إلى أين؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الاكتفاء بسماع أذكار الصباح والمساء عند قولها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الفرق بين صلاة التراويح وصلاة القيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          قراءة القرآن بصوت مرتفع في المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الفرصة الأخيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          ترزقوا وتنصروا وتجبروا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          لا سمَرَ إلَّا لِمُصَلٍّ ، أوْ مُسافِرٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          على أبواب العشر الأواخر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          رمضان شهر الإقبال على مجالس العلم والعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          التغيير الشامل في رمضان .. هل هو ممكن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تاريخ غزوة بدر .. الميلاد الثاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-03-2019, 10:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي إلى أين؟

قصة قصيرة/

إلى أين؟
محفوظ أمين غريب

أديب وتربوي

همهمت وهي تمرق من باب المحكمة إلى الشارع: شكرا لك يا ربي، فقد فرجت كربي. وغامت عيناها بدموع، فتثاقلت خطواتها، وعندما مدت يدها لتلتقط منديلا من حقيبتها المعلقة على كتفها، آنست من وراء دموعها من سايرت خطواته خطواتها وهو يهمس إليها برقة وحياء: إلى أين؟ بوغتت به، فرنت إليه ثم رنت وهي تكفكف دموعها لتوقن أنه هو، فلما أيقنت أجهشت ببكاء هزها هزا.. رفرف قلبه مذبوحا بدموعها، وهمس إليها مرة أخرى: إلى أين بعد أن شاء الله لك اليوم ميلادا جديدا على يد القاضي؟ لا تحسبي أني بسؤالي هذا أعبر عن مجرد عطف عليك، فأمري معك أسمى من ذلك على الإطلاق، وأنت كما عهدتك تقدرين الأمور حق قدرها. أسرعت تقول شارقة بدموعها: سؤالك الذي يأسو قلبي المكلوم مكرمة منك لا أستحقها، فلقد غدرت بك من قبل.. وعاقها سيل دموعها عن مواصلة الكلام.. همس إليها: لا أملك يا عزيزتي إلا أن أدعك تبكين لعل ذلك يريحك. وآثر أن يجنح في تهاديه بسيارته محاذيا شاطئ النيل؛ أملا في مزيد من الراحة لها. ثم راح يسترجع ذكرياته معها: لقد خفق قلبه لها حين التقيا في بداية دراستهما بكلية الحقوق، ولاتزال جنبات نفسه تشرق بما حببها إليه.. إنه لا ينسى يوم أن قالت له وهي تنظر بإجلال إلى قبة جامعة القاهرة: الدراسة الجامعية إن لم يكتسب منها الدارس أسلوبا كليا قيما في التفكير يسير حياته كلها، فحاله يوافق دعاء: اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع. عرف معها بقلبه وعقله الحب الحقيقي، لم يكن ذلك الحب نابعا من هوى خلب العين وأملته عليه رغباته، بل جاءه من شخصية يزينها الحياء والاحتشام، وتجل العلم والعلماء، ويعمر قلبها حب أهلها.. وتعاهدا على تتويج حبهما بالنهاية المشرقة التي شرعها الله، ولكن.. آه.. توجع بلسان الحال، ثم ازداد بلهيب الذكريات توجعه: آه ممن لا يستفتون قلوبهم ويستسلمون، ولفتوى من يروجون إفكا شاع في مجتمعنا أخيرا، وهو أن عواطف القلب إذا لم توافق ما يحكم به العقل من ماديات فلتذهب العواطف إلى الجحيم؛ لأنها لا تبني بيوتا ولا تشبع بطونا، وهو