أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الاكتفاء بسماع أذكار الصباح والمساء عند قولها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الفرق بين صلاة التراويح وصلاة القيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          قراءة القرآن بصوت مرتفع في المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الفرصة الأخيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          ترزقوا وتنصروا وتجبروا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          لا سمَرَ إلَّا لِمُصَلٍّ ، أوْ مُسافِرٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          على أبواب العشر الأواخر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          رمضان شهر الإقبال على مجالس العلم والعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          التغيير الشامل في رمضان .. هل هو ممكن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          تاريخ غزوة بدر .. الميلاد الثاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 16-08-2015, 06:57 PM
! إنسان والقلم ! إنسان والقلم غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مكان الإقامة: بين طيات الاوراق ، وفي الغربة أسيح
الجنس :
المشاركات: 399
افتراضي رد: أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها

عن جبرا إبراهيم جبرا
....السيرة الذاتية تعدّ إضاءة (بانورامية) تضيء الذات المبدعة من الداخل والخارج على السواء، لأن الأديب يقف على أحداث متعددة، ووجوه متنوّعة، وعلى تجارب ومعاناة وثقافات أسّست العلاقة معه، أو أثّرت في مكوّناته المعرفية، فاستمدّ منها نسع الإبداع، وعبّر عنها بالكلمة الموحية، والعبارة الدالّة التي سجّلها بقلمه الخصب، على دفاتره الخاصة، التي وصلت إلينا، لنطالع فيها وجهيه اللذين يبدوان ـ في النهاية ـ ناصعين، على الرغم مما هبّ عليهما من نسائم وعواصف.‏

ومع نزوع بعض الكتّاب العرب إلى تسجيل تجاربهم في سِيَرٍ ذاتية، فإن أصحاب هذا الجنس الأدبي يحاولون دائماً أن يوجدوا المسوّغات التي دفعتهم للبوح والاعتراف، وإنارة الماضي، "ولا يقتضي ذلك بطبيعة الحال أن يكون ما يذكرونه، هو السبب الحقيقي، والدافع الأصيل".(1).‏

ومع أن "جبرا" يلمّح في بداية "البئر المهجورة" إلى رغبة كامنة في داخله لكتابة سيرته الذاتية منذ شبابه، فإننا لا نشك في الدافع المباشر الذي سوّغ به كتابة السيرة، فهو الأديب المبدع والفنّان المتعدّد المواهب، وقد حثّته السيدة "هايدي لويد" عام 1945، "حين كان يجلس معها في ـ فلسطين ـ جلسة ودٍّ وصفاء، يتناولان القهوة "إذ قالت بشيء من الإغراء":‏
ـ حدثني عن حياتك!... يقولون إنك عشت وما زلت تعيش حياةً مبعثرة.‏
ضحكتُ عندها، وقلت:‏
ـ حياة مبعثرة؟ أنا لست بطل الأبطال، إن كنتِ لا تعلمين.‏
ـ لا.. لا.. أنا لا أعني ذلك النوع من الحياة، ولكن تجربتك الفيزيائية، النفسية، الذهنية، علاقاتك العاطفية.‏
وبلمح البصر، عاودني خليط من أحداث طفولتي، ومراهقتي وسنواتي في إنكلترا، بتداخل وتسارع عجيبين. قلت:‏
إذا كان ذلك ما تقصدين، فسأفعل، ولكن ليس الآن، لأن القصة طويلة جداً.‏

ـ إذن انتظر أن أقرأ سيرتك الذاتية يوماً ما.‏
ـ أخشى أن يطول انتظاركِ..."(2).‏
إن "جبرا" في سيرته الكاملة "يتفرّد عن كثير من السير الذاتية، ليس على الصعيد العربي فحسب بل على العالمي أيضاً،
إذ أن قليلاً من الكتاب من يفرد لطفولته كتاباً خاصاً، بل إنمعظمهم يميلون إلى تجنّب ذلك أو إهماله.. وقد جرت عادتهم إذا ركّزوا على أحداث طفولتهم أن ينظروا إليها بعين النضج الذي أدركوه مع تقدّم السن..".(3). ولم يكن "جبرا" كذلك، وإنما ترك طفولته تأخذ مجراها، وغالباً ما نظر إليها بعيني طفلٍ، وتعامل معها بعقلية البراءة..‏


لقد هيأ لنا "جبرا" بأسلوب الأديب أن نستشفّ من سيرته الآثار التي تركت بصماتها على فنّه وفكره، فسفح أمام أعيننا صور الأحلام التي دارت في مخيّلته، وفي هذا مصدرٌ هام يلقي مزيداً من الضوء على سيرته الأدبية، ونتاجه الفكري، واهتماماته المتعدّدة المتنوعة.‏

إن "جبرا" الذي غدا الأديب المتميّز في منظور القرّاء والنقاد على السواء، ترك بين أيدينا حياته وفكره وإبداعاته، وقد رسمها بقلمه، ومشاعره في لوحات "بانورامية"، ثلاث، أتت على مراحل حياته، وجعلها في كتابين (البئر الأولى) و(شارع الأميرات)، وقد أمهله القدر حتى طبع الأخير الذي رأى النور قبل رحيله عن عالمنا بأسبوع واحد، وكأن فارس الإبداع لم يرحل عن الساحة الأدبية إلاَّ بعد أن ثبّت عليها راياته بيديه.‏

أولاً ـ المرحلة الفلسطينية ـ الطفولة والصبا:‏
إن أول ما تناهى إلى سمع الفتى حين وفد على الحياة، كانت ألحان النواقيس، تعزفها أجراس كنيسة المهد في "بيت لحم" المدينة المقدسة عام 1920، وما إن تفتحت عيناه على الموجودات من حوله، حتى ارتفع بالنظر إلى السماء الزرقاء، التي تحيط بقباب المدينة ومناراتها، التي باركها الله بالسيد المسيح، فكان نظره محلّقاً دائماً إلى الأعالي، وقليلاً ما ينزل إلى الأرض، وكأنه يتنبأ بأنه سيغدو في مستقبل أيامه طائراً يحلّق في الأجواء، ويحمله الأدب على أجنحة لا زوردية، تتناسب مع روعة أرض القدس، وحاراتها القديمة، التي انتقل إليها مع أسرته، ودرس في كليتها العربية، كما أنها تتواءم مع روعة فلسطين وجمالها، التي غادرها يافعاً للدراسة في بريطانيا، ولم يكن يعلم أنه لن يتمتع بالإقامة فيها طويلاً، لأنه سيهجرها بحلول نكبة عام 1948، فيطير الطائر الجميل، وهو يحمل وشيها في منمنمات وعيه ولا وعيه، ولم تستطع فاتنات الإنكليز في لندن، ولا في جامعتي "إكسترا"، و"كمبردج"، ولا شقراوات "جامعة هارفرد" الأمريكيات أن يزلزلن شيئاً من الجوى الذي ظلَّ يحمله للوطن في حلّه وترحاله، وبقي مقيماً معه حتى الرمق الأخير.‏

تعلّق الفتى منذ حداثته بالكتاب، فعشق المطالعة، وتأثّر بأفكار طه حسين وسلامة موسى من الكتّاب العرب، ثم تطلّع بأنظاره إلى آداب الأمم الأخرى وفلسفاتها، فأقبل ينهل ما وسعه من "إليوت، وفرويد، ويونغ، وسارتر، وكامو، وإيليا اهربنورغ، وشكسبير، وفوكنر، وغوته، وفلوبير، ودستويفسكي، وبايرون، وهيوم...".‏

لقد كان له مع هؤلاء وأمثالهم وقفات في استلهام فنهم الروائي، وإبداعاتهم النقدية، التي استفاد منها في النقد الذي جرّبه على شعر بدر شاكر السياب، وأدونيس بصورة خاصة، ويوسف الخال وتوفيق صايغ ورياض نجيب الريس وسواهم بصورة عامة، فكان أحد رموز الشعر الحديث بما طرحه من مصطلحات أشهرها "المنهج الموضوعي الجديد"، و"المعادل الموضوعي"، و"وحدة القصيدة العضوية"، حيث دعا للرجوع إلى التراث المشرقي، واستخدام الرموز، والانفتاح على العصر، وتجاوز الشعر التقليدي الذي مضى زمنه وانقضى، وعندما أهدى إليه أخوه ديوان "الملاح التائه"، للشاعر (علي محمود طه)، كإنتاج جديد من الشعر المعاصر، تصفّحه، فشعر بالامتعاض لأنه لم يجد فيه سوى "هراء وتنغيم أطفال، ومبتذلات القول كلها اجتمعت في تلك القصائد التي عُدّت يومها آية في التجديد والخلق"، (4).‏

وحين وضعوا بين يديه ديوان (أحمد شوقي) الذي بويع أميراً للشعراء العرب في القرن العشرين، عاودته الخيبة "كانت خيبتي بالمرارة نفسها، لتلك المنمنمات العثمانية التي ما عادت تجربة الحرب الطاحنة تتحمّلها"(5)، لأن هذا لا ينسجم مع منظور الشاعر المتفتح على الحياة.‏

لقد تبصّر "جبرا" في الصورة الشعرية الأوروبية، مع قلّة من أترابه، لكنه وجد نفسه ـ معهم ـ منبوذاً من قبل شعراء العمود، كما يقول "جبرا": لقد أصبحنا يومئذٍ ـ وإن كنا قلّة غريبة لم يعترف بنا أحد بعد ـ جزءاً من عصريات (الجمال) السطحي فيه ـ شيئاً مذموماً أقرب إلى (جمال) الزهور الشمعية المصطنعة، التي لن يقبلها ذوق لا يجد متعته إلاَّ في توتّر التجربة، وزخم الحسّ والعنف والمأساة"،
(6).‏

