ومضات تربوية وسلوكية - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الدين والحياة الدكتور أحمد النقيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 33 )           »          فبهداهم اقتده الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 55 )           »          يسن لمن شتم قوله: إني صائم وتأخير سحور وتعجيل فطر على رطب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 23 )           »          رمضان مدرسة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          أمور قد تخفى على بعض الناس في الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          دروس رمضانية السيد مراد سلامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 340 )           »          جدول لآحلى الأكلات والوصفات على سفرتك يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 730 )           »          منيو إفطار 18رمضان.. طريقة عمل كبسة اللحم وسلطة الدقوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          5 ألوان لخزائن المطبخ عفا عليها الزمان.. بلاش منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          5 طرق لتنظيف الأرضيات الرخامية بشكل صحيح.. عشان تلمع من تانى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى حراس الفضيلة

ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-03-2019, 12:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي ومضات تربوية وسلوكية

ومضات تربوية وسلوكية(1)
د. خالد النجار



تَزخر بطونُ الكتبِ بالعديد من الأفكار الذهبية، والعبارات المِحْوَرِيَّةِ ، الجديرةِ برَصْدِها وتدوينِها؛ للوقوفِ على كنوزِ مُفَكِّرينا وكُتَّابِنا العِظام، وللانتفاع بالفائدة المرجوة منها؛ ولذلك حرَصْتُ - خلال جولتي بين رفوف الكتب - أن أرصُدَ هذه الثرواتِ الفكريةَ والتربوية والتحليلية، وأنقلَها بنصِّها كما وَرَدَت فيها أو باختصار طفيف في بعض الأحيان، هذا؛ كي يستفيد منها القاصي والداني، سائلًا المولى عز وجل أن ينفع بها الكبير والصغير، وأن يكتب لكاتبِها وجامعِها وقارئِها الأجرَ والمثوبةَ، إنه نعم المولى ونعم النصير.

(تقبيل أيدي الملوك)
دخل رجلٌ على هشام بن عبدالملك، فقَبَّلَ يده، فقال عبدالملك: أُفٍّ له؛ إنَّ العربَ ما قَبَّلَت الأيدي إلا هلوعًا، ولا فعلَتْه العَجَمُ إلا خضوعًا.

استأذَن رجلٌ المأمونَ في تقبيل يده، فقال له: إنَّ قُبلة اليد من المسلم ذِلَّة، ومن الذميِّ خديعة، ولا حاجة بك أن تَذِلَّ، ولا بنا أن نُخدَع.

(القليل يفدي الكثير)
حَدَّث أبو محمد، عبدُالله بن علي المقري، قال: دَفن رجل مالًا في مكان، وترك عليه ترابًا كثيرًا، ثم ترك فوق ذلك حُزْمَةً فيها عشرون دينارًا، وترك عليها ترابًا كثيرًا ومضى، فلما احتاج إلى الذهب، كشف عن العشرين فلم يجدها، فكشف عن الباقي فوجده، فحَمِدَ الله على سلامة مالِه؛ وإنما فعل ذلك خوفًا أن يكون قد رآه أحد، وكذلك كان، فإنه لمَّا جاء الذي رآه، وجد العشرين فأخذها، ولم يعتقد أن ثَم شيئًا آخر.

(طريق النجاة)
ثلاثةٌ إن ضَعُفْتَ عن فعلها، فلا تَضْعُفْ عن ثلاثة غيرِها:
إن ضعفت عن فعل الخير، فلا تضعف عن أن تمسك عن الشر.
وإن ضعفت عن نفع الناس، فأمسك عن أن تضرهم.
وإن ضعفت عن الصيام، فلا تأكل لحوم الناس؛ إن شر الناس من لم يكن صالحًا، ويقعُ في الصالحين.

(أعظم الناس أجرًا)
عن أرطاة بن منذر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لجلسائه: "أي الناس أعظم أجرًا؟"، فجعلوا يذكرون له الصوم والصلاة، ويقولون: فلان وفلان بعد أمير المؤمنين، فقال: "ألا أخبركم بأعظم الناس أجرًا ممن ذكرتم ومن أمير المؤمنين؟"، قالوا: بلى، قال: "رُوَيْجِلٌ بالشام، آخذٌ بلِجام فرسه، يكلأ من وراء بيضةِ المسلمين، لا يدري أسَبعٌ يفترسُه، أو هامَّةٌ تلدغُه، أو عدوٌّ يغشاه، فذلك أعظم أجرًا ممن ذكرتم، ومن أمير المؤمنين"؛ [كنز العمال 289/ 92].


(حديث عن المستقبل)
لا مستقبلَ بغير جذور، ولا عراقةَ بدون مستقبل.. قول مأثور.
إذا أطلقت نيران مسدسِك على الماضي، أطلق المستقبلُ نيران مدافعِه عليك.. شاعر من داغستان.
ينبغي ألا يكون مستقبلُنا هو ماضي غيرنا.. كاتب إفريقي. [حديث عن المستقبل، د.محمد العبدة، دار الصفوة، ص 1].

(صنع المستقبل)
العمل اليسير قد يقوم به عدد قليل من البشر، ولكنهم يصنعون مستقبلًا.. القوارب التي غادرت شواطئ اليمن باتجاه الشرق للتجارة لم يكن أهلها يَعلمون أنهم يصنعون تاريخًا، وسيكون مائتا مليون مسلم في إندونيسيا من آثار تلك الرحلة المباركة [المصدر السابق].

(وصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه)
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما أَوصَى به علي بن أبي طالب، أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، ثم إنَّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أُمرت وأنا من المسلمين، ثم أُوصِيك يا حسنُ - وجميعَ ولدي وأهلي - بتقوى الله ربِّكم ولا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تَفَرقوا؛ فإني سمعتُ أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنَّ صلاح ذات البين أفضل من عامَّة الصلاة والصيام))، انظُروا إلى ذوي أرحامكم فصِلُوهم يُهَوِّن الله عليكم الحساب، اللهَ اللهَ في الأيتام فلا تعنوا أفواههم، ولا يضيعُنَّ بحضرتكم، واللهَ اللهَ في جيرانكم؛ فإنهم وصيةُ نبيِّكم صلى الله عليه وسلم، ما زال يوصي به حتى ظننَّا أنه سيُوَرِّثُه، واللهَ اللهَ في القرآن، فلا يسبقَنَّكم إلى العمل به غيرُكم، واللهَ اللهَ في الصلاة؛ فإنها عمود دينكم، واللهَ اللهَ في بيت ربكم، فلا تُخْلوه ما بقيتم، فإنه إن تُرِك لم يُنَاظَر، واللهَ اللهَ في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، واللهَ اللهَ في الزكاة؛ فإنها تطفئ غضب الرب، واللهَ اللهَ في ذمة نبيكم، فلا يُظْلَمَنَّ بين أظهُركم، واللهَ اللهَ في أصحاب نبيكم؛ فإن رسول الله أوصى بهم، واللهَ اللهَ في الفقراء والمساكين، فأشرِكوهم في معايِشكم، واللهَ اللهَ فيما ملكَت أيمانكم، الصلاةَ الصلاةَ، لا تخافُنَّ في الله لومةَ لائم، يكفيكم من أرادكم وبَغَى عليكم، وقولوا للناس حسنًا كما أمركم الله، ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيُولي الأمر شِراركم، ثم تدعون فلا يستجابُ لكم، وعليكم بالتواصل والتباذل، وإياكم والتدابرَ والتقاطعَ والتفرقَ، وتعاوَنوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله إن الله شديد العقاب، حفظكم الله من أهل بيت، وحفظ فيكم نبيَّكم، أستودعُكم الله وأقرأ عليكم السلام ورحمة الله [تاريخ الطبري (تاريخ الرسل والملوك) ج5، ص147/ 148].
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-03-2019, 06:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ومضات تربوية وسلوكية


ومضات تربوية وسلوكية(2)

د. خالد النجار

بسم الله الرحمن الرحيم
تذخر بطون الكتب بالعديد من الأفكار الذهبية والعبارات المحورية الجديرة برصدها وتدوينها للوقوف على كنوز مفكرينا وكُتابنا العظام، وللانتفاع بالفائدة المرجوة منها، ولذلك حرصت خلال جولتي بين دفوف الكتب أن أرصد هذه الثروات الفكرية والتربوية والتحليلية، وأنقلها بنصها كما وردت فيها أو باختصار طفيف في بعض الأحيان، هذا كي يستفيد منها القاسي والداني، سائلا المولى عز وجل أن ينفع بها الكبير والصغير، وأن يكتب لكاتبها وجامعها وقارئها الأجر والمثوبة إنه نعم المولى ونعم النصير.

(ونهى النفس عن الهوى)
قال أحمد بن أبي الحواري: مررت براهب فوجدته نحيفا، فقلت له: أنت عليل؟ قال: نعم. قلت: مذ كم؟ قال: مذ عرفت نفسي! قلت: فتداو. قال: قد أعياني الدواء، وقد عزمت على الكي. قلت: وما الكي؟ قال: مخالفة الهوى.
وقال وهب: إذا شككت في أمرين، ولم تدر خيرهما فانظر أبعدهما من هواك فأته.
وحسبنا في هذا الباب قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى. فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}[النازعات40-41]
قال أهل التفسير: إن أبا جهل طاف بالبيت ذات ليلة ومعه الوليد بن المغيرة. فتحدثا في شأن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو جهل: والله إني لأعلم إنه لصادق!
فقال له مه! وما دليلك على ذلك؟
قال: يا أبا عبد شمس، كنا نسميه في صباه الصادق الأمين، فلما تم عقله وكمل رشده، نسميه الكذاب الخائن!! والله إني لأعلم إنه لصادق!
قال: فما يمنعك أن تصدقه وتؤمن به؟
قال: تتحدث عني بنات قريش أني قد اتبعت يتيم أبي طالب من أجل كسرة. واللات والعزى إن اتبعته أبدا.
فكان مقدمة من عبد هواه وسقط في حمأة عذاب جهنم، فكان فرعون هذه الأمة.


(ما يحتاجه البليغ)
قال سعيد بن جبير رحمه الله: ما رأيت للإنسان لباساً أشرف من العقل، إن انكسر صححه، وإن وقع أقامه، وإن ذل عزه، وإن سقط في هوة جذبه واستنقذه منها، وإن افتقر أغناه، فأول شيء يحتاج إليه البليغ العلم الممتزج بالعقل·

(كثر القائلون وقل الواعظون)
وعظ رجل الخليفة المأمون العباسي فأصغى إليه منصتاً، فلما فرغ قال: قد سمعت موعظتك، فأسأل الله عز وجل أن ينفعنا بها وبما علمنا، غير أننا أحوج إلى المعاونة بالفعال منا إلى المعاونة بالمقال فقد كثر القائلون وقلَّ الفاعلون.

(المروءة)
سُئل حكيم: ما المروءة فيكم؟ قال: أربع خصال: أن يعتزل المرء الريبة كلها فإنه إذا كان مريباً كان ذليلاً، وأن يصلح ماله، فإنه من أفسد ماله لم تكن له مروءة، وأن يقوم لأهله بما يحتاجون إليه حتى يستغنوا به عن غيره، فإنه من احتاج أهله إلى الناس ذهب جاهه. وأن ينظر ما يوافقه من الطعام والشراب فيلزمه.

(أهمية المثل الواقعية في التربية)
لا يتم كسر القيود إلا برؤية نماذج من البشر تقدم للناس أمثلة رائعة.
يرهب الإنسان القوة ويحترم البطولة وتأخذ المعاني الرائعة بجماع قلبه وتسري إلى فؤاده فتوقظ مشاعره وتنفتح أمامه معاني الحق، ويسهل عليه اتباعه، وأعلى درجات القوة قوة الحق والدعوة إليه والصبر في سبيله.
ولولا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان أصحاب رسول الله القريبين منه، ولولا هؤلاء لما كان من بعدهم من الناس، ولولا الفتح لما دخل الناس في دين الله أفواجا، وليس شيئا من هذا ماديا، ولكن القوة المادية تخضع في النهاية لقوة الحق.
لقد تم الإصلاح الذي تم ببعثة محمد عليه الصلاة والسلام، وغير صفحة التاريخ. لقد تم بمحمد عليه الصلاة والسلام وأصحاب محمد، وكانوا العنصر العملي التنفيذي، وكان العنصر الأول الوحي الذي كان يتلقاه محمد عليه الصلاة والسلام من خالق الأرض والسماء ويبلغه أصحابه. كان الوحي داعيا إلى كسر أغلال الجاهلية، وكان الوسيلة القوية إلى ذلك محمد وأصحابه نماذج الحق والقوة التي حطمت الأغلال وأهابت بالناس أن يخرجوا أنفسهم من القيود الجائرة.
وليس لنا من سبيل إلا هذه السبيل، طليعة تتأسى خطوات محمد عليه الصلاة والسلام وأصحابه شبرا بشبر وذراعا بذراع في كل ظاهرة وخفية وفي كل دقيقة وجليلة، في العبادة والتفكير والحرب والتدبير والسياسة والدعوة والجرأة والحكمة {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[الأنعام:153]
ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح عليه أولها كما قال الإمام مالك رحمه الله تعالى.[المسئولية، د. محمد أمين المصري، دار الأرقم- برمنجهام- بريطانيا،36-37]

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 18-03-2019, 05:49 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ومضات تربوية وسلوكية

ومضات تربوية وسلوكية(3)
د. خالد النجار





تَزْخَرُ بطونُ الكتب بالعديد من الأفكار الذهبيَّة، والعبارات المحوريَّة الجديرة برصدها وتدوينها؛ للوقوف على كنوزِ مُفكِّرينا وكُتَّابنا العِظام، وللانتفاع بالفائدةِ المرجوَّة منها؛ ولذلك حَرَصْتُ خلالَ جولتي بينَ دُفُوفِ الكتبِ أن أَرصُدَ هذه الثَّروات الفكريَّة والتربويَّة والتحليليَّة، وأنقُلَها بنصِّها كما وردت فيها أو باختصار طفيفٍ في بعض الأحيان؛ هذا كي يستفيدَ منها القاصي والدَّاني، سائلًا المولى عزَّ وجل أن يَنْفَع بها الكبير والصغير، وأن يكتب لكاتبها وجامعها وقارئها الأجرَ والمثوبةَ، إنه نعم المولى ونعْم النَّصيرُ.


(الجمود)
أشار سلمانُ الفارسيُّ رضي الله عنه بحفر الخندق، وكان هذا نتيجةَ استشارة الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين في مثل هذه الأمور من السياسات العامة والسلم والحرب، والاستشارةُ هي التي تَستَخرِج أفضلَ الآراء، وتَشْحَذُ القرائح، وتشجعُ على التفكير السليم، ويَأنسُ الجنود بقائدهم.

إنَّ استجابةَ الرسول صلى الله عليه وسلم لرأي سلمان، وحفْرَ الخندق على غيرِ ما عَهِدَ العرب - يُعَدُّ تجديدًا في الوسائل العسكرية، وتجديدًا في كل شيء من أمور الدنيا التي لا تَتَعارض مع مقاصد الشريعة، وتجديدًا في الأساليب الإدارية، ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذه الأمور لا نعرفها ولا ندري عنها، أو لا تعرفها العرب".

إنَّ الجمودَ على فكرةٍ معيَّنة ووسيلةٍ واحدة، لا أقول: يُضْعِفُ العمل، بل هو قاتلٌ للعمل، وجدير بالمسلم أن يَمْلِكَ هذه العقلية التي تستجيب للمستجدات وما يَطْرَأُ على الساحة، وتكون عنده المرونة لِأَنْ يأخذَ بأحسن ما يتقدمُ به أهل العقول الراجحة. [وقفات تربوية في فقه السيرة؛ د. محمد العبدة، دار الصفوة، القاهرة ص 148].

(السرية والعلنية في الدعوة)
إن الدعوة في بداية أمرها كالنَّبْتَةِ التي تحتاج لحماية ودفءٍ حتى تنموَ وتكبرَ ويشتدَّ عودها ﴿ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ﴾ [الفتح: 29]، ويتمنى أعداءُ الإسلام استئصالَ هذه النَّبتة قبل أن تَقْوَى وتستعصيَ على الكسر أو الاقتلاع، فمِنَ الحرص على حماية الدعوة أنَّها تلجأُ في الظروف الصعبة إلى السِّرية؛ حتى يجتمع لها العدد، ويطمئنَّ صاحبُ الدعوة إلى قوتها وأنها تجاوزت مرحلة الخطر، فإنَّ القِلة مدعاةٌ للخوف على الدعوة حتى لو كانت في مرحلة العلنية، وهذا ما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم خائفًا على أهل بدر؛ لقِلَّتهم ولأنهم قاعدة الإسلام الأولى، ومن الواجب على المسلمين في كل وقت تفويتُ هذه الفرصة على أعداء الله، وتبقى هناك أمور سرية تَعْلَمُها القيادة.

وقد أسلم أبو ذر الغفاري رضي الله عنه في الفترة العلنية حسَب قول ابن حجر، ولكنَّ طريقةَ رؤيتِه للرسول صلى الله عليه وسلم كانت سرية، وقد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اكتم هذا الأمر وارجع إلى بلدك، فإذا بلغك ظهورُنا، فأقبِل))؛ [البخاري 3261]، وكانت الهجرة إلى الحبشة سِرًّا، وكانت بيعتَا العقبة الأولى والثانية سرًّا، وقد كَتم الحجاج بن علاء السلمي إيمانه بعد فتح خيبر حتى دخل مكة وجَمَعَ أمواله.

وحتى بعد قيام الدولة الإسلامية في المدينة، بقيت جوانبُ سِرية لا يطَّلع عليها إلا خواصُّ المسلمين الذين حول الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا بُدَّ من السرية في قتال العدو وأمور الأمن والخوف، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوةً إلا وَرَّى بغيرها، وهكذا كانت سَرِيَّةُ عبدِالله بن جحش، وما فعله نُعَيْمُ بنُ مسعود في الخندق، كُلُّ هذا يدل على بقاء السرية ولكن في نطاق محدود، وعن زيد بن ثابت قال: "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه تأتيني كتب من أناس لا أحب أنْ يقرأَها كل أحد، فهل تستطيع أن تتعلم كتاب العبرانية أو السريانية؟))، قلتُ: نعم"؛ [الطبقات؛ لابن سعد].

وقد جاء في القرآن قصة مؤمن آل فرعون وأنه كان يكتم إيمانه، وقولُ أصحاب الكهف: ﴿ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ﴾ [الكهف:19]، وفي تفسير قوله تعالى: ﴿ إِلَّا أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً ﴾ [آل عمران:28]؛ أي: من خاف في بعض البلدان والأوقات، فله أن يَتَّقِيَهم بظاهرِه لا بباطنِه، والتَّقِيَّةُ لا تُحمَلُ إلا مع خوف القتل أو القطع أو الإيذاء العظيم.

يقول ابن تيمية: "فمن كان من المؤمنين بأرضٍ هو فيها مستضعَف، فليعمل بآيةِ الصبرِ والصفحِ والعفوِ عمن يؤذي اللهَ ورسولَه من الذين أوتوا الكتاب والمشركين، وأما أهلُ القوةِ، فإنما يعملون بآيةِ قتالِ أئمة الكفر"؛ [الصارم المسلول 221].

العلنية هي الأصل
لم يَعُدْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى السرية في الدعوة بعد أن جهَر بها، إلَّا في أمور معينة، ولأسباب مهمة؛ لأن استمرار السرية في الدعوة يعيق انتشارها، ولا يَؤُوبُ إلى الإسلام إلا النفرُ القليل، والإسلام ليس حزبًا سياسيًّا له أهدافٌ دنيوية، بل هو دعوةٌ عامةٌ للناس لإنقاذهم من النار؛ فلا بد أن تنتشرَ الدعوة ويقالَ للناس: "هذا هو الدين الذي جاء ليُحرِّرَ الإنسانَ من عبادة غير الله"، وكلما قَوِيَتْ شوكةُ الدعوة، اختفت السرية لِتكون في أضيق نطاق. [وقفات تربوية في فقه السيرة؛ د. محمد العبدة، دار الصفوة، القاهرة ص 33 - 35].

(الثقافة)
هناك عامل آخرُ غيرُ عامل البيئة له أثر كبير في تكوين الأديب، وقد يَغْلِبُ في كثير من الأحيان على عامل البيئة، وقد يقضي عليه ويمحو آثارَه، ذلك هو عامل الثقافة، وفي كل إنسان - كما يقول جوستاف لوبون - شخصانِ مختلفانِ، يتصارعان على الاستئثارِ بنفسه والغلبةِ عليها، أَوَّلُهما: هذا الذي كونته البيئة، وثانيهما: هذا الذي كونته الثقافة، وليس في هذا القول شيء من الغلو، بل هو الحقيقة بعينها نراها في حياتنا اليومية في الكثير من الشباب الناشئين في بيئة عربية إسلامية؛ إذْ تُخالطُ قلبَهم الثقافةُ الغربيةُ المشوهةُ، فلا تَلبثُ حتى تجعلَ منهم شُبَّانًا ملحدين، يُعادُون العربية ويؤذون الإسلام. [فكر ومباحث؛ علي الطنطاوي، دار المنارة ص 59 - 60].


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27-03-2019, 01:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ومضات تربوية وسلوكية

ومضات تربوية وسلوكية (4)


خالد سعد النجار


بسم الله الرحمن الرحيم
تذخر بطون الكتب بالعديد من الأفكار الذهبية والعبارات المحورية الجديرة برصدها وتدوينها للوقوف على كنوز مفكرينا وكُتابنا العظام، وللانتفاع بالفائدة المرجوة منها، ولذلك حرصت خلال جولتي بين دفوف الكتب أن أرصد هذه الثروات الفكرية والتربوية والتحليلية، وأنقلها بنصها كما وردت فيها أو باختصار طفيف في بعض الأحيان، هذا كي يستفيد منها القاسي والداني، سائلا المولى عز وجل أن ينفع بها الكبير والصغير، وأن يكتب لكاتبها وجامعها وقارئها الأجر والمثوبة إنه نعم المولى ونعم النصير.
تحرير الإنسان من الأغلال
جاء الدين الإسلامي من أجل تحرير الإنسان من رق العبودية للطاغوت البشري أو الحجري وغيره، وإطلاقه إلى أفق مجتمع العدل والمساواة، الذي يتساوى فيه الغني والفقير في الحقوق الواجبات، وتكون فيه التكاليف على حسب القدرة والاستطاعة، تحفظ للإنسان الكرامة والأمن على نفسه وماله وعرضه ودينه، ويرفض الإسلام من أين كان المساس بها إلا بالحق، وما قول عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه الخليفة الراشدي الثاني: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً" إلا انعكاساً لتعاليم الإسلام بضرورة صون حرية الإنسان، وواجب الدولة والمجتمع المحافظة عليها وحمايتها.
جاءت رسالة الإسلام لتحطم الأغلال التي قيَّدت بها الكثير من المجتمعات، ومنها أغلال الرذيلة والفساد والعدوان وجميع الخبائث التي تعيش فساداً في الأرض، وليدعوا إلى مجتمع إنساني يتحلى بالقيم الإنسانية الرفيعة العالية، وقد أوضحت الآية الكريمة التالية معنى تلك الحرية، قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف:157]
وتوجهت رسالة الإسلام من الجزيرة العربية إلى بقاع العالم شرقاً غرباً، تحمل أهم مضمون لها، وأولى أهدافها الدعوة إلى التوحيد في عبادة اللّه عز جل، ورفض عبادة البشر والأصنام وغيرها، التي تتنافى مع العقل البشري، والهدف لثاني هو تحرير الإنسان من العبودية، التي فرضها الطغاة من حكامه عليه، تلك رسالة الإسلام في شقيها «التوحيدي والتحريري»، التي كانت مهمة الفتح تبليغها للناس كافة.
ومن الشواهد التاريخية على ذلك، ما قاله (زُهرة بن عبد اللّه بن قتادة بن الحويّة) للقائد الفارسي الشهير رستم، وهو ينقل إليه رسالة الإسلام وغاية الفتح، فحين سأله (رستم) عن هذا الإسلام الذي يقاتل العرب من أجله فقال: هو دين الحقّ لا يرغب عنه أحد إلا ذُلّ، ولا يعتصم به أحد إلا عُزَّ. فقال رستم: ما هو؟ قال: أما عموده الذي لا يصلح إلا به فشهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمد رسول اللّه، قال: وأي شيء أيضاً، قال زُهرة: وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله، والناس بنو آدم وحواء وأخوة لأب وأم، قال رستم: ما أحسن هذا.
ولزيادة المعرفة برسالة الإسلام طلب رستم من قائد الجيش الإسلامي سعد بن أبي وقاص مبعوثاً من قبله، فأرسل إليه (ربعي بن عامر) وكان جندياً بسيطاً فحين سأله رستم: ما جاء بكم؟ قال ربعي: اللّه جاء بنا، وهو بعثنا، لنُخرج من يشاء من عباده من ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه، فمن قبله، قبلنا منه، ورجعنا عنه، وتركنا أرضه دوننا، ومن أبى قاتلناه حتى نُفضي إلى الجنة أو الظفر.
في حين كان الإسلام يعمل فكراً وتطبيقاً على تحرير الإنسان، كانت أوروبا في حينه يزداد مواطنوها عبودية وذلاً، وقادتها جبروتًا وطغياناً، فيذكر أحد مؤرخي الغزوات القبلية الجرمانية الغربية عن التربية القائمة على البغي والطغيان والتدمير لملوك أوروبا آنذاك: نصيحة أم أحد ملوك البرابرة لولدها: إذا رُمت عملاً يرفع ذكرك، فعليك بهدم كل ما شاده غيرك، والفتك بكل من ظفرت به، فإنك لن تشيد خيراً مما شاد سابقوك، وليس في مقدورك إنجاز أنبل ليذيع صيتك.
فقد كانت بعض القبائل البربرية تربي أبناءها على سلوكيات قاسية لتتحول إلى وحوش كاسرة ضد الإنسان الروماني والأوروبي، ومن ثم تعيش حياتها اليومية بما هو أدنى من حياة حيوانات الغابة، فيتحدث المؤرخ (أميان مارسيلين) عن أسلوب حياة إحدى القبائل الأوروبية وتدعى «الهان» في القرن السابع الميلادي ما يلي:
إن عنفهم لا يعرف حدوداً، فكانوا يكوون وجنات أطفالهم حتى لا تنمو لحاهم لأن هذه المخلوقات القصيرة القوية الممتلئة الأجسام الغلاظ الأعناق، لا يطهون الطعام، ولكنهم يلتهمون الجذور البرية، واللحم النيئ لأول حيوان يصادفهم، وليس لهم مأوى ولا مدافن، وليس عندهم سوى ملابس من جلد الفئران يرتدونها إلى أن تتهلهل، ويقال: إنهم مقيدون بجيادهم، لا يترجلون ليأكلوا أو يشربوا بل غالبا يظلون ممتطين الجياد حتى في نومهم وأحلامهم.
أما عن حياة المجتمع الروماني فقد كان هناك سحق للإنسان من الطبقات الفقيرة، ما أدى إلى أن تفضل تلك الطبقات العيش في ظلال القبائل المتوحشة والبربرية على الحياة المسحوقة والمذلة في الدولة الرومانية، ويشهد على ذلك راهب عاش في (مارسيليا) العام 440 م يسمى (سالفين) قال إن الشعب الساكسوني شعب لا يعرف الرحمة، وأن الفرنجة غير جديرين بالثقة، ويتحدث عن الطبقة الفقيرة في الدولة الرومانية التي تعاني من سلطاتها الجور لتفضل عليها البرابرة، فيقول: إن الفقراء الرومان المنبوذين، والأيامي المنكوبات، واليتامى الذين تدوسهم الأقدام، وحتى الكثيرين من الرومان المتعلمين وأولاد الناس لاذوا بأعدائهم، لقد كانوا يبحثون عن الإنسانية الرومانية بين البرابرة، حتى لا يهلكوا من القسوة البربرية بين الرومان، لقد كانوا مختلفين عن البرابرة في عاداتهم ولغتهم ورائحة ملابسهم، إلا أنهم فضلوا هذه الاختلافات على تحمل الجور والقسوة، لقد انطلقوا ليعيشوا بين الهمج في جميع الأنحاء، ولم يندموا على فعلتهم قط، وفضلوا أن يعيشوا أحراراً تحت مظهر العبودية على أن يعيشوا عبيداً تحت قناع الحرية، ذلك لأن المواطنة الرومانية التي كانت تلقى تقديراً، وتُشترى بثمن باهظ لم تعد جديرة بالتقدير، بل أصبحت موضع الاحتقار، ومن لم يهرب اضطر أن يصبح همجياً بمقتضى القانون الروماني، أو بسبب الفوضى الناجمة عن خروج الرومان على القانون، إننا نسميهم عصاة ضالين، ولكننا نحن الذين أجبرناهم على أن يصبحوا مجرمين.
فالإسلام الذي حمل نور الحرية للإنسانية في زمن الظلام الدامس التي كانت تعيشه شعوب الأرض آنذاك، لا يزال حاضراً ومستقلاً في نهجه منذ أربعة عشر قرناً يحمل في طياته انعتاق البشرية من قيود وأغلال ظلام العبودية في أشكالها المختلفة المادية والمعنوية، ويرسل إليها كل إشارات الضوء لإنارة طريقها نحو المساواة والعدل والإخاء، على الرغم من كل محاولات أعداء الإنسانية تشويه صورته وأهدافه للرأي العام العالمي، حيث الزيف سيسقط، وستنجلي الحقيقية ساطعة كالشمس. [الحرية هدف الإسلام، زبير سلطان، مجلة الوعي الإسلامي، العدد 483]



