|
|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
حسن الخاتمة
حسن الخاتمة الرهواني محمد الخطبة الأولى يعيش الناس في هذه الحياة ما كَتب الله لهم من الأعوام والشهور والأيام، ثم يرتحلون، قال ربنا: ﴿ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ [الأعراف: 34] وقال سبحانه: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185]. فكل امرئ مرهون بعمله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، وقيمة عمل المرء في حسن خاتمته، ففي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّما الأعمالُ بخواتيمِها كالوعاءِ إذا طاب أعلاه طاب أسفَلُه وإذا خبُث أعلاه خبُث أسفلُه). فمن أعظم ما ينبغي أن يحرِص عليه الإنسان، ختامُ حياتِه وحسنُ لقاء ربه، فمن وفقه الله للعملِ الصالحِ في آخر عمرِه وفي آخرِ ساعةٍ من الأجَل، فقد كَتب الله له حُسن الخاتمة، ومن خذله الله فختم ساعةَ أجلِه بعَمَل سيءٍ أو ذَنبٍ يُغضِب الله، فقد خُتِمَ له بخاتمةِ سُوءٍ والعياذُ بالله، وَقَد أمَرَنَا الله بالحِرصِ عَلَى نَيلِ الخاتمةِ الحسَنةِ فقَالَ تَعَالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102] كما أنه سبحانه رغّب وحثّ في كتابه الكريم على حُسن الاستعداد للقائه سبحانه وتعالى بالعمل الصالح فقال: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]. ولأهمية هذه اللحظة الحاسمة في حياة الإنسان، كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يُوصون من يَلونهم بالحرص على نيل حسن الخاتمة، قال سبحانه: ﴿ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 132]، وقال تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام: ﴿ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101]. فحسن الخاتمة أملُ ودعاء الصالحين والأتقياء الذين قص علينا ربنا جل جلاله أخبارهم فقال عز وجل حكاية عن دعاءهم: ﴿ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران: 193]، وكان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك). كما أنه صلوات ربي وسلامه عليه كان يتعوذ بالله تعالى من شر فتنة المحيا والممات.. وفتنةُ الممات هي الساعة التي يكون فيها العبد في إدبار من الدنيا وإقبال على الآخرة، ويحاول الشيطان أن يفتنه في دينه ويَحُولَ بينه وبين الإيمان بالله، فعندها يُثبت الله عز وجل المؤمن بالقول الثابت فيقول لا إله إلا الله محمد رسول الله. وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة). ولحسن الخاتمة أيها العباد أسباب: منها تقوى الله في السرِّ والعلن، والصدقُ معه سبحانه في كل الأحوال، وذلك بامتثالِ أوامره واجتناب نواهيِه والدَّوام على ذلك، قال تعالى: ﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [القصص: 83]. ومن أسباب حسن الخاتمة: الاستقامة على العمل الصالح، وهي أن يَلزم الإنسان طاعة الله في كل أحواله، فمن عاش على شيء مات عليه، قال سبحانه: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾ [إبراهيم: 27]، وقد بشر الله تعالى أهل الاستقامة بتأييد الملائكة وتثبيتهم لهم عند الممات، قال عز وجل: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30 - 32] كما أن حسن الظن بالله تعالى من أهم الأسباب التي يُوَفَّقُ بها العبد لحسن الخاتمة، وهو أن يرجو الإنسان سعةَ رحمةِ الله تعالى، وكرمِه في مغفرة ذنوبه، قال صلى الله عليه وسلم: (لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ). ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على شاب وهو في الموت فقال: (كيف تجدك؟)، قال: والله يا رسول الله إني أرجو الله وإني أخاف ذنوبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وآمنه مما يخاف). ومن أعظم ما يورث حسن الخاتمة: تعجيلُ التوبة والصدقُ فيها، فقد كانت سببا في نجاة رجلٍ قتل مائة نفس، لكنه صدق في التوبة مع الله تعالى، فأكرمه الله بحسن الخاتمة. فلا تنسوا يا عباد الله أن تُجددوا التوبة إلى الله دائما كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل كل يوم، قال صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة). فيا فوز من أحسن الاستعداد وأكثر من الزاد قبل يوم المعاد. اللهم تب علينا واغفر لنا واجعل يومنا خيرا من أمسنا، واجعل غدنا خيرا من يومنا، واجعل خير أعمالنا خواتيمها، واجعل خير أيامنا يوم نلقاك. الخطبة الثانية ولحسن الخاتمة علامات كثيرة ذكرها العلماء في كتبهم، وأجملها فيما يلي: أن يُوفِقِ اللهُ العبدَ ويُلهمَه لعمل والتزامِ الأعمال الصالحة والاستمرارِ عليها حتى يلقى الله عز وجل وهو على ذلك، فيزيدُ الله له الحسنات، ويمحو عنه الزلات، ويرفع له الدرجات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ؟ قَالَ يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ). فهنيئا لمن عمر حياته بطاعة مولاه، فأدى صلاته وصام شهره وأخرج زكاة ماله وحج بيت الله تعالى وبَر والديه، ووصل رحمه وأحسن إلى جيرانه، وحسّن خُلقه مع الناس، وسعى في نشر الخير، وأكثر من ذلك حتى يُختمَ له بخاتمة خير. عباد الله: إن الله أمر بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى فيه بملائكته فقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، وقال الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا)....
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |