![]() |
|
|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() من درر العلامة ابن القيم عن السنة النبوية فهد بن عبد العزيز الشويرخ الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فالسنة النبوية, من المواضيع التي بحثها العلامة ابن القيم رحمه الله في أكثر من كتاب من مصنفاته, ولا غرو في ذلك, فالناس بحاجة إلى تحكيم السنة والتحاكم إليها ودعوة الناس إليها, في جميع أمورهم الدينية والدنيوية هذا وقد يسّر الله الكريم فجمعت بعضاً مما ذكره العلامة ابن القيم رحمه الله عن السنة في بعض كتبه, أسأل الله أن ينفع بها الجميع.
وهذه الأمور الثلاثة متلازمة, كما أضدادها متلازمة, فالأوزار والخطايا تقبضُ الصدر وتُضيقه, وتُخمل الذكر وتضعُه, وكذلك ضيق الصدر يضع الذكر ويجلب الوزر, فما وقع أحد في الذنوب والأوزار إلا من ضيق صدره وعدم انشراحه, وكلما ازداد الصدر ضيقاً كان أدعى إلى الذنوب والأوزار, لأن مرتكبها إنما يقصد بها شرح صدره, ودفع ما هو فيه من الضيق والحرج, وإلا فلو اتسع بالتوحيد والإيمان ومحبة الله ومعرفته وانشرح بذلك لا ستغنى عن شرحه بالأوزار [الكلام على مسألة السماع] ـــــــــــــــ
وتأمل كيف أخبر عن حيلولته بين المرء وقلبه بعد أمره بالاستجابة له ولرسوله, كيف تجد في ضمن هذا الأمر والخبر أن من ترك الاستجابة له ولرسوله حال بينه وبين قلبه, عقوبةً له على ترك الاستجابة, فإنه سبحانه يُعاقب القلوب بإزاغتها عن هداها ثانياً, كما زاغت هي عنه أولاً, قال تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ۚ ﴾ [الصف:5] وقال: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ [الأنعام:110] وقال: ﴿ثُمَّ انصَرَفُوا ۚ صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُم ﴾ [التوبة:127] فصرف قلوبهم عن الهدى ثانياً, لما انصرفوا عنه بعد إذ جاءهم أولاً. وقد حذر سبحانه من خالف أمر رسوله بإصابة الفتنة في قلبه وعقله ودينه, وإصابة العذاب الأليم له, إما في الآخرة أو في الدنيا والآخرة, فقال: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور:63] قال سفيان وغيره من السلف: وأي فتنة ؟ إنما هي الكفر. وأخبر سبحانه وتعالى أن من تولى عن طاعة رسوله, فإنه لا بدّ أن يُصيبه بمصيبةٍ وقارعةٍ بقدر توليه عن طاعته, فقال سبحانه وتعالى : ﴿فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾ [المائدة:49] [الكلام على مسألة السماع] ـــــــــــــــــ
وتأمل قوله ﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ كيف أعاد الفعل وهو طاعة الرسول, ليدل أنه يُطاع استقلالاً, وإن أمر بما ليس في القرآن الأمرُ به, ونهى عما ليس في القرآن النهي عنه فإنه أوتى الكتاب ومثله معه, ولم يُعد الفعل في طاعة أولي الأمر, بل جعلها ضمناً وتبعاً لطاعة الرسول, فإنهم إنما يُطاعون تبعاً لطاعة الرسول إذا أمروا بما أمر به ونهوا عما نهى عنه لا تجب طاعتهم في كل ما يأمرون به وينهون عنه ثم قال: ﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ ولم يقل: (وإلى الرسول) إعلاماً بأن ما رُدّ إلى الله فقد رُدّ إلى رسوله, وما رُدّ إلى رسوله فقد رُدّ إليه سبحانه, وإن ما حكم به فقد حكم به رسوله, وما حكم به رسوله فهو حكمه سبحانه. وقال: ﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ ﴾ وهذا يعمُّ دقيق ما تنازع فيه المسلمون وجليله, فمن ظن أن هذا في شرائع الإسلام دون حقائق الإيمان, وفي أعمال الجوارح دون أعمال القلوب...أو في فروع الدين دون أصوله وباب الأسماء والصفات والتوحيد فقد خرج عن موجب الآية علماً وعملاً وإيماناً. [الكلام على مسألة السماع] ــــــــــــــــــ
[الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة]
[بدائع الفوائد] ــــــــــــــ
[إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان]
ولو قُدِّر انتفاء ذلك كله - ولا سبيل إلى العلم بانتفائه ولا ظنه – لم يكن الراوي معصومًا، ولم توجب مخالفته لما رواه سقوط عدالته حتى تغلب سيئاته حسناته، وبخلاف هذا الحديث الواحد لا يحصل له ذلك.[أعلام الموقعين عن رب العالمين]
ـــــــــــــــــــ
ولم يقتصر على هذا حتى ضمَّ إليه انشراح الصدر بحكمه؛ حيث لا يجدوا في أنفسهم حرجًا - وهو الضِّيقُ والحصر - من حُكمه، بل يتلقوا حكمه بالانشراح، ويقابلوه بالقبول، لا أنهم يأخذونه على إغماض، ويشربونه على قذًى، فإن هذا منافٍ للإيمان، بل لا بدَّ أن يكون أخذه بقبول ورضًا وانشراح صدر. ومتى أراد العبدُ أن يعلَمَ منزلته من هذا، فلينظر في حاله وليطالع قلبه عند ورود حُكمه على خلاف هواه وغرضه، أو خلاف ما قلَّد أسلافه من المسائل الكبار وما دونها، ﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾[القيامة:14_15] .. ثم لم يقتصر سبحانه على ذلك حتى ضم إليه قوله: ﴿ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾، فذكر الفعل مُؤكدًا له بمصدره القائم مقام ذكره مرتين، وهو الخضوع له والانقياد لما حكم به طوعًا ورضًا وتسليمًا لا قهر ومصابرة كما يسلم المقهور لمن قهره كرهًا، بل تسليم عبد محب مطيع لمولاه وسيده الذي هو أحب شيء إليه، يعلم أن سعادته وفلاحه في تسليمه إليه، ويعلم أنه أولى به من نفسه، وأبرُّ به منها، وأرحمُ به منها، وأنصحُ له منها، وأعلم بمصالحه منها، وأقدرُ على تحصيلها.[الرسالة التبوكية] ــــــــــــــــ
فشبه صلى الله عليه وسلم العلم الذي جاء به بالغيث؛ لأن كلًّا منهما سبب الحياة، فالغيث سبب حياة الأبدان، والعلم سبب حياة القلوب. وشبَّه القلوب القابلة للعلم بالأرض القابلة للغيث، كما شبه سبحانه القلوب بالأودية في قوله تعالى: ﴿ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا ﴾ [الرعد: 17]. وكما أن الأرضين ثلاثة بالنسبة إلى قبول الغيث: إحداها: أرض زكية قابلة للشرب والنبات، فإذا أصابها الغيث ارتوت ثم أنبتت من كل زوج بهيج. فهذا مثل القلب الزكي الذكي، فهو يقبل العلم بذكائه، ويثمر فيه وجوه الحكم ودين الحق بزكائه، فهو قابل للعلم، مثمر لموجبه وفقهه وأسرار معادنه. والثانية: أرض صلبة قابلة لثبوت الماء فيها وحفظه، فهذه ينتفع الناس بورودها والسقي منها والازدراع. وهذا مثل القلب الحافظ للعلم الذي يحفظه كما سمعه، ولا تصرف له فيه ولا استنباط بل له الحفظ المجرد فهو يؤدي كما سمع وهو من القسم الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: (( فربَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه وربَّ حامل