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 08-04-2019, 05:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ومضات تربوية وسلوكية

ومضات تربوية وسلوكية (5)


خالد سعد النجار

بسم الله الرحمن الرحيم
تذخر بطون الكتب بالعديد من الأفكار الذهبية والعبارات المحورية الجديرة برصدها وتدوينها للوقوف على كنوز مفكرينا وكُتابنا العظام، وللانتفاع بالفائدة المرجوة منها، ولذلك حرصت خلال جولتي بين دفوف الكتب أن أرصد هذه الثروات الفكرية والتربوية والتحليلية، وأنقلها بنصها كما وردت فيها أو باختصار طفيف في بعض الأحيان، هذا كي يستفيد منها القاسي والداني، سائلا المولى عز وجل أن ينفع بها الكبير والصغير، وأن يكتب لكاتبها وجامعها وقارئها الأجر والمثوبة إنه نعم المولى ونعم النصير.

(طاووس بن كيسان)

كان طاووس بن كيسان من سادة التابعين في اليمن، مات بمكة حاجاً فحمل نعشه عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وبعث هشام بن عبد الملك ولي عهده حرساً في موكب جنازته، ولم يعلم بموته أحد من الحجاج إلا سار في موكبه، حتى لقد سقطت قلنسوة عبد الله بن الحسن، وتقطَّع رداؤه وهو يحمل النعش؛ لشدة الزحام.
ومن أقوال طاووس:
- لكل شيءٍ غاية، وغاية المرء حسن عقله. 14/180.
- لا يتم نسك الشاب حتى يتزوج. 14/180.
- حج طاووس فخرج على القافلة التي هو فيها أسد أزعجها طول الليل فلم ينم من أهلها أحد، فلمَّا زال عنهم الخطر ساعة الفجر ناموا كلهم وقام طاووس يصلي ويتهجد، فقيل له لقد بت الليلة متعباً فهلاَّ تنام ؟ فقال: هذه ساعة ما كنت أحسب أن أحداً ينام عنها ولو أوتي بها مثل جبل أبي قبيس ذهباً. 14/183. [كتاب (الحديقة)، تأليف العلامة محب الدين الخطيب]

(الصحابة رضوان الله عليهم)

أترون الصحابة الذين قتلوا قبل الفتوحات وقبل الجهاد، هل ينقص من أجورهم ومنازلهم عن الذين شهدوا ذلك؟ بل ربما سبقوهم، ألم يقل عبد الرحمن بن عوف -وهو أحد العشرة المبشرون بالجنة- «مات مصعب بن عمير وهو خير مني» رضي الله عنهم قال ذلك وشهد له بالخيرية عليه ومصعب رضي الله عنه لم يشهد الفتوح التي فتحت وإن كان رضي الله عنه سببا لفتح المدينة بالقرآن وبالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والعلم والحلم والصبر حتى دخلت بيوت الأنصار في الإسلام بفضل الله ثم دعوته رضي الله عنه، وأسلم على يديه من أسلم تمهيدا لهجرة النبي صلى الله عليه وسلم، كانت أسس وضعت لبناء هذا المجتمع والذي ترتب عليه بعد ذلك كل الخير الذي ملأ المشارق والمغارب.
يثاب مصعب رضي الله عنه عن إسلام كل واحد منا، كما يثاب كل واحد من الصحابة رضي الله عنهم وهو لم يشهد شيئا من ذلك، ولكنه بذل ما يقدر عليه رضي الله عنه، وهكذا ياسر وسمية رضي الله عنهما رغم أنهما لم يشهدا حتى الهجرة ولكنهما كانا في نوعية الإيمان الذي كان في قلبيهما نوعية نادرة فريدة لا يكاد يوجد مثلها مع أن غيرهما ربما كان أسبق بكثير من الأعمال، ولكن هؤلاء كانوا أسبق بنوعية الإيمان وكيفيته.
قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «أنتم أكثر صياما وأكثر صلاة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم كانوا أفضل منكم» قالوا: ولماذا يا أبا عبد الرحمن؟ قال: «هم كانوا أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة» [منطلقات الدعوة إلى الله، ياسر برهامي، دار الفتح الإسلامي، ص 130]

(التبرير)

إن أكبر المصائب أن يصاب الفرد بنفسه وأن يلقي التبعة دائما على غيره، ويعلق أخطاءه على مشجب الآخرين، وهذا يريحه من تأنيب الضمير وعتب العاتبين، ومن أكبر المصائب أن نبرر أخطائنا ولا نعترف بها، نبررها بأسباب سطحية تافهة، ونسوغ ما نحن فيه ولا نعترف بعجزنا، ونلجأ إلى خداع النفس لكي تتهرب من الواقع. ومن المصائب أننا لا نبحث أمورنا بشكل جدي، بل نبحثها على مستوى السمر والتسلية وهو مرض استسهال الأمور.[المسئولية، د. محمد أمين المصري، دار الأرقم- برمنجهام- بريطانيا، ص 9]

(سراب الشهرة)

إن الشهرة سراب زائف. إنها مثل «المستقبل» الذي يركض وراءه الناس كلهم فلا يصلون إليه أبدا، لأنهم إن وصلوا إليه صار «حاضرا» وعادوا يفتشون عن مستقبل آخر يعدون إليه، كحزمة الحشيش المربوطة برأس الفرس، يسعى ليدركها وهي تسعى معه أبدا!
إنني أقول هذا من أعماق قلبي مؤمنا به، ولقد مر علي زمان كان أحلى أماني فيه أن أسير فيشير إلي الناس بالأيدي يقولون: «هذا على الطنطاوي»، وأن أعلو خطيبا كل منبر، وأن أجد أسمي في كل صحيفة، وكان قلبي يتفتح للجمال ويستشرف للحب، فلما جربت هذا كله وذقت لذته صار كل ما أرجوه أن أتوارى عن الناس وأن أمشي بينهم فلا يعرفني منهم أحد.
لقد مر بي أكثر العمر، ورأيت الحياة ونلت لذاتها وجرعت آلامها. لم تبق متعة إلا استمتعت بها، فلا اللذائذ دامت ولا الآلام، ولا الشهرة أفادت ولا الجاه.
ولقد شهدت حربين عالميتين، ورأيت تعاقب الدول على الشام من العثمانيين إلى الفرنسيين إلى من جاء بعد، ومن قام ومن قعد، ومن أتى ومن ذهب، ولو أردت الوزارة وسلكت طريقها لبلغتها من زمان كما بلغها من مشي على إثري في الدراسة وفي الحياة، ولو شئت لكنت من المشايخ الذين تقبل أيديهم ثم تملأ بالمال، فيملكون الضياع والسيارات ويصيرون –بحرفة الدين- من كبار أبناء البلد!
ولكني ما وجدت شيئا يدوم. تذهب الوزارة فلا تترك إلا حسرة في نفوس أصحابها، ويصحو الناس فيعلمون أن الذي يأكل الدنيا بالدين لا يمكن أن يكون من الصالحين المصلحين.. فزهدت في المناصب والمراتب والمشيخات، وهانت علي وصغرت في عيني، ولم يبق لي من دنياي الآن إلا مطلب واحد: يقظة قلب أدرك بها حقائق الوجود وغاية الحياة وأستعد بها لما بعد الموت. [من حديث النفس، على الطنطاوي، ص 275-276]



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19-04-2019, 06:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ومضات تربوية وسلوكية

ومضات تربوية وسلوكية (6)


خالد سعد النجار



بسم الله الرحمن الرحيم
تذخر بطون الكتب بالعديد من الأفكار الذهبية والعبارات المحورية الجديرة برصدها وتدوينها للوقوف على كنوز مفكرينا وكُتابنا العظام، وللانتفاع بالفائدة المرجوة منها، ولذلك حرصت خلال جولتي بين دفوف الكتب أن أرصد هذه الثروات الفكرية والتربوية والتحليلية، وأنقلها بنصها كما وردت فيها أو باختصار طفيف في بعض الأحيان، هذا كي يستفيد منها القاسي والداني، سائلا المولى عز وجل أن ينفع بها الكبير والصغير، وأن يكتب لكاتبها وجامعها وقارئها الأجر والمثوبة إنه نعم المولى ونعم النصير.

(درر سلوكية)
- قال الرحمن ابن مهدي يقول: لولا أني أكره أن يعصى الله، أحببت أن لا يبقى في هذا المصر أحدا إلا وقع في واغتابني، وأي شيء أهنأ من حسنة يجدها الرجل في صحيفته يوم القيامة لم يعملها ولم يعلم بها.
- سئل ابن المبارك ما خير ما أعطى الرجل قال غريزة عقل قيل فإن لم يكن قال أدب حسن قيل فإن لم يكن قال أخ صالح يستشيره قيل فإن لم يكن قال صمت طويل قيل فإن لم يكن قال موت عاجل.
- قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: ما أعطى عبد بعد الإسلام خيراً من أخ صالح.
- قال الحسن: استكثروا في الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعة يوم القيامة.
- قال بعض السلف: ادخر راحتك لقبرك، وقلل من لهوك ونومك، فإن من ورائك نومة صبحها يوم القيامة.
- قيل للإمام أحمد –رحمه الله-: كم بيننا وبين عرش الرحمن؟ قال: دعوة صادقة من قلب صادق.
- قال العلام السعدي: عنوان سعادة العبد: إخلاصه للمعبود، وسعيه في نفع الخلق.
- قال بعض السلف: صانع المعروف لا يقع، وإن وقع وجد متكئا.
- قال الحسن البصري لرجل: تعش العشاء مع أمك تُقر بها عينها أحب إلي من حجة تطوعا.
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إذا صار لليهود دولة في العراق يكون للرافضة أعظم أعوان لهم.
- قال الإمام الذهبي: فالقادة الأعلام يوما من أيام أحدهم أكبر من عمر آحاد الناس.
- قالَ حَمْزَةُ بنُ دَهْقَانَ: «قُلْتُ لِبِشرِ بنِ الحَارِثِ (227هـ): أُحِبُّ أَنْ أَخْلُوَ مَعَكَ. قَالَ: إِذَا شِئتَ فَيَكُونُ يَوماً. فَرَأَيتُهُ قَدْ دَخَلَ قُبَّةً، فَصَلَّى فِيهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لا أُحْسِنُ أُصَلِّي مِثلَهَا، فَسَمِعتُهُ يَقُولُ في سُجُودِهِ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ فَوْقَ عَرْشِكَ أَنَّ الذُّلَّ أَحَبُّ إِليَّ مِنَ الشَّرَفِ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ فَوْقَ عَرْشِكَ أَنَّ الفَقرَ أَحَبُّ إِليَّ مِنَ الغِنَى، اللَّهُمَّ إِنَّك تَعْلَمُ فَوْقَ عَرْشِكَ أنِّي لا أُوثِرُ عَلى حُبِّكَ شَيئاً.
فَلَمَّا سَمِعتُهُ، أَخَذَنِي الشَّهِيقُ وَالبُكَاءُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعلَمُ أَنِّي لَو أَعلَمُ أَنَّ هَذَا هَاهُنَا، لَم أَتَكَلَّمْ.
- كان محمد بن يوسف الأصبهاني لا يشتري خبزه من خباز واحد، يقول: لعلهم يعرفوني، ولكن إذا جئته لأول وهلة لا يعرف إني فلان الذي يسمع عنه، فتقع لي المحاباة، فأكون ممن يعيش بدينه.

(من مفاسد البدع)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عند سياقه مفاسد البدع: «ومنها أن الخاصة والعامة تنقص بسببها عنايتهم بالفرائض والسنن، ورغبتهم فيها، فتجد الرجل يجتهد فيها ويخلص وينيب، ويفعل فيها ما لا يفعله في الفرائض والسنن، حتى كأنه يفعل هذه عبادة، ويفعل الفرائض والسنن عادة ووظيفة، وهذا عكس الدين، فيفوته بذلك ما في الفرائض والسنن من المغفرة والرحمة والرقة والطهارة والخشوع، وإجابة الدعوة، وحلاوة المناجاة، إلى غير ذلك من الفوائد، وإن لم يفته هذا كله فلا بد أن يفوته كماله» [الاقتضاء 2/611، وانظر: 2/741]

(من أقوال الشيخ الطنطاوي عن الأحاديث النبوية)

إن حكمة الحكماء –يا سادة- فكر ليس فيه روح من عاطفة، وأخيلة الشعراء عاطفة ليس لها عماد من فكر. والنمط المفرد من الكلام هو الذي ستسمعونه اليوم، وهو الذي يسوق لك القضية العقلية المسلمة في الثوب العاطفي البارع، تستشرف له النفس فتقبله وتألفه، ويرضاه العقل فيؤمن به ويتبعه، وهو –فوق ذلك- واضح بين يفهمه العامي الذي لم يطلب علما ولم يرو أدبا، ويعجز عن مثله العالم والأديب
وإذا كان في توقيعات الخلفاء وأمثال الأدباء والقليل المتخير من الكلام نفحة من هذا الأريج ووهج من هذه الشمس، فإننا نقرأ ذلك لمتعة البلاغة وهزة البيان، وفي بلاغة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء أكبر من البلاغة والبيان، هي أنها قانون من عمل به نال سعادة الدنيا والأخرى. [كتاب (نور وهداية) على الطنطاوي، دار المنارة، ص 45-46]

(أشقياء الدنيا)

الأشقياء في الدنيا كثير، وأعظمهم شقاء ذلك الحزين الصابر الذي قضت عليه ضرورة من ضرورات الحياة أن يهبط بآلامه وأحزانه إلى قراره نفسه، فيودعها هناك، ثم يغلق دونها باباً من الصمت والكتمان، ثم يصعد إلى الناس باشَّ الوجه، باسم الثغر، متطلِّقاً متهلِّلاً، كأنه لا يحمل بين جنبيه همَّاً ولا كمداً. مصطفى لطفي المنفلوطي

(الدين والدنيا)

كان واضحا عند الجيل الأول ( جيل الصحابة رضوان الله عليهم ) أن الأمثلة التي ضربها القرآن للدنيا لا تعني تركها أو احتقارها والابتعاد عنها، إنما الذي استقر في أذهانهم، وعقلوه من التنزيل الكريم أن يكون التوجه الأول للآخرة، وأن يكون الهدف الدائم للعمل هو الآخرة، فالدنيا خادمة للدين كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: «يا ابن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج» وكيف يحتقرونها وفيها يتحقق التمكين للدين، وإقامة الشعائر والشرائع، وفيها يكون الجهاد في سبيل الله، فالأجيال الأولى كانت متوحدة الشخصية، ولم يحدث الانفصام الذي طرأ بعدئذ. [تأملات في الفكر والدعوة، محمد العبدة، دار الجوهري للنشر والتوزيع عمان – الأردن ص 19]





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 02-05-2019, 07:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ومضات تربوية وسلوكية

ومضات تربوية وسلوكية (7)


خالد سعد النجار



بسم الله الرحمن الرحيم
تذخر بطون الكتب بالعديد من الأفكار الذهبية والعبارات المحورية الجديرة برصدها وتدوينها للوقوف على كنوز مفكرينا وكُتابنا العظام، وللانتفاع بالفائدة المرجوة منها، ولذلك حرصت خلال جولتي بين دفوف الكتب أن أرصد هذه الثروات الفكرية والتربوية والتحليلية، وأنقلها بنصها كما وردت فيها أو باختصار طفيف في بعض الأحيان، هذا كي يستفيد منها القاسي والداني، سائلا المولى عز وجل أن ينفع بها الكبير والصغير، وأن يكتب لكاتبها وجامعها وقارئها الأجر والمثوبة إنه نعم المولى ونعم النصير.

