خطبة الكرم ومجالاته في الإسلام - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12522 - عددالزوار : 213839 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-10-2020, 12:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي خطبة الكرم ومجالاته في الإسلام

خطبة الكرم ومجالاته في الإسلام


السيد مراد سلامة






الخطبة الأولى
أمة الإسلام: حديثنا في اليوم عن صفة من صفات الله - تعالى - وعن خلق من أخلاق الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام- والأولياء.
إن ذلكم الخلق يؤلف بين أبناء الأمة ويجعل منها جسدا واحد إذا اشتكى من عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، إن منبع ذلك الخلق هو إرادة وجه الكريم - جل جلاله - إنه خلق الكرم الذي تفرع وتشعب في جميع شعب الإيمان وفي شتى مناحي الحياة.
فما هو الكرم؟ وما هي فضائله؟ وما هي مجالاته؟ وما هي ثمراته؟


أعيروني القلوب والأسماع:
تعريف الكرم:
إخوة الإسلام: لقد عرف العلماء الكرم بتعريفات متعددة بعضها قاصر لجانب من الجوانب وبعضها عام نذكر لك أجملها وأوضحها:
قال ابن مسكويه: الكرم إنفاق المال الكثير بسهولة من النّفس في الأمور الجليلة القدر، الكثيرة النّفع.
وقيل: هو التّبرّع بالمعروف قبل السّؤال، والإطعام في المحل، والرّأفة بالسّائل مع بذل النّائل.
وأقول الكرم هو البذل والسخاء بالنفس والوقت والمال والجاه في جميع الأحول.

فضل الكرم والكرماء:
أيها الموحدون الأطهار: إن للكرم فضل عظيم ومنزلة علية في الشريعة الإسلامية وقد رفع الإسلام قدر الكرم والكرماء.
وهيا لنتعرف على ذلك من خلال الآيات البينات والحجج القاطعات والبراهين الساطعات.

الكرم من صفات الله تعالى:
اعلموا عباد الله - زادني الله وإياكم علما وفهم -:أن الكرم صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة فمن أسمائه تعالى الكريم تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴾ [الانفطار: 6].
وقوله: ﴿ فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ﴾ [الفجر: 15] .وقوله: ﴿ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ ﴾ [العلق: 3].

فالله (الكريم: الجواد، والكريم: العزيز، والكريم: الصَّفوح. هذه ثلاثة أوجه للكريم في كلام العرب، كلها جائز وصف الله عَزَّ وجلَّ بها، فإذا أريد بالكريم الجواد أو الصفوح؛ تعلق بالمفعول به؛ لأنه لا بدَّ من مُتكرم عليه ومصفوح عنه.

وتأملوا كرم الكريم - جل جلاله - قال تعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 261].

وقال تعالى: ﴿ وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 265].

والكرم من صفات الرب سبحانه وتعالى، "عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحِى إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ» [صحيح الترمذي وابن ماجه].
ومن كرمه أن فوقك إلى الطاعة وهداك إلى الصراط المستقيم ويثيبك على الحياة الطيبة في الدنيا والجنة في الآخرة
ومن كرمه أن جعل الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف وجعل السيئة بواحدة و يعفو سبحانك يا غني يا كريم ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الأنعام: 160].

الكرم من صفات الأنبياء:
والكرم أيها الكرماء صفة من صفات الأنبياء والمرسلين فهم صفوة خلق الله تعالى وقد اتصفوا بمعالي الأمور وإليكم بعض مشاهد الكرم في حياة الأنبياء.
كرم خليل الرحمن إبراهيم - عليه الصلاة و السلام -:
اعلم أن أول من ضيف الضيفان خليل الرحمن - عليه الصلاة والسلام - وهو الأب الثالث، وعامود العالم، وأبو الآباء، وإمام الحنفاء الذي اتخذه الله خليلا، وجعل في ذريته النبوة، والكتاب، وهو شيخ الأنبياء كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
هو - صلى الله عليه وسلم - أول من ضيف الضيف، وأول من سمي أبا الضيفان.
قال الغزالي في الإحياء: كان إبراهيم الخليل عليه السلام إذا أراد الأكل خرج ميلا، أو ميلين يلتمس من يأكل معه فبصدق نيته دامت ضيافته في مشهده إلى يومنا هذا، وهو أول من بنى دار الضيافة، وجعل لها بابين كما أخرجه العسكري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن الله وسع على خليله في المال، والخدم فاتخذ بيتا للضيافة له بابان; يدخل الغريب من أحدهما ويخرج من الآخر وجعل في ذلك البيت كسوة الشتاء والصيف، ومائدة منصوبة عليها طعام فيأكل الضيف ويلبس إن كان عريانا.
وقد أثنى الله تعالى عليه في كتابه العزيز في إكرام ضيفه من الملائكة حيث يقول سبحانه: ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ ﴾.

كرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
أحباب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما عن كرم اكرم الخلق إلى الخالق - صلى الله عليه وسلم - فالحديث يطول ولكننا نأخذ قطر من بحر جوده وكرمه.
عن ابن شهاب، قال: «غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة الفتح، فتح مكة، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه من المسلمين، فاقتتلوا بحنين، فنصر الله دينه والمسلمين وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ صفوان بن أمية مائة من النعم ثم مائة ثم مائة» قال ابن شهاب: حدثني سعيد بن المسيب، أن صفوان قال: «والله لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني، وإنه لأبغض الناس إلي، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي» رواه مسلم.
عن أنس بن مالك رضي اللَّه عنه، قال: "أتي النبي صلى الله عليه وسلم بمال من البحرين فقال انثروه في المسجد فكان أكثر مال أتي به رسول الله? إذ جاءه العباس فقال يا رسول الله أعطني إني فاديت نفسي وفاديت عقيلا فقال خذ فحثا في ثوبه ثم ذهب يقله فلم يستطع فقال اؤمر بعضهم يرفعه إلي قال لا قال فارفعه أنت علي قال لا فنثر منه ثم ذهب يقله فلم يرفعه (يستطع) فقال فمر (اؤمر) بعضهم يرفعه علي قال لا قال فارفعه أنت علي قال لا فنثر منه ثم احتمله على كاهله ثم انطلق فما زال يتبعه بصره حتى خفي علينا عجبا من حرصه فما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ" رواه البخاري.
قال ابن رجب - رحمه الله -:"كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي عطاءً يعجز عنه الملوك مثل كسرى وقيصر".

مجالات السخاء:
إخوة الإسلام: اعلموا أن الكرم والسخاء ليسا مقتصرين على بذل المال فحسب، بل مفهومهما أوسع، وصورهما أعم وأشمل، ومن صورهما العديدة ما يلي:
المجال الأول: الكرم بالنفس وبذلها في سبيل الحق
أعلى مجلات الكرم أن يجود المسلم بنفسه لله تعالى يقول الله - جل في علاه - ﴿ إنّ اللّه اشْتَرَى مِنَ المؤمِنين أنفُسَهُم وأمْوَالَهُم بأَنّ لَهُمُ الجَنّةَ يُقَاتِلُون في سَبيل اللهِ فَيَقْتُلُون وَيُقْتَلُون وَعْداً عَلَيْه حَقّاً في التّوراة والإنجِيل وَالقُرآن وَمَن أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الّذى بَايَعْتُم بِه وَذَلكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 111]. جاء في سبب نزول هذه الآية أن محمدا بن كعب القرظي قال‏:‏ لما بايعَت الأنصار رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليلة العقبة بمكة وهم سبعون نفساً قال عبدالله بن رواحة‏‏ يا رسول الله اشترط لربك ولنفسك ما شئت فقال‏ أشترط لربى أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم. قالوا‏ فإذا فعلنا ذلك فماذا لنا؟ قال‏:‏ الجنة. قالوا ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل؛ فنزلت هذه الآية.‏
يجود بالنفس إذ ضن البخيل بها ♦♦♦ والجود بالنفس أقصى غاية الجود

ومن أروع صور الكرم والجود بالنفس كرم خليل الرحمن بنفسه لما ألقى في النيران وكرمه لما قدم ولده للذبح امتثالا لأمر الله.

وكرم و جود إسماعيل عليه السلام لما اخبره خليل الرحمن بانه يذبحه ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * لَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ [الصافات: 102-107].

كرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه وتمنيه الشهادة في سبيل الله، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: انتدب الله لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلي، أن أرجعه، بما نال من أجر أو غنيمة، أو أدخله الجنة ولولا أن أشق على أمتي ما قعدت خلف سرية، ولوددت أني أقتل في سبيل الله، ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا ثم أقتل أخرجه البخاري.

يقول عبد الله بن الزبير: "إنا لا نموت حبجاً أي: تخمة، إنا نموت تحت صقع السيوف وضرب الرماح".