على الرغم من أن "جبرا" جسّد في رواياته العالم البرجوازي، وأجواءه وطقوسه، وعلاقات أفراده...
إلاَّ أنه في نشأته لم يكن كذلك، فحياة الأسرة في مرحلة طفولته التي رسمها في سيرته الذاتية "البئر الأولى"، رصدت حياته حتى الثالثة عشرة، ولما كان العنوان علامةً بارزةً في تحديد النصّ، والكشف عن مجموعة الدلالات المركزية المنبثقة منه؛ فإن "جبرا" قد عمد إلى الإيحاء والترميز، نظراً لما للبئر من موقع حسّاس في النفس، ينمّ عن معايير معيّنة في اختياره لتركيب وصفي، جمالي ودلالي معاً، يوحي بالانخفاض والعوز والعمق والسجن والرطوبة والدونية والتحتية والرهبة، وقد كان يؤكّد على هذه الدلالة كلما استعاد في طفولته شيئاً من خوفٍ أو حزنٍ، فحين هزَّ زلزالٌ فلسطين، وصفه الأديب الكبير بعيّني طفلٍ صغيرٍ، في رواية "البحث عن وليد مسعود": شهدت الزلزال وأنا طفل في السادسة، لقد خضّ الأرض كما لو خضّتها ريح غريبة رهيبة، كنت جالساً على الأرض مع غيري من الأطفال في المدرسة الصغيرة، فحسبت الريح الهادرة هزّت البنيان القديم هزّاً عنيفاً، ولمّا انطلق الصبية مذعورين إلى الخارج، انطلقت معهم، ورأيت الحجارة تتساقط كتلاً من أعلى المبنى العتيق المقابل، وتتكوّم أمام عيني في ركام أبيض مريع، واتجهتْ أبصارنا من الخرابة التي نحن فيها نحو كنيسة المهد نستنجد الله لإنقاذنا، وسمعت بعض الكبار يقولون: "إن كان هذا يوم القيامة، فهل يستهدفنا الله تحت الأنقاض، ليقيمنا من تحتها مرة أخرى!". وفضلا ًعن ذلك، فإن العنوان يرمز إلى الذاكرة التي اختزنت في "بئرها" ما يمدّها بنسغ الإبداع وقد "تجمّعت فيها أولى التجارب والرؤى والأصوات

. أولى الأفراح والأحزان والمخاوف التي جعلت تنهمر على الطفل، فأخذ إدراكه يتزايد، ووعيه يتصاعد"(. وهذا ما جعل "من الذاكرة (البئر) أو المخبأ الذي يحفظ فيه تجاربه الأولى. تجارب الطفولة التي هي أكثر من حصيلة ذكريات خاصة، فهو يدرك أن الأصول الحقيقية للأشياء تعود إلى التجارب الأولى من حياة المرء"، (9). وأكّد على ذلك مراراً مركّزاً على لفظ "البئر" ومدلولها: "طفولتي ما زالت هي ينبوعي الأغزر. إنها البئر والعين التي تمدّني بالكثير من النسغ لما يتنامى في ذهني من بنت الخيال، وأرجو أنها ستستمر في منع الجفاف والعطش".(10).‏

ولقد رأى في (البئر) ما يرمز إلى حياة الناس الواقعية، والدينية: أما الواقعية فهي مستمدّة من حياة الناس في عشرينيات القرن الماضي، حيث كانت البيوت لا تُسكن إذا لم تكن في بئرٌ: "هل توجد بئرٌ في حوش الدار؟ هل هي عميقة؟ وفي حالةٍ جيدة؟ هل ماؤها طيب؟ أم أنها لم تنزح من طينتها منذ سنين؟".(11).‏

أما المدلول الديني فقد استمدّه من التراثين: الإسلامي، الذي ورد في "سورة يوسف"، في القرآن كريم، والمسيحي، في قصة الملك البابلي "دانيال"، "حيث يتحوّل البئر في كل من القصتين إلى نقطة تحوّل نحو السمو والرفعة، بدلاً من أن تكون النقطة التي تنتهي عندها الحياة". (12).‏

إن مؤشرات المرحلة الأولى تنمّ عن حالة الفقر و الحلم التي وسمت حياة الطفل، وقد تغلغلت منمنماتها في ثنايا رواياته، وحظيت بيت لحم ـ مهد الطفولة، ومرتع الصبا ـ بنصيب وافر من استذكاراته التي شهدت تشكيل أولى التجارب والرؤى والأصوات، فاختزن‏ الصبي منها ما "يمرّ به كل يوم، يعاينه، أو يتلذّذ به". (13).‏

ارتبطت مدينة المهد في وعي الصغير بـ(المسيحية) رمز المحبة والسلام، كما ارتبطت بـ"الفقر والعوز"، فكان يرى الملاكين الصغار لا يجدون فيها ما يرغّبهم في العيش، فيندفعون نحو شاطئ البحر، ينتظرون السفن التي تحملهم، وبأيديهم مناديل الوداع، ميمّمين شطر المهجر الأمريكي. شأنهم في ذلك شأن إخوانهم، من ذلك الرعيل المهاجر، من أبناء بلاد الشام:‏

"كان أثر الهجرة بادياً بوضوح، في مطلع العشرينيات في خلوّ الكثير من البيوت والمباني من أصحابها، وفي حالة الإهمال أو التداعي التي تعاني منها مئات المنازل والكروم المحيطة بالبلدة، غير أن مركز "بيت لحم"، كحاضنة لمهد المسيح أعطاها تميّزاً من نوع فريد، وهيأت لعددٍ كبير من أهلها مورداً سياحياً من الصناعات اليدوية المقرونة بمقدسات المسيحيين والمسلمين، فكانت تستورد كمياتٍ كبيرة من الأصداف الخام لتحويلها... إلى مسابح وصلبان ومصغّرات لكنيسة المهد، وقبة الصخرة، إضافة إلى العلب، والأطر النفيسة، التي كانت ترصّع بالصدف، ويقبل على شرائها الزوّار الأجانب".(14).‏

تمثل "بيت لحم" الطبيعة الأولى البكر في مخيّلة "جبرا" فتظلّ ترافقه طوال حياته، لأنها طفولته، التي يسترسل في وصفها، ويرسمها في الربيع، فيستلهم عشياتها، وتتحول سماؤها إلى فضاءات جميلة تغطيها أسراب السنونو التي تفد "في العشيات تعبر الفضاءات اللازوردية، وقد وفدت من جديد إلى الأرض التي تحبّها... عشيات الربيع في بيت لحم. أينما كنا نلعب أو نغني. نروي الحكايات، كانت تصخب بجحافل السنونو، وتعبث وتلهو وتدور وتشفّ عن أسطح البيوت، ثم تعلو السماوات الرحاب، نتابعها وهي تغير وتنعطف وتستدير، ثم تغيّر وجهة طيرانها... وتملأ الأجواء فرحاً وبهجة، نتلقّى فعلها في أنفسنا دون ما وعي، فيشتدّ صخبنا، ونمعن في الركض والقفز ونرفع أصواتنا في الغناء والصياح.."(15).‏

ولا تمثِّل "بيت لحم" في الذاكرة مكان الطفولة، ومهد المشاعر الدينية فحسب، وإنما غدت مع أختها الكبرى "القدس" الوطن الصغير "فلسطين" تتبوأ في فن الروائي مكان القلب الذي يمدّ السرد الروائي بالنبض، ويضخّ إلى باقي أجزاء الجسد الدم الموّار، الذي يساعد على الحياة والأمل "أما القدس فهي من أكثر المدن حضوراً في رواياتي، ولا تكاد تخلو رواية من ذكر هذه المدينة"(16
). إذ تلحّ عليه ذكراها بمرارة بعد ما غادرها إلى بغداد، بُعيد النكبة، حيث وجد نفسه منفياً محاصراً، وهو في ميعة الصبا. لذلك لم تثر بغداد لديه ـ في البداية ـ ماكان يرسمه القلب لها من سحرية المدن الشهرزادية: "في ذلك اليوم الأول من تشرين الأول عام 1948، حين وصلت إلى بغداد، لم يكن السبب أنني رأيت لندن وباريس والقاهرة ودمشق، لقد نسيت أسفاري وماعدت أستطيع أن أذكر ملامح أي مدينة في العالم سوى مدينة واحدة أذكرها... أذكرها طيلة الوقت، تركت جزءاً من حياتي مدفوناً تحت أنقاضها. تحت أشجارها المجرّحة، وسقوفها المهدّمة، وقدآتي إلى بغداد، وعيناي ما زالتا تتشبثان بها ـ القدس ـ...".(17).‏

إن "القدس" ظلّت مقيمةً في قلبه، مظللةً بالأمل والحاجة. فالبيت الذي سكنت فيه الأسرة في حارة
(جورة العناب) خلّده في روايته (صراخ في ليلٍ طويل)، وقد جعله مقرّ بطل روايته (أيمن) الذي وصفه بتعابير الطفولة: "عندما كنت صغيراً أسكن مع أبي وإخوتي الثلاثة، في غرفةٍ مربعةٍ ضيقةٍ لها شباكٌ صغيرٌ واحدٌ، لا زجاج له. لا أظننا كنا نتذمر كثيراً، فليس جيراننا بأحسن حالاً منا، ولا أقرباء لنا ساكنين في بيوتٍ أحسن من بيتنا، فلا داعي هناك للحسد. كنا قانعين بنصيبنا. لم يشعر أحدٌ منا عن وعيٍ بزراية حالته، وفساد الهواء الذي يتنفسه... أما الشجار فقد كان من التقاليد الراسخة، فقد كنا نتشاجر بحماسةٍ هائلةٍ، ثم نتصالح فيعود الوئام بيننا مع الكثير من المحبة والرقةِ"(18).‏

يتذكّر "جبرا" ـ
بعد أن تحسّن وضع الأسرة ـ البيت الذي أشار على أبيه ببنائه، بعد أن اختار مكانه بنفسه ـ قبيل النكبة ـ فوق جبل "القطمون" الذي يطلّ على الحيّ اليهودي، فكان كثيراً ما يقف في شرفته ويشاهد "أزواجاً من الفتيان والفتيات يصعدن إلى الباب، ويدقون الجرس.‏

كانوا يقولون إنهم ينجذبون بقنطرة المدخل، وأزهار الجارانبوم التي تكسو الدرج الحجري الأبيض، والنوافذ العالية، بأعمدتها الثلاثية ـ في الطابق الثاني ـ التي كانت حين تعكس الشمس تتصاعد كالشعلة الملتهبة فوق الوادي".(19)، وعلى الرغم من ابتعاد "جبرا" عن القدس فإنها لم تفارق ذاكرته، فلا تزال ضحكات أطفالها يتردّد صداها في سمعه. إنه يذكرها "كآدم يذكر الجنة. فالصبي إذ ينمو، تنمو المدينة في كل زاوية من زوايا نفسه... وصباه إنما هو انعكاس لمئات الطرقات والبيوت والحوانيت والأزقّة والأشجار والبقاع المزروعة التي تخضّر في الربيع، وتصفّر في الشتاء، والصخور المنتشرة في كل مكان، والتي تؤلف المدينة.. أين تنتهي الذات، ويبدأ الموضوع؟ هنا شارع بكى فيه الولد وجاع، وضحك، وعشق فتاة لا يعرف اسمها لأنها ابتسمت له من غير قصدٍ، وركض فيه. في المطر. في الظلام. مع إخوته. مع والديه. مع العشرات من أصدقائه الذين ما زال يسمع في ذهنه أصواتهم المتجاذبة. بين مباني الشارع. مثل هذا الشارع. هل يمكن أن يبقى امتداداً هندسياً موضوعياً مجرّداً؟؟".(20)
__________________





قمة آلحزن !
عندمآ تجبرُ نفسّك على ڪره شخص ..
كآنَ يعني لك آلعالم بِآگملہ ؤآلأصعب منـہ !
عِندمآـآ تتصنّع آلڪره .. و بِدآخلڪ حنيين وحب
[ گبير لہ
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 16-08-2015, 06:58 PM
! إنسان والقلم ! إنسان والقلم غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مكان الإقامة: بين طيات الاوراق ، وفي الغربة أسيح
الجنس :
المشاركات: 399
افتراضي رد: أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها

تكملة : عن جبرا ابراهيم جبرا
إن الذكريات الأولى في القدس ستظلّ حتى نهاية العمر تمدّه بموحيات الإبداع. يذكرها بتفاصيلها الدقيقة، من مشاركته في إضراب عام 1939، ومعاينته بناء الكلية العربية التي درس فيها، ولا ينسى ما عاناه مع أهله من الإرهاب الصهيوني الذي تعرضت له المدينة، حين "شرع اليهود في تدمير القدس الجديدة، مبتدئين أولاً بنسف المقرّات الحكومية، ومن أشهرها نسف جناح السكرتارية العامة للحكومة في فندق الملك داود، ونسفهم أيضاً بعد إعلان التقسيم في تشرين الثاني عام 1947 لمنازل العرب ليلاً، ولاسيما في حي القطمون الذي كان مجاوراً حي "راحافايا"، اليهودي، حيث سكن فيه مع أسرته بعد رجوعه من لندن".(21).‏

ويتذكّر معلميه العرب الذين درّسوه في القدس، وقد غدوا أعلاماً في الفكر و الأدب والشعر، أمثال الشاعرين: إبراهيم طوقان، وعبد الكريم الكرمي (أبو سلمى)، و الأدباء محمد خورشيد (محمد العدناني)، صاحب (معجم الأخطاء الشائعة)، وإسحاق موسى الحسيني، وحسن الكرمي، صاحب برنامج (قول على قول) في إذاعة لندن.‏

ومع تسارع الأحداث ودموّيتها، تعود الأسرة إلى بيت لحم،
ولكن سرعان ما تحلّ النكبة، فتلقي بـ"جبرا" إلى بغداد، ليحطّ رحاله في ربوعها، وتغدو المدينة العربية الثالثة دار إقامته الأبدية. إذ كتب للجسد أن يوارى في ثراها، بعد أن وشّى الأندية والكتب والأمسيات بألوان قشيبة لا تبهت ألوانها على مدى الزمن.‏

و"جبرا"، الذي حمل فلسطين في جوارحه لم ينسَ يوماً الطغيان الصهيوني الذي كان شاهداً عليه ولن تغادر أنفه رائحة اليهودي "تزكم الطفل بالعفن والعطن الغريبين، وأمه توصيه وإخوته بالحذر من اليهود"، "
إنهم يسرقون الأطفال في أعيادهم ليذبحوهم، ويمزجوا دماءهم في عجين خبز الفطير
، وقبّة "راحيل"، ستبدو دوماً للطفل ذلك الحدّ الفاصل بين المعلوم والمجهول. بين الألفة الغربة، ولن تغادر الطفل حتى شيخوخته صورة الحاخامات، وأصداء ولولتهم الغريبة في القبّة التي تمتدّ بعدها الطريق إلى القدس. إلى عالم الغوامض والأسرار.‏

وستبدو القدس ـ بعد بيت لحم ـ قوام البعد الفلسطيني في عالم الطفل، وما سيؤول إليه، فمنذ الانتقال إلى دار (فتحو) في بيت لحم، وإذ يشرف "جبرا" مع أخيه "يوسف" على أضواء القدس، يقول الأخير: إنه ضياء مدينة القدس يريد الله لها أن تتوهج في وسط الظلام الذي يملأ الدنيا".(22).‏

ضمّت المرحلة الحلمية الأولى تطلّعات الفتى الأدبية المبكّرة في التغيير والتطوير، والتي تجلّت في رؤيته الشعرية التي التقت ـ فيما بعد ـ مع جماعة مجلة (شعر) اللبنانية "أيام كنا صغاراً ـ قبل الحرب العالمية الثانية، وحتى في أوائل الأربعينيات ـ كان الشعر لنا غناءً وطرباً، وكنا نتصارع بأبيات الشعر من خلال الريح، ومن بين الأشجار، ومن على القمم. كان الشعر صنو البراءة. إنه صنو تجربة الفردوس، لا تجربة الجحيم. ـ ولعلني هنا أتحدّث كفلسطيني عرف النكبة ـ فالشعر
صرير أسنان وصراخ ألم.
الجحيم فلاة منبسطة يمشي المرء إلى ما لا نهاية دون أن يرى شيئاً، لا شجرةً، ولا طيراً. غربان تسفّ وتحلّق وتختفي ـ أحياناً ـ والسير وعرٌ ومستمرّ، والشعر صرير أسنان، وقرح في القدمين، والمصيبة هي أن غير الشعر لا يستحق الكتابة، فحتى النثر، إذا لم يكن بالمنطويات الشعرية، فهو ثرثرة باطلة.‏

وهكذا بلغنا نقطةً ما عدنا نستمرئ عندها الكلام الموشّى سطحاً. الفارغ قلباً، وفي هذا بلغنا مرحلة تشبه مرحلة الذوق التي‏ بلغتها أوروبا في العشرينيات الأولى من هذا القرن".(23).‏

إن "جبرا" في المرحلة الفلسطينية كان مشروعاً شعرياً واعداً، بإرهاصات مبكرة، عانى منها معاناة كبار المبدعين في العالم، كمعاناته من الأزمة (اللفظية) التي عبّر عنها بـ(أزمة الكلمات) فوقف عند الفرق بين رؤية الشاب لها، ورؤية المحترف، فالأول: "يرى الكلمات شابةً نقيةً لم تتهرّأ ـ بعد ـ بالاستعمال، ولكن الكاتب الحساس يرى بعد مرّ السنين أن هذه الكلمات التي هي وسيلته الأولى والأخيرة، أخذت تفقد نضارتها وطاقتها، وجعلت تتهرّأ وتتهافت بين يديه. أغلب الظن أن النضج يفوق أحياناً مقدرة المرء اللفظية، إلاَّ إذا استطاع أن ينمّي الطاقة اللفظية مع نموّه وتفكيره وتعبيره. هل بدأنا نشكّ في أن ألفاظنا أصابها الوهن، في حين أن تجربتنا اشتدّت تأجّجاً وعنفاً، وكانت النتيجة قطيعة بين الاثنتين؟... ربما.‏

الغريب أن الإنسان كلما كبر، استهجن التعقيد والغموض والإبهام، وتوخّى الوضوح والمباشرة، وأحياناً البساطة، ولكن رغم ذلك فإن الوضوح والمباشرة، والبساطة تختلف لديه عما كان يتوخاه منها في كتاباته الباكرة". (24).‏

لقد كان الشعر في مرحلة التفتح الأولى حلم الشاعر، ونور غده الذي يستشرف معه الحياة الجديدة، والنفاذ من خلاله إلى الكون، كان مدخله الذي يلج منه إلى عوالم الأدب والثقافة التي يطلّ منها على الإبداع، بأبهى صوره وأجمل رموزه التراثية "لكن صدمة الشعر الغربي ـ الإنكليزي على وجه التحديد ـ التي هزّت كيانه، وصبغت حدقته، وأيقظت قدراته الخلاقة، خاصة لتشابكها مع بقية خيوط النسيج الإبداعي للفنون التشكيلية والموسيقية، مما طبع "جبرا" منذ بدايات حياته على الاستغراق في التجربة الجمالية الكلية قبل تأمّل قسماتها المتميزة في الأجناس الأدبية المختلفة، ومحاولة تحقيقها في إنتاجه، وهو يصف لنا هذا الوله الشعري بالحياة".(25). قائلاً في "معايشة النمرة": "عشرينياتي الأولى، على ما كنت منهمكاً في مطالعته، وعلى ما كنت متعلّقاً به من حركات الرسم و النحت منذ النهضة الأوروبية، حتى ماتيس، وبراك، وبيكاسو، كان الشعراء بعض صانعيها، ومحفّريها ومالئيها، ما افتتنت با مرأةٍ، وما عشقت جسداً أو حجراً، وما أُخذت بفكرة، وما أحببت لوناً، أو خطاً، أو زهرة في الغابات، بين الصخور، على ركام الخرائب مع أروع المباني، إلاَّ وكان في الشعر هؤلاء المبدعون (ويعدّد عشرات منهم)، الدافع الأعظم لعواطفي، لإدراكي، لنفاذي إلى قلب الأشياء جميعاً. كم كان الشعر خلاقاً ورائعاً يومئذٍ!".‏

إن عشق الشعر ـ هو عشق لشعرية الحياة، والتماس ينابيعها في الشرق والغرب على السواء، ولقد اكتشف ابن الثامنة عشرة ـ بعد إلمامه باللغة الإنكليزية ـ جماليات الرومانسية الإنكليزية، ممثلةً في أشعار (كيتس) الذي ترجم له (أغنية إلى بلبل) و(أغنية عن إناء إغريقي)، وقد لمس فيهما طاقات تعبيرية هائلةً من العواطف تبدّت له أهميتها في حالات : الحب والجمال والحرية.... كما لمس مثل ذلك لدى (شيلي)، الذي أغرم به في باكورة شبابه إلى درجة العشق.‏

ولمّا كان اهتمامه الأول منصبّاً على الشاعرية الحلمية القائمة على التجديد، فإن رؤاه الأخرى للأدب والفن عامة، لم تكن ترضى بغير التجديد أيضاً، وقد أدرك "أن ما هو قائم ينبغي تغييره من دون أن يتوقّف طويلاً أمام الجديد المنتظر، وكانت له بصيرته التي تدفعه طليقاً إلى الجديد، بل كان له جموحه، الذي يحضّه على اقتفاء آثار جديدٍ غير مسبق، وربما كان هذا المزاج الجامع سبباً في الاحتفال بالثقافة والفن إلى حدود التقديس، حيث الثقافة ـ كما الفن ـ تذهب إلى إصلاح البشر، وتقف فوقهم، وإذا كان البحث عن الجديد قد حقق لقاء "جبرا" مع الرواية واللغة والشعر الحديث، فإن الجموح المنشدّ إلى جديدٍ غير مسبق، فصل بين الجديد والتاريخ، ووسّد الجديد الجامح زمناً إنسانياً كونياً لا وجود له، ومع أن "جبرا" في روايته اللاحقة "صيادون في شارع ضيق"، سيحدّد المكان والزمان، فإن التجريد لن يهجر "مثقفه المتعالي"، الذي يُرى اسماً ولا يرى كوجود ممكن التحقيق.".(26).‏

لقد كان هذا التجديد محور رؤية "جبرا" بعد عودته من إنكلترا إلى القدس وعمله في التدريس في المدرسة الثانوية التي درس فيها بعد أن تحوّل اسمها إلى (الكلية الرشيدية)، وظهر ذلك في روايتيه اللتين كتبهما بالإنكليزية: الأولى (الصدى والغدير)، ولم ينشرها، والثانية (صراخ في ليل طويل)، التي كتب أصولها في القدس عام 1946 ثم نقلها إلى العربية، ونشرها أول مرة في بغداد عام 1955.‏

إن لفلسطين في ذاكرة "جبرا" ولهاً لا يعادله وله آخر. وكانت كما قال عنها: "أشبه بشاعرية بصرية يستسلم لها المرء عفوياً"، ولقد كان هذا الوله في السنوات التي يسافر فيها إلى الخارج، تاركاً مكانه الأمومي المتصل برحم الأرض التي شهدت مراتع طفولته وصباه،
وكان للنكبة أثرها البارز في تعميق الجرح الفلسطيني في الذاكرة الحية، فتداخلت في رواياته، ولوّنت أجواءها بألوان الحب والمأساة.‏

ثانياً ـ المرحلة الأوروبية ـ الغذاء الفكري والثقافي:‏

بين مرحلة الحلم والطفولة الشعرية التي رصدتها "البئر الأولى" وبين إقامته بعد النكبة في بغداد التي رصدتها سيرته الثانية "شارع الأميرات" هناك مرحلة التأسيس الأدبي والفني التي شكّلت شخصية "جبرا" الأدبية والفنية والفكرية، وكانت فترة خصبة من التحصيل الذي أغنى ذائقته وفكره في جامعتي "إكسترا وكمبردج". وحفزّت طموحه الثقافي للتزوّد من المعرفة، فكان على الرغم من إصابته بالرمد في تلك المرحلة نهماً للقراءة، جاداً في التعرّف إلى روّاد الأدب الأوروبي المعاصر، حيث كان لعدد منهم تأثيرٌ كبير على حياته وفنه وأدبه. الأمر الذي ساعده على شق طريقه الذهبي في الدراسة والعطاء الأدبي والترجمة، وقد حقّقت له الدراسة في "لندن" كثيراً من أحلامه، فهناك عرف المهندس الفرنسي "فرديناند دولسبس" الذي استطاع بما أوتيه من درايةٍ وحذقٍ، إقناعَ والي مصر سعيد باشا بضرورة حفر قناة السويس، التي تجمع بين بحرين كبيرين حقّق بها لقاء الشرق بالغرب، وقد ربط "جبرا" بين "دولسبس" العبقري وبين إنسانيته، أو خصوصياته كما رسمها بعناية في "شارع الأميرات"، حيث ركّز على صورة الرجل الكهل ا لذي تجاوز الرابعة والستين من عمره، وأحب فتاة في الحادية والعشرين، تزوجها، وأنجب منها أحد عشر ولداً.‏

وتعرّف "جبرا" إلى الأديب الإنكليزي "لورانس داريل" الشاعر، في مطلع حياته، ثم الروائي الأكثر شهرة في العالم ـ فيما بعد ـ صاحب "رباعية الإسكندرية" ورسم صورةً جميلةً لهذا المبدع الإسكندراني الذي تأثر به عددٌ من روائيي العرب، أمثال "فتحي غانم"، في "الرجل الذي فقد ظلّه"، و"نجيب محفوظ"، في "ميرامار"، و"غسان كنفاني"، في "ما تبقى لكم"، و"غادة السمان"، في "بيروت 75" و"ليلة المليار"، و"جبرا" نفسه في "السفينة".‏

لقد كانت المرحلة الإنكليزية رحلة الغذاء الفكري الذي فتح أمامه أبواب الثقافة والحداثة والمعاصرة، وأطلعه على آراء أساطين الفن، وأعلام الأدب في أوروبا، مما أيقظ في نفسه وعياً جديداً صقلته فاجعة النكبة، وزادته قناعة وإصراراً على الالتزام بالتغيير والتطوير، والثورة والحرية، والإصرار ـ نقدياً ـ على وحدة القصيدة العضوية، والتركيب الدرامي، والمؤثرات الأجنبية، من دون اللهاث وراء الصراعات الغربية، والاعتقاد بأن طريق الحداثة يحتاج إلى تمهيد وتعبيد، وتجربة وممارسة ووعي، ترافقه نهضة شاملة، وخلاص من التبعية والتخلف، والتعبير عن روح متوثبة تستوعب العصر وتستلهم التراث العربي، وهذا كله يستلزم الاهتمام بأسلوب الخطاب الفكري عامة والأدبي خاصة، وضرورة تجديد الكتابة العربية، والانفتاح على الإبداع الإنساني، وقد حمّل "جبرا" المثقف والفنان، مسؤولية القيام بدور المجدّد، وطالبه بالبحث عن أسلوب يستطيع من خلاله تصوير محنته، والتفريق بين أزمة الإنسان، وأزمة الأسلوب، بين محنة الأمة، ومحنة الفكر.‏

لقد احتضنت العاصمة الإنكليزية وعيه الفكري، كما احتضنت شبابه الغضّ، فقدّمت إليه أجمل فتياتها في صداقات وزمالة، داخل الجامعة وفي أماكن النزهة، وقد أتى على جانب من هذه العلاقات في ثنايا سيرته وانطباعاته عن المرحلة اللندنية، كعلاقته المتميزة بـ(غلاديس) الفتاة التي أحبها في سنوات الدراسة، وولع بها كأنثى، وعاشقة شعر: "في أوائل العشرينات من عمري، أيام الحرب العالمية الثانية، كنت أذهب من كمبردج إلى لندن، و(هي) التي كانت تأتي من جامعة (إكسترا) في جنوب غرب إنكلترا، وأنا وهي نحمل كتب الشعر، وأذكر منها قصائد دانتي. "اذكرني وأنا في أنفاق الـ"أندر غراوند"، وقطارات المترو، وأنا أقلّب صفحات ذلك الكتاب الصغير الحجم، المطبوع طبعاً كثيفاً ناعماً، انتقل من قصيدة إلى أخرى... خرائب لندن التي كانت تسبّبها الغارات الألمانية المتواصلة، انتشرت في كل مكان، وأنا أجد "حياة جديدة" في قصائد "دانتي" التي كتبها في مطلع شبابه حباً بـ"بباتريس" وأقرأها على "غلاديس" في شوارع المدينة الكبرى، وما كان أروع ضياعنا في طرقاتها وظلماتها".(27).‏

لقد قضى "جبرا" في جامعة (اكسترا) سنته الأولى، وفيها تعلّم الرقص، وعرف معنى الحب، ونكهة الجسد الأنثوي الذي ((كان عاصفاً كالريح، وجارفاً كالسيل، فضاؤه الحقول الخضراء، والأشجار البواسق، يضجّ بالجسد كما يضجّ بالروح"(28).‏

لقد أتاحت له الحياة في (اكسترا) أن يقيم علاقات عاطفية مع أكثر من فتاة في وقت واحد فـ(غلاديس نوبي)، التي طلب إليه صديقها "ستيف دنكرلي" أن يتخلّ لـه عنها لأنه سيتزوجها، ما يلبث أن يضحي له الصديق بها، فيحملها على دراجته، ويقدّمها إلى "جبرا" "وما حدث بقية ذلك النهار، والليلة التي أعقبته لا يمكن أن يروى بسهولة، فقد كان كالحلم، بعضه رعب، ومعظمه لذة، وكله أشبه بالمستحيل"، وسيبلغ التعبير المجازي ذروته حين يشبه "جبرا" شفتي "غلاديس" بفلقتي فاكهة باردة ندية، تذوبان ولا تذوبان على شفتيه.‏

و"برناديت" الأنثى ذات الستة عشر ربيعاً، عرف لذائذ جسدها الجارفة ولياليها المؤرقة، أما "جين هادسون"، التي تعرّف عليها في أحد البارات، فقد رأت في "جبرا" ـ بعد أن شهدت معه عروض المسرح الشكسبيري ـ "هاملت" العربي، كما تخيّلت نفسها "أوفيليا": "وقضينا أياماً في أحراش شكسبيرية ملأى بشموس متفجّرة".‏