(المبادئ)

عندما يحيا الناس مع المبدأ يمكنهم مواجهة التحديات أو التغيرات غير المتوقعة، ويمكنهم اكتشاف المصلحين من المفسدين، ويمكنهم التعاون وهو لب الاجتماع الإنساني. [«خواطر في السياسة» د. محمد العبدة، دار الصفوة 22]
الحكم.. الحكم على المبدأ يجب أن ينفصل عن الحكم على الفعل. فالمبدأ يجب أن يظل في حالته الطبيعية، دون محاولة لإخراجه عن مكانته وقيمته ليوافق الأفعال البشرية. والحكم على الفعل البشري يجب أن يكون في سياقه وظروفه وتحدياته ومرحلته وتاريخه، ومدى تحقق الإيجابية فيه، ومدى انتفاع الأمة منه.
مكمن الكارثة أن يتحول «الفعل البشري» حاكمًا على المبدأ. ويتحول الخطأ البشري أو الظروف التي نشأ فيها صاحب التجربة إلى «معالم هادية» بديلة عن المبدأ، بمعنى؛ أن يتحول مثلًا «الخداع السياسي» أو «المكر بالعدو» أو «بعض الموازنات»… إلخ إلى هدف في حد ذاته، ومنهج تُربى عليه الأجيال، فيحل الفعل البشري محل المبدأ.
ويأتي الخطر التالي تباعًا وهو «التعصب الجاهلي» الذي سيعمي عن رؤية الحقيقة، ويصم عن سماع الحق. فيؤدي إلى «التعصب للخطأ» أو «للفعل البشري» والتبرير للأشخاص.
وبعد فترة من الزمن، اختلفت ظروفها، وسياقتها، وأحوالها. سيكون الحكم على الفعل البشري قياسًا بالواقع المعاصر مسألة جد معقدة.
والحل الذي يوفر علينا هذا الجهد هو: الشهادة لله، والقيام بالقسط. والقيام بالقسط والشهادة لله. ولكنها عزيزة على أصحاب الأهواء والمتعصبين. [بين المبدأ والفعل، والظرف والحكم.. أحمد طه]

(الأخلاق والسياسة)

إن العقل الناقد قوة محررة إلى حد ما، ولكن فائدته تتوقف على الإرادة، وحين لا تكون الإرادة نزيهة فإن العقل يصبح وسيلة لتحكيم الأهواء وتبرير المصالح الخاصة. [«في نطاق التفكير الإسلامي» محمد الحمزاوي، ص 52]

(الأسباب)

واعلموا أن الله جعل للحوادث أسبابا وفتح للمطالب أبوابا، فاطلبوا الأمور بأسبابها، وادخلوا البيوت من أبوابها، فلا يقعد الطالب عن الدراسة ويطلب النجاح، ولا ينتظر الفلاح الحصاد من غير حرث ولا بذار، ولا ترقب الأمة النصر بلا استعداد ولا جهاد، فإن الذي قال لنا: ادعوا، هو الذي قال لنا، اعملوا. ونحن نؤمن بالكتاب كله، لا نؤمن ببعض ونكفر ببعض، والقدوة والأسوة في سيرة رسول الله وأكرم الناس على الله صلى الله عليه وسلم، فمن استنفد الأسباب، وغلقت في وجهه الأبواب فليمدد يديه وليقل «يا الله»، يجد الله سميعا مجيبا كريما رحيما، وما خاب قط امرؤ قال: «يا الله» [كتاب (نور وهداية) على الطنطاوي، دار المنارة، ص 88]

(العلم والدين)

في وسع العلم أن يمنح الإنسان الوسائل والآلات ولكن ليس في وسعه ولا من اختصاصه أن يمنحه الأهداف والغايات، وما أتعس الإنسان إذا تكدست لديه الوسائل دون أن يعرف لنفسه هدفا ولا لحياته قيمة إلا أهداف السباع في العدوان، وأهداف البهائم في في الأكل والسفاد (المتعة الجنسية) أما هدف رفيع يليق بمواهب الإنسان وخصائص الإنسان وكرامة الإنسان فلا.
إن الدين وحده هو الذي يمنح الإنسان أهدافا عليا للحياة وغايات كبرى للوجود، ويجعل له فيه مهمة ورسالة ولحياته قيمة واعتبارا، كما أنه يمنحه القيم الخلقية والمثل العليا التي تحبسه عن الشر وتحفزه على الخير لغير منفعة مادية عاجلة. [الدين في عصر العلم، يوسف القرضاوي، ص: 42]

(بين الشيوعية والرأسمالية)

إن الشيوعية قد أخطأت السبيل لا في إصرارها على العدالة الاجتماعية. ولكن في تضحيتها بالحرية من أجل العدالة.
والرأسمالية أيضا قد أخطأت السبيل لا في إصرارها على احترام فردية الإنسان وحريته. ولكن في تضحيتها بالعدالة في سبيل الفردية.
إن كلا منهما يؤيد جانبا على حساب الآخر. وكلتا النظريتين مادية .. ولما كان الإنسان لا تستطيع أن يحيا بالخبز وحده فإن هذين التفسيرين الماديين للعدالة والحرية تفسيران خاطئان. [الدين في عصر العلم، يوسف القرضاوي، ص: 46]

(إلف رؤية الحرام)

إلف رؤية الحرام ودوام مشاهدته، يهون على النفس اقترافه، ويذهب منها هيبته، نعرف ذلك من نسائنا المسلمات، كان عهدنا بالواحدة من نسائنا، أنها تضطرب وتجزع، إن لمحها الأجنبي من فتحة الباب، أو شق النافذة، وتسرع فتتوارى، فصارت ترى الرجل فتقابل وجهه بوجهها، وتثبت في عينيه عينيها، وكان الرجل إذا رأى الأجنبي ينظر إلى زوجه، استكبر ذلك واستنكره، وهاج في نفسه تصون المسلم ونخوة العربي. فتراخى الحبل ..
[كتاب"مع الناس"، للطنطاوي]

(النفس البشرية)

النفس البشرية مفطورة على ابتغاء اللذة، وقصد الراحة، وترك العناء، ميالة إلى الانطلاق، ولأن الانحدار إلى المعصية أهون من التسامي إلى الطاعة، كالماء أفلته يتحدر إلى قرارة الوادي، وأصعده لا يصعد إلا بمضخة، لذلك قل في الناس الطائعون، وكثر العاصون.
[كتاب"مع الناس"، للطنطاوي]
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18-05-2019, 04:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ومضات تربوية وسلوكية

ومضات تربوية وسلوكية (8)


خالد سعد النجار

بسم الله الرحمن الرحيم



تذخر بطون الكتب بالعديد من الأفكار الذهبية والعبارات المحورية الجديرة برصدها وتدوينها للوقوف على كنوز مفكرينا وكُتابنا العظام، وللانتفاع بالفائدة المرجوة منها، ولذلك حرصت خلال جولتي بين دفوف الكتب أن أرصد هذه الثروات الفكرية والتربوية والتحليلية، وأنقلها بنصها كما وردت فيها أو باختصار طفيف في بعض الأحيان، هذا كي يستفيد منها القاسي والداني، سائلا المولى عز وجل أن ينفع بها الكبير والصغير، وأن يكتب لكاتبها وجامعها وقارئها الأجر والمثوبة إنه نعم المولى ونعم النصير.

من سنن وآداب الطعام

- الْمَشْهُور يقول في أوله: بِسْمِ اللَّهِ. فإن نسي فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ .. قَالَ بعضهم وَلَوْ زَادَ: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، عِنْدَ الْأَكْلِ كَانَ حَسَنًا، فَإِنَّهُ أَكْمَلُ، بِخِلَافِ الذَّبْحِ، فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ : لَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ.
- يغض طرفه عن جليسه .. قال الشيخ عبد القادر من الآداب أن لا يكثر النظر إلى وجوه الآكلين.
- يؤثر على نفسه .. قال في الرعاية الكبرى والآداب: ويأكل ويشرب مع أبناء الدنيا بالأدب والمروءة، ومع الفقراء بالإيثار، ومع الإخوان بالانبساط، ومع العلماء بالتعلم.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : يَأْكُلُ بِالسُّرُورِ مَعَ الْإِخْوَانِ، وَبِالْإِيثَارِ مَعَ الْفُقَرَاءِ، وَبِالْمُرُوءَةِ مَعَ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، وَأَكْلٌ وَحَمْدٌ خَيْرٌ مِنْ أَكْلٍ وَصَمْتٍ .

من وصية الزعيم أحمد عرابي

من وصية الزعيم أحمد عرابي التي كتبها في آخر مذكراته:
"ثم إني أدعو الأمة المصرية إلى التباعد عن التمدن الغربي المزيف، فلا تفعل المنكرات التي نهى الله تعالى عنها، وتأمر بالمعروف الذي أمر الله به، وأن تترك الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن تقيم شعائر الدين الحنيف وأن تحيى مناسكه، فلا عز ولا سؤدد بغير الدين، وهو وحده يكفل لمن تبعه بإخلاص هناء الدنيا وثواب الآخرة.
ثم أناشدهم أن يشدوا أواصر الإخاء بين أبناء وطنهم، ويطهروا قلوبهم من الغل والضغينة، ويعملوا يدا واحدة ورجلا واحدا لرفع شأن بلادهم، وإعزاز كلمة دينهم، فإذا فعلتم كل ما ذكرت وأرهفتم آذانكم للسمع، وأصختم إلى نصائح من حنكته التجارب فعرف من تقلب الحدثان الطريقة المثلى والدواء الناجع، هنالك يخرج الله أعداءكم، ويولى عليكم خياركم، والله على كل شيء قدير".