فقه غير فقيه.)) ـــــــــــــــ والأرض الثالثة: أرض قاع، وهو المستوى الذي لا يقبل النبات ولا يمسك الماء، فلو أصابها من المطر ما أصابها لم تنتفع بشيء منها. فهذا مثل القلب الذي لا يقبل العلم ولا الفقه والدراية فيه، وإنما هو بمنزلة الأرض البوار التي لا تنبت ولا تحفظ الماء، وهو مثل الفقير الذي لا مال له، ولا يحسن يمسك مالًا. فالأول: عالم معلم، داعٍ إلى الله على بصيرة، فهذا من ورثة الرسل. والثاني: حافظ مؤدٍّ لما سمعه، فهذا يحمل إلى غيره ما يتجر به المحمول إليه ويستثمر. والثالث: لا هذا ولا هذا، فهو الذي لم يقبل هدى الله، ولا رفع به رأسًا. فاستوعب هذا الحديث أقسام الخلق في الدعوة النبوية ومنازلهم؛ منها قسمان سعيدان، وقسم شقي. فعلى العاقل الناصح لنفسه أن ينظر من أي الأقسام هو، ولا يغتر بالعادة ويخلد إلى البطالة. فإن كان من قسم سعيد انتقل منه إلى ما هو فوقه وبذل جهده، والله ولي التوفيق والنجاح. وإن كان من قسم شقي انتقل منه إلى منه إلى القسم السعيد في زمن الإمكان، قبل أن يقول: ﴿ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان: 27][الرسالة التبوكية]
[أعلام الموقعين عن رب العالمين] ــــــــــــــ
وهذا كما أنه معلوم في الشرور العامة والمصائب الواقعة في الأرض، فكذلك هو في الشر والألم والغم الذي يصيب العبد في نفسه، فإنما هو بسبب مخالفة الرسول؛ وإلا فطاعته هي الحصن الذي من دخله فهو من الآمنين، والكهف الذي من لجأ إليه فهو من الناجين. فلا نجاة للعبد ولا سعادة إلا باجتهاده في معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم علمًا، والقيام به عملًا. وكمال هذه السعادة بأمرين آخرين: أحدهما: دعوة الخلق إليه. والثاني: صبره وجهاده على تلك الدعوة. [الرسالة التبوكية]
[رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه] ـــــــــــــــــــــ
المنزلة الثانية: سنة تفسر الكتاب، وتبيِّن مراد الله منه، وتقيِّد مطلقه. المنزلة الثالثة: سنة متضمنة لحكم سكت عنه الكتاب، فتبينه بيانًا مبتدأً. ولا يجوز رد واحدة من هذه الأقسام الثلاثة، وليس للسنة مع كتاب الله منزلة رابعة. [الطرُق الحكمية في السياسة الشرعية] ــــــــــــــــ
ولو رُدت السنن بعدم ظهور الحكمة والمناسبة، لكان ذلك ردًّا على الرسول صلى الله عليه وسلم، وخروجًا عن المتابعة، وخلعًا لربقة العبودية من العنق، ولو ساغ للعبد ألا يقبل من السنة إلا ما رأى فيه الحكمة والمناسبة، لبطل الدين وتلاعب به المبطلون، وصار عُرضة لرد الرادين، وعياذًا بالله من هذا الرأي الباطل. [رفع اليدين في الصلاة] الحذر من تقديم الآراء والعقول على سنة الرسول عليه الصلاة والسلام: قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2]، فإذا كان رفعُ أصواتهم فوق صوته سببًا لحبط أعمالهم، فكيف تقديم آرائهم وعقولهم وأذواقهم وسياساتهم ومعارفهم على ما جاء به ورفعها عليه؟ أو ليس هذا أولى أن يكون مُحبطًا لأعمالهم؟ [أعلام الموقعين عن رب العالمين]
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
••• جميع المشاركات والآراء المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع ••• |
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |