معنى اسم الرب - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4418 - عددالزوار : 854934 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3949 - عددالزوار : 389815 )           »          معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 13-01-2021, 09:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي معنى اسم الرب

معنى اسم الرب


الشيخ وحيد عبدالسلام بالي




الدَّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسمِ اللهِ (الرَّب)[1]:

الرَّبُّ فِي اللغةِ صِفةٌ مشبهَةٌ للموصوف بالرُّبُوبِيَّةِ، فعْله ربَّ يربُّ ربوبية، أو ربَّى يربِّي تربية.

والربُّ هو الذي يُربي غيرَه ويُنشئه شيئًا فشيئًا.

ويُطْلَقُ على المالِك والسَّيِّد والمدَّبِّرِ والمُرَبِّي والقيِّم والمُنْعِم.



ولا يُطْلَقُ غيرَ مُضافٍ إلا على اللهِ تعالى، وإذا أُطلقَ على غيرِه أُضِيفَ، كربِّ الإبل ورَبِّ الدارِ؛ أي: مالكها، ويُطلق أيضًا على السّيدِ المطاعِ، ومنه قولُه تعالى: ﴿ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ﴾ [يوسف: 41]؛ أي: سيدَهُ المطاعَ، ويطلق الربُّ أيضًا على المعبودِ، ومنه قولُ الشاعر:

أَرَبٌّ يَبُولُ الثُّعْلُبَانِ بِرَأْسِهِ ♦♦♦ لقد ذَلَّ من بالتْ عليهِ الثَّعَالِبُ



فوصْفُ الرَّبِّ مِن الناحية اللغوية يكُون لمن أنشَأ الشَّيْءَ حالًا فحالًا إلى حَدِّ التمامِ، أو قام على إصلاحِ شؤونِه وتولَّي أمرَهِ بانتظامٍ[2].



والرَّبُّ سبحانه وتعالى هو المتكفِّلُ بخلْقِ الموجوداتِ وإنشائِها، والقائمُ على هدايتِها وإصلاحِها، وهو الذي نظَّمَ معيشتَها ودبَّر أمْرَهَا، ودليلُ هذا المعنى ما ورد في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 54]، فالربُّ سبحانه هو المتكفِّل بالخلائق أجمعين إيجادًا وإمدادًا ورعايةً وقيامًا على كلِّ نفسٍ بما كسبَتْ.

قال تعالى: ﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾ [الرعد: 33].



وحقيقةُ معنى الربوبية في القرآن تقوم على رُكْنَين اثنين وَرَدَا في آياتٍ كثيرة:

أحدُهما: إفرادُ اللهِ بالخلْقِ.

والثاني: إفرادُه بالأَمْرِ وتدبير ما خلقَ.



كما قال تعالى عن موسى؛ وهو يُبين حقيقةَ الربوبية لفرعونَ لما سأله: ﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه: 49، 50]، فأجاب فرعونَ عن الربوبية بحصْرِ معانيها فِي معنيَين جامِعَين؛ الأول: إفرادُ الله بتخليقِ الأشياء وتكوينها وإنشائها من العدم حيث أعطى كلَّ شيءٍ خلْقَهُ وكمالَ وجودِهِ، والثاني: إفرادُ اللهِ بتدبيرِ الأمْرِ في خلْقِهِ كهِدايتِهم، والقيام على شؤونِهم، وتصريفِ أحوالهم، والعنايةِ بهم؛ فهو سبحانه الذي تَوكَّل بالخلائق أجمعين قال تعالى: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الزمر: 62][3].



قال اللهُ عز وجل: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2].

وعن العباسِ رضي الله عنه؛ أنه سَمعَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "ذاقَ طَعْمَ الإيمانِ مَنْ رَضِي بِاللِه رَبًّا، وَبِالإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم رَسُولًا"[4].



قال الحليميُّ فِي معنى الربِّ: "هو المُبْلِغُ كلَّ ما أبدعَ حدَّ كمالِهِ الذي قدَّرَ له.