لا يزعم أن جارته الباكية استسلمت طوعا لإفك ماديات العقل، ولكنها اضطرت إلى الاستسلام غير باغية ولا عادية، فلا إثم عليها، وهذا ما تيقنه حينذاك. فلقد خرج هو وهي بعد إتمام الدراسة الجامعية إلى الحياة العملية.. أما هو فقد لمس فيه أحد كبار المحامين بالقاهرة ولعا بمهنة المحاماة واستعدادا طيبا لها، فألحقه بمكتبه براتب شهري زهيد، رضي به كل الرضا عازما على تنميته بإتقان عمله والجد فيه. وأما هي فكانت تعلل نفسها بأمل ترقبه لتكون عضوا قانونيا في ديوان حكومي أو مؤسسة خاصة بالقاهرة، فتدلي بدلوها في الفصل في قضايا العاملين. وكأن إفك ماديات العقل قد أصدر حكمه بالتفريق بين قلبيهما، فبينما هو يسعى حثيثا ليخطبها إلى أهلها، داهمه في يوم عصيب نبأ إقدام شاب من جيران أسرتها بحي الحسين ليتزوجها ثم يطير بها إلى دولة خليجية، حيث يعمل مدرسا للرياضيات، فأسرع ملهوفا زائغ البصر حتى كاد أن يضيع من قدمه الطريق من مسكن أسرته بحي الأزهر إلى مسكن أسرتها، ولما حدث أباها، سارع، رغم ما بدا عليه من حنو بالغ، إلى ما يراه لب الموضوع قائلا: يا بني، العواطف تحلق بنا في آفاق الخيال، ولكن علينا أن نسمح للعقل أن يهبط بنا إلى أرض واقعنا، فواقعك يخبر بأن راتبك الشهري متواضع، وأنك ابن أسرة كادحة مثل أسرتنا، فلن تستطيع تأجير شقة الزواج أو شراء أثاث الزواج وغير ذلك من مطالب الزواج، وواقع أسرتي الكادحة يخبر أيضا بأن ابنتي تعضها البطالة بنابها، فلا راتب لها يدعم راتبك، وبأن ابنتي يسبقها في الميلاد شقيق يحمل مؤهلا جامعيا، ويصارع هو أيضا البطالة، وقلبي شفيق عليه وعلى أمثاله من الشباب الذين يصارعون البطالة وتحاصرهم في مجتمعنا مغريات الانحراف.. وابنتي يا بني، يتلوها أيضا ثلاث شقيقات طالبات علم وعبؤهن في التعليم ينوء بنا. ولما حاول - مطأطئ الرأس- الرد على أبيها بادره خالها ليوضح بغلظة قلب تجلت في كلماته: إن كان عندك حد أدنى من الفهم فافهم ما سمعته الآن من ولي أمرها، ولا تكن مناعا لخير عاجل من غيرك انتظارا لوهم آجل منك، أنت الذي ما برحت تهيئ نفسك لخطبة لا نعرف مداها، بينما تقدم إلينا من أعد العدة كاملة ليتزوجها لا ليخطبها، ثم يطير بها إلى الخليج لتشاركه في تحصيل مال كثير.. وإن أردت مزيدا عن قدره، فالناس في حينا وأحياء مجاورة يلقبونه بالملك، يعنون ملك الدروس الخصوصية. التاع فؤاده بقذائف لسان خالها فهمهم: وهل ضمنت الأمن لابنة أختك مع ملك الدروس الخصوصية، الذي أفسد هو وأمثاله مجال التربية والتعليم، وأبوا أن يكونوا الرعاة المسؤولين عن رعيتهم التلاميذ والطلاب، وجعلوا أهليهم أذلة بخوف دائم على مستقبل أبنائهم وباغتصاب أموالهم قوام معيشتهم؟! وهم أن يجهر بهمهمته هذه لولا أن رأى نظرات خالها النارية مصوبة إليه في تحد قاتل زاده شعورا بفقره وبأسه، فلم يجد لسانه ليجهر، وشرق بدموع كادت تنفجر من عينيه، لكنه كظمها؛ ليبقي على كرامته ورجولته أمام الرجلين، ثم قام مستأذنا بالانصراف لا يكاد يرى طريقه من حجرة الاستقبال إلى باب الشقة فاصطدمت قدمه بقائم مائدة الطعام فتوقف لحظات ثم مرق من الباب ليهبط على السلم، ولما بلغ باب البيت أسند إليه ظهره وقد تفجر نهر دموعه، وبعد دقائق حزم أمره فتماسك ودلف إلى الطريق هائما على وجهه، حتى احتضنه مسكن أسرته، وهناك بات ليلة أفزعه فيها ما أفزعه من كوابيس وأضغاث أحلام، فكانت ليلة لن ينساها ما دام