من روائع الشيخ علي الطنطاوي

الأماكن أوعية الحوادث، وظروف التاريخ، وما التاريخ إلا زمان ومكان ورجال، وقد مر الزمان فلا يعود، وذهب الرجال ولا يرجعون ولم يبق إلا المكان، فهو جسم التاريخ، وإذا نحن رأينا (وأرينا تلاميذنا) الساحة التي جرت فيها المعركة، والدار التي عاش فيها العظيم، والقلعة التي افتتحها القائد، فقد رجعنا إلى التاريخ وعشنا فيه، وإذا لم نستطع زيارة المكان فلا أقل من أن تكون له اليوم صورة فنرى الصورة، وأن يكون له وصف فنقرأ الوصف. [كتاب"مع الناس"، للطنطاوي]

من حكم الشيخ علي الطنطاوي

- الله لا يبدل قوانين الكون وسنن الوجود إرضاء لكسول أو خمول.
- إذا لم يكن لك كل ما تريد، فلماذا لا تريد كل ما يكون، فتستريح وتريح؟ وهذه هي نعمة الإيمان بالقدر.
- ما كان لك فسوف يأتيك على ضعفك، وما كان لغيرك لن تناله بقوتك.
- حسبنا تفكيرا برؤوس غيرنا، حسبنا نظرا بعيون عدونا، حسبنا تقليدا كتقليد القرود ولنعد إلى أنفسنا، إلى عري=بيتنا وإسلامنا، إلى طهرنا وعفافنا.
[كتاب"مع الناس"، للطنطاوي]

صناعة المشيخة

يقول الشيخ على الطنطاوي في وصف المشايخ والمشيخة .. صارت علما على طبقة من الناس، تأخذ من الناس ولا تعطيهم، وتستجيب لدعواتهم ولا تدعوهم، وتقول لهم ولا تسمع منهم، وسمة لمن هو غريب عن عاداتهم وموضوعاتهم، صارم في وعظهم، شديد في نصحهم، لا يقبل ردا على كلام، ولا جدالا في الرأي، يتكلم بالنحوي ويتأخر عن الموعد ..
كان على الرجل إذا أراد أن يكون من العلماء، أن يحمل مشقات الرحلات، ويثني الركب في المجالس، ويحي الليالي في المطالعة، وينفق السنين في الطلب، فهان الأمر حتى اقتصر على عشرة أذرع من الشاش، وجبة عريضة وسبحة طويلة، ولو لم يكن تحت العمامة إلا رأس فارغ من العلم، ولو لم يكن في الجبة إلا جسد يتربى بالحرام، فلما رأى العوام ذلك، وأبصروا ناسا لهم زي العلماء، وأفكار الجهلاء، وأعمال السفهاء، ورأوهم يصفون الأقدام في المساجد رياء، ويحركون الألسنة بالتسبيح تظاهرا، لم يعرفوا أن هؤلاء أدعياء في العلم، وأن الإسلام ينكرهم ويأباهم، بل حسبوا أنهم هم العلماء، وأنهم هم الصلحاء، واتخذوهم وسيلة إلى الطعن في العلم والصلاح.
[كتاب"مع الناس"، للطنطاوي]

السفاح

يجيء الشاب فيغويها، فإذا اشتركا في الإثم ذهب هو خفيفا نظيفا، وحملت هي وحدها ثمرة الإثم في بطنها، ثم هو يتوب فينسى المجتمع حوبته، ويقبل توبته، وتتوب هي فلا يقبل لها هذا المجتمع توبة أبدا، ثم إذا أراد هذا الشاب نفسه الزواج، أعرض عن الفتاة التي أفسدها هو، مترفعا عنها، مدعيا أنه لا يتزوج البنات الفاسدات.
[كتاب"مع الناس"، للطنطاوي]




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 26-06-2019, 02:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ومضات تربوية وسلوكية

ومضات تربوية وسلوكية (9)


خالد سعد النجار

بسم الله الرحمن الرحيم
تذخر بطون الكتب بالعديد من الأفكار الذهبية والعبارات المحورية الجديرة برصدها وتدوينها للوقوف على كنوز مفكرينا وكُتابنا العظام، وللانتفاع بالفائدة المرجوة منها، ولذلك حرصت خلال جولتي بين دفوف الكتب أن أرصد هذه الثروات الفكرية والتربوية والتحليلية، وأنقلها بنصها كما وردت فيها أو باختصار طفيف في بعض الأحيان، هذا كي يستفيد منها القاسي والداني، سائلا المولى عز وجل أن ينفع بها الكبير والصغير، وأن يكتب لكاتبها وجامعها وقارئها الأجر والمثوبة إنه نعم المولى ونعم النصير.

(الألوهية)

ليس الخلاف في وجود الله جل شأنه وفي أنه خلق الخلق وبيده ملكوت كل شيء، ولكن الخلاف فيمن يستحق العبادة وحده. إن الإنسان من بين كل المخلوقات جميعها يقوم في وجه أخيه الإنسان يدعي الألوهية إذ يدفعه إلى ذلك حب التسلط وهوى الاستعلاء، يجعل نفسه إلها لغيره من أبناء جنسه يستعبدهم ويقهرهم على الانقياد والطاعة ويجعلهم أداة لهواه، تسول له نفسه ذلك إذا ملك شيئا من مال أو قوة أو رزق شيئا من دهاء أو نبوغ.
والذين ينتحلون الألوهية صنفان، الصنف الأول: أولئك الذين يجدون في أنفسهم ما يحملهم على الاغترار بأنفسهم، ويجدون من الوسائل ما يهيئ لهم دعوى الألوهية من غير استخفاء ولا مواربة. وفرعون مثل لهؤلاء إذ نادى بقومه: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات:24] و {مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص:38] ومن هؤلاء النمروذ الذي حاج إبراهيم وادعى أنه يحيي ويميت.
وهذه الألوهية التي ادعاها فرعون والنمروذ ليست بقاصرة عليهما، بل نالك في كل زمان ومكان من يدعيها، وبلاد فارس كانت تخاطب ملوكها بلفظ «خدا» ومعناها الإله، وكذلك شأن البيوتات الحكمة في الهند كانت تدعي نسبتها إلى الآلهة.
والصنف الآخر: لم يتهيأ لهم من القوة والوسائل المادية ما يؤهلهم للقيام بهذه الدعوى الخطيرة وإخضاع الناس لإرادتهم، فتسلحوا بأسلحة من الدجل، فعمدوا إلى وثن أو قبر أو كوكب أو شجرة ونادوا في الناس بأن هذا إلهكم يقضي حاجتكم ويضركم وينفعكم وينصركم أو يخذلكم، وجعلوا أنفسهم سدنة للأوثان، وطلبوا إلى الناس أن يجعلوهم وسيلة للوصول إلى الأوثان وسيطروا بكل ذلك على عقول الناس وأموالهم.
ومن هذا النوع أيضا الذين يحترفون الكهانة والتنجيم. ومن هذا الصنف أناس ادعوا أنهم وحدهم القادرون على فهم الكتب المنزلة من عند الله يحلون فيها ما يشاءون ويحرمون ما يشاءون ومثال هؤلاء البابوية.

التشريع للناس من دعوى الألوهية

حين تقوم ألوهية الإنسان على الإنسان يفشو الظلم والجور والتكبر في الأرض بغير الحق، وهنالك تنزع حرية الإنسان وتغلب العقول وتغل فطرة الإنسان وخصائصه الفكرية بأنواع الأغلال والقيود.
وألوهية الإنسان أصل المصائب ومصدر البؤس والشقاء اللذين يصيبا الإنسان، والسبيل الوحيد للنجاة، الكفر بالطواغيت جميعها والإيمان بالله العزيز الحميد.
هذا الإيمان هو الذي يحرر العقول والأفكار من أغلال العبودية التي يرسف فيها البشر وهو الذي يضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم.
والنظام الإسلامي ليس فيه لأمير من أمراء المسلمين ولا لمجتهد ولا عالم من علمائهم ولا لمجلس تشريعي ولا لجميع المسلمين في العالم أن يغيروا نصا من نصوص الكتاب أو السنة في أي شأن من الشئون، أما الأمور التي لا يوجد بشأنها في الشريعة حكم صريح فمردها إلى إجماع علماء المسلمين ومجتهديهم.
وعليه فإن مهمة الإسلام إنقاذ الإنسان من عبادة الإنسان وإنقاذ عقل الإنسان من الضلالات والأوهام. وما عبادة الإنسان للإنسان إلى تسلط على قلب الإنسان وتسخير لعقله، وقد خلق الإنسان ليكون حرا ولتكون له قيمة الإنسان. فإذا استعبد قلبه وسخر عقله فقد قيمته الإنسانية .. أدرك ذلك أصحاب رسول الله إدراكا عميقا وعبروا عنه تعبيرا جليا حين وقف أفراد عاديون منهم أمام رستم قائد الفرس فقالوا له:
«جئنا لنخرج الناس من عبادة الناس إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام» [المسئولية، د. محمد أمين المصري، دار الأرقم- برمنجهام- بريطانيا،143-144]

(كيف تكون كاتبا)

إن كثيرين من الكتاب يميلون إلى معرفة آراء الناس بكتاباتهم ويهتمون بهذه الآراء جدا، حتى إنها لتشجعهم إذا كانت حسنة وتذهب عزائمهم إذا كانت سيئة، وهؤلاء الكتاب يخسرون كثيرا من مواهبهم، وينحطون عن المنزلة التي وضعهم فيها الله يوم جعلهم كتابا واختارهم لتبليغ رسالة القرون الآتية، فلا تعتادوا هذه العادة ولا تبالوا بأذواق الناس إذا خالفت أذواقكم، ولكن استمعوا إلى نقدهم إذا كان يستند إلى أساس علمي صحيح. أما إذا استند إلى الذوق وحده فلا .. ولو كان ذوق أستاذكم [فكر ومباحث، على الطنطاوي، دار ابن حزم، ص 178]

