب»

(قال الشافعي)
: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " بأبي هو وأمي " هو عربي واسع اللسان يحتمل قوله هذا معاني، وإنما مطر بين ظهراني قوم أكثرهم مشركون لأن هذا في غزوة الحديبية، وأرى معنى قوله، والله أعلم أن من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك إيمان بالله لأنه يعلم أنه لا يمطر ولا يعطي إلا الله عز وجل وأما من قال مطرنا بنوء كذا، وكذا على ما كان بعض أهل الشرك يعنون من إضافة المطر إلى أنه أمطره نوء كذا فذلك كفر كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن النوء وقت، والوقت مخلوق لا يملك لنفسه، ولا لغيره شيئا، ولا يمطر،
ولا يصنع شيئا فأما من قال:
مطرنا بنوء كذا على معنى مطرنا بوقت كذا فإنما ذلك كقوله مطرنا في شهر كذا، ولا يكون هذا كفرا، وغيره من الكلام أحب إلي منه (قال الشافعي) : أحب أن يقول مطرنا في وقت كذا، وقد روي عن عمر أنه قال يوم الجمعة،
وهو على المنبر:
كم بقي من نوء الثريا؟ فقام العباس فقال لم يبق منه شيء إلا العواء فدعا، ودعا الناس حتى نزل عن المنبر فمطر مطرا حيي الناس منه،
وقول عمر هذا يبين ما وصفت لأنه إنما أراد:
كم بقي من وقت الثرياء؟ ليعرفهم بأن الله عز وجل قدر الأمطار في أوقات فيما جربوا كما علموا أنه قدر الحر والبرد بما جربوا في أوقات، وبلغني أن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أصبح، وقد مطر الناس قال مطرنا بنوء الفتح ثم قرأ {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها} [فاطر: 2] ، وبلغني أن عمر بن الخطاب أوجف بشيخ من بني تميم غدا متكئا على عكازه،
وقد مطر الناس فقال:
أجاد ما أقرى المجدح البارحة، فأنكر عمر قوله " أجاد ما أقرى المجدح " لإضافة المطر إلى المجدح.البروز للمطر
(قال الشافعي)
: - رحمه الله تعالى -
بلغنا «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتمطر في أول مطرة حتى يصيب جسده» ،
وروي عن ابن عباس أن السماء أمطرت فقال لغلامه:
أخرج فراشي، ورحلي يصيبه المطر فقال أبو الجوزاء لابن عباس: لم تفعل هذا يرحمك الله؟ فقال أما تقرأ كتاب الله {ونزلنا من السماء ماء مباركا} [ق: 9] فأحب أن تصيب البركة فراشي ورحلي، أخبرنا إبراهيم عن ابن حرملة عن ابن المسيب أنه رآه في المسجد، ومطرت السماء، وهو في السقاية فخرج إلى رحبة المسجد ثم كشف عن ظهره للمطر حتى أصابه ثم رجع إلى مجلسه [ما يقال عند السيل]السيل
(قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -
، أخبرني من لا أتهم عن يزيد بن عبد الله بن الهاد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سال السيل يقول اخرجوا بنا إلى هذا الذي جعله الله طهورا فنتطهر منه، ونحمد الله عليه»
(قال الشافعي) :
أخبرني من لا أتهم عن إسحاق بن عبد الله أن عمر كان إذا سال السيل ذهب بأصحابه إليه، وقال ما كان ليجيء من مجيئه أحد إلا تمسحنا به.
[طلب الإجابة في الدعاء]
(قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -:
أخبرني من لا أتهم قال حدثني عبد العزيز بن عمر من مكحول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «اطلبوا إجابة الدعاء عند التقاء الجيوش، وإقامة الصلاة ونزول الغيث»
(قال الشافعي) :
وقد حفظت عن غير واحد طلب الإجابة عند نزول الغيث، وإقامة الصلاة.
[القول في الإنصات عند رؤية السحاب والريح]
(قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -:
أخبرني من لا أتهم قال حدثني خالد بن رباح عن المطلب بن حنطب «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا برقت السماء أو رعدت عرف ذلك في وجهه فإذا أمطرت سري عنه»
(قال الشافعي) :
أخبرني من لا أتهم قال: قال المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة قالت «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أبصرنا شيئا في السماء يعني السحاب ترك عمله، واستقبل القبلة قال اللهم إني أعوذ بك من شر ما فيه فإن كشفه الله حمد الله تعالى، وإن مطرت قال: اللهم سقيا نافعا»
(قال الشافعي)
:
وأخبرني من لا أتهم قال حدثني أبو حازم عن ابن المسيب «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سمع حس الرعد عرف ذلك في وجهه فإذا أمطرت سري عنه فسئل عن ذلك فقال إني لا أدري بما أرسلت أبعذاب أم برحمة»
(قال الشافعي)
:
أخبرني من لا أتهم قال حدثنا العلاء بن راشد عن عكرمة عن ابن عباس قال «ما هبت ريح إلا جثا النبي - صلى الله عليه وسلم - على ركبتيه، وقال اللهم اجعلها رحمة، ولا تجعلها عذابا اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا» قال قال ابن عباس في كتاب الله عز وجل {إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا} [القمر: 19] ، و {إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم} [الذاريات: 41] وقال {وأرسلنا الرياح لواقح} [الحجر: 22] {يرسل الرياح مبشرات} [الروم: 46] .
(قال الشافعي)
:
أخبرني من لا أتهم قال أخبرنا صفوان بن سليم قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا تسبوا الريح، وعوذوا بالله من شرها»
(قال الشافعي) :
ولا ينبغي لأحد أن يسب الريح فإنها خلق الله عز وجل مطيع وجند من أجناده يجعلها رحمة ونقمة إذا شاء
(قال الشافعي) :
أخبرنا محمد بن عباس قال «شكا رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الفقر فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلك تسب الريح؟» أخبرنا الثقة عن الزهري عن ثابت بن قيس عن أبي هريرة قال أخذت الناس ريح بطريق مكة، وعمر حاج فاشتدت فقال عمر - رضي الله عنه - لمن حوله: " ما بلغكم في الريح؟ " فلم يرجعوا إليه شيئا فبلغني الذي سأل عنه عمر من أمر الريح فاستحثثت راحلتي حتى أدركت عمر،
وكنت في مؤخر الناس فقلت يا أمير المؤمنين: أخبرت أنك سألت عن الريح، وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «الريح من روح الله تأتي بالرحمة، وتأتي بالعذاب فلا تسبوها، واسألوا الله من خيرها وعوذوا بالله من شرها» أخبرنا سفيان بن عيينة قال قلت لابن طاووس: ما كان أبوك يقول إذا سمع الرعد؟
قال كان يقول:
سبحان من سبحت له
(قال الشافعي) :
كأنه يذهب إلى قول الله عز وجل {ويسبح الرعد بحمده} [الرعد: 13] .
[الإشارة إلى المطر]
(قال الشافعي)
: - رحمه الله تعالى -:
أخبرنا من لا أتهم قال حدثنا سليمان بن عبد الله عن عروة بن الزبير قال " إذا رأى أحدكم البرق أو الودق فلا يشير إليه، وليصف، ولينعت "
(قال الشافعي) :
ولم تزل العرب تكره الإشارة إليه في الرعد،
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة أن مجاهدا كان يقول:
الرعد ملك، والبرق أجنحة الملك يسقن السحاب
(قال الشافعي) :
ما أشبه ما قال مجاهد بظاهر القرآن، أخبرنا الثقة عن مجاهد أنه قال ما سمعت بأحد ذهب البرق ببصره كأنه ذهب إلى قول الله عز وجل {يكاد البرق يخطف أبصارهم} [البقرة: 20]
(قال)
:
وبلغني عن مجاهد أنه قال، وقد سمعت من تصيبه الصواعق كأنه ذهب إلى قول الله عز وجل {ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء} [الرعد: 13] ،
وسمعت من يقول:
الصواعق ربما قتلت وأحرقت.كثرة المطر وقلته
(قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -:
أخبرنا إبراهيم عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «ما من ساعة من ليل، ولا نهار إلا والسماء تمطر فيها يصرفه الله حيث يشاء»
(قال الشافعي)
أخبرنا من لا أتهم عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه «أن الناس مطروا ذات ليلة فلما أصبح النبي - صلى الله عليه وسلم - غدا عليهم فقال ما على الأرض بقعة إلا، وقد مطرت هذه الليلة»
(قال الشافعي) :
أخبرنا من لا أتهم عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس السنة بأن لا تمطروا، ولكن السنة أن تمطروا ثم تمطروا، ولا تنبت الأرض شيئا» .أي الأرض أمطر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من لا أتهم قال أخبرني إسحاق بن عبد الله عن الأسود عن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «المدينة بين عيني السماء عين بالشام، وعين باليمن، وهي أقل الأرض مطرا»
(قال الشافعي) :
أخبرني من لا أتهم قال أخبرني يزيد أو نوفل بن عبد الملك الهاشمي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اسكت أقل الأرض مطرا،
وهي بين عيني السماء يعني المدينة:
عين بالشام، وعين باليمن»
أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرني من لا أتهم.
قال أخبرني سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: يوشك أن تمطر المدينة مطرا لا يكن أهلها البيوت، ولا يكنهم إلا مظال الشعر.
(قال الشافعي)
:
أخبرني من لا أتهم عن صفوان بن سليم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «يصيب المدينة مطر لا يكن أهلها بيت من مدر»
(قال الشافعي)
:
أخبرنا من لا أتهم قال أخبرني محمد بن زيد بن مهاجر عن صالح بن عبد الله بن الزبير أن كعبا قال له،
وهو يعمل وتدا بمكة:
اشدد، وأوثق فإنا نجد في الكتب أن السيول ستعظم في آخر الزمان،
أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن سعيد بن المسيب عن أبيه عن جده قال: جاء مكة مرة سيل طبق ما بين الجبلين.
(قال الشافعي)

وأخبرني من لا أتهم قال أخبرني موسى بن جبير عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه قال: يوشك المدينة أن يصيبها مطر أربعين ليلة لا يكن أهلها بيت من مدر.أي الريح يكون بها المطر. أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من لا أتهم قال أخبرني عبد الله بن عبيدة عن محمد بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «نصرت بالصبا، وكانت عذابا على من كان قبلي»
(قال الشافعي)
وبلغني أن قتادة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ما هبت جنوب قط إلا أسالت واديا»
(قال الشافعي) :
يعني أن الله خلقها تهب نشرا بين يدي رحمته من المطر،
أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا سليمان عن المنهال بن عمرو عن قيس بن السكن عن عبد الله بن مسعود قال:

إن الله تبارك وتعالى يرسل الرياح فتحمل الماء من السماء ثم تمر في السحاب حتى تدر كما تدر اللقحة ثم تمطر. أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي.
قال أخبرنا من لا أتهم قال:
حدثني إسحاق بن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال:
«إذا أنشئت بحرية ثم استحالت شامية فهو أمطر لها»


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #44  
قديم 28-08-2021, 05:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الأول -كتاب الصلاة
الحلقة (44)
صــــــــــ 291 الى صـــــــــــ300

[الحكم في تارك الصلاة]