حيا، ولكنه في صباحها جمع شتات نفسه عازما العزوف عن الزواج وتجنيد ذاته بكل طاقتها للتفوق في عمله وتنمية قدراته المالية ما استطاع إلى ذلك سبيلا حلالا... وهاجته ذكرياته أكثر وهو يتذكر أنه مضى بعد زواجها حين من الدهر ما انقطع طيفها عن مشاغلته ليل نهار، حتى جاء يوم هلع فيه قلبه أشد الهلع، إذ رآها من دون أن تراه في المحكمة تحادث أحد زملائه المحامين، فأسرع إلى زميله يتساءل عن أمرها، فأنبأه أنها وكلته من قبل في قضية، والحكم يصدر في الجلسة المقبلة. وبلباقة طلب من زميله توضيح وقائع قضيتها، فأطرق الزميل لحظات ثم قال: إنها ابتليت بزوج له شخصيتان، بدت الأولى قبيل الزواج: شخصية تتجمل في القول والفعل، فتخدع المتعامل معها دون مخالطة. وتجلت الشخصية الثانية حين اقترنت به وشاركته الحياة اليومية تحت سقف واحد، إذ غلب طبعه تطبعه، فتبين لها أنه ما اقترن بها إلا لميل شهواني، وأنه من ذلك النوع من الرجال الذي لم يوق شح نفسه، وبدافع من بخله وحبه المال حبا جما، سامها سوء العذاب، النفسي والبدني، ولم يرحمها في غربتها بعيدة عن أهلها ووطنها، فعيرها بفقر أهلها وأضناها بتقتير عليها في المعيشة، رغم دخله الوافر من راتبه ودروسه الخصوصية، واغتصب منها مالا رزقت به من عمل زاولته في ذلك البلد الخليجي، ولما عادت معه إلى الوطن فاجأها بأنها وقعت على «شيك» يدخلها السجن، فدهشت وتحيرت وسألت نفسها عما إذا كانت قد وقعت بخدعة منه وهي ذاهلة بتأثير نوبة من نوبات عذابه في الغربة؟ ثم واصل هذا الزوج إرسال تهديداته ومساوماته المادية إليها لتتنازل عن حقوقها الشرعية فيطلقها، ولكنها أصرت على اللجوء إلى القضاء للحصول على الطلاق.
رج ذكر الطلاق البغيض مشاعره رجا انتشله من ذكرياته، فجنح بسيارته إلى منعطف يلفه الهدوء وتوقف، ثم استشعر أن قلبه يداعبه قائلا: ها هي بجانبك بعد أن حرصت أنت اليوم حرصا على حضور جلسة المحكمة التي حكم فيها القاضي بالطلاق، فهل تكرر إليها سؤالك إلى أين؟ فلما هم بالسؤال أمسك عن الكلام إشفاقا عليها، فقد رأى علامات معاناة وأسى بالغ تغمر وجهها، ثم عاوده قلبه يحثه على انتشالها من الأسى والمعاناة، فاتجه إليها قائلا: يا عزيزتي، أنا وأنت من ضحايا حقبة سوداء استحوذت فيها على سير أمورنا في مجتمعنا نزعة مادية جائرة، احترقت بنارها قلوب الكادحين أمثالنا، ولسوف يظل أولو القلوب السليمة في مجتمعنا يتساءلون حائرين: إلى أين نمضي مع تلك النزعة المادية وقد ظهر الفساد في برنا وبحرنا بما كسبت أيدي أنصارها؟ وها أنا يا عزيزتي أسألك بالله أن تنقذيني وتنقذي نفسك بالإجابة عن سؤالي: إلى أين أنت وأنا بعد أن أصابنا ما كتب الله لنا لحكمة شاءها؟
واسمحي لي قبل أن تجيبي عن سؤالي أن أقول: لا سبيل لنا إلى برد وسلام بعد النار التي اكتوينا بها إلا أن تقبلي إشهار زواجنا في الوقت المناسب في رحاب الله بالمسجد.
أشرقت نفسها بلطف كلماته الطيبة ونبل سؤاله، فأطرقت وهي تهمهم: أهكذا أنت بعد أن لوعت ولوع أهلي فؤادك؟ سبقك من تزوجني بهواه المادي فأهانني، وها أنت بقلبك السليم تتمنى أن تتزوجني لتكرمني، فما أعظم الفرق بينكما، وما أعظم قدرك بين الرجال، وغمرها شعور بأن رأسها يلامس السماء وهي تجهر له بالإجابة عن سؤاله: إلى رحاب الله بالمسجد.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.50 كيلو بايت... تم توفير 1.92 كيلو بايت...بمعدل (3.35%)]