تربية النشء - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4417 - عددالزوار : 853422 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3948 - عددالزوار : 388575 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12522 - عددالزوار : 214014 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-10-2020, 11:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي تربية النشء

تربية النشء


محمد محمود مصطفى







قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ [التحريم: 6]، وقال الرَّسولُ - عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ -: ((الْزَموا أولادَكم وأحْسِنوا أدبَهم)).



يا إخوةَ الإسلامِ:

الأولادُ هم زَهرةُ الحياةِ الزوجيَّة، ومتعةُ النَّفسِ البشريَّة، وزينةُ الحياة الدنيويَّة، وعِمادُ الحياةِ، وعصَب الأمَّةِ الإسلاميَّة؛ لذلك تجدُ الإسلامَ يُحافظُ على أجسادِهم وصحَّتِهم، ويَعتني بأخلاقِهم وسُلوكِهم، ويَكِلُ الأمرَ إلى الآباءِ؛ يقول - عليه الصلاةُ والسلامُ -: ((كُلُّكم رَاعٍ وكُلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه؛ الإمام راعٍ ومسؤولٌ عن رعيَّتِه، والرَّجلُ راعٍ في أهلِه ومسؤولٌ عن رعيَّتِه، والمرأةُ راعيةٌ في بَيتِ زوجِها ومسؤولةٌ عن رعيَّتِها))[1].



ويقولُ أيضًا: ((ما مِن مولودٍ إلاَّ وهو يُولدُ على الفطرةِ، فأبوَاه يُهوِّدَانِه أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانه، اقْرؤوا إنْ شئتُم قولَ اللهِ: ﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾ [الروم: 30]))[2].



وقد تعهَّدتِ السنَّةُ الطفلَ قبل أنْ يكونَ جَنينًا، فحضَّتْ أباه على اختيارِ الزوجةِ الصالحةِ؛ قال - عليه الصلاةُ والسلامُ -: ((الدنيا متاعٌ وخيرُ متاعِها الزوجةُ الصالحةُ))، ويقولُ ربُّ العزَّةِ: ﴿ وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ﴾ [البقرة: 221].



وبذلك يَتهيَّأُ المناخُ الإسلاميُّ النظيفُ الذي سيَشبُّ فيه المولودُ ويتربَّى.



ثُمَّ تأمُرُ السنَّةُ أنْ يستعيذَ الرَّجلُ مِن الشيطانِ عندَ مُباشرتِه لزوجتِه؛ قال رسولُ اللهِ: ((لو أنَّ أحدَهُم إذا أرادَ أنْ يأتيَ أهلَه قال: باسمِ اللهِ، اللَّهمَّ جنِّبنا الشيطانَ، وجنِّب الشيطانَ ما رَزقتَنا، فإنَّه إنْ يُقدَّرْ بينهما ولدٌ في ذلك لم يَضرَّه شيطانٌ أبدًا))[3].



وتَتعهَّدُ السنَّةُ الجنينَ وأمَّه بالرِّعايةِ والعنايةِ في مُدَّة بقاءِ الجنينِ في بطنِ أُمِّه بما يدفعُ عنه كلَّ أذى، ويُجنِّبُه كلَّ مَكروهٍ.



وعندما يُولَدُ تأمُرُ السنَّةُ أنْ يُؤذَّنَ للصلاةِ في أُذُنِه اليُمنى، وتُقامَ الصلاةُ في أُذُنِه اليُسرى، فيكونَ أوَّل ما يقرعُ سمعَه كلماتُ الآذانِ التي تُثبتُ الكبرياءَ والعظمةَ للهِ، والشهادةُ هي أوَّل ما يَدخلُ به الإنسانُ الإسلامَ، وبذلك يَزدادُ الشيطانُ منه بُعدًا.



وأَوصى الإسلامُ باختيارِ الأسماءِ للأبناءِ؛ فقال رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّكم تُدْعونَ يومَ القيامةِ بأسمائِكم وبأسماءِِ آبائِكم فأحْسِنوا أسماءَكم))[4]، وقال - عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ -: ((إنَّ أحبَّ أسمائِكم إلى اللهِ - عزَّ وجلَّ -: عبدُاللهِ، وعبدُالرحمنِ))[5].



وقال الإمامُ عليٌّ: "إنَّ للولدِ على والدِه حقًّا: أنْ يُحسِنَ اسمَه، وأنْ يُحسِنَ أدبَه، وأنْ يُعلِّمه القرآنَ".



وحَضَّ الإسلامُ الآباءَ على العقيقةِ والختانِ، ولقد روَى البخاريُّ عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مع الغلامِِ عقيقتُه، فأهْرِيقُوا عنه دمًا، وأميطوا عنه الأذَى)).



وقدْ وزَنتِ السيدةُ فاطمةُ شعرَ رأسِ الحَسنِ والحسينِ وزَينبَ وأمِّ كلثوم، فتصدَّقتْ بزِنةِ ذلك فِضَّةً.



وفي الصحيحَينِ مِن حديثِ أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الفِطرةُ خمسٌ: الختانُ والاستحدادُ وقصُّ الشاربِ وتقليمُ الأظافرِ ونَتْفُ الإبْطِ)).



ثُمَّ يَرسمُ الإسلامُ بعدَ ذلك طريقةَ التربيةِ للأولادِ، وقد اعتنى بخمسةِ أمورٍ:

أوَّلاً: معاملة الأولادِ بالرأفةِ والرحمةِ واللينِ:

فالأولادُ فَلَذةُ الأكبادِ ومُتعةُ الفؤادِ، وقديمًا قال الشاعرُ العربيُّ:



وإِنَّمَا أَوْلَادُنَا بَيْنَنَا

أَكْبَادُنَا تَمْشِي عَلَى الَأَرْضِ



لَوْ هَبَّتِ الرِّيحُ عَلَى بَعْضِهِمْ

لامْتَنَعَتْ عَيْنِيعَنِ الغمْضِ






وقد ضرَب رسولُنا محمدٌ أروعَ الأمثلةِ في مُعاملةِ الأولادِ بالرأفةِ والرحمةِ، فقد رُويَ أنَّ ولدًا مِنْ أولادِ بناتِه جاءَ إليه فقبَّله، فقال رجلٌ من الأعرابِ: أتُقبِّلون أبناءَكم؟! إنَّ لي عشرةً من الولدِ ما قبَّلتُ واحدًا منهم، فقال - عليه الصلاةُ والسلامُ -: ((أَوَ أملِكُ لكَ أنْ نزَع اللهُ الرحمةَ من قلبِكَ))؛ أي: ماذا أفعلُ إذا كان اللهُ نزعَ الرَّحمةَ من قلبِكَ.



وقدْ رُويَ - أيضًا - أنَّه كان يَخطبُ على المِنبرِ، فوجَدَ الحسنَ والحسينَ يَدخلانِ المسجدَ ويَتعثَّران في السَّيرِ، فنَزَل مِن فوق المنبرِ وحمَل الحَسنَ بيدِه اليُمنى والحسينَ بيده اليسرى، وأجلسَهما بجوار المنبر، ثُمَّ صَعِد وقال: صَدَق الله: ﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾ [الأنفال: 28]، ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الكهف: 46].



وقدْ كان - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُصلِّي يومًا بالناس إمامًا فارتحَلَه الحسينُ فأطال السُّجودَ، ولما فرَغ - عليه الصلاةُ والسلامُ - مِن الصلاةِ، قال له أحدُ الصحابةِ: إنَّكَ أطلتَ السجودَ حتى ظننَّا شيئًا! فقال - عليه الصلاةُ والسلامُ -: ((إنَّ ابني قدِ ارتحلني فَكرِهتُ أنْ أُعجِلَه))!



ومِن الآثارِ في ذلك أنَّ عمرَ بنِ الخطَّابِ - رضي الله عنه - كان قدِ اختارَ رَجلاً كي يولِّيه الولايةَ مِن قِبلِه، وفي أثناءِ كتابتِه لكتابِ الوَلايةِ جاءَ ولدٌ من أولادِ عمرَ فجلَس في حجرِه فأخذَ عمرُ يُقبِّله ويُداعبُه، فقال الرجلُ المُرشَّحُ للوَلايةِ: أَتَفْعَلُ ذلك مع أولادِك يا أميرَ المؤمنين؟ قال: نعَم، فماذا تفعلُ أنتَ؟ قال الرجل: يا أميرَ المؤمنينِ، إذا دخلتُ بيتي سكَتَ الناطِقُ، وجلَس الواقِفُ، ولا أسمعُ همْسًا في البيتِ. فما كان مِن عمرَ إلاَّ أنْ أمسَكَ بكتابِ الوَلايةِ ومزَّقه وهو يقولُ: ما ذَنْبي إنْ كان اللهُ نزَع الرحمةَ مِن قلبِكَ، إنَّما يرحمُ اللهُ مِن عبادِه الرُّحماءَ، إذا لم يَرحمْ أولادَه، فكيف يَرحمُ الرعيَّة؟!



ثانيًا: عدمُ تفضيلِ بعضِ الأولادِ على بعضٍ:

يأمرُ الإسلامُ بالعَدْلِ بيْن الأولادِ في المُعاملةِ وفي العطاءِ، فلا يُفضّل الذَّكر على الأُنْثى، ولا البِكْر على الباقين، ولا الأخير على غَيرِه، ويقولُ في هذا سيِّدُنا رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اتَّقوا اللهَ واعْدِلوا بيْن أولادِكم))، والأسرةُ الإسلاميَّةُ التي أقامَها الإسلامُ على المودَّةِ والرحمةِ والصفاءِ، إذا ما فُضِّل فيها واحدٌ مِن الأبناءِ على الآخرين، تحوَّلتِ العلاقةُ مِن مودَّةٍ إلى شقاقٍ، ومن رحمةٍ إلى قَسوةٍ، ومِن اطمئنانٍ وسُكونٍ إلى اضطرابٍ وهجْرٍ، ولعلَّ قضيةَ سيِّدِنا يُوسُفَ - عليه السلام - خيرُ شاهِدٍ على ذلك؛ فيُوسُفُ - عليه السلام - يقولُ لأبيه: ﴿ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ﴾ [يوسف: 4]، فيعلمُ يعقوبُ - وهو نبيٌّ - مِن هذه الرُّؤيا أنَّ ابنَه سيكونُ نبيًّا مِن بعدِه، فيفرحُ به ويَميلُ بقلبِه إليه، فكان إذا دخَل عليه ابتسمَ له - ويعقوبُ نبيٌّ - لا يُمكن أنْ تقولَ: إنَّه يُفضِّلُ يوسفَ على غيره، ولكن الذي يَملِكُ القلبَ هو اللهُ، فقلبُه كان يميلُ إلى يوسفَ لِمَا ينتظرْه من النُّبوَّةِ، هذه الابتسامةُ جرَّتْ على يوسفَ الويلاتِ، جعلتْ الإخوةَ يَقولون: ﴿ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ﴾ [يوسف: 8 - 9]، فابتسامةٌ مِن سيِّدِنا يعقوبَ ليوسفَ جرَّت على يوسفَ الويلات.



وتُحدِّثُنا السنَّةُ أنَّ النُّعمانَ بنَ بَشيرٍ - رضي الله عنهما - كان محبوبًا لدَى والدِه، وكانَ صغيرًا، فأراد أنْ يُفضِّله على بقيَّة أولادِه فأبتْ زوجتُه، وقالتْ: لا أقبلُ حتى تُشهِدَ عليه رسولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فإنْ كان مُباحًا أجازَه، وإلاَّ منعكَ، فذهبَ بَشيرٌ إلى رسولِنا مُحَمَّدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فسألُه الرسولُ: ((أَكُلَّ ولدِكَ نَحلتَ مِثِلَ هذا؟)) قال: لا، فقال رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تُشهِدوني إذًا، لا أشهدُ على جَورٍ، لا أشهدُ على جَوْرٍ، لا أشهدُ على جَورٍ، أَشْهِدْ على ذلك غيري))[6].



ثالثًا: عدمُ التشاجُرِ أمامَ الأولادِ بالمنزلِ:

فالأطفالُ يُوْلدون وتُولَدُ معهم غريزةُ التَّقليدِ والمُحاكاةِ، فهُم عَجينةٌ سَهلةٌ في إمكانِكَ أنْ تجعلَ منهم ملائكةً بَرَرة، وفي وُسعِكَ أنْ تجعلَ منهم شياطينَ مردَة.



فهم يُقلِّدون آباءَهم وأُمهاتِهم في حركاتِهم وسكناتِهم وأقوالِهم وأفعالهم، فإذا ما سمِعَ الطفلُ كلمةً قبيحةً أو لفظًا ذميمًا، كرَّره وحفِظه وتمسَّكَ به، وإذا ما طَلَب منه والدُه أنْ يُنكِر وجودَه، أو أنْ يحتفظَ الابنُ بما سرَقه لدرَّبه على الكذبِ وعلى السرقةِ من حيث لا يَدري.



وما تسمعُه الآن في الطُّرقاتِ خيرُ شاهدٍ على ذلك فلو استوقفتَ طفلاً وطلبتَ منه أنْ يقرأَ سورةً صغيرةً مِن القرآنِ "سورةَ الإخلاصِ" مَثلاً - ﴿ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ﴾ - ما استطاعَ إلى ذلك سبيلاً، ولو طلبتَ منه أنْ يُردِّدَ أغنيَّةً لانْبرَى إلى ذلك مُدندِنًا مُلحِّنًا مُقلِّدًا للمُطرِبِ بصوتٍ عذْبٍ وقولٍ فصيحٍ! لأنَّنا لم نُطلِع أولادَنا على كِتابِ اللهِ، وقصَّرنا في حقوقِهم التي بيَّنها الرسولُ محمدٌ - صلَّى الله عليه وسلَّم - حين قال: ((حقُّ الوَلدِ على الوالدِ أنْ يُحسِنَ اسمَه، وأنْ يُزوِّجَه إذا أدْرَكَ، ويُعلِّمَه الكِتابَ)).



وإذَا ما اخْتلَف الرجلُ مع زوجتِه في أمرٍ ما، فلا يكل لها الألفاظَ القبيحةَ أمامَ أولادِه؛ حتى لا يُدرِّبَهم على الأخلاقِ السيِّئةِ، وعليه أنْ ينتظرَ بُعدَهم عنه، ولعلَّه لو انتظَر لرمَى عُصفورَين بحجرٍ؛ فإذا ما هدأ رَوعُه خوفًا مِن تقليدِ أولادِه له، زالَ غضبُه وهدأتْ ثورتُه وسكنتْ نفسُه، فلن يتشاجرَ مع امرأتِه.



وفي إسلام سيَّدِنا عليٍّ - رضي الله عنه - وهو ابن عشْر سِنين ما يدلُّنا على ما لِلبَيتِ من أثَرٍ في نشأةِ الأولادِ؛ فقد آمَن برسولِ اللهِ وصَدَّق بما جاء به، وكان ممَّا أنعمَ اللهُ عليه أنْ كان في حجْرِ رسولِ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قبل الإسلامِ؛ وكان ذلك بسببِ الضائقةِ الماليَّةِ التي كان يَعيشُ فيها أبو طالبٍ مع كثْرةِ عيالِه، فأخذَ سيِّدُنا محمدٌ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عليًّا فلم يزلْ معه حتَّى بعثَه اللهُ نبيًّا فاتَّبعه عليٌّ - رضي الله عنه - وآمَن به.



وعن عبدِاللهِ بنِ عامرٍ قال: جاءَ رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى بيتِنا وأنا صَبيٌّ صغيرُّ، فذَهبتُ لألعبَ، فقالتْ أمِّي: يا عبدَاللهِ، تعالَ لأعطيَكَ، فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((وما أَردتِ أنْ تُعطيه؟)) قالت: تَمرًا، فقال: ((أمَا إنَّك لو لم تَفْعَلي لكُتِبتْ عليكِ كَذِبةٌ))[7].



رابعًا: أمورٌ تتعلَّقُ بالبيتوتة:

يُبيِّنُها ربُّنا لنا بقولِه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ [النور: 58 - 59].



فالإسلامُ لا يُريدُ للطفلِ أنْ يرى أباه وأمَّه وقد تعرَّيَا من ملابسِهما الخارجيَّة؛ صونًا لكرامتِهم، وحِفاظًا على حيائِهم، وحتى لا يُقلِّدَهما أولادُهما، ولكنِ انظُر إلى تلك المرأةِ التي حرَّم الإسلامُ عليها التعرِّي أمامَ أولادِها الصِّغارِ، ما بالُها قد تَعرَّتْ لعامَّةِ الناسِ في الطُّرقاتِ!!



خامسًا: مسؤوليةُ الآباء عن تعليمِ الأبناءِ:

وفي هذا يقولُ الحبيبُ محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مُرُوا أولادَكم بالصَّلاةِ لسبعٍ، واضْربوهم عليها لعَشرٍ، وفرِّقوا بَيْنَهُم في المَضَاجِعِ))، فالتربيةُ الدينيَّةُ تبدأُ بعدَ السنواتِ السبعِ الأُولى، ولكنَّنا حافَظْنا على التربيةِ العقليَّةِ الجسديَّةِ، وأهملْنا التربيَّةَ الدينيَّةَ، وعوَّدنا أولادَنا الكذبَ والغشَّ والخِداعَ والنفاقَ "والفَهْلَوةَ"!



وفي هذا يقولُ الشاعِرُ العربيُّ:



وَيَنْشَأُ نَاشِئُ الفِتْيَانِ مِنَّا

عَلَى مَا كَانَ عَوَّدَهُ أَبُوْهُ






فَالتربيةُ الطيِّبةُ لا تُثمرُ إلا ثَمرَةً طيِّبةً، والتربيةُ السيئةُ لا تُثْمرُ إلا ثَمرةً خَبيثةً.

﴿ وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ﴾ [الأعراف: 58].



قال رَسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كَفَى بالمرءِ إثمًا أنْ يُضيِّعَ مَنِ يَقُوتُ))[8].





[1] متفق عليه.



[2] صحيح مسلم.



[3] متفق عليه.



[4] رواه أبو داود



[5] رواه مسلم.



[6] متفق عليه.



[7] رواه ابو داود.



[8] رواه أحمد وأبو داود والنَّسائي.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 71.90 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 70.00 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.63%)]