أتى "جبرا" على بعض العلاقات العاطفية بروح الأديب، وبشيء من التفصيل، "ولم يتحرّج من ذكر الأسماء النسوية ممن كان على علاقة بهن، مع التنويه بطبيعة تلك العلاقة المادية القائمة على حضور الجسد، والخارجة عن نطاق الهوى العذري، في حين نراه يتحرّج من ذكر اسم الطالبة العراقية التي أحبّته، وكانت بينهما رسائل متبادلة؛ استردّتها بعد زواجه من "لميعة" وقدّمت له هديةً ثمينةً، دلالةً على نبلها، كما يتعمّد إغفال اسم تلك السيدة العراقية التي تعرّف عليها في "باريس" وهو في هذا إنما يحاول أن يعبر عن حال المرأة في كل من البيئتين، إذ أن تصريحه بأسماء النساء في إنكلترا إنما هو تعبير عن الحرية الكبيرة، التي تتمتع بها تلك المجتمعات، بينما يتحرّج من ذكر أسماء النساء العربيات، لأن التقاليد والأعراف لا تسمح بذلك، عاكساً حرصه على تجنّب كل مامن شأنه خدش الحياء، شأنه في ذلك شأن أغلب كتّاب السيرة الذاتية العرب، لم يستطع تجاوز القيم الأخلاقية والأعراف الاجتماعية السائدة في المجتمع. فالمجتمعات العربية كانت تضع المرأة في عزلة تكاد تكون شبه تامة، فضلاً عن الجهل والقسر، فالأديب هنا يعكس حالة المرأة في بيئته ويؤرخ لحيّاتها في ذلك العهد، وشكل الحياة التي عاشتها، وعاشت معها في المجتمعين"(29).‏

وكانت زيارات العمل أو السياحة التي كان "جبرا" يقوم بها من حين إلى آخر إلى العواصم الأوروبية والمدن الأمريكية ذات أثر كبير في إغناء ثقافته، وقد تركت في نفسه انطباعات لا تنسى، فـ"باريس" التي قصدها صيف عام 1951 سائحاً، حفرت في نفسه معالم فنها، وثقافتها، فتملّى من (قوس النصر) و(برج إيفل) وحدائق (التويليري) ففرح وبكى لدى رؤيته لوحات الانطباعيين وسواهم في متحف (أورانجري) "أيّ فرح عارم هزّني حتى النخاع! وكما هو شأني كلما فاجأني الجمال، شهقت وفاضت عيناي وأحاول يائساً كبح دموعي...‏

هكذا كان حالي حين رأيت لأول مرّة لوّحات مونيه، وديفا، ورينوار، وبيزارو، وسيزلي، وسيزان، وفان غوخ، والآخرين.".(30). ولقد وجد "جبرا" في باريس ذلك النبع الذي يروي فكره، ويعطي تجربته بعداً أكبر، بعد ذلك الجوع الثقافي الذي أصابه منذ مغادرته "كمبردج"، "كنت في حركة دائبة، ألعب دور المتلقّي الذي أصابه النهم بعد سنوات من جوع ثقافي منذ مغادرته "كمبردج"، وكنت بدأت أشعر أنني أستنفذ خزيناً ذهبياً لابدَّ من إعادة ملئه، وهاهي المدينة التي تعطيك وتعطيك بقدر ما بوسعك أن تأخذ وتلتهم، وعشقي للفنون هنا ما يغذّيه ويشحذّه كل يوم بمزيد من اللهفة والمتعة".(31).‏

وما أحسّ به في "باريس" من المتعة والحرية والفن، كان نقيض ما أحسّ به في (أمريكا) التي وصفها بـ(العالم الجهم المكتظ بالبشر)، حين قصدها مع زوجته في زمالة دراسية في جامعة (هارفرد) وما اختزنه في نفسه لها تمثّله الغرفة التي نزلا بها "شقتنا تتألف من غرفة كبيرة واحدة مع حمام، ومطبخ صغير بسيط التأثيث... والكنبة الزرقاء التي نجلس عليها في النهار ـ بالإضافة إلى ثلاثة كراسي كبيرة مريحة ـ تتحوّل في الليل بفتحها إلى فراش، إلاَّ أنه فراش غير مريح، فكّنا ساعة النوم نرفع منها الحشايا والوسائد، ونرتّبها على الأرض فراشاً عريضاً، كنّا راضين به في الجنة السحرية التي اقتطعناها أخيراً لأنفسنا في عالم جهم، مكتظّ بالبشر"، (32).وواضح أن النصّ "يجسّد الوضع النفسي للشخصية من خلال علاقتها بالمكان، فعلى الرغم من ضيق الشقة ووقوعها في بناية ضخمة ذات الشقق العديدة والمكتظّة بالبشر. إلاَّ أنها تتحوّل بوجود‏

(لميعة) إلى جنة سحرية ضمّت الزوجين لأول مرة"(33).‏

وبقدر ماكان وصفه لباريس ومعالمها حيوياً، جمالياً وإنسانياً، كان وصفه لمعالم أمريكا خالياً من تعابير التعاطف الإنساني، كما في وصفه لشارعين من شوارع نيويورك هما الصورة الحية للحياة في أمريكا. حيث التباين الواضح بين الفقر والتخلف، والغنى الفاحش للمجتمع الأرستقراطي. فشارع "برودواي" في الحي الشعبي، "طريق متعرّج يقطع الشوارع المستقيمة الأخرى حسبما يشاء، كثير الألوان والأنوار، بادي القذارة، يتعاقب فيه النور والظلام... تملؤه المطاعم الرخيصة التي تضجّ برنين الأشواك والسكاكين، والصحون بين أيدي رجال ونساء كهول جلست الوحشة على وجوههم، وفي الأماكن التي تفضّلها، تجد أغلبية النساء المتوسطات العمر، عجيبات القبعات، في ثرثرة لا تنتهي، وفي هذا الشارع. في خفاياه التي لا يتاح إلاَّ للمريدين معرفتها، تجتمع النفايات الغربية، والمجرمون، والعائشون على ضعف الإنسان، الفقراء والدمامة ألفت للنظر من غيرهما، أمتعة رخيصة، وعواطف رخيصة، وإلى جانب هذا وذاك عدد من أحسن مسارح الدنيا".(34).‏

أما الوجه الآخر للمجتمع الأرستقراطي الأمريكي، هو الشارع الخامس "ففث أفينو"، "شارع متلألئ النظافة، جميل الدكاكين، شاهق العمارات، يمشي على أرصفته نفر من أجمل حسان الدنيا وأشدّهن أناقة، وتباع فيه أغلى الأمتعة، وأشدّها إغراءً للنفس، وهو مستقيم منظّم، شديد القسوة، عديم المبالاة إلاَّ بمن أوتي كثيراً من المال أو وافراً من الحزن".(35).‏

وكما أُخذ "جبرا" في "باريس" بجماليات الأمكنة، وسكر بسحرها، فإن للمدن الإنكليزية ـ في نفسه ـ نكهتها الخاصة باعتبارها المدن الأولى التي عرفها بعد فلسطين، وعرف فيها لذاذات الحب، ولذاذات الأدب، وظلّ يقيم لها في ذاكرته المكانة الأولى بين المدن الأجنبية، فمن "أكسفورد" كان يتملّى تمثال الشاعر الرومانسي (شيلي) عارياً غريقاً تبكيه ربّة الشعر، وفي "ستراتفور أون أفون"، كان يجذبه مسقط رأس "شكسبير"، وفي داره التي قضى فيها "جبرا" يوماً رائعاً، تحايل على أمين الدار، واقترف المحظور بأن كتب اسمه على خشبة إحدى النوافذ قرب اسم الشاعر "بايرون"........‏

لقد عدَّ "جبرا" "ستراتفور..." كعبته التي يحجّ إليها، فتكرّرت زياراته إليها لحضور عروض مسرح شكسبير التذكاري "ذهبت إلى ستراتفور حاجّاً مرة أخرى، لأشاهد في أسبوع واحد ثماني مسرحيات، وذلك بأن أتردّد على المسرح كل يوم، فكنت كل صباح أقرأ نصّ المسرحية التي سأشاهدها في ذلك المساء، وكانت آخرها، وتتويجاً لها (مأساة هملت)، وبقيت نسختها التي قرأتها يومئذٍ محفوظةً عزيزةً بين كتبي، بشيء من (سنتيمنتالية المحب)".(36).‏

في (كمبردج) وغيرها من الأكاديميات الأوروبية عاين "جبرا بنفسه اهتمام الغرب بأعلام العرب وتراثهم الأدبي والفكري، وتوقّف مندهشاً أمام الاحتفاء الأوروبي البالغ بالرموز العربية والإسلامية، في الأدب والطب والاجتماع والفلسفة و التصوّف، فقادته تلك الدهشة وذاك الاحتفاء إلى مراجعة حساباته الأدبية والفكرية والفنية، فانطلق ـ رغم تعلّقه بالحداثة وتمسكه بالتجديد ـ يمعن النظر في الجذور التراثية للأمة العربية، ورأى فيها جوهر الذات الذي تتحقّق فيه الهوية القومية التي تمنح العربي خصوصيةً وتميّزاً، وتمنعه من أن يكون بوقاً لنظريات الغربيين، أو ببغاءً يردّد مقولاتهم التي لا تعتمد على جذور تراثية كالتي عند العرب.‏

لقد التفت "جبرا" ـ مثلاً ـ إلى المتنبي التفاتة العربي الغيور، فاستقرأ في شعره تراثاً أصيلاً، وطالع في شخصيته أديباً فذّاً، مناضلاً يقرن القول بالفعل، ويمدّ الجيل الجديد بالأسباب المحفزّة للتطور والتغيير، فنبّه إلى ضرورة عدم الاكتفاء بالماضي وعطاءاته، ودعا إلى استلهامه والإضافة عليه، بغية تحويل التراث وأعلامه إلى محفزات للإبداع، وبصورة خاصة حين تكون العودة إلى الجذور مشبعةً بقضايا العصر الراهن وأساليبه، وأشار ـ منطلقاً من بعث الثقة في النفس ـ إلى ما يزخر به التراث العربي السردي من خصبٍ، كألف ليلة وليلة، التي وجد فيها الغربيون كنوزاً لا تنضب، وعدّها المثقف الأوروبي مثالاً للسحر والمتعة. وطمح الروائي الغربي إلى إيجاد نماذج مماثلةً لها، يحتذي فيها هذا العالم الجميل المكتظّ بالمثل التي يجسّدها الحب والخير والجمال والحرية والأمل، والثقة بالنفس، وتتجلّى فيها الإنسانية المطلقة.‏

لقد أخذ "جبرا" على الفكر العربي المعاصر عدم التفاته إلى ألف ليلة وليلة، واحتفائه بها، كالغربيين، وتجاهل تراكيبها وأفكارها وصورها، ومجتمعاتها وعلاقات أفرادها، وأهوائهم النفسية ورغباتهم الجنسية، وعوالم الملوك والسادة والعبيد، والجواري، وغير ذلك من الجوانب الكبيرة التي تقدّم للنقد العربي والأدب المعاصر مادة زاخرة بعطاء لا ينضب "وإذا ما تذكرنا أن الرواية العربية المعاصرة، تركّز اهتمامها على الجوانب السيكولوجية، وتضيف إليها الاهتمامات التركيبية، ندرك لماذا تصبح "ألف ليلة وليلة"، مهمّة مرة ثانية، وخاصة بالنسبة إلينا، وكونها أدباً شعبياً يزيد من قيمتها، فهي تمثل فوران المخيّلة الإنسانية على نطاق الأمة بأكملها، فهو فوران بلا حدود". (37).‏

إن المرحلة اللندنية صقلت أفكار "جبرا" ورسّخت وعيه بقيمة التراث، وضرورة استلهام قيمه الجمالية والتعبيرية، فأخذ، مثلاً ـ بعد عودته من كمبردج ـ على (فن المقامات) التي نالت إعجاب المعلمين العرب، أنها كانت أدباً للخاصة، ولم تكن بأيّ حال أدباً للعامة، بسبب لغتها المعجمية التعليمية، وهذا ما جعل الغربيين ينأون عنها بأصارهم، ويفضّلون عليها ألف ليلة وليلة، لاحتوائها على ما يثير الدهشة الإنسانية، التي لا يمكن أن تثيرها المقامات، التي تفقد رونقها في الترجمة والنقل... بينما تظلّ الليالي مثار الدهشة وينبوع السحر، وملهمة الأديب ومثيرة القارئ العادي والمثقف.‏

ومن الطبيعي أن يتحوّل الإعجاب في نفس "جبرا" إلى عشق انصّبت عليه جهوده، فالليالي الشهرزادية أبدعتها الجماهير العربية، التي تحيا بالكلمة، وتنتعش بها، رغم ما تعرّضت له من جوع وطغيان، أظهرتها السيرة الشعبية على حقيقتها: تحبّ وتكره وتجوع وتشبع، لكنها تظلّ محافظة على حيويتها، ووسائل عيشها وهذا ما جعل عالم الليالي "يتسع ويترامى ويغتني ويتشعّب أحداثاً، ويزداد شعراً، ويفيض بشراً، ويتعمّق في ذاتها ويجسّد رموزها، حيث اختزنت ذلك الجوهر الغامض الذي عصيَ على الظلام مهما تكاثف".(38).‏

حرية الفكر:‏

شكّلت المرحلة الأوروبية، و(اللندنية)، على وجه الخصوص، جانباً هاماً من شخصية "جبرا"، الثقافية، وكوّنت استقلاله الفكري، فكان أنموذجاً مثقفاً متفرّداً، فاعلاً غير منفعل، ومؤثّراً فيما حوله، فـ"جبرا" الذي لوحظ عليه تأثّره بالفكر القومي السوري (39) في مطلع شبابه،كاد ينقطع للترويج لحرية الثقافة، وحرية الأدب والأديب معاً، فصارت الحرية هاجسه الأول، وربما كان للمجتمع الأوروبي بعلاقاته الاجتماعية مع نسائه، وصلاته الأدبية مع مثقفيه، ومسارحه، الدور الرئيسي في هذه الحرية التي كان من أهم سماتها رفضه للالتزام الذي رفضته مجلة (شعر) ـ فيما بعد ـ وهو أحد كتّابها ـ على الرغم من انطلاقها من الوجودية السارترية، واتخاذها أرضية تبني عليها تطوّرها الفكري، وتطلّعها إلى حيّز (ليبرالي) واسع، استوحته من أفكار حزب (سعادة) القومي السوري، الذي يريد للأدب والثقافة والفنون أن تعبّر عن الحرية الوجودية (40).‏

إن من أولى معطيات تلك المرحلة الأوروبية، وتأثيراتها على فكره، انحيازه "للمشروع الليبرالي من خلال بعض أبطال رواياته، و.... أكثر شخصيات "جبرا" التي بدت بدايات يسارية تنتهي إلى الليبرالية، وهذا يعني في دلالته العميقة ضرورة الليبرالية، لمجابهة التخلّف والإشكال الحضاري الذي تعيشه المنطقة، ومع... تفريقنا بين الليبرالية كما في أحزاب وقوى، والليبرالية كما فهمت بشكل عام، أي الديمقراطية، فإن المسألة الديمقراطية تبقى هي الأساس.‏

قد يكون عهد الليبرالي غير ممكن التحقّق في هذه المنطقة، ولكن التخلّف، والإشكال الحضاري الذي تعيشه المنطقة لا يمكن حلّه إلاَّ بالديمقراطية. إن تصلّب عود الدولة القطرية التي تزيّف كل شيء، لا يمكن تعريتها إلاَّ عن طريق توكيد الحرية والثقافة والحداثة، أي بوساطة المشروع الديمقراطي، الذي قد يتخذ أشكالاً ومضامين مختلفة، حسب القوى التي تحمله، فرغم فشل بعض المشروعات الليبرالية إلاَّ أن ذلك يؤكّد ضرورة الإصرار على الديمقراطية، أقصد الحرية والكلام والإبداع".(41).‏

جسّد "جبرا" بعض هذه الرؤية في روايته العربية الأولى "صيادون في شارع ضيق"، التي بدأ كتابة سطورها الأولى في أمريكا، حيث سلّط الأضواء فيها على "الشرائح الإقطاعية الأرستقراطية التي حكمت العراق في الخمسينيات، وكشف عن بذور انهيارها التي تحملها في داخلها، فقد انفصل قسم منها تحت تأثير الحضارة الغربية، ونتيجة انتشار التعليم فيها، وهي تبرز أيضاً بداية تبلور وعي الحداثة، ويصرّ على لعب دوره في التغيير، كما تصور هشاشة هذا البديل، وضياعه المسبق ورخاوته وضعف حسّه التاريخي، كما يبرز في النموذج الماركسي، وفيها نرى بداية دخول الجيش مسرح الفعل الاجتماعي، ونرى الأرضية المعقدة للواقع الاجتماعي العربي. إن العلاقات العشائرية والإقطاعية، إضافة إلى الكبت الجنسي، والتشرذم الاجتماعي، ممثّلاً بالأقليات القومية والدينية، والتي هي مع قيم غرب متحضر، هي التي تسود عالم هذه الرواية.‏

وهو من خلال ذلك كله، يبرز صلابة الواقع إزاء هشاشة من يتصدّون لـه، ويؤكّد تعاطفه مع التغيير، مصّراً على الحداثة والفعل والصلابة ـ وهي لا تكفي، بل قد لا تعني شيئاً من دون وعي مطابق وحقيقي ـ كبديل هذا الواقع".(42).‏

إن عالم "جبرا" الفكري والثقافي والنقدي تمثّل في أبهى صوره من خلال الأفكار التي زوّدته بها المرحلة الأوروبية الأولى من حياته، وصبّه في كتابه الفكري الأول "الحرية والطوفان". فكان الـ(منيفستو) الأول لـ "جبرا" المسكون بالحرية، و"العلامة الفارقة في الأدب والفن والنقد ـ هل أقولها ـ السياسة. بل لعل من الضروري أن نشرح ماذا تعني عندما نقول إن "جبرا" يبحث في السياسة، في "الحرية والطوفان"... فهو لا يخوض غمار معركة مباشرة من هذا النوع؛ وهو فقط يبحث في جزء من الكتاب، وفي أهمّ جزء فيه، عن مدى الخطر الذي يهدّد الكاتب في حال لو انفجر السدّ، وغمر الطوفان كل قيم الفنان الحقيقي
__________________





قمة آلحزن !
عندمآ تجبرُ نفسّك على ڪره شخص ..
كآنَ يعني لك آلعالم بِآگملہ ؤآلأصعب منـہ !
عِندمآـآ تتصنّع آلڪره .. و بِدآخلڪ حنيين وحب
[ گبير لہ
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 16-08-2015, 06:59 PM
! إنسان والقلم ! إنسان والقلم غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مكان الإقامة: بين طيات الاوراق ، وفي الغربة أسيح
الجنس :
المشاركات: 399
افتراضي رد: أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها

ابرز احداث طفولة جبرا:
ـ في حديث معه طلبت منه سيدة عراقية ان يحدثها عن حياته بقولها!... يقولون إنك عشت وما زلت تعيش حياةً مبعثرة.‏
- أفردلطفولته وحتى 12 سنة كتاباً خاصاً وهو ما يشير الى خصوبة تلك الطفولة وغناها في الاحداث الدرامية .
- عنوان سيرته ( البئر) والذي هو علامةً بارزةً في تحديد النصّ، وكشف من مجموعةالدلالات وهو يوحي بالانخفاض والعوز والعمق والسجن والرطوبة والدونيةوالتحتية والرهبة، وقد كان يؤكّد على هذه الدلالة كلما استعاد في طفولته شيئاً منخوفٍ أو حزنٍ.