أخبرنا الربيع قال قال الشافعي - رحمه الله تعالى -: من ترك الصلاة المكتوبة ممن دخل في الإسلام قيل له لم لا تصلي؟ فإن ذكر نسيانا قلنا فصل إذا ذكرت، وإن ذكر مرضا قلنا فصل كيف أطقت قائما أو قاعدا أو مضطجعا أو موميا فإن قال أنا أطيق الصلاة، وأحسنها، ولكن لا أصلي وإن كانت علي فرضا قيل له الصلاة عليك شيء لا يعمله عنك غيرك، ولا تكون إلا بعملك فإن صليت، وإلا استتبناك فإن تبت، وإلا قتلناك فإن الصلاة أعظم من الزكاة، والحجة فيها ما وصفت من أن أبا بكر - رضي الله عنه - قال " لو منعوني عقالا مما أعطوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم عليه لا تفرقوا بين ما جمع الله.
(قال الشافعي)
:
يذهب فيما أرى، والله تعالى أعلم إلى قول الله تبارك وتعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} [البقرة: 43] : وأخبر أبو بكر أنه إنما يقاتلهم على الصلاة والزكاة، وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاتلوا من منع الزكاة إذ كانت فريضة من فرائض الله جل ثناؤه، ونصب دونها أهلها فلم يقدر على أخذها منهم طائعين، ولم يكونوا مقهورين عليها فتؤخذ منهم كما تقام عليهم الحدود كارهين وتؤخذ أموالهم لمن وجبت له بزكاة أو دين كارهين أو غير كارهين فاستحلوا قتالهم والقتال سبب القتل فلما كانت الصلاة، وإن كان تاركها في أيدينا غير ممتنع منا فإنا لا نقدر على أخذ الصلاة منه لأنها ليست بشيء يؤخذ من يديه مثل اللقطة، والخراج، والمال.قلنا إن صليت، وإلا قتلناك كما يفكر فنقول إن قبلت الإيمان، وإلا قتلناك إذ كان الإيمان لا يكون إلا بقولك، وكانت الصلاة، والإيمان مخالفين معا ما في يديك، وما نأخذ من مالك لأنا نقدر على أخذ الحق منك في ذلك، وإن كرهت فإن شهد عليه شهود أنه ترك الصلاة سئل عما قالوا فإن قال كذبوا، وقد يمكنه أن يصلي حيث لا يعلمون صدق، وإن قال نسيت صدق وكذلك لو شهدوا أنه صلى جالسا،
وهو صحيح فإن قال: أنا مريض أو تطوعت صدق
(قال الشافعي) :
وقد قيل يستتاب تارك الصلاة ثلاثا، وذلك إن شاء الله تعالى حسن فإن صلى في الثلاث، وإلا قتل، وقد خالفنا بعض الناس فيمن ترك الصلاة إذا أمر بها،
وقال:
لا أصليها فقال: لا يقتل،
وقال بعضهم:
أضربه وأحبسه، وقال بعضهم أحبسه، ولا أضربه، وقال بعضهم لا أضربه، ولا أحبسه، وهو أمين على صلاته
(قال الشافعي) :
فقلت لمن يقول لا أقتله: أرأيت الرجل تحكم عليه بحكم برأيك وهو من أهل الفقه فيقول قد أخطأت الحكم، ووالله لا أسلم ما حكمت به لمن حكمت له قال فإن قدرت على أخذه منه أخذته منه، ولم ألتفت إلى قوله، وإن لم أقدر،
ونصب دونه قاتلته حتى آخذه أو أقتله فقلت له:
وحجتك أن أبا بكر قاتل من منع الزكاة، وقتل منهم،
قال:
نعم،
قلت: فإن قال لك: الزكاة فرض من الله لا يسع جهله، وحكمك رأي منك يجوز لغيرك عندك، وعند غيرك أن يحكم بخلافه فكيف تقتلني على ما لست على ثقة من أنك أصبت فيه كما تقتل من منع فرض الله عز وجل في الزكاة الذي لا شك فيه؟
قال:
لأنه حق عندي وعلي جبرك عليه.
(قلت) :
قال لك، ومن قال لك إن عليك جبري عليه؟ قال: إنما وضع الحكام ليجبروا على ما رأوا
(قلت)
:
فإن قال لك: علي ما حكموا به من حكم الله أو السنة أو ما لا اختلاف فيه؟
قال:
قد يحكمون بما فيه الاختلاف
(قلت) :
فإن قال: فهل سمعت بأحد منهم قاتل على رد رأيه فتقتدي به؟ فقال: وأنا لم أجد هذا فإني إذا كان لي الحكم فامتنع منه قاتلته عليه
(قلت) :
ومن قال لك هذا؟
(وقلت) :
أرأيت لو قال لك قائل: من ارتد عن الإسلام إذا عرضته عليه فقال قد عرفته
، ولا أقول به أحبسه وأضربه حتى يقول به قال: ليس ذلك له لأنه قد بدل دينه،
ولا يقبل منه إلا أن يقول به قلت:
أفتعدو الصلاة إذ كانت من دينه،
وكانت لا تكون إلا به كما لا يكون القول بالإيمان إلا به أن يقتل على تركها أو يكون أمينا فيها كما قال بعض أصحابك: فلا نحبسه، ولا نضربه؟ قال لا يكون أمينا عليها إذا ظهر لي أنه لا يصليها، وهي حق عليه قلت أفتقتله برأيك في الامتناع من حكمك برأيك، وتدع قتله في الامتناع من الصلاة التي هي أبين ما افترض الله عز وجل عليه بعد توحيد الله وشهادة أن محمدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والإيمان بما جاء به من الله تبارك وتعالى
[الحكم في الساحر والساحرة]
أخبرنا الربيع قال قال الشافعي - رحمه الله تعالى - قال الله تبارك وتعالى {واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق} [البقرة: 102] .
(قال الشافعي) :
أخبرنا سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال يا عائشة أما علمت أن الله أفتاني في أمر استفتيته فيه، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكث كذا وكذا يخيل إليه أنه يأتي النساء،
ولا يأتيهن أتاني رجلان فجلس أحدهما عند رجلي والآخر عند رأسي فقال الذي عند رجلي للذي عند رأسي:
ما بال الرجل؟
قال:
مطبوب، قال ومن طبه، قال لبيد بن أعصم،
قال:
وفيم؟
قال:
في جف طلعة ذكر في مشط ومشاقة تحت رعونة أو رعوفة في بئر ذروان قال فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال هذه التي أريتها كأن رءوس نخلها رءوس الشياطين، وكأن ماءها نقاعة الحناء قال فأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فأخرج قالت عائشة:
فقلت يا رسول الله فهلا قال سفيان تعني تنشرت قالت فقال أما الله عز وجل فقد شفاني، وأكره أن أثير على الناس منه شرا»
قال ولبيد بن أعصم من بني زريق حليف اليهود
(قال الشافعي)
:
أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار أنه سمع بجالة يقول كتب عمر " أن اقتلوا كل ساحر وساحرة " فقتلنا ثلاث سواحر.
(قال الشافعي)
:
وأخبرنا أن حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قتلت جارية لها سحرتها.
(قال الشافعي)
:
والسحر اسم جامع لمعان مختلفة فيقال للساحر صف السحر الذي تسحر به فإن كان ما يسحر به كلام كفر صريح استتيب منه فإن تاب، وإلا قتل، وأخذ ماله فيئا، وإن كان ما يسحر به كلاما لا يكون كفرا وكان غير معروف، ولم يضر به أحدا نهي عنه فإن عاد عزر، وإن كان يعلم أنه يضر به أحدا من غير قتل فعمد أن يعمله عزر، وإن كان يعمل عملا إذا عمله قتل المعمول به وقال عمدت قتله قتل به قودا إلا أن يشاء أولياؤه أن يأخذوا ديته حالة في ماله،
وإن قال:
إنما أعمل بهذا لأقتل فيخطئ القتل ويصيب، وقد مات مما عملت به ففيه الدية، ولا قود، وإن قال قد سحرته سحرا مرض منه، ولم يمت منه أقسم أولياؤه لمات من ذلك العمل، وكانت لهم الدية، ولا قود لهم مال الساحر، ولا يغنم إلا في أن يكون السحر كفرا مصرحا، وأمر عمر أن يقتل السحار عندنا، والله تعالى أعلم إن كان السحر كما وصفنا شركا، وكذلك أمر حفصة، وأما بيع عائشة الجارية، ولم تأمر بقتلها فيشبه أن تكون لم تعرف ما السحر فباعتها لأن لها بيعها عندنا وإن لم تسحرها، ولو أقرت عند عائشة أن السحر شرك ما تركت قتلها إن لم تتب أو دفعتها إلى الإمام ليقتلها إن شاء الله تعالى، وحديث عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على أحد هذه المعاني عندنا، والله تعالى أعلم.
(قال الشافعي) :
حقن الله الدماء، ومنع الأموال إلا بحقها بالإيمان بالله، وبرسوله أو عهد من المؤمنين بالله ورسوله لأهل الكتاب، وأباح دماء البالغين من الرجال بالامتناع من الإيمان إذا لم يكن لهم عهد قال الله تبارك وتعالى {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد} [التوبة: 5] إلى {غفور رحيم} [التوبة: 5]
(قال الشافعي) :
أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال:
«لا أزال أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله»
(قال الشافعي) :
والذي أراد الله عز وجل أن يقتلوا حتى يتوبوا، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، أهل الأوثان من العرب، وغيرهم الذين لا كتاب لهم،
فإن قال قائل:
ما دل على ذلك؟ قيل له قال الله عز وجل {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} [التوبة: 29]
(قال الشافعي) :
فمن لم يزل على الشرك مقيما لم يحول عنه إلى الإسلام فالقتل على الرجال دون النساء منهم.
[المرتد عن الإسلام]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
ومن انتقل عن الشرك إلى إيمان ثم انتقل عن الإيمان إلى الشرك من بالغي الرجال والنساء استتيب فإن تاب قبل منه، وإن لم يتب قتل قال الله عز وجل {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا} [البقرة: 217] إلى {هم فيها خالدون} [البقرة: 39]
(قال الشافعي)
:
أخبرنا الثقة من أصحابنا عن حماد عن يحيى بن سعيد عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عثمان بن عفان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، كفر بعد إيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس»
(قال الشافعي)
:
أخبرنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن أبي تميمة عن عكرمة قال: لما بلغ ابن عباس أن عليا - رضي الله تعالى عنه -
حرق المرتدين أو الزنادقة قال:
لو كنت أنا لم أحرقهم، ولقتلتهم لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من بدل دينه فاقتلوه» ولم أحرقهم لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا ينبغي لأحد أن يعذب بعذاب الله»
(قال الشافعي) :
أخبرنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال «من غير دينه فاضربوا عنقه»
(قال الشافعي) : حديث يحيى بن سعيد ثابت، ولم أر أهل الحديث يثبتون الحديثين بعد حديث زيد لأنه منقطع، ولا الحديث قبله
(قال) :
ومعنى حديث عثمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «كفر بعد إيمان» ، ومعنى، " من بدل قتل " معنى يدل على أن من بدل دينه دين الحق، وهو الإسلام لا من بدل غير الإسلام وذلك أن من خرج من غير دين الإسلام إلى غيره من الأديان فإنما خرج من باطل إلى باطل، ولا يقتل على الخروج من الباطل إنما يقتل على الخروج من الحق لأنه لم يكن على الدين الذي أوجب الله عز وجل عليه الجنة وعلى خلافه النار إنما كان على دين له النار إن أقام عليه قال الله جل ثناؤه {إن الدين عند الله الإسلام} [آل عمران: 19] ، وقال الله عز وجل {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه} [آل عمران: 85] إلى قوله {من الخاسرين} [البقرة: 64] وقال {ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب} [البقرة: 132] إلى قوله {مسلمون} [البقرة: 132]
(قال الشافعي) :
وإذا قتل المرتد أو المرتدة فأموالهما فيء لا يرثها مسلم ولا ذمي، وسواء ما كسبا من أموالهما في الردة أو ملكا قبلها، ولا يسبى للمرتدين ذرية امتنع المرتدون في دارهم أو لم يمتنعوا أو لحقوا في الردة بدار الحرب أو أقاموا بدار الإسلام لأن حرمة الإسلام قد ثبتت للذرية بحكم الإسلام في الدين والحرية، ولا ذنب لهم في تبديل آبائهم، ويوارثون، ويصلى عليهم، ومن بلغ منهم الحنث أمر بالإسلام فإن أسلم، وإلا قتل، ولو ارتد المعاهدون فامتنعوا أو هربوا إلى دار الكفار، وعندنا ذراري لهم ولدوا من أهل عهد لم نسبهم، وقلنا لهم إذا بلغوا ذلك - إن شئتم فلكم العهد، وإلا نبذنا إليكم فاخرجوا من بلاد الإسلام فأنتم حرب -، ومن ولد من المرتدين من المسلمين، والذميين في الردة لم يسب لأن آباءهم لا يسبون، ولا يؤخذ من ماله شيء ما كان حيا فإن مات على الردة أو قتل جعلنا ماله فيئا، وإن رجع إلى الإسلام فماله له، وإذا ارتد رجل عن الإسلام أو امرأة استتيب أيهما ارتد، فظاهر الخبر فيه أن يستتاب مكانه فإن تاب، وإلا قتل، وقد يحتمل الخبر أن يستتاب مدة من المدد،
أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد القاري عن أبيه أنه قال: قدم على عمر بن الخطاب رجل من قبل أبي موسى الأشعري فسأله عن الناس فأخبره ثم قال: هل كان فيكم من مغربة خبر؟
فقال:
نعم رجل كفر بعد إسلامه قال: فما فعلتم به؟
قال:
قربناه فضربنا عنقه،
فقال عمر:
" فهلا حبستموه ثلاثا وأطعمتموه كل يوم رغيفا، واستتبتموه لعله يتوب، ويراجع أمر الله اللهم إني لم أحضر، ولم آمر، ولم أرض إذ بلغني "
(قال الشافعي) :
وفي حبسه ثلاثا قولان: أحدهما أن يقال ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
أنه قال:
«يحل الدم بثلاث كفر بعد إيمان» ، وهذا قد كفر بعد إيمانه، وبدل دينه دين الحق، ولم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -
فيه بأناة مؤقتة تتبع فإن قال قائل إن الله جل ثناؤه أجل بعض من قضى بعذابه أن يتمتع في داره ثلاثة أيام فإن نزول نقمة الله بمن عصماه مخالف لما يجب على الأئمة أن يقوموا به من حق الله فإن قال قائل:
ما دل على ذلك؟ قيل: دل عليه ما قضى الله تبارك وتعالى من إمهاله لمن كفر به، وعصاه، وقيل: أسلناه مددا طالت، وقصرت، ومن أخذه بعضهم بعذاب معجل، وإمهاله بعضهم إلى عذاب الآخرة الذي هو أخزى فأمضى قضاءه على ما أراد لا معقب لحكمه، وهو سريع الحساب، ولم يجعل هذا لأحد من خلقه فما وجب من حقوقه فالمتأنى به ثلاثا ليتوب بعد ثلاث كهيئته قبلها إما لا ينقطع منه الطمع ما عاش لأنه يئس من توبته ثم يتوب، وإما أن يكون إغرامه يقطع الطمع منه فذلك يكون في مجلس، وهذا قول يصح والله تعالى أعلم،
ومن قال:
لا يتأنى به من زعم أن الحديث الذي روي عن عمر لو حبستموه ثلاثا، ليس بثابت لأنه لا يعلمه متصلا، وإن كان ثابتا كأن لم يجعل على من قتله قبل ثلاث شيئا، والقول الثاني أنه يحبس ثلاثا، ومن قال به احتج بأن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أمر به،
وأنه قد يجب الحد فيتأنى به الإمام بعض الأناة فلا يعاب عليه قال الربيع قال الشافعي في موضع آخر: لا يقتل حتى يجوز كل وقت صلاة فيقال له: قم فصل فإن لم يصل قتل
(قال الشافعي) :
اختلف أصحابنا في المرتد فقال منهم قائل: من ولد على الفطرة ثم ارتد إلى دين يظهره أو لا يظهره لم يستتب وقتل، وقال بعضهم سواء من ولد على الفطرة، ومن أسلم لم يولد عليها فأيهما ارتد فكانت ردته إلى يهودية أو نصرانية أو دين يظهره استتيب فإن تاب قبل منه، وإن لم يتب قتل، وإن كانت ردته إلى دين لا يظهره مثل الزندقة وما أشبهها قتل، ولم ينظر إلى توبته، وقال بعضهم سواء من ولد على الفطرة، ومن لم يولد عليها إذا فأيهما ارتد استتيب، فإن تاب قبل منه، وإن لم يتب قتل
(قال الشافعي) :
وبهذا أقول فإن قال قائل: لم اخترته؟
قيل له: لأن الذي أبحت به دم المرتد ما أباح الله به دماء المشركين ثم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «كفر بعد إيمان» فلا يعدو قوله أن يكون كلمة الكفر توجب دمه كما يوجبه الزنا بعد الإحصان فقتل بما أوجب دمه من كلمة الكفر إلى أي كفر رجع، ومولودا على الفطرة كان أو غير مولود، أو يكون إنما يوجب دمه كفر ثبت عنه إذا سئل النقلة عنه امتنع، وهذا أولى المعنيين به عندنا لأنه روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قتل مرتدا رجع عن الإسلام وأبو بكر قتل المرتدين وعمر قتل طليحة، وعيينة بن بدر، وغيرهما
(قال الشافعي)
:
والقولان اللذان تركت ليسا بواحد من هذين القولين اللذين لا وجه لما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غيرهما، وإنما كلف العباد الحكم على الظاهر من القول والفعل، وتولى الله الثواب على السرائر دون خلقه، وقد قال الله عز وجل لنبيه - صلى الله عليه وسلم - {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون - اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله} [المنافقون: 1 - 2] إلى قوله {فطبع على قلوبهم} [المنافقون: 3]
(قال) :
وقد قيل في قول الله عز وجل {والله يشهد إن المنافقين لكاذبون} [المنافقون: 1] ما هم بمخلصين، وفي قول الله آمنوا ثم كفروا ثم أظهروا الرجوع عنه قال الله تبارك اسمه {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم} [التوبة: 74] فحقن بما أظهروا من الحلف ما قالوا كلمة الكفر دماءهم بما أظهروا
(قال)
:
وقول الله جل ثناؤه {اتخذوا أيمانهم جنة} [المنافقون: 2] يدل على أن إظهار الإيمان جنة من القتل، والله ولي السرائر
(قال الشافعي) :
أخبرنا يحيى بن حسان عن الليث بن سعد عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيد الله بن عدي بن الخيار عن «المقداد أنه أخبره أنه قال: يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال: أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تقتله قلت يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال» قال الربيع معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " إن شاء الله تعالى «فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال» ، يعني أنه بمنزلتك حرام الدم، وأنت إن قتلته بمنزلته كنت مباح الدم قبل أن يقول الذي قال "
يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #45  
قديم 28-08-2021, 05:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الأول -كتاب الصلاة
الحلقة (45)
صــــــــــ 291 الى صـــــــــــ300