فهو يسلُّ النطفةَ من الصُّلبِ ثم يجعلُها علقةً، ثم العلقةَ مُضغةً، ثم يخلق المُضْغَةَ عظامًا، ثم يكسو العَظمَ لحمًا، ثم يخلقُ الرُّوحَ فِي البدَنِ، ويخرجُه خلقًا آخر، وهو صغيرٌ ضعيفٌ، فلا يزال يُنميه ويُنشيه حتى يجعلَهُ رجلًا، ويكونُ فِي بدءِ أمرِهِ شابًّا، ثم يجعلهُ كهلًا، ثم شيخًا وهكذا كلُّ شيءٍ خلقَهُ، فهو القائِمُ عليه، والمُبلِغُ إياه الحدَّ الذي وضَعَه له، وجعله نهايةً ومقدارًا له.



وقال أبو سليمان فيما أُخبرتُ عنه: قد رَوَى غيرُ واحدٍ من أهلِ التَّفْسيرِ فِي قوله جل وعلا: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]، إِنَّ معنى الرَّبِّ السَّيِّدُ، وهذا يستقيمُ إذا جعلنا العالمين معناه المميّزون دون الجمادِ؛ لأنه لا يصحُّ أن يُقالَ: سَيّدُ الشجرِ والجبالِ ونحوِها. كما يُقال: سَيِّدُ النَّاسِ، ومِنْ هذا قولُه: ﴿ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ﴾ [يوسف: 50]؛ أي: إلى سيدك.



وقيل: إِنَّ الرَّبَّ المالِكُ، وعلى هذا تستقيُم الإضافةُ إلى العمومِ، وذَهَبَ كثيرٌ منهم إلى أَنَّ اسم العالَم يقع على جميع المكوناتِ، واحتجّوا بقوله سبحانه وتعالى: ﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ﴾ [الشعراء: 23، 24][5].



والرَّبُّ: المُصلِحُ والجابِرُ والمدَبِّرُ والقائِمُ.

قال الهَرَويُّ وغيرُه: ويقال لمن قام بمصالح شيءٍ وإتمامِهِ: قد رَبَّه يربُّه فهو رَبٌّ، ومنه سُمِّي الرَّبَّانيُّون لقيامهم بالكتُبِ وإصلاح الناس بها، ومنه الحديث "هَلْ لَكَ مِنْ نِعْمَةٍ تُرَبُّهَا عَلَيْهِ"؛ أي تقومُ بها. ومنه قول النابغة:

وَرَبَّ عَلَيْــهِ اللهُ أَحْسَنَ صُنْعِهِ ♦♦♦ وَكَانَ لَهُ خَيْرُ البَرِيَّـةِ ناصرًا



ورببْتُ الأديمَ: دهنتُه بالرُّبِّ قال:

فَإِنْ كُنْتِ مِنِّى أَوْ تُرِيدِينَ صُحْبَتِي ♦♦♦ فَكُونِي لَهُ كَالسَّمْنِ رُبَّ لَهُ الأدمُ



وهو يرجعُ إلى معـنى الإصـلاح يُقال: رببتُ الزق بالـرُبِّ، والـربُّ السلافُ الخـائر مِن كـلِّ الثمـار، ويُقـال مِـن ذلك (رببت الزقَّ) بالقـير إذا أصلحْته.



والرَّبُّ المعبودُ يدل عليه حديثُ عذابِ القبرِ؛ يقال له: "مَنْ ربُّك"؛ المرادُ: مَنْ معبودُك.

فالله سبحانه رَبُّ الأربابِ ومعبودُ العُبَّادِ، يَمْلكُ المالكَ والمَمْلوكَ وجميعَ العبادِ. وهو خالقُ ذلك ورازقُه، وكلُّ ربٍّ سواهُ غيرُ خالقٍ ولا رازقٍ.