المجال الثاني: إكرام الضيف
اعلموا - علمني الله و إياكم - أن من مجالات الكرم التي حثنا عليها الإسلام ونبينا - صلى الله عليه وسلم - إكرام الضيف فإن ذلك من علامات الإيمان عن أبى هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :« من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذى جاره من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت». أخرجه البخاري.
عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: إني مجهود فأرسل إلى بعض نسائه فقالت: والذي بعثك بالحق نبيا ما عندي إلا ماء ثم أرسل إلى أخرى فقالت مثل ذلك حتى قلن كلهن مثل ذلك فقال: (من يضيف هذا الليلة رحمه الله) فقام رجل من الأنصار فقال: أنا يا رسول الله فانطلق به إلى رحله فقال لامرأته : هل عندك شيء؟ قالت: لا إلا قوت صبياني قال: فعلليهم بشيء فإذا دخل ضيفنا فأضيئي السراج وأريه أنا نأكل فإذا أهوى ليأكل قومي إلى السراج حتى تطفئيه قال: فقعدوا وأكل الضيف فلما أصبح غدا على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (لقد عجب الله من صنيعكما الليلة).

يروى لحاتم الطائي أنه قال:
وَإِنّي لَعَبدُ الضَيفِ ما دامَ ثاوِياً ♦♦♦ وَما فيَّ إِلا تِلكَ مِن شيمَةِ العَبدِ

أما مسكين الدارمي فهو يقول:
طَعامي طعام الضيف والرحل رحله
ولم يلهني عنه غزال مقنعُ

أَحدثه إِن الحَديثَ من القرى
وَتعرف نفسي انه سوف يهجَعُ


قال حكيم بن حزام - رضي الله عنه -: «ما أصبحت صباحا قطّ فرأيت بفنائي طالب حاجة قد ضاق بها ذرعا فقضيتها إلّا كانت من النّعم الّتي أحمد اللّه عليها، ولا أصبحت صباحا لم أر بفنائي طالب حاجة، إلّا كان ذلك من المصائب الّتي أسأل اللّه - عز وجل - الأجر عليها».

المجال الثالث الكرم ببذل المال
أخي المسلم الكريم: إن الكريم يصل رحمه، ويحسن إلى أهله، ويواسي المسكين، ويبذل المال لمن طلبه في وجوه البر، و هذه من صفات المؤمنين كما أخبر رب العالمين ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 261 - 263].

وقال سبحانه وتعالى: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 273، 274]

كرم الرسول - صلى الله عليه وسلم -:
عن أنس - رضي الله عنه - قال: ما سئل رسول الله على الإسلام شيئا إلا أعطاه، ولقد جاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وإن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا فما يلبث يسيرا حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها [رواه مسلم].
عن عائشة رضي الله عنها أنهم ذبحوا شاة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما بقى منها؟" قالت: ما بقي منها إلا كتفها، قال: "بقى كلها غير كتفها" [سنن الترمذي] ومعناه: تصدقوا بها إلا كتفها، فقال: بقيت لنا في الآخرة إلا كتفها.

قال بكر بن النطاح:
كَريمٌ إِذا ما جِئتَ طالِبَ فَضلِهِ
حَباكَ بِما تَحوي عَلَيهِ أَنامِلُه

فَلَو لَم يَكُن في كَفِّهِ غَيرُ روحِهِ
لَجادَ بِها فَليَتَّقِ اللَّهَ سائِلُه

وَما بعثت في العالَمينَ فَضيلَةٌ
مِنَ المَجدِ إِلّا مَجدُهُ وَفَضائِلُه

يقول سيد قطب عن قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ﴾ [آل عمران: 134]:
"فهم ثابتون على البذل، ماضون على المنهج، لا تغيرهم السراء ولا تغيرهم الضراء، السراء لا تبطرهم فتلهيهم، والضراء لا تضجرهم فتنسيهم، إنما هو الشعور بالواجب في كل حال، والتحرر من الشح والحرص، ومراقبة الله وتقواه، وما يدفع النفس الشحيحة بطبعها، المحبة للمال بفطرتها، ما يدفع النفس إلى الإنفاق في كل حال، إلا دافع أقوى من شهوة المال، وربقة الحرص، وثقلة الشح .. دافع التقوى، ذلك الشعور اللطيف العميق، الذي تشف به الروح وتخلص، وتنطلق من القيود والأغلال".

المجال الرابع إكرام الأهل الزوجة:
إخوة العقيدة في الأرض المجيدة: ومن مجالات الكرم أن يكرم المرء والديه وزوجته فإن هذا من الكرم الذي أوجبه الله تعالى علينا وحثنا عليه قال تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ﴾ [البقرة: 215].
أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء رجل إلى النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - فقال: يا رسول الله من أولى النّاس بحسن صحابتي؟ قال: أمّك، قال: ثمّ من؟ قال: أمّك، قال: ثمّ من؟ قال: أمّك، قال: ثمّ من؟ قال: أبوك"، رواه البخاري.
عن أبي الطفيل رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لحما ًبالجعْرانَة وأنا غلام شاب فأقبلت امرأة فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسط لها رداءه فقعدت عليه, فقلت: من هذه؟ قالوا: أمُّه ُ التي أرضعتُه) (أبو داود والحاكم).
إكرام الزوجة: ومن وجوه الكرم أن يكرم المسلم زوجته التي هي أمانة عنده فلا يهنها ولا يشتمها ولا يلعنها بل يكون سهلا لينا
فقد أمر الله-تعالى الرجل بمعاشرة زوجته بالمعروف فقال سبحانه: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف ﴾ [النساء:19].

فقد قال ابن كثير في تفسيره: أي طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى: ﴿ ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ﴾. انتهى.

عن عائشة رضى الله عنها قالت قال النبي -صلى الله عليه وسلم- :« خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي » رواه الترمذي.
عن أبي هريرة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استوصوا بالنساء خيراً فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء وأول حديث البخاري
فلا لا يكرم الزوجة إلا كريم ولا يهينها إلا لئيم.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين… اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام....

أما بعد:
أيها المسلمون:
المجال الخامس: من الكرم قضاء حوائج الناس:
ومن مجالات الكرم أن يسخر الإنسان نفسه لقضاء حوائج المحتاجين والسعي في قضاء حوائج الناس من الشفاعة الحسنة التي أمرنا الله تعالى بها فقال: ﴿ مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا ﴾ سورة النساء.

عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى ، عَنْ أَبِيهِ، قال: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا جَاءَهُ السَّائِلُ، أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ. قال: اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، ويقْضِي الله عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَاءَ. أخرجه أحمد.
عَنْ سَهْلِ بن سَعْدٍ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "عِنْدَ اللَّهِ خَزَائِنُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، مَفَاتِيحُهَا الرِّجَالُ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَهُ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ، وَمِغْلاقًا لِلشَّرِّ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَهُ مِفْتَاحًا لِلشَّرِّ، وَمِغْلاقًا لِلْخَيْرِ". أخرجه ابن ماجة

قال أبو العتاهية:
اقض الحوائج ما استطعت
وكن لهمِ أخيك فارج

فلخير أيام الفتى
يوم قضى فيه الحوائج

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ ابنِ عُمَرَ رضي اللهُ عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قال: "مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

الواقع التطبيقي:
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَتِ الصَّلاَةُ تُقَامُ ، فَيُكَلِّمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَ فِي حَاجَةٍ تَكُونُ لَهُ، فَيَقُومُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ ، فَمَا يَزَالُ قَائِمًا يُكَلِّمُهُ ، فَرُبَّمَا رَأَيْتُ بَعْضَ الْقَوْمِ لَيَنْعَسُ مِنْ طُولِ قِيَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ. أخرجه أحمد.
في الصحيحين «عن أنس قال: كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر فمنا الصائم ومنا المفطر، قال: فنزلنا في يوم حارٍّ أكثرنا ظلاً صاحب الكساء ومنا من يتقي الشمس بيده، قال: فسقط الصوام وقام المفطرون، وضربوا الأبنية وسقوا الركاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ذهب المفطرون بالأجر) ».
قال عبد الله بن عثمان - شيخ البخاري -: "ما سألني أحدٌ حاجة إلا قمت له بنفسي فإن تم وإلا استعنت له بالسلطان".

ثمرات الكرم:
أولا محبة الله للكرماء: عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "إن الله كريم يحب الكرم ومعالي الأخلاق ويبغض سفسافها" السنن الكبرى للبيهقي.

ثانيا أن الكرم من دلائل الإيمان: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «المؤمن غرّ كريم، والفاجر خبّ» لئيم» أبو داود وقال الألباني: صحيح.

قال ابن عبّاس - رضي الله عنهما -: «سادات النّاس في الدّنيا الأسخياء، وفي الآخرة الأتقياء».

قال سلمان الفارسي - رضي الله عنه -: «إذا مات السّخيّ، قالت الأرض والحفظة: ربّ تجاوز عن عبدك في الدّنيا بسخائه، وإذا مات البخيل قالت: اللّهمّ احجب هذا العبد عن الجنّة كما حجب عبادك عمّا جعلت في يديه من الدّنيا».


ثالثا بركة في المال: الكرم بركة للمال، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقاً خلفاً ويقول الآخر اللهم أعط ممسكاً تلفاً" (البخاري).
الدعاء .....................


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 79.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 77.84 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (2.38%)]