(الجمال في القول)

الكلمات قوالب المعاني ولبوسها، والكلمات الجميلة خير وعاء لحمل المعاني الجليلة، لما تحدثه من أثر محمود في قلب السامع، فتجعله مهيأ لقبولها، قال ابن بطال في شرح البخاري (9/437): «جعل الله في فطر الناس محبة الكلمة الطيبة، والفأل الصالح، والأنس به، كما جعل فيهم الارتياح للبشرى، والمنظر الأنيق، وقد يمر الرجل بالماء الصافي فيعجبه، وهو لا يشربه، وبالروضة المنثورة فتسره وهي لا تنفعه» [في أدب التخاطب، د.عبد المحسن التخيفي، مجلة الهداية البحرينية، العدد231]
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 25-11-2019, 09:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ومضات تربوية وسلوكية


ومضات تربوية وسلوكية (10)


خالد سعد النجار





تَزْخَرُ بطونُ الكتب بالعديد من الأفكار الذهبيَّة، والعبارات المحوريَّة، الجديرة برصدها وتدوينها؛ للوقوف على كنوزِ مُفكِّرينا وكُتَّابنا العِظام، وللانتفاع بالفائدةِ المرجوَّة منها؛ ولذلك حَرَصْتُ خلالَ جولتي بينَ دُفُوفِ الكتبِ أن أَرصُدَ هذه الثَّروات الفكريَّة والتربويَّة والتحليليَّة، وأنقُلَها بنصِّها كما وردت فيها، أو باختصار طفيفٍ في بعض الأحيان؛ هذا كي يستفيدَ منها القاصي والدَّاني، سائلًا المولى عزَّ وجل أن يَنْفَعَ بها الكبير والصغير، وأن يكتب لكاتبها وجامعها وقارئها الأجرَ والمثوبةَ، إنه نِعْمَ المَولى ونعْم النَّصيرُ.


(السطحية)
ولقد سَرَتِ السطحية إلى العبادات؛ ففقَدت رُوحَها وحقيقتها، كما سَرَت إلى النواحي الخُلُقية؛ ففقدت أيضًا حقيقتها، وكان من نتيجة ذلك أنْ تدنَّى الفرد المسلم إلى دركات دون المستوى الإسلاميِّ الصحيح.
ويقترن بالسطحية سرعةُ تقبُّل الأفكار التي تُلقى وإن كانت مغلوطةً أو منحرفةً، وهكذا يتقبَّل طلاب الجامعة كلَّ ما يُلقى إليهم وإن كان غامضًا؛ لأن غرضهم من المعلومات ما يكفل لهم النجاح.

وكذلك تقترن السطحية بالأفكار الغامضة، فتقبل الأفكار الغامضة دون تمحيصٍ لها ودون شعور بغموضها؛ لأن الاستزادة من البحث والتعمُّق فيه والإحاطة بأسبابه، كلُّ هذه تزيد الموضوع بسطًا وتزيده وضوحًا.
ويسهل أيضًا مع السطحية تَقبُّل الأفكار الخاطئة والدعايات الكاذبة، وقد دخل الأعداء من هذا الباب، وافتنُّوا باللعب بسياسة المسلمين وتدمير مجتمعاتهم، والمؤسف أن المسلمين لا يعلمون شيئًا مما يجري بهم.
ومن هذا ما فعله يهود الدونمة في تركيا حين أعلنوا إسلامهم في ظلِّ سيطرة الدولة العثمانية على البلقان، واستطاعوا الوصول إلى المراكز الحسَّاسة في قصر الخلافة، واستطاعوا أن يُقوِّضوا بنيانالخلافة؛ [المسؤولية؛ د. محمد أمين المصري، دار الأرقم - برمنجهام - بريطانيا، ص 22].



(الطموح)
قال الدكتور جوستاف لوبون: "ليس التاريخ إلا رواية الأحداث والأفعال التي قام بها الناس سعيًا وراء المطمح، ولولا هذا لظلَّ الإنسان على بربريَّتِه، ولما كان له من المدنيَّة نصيب، وإن انحطاط الأُمَّة يبتدئ يوم لا يكون للأمة مطمح تحترمه بجملتها، فيجاهد كلُّ فرد منها بنفسه في سبيل حمايته والذود عنه".

(الدعوة الإسلامية المعاصرة)
الدعوة الإسلامية المعاصرة، وهي تسعى لاستئناف حياةٍ إسلامية، وأن يكون الدين كلُّه لله - مدعوَّةٌ لأن تختار أفرادها، وخاصة في مرحلة التأسيس والبناء، ممن هو أقرب للفطرة والخير، وأبعد عن التَّرف والانغماس في المَدَنيَّة ومظاهرها، وأبعد عن النسب الوضيع.
إن رجل الفطرة يختلف عن الذي عاش حياته ذليلًا يشعر بالضآلة أمام آلة الدولة التي تطحن الجميع، فمثل هذا لا يستطيع القيام بإنجازٍ كبير، فهو دائمًا رجل (النصف)، الذي يقدم نصف جهد، ونصف اجتهاد، ونصف فكرة.

إن هذا الدين لا يقوم به إلا أهلُ الاستقلال في الفكر والرأي، وأهلُ الشجاعة والذكاء وقوة البأس، وأهلُ البعد عن مخازي الاستبداد، ولا يستطيع أن يحوطه من جميع جوانبه إلا مَن بعُد عن أخلاق السَّفِلَةِ وأخلاق الجدل والأنانية، وعلى المسلمين أن يُعرِّبوا حياتهم؛ وذلك بأن يرجعوا إلى نموذج الفطرة والبساطة في حياتهم، ذلك النموذج الذي طلبه الخليفة الراشد عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه وألحَّ عليه حين قال: "تمعددوا، واخشوشنوا، وانزوا على الخيل"؛ أي: كونوا كجَدِّكم معد بن عدنان في خشونته وجَلَده، وتدرَّبوا على ركوب الخيل والقفز عليها.

لقد كان رضي الله عنه يخشى من الإخلاد إلى الأرض، والتخلُّق بأخلاق الشعوب الأخرى، الذين تأسِرهم المظاهرُ الفارغة، ويخلدون إلى الرفه والدَّعَة، ولا يعني هذا أن لا بد من العيش في البادية وترك المُدن، ولكن أن ينتزع المسلم نفسه من بيئته ليعيش حياةً تساعده على حمل الرسالة ومشاقِّها، في حين أن مَن حوله يعبدون المال والرياش؛ [وقفات تربوية في فقه السيرة؛ د. محمد العبدة، دار الصفوة، القاهرة ص 25-26].


(غربة الدين)
ومن غربة الدين غربة الفَهم الشامل للإسلام؛ فالكثير أصبح الإسلامُ في نظره هو الصلاة والصيام والحج فقط، ولا بأس عليه بعد ذلك أن تكون معاملاته مبنيةً على الحرام والمظالم، أو لا بأس عليه أن يعتنق فكرةً هدَّامة جاهلية فيجمع بين الإسلام والجاهلية في آنٍ واحد... جاء بَشيرُ بنُ الخَصَاصِيَّةِ يسأل عن الإسلام حتى يبايع عليه، فقال له الرسول: ((الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، والجهاد))، فقال: يا رسول الله، كلها أطيق إلا الصدقة والجهاد، فقبض رسول الله عن البيعة وقال: ((يا بشير، لا صدقة ولا جهاد، فبمَ تدخل الجنةَ؟)) فقال: يا رسول الله، مُدَّ يدك أبايعك عليهن، فمَدَّ رسولُ الله يده.

فعلى المسلم الحقِّ أن يعتزَّ بغربته؛ فإنها محمودةٌ؛ يشابه فيها الأنبياء، فالزم جماعةَ المسلمين؛ للحديث: ((فالزم جماعة المسلمين وإمامَهم، لا تزال طائفة من أُمَّتي ظاهرين على الحقِّ لا يضرُّهم مَن خالفهم حتى يأتي أمر الله))، وألا ينخدع بكلِّ مظهر أو فعل جاهليٍّ، فإنما هي دنيا، وفي الحديث: ((الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر))، ((ما لي وللدنيا؛ إنما أنا كراكبٍ استظلَّ تحت شجرةٍ ثم راح وتركها))، وللحديث: ((سيظهر شرار أمتي على خيارها، حتى يتخفَّى المؤمن كما يتخفَّى المنافق فينا اليوم)).

ولله در الشاعر إذ يقول:
قل للذي بصروف الدهر عيَّرني
هل حارب الدهرُ إلا مَن له خَطَرُ

أمَا ترى البحر تطفو فوقه جِيَفٌ

وتستقرُّ بأقصى قعرِه الدررُ

وكم على الأرض مِن خضراءَ مورقة
وليس يُرجَم إلا ما له ثمرُ
[مقال/ غربة المسلم..هل حانت؟؟ مريم المحمد، مجلة التقوى اللبنانية، عدد 204/ 2010].

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 153.78 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 147.75 كيلو بايت... تم توفير 6.03 كيلو بايت...بمعدل (3.92%)]