وكلُّ مخلوقٍ فمُملَّكٌ بعد أَنْ لم يكُنْ، ومنتَزعٌ ذلك مِن يدِهِ، وإنَّما يَملِكُ شيئًا دونَ شيءٍ، وصِفةُ اللهِ تعالى مخالِفَةٌ لهذا المعنى؛ فهذا الفرقُ بين صفاتِ الخالقِ والمخلوقين.



فأما قولُ فرعونَ - لعنهُ اللهُ - إذ قال: ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات: 24]، فإنه أراد أن يَستبدَّ بالرُّبوبيَّةِ العاليةِ على قومِهِ، ويكُونَ ربَّ الأربابِ، فيُنازِع اللهَ في ربُوبيَّته ومُلكِهِ الأعلى: ﴿ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى ﴾ [النازعات: 25].



وقد قِيلَ: إِنَّ الربَّ مُشْتَقٌّ مِن التربيةِ، فالله سبحانه مُدبِّرٌ لخلقِهِ ومُربِّيهم ومصلِحُهُم وجابِرُهم، القائِمُ بأمورِهم، قيومُ الدُّنيا والآخرةِ، كلُّ شَيءٍ خَلْقُه، وكلُّ مذكورٍ سِواه عَبْدُه، وهو سبحانه رَبُّه، لا يصلحُ إلا بتدبيرِهِ، ولا يقـومُ إلا بأمـرِهِ، ولا يربُّه سِـوَاه، ومـِن هـذا المعـنى قـوله تعـالى: ﴿ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ﴾ [النساء: 23]، فسَمَّى وَلدَ الزَّوجةِ ربيبةً لتربيةِ الزوجِ لها، فعلى أَنَّه مُدَبِّرٌ لخلقِهِ ومربيهم ومُصلحُهم وجابرُهُم يكُون صِفة فعْلٍ، وعلى أن الربَّ المالكُ والسَّيِّدُ يكونُ صِفةَ ذاتٍ.



فيجبُ على كلِّ مكلَّفٍ أَنْ يَعلَمَ أَنْ لا رَبَّ له على الحقيقةِ إلا اللهُ وَحْدَهُ، وأَنْ يُحسِنَ تربيةَ مَنْ جُعِلَتْ تربيتُه إليه، فيقومَ بأمرِهِ ومَصالحِهِ كما قام الحقُّ به، فيُرَقِّيهُ شيئًا شيئًا، وطورًا طورًا، ويحفظهُ ما استطاعَ جُهْدَهُ كما حَفِظَهُ اللهُ.

قال ابن عباس وسُئل عن الرَّبَّانيِّ؟ فقال: "هو الذي يُعلمُ الناسَ بصِغارِ الأَمْرِ قَبْلَ كبارِه".



فالعبدُ يتضرَّعُ إلى اللهِ العظيمِ، فيقول: ﴿ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ﴾ [القصص: 16].

ولا يتحلَّى به، ولا يَصِفُ نفسَه به، فقد صَحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي وَأَمَتِي، وَلَا يَقُلِ المَمْلُوكُ: رَبِّي وَرَبَّتِي، وَلْيَقُلِ المَالِكُ: فَتَاتِي وَفَتَايَ، وَلْيَقُلِ المَمْلُوكُ: سَيِّدِي وَسَيِّدَتِي؛ أَنْتُمُ المُمَلَّكُونَ وَالرَّبُّ الُله"[6]، ذكرَهُ ابنُ العربي[7].



وقال ابنُ الأنباري[8]: "الرَّبُّ ينقسِمُ على ثلاثةِ أَقْسامٍ[9]:

يكونُ الرَّبُّ المالِكَ، ويكونُ الربُّ السِّيدَ المُطاعَ، قال الله تعالى: ﴿ فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ﴾ [يوسف: 41]؛ أي: سَيِّدَهُ.

ويكون الربُّ المُصلِحَ، ربَّ الشيءَ إذا أصلحَه"[10].

وقال الراغبُ: "الربُّ في الأصلِ التربيةُ، وهو إنشاءُ الشَّيءِ حالًا فحالًا إلى حدِّ التَّمامِ"[11].



وُرُودُه فِي القرآنِ الكريمِ:

وَرَدَ هذا الاسمُ في القرآنِ مَرَّاتٍ كثيرةً جدًّا، أما عن ورُودِهِ مفردًا فقد وَرَدَ في إحدى وخمسينَ ومائةِ مَرَّةً، منها:

قولهُ تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2].

وقولهُ: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 131].

وقولهُ: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162].

وقولهُ: ﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 164].

وقولهُ: ﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 54].

وقولهُ: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴾ [الدخان: 8].

وقال: ﴿ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ﴾ [الرحمن: 17].

وقال: ﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [التكوير: 29].

وغيرها من الآيات الكثيرة.



المَعْنَى فِي حَقِّ الله تَعَالَى:

قال الطبريُّ بعد ذكرِهِ للوجوهِ الثلاثةِ التي تقدَّمَتْ في معنى الرَّبِّ:

"وقد يتصرَّفُ أيضًا معنى الربِّ في وجوهٍ غيرِ ذلك، غيرَ أَنَّها تعُودُ إلى بعضِ هذه الوجوهِ الثلاثةِ، فربُّنا جلَّ ثناؤُه السَّيِّدُ الذي لا شِبْهَ له ولا مِثْلَ في سُؤْددِهِ، والمصْلحُ في أمْرِ خلْقِهِ بِما أسبغَ عليهم مِنْ نِعَمِهِ، والمالِكُ الذي له الخلْقُ والأمْرُ"[12].



قال ابنُ الأثير: "الرَّبُّ يُطْلَقُ في اللُّغةِ على المالكِ والسَّيِّدِ والمدَبِّرِ والمُرَبِّي والقيِّم والمُنْعِمِ.

ولا يُطلقُ غيرَ مضافٍ إلا على اللهِ تعالى، وإذا أُطْلِقَ على غيرِهِ أُضيفَ، فيقال: رَبُّ كذا"[13].



قال ابنُ كثيرٍ: "والرَّبُّ هو المالِكُ المتصرِّفُ، ويُطلقُ فِي اللُّغةِ على السَّيِّدِ وعلى المتصرِّفِ للإصْلاحِ، وكلُّ ذلك صحيحٌ في حقِّ اللهِ تعالى.



ولا يُستعملُ الربُّ لغيرِ اللهِ، بل بالإضافةِ، تقولُ: رَبُّ الدارِ، رَبُّ كذا، وأما الربُّ فلا يُقال إلا للهِ عز وجل"[14].

وقال عبد الرحمن السعدي: "(الربُّ) هو المُرَبِّي جميع عباده بالتدبيرِ وأصنافِ النِّعَمِ.



وأَخَصُّ مِن هذا: تربيتُه لأصْفيائِهِ بإصْلاحِ قلوبِهم وأرواحِهم وأخلاقِهم؛ ولهذا كَثُر دعاؤهم له بهذا الاسمِ الجليلِ، لأنهم يَطلبون منه هذه التربيةَ الخاصَّةَ"[15].



ثمراتُ الإيمان بهذا الاسمِ:

1- إِنَّ اللهَ سُبحانه هو الربُّ على الحقيقةِ، فلا رَبَّ على الحقيقةِ سِواهُ وهو ربُّ الأربابِ ومالكُ المُلكِ، ومَلِكُ الملوكِ سبحانه وتعالى.



قال القرطبيُّ: "فالله سبحانه ربُّ الأربابِ، ومعبودُ العُبَّادِ، يَمْلكُ الممالِكَ والملوكَ[16]، وجميعَ العبادِ، وهو خالقُ ذلك ورازِقُهُ، وكلُّ ربٍّ سواه غيرُ خالقٍ ولا رازقٍ، وكلُّ مخلوقٍ فَمُمَلَّكٌ بعد أَنْ لم يَكُنْ، ومُنتَزَعٌ ذلك مِن يدِهِ، وإنما يملكُ شيئًا دون شيءٍ.

وصفةُ اللهِ مخالفةٌ لهذا المعنى، فهذا الفرقُ بين صفاتِ الخلْقِ والمخلوقين.



فأما قولُ فرعونَ لعَنَهُ اللهُ إِذْ قال: ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات: 24]، فإِنَّه أرادَ أن يَستبدَّ بالربُوبيةِ العاليةِ على قومِهِ، ويكونَ ربَّ الأرباب فيُنازِع اللهَ في ربوبيتِهِ ومُلكِهِ الأعلى ﴿ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى ﴾ [النازعات: 25].



وقد قِيلَ إنَّ الربَّ مُشتقٌّ مِنَ التربيةِ، فاللهُ سُبحانَهُ مدبِّرٌ لخلقِهِ ومُربِّيهم ومُصلحُهم وجابرُهُم والقائِمُ بأمورِهم، قيُّومُ الدُّنيا والآخرةِ، كلُّ شيءٍ خَلْقُه، وكلُّ مذكورٍ سِوَاه عبدُهُ وهو رَبُّه، لا يصلحُ إلا بتدبيرِه، ولا يقومُ إلا بأمْرِهِ، ولا يَرُبُّه سِواهُ.



ومنه قولُه تعالى: ﴿ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ﴾ [النساء: 23]، فَسَمَّى ولدَ الزَّوجةِ ربيبةً لتربيةِ الزَّوجِ لها.



فعلى أَنَّه مدبرٌ لخلقِهِ ومُربِّيهم ومُصلِحُهُم وجابرُهم يكونُ صفةَ فعلٍ، وعلى أَنَّ الربَّ المالكُ والسيدُ يكون صفةَ ذاتٍ" اهـ[17].



ويُبيِّنُ الحليميُّ أن اللهَ سُبحانه يَرْعى العبادَ ويربيهم في أحوالِهم وأطوارهم المختلفةِ، فيقولُ: "(الربُّ) وهو المُبَلِّغُ كلَّ ما أبدعَ حدَّ كمالِهِ الذي قَدَّرَهُ له.



وهو يَسُلُّ النُّطفةَ من الصُّلبِ ويجعلُها علقةً، والعلقةَ مُضْغةً، ثم يجعلُ المُضْغَةَ عِظامًا، ثم يكسو العظامَ لحمًا، ثم يخلُق في البَدَنِ الرُّوحَ، ويخرجُهُ خَلقًا آخَرَ، وهو صَغِيرٌ ضَعِيفٌ، فلا يزال يُنميه ويُنشِئُه حتى يجعلَه رَجُلًا، ويكونُ في بدءِ أمرِهِ شابًّا ثم يجعلُه كهلًا ثُمَّ شيخًا. وهكذا كلُّ شيءٍ خلَقَهُ فهو القائِمُ عليه به، والمُبلغُ إيّاهُ الحدَّ الذي وصَفَهُ وجعلَهُ نهايةً ومقدارًا له"[18].



2- فمَنْ عَرَفَ ذلك لم يَطلبْ غَيرَ اللهِ تعالى له ربًّا وإلهًا، بل رَضِيَ به سبحانه وتعالى ربًّا، ومَنْ كانت هذه صِفَتَهُ ذاق طعمَ الإيمانِ وحلاوتَهُ، كما قال صلى الله عليه وسلم: "ذَاقَ طَعْمَ الإيمانِ مَنْ رَضِيَ بالله ربًّا، وبالإسلامِ دينًا، وبمحمدٍ رسولًا"[19].



قال القاضي عياضٌ رحمه الله: "معنى الحديثِ: صَحَّ إيمانُه، واطْمَأنَّتْ به نفسُه، وخامَر باطِنَهُ؛ لأنَّ رضاه بالمذكوراتِ دليلٌ لثبوتِ معرفَتِهِ، ونفاذِ بصيرتِهِ، ومخالَطَةِ بشاشتِهِ قلبَهُ؛ لأنَّ مَنْ رَضِيَ أمْرًا سَهُلَ عليه، فكذا المؤمنُ إذا دَخَلَ قلبَهُ الإيمانُ سَهُلَ عليه طاعاتُ اللهِ تعالى، ولذَّتْ له، واللهُ أعلم"[20].