(قال الشافعي) :
وفي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنافقين دلالة على أمور منها، لا يقتل من أظهر التوبة من كفر بعد إيمان، ومنها أنه حقن دماءهم وقد رجعوا إلى غير يهودية، ولا نصرانية، ولا مجوسية، ولا دين يظهرونه إنما أظهروا الإسلام، وأسروا الكفر فأقرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الظاهر على أحكام المسلمين فناكحوا المسلمين ووارثوهم وأسهم لمن شهد الحرب منهم، وتركوا في مساجد المسلمين
(قال الشافعي) :
ولا رجع عن الإيمان أبدا أشد ولا أبين كفرا ممن أخبر الله عز وجل عن كفره بعد إيمانه فإن قال قائل أخبر الله عز وجل عن أسرارهم، ولعله لم يعلمه الآدميون فمنهم من شهد عليه بالكفر بعد الإيمان، ومنهم من أقر بعد الشهادة، ومنهم من أقر بغير شهادة، ومنهم من أنكر بعد الشهادة، وأخبر الله عز وجل عنهم بقول ظاهر فقال عز وجل {وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا} [الأحزاب: 12] فكلهم إذا قال ما قال، وثبت على قوله أو جحد أو أقر،
وأظهر الإسلام ترك بإظهار الإسلام فلم يقتل فإن قال قائل:
فإن الله عز وجل قال {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا} [التوبة: 84] إلى قوله {فاسقون} [التوبة: 84] فإن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مخالفة صلاة المسلمين سواه لأنا نرجو أن لا يصلي على أحد إلا صلى الله عليه ورحمه، وقد قضى الله {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا} [النساء: 145] ، وقال جل ثناؤه {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} [التوبة: 80] فإن قال قائل: ما دل على الفرق بين صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ نهي عنهم، وصلاة المسلمين غيره، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهى عن الصلاة عليهم بنهي الله له ولم ينه الله عز وجل ورسوله - صلى الله عليه وسلم - عنها، ولا عن مواريثهم فإن قال قائل فإن ترك قتلهم جعل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة فذلك يدخل عليه فيما سواه من الأحكام فيقال فيمن ترك - عليه السلام - قتله أو قتله جعل هذا له خاصة وليس هذا لأحد إلا بأن تأتي دلالة على أن أمرا جعل خاصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلا فما صنع عام، على الناس الاقتداء به في مثله إلا ما بين هو أنه خاص أو كانت عليه دلالة بخبر
(قال الشافعي)
:
وقد عاشروا أبا بكر وعمر وعثمان أئمة الهدى، وهم يعرفون بعضهم فلم يقتلوا منهم أحدا، ولم يمنعوه حكم الإسلام في الظاهر إذ كانوا يظهرون الإسلام، وكان عمر يمر بحذيفة بن اليمان إذا مات ميت فإن أشار عليه أن اجلس جلس، واستدل على أنه منافق ولم يمنع من الصلاة عليه مسلما، وإنما يجلس عمر عن الصلاة عليه لأن الجلوس عن الصلاة عليه مباح له في غير المنافق إذا كان لهم من يصلي عليهم سواه، وقد يرتد الرجل إلى النصرانية ثم يظهر التوبة منها وقد يمكن فيه أن يكون مقيما عليه لأنه قد يجوز له ذلك عنده بغير مجامعة النصارى ولا غشيان الكنائس، فليس في ردته إلى دين لا يظهره إذا أظهر التوبة شيء يمكن بأن يقول قائل لا أجد دلالة على توبته بغير قوله إلا، وهو يدخل في النصرانية، وكل دين يظهره ويمكن فيه قبل أن يظهر ردته أن يكون مشتملا على الردة فإن قال قائل لم أكلف هذا إنما كلفت ما ظهر، والله ولي ما غاب فأقبل القول بالإيمان إذا قاله ظاهرا وأنسبه إليه، وأعمل به إذا عمل فهذا واحد في كل أحد سواء لا يختلف، ولا يجوز أن يفرق بينه إلا بحجة إلا أن يفرق الله ورسوله بينه، ولم نعلم لله حكما، ولا لرسوله - صلى الله عليه وسلم - يفرق بينه، وأحكام الله ورسوله تدل على أن ليس لأحد أن يحكم على أحد إلا بظاهر، والظاهر ما أقر به أو ما قامت به بينة تثبت عليه، فالحجة فيما وصفنا من المنافقين وفي «الرجل الذي استفتى فيه المقداد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد قطع يده على الشرك، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - فهلا كشفت عن قلبه؟» يعني أنه لم يكن لك إلا ظاهره، وفي «قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في المتلاعنين إن جاءت به أحمر كأنه وحرة فلا أراه إلا قد كذب عليها، وإن جاءت به أديعج جعدا فلا أراه إلا قد صدق فجاءت به على النعت المكروه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن أمره لبين لولا ما حكم الله» وفي قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وأقضي له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذ به فإني إنما أقطع له قطعة من النار»
(قال الشافعي) :
ففي كل هذا دلالة بينة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا لم يقض إلا بالظاهر فالحكام بعده أولى أن لا يقضوا إلا على الظاهر، ولا يعلم السرائر إلا الله عز وجل والظنون محرم على الناس، ومن حكم بالظن لم يكن ذلك له والله تعالى أعلم
(قال الشافعي) :
وإذا ارتد الرجل أو المرأة عن الإسلام فهرب، ولحق بدار الحرب أو غيرها، وله نساء وأمهات أولاد، ومكاتبون ومدبرون، ومماليك، وأموال ماشية، وأرضون وديون له عليه أمر القاضي نساءه أن يعتددن، وأنفق عليهن من ماله، وإن جاء تائبا، وهن في عدتهن فهو على النكاح، وإن لم يأت تائبا حتى تمضي عدتهن فقد انفسخن منه، وينكحن من شئن، ووقف أمهات الأولاد فمتى جاء تائبا فهن في ملكه، وينفق عليهن من ماله فإن مات أو قتل عتقن، وكان مكاتبوه على كتابتهم تؤخذ نجومهم فإن عجزوا رجعوا رقيقا، ونظر فيمن بقي من رقيقه فإن كان حبسهم أزيد في ماله حبسهم أو من كان منهم يزيد في ماله بخراج أو بصناعة أو كفاية لضيعة، وإن كان حبسهم ينقص من ماله أو حبس بعضهم باع من كان حبسه منهم ناقصا لماله وهكذا يصنع في ماشيته، وأرضه، ودوره، ورقيقه ويقتضي دينه، ويقضي عنه ما حل من دين عليه فإن رجع تائبا سلم إليه ما وقف من ماله وإن مات أو قتل على ردته كان ما بقي من ماله فيئا.
(قال الشافعي)
:
وإن جنى في ردته جناية لها أرش أخذ من ماله، وإن جني عليه فالجناية هدر لأن دمه مباح فما دون دمه أولى أن يباح من دمه.
(قال)
:
وإن أعتق في ردته أحدا من رقيقه فالعتق موقوف ويستغل العبد، ويوقف عليه فإن مات فهو رقيق، وغلته مع عنقه فيء، وإن رجع تائبا فهو حر، وله ما غل بعد العتق
(قال)
:
وإن أقر في ردته بشيء من ماله فهو كما وصفت في العتق، وكذلك لو تصدق
(قال) :
وإن، وهب فلا تجوز الهبة لأنها لا تجوز إلا مقبوضة
(قال الشافعي) :
فإن قال قائل: ما الفرق بينه وبين المحجور عليه في ماله يعتق فيبطل عتقه ويتصدق فتبطل صدقته، ولا يلزمه ذلك إذا خرج من الولاية؟ الفرق بينهما أن الله تبارك وتعالى يقول {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم} [النساء: 6] فكان قضاء الله عز وجل أن تحبس عنهم أموالهم حتى يبلغوا ويؤنس منهم رشد فكانت في ذلك دلالة على أن لا أمر لهم، وأنها محبوسة برحمة الله لصلاحهم في حياتهم، ولم يسلطوا على إتلافها فيما لا يلزمهم ولا يصلح معايشهم فبطل ما أتلفوا في هذا الوجه لأنه لا يلزمهم عتق ولا صدقة، ولم يحبس مال المرتد بنظر ماله ولا بأنه له وإن كان مشركا، ولو كان يجوز أن يترك على شركه لجاز أمره في ماله، لأنا لا نلي على المشركين أموالهم فأجزنا عليه ما صنع فيه إن رجع إلى الإسلام، وإن لم يرجع حتى يموت أو يقتل كان لنا بموته قبل أن يرجع ما في أيدينا من ماله فيئا، فإن قيل أو ليس ماله على حاله؟
قيل: بل ماله على شرط.
[الخلاف في المرتد]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
:
قال بعض الناس إذا ارتدت المرأة عن الإسلام حبست ولم تقتل،
فقلت لمن يقول هذا القول:
أخبرا قلته أم قياسا؟
قال: بل خبرا عن ابن عباس، وكان من أحسن أهل العلم من أهل ناحيته قولا فيه قلت الذي قال هذا خطاء ومنهم من أبطله بأكثر
(قال الشافعي) :
وقلت: له قد حدث بعض محدثيكم عن أبي بكر الصديق أنه قتل نسوة ارتددن عن الإسلام فما كان لنا أن نحتج به إذ كان ضعيفا عند أهل العلم بالحديث
(قال)
:
فإني أقوله قياسا على السنة
(قلت)
:
فاذكره قال «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء والولدان من أهل دار الحرب» فإذا كان النساء لا يقتلن في دار الحرب كان النساء اللاتي ثبت لهن حرمة الإسلام أولى أن لا يقتلن
(قال الشافعي)
:
فقلت له أويشبه حكم دار الحرب الحكم في دار الإسلام
(قال) :
وما الفرق بينه؟ قلت أنت تفرق بينه
(قال) :
وأين؟ قلت: أرأيت الكبير الفاني،
والراهب الأجير أيقتل من هؤلاء أحد في دار الحرب قال:
لا
(قلت) :
فإن ارتد رجل فترهب أو ارتد أجيرا نقتله قال: نعم
(قلت) :
ولم؟ ، وهؤلاء قد ثبت لهم حرمة الإسلام، وصاروا كفارا فلم لا تحقن دماءهم؟ (قال) : لأن قتل هؤلاء كالحد ليس لي تعطيله
(قلت)
:
أرأيت ما حكمت به حكم الحد أنسقطه عن المرأة؟ أرأيت القتل والقطع، والرجم، والجلد أتجد بين المرأة والرجل من المسلمين فيه فرقا؟ قال: لا
(قلت)
فكيف لم تقتلها بالحد في الردة
(قال الشافعي) :
وقلت له أرأيت المرأة من دار الحرب أتغنم مالها، وتسبيها، وتسترقها قال نعم
(قلت) :
فتصنع هذا بالمرتدة في دار الإسلام؟ قال: لا، قال فقلت له: فكيف جاز لك أن تقيس بالشيء ما لا يشبهه في الوجهين
(قال الشافعي)
:
وقال بعض الناس، وإذا ارتد الرجل عن الإسلام فقتل أو مات على ردته أو لحق بدار الحرب قسمنا ميراثه بين ورثته من المسلمين، وقضينا كل دين عليه إلى أجل وأعتقنا أمهات أولاده، ومدبريه فإن رجع إلى الإسلام لم نرد من الحكم شيئا إلا أن نجد من ماله شيئا في يدي أحد من ورثته فيردون عليه لأنه ماله، ومن أتلف من ورثته شيئا مما قضينا له به ميراثا لم يضمنه
(قال الشافعي) :
فقلت لأعلى من قال هذا القول عندهم: أصول العلم عندك أربعة أصول أوجبها وأولاها أن يؤخذ به فلا يترك كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - فلا أعلمك إلا قد جردت خلافهما، ثم القياس، والمعقول عندك الذي يؤخذ به بعد هذين الإجماع فقد خالفت القياس والمعقول، وقلت في هذا قولا متناقضا
(قال)
:
فأوجدني ما وصفت قلت له قال الله: تبارك وتعالى {إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد} [النساء: 176] مع ما ذكر من آي المواريث ألا ترى أن الله عز وجل إنما ملك الأحياء بالمواريث ما كان الموتى يملكون إذا كانوا أحياء؟ قال: بلى (قلت) :
والأحياء خلاف الموتى؟ قال: نعم
(قلت) :
أفرأيت المرتد ببعض ثغورنا يلحق بمسلحة لأهل الحرب يراها فيكون قائما بقتالنا أو مترهبا أو معتزلا لا تعرف حياته فكيف حكمت عليه حكم الموتى وهو حي؟ بخبر قلته أم قياسا
(قال)
:
ما قلته خبرا
(قلت)
:
وكيف عبت أن حكم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان في امرأة المفقود تربص أربع سنين ثم تعتد،
ولم يحكما في ماله فقلت:

سبحان الله يجوز أن يحكم عليه بشيء من حكم الموتى، وإن كان الأغلب أنه ميت لأنه قد يكون غير ميت، ولا يحكم عليه إلا بيقين، وحكمت أنت عليه في ساعة من نهار حكم الموتى في كل شيء برأيك ثم قلت فيه قولا متناقضا
(قال)
:
فقال ألا تراني لو أخذته فقتلته
(قلت)
:
وقد تأخذه فلا تقتله بأخذه مبرسما أو أخرس فلا تقتله حتى يفيق فتستتيبه قال نعم
(قال)
:
وقلت له أرأيت لو كنت إذا أخذته قتلته أكان ذلك يوجب عليه حكم الموتى، وأنت لم تأخذه ولم تقتله، وقد تأخذه، ولا تقتله بأن يتوب بعدما تأخذه، وقبل تغير حاله بالخرس؟
(قال)
:
فإني أقول إذا ارتد، ولحق بدار الحرب فحكمه حكم ميت
(قال)
:
فقلت له أفيجوز أن يقال ميت يحيا بغير خبر؟ فإن جاز هذا لك جاز لغيرك مثله ثم كان لأهل الجهل أن يتكلموا في الحلال والحرام
(قال) :
وما ذلك لهم
(قلت) :
ولم؟
(قال) :
لأن على أهل العلم أن يقولوا من كتاب أو سنة أو أمر مجمع عليه أو أثر أو قياس أو معقول، ولا يقولون بما يعرف الناس غيره إلا أن يفرق بين ذلك كتاب أو سنة أو إجماع أو أثر، ولا يجوز في القياس أن يخالف
(قلت) :
هذا سنة؟
قال:
نعم
(قلت) :
فقد قلت بخلاف الكتاب، والقياس، والمعقول
(قال)
:
فأين خالفت القياس؟
(قلت) :
أرأيت حين زعمت أن عليك إذا ارتد، ولحق بدار الحرب أن تحكم عليه حكم الموتى، وأنك لا ترد الحكم إذا جاء لأنك إذا حكمت به لزمك إن جاءت سنة فتركته لم تحكم عليه في ماله عشر سنين حتى جاء تائبا ثم طلب منك من كنت تحكم في ماله حكم الموتى أن تسلم ذلك إليه، وقال قد لزمك أن تعطينا هذا بعد عشر سنين؟
قال:
ولا أعطيهم ذلك، وهو أحق بماله (قلت) : له فإن قالوا إن كان هذا لزمك فلا يحل لك إلا أن تعطيناه، وإن كان لم يلزمك إلا بموته فقد أعطيتناه في حال لا يحل لك، ولا لنا ما أعطيتنا منه
(قال الشافعي) :
وقلت له أرأيت إذ زعمت أنك إذا حكمت عليه بحكم الموتى فهل يعدو الحكم فيه أن يكون نافذا لا يرد أو موقوفا عليه يرد إذا جاء
(قال) :
ما أقول بهذا التحديد
(قلت) :
أفتفرق بينه بخبر يلزم فنتبعه؟
(قال) :
لا فقلت إذا كان خلاف القياس، والمعقول، وتقول بغير خبر أيجوز؟
قال:
إنما فرق أصحابكم بغير خبر
(قلت)

أفرأيت ذلك ممن فعله منهم صوابا؟ قال: ل
ا (قلت) :
أو رأيت أيضا قولك إذا كان عليه دين إلى ثلاثين سنة فلحق بدار الحرب فقضيت صاحب الدين دينه، وهو مائة ألف دينار، وأعتقت أمهات أولاده، ومدبريه، وقسمت ميراثه بين بنيه فأصاب كل واحد منهما ألف دينار فأتلف أحدهما نصيبه،
والآخر بعينه ثم جاء مسلما من يومه أو غده فقال:
اردد علي ما لي فهو هذا، وهؤلاء أمهات أولادي، ومدبري بأعيانهم، وهذا صاحب ديني يقول لك: هذا ماله في يدي لم أغيره، وهذان ابناي مالي في يد أحدهما أو قد صادني الآخر فأتلف مالي
(قال) :
أقول له: قد مضى الحكم، ولا يرد غير أني أعطيك المال الذي في يد ابنك الذي لم يتلفه فقلت له فقال لك ولم تعطينيه دون مالي
(قال) :
لأنه مالك بعينه فقلت له: فمدبروه وأمهات أولاده، ودينه المؤجل ماله بعينه فأعطه إياه (قال) : لا أعطيه إياه لأن الحكم قد مضى به
(قلت) :
ومضى ما أعطيت ابنه قال نعم
(قلت)
:
فحكمت حكما، واحدا فإن كان الحق إمضاءه فأمضه كله، وإن كان الحق رده فرده كله (قال) : أرد ما وجدته بعينه
(قلت) :
له فاردد إليه دينه المؤجل بعينه ومدبريه،
وأمهات أولاده قال:

أرد عين ما وجدت في يد وارثه (قلت) : له أفترى هذا جوابا؟ فما زاد على أن قال فأين السنة؟
(قال الشافعي) :
فقلت له أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «لا يرث المسلم الكافر»
(قال الشافعي)
:
أخبرنا سفيان عن الزهري عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله
(قلت)
أفيعدو المرتد أن يكون كافرا أو مسلما؟ قال بل كافر، وبذلك أقتله
(قلت) :
أفما تبين لك السنة أن المسلم لا يرث الكافر قال فإنا قد روينا عن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - أنه ورث مرتدا قتله وورثته من المسلمين.
(قال)
: فقلت أنا أسمعك وغيرك تزعمون أن ما روي عن علي من توريثه المرتد خطأ وأن الحفاظ لا يروونه في الحديث
(قال) :
فقد رواه ثقة، وإنما قلنا خطأ بالاستدلال، وذلك ظن
(قال) :
فقلت له: روى الثقفي، وهو ثقة عن جعفر بن محمد عن أبيه رحمهما الله تعالى عن جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى باليمين مع الشاهد» فقلت فلم يذكر جابرا الحفاظ فهذا يدل على أنه غلط أفرأيت لو احتججنا عليك بمثل حجتك فقلنا: هذا ظن والثقفي ثقة، وأن صنع غيره أوشك قال فإذا لا تنصف
(قلت) :
وكذلك لم تنصف أنت حين أخبرتني أن الحفاظ رووا هذا الحديث عن علي - رضي الله تعالى عنه - ليس فيه توريث ماله،
وقلت: هذا غلط ثم احتججت به، فقال لو كان ثابتا، قلت فأصل ما نذهب إليه نحن وأنت وأهل العلم أن ما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثبت عن غيره خلافه ولو كثروا لم يكن فيه حجة؟
قال:
أجل ولكني أقول: قد يحتمل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا يرث المسلم الكافر» الذي لم يسلم قط
(قال الشافعي) :
فقلت له: أفتقول هذا بدلالة في الحديث؟
قال:
لا، ولكن عليا - رضي الله تعالى عنه - أعلم به فقلت أيروي علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث فنقول لا يدع شيئا رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا وقد عرف معناه فيوجه على ما قلت؟
(قال) :
ما علمته رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم
- (قلت) :
أفيمكن فيه أن لا يكون سمعه؟ قال: نعم
(قال الشافعي) :
فقلت له: أفترى لك في هذا حجة؟
قال:

لا يشبه أن يكون يخفى مثل هذا عن علي - رضي الله تعالى عنه -
فقلت:

وقد وجدتك تخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قضى في بروع بنت واشق بمثل صداق نسائها، وكانت نكحت على غير صداق فقضى بخلافه، وقد سمعته وقال مثل قول علي ابن عمر وزيد بن ثابت وابن عباس فقلت: لا حجة لأحد ولا في قوله مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وقلت له: فإن قال لك قائل قد يمكن أن يكون إنما قال هذا زيد وابن عمر وابن عباس لأنهم علموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد علم أن زوج بروع فرض لها بعد عقدة النكاح فحفظ معقل أن عقدة النكاح بعد فريضة،
وعلم هؤلاء أن الفريضة قد كانت بعد الدخول:

قال. ليس في حديث معقل، وهؤلاء لم يرووه فيكونون قالوه برواية. وإنما قالوا عندنا بالرأي حتى يدعوا فيه رواية.
(قال الشافعي)
:
فقلت لم لا يكون ما رويت عن علي في المرتد هكذا؟
(قال)
:
وقلت له معاذ بن جبل يورث المسلم من الكافر ومعاوية وابن المسيب ومحمد بن علي وغيرهم، ويقول بعضهم: نرثهم ولا يرثونا كما تحل لنا نساؤهم، ولا تحل لهم نساؤنا، أفرأيت إن قال لك قائل: فمعاذ بن جبل من أهل العلم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد يحتمل حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا يرث المسلم الكافر» من أهل الأوثان، لأن أكثر حكمه كان عليهم، وليس يحل نساؤهم، ولكن المسلم يرث الكافر من أهل الكتاب كما يحل له نكاح المرأة منهم، قال: ليس ذلك له والحديث يحتمل كثيرا مما حمل، وليس معاذ حجة، وإن قال قولا واحتمله الحديث لأنه لم يرو الحديث
(قلت)
:
فنقول لك ومعاذ يجهل هذا، ويرويه أسامة بن زيد؟
قال:
نعم. قد يجهل السنة المتقدم الصحبة ويعرفها قليل الصحبة (قال الشافعي) : فقلت له كيف لم تقل هذا في المرتد؟
(قال الشافعي) :
فقطع الكلام: وقال، ولم قلت يكون مال المرتد فيئا؟
(قلت)
:
بأن الله تبارك وتعالى حرم دم المؤمن وماله إلا بواحدة ألزمه إياها، وأباح دم الكافر وماله إلا بأن يؤدي الجزية أو يستأمن إلى مدة، فكان الذي يباح به دم البالغ من المشركين هو الذي يباح به ماله، وكان المال تبعا للذي هو أعظم من المال، فلما خرج المرتد من الإسلام صار في معنى من أبيح دمه بالكفر لا بغيره وكان ماله تبعا لدمه، ويباح بالذي أبيح به من دمه، ولا يكون أن تنحل عنه عقدة الإسلام فيباح دمه ويمنع ماله
(قال الشافعي)
:
فقال: فإن كنت شبهته بأهل دار الحرب فقد جمعت بينهم في شيء، وفرقته في آخر
(قلت) :
وما ذاك؟ قال: أنت لا تغنم ماله حتى يموت أو تقتله، وقد يغنم مال الحربي قبل أن يموت وتقتله
(قال الشافعي) :
فقلت له: الحكم في أهل دار الحرب حكمان: فأما من بلغته الدعوة فأغير عليه بغير دعوة آخذ ماله وإن لم أقتله، وأما من لم تبلغه الدعوة فلا أغير عليه حتى أدعوه، ولا أغنم من ماله شيئا حتى أدعوه فيمتنع فيحل دمه وماله، فلما كان القول في المرتد أن يدعى لم يغنم ماله حتى يدعى، فإذا امتنع قتل، وغنم ماله.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #46  
قديم 28-08-2021, 05:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الأول -كتاب الجنائز
الحلقة (46)
صــــــــــ 301 الى صـــــــــــ305

[كتاب الجنائز]
[باب ما جاء في غسل الميت]
كتاب الجنائز باب ما جاء في غسل الميت أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال قال مالك بن أنس: ليس لغسل الميت حد ينتهي لا يجزئ دونه، ولا يجاوز، ولكن يغسل فينقى وأخبرنا مالك عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أم عطية «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهن في غسل بنته اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور»
(قال الشافعي) :
وعاب بعض الناس هذا القول على مالك،
وقال:
سبحان الله كيف لم يعرف أهل المدينة غسل الميت، والأحاديث فيه كثيرة؟ ثم ذكر أحاديث عن إبراهيم، وابن سيرين فرأى مالك معانيها على إنقاء الميت لأن روايتهم جاءت عن رجال غير واحد في عدد الغسل، وما يغسل به،
فقال: غسل فلان فلانا بكذا وكذا: وقال: غسل فلان بكذا وكذا ثم ورأينا، والله أعلم ذلك على قدر ما يحضرهم مما يغسل به الميت وعلى قدر إنقائه لاختلاف الموتى في ذلك اختلاف الحالات، وما يمكن الغاسلين ويتعذر عليهم فقال مالك قولا مجملا " يغسل فينقى " وكذلك روي الوضوء مرة واثنتين وثلاثا وروي الغسل مجملا.وذلك كله يرجع إلى الإنقاء وإذا أنقي الميت بماء قراح أو ماء عد أجزأه ذلك من غسله كما ننزل ونقول معهم في الحي، وقد روي فيه صفة غسله
(قال الشافعي) :
ولكن أحب إلي أن يغسل ثلاثا بماء عد لا يقصر عن ثلاث لما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اغسلنها ثلاثا» ، وإن لم ينقه ثلاثا أو خمسا؟ قلنا يزيدون حتى ينقوها، وإن أنقوا في أقل من ثلاث أجزأه، ولا نرى أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما هو على معنى الإنقاء إذ قال وترا ثلاثا أو خمسا ولم يوقت أخبرنا بعض أصحابنا عن ابن جريج عن أبي جعفر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غسل ثلاثا» ،
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن عطاء قال:
يجزئ في غسل الميت مرة فقال عمر بن عبد العزيز ليس فيه شيء مؤقت، وكذلك بلغنا عن ثعلبة بن أبي مالك
(قال الشافعي) :
والذي أحب من غسل الميت أن يوضع على سرير الموتى، ويغسل في قميص أخبرنا مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غسل في قميص»
(قال) :
فإن لم يغسل في قميص ألقيت على عورته خرقة لطيفة تواريها، ويستر بثوب، ويدخل بيتا لا يراه إلا من يلي غسله ويعين عليه، ثم يصب رجل الماء إذا وضع الذي يلي غسله على يده خرقة لطيفة فيشدها ثم يبتدئ بسفلته ينقيها كما يستنجي الحي ثم ينظف يده ثم يدخل التي يلي بها سفله فإن كان يغسله واحد أبدل الخرقة التي يلي بها سفلته، وأخذ خرقة أخرى نقية فشدها على يده ثم صب الماء عليها، وعلى الميت ثم أدخلها في فيه بين شفتيه، ولا يفغر فاه فيمرها على أسنانه بالماء، ويدخل أطراف أصابعه في منخريه بشيء من ماء فينقي شيئا إن كان هنالك ثم يوضئه وضوءه للصلاة ثم يغسل رأسه ولحيته بالسدر فإن كان ملبدا فلا بأس أن يسرح بأسنان مشط مفرجة، ولا ينتف شعره ثم يغسل شقه الأيمن ما دون رأسه إلى أن يغسل قدمه اليمنى، ويحركه حتى يغسل ظهره كما يغسل بطنه ثم يتحول إلى شقه الأيسر فيصنع به مثل ذلك، ويقلبه على أحد شقيه إلى الآخر كل غسله حتى لا يبقى منه موضع إلا أتى عليه بالماء والسدر ثم يصنع به ذلك ثلاثا أو خمسا ثم يمر عليه الماء القراح قد ألقي فيه الكافور، وكذلك في كل غسله حتى ينقيه ويمسح بطنه مسحا رقيقا، والماء يصب عليه ليكون أخفى لشيء إن خرج منه.
(قال)
:
وغسل المرأة شبيه بما وصفت من غسل الرجل
(قال الشافعي) :
وقال بعض الناس يغسل الأول بماء قراح، ولا يعرف زعم الكافور في الماء،
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين عن أم عطية الأنصارية قالت:
«دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين توفيت ابنته فقال اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور»
(قال الشافعي) :
وإن كانت امرأة ضفروا شعر رأسها كله ناصيتها وقرنيها ثلاث قرون ثم ألقيت خلفها
(قال الشافعي) :
وأنكر هذا علينا بعض الناس فقال يسدل شعرها من بين ثدييها، وإنما نتبع في هذه الآثار،
ولو قال قائل:
تمشط برأيه ما كان إلا كقول هذا المنكر علينا، أخبرنا الثقة من أصحابنا عن هشام بن حسان عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية الأنصارية - رضي الله عنها - قالت ضفرنا شعر بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناصيتها وقرنيها ثلاثة قرون فألقيناها خلفها
(قال الشافعي) :
ونأمر بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن غسلت، وكفنت ابنته، وبحديثها يحتج الذي عاب على مالك قوله ليس في غسل الميت شيء يوقت ثم يخالفه في غير هذا الموضع.
(قال)
:
وخالفنا في ذلك فقال لا يسرح رأس الميت، ولا لحيته، وإنما يكره من تسريحه أن ينتف شعره فأما التسريح الرفيق فهو أخف من الغسل بالسدر، وهو تنظيف وتمشية له
(قال) :
ويتبع ما بين أظفاره بعود لين يخلل ما تحت أظفار الميت من وسخ وفي ظاهر أذنيه وسماخه
(قال)
:
والمهنى يحلقون فإن كان بأحد منهم وسخ متلبد رأيت أن يغسل بالأشنان، ويتابع دلكه لينقى الوسخ
(قال الشافعي) :
ومن أصحابنا من قال: لا أرى أن يحلق بعد الموت شعر، ولا يجز له ظفر ومنهم من لم ير بذلك بأسا، وإذا حنط الميت وضع الكافور على مساجده والحنوط في رأسه ولحيته
(قال) :
وإن وضع فيهما وفي سائر جسده كافور فلا بأس إن شاء الله
(قال) :
ويوضع الحنوط، والكافور على الكرسف ثم يوضع على منخريه وفيه وأذنيه ودبره، وإن كان له جراح نافذة وضع عليها
(قال)
:
فإن كان يخاف من ميتته أو ميته أن يأتي عند التحريك إذا حملا شيئا لعلة من العلل استحببت أن يشد على سفليهما معا بقدر ما يراه يمسك شيئا إن أتى من ثوب صفيق فإن خف فلبد صفيق
(قال) :
ويجب أن يكون في البيت الذي فيه الميت تبخير لا ينقطع حتى يفرغ من غسله ليواري ريحا إن كانت متغيرة، ولا يتبع بنار إلى القبر.
(قال) :
وأحب إلي إن رأى من المسلم شيئا أن لا حدث به فإن المسلم حقيق أن يستر ما يكره من المسلم، وأحب إلي أن لا يغسل الميت إلا أمين على غسله
(قال) :
وأولى الناس بغسله أولاهم بالصلاة عليه وإن ولي ذلك غيره فلا بأس، وأحب أن يغض الذي يصب على الميت بصره عن الميت فإن عجز عن غسله واحد أعانه عليه غيره
(قال)

: ثم إذا فرغ من غسل الميت جفف في ثوب حتى يذهب ما عليه من الرطوبة ثم أدرج في أكفانه
(قال) :
وأحب لمن غسل الميت أن يغتسل، وليس بالواجب عندي، والله أعلم، وقد جاءت أحاديث في ترك الغسل منها «لا تنجسوا موتاكم» ، ولا بأس أن يغسل المسلم إذا قرابته من المشركين، ويتبع جنائزه، ويدفنه ولكن لا يصلي عليه، وذلك «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عليا - رضي الله عنه - بغسل أبي طالب» ولا بأس أن يعزى المسلم إذا مات قال الربيع: إذا مات أبوه كافرا.
[باب في كم يكفن الميت]
أخبرنا الربيع قال:
قال الشافعي - رحمه الله تعالى -، ويكفن الميت في ثلاثة أثواب بيض، وكذلك بلغنا «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كفن، ولا أحب أن يقمص، ولا يعمم» أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص، ولا عمامة»
(قال الشافعي) :
وما كفن فيه الميت أجزأه إن شاء الله، وإنما قلنا هذا «لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كفن يوم أحد بعض القتلى بنمرة» واحدة فدل ذلك على أن ليس فيه لا ينبغي أن نقصر عنه، وعلى أنه يجزئ ما وارى العورة.
(قال)
:
فإن قمص أو عمم فلا بأس إن شاء الله ولا أحب أن يجاوز بالميت خمسة أثواب فيكون سرفا
(قال) :
وإذا كفن ميت في ثلاثة أثواب أجمرت بالعود حتى يعبق بها المجمر ثم يبسط أحسنها وأوسعها أولها، ويدر عليه شيء من الحنوط ثم بسط عليه الذي يليه في السعة ثم ذر عليه من حنوط ثم بسط عليه الذي يليه ثم ذر عليه شيء من حنوط ثم وضع الميت عليه مستلقيا، وحنط كما وصفت لك ووضع عليه القطن كما وصفته لك ثم يثني عليه صنفة الثوب الذي يليه على شقه الأيمن ثم يثني عليه صنفته الأخرى على شقه الأيسر كما يشتمل الإنسان بالساج
(يعني الطيلسان)
حتى توازيها صنفة الثوب التي ثنيت أولا بقدر سعة الثوب ثم يصنع بالأثواب الثلاثة كذلك
(قال) :
ويترك فضل من الثياب عند رأسه أكثر من عند رجليه ما يغطيهما ثم يعطف فضل الثياب من عند الرأس والرجلين فإن خشي أن تنحل عقدت الثياب، فإذا وضع في اللحد حلت عقده كلها
(قال)
:
وإن كفن في قميص جعل القميص دون الثياب والثياب فوقه، وإن عمم جعلت العمامة دون الثياب، والثياب فوقها، وليس في ذلك ضيق إن شاء الله تعالى
(قال) :
وإن لم يكن إلا ثوب واحد أجزأ، وإن ضاق وقصر غطي به الرأس والعورة، ووضع على الرجلين شيء، وكذلك فعل يوم أحد ببعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - (
قال الشافعي)
:
فإن ضاق عن الرأس، والعورة غطيت به العورة.
(قال) :
وإن مات ميت في سفينة في البحر صنع به هكذا فإن قدروا على دفنه، وإلا أحببت أن يجعلوه بين لوحين، ويربطوهما بحبل ليحملاه إلى أن ينبذه البحر بالساحل فلعل المسلمين أن يجدوه فيواروه، وهي أحب إلي من طرحه للحيتان يأكلوه، فإن لم يفعلوا وألقوه في البحر رجوت أن يسعهم
(قال)
:
والمرأة يصنع بها في الغسل والحنوط ما وصفت، وتخالف الرجل في الكفن إذا كان موجودا فتلبس الدرع، وتؤزر وتعمم، وتلف، ويشد ثوب على صدرها بجميع ثيابها
(قال)
:
وأحب إلي أن يجعل الإزار دون الدرع لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في ابنته بذلك، والسقط يغسل، ويكفن، ويصلى عليه إن استهل، وإن لم يستهل غسل، وكفن، ودفن
(قال) :
والخرقة التي توازي لفافة تكفيه
(قال) :
، والشهداء الذين عاشوا وأكلوا الطعام مثل الموتى في الكفن، والغسل، والصلاة، والذين قتلوا في المعركة يكفنون بثيابهم التي قتلوا فيها إن شاء أولياؤهم والوالي لهم وتنزع عنهم خفاف كانت وفراء، وإن شاء نزع جميع ثيابهم وكفنهم في غيرها، فإن قال قائل فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «زملوهم بكلومهم ودمائهم» فالكلوم والدماء غير الثياب ولو كفن بعضهم في الثياب لم يكن هذا مضيفا وإن كفن بعض في غير الثياب التي قتل فيها وقد «كفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعض شهداء أحد بنمرة كان إذا غطى بها رأسه بدت رجلاه فجعل على رجليه شيئا من شجر» ، وقد كان في الحرب لا يشك أن قد كانت عليه ثياب.
(قال الشافعي)
:
وكفن الميت، وحنوطه، ومؤنته حتى يدفن من رأس ماله ليس لغرمائه ولا لوارثه منع ذلك فإن تشاحوا فيه فثلاثة أثواب إن كان وسطا لا موسرا ولا مقلا، ومن الحنوط بالمعروف لا سرفا ولا تقصيرا، ولو لم يكن حنوط ولا كافور في شيء من ذلك رجوت أن يجزئ.
[باب ما يفعل بالشهيد]
، وليس في التراجم.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
وإذا قتل المشركون المسلمين في المعترك لم تغسل القتلى، ولم يصل عليهم ودفنوا بكلومهم ودمائهم، وكفنهم أهلوهم فيما شاءوا كما يكفن غيرهم إن شاءوا في ثيابهم التي تشبه الأكفان وتلك القمص والأزر والأردية، والعمائم لا غيرها، وإن شاءوا سلبوها وكفنوهم في غيرها كما يصنع بالموتى من غيرهم، وتنزع عنهم ثيابهم التي ماتوا فيها ألا ترى أن بعض شهداء أحد كفن في نمرة، وقد كان لا يشك إن شاء الله تعالى عليهم السلاح، والثياب،
وقال بعض الناس: يكفنون في الثياب التي قتلوا فيها إلا فراء أو حشوا أو لبدا
(قال) :
ولم يبلغنا أن أحدا كفن في جلد ولا فرو ولا حشو، وإن كان الحشو ثوبا كله فلو كفن به لم أر به بأسا لأنه من لبوس عامة الناس فأما الجلد فليس يعلم من لباس الناس،
وقال بعض الناس: يصلى عليهم ولا يغسلون، واحتج بأن الشعبي روى أن حمزة صلي عليه سبعين صلاة، وكان يؤتى بتسعة من القتلى حمزة عاشرهم ويصلى عليهم ثم يرفعون وحمزة مكانه ثم يؤتى بآخرين فيصلى عليهم وحمزة مكانه حتى صلي عليه سبعين صلاة.
(قال) :
وشهداء أحد اثنان وسبعون شهيدا فإذا كان قد صلي عليهم عشرة عشرة في قول الشعبي فالصلاة لا تكون أكثر من سبع صلوات أو ثمان فنجعله على أكثرها على أنه صلي على اثنين صلاة، وعلى حمزة صلاة فهذه تسع صلوات فمن أين جاءت سبعون صلاة؟ وإن كان عنى سبعين تكبيرة فنحن وهم نزعم أن التكبير على الجنائز أربع فهي إذا كانت تسع صلوات ست وثلاثون تكبيرة فمن أين جاءت أربع وثلاثون؟ فينبغي لمن روى هذا الحديث أن يستحيي على نفسه، وقد كان ينبغي له أن يعارض بهذه الأحاديث كلها عينان فقد جاءت من وجوه متواترة بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل عليهم، وقال «زملوهم بكلومهم» ،
ولو قال قائل: يغسلون ولا يصلى عليهم ما كانت الحجة عليه إلا أن يقال له تركت بعض الحديث، وأخذت ببعض
(قال) :
ولعل ترك الغسل، والصلاة على من قتله جماعة المشركين إرادة أن يلقوا الله عز وجل بكلومهم لما جاء فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن ريح الكلم ريح المسك، واللون لون الدم» ، واستغنوا بكرامة الله عز وجل لهم عن الصلاة لهم مع التخفيف على من بقي من المسلمين لما يكون فيمن قاتل بالزحف من المشركين من الجراح، وخوف عودة العدو، ورجاء طلبهم، وهمهم بأهليهم، وهم أهلهم بهم.
(قال) :
وكان مما يدل على هذا أن رؤساء المسلمين غسلوا عمر، وصلوا عليه، وهو شهيد، ولكنه إنما صار إلى الشهادة في غير حرب، وغسلوا المبطون، والحريق، والغريق، وصاحب الهدم، وكلهم شهداء، وذلك أنه ليس فيمن معهم من الأحياء معنى أهل الحرب فأما من قتل في المعركة، وكذلك عندي لو عاش مدة ينقطع فيها الحرب، ويكون الأمان، وإن لم يطعم، أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب غسل وكفن، وصلي عليه
(قال الشافعي) :
وإن قتل صغير في معركة أو امرأة صنع بهما ما يصنع بالشهداء، ولم يغسلا، ولم يصل عليهما، ومن قتل في المعترك بسلاح أو غيره أو وطء دابة أو غير ذلك مما يكون به الحتف فحاله حال من قتل بالسلاح،
وخالفنا في الصبي بعض الناس فقال:
ليس كالشهيد، وقال قولنا بعض الصحابة، وقال الصغير شهيد، ولا ذنب له فهو أفضل من الكبير أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بعض أصحابنا عن ليث بن سعد عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر بن عبد الله «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يصل على قتلى أحد، ولم يغسلهم» ، أخبرنا بعض أصحابنا عن أسامة بن زيد عن الزهري عن أنس بن مالك «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يصل على قتلى أحد، ولم يغسلهم» أخبرنا سفيان عن الزهري، وثبته معمر عن ابن أبي الصغير «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشرف على قتلى أحد فقال شهدت على هؤلاء فزملوهم بدمائهم، وكلومهم»



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #47  
قديم 28-08-2021, 05:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الأول -كتاب الجنائز
الحلقة (47)
صــــــــــ 306 الى صـــــــــــ310

[باب المقتول الذي يغسل ويصلى عليه ومن لم يوجد]
، وليس في التراجم.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
:
ومن قتله مشرك منفردا أو جماعة في حرب من أهل البغي أو غيرهم أو قتل بقصاص غسل إن قدر على ذلك، وصلي عليه لأن معناه غير معنى من قتله المشركون، ومعنى من قتله مشرك منفردا ثم هرب غير معنى من قتل في زحف المشركين لأن المشركين لا يؤمن أن يعودوا، ولعلهم أن يطلبوا واحدا منهم فيهرب، وتؤمن عودته، وأهل البغي منا ولا يشبهون المشركين ألا ترى أنه ليس لنا اتباعهم كما يكون لنا اتباع المشركين؟ ،
وقال بعض الناس: من قتل مظلوما في غير المصر لغير سلاح فيغسل فقيل له: إن كنت قلت هذا بأثر عقلناه قال: ما فيه أثر،
قلنا: فما العلة التي فرقت فيها بين هؤلاء إن أردت اسم الشهادة فعمر شهيد قتل في المصر وغسل، وصلي عليه، وقد نجد اسم الشهادة يقع عندنا وعندك على القتل في المصر بغير سلاح والغريق والمبطون وصاحب الهدم في المصر وغيره، ولا نفرق بين ذلك ونحن وأنت نصلي عليهم، ونغسلهم، وإن كان الظلم به اعتللت فقد تركت من قتل في المصر مظلوما بغير سلاح من أن تصيره إلى حد الشهداء، ولعله أن يكون أعظمهم أجرا لأن القتل بغير سلاح أشد منه،
وإذا كان أشد منه كان أعظم أجرا وقال بعض الناس أيضا:
إذا أغار أهل البغي فقتلوا فالرجال والنساء والولدان كالشهداء لا يغسلون وخالفه بعض أصحابه فقال: الولدان أطهر، وأحق بالشهادة
(قال الشافعي)
: وكل هؤلاء يغسل، ويصلى عليه لأن الغسل والصلاة سنة في بني آدم لا يخرج منها إلا من تركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهم الذين قتلهم المشركون الجماعة خاصة في المعركة.
(قال الشافعي)
: من أكله سبع أو قتله أهل البغي أو اللصوص أو لم يعلم من قتله غسل وصلي عليه، فإن لم يوجد إلا بعض جسده صلي على ما وجد منه، وغسل ذلك العضو،
وبلغنا عن أبي عبيدة أنه صلى على رءوس قال بعض أصحابنا عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان:
إن أبا عبيدة صلى على رءوس، وبلغنا أن طائرا ألقى يدا بمكة في وقعة الجمل فعرفوها بالخاتم فغسلوها، وصلوا عليها،
قال بعض الناس:
يصلى على البدن الذي فيه القسامة، ولا يصلى على رأس، ولا يد
(قال الشافعي) : وإن كان لا قسامة فيه عنده ولم يوجد في أرض أحد فكيف نصلي عليه؟ وما للقسامة، والصلاة، والغسل؟ ، وإذا جاز أن يصلى على بعض جسده دون بعض فالقليل من يديه والكثير في ذلك لهم سواء، ولا يصلى على الرأس، والرأس موضع السمع، والبصر واللسان، وقوام البدن، ويصلى على البدن بلا رأس. الصلاة سنة المسلمين، وحرمة قليل البدن لأنه كان فيه الروح حرمة كثيرة في الصلاة
[باب اختلاط موتى المسلمين بموتى الكفار]
ليس في التراجم.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
:
وإذا غرق الرجال أو أصابهم هدم أو حريق وفيهم مشركون كانوا أكثر أو أقل من المسلمين صلى عليهم، وينوي بالصلاة المسلمين دون المشركين،
وقال بعض الناس:
إذا كان المسلمون أكثر صلى عليهم، ونوى بالصلاة المسلمين دون المشركين، وإن كان المشركون أكثر لم يصل على واحد منهم
(قال الشافعي) : لئن جازت الصلاة على مائة مسلم فيهم مشرك بالنية لتجوزن على مائة مشرك فيهم مسلم، وما هو إلا أن يكونوا إذا خالطهم مشرك لا يعرف فقد حرمت الصلاة عليهم وإن الصلاة تحرم على المشركين فلا يصلى عليهم، أو تكون الصلاة واجبة على المسلمين، وإن خالطهم مشرك نوى المسلم بالصلاة، ووسع ذلك المصلي، وإن لم يسع الصلاة في ذلك مكان المشركين كانوا أكثر أو أقل
(قال الشافعي) : وما نحتاج في هذا القول إلى أن نبين خطأه بغيره، فإن الخطأ فيه لبين، وما ينبغي أن يشكل على أحد له علم.
[باب حمل الجنازة]
وليس في التراجم.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
:
ويستحب للذي يحمل الجنازة أن يضع السرير على كاهله بين العمودين المقدمين ويحمل بالجوانب الأربع،
وقال قائل:
لا تحمل بين العمود هذا عندنا مستنكر فلم يرض أن جهل ما كان ينبغي له أن يعلمه حتى عاب قول من قال بفعله هذا، وقد روي عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم فعلوا ذلك أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده قال رأيت سعد بن أبي وقاص في جنازة عبد الرحمن بن عوف قائما بين العمودين المقدمين، واضعا السرير على كاهله، وأخبرنا بعض أصحابنا عن ابن جريج عن يوسف بن ماهك أنه رأى ابن عمر في جنازة رافع بن خديج قائما بين قائمتي السرير،
أخبرنا الثقة عن إسحاق بن يحيى بن طلحة عن عمه عيسى بن طلحة قال:
رأيت عثمان بن عفان يحمل بين عمودي سرير أمه،
فلم يفارقه حتى وضعه أخبرنا بعض أصحابنا عن عبد الله بن ثابت عن أبيه قال:
رأيت أبا هريرة يحمل بين عمودي سرير سعد بن أبي وقاص أخبرنا بعض أصحابنا عن شرحبيل بن أبي عون عن أبيه قال: رأيت ابن الزبير يحمل بين عمودي سرير المسور بن مخرمة
(قال الشافعي) :
فزعم الذي عاب هذا علينا أنه مستنكر لا نعلمه إلا قال برأيه، وهؤلاء أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛، وما سكتنا عنه من الأحاديث أكثر مما ذكرنا
[باب ما يفعل بالمحرم إذا مات]
وليس في التراجم.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
:
إذا مات المحرم غسل بماء وسدر، وكفن في ثيابه التي أحرم فيها أو غيرها ليس فيها قميص، ولا عمامة، ولا يعقد عليه ثوب كما لا يعقد الحي المحرم، ولا يمس بطيب، ويخمر وجهه، ولا يخمر رأسه ويصلى عليه، ويدفن،
وقال بعض الناس:
إذا مات كفن كما يكفن غير المحرم، وليس ميت إحرام، واحتج بقول عبد الله بن عمر ولعل عبد الله بن عمر لم يسمع الحديث بل لا أشك إن شاء الله، ولو سمعه ما خالفه، وقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولنا كما قلنا وبلغنا عن عثمان بن عفان مثله، وما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فليس لأحد خلافه إذا بلغه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال:
سمعت سعيد بن جبير يقول سمعت ابن عباس يقول: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فخر رجل عن بعيره فوقص فمات فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه» قال سفيان، وأزاد إبراهيم بن أبي بحرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال:
«وخمروا وجهه ولا تخمروا رأسه ولا تمسوه طيبا فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا» أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن ابن شهاب أن عثمان بن عفان صنع نحو ذلك.
[باب الصلاة على الجنازة والتكبير فيها]
، وما يفعل بعد كل تكبيرة، وليس في التراجم
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
إذا صلى الرجل على الجنازة كبر أربعا، وتلك السنة، ورويت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نعى للناس النجاشي اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات» . أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن أبا أمامة بن سهل بن حنيف أخبره «أن مسكينة مرضت فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -
بمرضها قال:
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعود المرضى، ويسأل عنهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ماتت فآذنوني بها فخرج بجنازتها ليلا فكرهوا أن يوقظوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أخبر بالذي كان من شأنها فقال ألم آمركم أن تؤذنوني بها فقالوا:
يا رسول الله كرهنا أن نوقظك ليلا فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى صف بالناس على قبرها وكبر أربع تكبيرات»

(قال الشافعي)
:
فلذلك نقول يكبر أربعا على الجنائز، يقرأ في الأولى بأم القرآن، ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدعو للميت.
وقال بعض الناس:
لا يقرأ في الصلاة على الجنازة.
(قال الشافعي)
:
إنا صلينا على الجنازة، وعلمنا كيف سنة الصلاة فيها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا وجدنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -
سنة اتبعناها أرأيت لو قال قائل:
أزيد في التكبير على ما قلتم لأنها ليست بفرض أو لا أكبر وأدعو للميت هل كانت لنا عليه حجة إلا أن نقول قد خالفت السنة؟ وكذلك الحجة على من قال لا يقرأ إلا أن يكون رجل لم تبلغه السنة فيها، أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر على الميت أربعا، وقرأ بأم القرآن بعد التكبيرة الأولى» أخبرنا إبراهيم بن محمد عن سعد عن أبيه عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: «صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ فيها بفاتحة الكتاب فلما سلم سألته عن ذلك فقال سنة، وحق» ، أخبرنا ابن عيينة عن محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال «: سمعت ابن عباس يجهر بفاتحة الكتاب على الجنازة،
وقال:
إنما فعلت لتعلموا أنها سنة»
، أخبرنا مطرف بن مازن عن معمر عن الزهري قال أخبرني أبو أمامة بن سهل أنه أخبره رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن «السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرا في نفسه ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويخلص الدعاء للميت في التكبيرات لا يقرأ في شيء منهن ثم يسلم سرا في نفسه» ، أخبرنا مطرف بن مازن عن معمر عن الزهري قال حدثني محمد الفهري عن الضحاك بن قيس أنه قال مثل قول أبي أمامة
(قال الشافعي) :
والناس يقتدون بإمامهم يصنعون ما يصنع.
(قال الشافعي)
:
وابن عباس والضحاك بن قيس رجلان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقولان السنة إلا لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن شاء الله
(قال الشافعي)
:
أخبرنا بعض أصحابنا عن ليث بن سعد عن الزهري عن أبي أمامة قال: السنة أن يقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب
(قال الشافعي)
:
وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقولون بالسنة، والحق إلا لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن شاء الله تعالى، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن إسحاق بن عبد الله عن موسى بن وردان عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه كان يقرأ بأم القرآن بعد التكبيرة الأولى على الجنازة، وبلغنا ذلك عن أبي بكر الصديق وسهل بن حنيف وغيرهما من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(قال الشافعي)
:
ولا بأس أن يصلى على الميت بالنية فقد «فعل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنجاشي صلى عليه بالنية» ،
وقال بعض الناس:
لا يصلى عليه بالنية، وهذا خلاف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يحل لأحد خلافها وما نعلمه روى في ذلك شيئا إلا ما قال برأيه
(قال) :
ولا بأس أن يصلى على القبر بعدما يدفن الميت بل نستحبه،
وقال بعض الناس:
لا يصلى على القبر، وهذا أيضا خلاف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يحل لأحد علمها خلافها قد «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قبر البراء بن معرور، وعلى قبر غيره» ،
أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال:
أخبرنا مالك عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبر امرأة، وكبر أربعا» .
(قال الشافعي) :
، وصلت عائشة على قبر أخيها، وصلى ابن عمر على قبر أخيه عاصم بن عمر.
(قال الشافعي)
:
ويرفع المصلي يديه كلما كبر على الجنازة في كل تكبيرة للأثر والقياس على السنة في الصلاة، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفع يديه في كل تكبيرة كبرها في الصلاة، وهو قائم، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن عمر عن عبد الله بن عمر بن حفص عن نافع عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه كلما كبر على الجنازة
(قال الشافعي)
:
وبلغني عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير مثل ذلك، وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا،
وقال بعض الناس:
لا يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى،
وقال:
ويسلم تسليمة يسمع من يليه، وإن شاء تسليمتين أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يسلم في الصلاة على الجنازة
(قال الشافعي) :
، ويصلي على الجنازة قياما مستقبلي القبلة، ولو صلوا جلوسا من غير عذر أو ركبانا أعادوا، وإن صلوا بغير طهارة أعادوا، وإن دفنوه بغير صلاة، ولا غسل أو لغير القبلة فلا بأس عندي أن يماط عنه التراب، ويحول فيوجه للقبلة،
وقيل:
يخرج ويغسل، ويصلى عليه ما لم يتغير فإن دفن وقد غسل، ولم يصل عليه لم أحب إخراجه وصلي عليه في القبر.
(قال الشافعي) :
وأحب إذا كبر على الجنازة أن يقرأ بأم القرآن بعد التكبيرة الأولى ثم يكبر ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات ثم يخلص الدعاء للميت، وليس في الدعاء شيء مؤقت، وأحب أن يقول " اللهم عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك كان يشهد أن لا إله إلا أنت، وأن محمدا عبدك، ورسولك وأنت أعلم به اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه، وارفع درجته، وقه عذاب القبر، وكل هول يوم القيامة، وابعثه من الآمنين، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه، وبلغه بمغفرتك، وطولك درجات المحسنين اللهم فارق من كان يحب من سعة الدنيا، والأهل، وغيرهم إلى ظلمة القبر وضيقه، وانقطع عمله، وقد جئناك شفعاء له ورجونا له رحمتك، وأنت أرأف به اللهم ارحمه بفضل رحمتك فإنه فقير إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه "
(قال الشافعي) :
سمعنا من أصحابنا من يقول المشي أمام الجنازة أفضل من المشي خلفها، ولم أسمع أحدا عندنا يخالف في ذلك،
وقال بعض الناس:
المشي خلفها أفضل، واحتج بأن عمر إنما قدم الناس لتضايق الطريق حتى كأنا لم نحتج بغير ما روينا عن عمر في هذا الموضع، واحتج بأن عليا - رضي الله عنه -
قال:
المشي خلفه أفضل، واحتج بأن الجنازة متبوعة، وليست بتابعة،
وقال:
التفكر في أمرها إذا كان خلفها أكثر.
(قال الشافعي) : والقول في أن المشي أمام الجنازة أفضل مشى النبي - صلى الله عليه وسلم - أمامها، وقد علموا أن العامة تقتدي بهم، وتفعل فعلهم، ولم يكونوا مع تعليمه العامة نعلمهم يدعون موضع الفضل في اتباع الجنازة، ولم نكن نحن نعرف موضع الفضل إلا بفعلهم فإذا فعلوا شيئا وتتابعوا عليه كان ذلك موضع الفضل فيه والحجة فيه من مشي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أثبت من أن يحتاج معها إلى غيرها، وإن كان في اجتماع أئمة الهدى بعده الحجة، ولم يمشوا في مشيهم لتضايق الطريق إنما كانت المدينة أو عامتها فضاء حتى عمرت بعد فأين تضايق الطريق فيها، ولسنا نعرف عن علي - رضي الله عنه - خلاف فعل أصحابه؟ ، وقال قائل هذا الجنازة متبوعة فلم نر من مشى أمامها إلا لاتباعها فإذا مشى لحاجته فليس بتابع للجنازة، ولا يشك عند أحد أن من كان أمامها هو معها،
ولو قال قائل:
الجنازة متبوعة فرأى هذا كلاما ضعيفا لأن الجنازة إنما هي تنقل لا تتبع أحدا، وإنما يتبع بها، وينقلها الرجال، ولا تكون هي تابعة، ولا زائلة إلا أن يزال بها ليس للجنازة عمل إنما العمل لمن تبعها ولمن معها،
ولو شاء محتج أن يقول:
أفضل ما في الجنازة حملها، والحامل إنما يكون أمامها ثم يحملها لكان مذهبا، والفكر للمتقدم والمتخلف سواء، ولعمري لمن يمشي من أمامها الفكر فيها، وإنما خرج من أهله يتبعها إن هذه لمن الغفلة، ولا يؤمن عليه إذا كان هكذا أن يمشي، وهو خلفها أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة» أخبرنا مسلم بن خالد وغيره عن ابن جريج عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يمشون أمام الجنازة» أخبرنا مالك عن محمد بن المنكدر عن ربيعة عن عبد الله بن الهدير أنه أخبره أنه رأى عمر بن الخطاب يقدم الناس أمام زينب بنت جحش أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبيد مولى السائب قال رأيت ابن عمر وعبيد بن عمير يمشيان أمام الجنازة فتقدما فجلسا يتحدثان فلما جازت بهما الجنازة قاما.
(قال الشافعي) :
وبحديث ابن عمر، وغيره أخذنا في أنه لا بأس أن يتقدم فيجلس قبل أن لا يؤتى بالجنازة، ولا ينتظر أن يأذن له أهلها في الجلوس، وينصرف أيضا بلا إذن، وأحب إلي لو استتم ذلك كله
(قال الشافعي)
:
أحب حمل الجنازة من أين حملها، ووجه حملها أن يضع ياسرة السرير المقدمة على عاتقه الأيمن ثم ياسرته المؤخرة ثم يامنة السرير المقدمة على عاتقه الأيسر ثم يامنته المؤخرة، وإذا كان الناس مع الجنازة كثيرين ثم أتى على مياسره مرة أحببت له أن يكون أكثر حمله بين العمودين، وكيفما يحمل فحسن وحمل الرجل والمرأة سواء، ولا يحمل النساء الميت، ولا الميتة، وإن ثقلت الميتة فقد رأيت من يحمل عمدا حتى يكون من يحملها على ستة وثمانية على السرير، وعلى اللوح إن لم يوجد السرير، وعلى المحمل، وما حمل عليه أجزأ، وإن كان في موضع عجلة أو بعض حاجة تتعذر فخيف عليه التغير قبل أن يهيأ له ما يحمل عليه حمل على الأيدي والرقاب، ومشي بالجنازة أسرع سجية مشي الناس لا الإسراع الذي يشق على ضعفة من يتبعها إلا أن يخاف تغيرها أو انبجاسها فيعجلونها ما قدروا، ولا أحب لأحد من أهل الجنازة الإبطاء في شيء من حالاتها من غسل أو وقوف عند القبر فإن هذا مشقة على من يتبع الجنازة:.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #48  
قديم 28-08-2021, 05:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الأول -كتاب الجنائز
الحلقة (48)
صــــــــــ 311 الى صـــــــــــ315