3- وقد تكلَّم العلَّامةُ ابنُ القَيِّمِ عن ارتباطِ اسم (الربِّ) باسمِ (اللهِ) و (الرحمن) كلامًا جيدًا حيثُ يقولُ:

"وتأمَّلْ ارتباطَ الخَلْقِ والأمْرِ بهذه الأسماءِ الثلاثةِ، وهي (الله، والربُّ، والرَّحمنُ)، كيف نشأ عنها الخلْقُ، والأمرُ، والثوابُ والعِقَابُ؟ وكيف جَمَعتِ الخلْقَ وفرقتْهُم؟ فلها الجمْعُ، ولها الفَرْقُ.



فاسمُ (الربِّ) له الجمْعُ الجامعُ لجميعِ المخلوقاتِ. فهو ربُّ كلِّ شَيءٍ وخالِقُه، والقادِرُ عليه لا يخرجُ شيءٌ عن ربوبيتِهِ، وكلُّ مَنْ فِي السماواتِ والأرضِ عَبْدٌ له فِي قبضتِهِ، وتحتَ قَهْرِهِ، فاجتمعوا بصفةِ الربوبيةِ، وافترقوا بصفةِ الإلهيَّةِ، فَأَلَّهَهُ وَحْدَهُ السُّعداءُ، وأقرُّوا له طوعًا بأَنَّه اللهُ الذي لا إلَهَ إلا هو، الذي لا تنبغي العبادةُ، والتَّوكُّلُ، والرَّجاءُ، والخوف، والحبُّ، والإنابة، والإخْبَات، والخشية، والتذلُّل، والخضوع له.



وهُنا افترقَ الناسُ، وصاروا فريقين: فريقًا مشرِكين في السَّعيرِ، وفريقًا موحِّدينَ فِي الجَنَّةِ.

فالإِلهيَّةُ هي التي فَرَّقَتْهُم، كما أَنَّ الرُّبوبيةَ هي التي جمعَتْهُمْ.



فالدِّينُ والشَّرعُ، والأَمرُ والنَّهيُ - مَظهرُه وقيامُه - مِن صِفَةِ الإِلهيَّةِ، والخَلْقُ والإيجادُ والتدبيرُ والفعلُ مِن صِفةِ الربوبيَّةِ، والجزاءُ بالثوابِ والعقابِ والجَنَّةِ والنَّارِ مِن صِفةِ المُلكِ، وهو مَلكُ يومِ الدِّينِ.



فأمَرهُمْ بإلهيتِهِ، وأعانَهُمْ ووفَّقَهُم وهَداهم وأضلَّهم بربوبيتِهِ.

وأَثابَهم وعاقَبَهُمْ بمُلْكِهِ وعَدْلِهِ. وكلُّ واحدةٍ من هذه الأمورِ لا تَنْفكُّ عَنِ الأخرى.

وأما الرَّحمةُ: فهي التعلُّقُ، والسَّببُ الذي بَيْنَ اللهِ وبَيْنَ عبادِهِ.



فالتأليهُ منهم له، والرّبوبيةُ منه لهم، والرَّحمةُ سَبَبٌ واصلٌ بينه وبَيْنَ عبادِهِ، بها أرسلَ إليهم رُسُلَهُ، وأنزلَ عليهم كُتُبَهُ، وبها هَداهم، وبها أسكنَهم دارَ ثوابِهِ، وبها رَزَقَهم وعافاهم وأَنْعَمَ عليهم، فبيْنهم وبيْنَهُ سَببُ العُبوديةِ، وبيْنَهُ وبيْنهم سَببُ الرَّحمةِ.

واقترانُ ربوبيتهِ برَحْمتِهِ كاقترانِ استوائِه على عرشِهِ برحمتِهِ.
يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 139.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 137.15 كيلو بايت... تم توفير 1.94 كيلو بايت...بمعدل (1.40%)]