[باب الخلاف في إدخال الميت القبر]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
:
وسل الميت سلا من قبل رأسه وقال بعض الناس: يدخل معترضا من قبل القبلة، وروى حماد عن إبراهيم «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أدخل من قبل القبلة معترضا» أخبرني الثقات من أصحابنا أن قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - على يمين الداخل من البيت لاصق بالجدار، والجدار الذي للحد لجنبه قبلة البيت، وأن لحده تحت الجدار فكيف يدخل معترضا، واللحد لاصق بالجدار لا يقف عليه شيء، ولا يمكن إلا أن يسل سلا أو يدخل من خلاف القبلة؟ ، وأمور الموتى، وإدخالهم من الأمور المشهورة عندنا لكثرة الموت، وحضور الأئمة، وأهل الثقة، وهو من الأمور العامة التي يستغنى فيها عن الحديث، ويكون الحديث فيها كالتكليف بعموم معرفة الناس لها، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمهاجرون، والأنصار بين أظهرنا ينقل العامة عن العامة لا يختلفون في ذلك أن الميت يسل سلا، ثم جاءنا آت من غير بلدنا يعلمنا كيف ندخل الميت ثم لم يعلم حتى روى عن حماد عن إبراهيم «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أدخل معترضا» ، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وغيره عن ابن جريج عن عمران بن موسى «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سل من قبل رأسه والناس بعد ذلك» ،
أخبرنا الثقة عن عمرو بن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس قال: «سل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قبل رأسه» ، وأخبرنا عن أصحابنا عن أبي الزناد وربيعة، وابن الضر لا اختلاف بينهم في ذلك «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سل من قبل رأسه وأبو بكر وعمر»
(قال الشافعي) :
ويسطح القبر، وكذلك بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه سطح قبر إبراهيم ابنه، ووضع عليه حصى من حصى الروضة» ، وأخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رش على قبر إبراهيم ابنه، ووضع عليه حصباء» ، والحصباء لا تثبت إلا على قبر مسطح،
وقال بعض الناس:
يسنم القبر، ومقبرة المهاجرين، والأنصار عندنا مسطح قبورها، ويشخص من الأرض نحو من شبر، ويجعل عليها البطحاء مرة ومرة تطين، ولا أحسب هذا من الأمور التي ينبغي أن ينقل فيها أحد علينا،
وقد بلغني عن القاسم بن محمد قال:
رأيت قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر، وعمر مسطحة.
(قال)
:
ويغسل الرجل امرأته إذا ماتت، والمرأة زوجها إذا مات،
وقال بعض الناس:
تغسل المرأة زوجها، ولا يغسلها،
فقيل له:
لم فرقت بينهما؟
قال:
أوصى أبو بكر أن تغسله أسماء،
فقلت:
وأوصت فاطمة أن يغسلها علي - رضي الله عنهما -،
قال:
وإنما قلت: أن تغسله هي لأنها في عدة منه،
قلنا:
إن كانت الحجة الأثر عن أبي بكر فلو لم يرو عن طلحة - رضي الله عنه - ولا ابن عباس، ولا غيرهما في ذلك شيء كانت الحجة عليك بأن قد علمنا أنه لا يحل لها منه إلا ما حل له منها،
قال:
ألا ترى أن له أن ينكح إذا ماتت أربع نسوة سواها وينكح أختها؟
فقيل له:
العدة والنكاح ليسا من الغسل في شيء،
أرأيت قولك:
ينكح أختها أو أربعا سواها أنها فارقت حكم الحياة،
وصارت كأنها ليست زوجة أو لم تكن زوجة قط قيل:
نعم،
قيل:
فهو إذا مات زوج أو كأنه لم يكن زوجا قال: بل ليس بزوج قد انقطع حكم الحياة عنه كما انقطع عنها غير أن عليها منه عدة قلنا: العدة جعلت عليها بسبب ليس هذا، ألا ترى أنها تعتد ولا يعتد، وأنها تتوفى فينكح أربعا؟ ويتوفى فلا تنكح دخل بها أو لم يدخل بها حتى تعتد أربعة أشهر وعشرا شيء جعله الله تعالى عليها دونه، وإن كل واحد من الزوجين، فيما يحل له ويحرم عليه من صاحب، سواء. أرأيت لو طلقها ثلاثا أليست عليها منه عدة؟
قال:
بلى
(قلت) :
فكذلك لو بانت بإيلاء أو لعان؟
قال:
بلى،
قيل: فإن بانت منه ثم مات، وهي في عدة الطلاق أتغسله؟
قال:
لا.
(قلت)
:
ولم قد زعمت أن غسلها إياه دون غسله إياها إنما هو بالعدة، وهذه تعتد؟ (قال) : ليست له بامرأة (قلت) : فما ينفعك حجتك بالعدة كالعبث.
كان ينبغي أن تقول:
تغسله إذ زعمت أن العدة تحل لها منه ما يحرم عليها فلا يحرم عليها غسله،
قيل:
أفيحل لها في العدة منه، وهما حيان أن تنظر إلى فرجه وتمسكه كما كان يحل لها قبل الطلاق؟
قال:
لا،
قيل:
وهي منه في عدة
(قال) :
ولا تحل العدة ههنا شيئا، ولا تحرمه إنما تحله عقدة النكاح فإذا زال بأن لا يكون له عليها فيه رجعة فهي منه فيما يحل له ويحرم كما تعد النساء.
قيل: وكذلك هو منها؟
قال:
نعم،
قيل:
فلو قال: هذا غيركم ضعفتموه؛ وهي لا تعدو، وهو لا يعدو إذا ماتت أن يكون عقد النكاح زائلا بلا زوال للطلاق فلا يحل له غسلها، ولا لها غسله أو يكون ثابتا فيحل لكل واحد منهما من صاحبه ما يحل للآخر أو نكون مقلدين لسلفنا في هذا، فقد أمر أبو بكر وسط المهاجرين والأنصار أن تغسله أسماء، وهو فيما يحل له ويحرم عليه أعلم وأتقى لله، وذلك دليل على أنه كان إذا رأى لها أن تغسله إذا مات كان له أن يغسلها إذا ماتت لأن العقد الذي حلت له به هو العقد الذي به حل لها، ألا ترى أن الفرج كان حراما قبل العقد فلما انعقد حل حتى تنفسخ العقدة فلكل واحد من الزوجين فيما يحل لكل واحد منهما من صاحبه ما للآخر لا يكون للواحد منهما في العقد شيء ليس لصاحبه، ولا إذا انفسخت لم يكن له عليها الرجعة في شيء لا يحل لصاحبه، ولا إذا مات شيء لا يحل لصاحبه فهما في هذه الحالات سواء،
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني إبراهيم بن محمد عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهري عن عروة بن الزبير أن عائشة قالت:
«لو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا ما غسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا نساؤه» " أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عمارة عن أم محمد بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب عن جدتها أسماء بنت عميس أن فاطمة بنت رسول الله أوصتها أن تغسلها إذا كانت هي، وعلي فغسلتها هي، وعلي - رضي الله عنهما -.
[باب العمل في الجنائز]
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال:
حق على الناس غسل الميت، والصلاة عليه، ودفنه لا يسع عامتهم تركه، وإذا قام بذلك منهم من فيه كفاية له أجزأ إن شاء الله تعالى وهو كالجهاد عليهم حق أن لا يدعوه، وإذا ابتدر منهم من يكفي الناحية التي يكون بها الجهاد أجزأ عنهم والفضل لأهل الولاية بذلك على أهل التخلف عنه
(قال الشافعي) :
وإنما ترك عمر عندنا، والله أعلم عقوبة من مر بالمرأة التي دفنها أظنه كليبا، لأن المار المنفرد قد كان يتكل على غيره ممن يقوم مقامه فيه، وأما أهل رفقة منفردين في طريق غير مأهولة لو تركوا ميتا منهم، وهو عليهم أن يواروه فإنه ينبغي للإمام أن يعاقبهم لاستخفافهم بما يجب عليهم من حوائجهم في الإسلام، وكذلك كل ما وجب على الناس فضيعوه فعلى السلطان أخذه منهم، وعقوبتهم فيه بما يرى غير متجاوز القصد في ذلك
(قال)
:
وأحب إذا مات الميت أن لا يعجل أهله غسله لأنه قد يغشى عليه فيخيل إليهم أنه قد مات حتى يروا علامات الموت المعروفة فيه، وهو أن تسترخي قدماه، ولا تنتصبان، وأن تنفرج زندا يديه، والعلامات التي يعرفون بها الموت، فإذا رأوها عجلوا غسله، ودفنه فإن تعجيله تأدية الحق إليه، ولا ينتظر بدفن الميت غائب من كان الغائب، وإذا مات الميت غمض، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب أن قبيصة نصر بن ذؤيب كان يحدث «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أغمض أبا سلمة» .
(قال الشافعي)
:
ويطبق فوه وإن خيف استرخاء لحييه شد بعصابة
(قال) :
ورأيت من يلين مفاصله، ويبسطها لتلين، ولا تجسو ورأيت الناس يضعون الحديدة، السيف أو غيره، على بطن الميت، والشيء من الطين المبلول كأنهم يذودون أن تربو بطنه فما صنعوا من ذلك مما رجوا، وعرفوا أن فيه دفع مكروه رجوت أن لا يكون به بأس إن شاء الله تعالى، ولم أر من شأن الناس أن يضعوا الزاووق يعني الزئبق في أذنه، وأنفه، ولا أن يضعوا المرتك يعني المرداسنج على مفاصله وذلك شيء تفعله الأعاجم يريدون به البقاء للميت، وقد يجعلونه في الصندوق ويفضون به إلى الكافور، ولست أحب هذا، ولا شيئا منه، ولكن يصنع به كما يصنع بأهل الإسلام ثم يغسل، والكفن، والحنوط، والدفن، فإنه صائر إلى الله عز وجل، والكرامة له برحمة الله تعالى، والعمل الصالح
(قال)
:
وبلغني أنه «قيل لسعد بن أبي وقاص: نتخذ لك شيئا كأنه الصندوق من الخشب،
فقال:
اصنعوا بي ما صنعتم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصبوا علي اللبن، وأهيلوا علي التراب»
[باب الصلاة على الميت]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
إذا حضر الولي الميت أحببت أن لا يصلى عليه إلا بأمر وليه لأن هذا من الأمور الخاصة التي أرى الولي أحق بها من الوالي، والله تعالى أعلم،
وقد قال بعض من له علم:
الوالي أحق.وإذا حضر الصلاة عليه أهل القرابة فأحقهم به الأب، والجد من قبل الأب ثم الولد، وولد الولد ثم الأخ للأب، والأم ثم الأخ للأب ثم أقرب الناس من قبل الأب، وليس من قبل الأم لأنه إنما الولاية للعصبة فإذا استوى الولاة في القرابة، وتشاحوا، وكل ذي حق فأحبهم إلي أسنهم، إلا أن تكون حاله ليست محمودة فكان أفضلهم، وأفقههم أحب إلي، فإن تقاربوا فأسنهم فإن استووا وقلما يكون ذلك فلم يصطلحوا أقرع بينهم، فأيهم خرج سهمه، ولي الصلاة عليه
(قال) :
والحر من الولاة أحق بالصلاة عليه من المملوك، ولا بأس بصلاة المملوك على الجنازة، وإذا حضر رجل ولي أو غير ولي مع نسوة بعلا رجلا ميتا أو امرأة فهو أحق بالصلاة عليها من النساء إذا عقل الصلاة، وإن لم يبلغ مملوكا كان أو حرا فإن لم يكن يعقل الصلاة صلين على الميت صفا منفردات، وإن أمتهن إحداهن، وقامت وسطهن لم أر بذلك بأسا، فقد «صلى الناس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفرادا لا يؤمهم أحد» وذلك لعظم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتنافسهم في أن لا يتولى الإمامة في الصلاة عليه واحد وصلوا عليه مرة بعد مرة، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الموتى، والأمر المعمول به إلى اليوم أن يصلى عليهم بإمام، ولو صلي عليهم أفرادا أجزأهم الصلاة عليهم إن شاء الله تعالى، وأحب أن تكون الصلاة على الميت صلاة واحدة هكذا رأيت صلاة الناس لا يجلس بعد الفراغ منها لصلاة من فاتته الصلاة عليه، ولو جاء، ولي له، ولا يخاف على الميت التغير فصلى عليه رجوت أن لا يكون بذلك بأس إن شاء الله تعالى.
(قال)
:
وإن أحدث الإمام انصرف فتوضأ، وكبر من خلفه ما بقي من التكبير فرادى لا يؤمهم أحد، ولو كان في موضع وضوئه قريبا فانتظروه فبنى على التكبير رجوت أن لا يكون بذلك بأس، ولا يصلي على الجنازة في مصر إلا طاهرا.
(قال)
:
ولو سبق رجل ببعض التكبير لم ينتظر بالميت حتى يقضي تكبيره ولا ينتظر المسبوق الإمام أن يكبر ثانية ولكنه يفتتح لنفسه،
وقال بعض الناس:
إذا خاف الرجل في المصر فوت الجنازة تيمم وصلى، وهذا لا يجيز التيمم في المصر لصلاة نافلة، ولا مكتوبة إلا لمريض زعم، وهذا غير مريض، ولا تعدو الصلاة على الجنازة أن تكون كالصلوات لا تصلى إلا بطهارة الوضوء، وليس التيمم في المصر للصحيح المطيق بطهارة أو تكون كالذكر فيصلي عليها إن شاء غير طاهر، خاف الفوت أو لم يخف، كما يذكر غير طاهر
[باب اجتماع الجنائز]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
لو اجتمعت جنائز رجال، ونساء، وصبيان، وخناثى، جعل الرجال مما يلي الإمام، وقدم إلى الإمام أفضلهم ثم الصبيان يلونهم ثم الخناثى يلونهم ثم النساء خلفهم مما يلي القبلة وإن تشاح ولاة الجنائز، وكن مختلفات صلى ولي الجنازة التي سبقت ثم إن شاء ولي سواها من الجنائز استغنى بتلك الصلاة، وإن شاء أعاد الصلاة على جنازته، وإن تشاحوا في موضع الجنائز فالسابق أحق إذا كانوا رجالا، فإن كن رجالا، ونساء وضع الرجال مما يلي الإمام، والنساء مما يلي القبلة، ولم ينظر في ذلك إلى السبق لأن موضعهن هكذا، وكذلك الخنثى، ولكن إن سبق، ولي الصبي لم يكن عليه أن يزيل الصبي من موضعه، ووضع ولي الرجل الرجل خلفه إن شاء أو يذهب به إلى موضع غيره، فإن افتتح المصلي على الجنازة الصلاة فكبر واحدة أو اثنتين ثم أتي بجنازة أخرى وضعت حتى يفرغ من الصلاة على الجنازة التي كانت قبلها لأنه افتتح الصلاة ينوي بها غير هذه الجنازة المؤخرة.
(قال) :
ولو صلى الإمام على الجنازة غير متوضئ، ومن خلفه متوضئون أجزأت صلاتهم، وإن كان كلهم غير متوضئين أعادوا، وإن كان فيهم ثلاثة فصاعدا متوضئون أجزأت، وإن سبق بعض الأولياء بالصلاة على الجنازة ثم جاء ولي غيره أحببت أن لا توضع للصلاة ثانية، وإن فعل فلا بأس إن شاء الله تعالى.
(قال)
:
ولو سقط لرجل شيء له قيمة في قبر فدفن، كان له أن يكشف عنه حتى يأخذ ما سقط
[باب الدفن]
أخبرنا الربيع قال
(قال الشافعي) :
وإن مات ميت بمكة أو المدينة أحببت أن يدفن في مقابرهما، وكذلك إن مات ببلد قد ذكر في مقبرته خبر أحببت أن يدفن في مقابرها فإن كانت ببلد لم يذكر ذلك فيها فأحب أن يدفن في المقابر لحرمة المقابر، والدواعي لها وأنه مع الجماعة أشبه من أن لا يتغوط، ولا يبال على قبره، ولا ينبش، وحيثما دفن الميت فحسن إن شاء الله تعالى، وأحب أن يعمق للميت قدر بسطة، وما أعمق له، وووري أجزأ وإنما أحببت ذلك أن لا تناله السباع، ولا يقرب على أحد إن أراد نبشه، ولا يظهر له ريح ويدفن في موضع الضرورة من الضيق والعجلة الميتان، والثلاثة في القبر إذا كانوا، ويكون الذي للقبلة منهم أفضلهم، وأسنهم، ولا أحب أن تدفن المرأة مع الرجل على حال، وإن كانت ضرورة، ولا سبيل إلى غيرها كان الرجل أمامها، وهي خلفه، ويجعل بين الرجل والمرأة في القبر حاجز من تراب، وأحب إحكام القبر ولا وقت فيمن يدخل القبر فإن كانوا وترا أحب إلي، وإن كانوا ممن يضبطون الميت بلا مشقة أحب إلي، وسل الميت من قبل رأسه وذلك أن يوضع رأس سريره عند رجل القبر ثم يسل سلا، ويستر القبر بثوب نظيف حتى يسوى على الميت لحده، وستر المرأة إذا دخلت قبرها أوكد من ستر الرجل، وتسل المرأة كما يسل الرجل، وإن ولي إخراجها من نعشها، وحل عقد من الثياب إن كان عليها، وتعاهدها النساء فحسن، وإن وليها الرجل فلا بأس فإن كان فيهم ذو محرم كان أحب إلي، وإن لم يكن فيهم ذو محرم فذو قرابة وولاء، وإن لم يكن فالمسلمون ولاتها، وهذا موضع ضرورة، ودونها الثياب، وقد صارت ميتة، وانقطع عنها حكم الحياة
(قال) :
وتوضع الموتى في قبورهم على جنوبهم اليمنى، وترفع رءوسهم بحجر أو لبنة، ويسندون لئلا ينكبوا، ولا يستلقوا، وإن كان بأرض شديدة لحد لهم، ثم نصب على لحودهم اللبن نصبا ثم يتبع فروج اللبن بكسار اللبن، والطين حتى يحكم ثم أهيل التراب عليها، وإن كانوا ببلد رقيقة شق لهم شق ثم بنيت لحودهم بحجارة أو لبن ثم سقفت لحودهم عليهم بالحجارة أو الخشب لأن اللبن لا يضبطها فإن سقفت تتبعت فروجها حتى تنظم
(قال) :
ورأيتهم عندنا يضعون على السقف الإذخر ثم يضعون عليه التراب مثريا ثم يهيلون التراب بعد ذلك إهالة
(قال الشافعي)
:
هذا الوجه الأثر الذي يجب أن يعمل به، ولا يترك، وكيفما ووري الميت أجزأ إن شاء الله تعالى ويحثو من على شفير القبر بيديه معا التراب ثلاث حثيات أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه - رضي الله عنهما - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حثى على الميت ثلاث حثيات بيديه جميعا»
(قال الشافعي) :
وأحب تعجيل دفن الميت إذا بان موته فإذا أشكل أحببت الأناة حتى يتبين موته، وإن كان الميت غريقا أحببت التأني به بقدر ما يولى من حفره، وإن كان مصعوقا أحببت أن يستأنى به حتى يخاف تغيره، وإن بلغ ذلك يومين أو ثلاثة لأنه بلغني أن الرجل يصعق فيذهب عقله ثم يفيق بعد اليومين، وما أشبه ذلك وكذلك لو كان فزعا من حرب أو سبع أو فزعا غير ذلك أو كان مترديا من جبل، وإذا مات الميت فلا تخفى علامات الموت به إن شاء الله تعالى فإن خفيت على البعض لم تخف على الكل وإذا كانت الطواعين أو موت الفجأة، واستبان الموت فلم يضبطه أهل البيت إلا أن يقدموا بعض الموتى فقدموا الوالدين من الرجال والنساء ثم قدموا بعد من رأوا، فإن كان امرأتان لرجل أقرع بينهما أيتهما تقدم وإذا خيف التغيير على بعض الموتى قدم من كان يخاف عليه التغيير لا من لا يخاف التغيير عليه، ويقدم الكبار على الصغار إذا لم يخف التغيير على من تخلف، وإذا كان الضرورة دفن الاثنان، والثلاثة في قبر، وقدم إلى القبلة أفضلهم، وأقرؤهم ثم جعل بينه وبين الذي بينه وبين الذي يليه حاجز من تراب فإن كانوا رجالا ونساء وصبيانا جعل الرجل الذي يلي القبلة ثم الصبي ثم المرأة وراءه وأحب إلي لو لم تدفن المرأة مع الرجال، وإنما رخصت في أن يدفن الرجلان في قبر بالسنة، لم أسمع أحدا من أهل العلم إلا يتحدث «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتلى أحد اثنان في قبر واحد، وقد قيل ثلاثة» .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #49  
قديم 28-08-2021, 05:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الأول -كتاب الجنائز
الحلقة (49)
صــــــــــ 316 الى صـــــــــــ320

[باب ما يكون بعد الدفن]
أخبرنا الربيع قال
(قال الشافعي) :
وقد بلغني عن بعض من مضى أنه أمر أن يقعد عند قبره إذا دفن بقدر ما تجزر جزور
(قال) :
وهذا أحسن، ولم أر الناس عندنا يصنعونه أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال ما أحب أن أدفن بالبقيع لأن أدفن في غيره أحب إلي إنما هو واحد رجلين إما ظالم فلا أحب أن أكون في جواره وإما صالح فلا أحب أن ينبش في عظامه، أخبرنا مالك أنه بلغه عن عائشة أنها قالت «كسر عظم الميت ككسر عظم الحي»
(قال الشافعي) :
تعني في المأثم، وإن أخرجت عظام ميت أحببت أن تعاد فتدفن وأحب أن لا يزاد في القبر تراب من غيره وليس بأن يكون فيه تراب من غيره بأس إذا إذا زيد فيه تراب من غيره ارتفع جدا، وإنما أحب أن يشخص على وجه الأرض شبرا أو نحوه وأحب أن لا يبنى، ولا يجصص فإن ذلك يشبه الزينة والخيلاء، وليس الموت موضع واحد منهما، ولم أر قبور المهاجرين والأنصار مجصصة
(قال الراوي) :
عن طاوس: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تبنى القبور أو تجصص»
(قال الشافعي) :
وقد رأيت من الولاة من يهدم بمكة ما يبنى فيها فلم أر الفقهاء يعيبون ذلك فإن كانت القبور في الأرض يملكها الموتى في حياتهم أو ورثتهم بعدهم لم يهدم شيء أن يبنى منها وإنما يهدم إن هدم ما لا يملكه أحد فهدمه لئلا يحجر على الناس موضع القبر فلا يدفن فيه أحد فيضيق ذلك بالناس
(قال الشافعي) :
وإن تشاح الناس ممن يحفر للموتى في موضع من المقبرة، وهي غير ملك لأحد حفر الذي يسبق حيث شاء وإن جاءوا مما أقرع الوالي بينهم وإذا دفن الميت فليس لأحد حفر قبره حتى يأتي عليه مدة يعلم أهل ذلك البلد أن ذلك قد ذهب، وذلك يختلف بالبلدان فيكون في السنة وأكثر فإن عجل أحد بحفر قبره فوجد ميتا أو بعضه أعيد عليه التراب، وإن خرج من عظامه شيء أعيد في القبر.
(قال)
:
وإذا كانت أرض لرجل فأذن بأن يقبر فيها ثم أراد أخذها فله أخذ ما لم يقبر فيه، وليس له أخذ ما قبر فيه منها، وإن قبر قوم في أرض لرجل بلا إذنه فأراد تحويلهم عنها أو بناءها أو زرعها أو حفرها آبارا، كرهت ذلك له، وإن شح فهو أحق بحقه، وأحب لو ترك الموتى حتى يبلوا.
(قال) :
وأكره وطء القبر، والجلوس، والاتكاء عليه إلا أن لا يجد الرجل السبيل إلى قبر ميته إلا بأن يطأه فذلك موضع ضرورة فأرجو حينئذ أن يسعه إن شاء الله تعالى وقال بعض أصحابنا: لا بأس بالجلوس عليه، وإنما نهي عن الجلوس عليه للتغوط
(قال الشافعي) :
وليس هذا عندنا كما قال، وإن كان نهى عنه المذهب فقد نهي عنه، وقد نهي عنه مطلقا لغير المذهب أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن أبيه عن جده قال تبعت جنازة مع أبي هريرة فلما كان دون القبور جلس أبو هريرة ثم قال " لأن أجلس على جمرة فتحرق ردائي ثم قميصي ثم إزاري ثم تفضي إلى جلدي أحب إلي من أن أجلس على قبر امرئ مسلم ".
(قال) :
وأكره أن يبنى على القبر مسجد، وأن يسوى أو يصلى عليه، وهو غير مسوى أو يصلى إليه
(قال) :
وإن صلى إليه أجزأه، وقد أساء، أخبرنا مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «قاتل الله اليهود، والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لا يبقى دينان بأرض العرب»
(قال)
:
وأكره هذا للسنة، والآثار، وأنه كره والله تعالى أعلم أن يعظم أحد من المسلمين يعني يتخذ قبره مسجدا، ولم تؤمن في ذلك الفتنة، والضلال على من يأتي بعد فكره والله أعلم لئلا يوطأ فكره، والله أعلم لأن مستودع الموتى من الأرض ليس بأنظف الأرض، وغيره من الأرض أنظف
[باب القول عند دفن الميت]
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال:
وإذا وضع الميت في قبر قال من يضعه " بسم الله وعلى ملة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، وأحب أن يقول " اللهم أسلمه إليك الأشحاء من ولده وأهله وقرابته وإخوانه وفارق من كان يحب قربه، وخرج من سعة الدار والحياة إلى ظلمة القبر وضيقه ونزل بك، وأنت خير منزول به إن عاقبته عاقبته بذنبه، وإن عفوت فأنت أهل العفو اللهم أنت غني عن عذابه، وهو فقير إلى رحمتك اللهم اشكر حسنته، وتجاوز عن سيئته، وشفع جماعتنا فيه واغفر ذنبه، وافسح له في قبره، وأعذه من عذاب القبر، وأدخل عليه الأمان، والروح في قبره "، ولا بأس بزيارة القبور أخبرنا مالك عن ربيعة يعني ابن أبي عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «، ونهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ولا تقولوا هجرا»
(قال الشافعي)
:
ولكن لا يقال عندها هجر من القول، وذلك مثل الدعاء بالويل، والثبور والنياحة فأما إذا زرت تستغفر للميت ويرق قلبك، وتذكر أمر الآخرة فهذا مما لا أكرهه، ولا أحب المبيت في القبور للوحشة على البائت، وقد رأيت الناس عندنا يقاربون من ذوي القرابات في الدفن، وأنا أحب ذلك، وأجعل الوالد أقرب إلى القبلة من الولد إذا أمكن ذلك، وكيفما دفن أجزأ إن شاء الله، وليس في التعزية شيء مؤقت يقال لا يعدى إلى غيره أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا القاسم بن عبد الله بن عمر عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال «لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجاءت التعزية سمعوا قائلا يقول إن في الله عزاء من كل مصيبة، وخلفا من كل هالك، ودركا من كل ما فات فبالله فثقوا، وإياه فارجوا فإن المصاب من حرم الثواب»
(قال الشافعي) :
قد عزى قوم من الصالحين بتعزية مختلفة فأحب أن يقول قائل هذا القول، ويترحم على الميت، ويدعو لمن خلفه
(قال) :
، والتعزية من حين موت الميت أن المنزل، والمسجد وطريق القبور، وبعد الدفن، ومتى عزى فحسن فإذا شهد الجنازة أحببت أن تؤخر التعزية إلى أن يدفن الميت إلا أن يرى جزعا من المصاب فيعزيه عند جزعه، ويعزي الصغير والكبير، والمرأة إلا أن تكون امرأة شابة ولا أحب مخاطبتها إلا لذي محرم، وأحب لجيران الميت أو ذي قرابته أن يعملوا لأهل الميت في يوم يموت، وليلته طعاما يشبعهم فإن ذلك سنة، وذكر كريم، وهو من فعل أهل الخير قبلنا، وبعدنا لأنه لما «جاء نعي جعفر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اجعلوا لآل جعفر طعاما فإنه قد جاءهم أمر يشغلهم» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن جعفر عن أبيه عبد الله بن جعفر قال «جاء نعي جعفر فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اجعلوا لآل جعفر طعاما فإنه قد جاءهم أمر يشغلهم أو ما يشغلهم» شك سفيان
(قال الشافعي) :
وأحب لقيم أهل الميت عند المصيبة أن يتعاهد أضعفهم عن احتمالها بالتعزية بما يظن من الكلام والفعل أنه يسليه، ويكف من حزنه، وأحب لولي الميت الابتداء بأولى من قضاء دينه فإن كان ذلك يستأخر سأل غرماءه أن يحللوه ويحتالوا به عليه، وأرضاهم منه بأي وجه كان، أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن عمر بن أبي سلمة أظنه عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه»
(قال) :
وأحب إن أوصى بشيء أن يعجل الصدقة عنه، ويجعل ذلك في أقاربه وجيرانه، وسبيل الخير، وأحب مسح رأس اليتيم ودهنه، وإكرامه، وأن لا ينهر، ولا يقهر فإن الله عز وجل قد أوصى به
[باب القيام للجنازة]
أخبرنا الربيع قال
(قال الشافعي)
:
ولا يقوم للجنازة من شهدها، والقيام لها منسوخ، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن واقد بن عمر بن سعد بن معاذ عن نافع بن جبير عن مسعود بن الحكم عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم في الجنائز ثم جلس بعد» أخبرنا إبراهيم بن محمد عن محمد بن عمرو بن علقمة بهذا الإسناد أو شبيها بهذا، وقال «قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر بالقيام ثم جلس، وأمر بالجلوس»
(قال الشافعي) :
ويصلي على الجنائز أي ساعة شاء من ليل أو نهار وكذلك يدفن في أي ساعة شاء من ليل أو نهار وقد «دفنت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسكينة ليلا فلم ينكر» ، ودفن أبو بكر الصديق ليلا، ودفن المسلمون بعد ليلا،
وقال بعض أصحابنا:
لا يصلى عليها مع اصفرار الشمس، ولا مع طلوعها حتى تبرز،
واحتج في ذلك بأن ابن عمر قال لأهل جنازة وضعوها على باب المسجد بعد الصبح:
" إما إن تصلوا عليها الآن وإما أن تدعوها حتى ترتفع الشمس "
(قال) :
وابن عمر يروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «لا يتحرى أحدكم بصلاته طلوع الشمس، ولا غروبها» ، وقد يكون ابن عمر سمع هذا من النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة، ولم يسمع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس فرأى هذا حمله على كل صلاة، ولم ير النهي إلا فيما سمع
(قال) :
وقد جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما دل على أن نهيه عن الصلاة في هذه الساعات إنما يعني به صلاة النافلة فأما كل صلاة كرهت فلا، وأثبتنا ذلك في كتاب الصلاة، ولو كان على كل صلاة، وكانت الصلاة على الجنائز صلاة لا تحل إلا في وقت صلاة ما صلي على ميت العصر، ولا الصبح، وقد يجوز أن يكون ابن عمر أراد بذلك أن لا يجلس من تبع الجنازة،
ولا يتفرق من أهل المسجد حتى يكثر المصلي عليها فإن أصحابنا يتحرون بالجنائز انصراف الناس من الصلاة لكثرة المصلين فيقول:
صلوا مع كثرة الناس أو أخروا إلى أن يأتي المصلون للضحى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة من أهل المدينة بإسناد لا أحفظه أنه صلى على عقيل بن أبي طالب، والشمس مصفرة قبل المغيب قليلا ولم ينتظر به مغيب الشمس.
(قال الشافعي)
:
وأكره النياحة على الميت بعد موته، وأن تندبه النائحة على الانفراد لكن يعزى بما أمر الله عز وجل من الصبر، والاسترجاع، وأكره المأتم، وهي الجماعة، وإن لم يكن لهم بكاء فإن ذلك يجدد الحزن، ويكلف المؤنة مع ما مضى فيه من الأثر
(قتل) :
وأرخص في البكاء بلا أن يتأثر، ولا أن يعلن إلا خبرا، ولا يدعون بحرب قبل الموت فإذا مات أمسكن.أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك عن عتيك بن الحارث بن عتيك أخبره عن عبد الله بن عتيك «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب فصاح به فلم يجبه فاسترجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال غلبنا عليك يا أبا الربيع فصاح النسوة وبكين فجعل ابن عتيك يسكتهن فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعهن فإذا وجب فلا تبكين باكية قالوا، وما الوجوب يا رسول الله قال إذا مات»
[غسل الميت]
أخبرنا الربيع بن سليمان قال:
لم أسمع هذا الكتاب من الشافعي وإنما أقرؤه على المعرفة
(قال الشافعي)
:
أول ما يبدأ به من يحضر الميت من أوليائه أن يتولى أرفقهم به إغماض عينيه بأسهل ما يقدر عليه، وأن يشد تحت لحييه عصابة عريضة، وتربط من فوق رأسه كي لا يسترخي لحيه الأسفل فينفتح فوه ثم يجسو بعد الموت، ولا ينطبق، ويرد يديه حتى يلصقهما بعضديه ثم يبسطهما ثم يردهما ثم يبسطهما مرات ليبقى لينهما فلا يجسو، وهما إذا لينا عند خروج الروح تباقى لينهما إلى وقت دفنه ففكتا، وهما لينتان، ويلين كذلك أصابعه، ويرد رجليه من باطن حتى يلصقهما ببطون فخذيه كما وصفت فيما يصنع في يديه ويضع على بطنه شيئا من طين أو لبنة أو حديدة، سيف أو غيره، فإن بعض أهل التجربة يزعمون أن ذلك يمنع بطنه أن تربو، ويخرج من تحته الوطء كله، ويفضي به إلى لوح إن قدر عليه أو سرير ألواح مستو فإن بعض أهل التجربة يزعم أنه يسرع انتفاخه على الوطء، ويسلب ثيابا إن كانت عليه، ويسجي ثوبا يغطي به جميع جسده، ويجعل من تحت رجله ورأسه وجنبيه لئلا ينكشف فإذا أحضروا له غسله، وكفنه، وفرغوا من جهازه فإن كان على يديه، وفي عانته شعر فمن الناس من كره أخذه عنه، ومنهم من أرخص فيه، فمن أرخص فيه لم ير بأسا أن يحلقه بالنورة أو يجزه بالجلم، ويأخذ من شاربيه، ويقلم من أظفاره، ويصنع به بعد الموت ما كان فطرة في الحياة، ولا يأخذ من شعر رأسه ولا لحيته شيئا لأن ذلك إنما يؤخذ زينة أو نسكا، وما وصفت مما يؤخذ فطرة فإن نوره أنقاه من نورة، وإن لم ينوره اتخذ قبل ذلك عيدانا طوالا من شجر لين لا يجرح ثم استخرج جميع ما تحت أظفار يديه، ورجليه من الوسخ ثم أفضى به إلى مغتسله مستورا، وإن غسله في قميص فهو أحب إلي، وأن يكون القميص سخيفا رقيقا أحب إلي، وإن ضاق ذلك عليه كان أقل ما يستره به ما يواري ما بين سرته إلى ركبته لأن هذا هو العورة من الرجل في الحياة، ويستر البيت الذي يغسله فيه بستر ولا يشركه في النظر إلى الميت إلا من لا غنى له عنه ممن يمسكه أو يقلبه أو يصب عليه، ويغضون كلهم، وهو عنه الطرف، وإلا فيما لا يجزيه فيه إلا النظر إليه ليعرف ما يغسل منه، وما بلغ الغسل، وما يحتاج إليه من الزيادة في الغسل، ويجعل السرير الذي يغسله عليه كالمنحدر قليلا، وينفذ موضع مائه الذي يغسله به من البيت فإنه أحرز له أن ينضح فيه شيء انصب عليه، ولو انتضح لم يضره إن شاء الله تعالى، ولكن هذا أطيب للنفس ويتخذ إناءين إناء يغرف به من الماء المجموع لغسله، وإناء يصب فيه ذلك الإناء ثم يصب الإناء الثاني عليه ليكون إناء الماء غير قريب من الصب على الميت، ويغسله بالماء غير.
السخن لا يعجبني أن يغسل بالماء المسخن، ولو غسل به أجزأه إن شاء الله تعالى فإن كان عليه وسخ، وكان ببلد بارد أو كانت به علة لا يبلغ الماء غير المسخن أن ينقي جسده غاية الإنقاء، ولو لصق بجسده ما لا يخرجه إلا الدهن دهن ثم غسل حتى يتنظف، وكذلك إن طلي بنورة، ولا يفضي غاسل الميت بيده إلى شيء من عورته ولو توقى سائر جسده كان أحب إلي، ويعد خرقتين نظيفتين قبل غسله فيلف على يده إحداهما ثم يغسل بها أعلى جسده، وأسفله فإذا أفضى إلى ما بين رجليه، ومذاكيره فغسل ذلك ألقاها فغسلت، ولف الأخرى، وكلما عاد على المذاكير، وما بين الأليتين ألقى الخرقة التي على يده، وأخذ الأخرى المغسولة لئلا يعود بما مر على المذاكير، وبما بين الأليتين على سائر جسده إن شاء الله
[باب عدة غسل الميت]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
أقل ما يجزئ من غسل الميت الإنقاء كما يكون أقل ما يجزئ في الجنابة، وأقل ما أحب أن يغسل ثلاثا فإن لم يبلغ بإنقائه ما يريد الغاسل فخمس فإن لم يبلغ ما يحب فسبع، ولا يغسله بشيء من الماء إلا ألقى فيه كافورا للسنة، وإن لم يفعل كرهته، ورجوت أن يجزئه، ولست أعرف أن يلقى في الماء ورق سدر، ولا طيب غير كافور، ولا يغره، ولكن يترك ماء على وجهه، ويلقي فيه الكافور



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #50  
قديم 28-08-2021, 05:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الأول -كتاب الجنائز
الحلقة (50)
صــــــــــ 321 الى صـــــــــــ325

[ما يبدأ به في غسل الميت]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
يلقى الميت على ظهره ثم يبدأ غاسله فيوضئه وضوءه للصلاة ويجلسه إجلاسا رفيقا ويمر يده على بطنه إمرارا رفيقا بليغا ليخرج شيئا إن كان فيه ثم فإن خرج شيء ألقاه، وألقى الخرقة عن يده، ووضأه ثم غسل رأسه ولحيته بالسدر حتى ينقيهما ويسرحهما تسريحا رفيقا ثم يغسله من صفحة عنقه اليمنى صبا إلى قدمه اليمنى، وغسل في ذلك شق صدره، وجنبه، وفخذه، وساقه الأيمن كله يحركه له محرك ليتغلغل الماء ما بين فخذيه، ويمر يده فيما بينهما، وليأخذ الماء فيغسل يامنة ظهره ثم يعود على شقه الأيسر فيصنع به ذلك ثم يحرف على جنبه الأيسر فيغسل ناتئة ظهره، وقفاه وفخذه، وساقه إلى قدمه، وهو يراه ممكنا ثم يحرف على جنبه الأيمن حتى يصنع بياسرة قفاه، وظهره، وجميع بدنه، وأليتيه، وفخذيه وساقه، وقدمه مثل ذلك، وأي شق حرفه إليه لم يحرفه حتى يغسل ما تحته، وما يليه ليحرفه على موضع نقي نظيف، ويصنع هذا في كل غسلة حتى يأتي على جميع غسله، وإن كان على بدنه، وسخ نحي إلى إمكان غسله بأشنان ثم ماء قراح، وإن غسله بسدر أو أشنان أو غيره لم نحسب شيئا خالطه من هذا شيء يعلو فيه غسلا، ولكن إذا صب عليه الماء حتى يذهب هذا أمر عليه بعده الماء القراح بما وصفت، وكان غسله بالماء، وكان هذا تنظيفا لا يعد غسل طهارة، والماء ليس فيه كافور كالماء فيه شيء من الكافور، ولا يغير الماء عن سجية خلقته، ولا يعلو فيه منه إلا ريحه، والماء بحاله فكثرة الكافور في الماء لا تضر، ولا تمنعه أن يكون طهارة يتوضأ به الحي، ولا يتوضأ الحي بسدر مضروب بماء لأن السدر لا يطهر، ويتعهد بمسح بطن الميت في كل غسلة، ويقعد عند آخر كل غسلة فإذا فرغ من آخر غسلة غسلها تعهدت يداه، ورجلاه، وردتا لئلا تجسوا ثم مدتا فألصقتا بجنبه، وصف بين قدميه وألصق أحد كعبيه بالآخر، وضم إحدى فخذيه إلى الأخرى فإن خرج من الميت بعد الفراغ من غسله شيء أنقي، واعتدت غسلة واحدة ثم يستخف في ثوب فإذا جف صير في أكفانه.
[عدد كفن الميت]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
أحب عدد كفن الميت إلى ثلاثة أثواب بيض ريطات، ليس فيها قميص ولا عمامة فمن كفن فيها بدئ بالتي يريدون أن تكون أعلاها فبسطت أولا ثم بسطت الأخرى فوقها ثم الثالثة فوقهما ثم حمل الميت فوضع فوق العليا ثم أخذ القطن منزوع الحب فجعل فيه الحنوط والكافور، وألقي على الميت ما يستره ثم أدخل بين أليتيه إدخالا بليغا وأكثر ليرد شيئا إن جاء منه عند تحريكه إذا حمل فإن خيف أن يأتي شيء لعلة كانت به أو حدثت يرد بها أدخلوا بينه وبين كفنه لبدا ثم شدوه عليه كما يشد التبان الواسع فيمنع شيئا إن جاء منه من أن يظهر أو ثوبا صفيقا أقرب الثياب شبها باللبد، وأمنعها لما يأتي منه إن شاء الله تعالى، وشدوه عليه خياطة، وإن لم يخافوا ذلك فلفوا مكان ذلك ثوبا لا يضرهم، وإن تركوه رجوت أن يجزئهم والاحتياط بعمله أحب إلي ثم يؤخذ الكرسف فيوضع عليه الكافور فيوضع على فيه ومنخريه وعينيه، وموضع سجوده فإن كانت به جراح نافد وضع عليها، ويحنط رأسه، ولحيته، ولو ذر الكافور على جميع جسده وثوبه الذي يدرج فيه أحببت ذلك، ويوضع الميت من الكفن الموضع الذي يبقى من عند رجليه منه أقل ما بقي من عند رأسه ثم تؤخذ صنفة الثوب اليمنى فترد على شق الرجل الأيسر ثم تؤخذ صنفته اليسرى فترد على شق الرجل الأيمن حتى يغطي بها صنفته الأولى ثم يصنع بالثوب الذي يليه مثل ذلك ثم بالثوب الأعلى مثل ذلك، وأحب أن يذر بين أضعافها حنوط والكافور ثم يجمع ما عند رأسه من الثياب جمع العمامة ثم يرد على وجهه حتى يؤتى به صدره، وما عند رجليه كذلك حتى يؤتى به على ظهر رجليه إلى حيث بلغ، فإن خافوا انتشار الثياب من الطرفين عقدوها كي لا تنتشر فإن أدخلوه القبر لم يدعوا عليه عقدة إلا حلوها، ولا خياطة إلا فتقوها، وأضجعوه على جنبه الأيمن، ورفعوا رأسه بلبنة، وأسندوه لئلا يستلقي على ظهره، وأدنوه في اللحد من مقدمه كي لا ينقلب على، وجهه فإن كان ببلد شديد التراب أحببت أن يلحد له، وينصب اللبن على قبره ثم تسد فرج اللبن ثم يهال التراب عليه، وإن كان ببلد رقيق ضرح له والضرح أن تشق الأرض ثم تبنى ثم يوضع فيه الميت كما وصفت ثم سقف بألواح ثم سدت فرج الألواح ثم ألقي على الألواح والفرج إذخر وشجر ما كان، فيمسك التراب أن ينتخل على الميت فوضع مكتلا مكتلا لئلا يتزايل الشجر عن مواضعه ثم أهيل عليه التراب، والإهالة عليه أن يطرح من على شفير القبر التراب بيديه جميعا عليه، ويهال بالمساحي، ولا نحب أن يزداد في القبر أكثر من ترابه ليس لأنه يحرم ذلك، ولكن لئلا يرتفع جدا، ويشخص القبر عن وجه الأرض نحو من شبر، ويسطح، ويوضع عليه حصباء وتسد أرجاؤه بلبن أو بناء، ويرش على القبر ويوضع عند رأسه صخرة أو علامة ما كانت فإذا فرغ من القبر فذلك أكمل ما يكون من اتباع الجنازة فلينصرف من شاء، والمرأة في غسلها وتعاهد ما يخرج منها مثل الرجل، وينبغي أن يتفقد منها أكثر ما يتفقد من الرجل، وإن كان بها بطن أو كانت نفساء أو بها علة احتيط فخيط عليها لبد ليمنع ما يأتي منها إن جاء، والمشي بالجنازة الإسراع، وهو فوق سجية المشي فإن كانت بالميت علة يخاف لها أن تجيء منه شيئا أحببت أن يرفق بالمشي وأن يدارى لئلا يأتي منه أذى، وإذا غسلت المرأة، ضفر شعرها ثلاثة قرون فألقين خلفها، وأحب لو قرئ عند القبر، ودعي للميت وليس في ذلك دعاء مؤقت، وأحب تعزية أهل الميت، وجاء الأثر في تعزيتهم، وأن يخص بالتعزية كبارهم، وصغارهم العاجزون عن احتمال المصيبة، وأن يجعل لهم أهل رحمهم وجيرانهم طعاما لشغلهم بمصيبتهم عن صنعة الطعام.العلل في الميت.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
:
وإذا كان الميت مصعوقا أو ميتا غما أو محمولا عليه عذاب أو حريقا أو غريقا أو به علة قد توارت بمثل الموت استؤني بدفنه، وتعوهد حتى يستيقن موته لا وقت غير ذلك، ولو كان يوما أو يومين أو ثلاثة ما لم يبن به الموت أو يخاف أثره ثم غسل ودفن، وإذا استيقن موته عجل غسله ودفنه، وللموت علامات منها امتداد جلدة الولد مستقبله " قال الربيع " يعني خصاه فإنها تفاض عند الموت، وافتراج زندي يديه، واسترخاء القدمين حتى لا ينتصبان، وميلان الأنف، وعلامات سوى هذه، فإذا رئيت دلت على الموت.
[من يدخل قبر الرجل]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
:
لا يضر الرجل من دخل قبره من الرجال ولا يدخل النساء قبر رجل، ولا امرأة إلا أن لا يوجد غيرهن، وأحب أن يكونوا وترا في القبر ثلاثة أو خمسة أو سبعة، ولا يضرهم أن يكونوا شفعا، ويدخله من يطيقه، وأحبهم أن يدخل قبره أفقههم ثم أقربهم به رحما ثم يدخل قبر المرأة من العدد مثل من يدخل قبر الرجل، ولا تدخله امرأة إلا أن لا يوجد غيرها، ولا بأس أن يليها النساء لتخليص شيء إن كن يلينه، وحل عقد عنها، وإن وليها الرجال في ذلك كله فلا بأس إن شاء الله تعالى ولا أحب أن يليها إلا زوج أو ذو محرم إلا أن يوجد، وإن لم يوجدوا أحببت أن يليها رقيق إن كانوا لها فإن لم يكونوا فخصيان فإن لم يكن لها رقيق فذو محرم أو ولاء فإن لم يكونوا فمن وليها من المسلمين، ولا بأس إن شاء الله تعالى وتغسل المرأة زوجها، والرجل امرأته إن شاء وتغسلها ذات محرم منها أحب إلي فإن لم تكن فامرأة من المسلمين، ويدخل المرأة قبرها إذا لم يكن معها من قرابتها أحد الصالحين الذين لو احتاجت إليهم في حياتها لجاز لهم أن ينظروا إليها ويشهدوا عليها
[باب التكبير على الجنائز]

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
:
ويكبر على الجنائز أربعا، ويرفع يديه مع كل تكبيرة، ويسلم عن يمينه وشماله عند الفراغ، ويقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدعو لجملة المؤمنين والمؤمنات ثم يخلص الدعاء للميت ومما يستحب في الدعاء أن يقول " اللهم عبدك وابن عبدك خرج من روح الدنيا وسعتها ومحبوبه أحبائه فيها إلى ظلمة القبر، وما هو لاقيه كان يشهد أن لا إله إلا أنت، وأن محمدا عبدك ورسولك، وأنت أعلم به اللهم نزل بك، وأنت خير منزول به وأصبح فقيرا إلى رحمتك، وأنت غني عن عذابه، وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له اللهم فإن كان محسنا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه، وبلغه برحمتك رضاك، وقه فتنة القبر وعذابه، وافسح له في قبره، وجاف الأرض عن جنبيه، ولقه برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين "، وإذا أدخل قبره أن يقال " اللهم أسلمه إليك الأهل والإخوان ورجع عنه كل من صحبه، وصحبه عمله، اللهم فزد في حسنته واشكره واحطط سيئته، واغفر له واجمع له برحمتك الأمن من عذابك، واكفه كل هول دون الجنة اللهم واخلفه في تركته في الغابرين، وارفعه في عليين، وعد عليه بفضل رحمتك يا أرحم الراحمين "
[باب الحكم فيمن دخل في صلاة أو صوم هل له قطع ما دخل فيه]
قبل تمامه؟ وليس في التراجم أخبرنا الربيع قال
(قال الشافعي) :
من دخل في صوم واجب عليه من شهر رمضان أو قضاء أو صوم نذر أو كفارة من وجه من الوجوه أو صلى مكتوبة في وقتها أو قضاها أو صلاة نذرها أو صلاة طواف، لم يكن له أن يخرج من صوم، ولا صلاة ما كان مطيقا للصوم والصلاة على طهارة في الصلاة، وإن خرج من واحد منهما بلا عذر مما وصفت أو ما أشبهه عامدا، كان مفسدا آثما عندنا، والله تعالى أعلم، وكان عليه إذا خرج منه الإعادة لما خرج منه بكماله فإن خرج منه بعذر من سهو أو انتقاض وضوء أو غير ذلك من العذر كان عليه أن يعود فيقضي ما ترك من الصوم والصلاة بكماله لا يحل له غيره طال تركه له أو قصر، وأصل هذا إذا لم يكن للمرء ترك صلاة، ولا صوم قبل أن يدخل فيه، وكان عليه أن يعود فيقضي ما ترك بكماله فخرج منه قبل إكماله عاد، ودخل فيه فأكمله لأنه إذا لم يكمله بعد دخوله فيه فهو بحالة لأنه قد وجب عليه فلم يأت به كما وجب عليه، وإنما تكمل صلاة المصلي الصلاة الواجبة، وصوم الصائم الواجب عليه إذا قدم فيه مع دخوله في الصلاة نية يدخل بها في الصلاة فلو كبر لا ينوي واجبا من الصلاة أو دخل في الصوم لا ينوي، واجبا لم تجزه صلاته ولا صيامه من الواجب عليه منهما، وما قلت في هذا داخل في دلالة سنة أو أثر لا أعلم أهل العلم اختلفوا فيه
(قال الشافعي) :
ومن تطوع بصلاة أو طواف أو صيام أحببت له أن لا يخرج من شيء منه حتى يأتي به كاملا إلا من أمر يعذر به كما يعذر في خروجه من الواجب عليه بالسهو أو العجز عن طاقته أو انتقاض وضوء في الصلاة أو ما أشبهه، فإن خرج بعذر أو غير عذر فلو عاد له فكمله كان أحب إلي، وليس بواجب عندي أن يعود له،
والله تعالى أعلم فإن قال قائل:
ولم لا يعود لما دخل فيه من التطوع من صوم وصلاة وطواف إذا خرج منه كما يعود لما وجب عليه؟ قيل له إن شاء الله تعالى لاختلاف الواجب من ذلك والنافلة،
فإن قال قائل:
فأين الخلاف بينهما؟
قيل له إن شاء الله تعالى: لا اختلاف مختلفان قبل الدخول فيهما،
وبعده فإن قال قائل:
ما وجد في اختلافهما؟
قيل له:
أرأيت الواجب عليه أكان له تركه قبل أن يدخل فيه؟
فإن قال:
لا قيل: أفرأيت النافلة، أكان له تركها قبل أن يدخل فيها؟
فإن قال:
نعم،
قيل:
أفتراهما متباينتين قبل الدخول؟
فإن قال:
نعم،
قيل:
أفرأيت الواجب عليه من صوم وصلاة لا يجزئه أن يدخل فيه لا ينوي الصلاة التي وجبت بعينها والصوم الذي وجب عليه بعينه؟ فإن قال: لا ولو فعل لم يجزه من واحد منهما قيل له: أفيجوز له أن يدخل في صلاة نافلة، وصوم لا ينوي نافلة بعينها، ولا فرضا أفتكون نافلة؟
فإن قال:
نعم قيل له: وهل يجوز له وهو مطيق على القيام في الصلاة أن يصلي قاعدا أو مضطجعا، وفي السفر راكبا أين توجهت به دابته يومئ إيماء؟
فإن قال:
نعم قيل له: وهل يجوز له هذا في المكتوبة؟
فإن قال:
لا،
قيل:
أفتراهما مفترقتين بين الافتراق قبل الدخول فيهما، ومع الدخول، وبعد الدخول عندنا وعندك استدلالا بالسنة، وما لم أعلم من أهل العلم مخالفا فيه.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 304.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 298.15 كيلو بايت... تم توفير 6.07 كيلو بايت...بمعدل (2.00%)]