- حين هزَّ زلزالٌ فلسطين، وصفه الأديب الكبير بعيّني طفلٍ صغيرٍ، فيرواية "البحث عن وليد مسعود": شهدت الزلزال وأنا طفل في السادسة، لقد خضّ الأرض كمالو خضّتها ريح غريبة رهيبة، كنت جالساً على الأرض مع غيري من الأطفال في المدرسةالصغيرة، فحسبت الريح الهادرة هزّت البنيان القديم هزّاً عنيفاً، ولمّا انطلقالصبية مذعورين إلى الخارج، انطلقت معهم، ورأيت الحجارة تتساقط كتلاً من أعلىالمبنى العتيق المقابل، وتتكوّم أمام عيني في ركام أبيض مريع، واتجهتْ أبصارنا منالخرابة التي نحن فيها نحو كنيسة المهد نستنجد الله لإنقاذنا، وسمعت بعض الكباريقولون: "إن كان هذا يوم القيامة، فهل يستهدفنا الله تحت الأنقاض، ليقيمنا من تحتهامرة أخرى!". وفضلا ًعن ذلك، فإن العنوان يرمز إلى الذاكرة التي اختزنت في "بئرها" ما يمدّها بنسغ الإبداع وقد "تجمّعت فيها أولى التجارب والرؤىوالأصوات.

- . أولى الأفراح والأحزان والمخاوف التي جعلتتنهمر على الطفل، فأخذ إدراكه يتزايد، ووعيه يتصاعد"(. وهذا ما جعل "منالذاكرة (البئر) أو المخبأ الذي يحفظ فيه تجاربه الأولى. تجارب الطفولة التي هيأكثر من حصيلة ذكريات خاصة،فهو يدرك أن الأصول الحقيقية للأشياء تعود إلىالتجارب الأولى من حياة المرء"

- أكّد على ذلك مراراً مركّزاًعلى لفظ "البئر" ومدلولها: "طفولتي ما زالت هي ينبوعي الأغزر. إنها البئر والعينالتي تمدّني بالكثير من النسغ لما يتنامى في ذهني من بنت الخيال، وأرجو أنها ستستمرفي منع الجفاف والعطش"..‏

- إن مؤشرات المرحلة الأولى تنمّ عن حالة الفقر و الحلم التيوسمت حياة الطفل، وقد تغلغلت منمنماتها في ثنايا رواياته، وحظيت بيت لحم ـ مهدالطفولة، ومرتع الصبا ـ بنصيب وافر من استذكاراته التي شهدت تشكيل أولى التجاربوالرؤى والأصوات، فاختزن‏ الصبي منها ما "يمرّ به كل يوم، يعاينه، أو يتلذّذ به".

- ارتبطت مدينة المهد في وعي الصغيربـ(المسيحية) رمز المحبة والسلام، كما ارتبطت بـ"الفقر والعوز"، فكان يرى الملاكينالصغار لا يجدون فيها ما يرغّبهم في العيش، فيندفعون نحو شاطئ البحر، ينتظرون السفنالتي تحملهم، وبأيديهم مناديل الوداع، ميمّمين شطر المهجر الأمريكي. شأنهم في ذلكشأن إخوانهم، من ذلك الرعيل المهاجر، من أبناء بلادالشام:‏
- إذ تلحّ عليه ذكراها بمرارة بعد ما غادرهاإلى بغداد، بُعيد النكبة، حيث وجد نفسه منفياًمحاصراً، وهو في ميعةالصبا.

- إن "القدس" ظلّت مقيمةً في قلبه، مظللةً بالأملوالحاجة. فالبيت الذي سكنت فيه الأسرة في حارة(جورة العناب) خلّده فيروايته (صراخ في ليلٍ طويل)، وقد جعله مقرّ بطل روايته (أيمن) الذي وصفه بتعابيرالطفولة: "عندما كنت صغيراً أسكن مع أبي وإخوتي الثلاثة،في غرفةٍ مربعةٍ ضيقةٍ لها شباكٌ صغيرٌ واحدٌ، لا زجاج له. لا أظننا كنا نتذمركثيراً، فليس جيراننا بأحسن حالاً منا، ولا أقرباء لنا ساكنين في بيوتٍ أحسن منبيتنا، فلا داعي هناك للحسد. كنا قانعين بنصيبنا. لم يشعر أحدٌ منا عن وعيٍ بزرايةحالته، وفساد الهواء الذي يتنفسه... أما الشجار فقد كان من التقاليد الراسخة، فقدكنا نتشاجر بحماسةٍ هائلةٍ، ثم نتصالح فيعود الوئام بيننا مع الكثير من المحبةوالرقةِ".‏

- إن الذكريات الأولى في القدس ستظلّ حتى نهاية العمر تمدّه بموحيات الإبداع. يذكرها بتفاصيلها الدقيقة، من مشاركته في إضراب عام 1939، ومعاينته بناء الكليةالعربية التي درس فيها، ولا ينسى ما عاناه مع أهله من الإرهاب الصهيوني الذي تعرضتله المدينة، حين "شرع اليهود في تدمير القدس الجديدة، مبتدئين أولاً بنسف المقرّاتالحكومية، ومن أشهرها نسف جناح السكرتارية العامة للحكومة في فندق الملك داود،ونسفهم أيضاً بعد إعلان التقسيم في تشرين الثاني عام 1947 لمنازل العرب ليلاً،ولاسيما في حي القطمون الذي كان مجاوراً حي "راحافايا"، اليهودي، حيث سكن فيه معأسرته بعد رجوعه من لندن"..‏

- ومع تسارع الأحداث ودموّيتها، تعود الأسرة إلى بيتلحم،ولكن سرعان ما تحلّ النكبة، فتلقي بـ"جبرا" إلى بغداد،ليحطّ رحاله في ربوعها، وتغدو المدينة العربية الثالثة دار إقامته الأبدية. إذ كتبللجسد أن يوارى في ثراها، بعد أن وشّى الأندية والكتب والأمسيات بألوان قشيبة لاتبهت ألوانها على مدى الزمن.‏

- و"جبرا"، الذي حمل فلسطين في جوارحه لم ينسَيوماً الطغيان الصهيوني الذي كان شاهداً عليه ولن تغادر أنفه رائحة اليهودي "تزكمالطفل بالعفن والعطن الغريبين، وأمه توصيه وإخوته بالحذر من اليهود"، "إنهم يسرقونالأطفال في أعيادهم ليذبحوهم، ويمزجوا دماءهم في عجين خبزالفطير، وقبّة "راحيل"، ستبدو دوماً للطفل ذلك الحدّ الفاصل بينالمعلوم والمجهول. بين الألفة الغربة، ولن تغادر الطفل حتى شيخوخته صورة الحاخامات،وأصداء ولولتهم الغريبة في القبّة التي تمتدّ بعدها الطريق إلى القدس. إلى عالمالغوامض والأسرار.‏

-كان للنكبة أثرها البارز في تعميق الجرحالفلسطيني في الذاكرة الحية، فتداخلت في رواياته، ولوّنت أجواءها بألوان الحبوالمأساة.‏

إن ولدي مسعود هو جبرا فيكون جبرا يتيم الام وهو حتما تعرض للكثير من الصدمات والخوف والالم من هجمات الاحتلال كما يصفها ثم هناك معاناة من التنقل والهجرة ثم النكبة.

مأزوم وسبب ازمته انه فلسطيني تعرض للخوف والقهر والفقر والسجن والنكبة، والمنفى، مع احتمال ان يكون يتيم الام ..لكن لاغراض هذا البحث سنعتبره
__________________





قمة آلحزن !
عندمآ تجبرُ نفسّك على ڪره شخص ..
كآنَ يعني لك آلعالم بِآگملہ ؤآلأصعب منـہ !
عِندمآـآ تتصنّع آلڪره .. و بِدآخلڪ حنيين وحب
[ گبير لہ
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 16-08-2015, 06:59 PM
! إنسان والقلم ! إنسان والقلم غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مكان الإقامة: بين طيات الاوراق ، وفي الغربة أسيح
الجنس :
المشاركات: 399
افتراضي رد: أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها

وألان مع سر دخول الرواية التالية قائمة أفضل مئة رواية عربية:

3- شرف --------------- صنع الله إبراهيم


محمد مشهور يكتب عن رائعة صنع الله ابراهيم

"شرف"
انها ليست رواية انها دفتر أحوال مصر د. على الراعى

شرف كلمة تعنى الكثير لكل من يسمعها. وعن الشرف تدور هذه الرواية الممتعة لصنع الله ابراهيم

الرواية مقسمة لأربع أجزاء

الجزء الأول حدوتة أشرف أو شرف كما تناديه والدته يدخل السجن بعد قتله للخواجة الذى حاول انتهاك عرضة وداخل السجن يتعرف شرف على دنيا جديدة بقوانين جديدة
صنع الله ابراهيم هو ملك التفاصيل تكاد تجزم عند قرآتك للقسم الأول أن أكيد المؤلف كان مسجون قديم نسج رائع بين الشخوص و الأماكن

الجزء التانى حكاية الدكتور رمزى المسجون فى قضية رشوة ماينفعش أعتبر الجزء دة روايه هو جزء وثائقى أكتر منه أدبى فى هذا الجزء يكشف الدكتور رمزى جرائم الشركات متعددة الجنسيات وخاصة شركات الأدوية فى حق العالم التالت وشعوبة بأسلوب يدعك تصاب بالأحباط من كل هذا الفساد والجرم

الجزء التالت مسرحية قام بتأليفها الدكتور رمزى لعرضها داخل السجن فى أحتفال 6 أكتوبر وفى هذة المسرحية يعرض صنع الله ابراهيم كم الجرائم التى تمت فى حق مصر و شعبها من أول ناصر مرورا بالسادات نهاية بمبارك بمختلف التحولات التى مرت بها مصر عبر تلك السنوات

الجزء الأخير يرجع بينا المؤلف داخل السجن ليكشف الوجه الأنسانى للمساجين و بعذوبة شديدة يكشف لنا مشاعر المساجين خاصة اللى بقالهم كتير مساجين
وكعادة صنع الله ابراهيم تنتهى روايته بلا نهاية محددة نهاية مفتوحة للغاية

ال (شرف) ليس فقط له منظور جنسى و لكن أى فساد مسكوت عنه هو أيضا ضياع للشرف

==
رواية شرف :
يتحدث الكتاب عن اشرف عبد العزيز سليمان او شرف كما الفت الأم ان تناديه يعيش في حي فقير من أحياء القاهرة وينتمي لأسرة كبيرة ..يحلم بان تصير له غرفته الخاصة ولا يعود يتشارك غرفة النوم نفسها مع كل افراد العائلة ..
وله معرفة دقيقة بكل ماركات الاحذية والملابس والنظارات الشمسية والعطور وووووووووو وحتى باسعارها
مع انه لم يتملك شيء منها في حياته

يقضي اغلب وقته خارج المنزل مع اصحابه ... وله معرفة جيدة باللغة الانكليزية الخاصة بالشارع والاغاني كأغلب فتيان جيله

وفي ليلة غضب الدهر عليه قرر ان يخرج بمفرده فوجد رجل أجنبي معه بطاقتي سينما دعاه للحضور معه
ثم دعاه الى بيته وبعد ذلك حاول الخواجة ان يمد يده الى ساقه ويتحسس فخذه .......
ولم يسمح له بذلك شرف ونشب شجار عنيف انتهي بان قتل شرف الرجل ...

وهنا تبدأ احداث القصة بدخول شرف الى السجن ..ومعاناة السجن وكيفية الحياة ..ونوعية الشخصيات المختلفة التي يلتقيها ونوعية المساجين وكيف ان اغلب من هم في السجن الاسماك الصغيرة ..ولا يدخله المتهمين الحقيقين في تلك القضايا الكبيرة من فساد واستيراد لحوم فاسدة ومخدرات ووووو

وكيف ان الفساد والسرقة تمتد لتطال كل المرافق التابعة للدولة
وكيف ان هم كل موظف هو كيف يسرق وكم ينهب ...

وعلى قولة المصريين " ياما في السجن مظاليم "

تجربة جديدة نتعرف بها عن الحياة خلف القضبان دون ان ندخله ..
وانشاء الله لا أحد يدخله

==
شرف – لمحة عن الكتاب:
1. القسم الأول :

بطل الرواية (أشرف عبد العزيز سليمان- المولود سنة 1974م) الملقب بـ (شرف) طالب جامعي شاب يعرف (قشرة) عالمه الحديث دون أن يكشف ما وراءها من عوالم، طري العود مدلل أهله، يدخل السجن فتجعل منه التجربة على محك الحقيقة، وقد دمغته لأنه لمس عمقها الجلي الإشراق. أدخل السجن بجريمة قتل رجل استرالي اسمه (جون)، وضبط مرتدياً (سلسلة غالية جداً) تعود ملكيتها إلى القتيل، وفي الحقيقة أن المجنى عليه هو الذي خلعها وألبسه إياها، وبالتالي تحولت دليل إدانة ضده (جاهد الشاب في دفع مهاجمه الذي كان يفوقه قوة، ونجح في شلّ حركته إلى أن شعر به يحاول تجريده من ملابسه، وهو يلهث، فأمده العدوان بقوة جديدة).... ويستمر الرواي في دقة بليغة ليرسم السبب الحقيقي الذي دفع بـ (البطل المحوري) دخوله السجن.. (لم يتمكن جون من تفادي الزجاجة، وأصابته الضربة بالذهول فجمدت حركته. ولم يلاحظ شرف الدماء التي سالت على وجهه، لم يلحظ شيئاً على الإطلاق ولا حتى يده القابضة على شظية مدببة من حطام الزجاجة كانت مستمرة في الارتفاع والهبوط فوق الرأس الأشقر المخضب بالدماء- الرواية ص22)، وتحت تعذيب لم يستطع تحمله اعترف بجريمة لم يقترفها بقصد وعمد، وإنما دفاعا عن كينونته.. من بعد أن كانت له حرية لم يعرف نعمتها، إذ صادرته الحمية فصيرته مدافعا عن كينونته الحقيقة وشرفه الذي لم يهدر إلا بعد أن دخل السجن في جريمة دفاعه عن قيمه، وأخلاقه. و (شرف) يدون الصور الخفية بدقة متناهية.. ما وراء القضبان من عوالم سريتها الغامقة صارت حكرا على سجون الناطقين بحرف الضاد وكتابه.. رواية تنفلت من معجزة الخوف، لتبوح بالفجيعة المريرة المفتقدة على الرغم من أنها مازالت قائمة تثقل كاهل الإنسان وتقيده بجملة مفاهيم بالية مسماة في السر، وفي العلن مساومات من أجل العبور.. نظرة من القاع العميق إلى السطح، نظرةُ الفوارق في الاختلاف، أو الاختلاف في الفوارق.. نظرةُ السجين إلى الطليق عاريا مكشفا، ووحيداً.. نظرة إلى الفساد الإداري المتراكم في كل مرفق من مرافق الحياة، بالرشوة التي تصل إلى القضاء بواسطة محامين متمرسين، وتصل الرئيس بواسطة المرؤوس.. ثمة فوارق تعرضها الرواية. العتمة ودكنتها، يقاس كل ذلك السطوع. فثمة فساد إداري مقيت في أرفع مراكز الدولة... تتسلم رشاوى لتمرير الأدوية والأغذية الفاسدة، صفقات غايتها المال، مخلفة ورائها تخريبا متعمدا في الإنسان، وبنيته لأجل أن تتقلص إنسانيته. تستغله أبشع استغلال، فنعهد الروائي مدافعا فيها عن هوية إنسان انتهكته الأطماع الكبرى، وأقصته العزلة القاتمة عن دوره الحقيقي كإنسان له هوية وجود فاعل، (إذا كان شرف موجوداً بجسده بين الجدران الأربعة، فإن روحه كانت ترفرف في الخارج طول الوقت، ليلاً ونهاراً، فهو من سلالة شعب عظيم فضل دائما أن يكون مستعبداً كي لا يحرم من الحرية، والتطلع إليها- الرواية ص171).

رواية (شرف) نبرة عالية لكلمة عصر احتاج التغيير كأمر واقع من بعد أن تفاقمت الأخطاء، المتراكبة فوق بعضها البعض، فالخطأ يلد مثله، ولا يمكن أن يصلح إلا ببناء جديد على أسس سليمة.. رواية مشوقة تسرد أحداثا حقيقية مقنعة.. رأيناها تطوف بين الأسطر التي تحمل وجه الكاتب الحقيقي لتعكس أوقاتا عصيبة تشكل فيها العالم المقصي عن النظر، العالم المحجوب المغيب تحت اسم القانون، حيث تنتشر في تلك الأقبية أوراما سرطانية أكثر شراسة وفتكا بالمجتمع، ومنه تخرج إليه منظمة تحت مسميات تفلت من القانون أو تحت وصاية سدنته.. أقبية لم تك غامضة على روائي مثل (صنع الله إبراهيم) ذلك العالم الذي غمض على الغير فيه ما كل في العالم من حرية رغم تقنينها، وتعتيرها، ورغم صغر مساحة العالم الضيق الذي اتسع عميقا من عمق المجتمع فكشفه الرواي من الداخل.. حيث لا ممنوع أو محجوب داخله، بل تخله كل الموبقات، والآفات الاجتماعية وتنتشر فيه جميع أنواع المخدرات المحلية والمستوردة، تحت بصر الرقيب، وهو المستفيد الأكيد من كل تلك.. فالحارس هو الذي يهرب إلى عمق السجن.. الأفيون، الهيرويين، الحبوب المخدرة، وكل شيء.. حيث هناك شراكة متعاقبة، وشبكة منظمة هدفها الكسب المادي، وتخريب أغلى المثل في الإنسان، الظلام الداجي يعرف كل حاضرة تجري (إضافة إلى الأنباء المحلية وخلفياتها، كان الشيخ عصام يحتفظ بأرشيف كامل لكبار موظفي وزارة الداخلية من أول تاجر في إنتاج السجون وزميله الذي خرج من الوزارة بعشرة ملايين من الجنيهات من وضع اليد على الأراضي، والثالث الذي كون شركة أمن ضمت أربعمئة من قيادات الشرطة ولم يدفع فيها مليما واحداً مكتفيا باسمه إلى أن أعد مشروعا وهميا لأسكان الضباط ودفع من صندوق الشرطة 4 ملايين جنيه ونصف لمكتب استشاري واشترى متر الأرض بسعر 30 قرشا وباعه بـ43 جنيها للضباط و150 جنيها للمستثمرين، وزميل الذي شارك بعدة ملايين في شركة صرافه وشركة تسفير عمالة للخارج وطبعا في شركة الأمن إياها، والثالث الذي اختلف مع زميل له على عمولة صفقة سلاح، فهاجم بيته بالصواريخ- الرواية ص223)..

فمن داخل السجن يطل (شرف) على العالم بكل ما فيه، ويرى ما لم يستطع رؤيته.. يتابع أدق الأخبار وأشنع الأفعال، وعلى الرغم من إقصائه البعيد يعرف (تمسكه بحقوقه التي تنص عليها مصلحة السجون، وهي قطعتان من اللحم الأحمر لا الجلد، في اليوم لا في الأسبوع- الرواية ص107)، ويكشف الاستغلال الشنيع للمسجونين كأيدي، مهدورة الجهد، لصالح السجان (هناك مساجين آخرين يعملون في حظيرة مواشي يملكها، بها خرفان، وبط، ودجاج. وان المفروض أن يتقاضى الواحد منهم ثلاثة جنيهات من المأمور نفسه طبقا للوائح لكنهم لا يحصلون على شيء- الرواية ص131)..

بعين مفتوحة حرص الكاتب على توثيق ما يحدث، كمصور محايد، يترك القارئ ليكوّن استنتاجه (لم نلبث أن علمنا بنتائج التحقيق: أسفر عن مجازاة رقيب الدور بالحجز في الثكنة ثلاثة أيام لعدم قيامه بواجبه في الحيلولة دون وقوع الاعتداء، وجوزيَ الضابط (علي بلبل) بالإنذار لعدم قيامه بتفتيش عنبرنا بنفسه، وبدقة الأمر الذي ترتب عليه وجود ممنوعات مثل المشرط ومفصلة الباب- الرواية ص135)...

القسم الثاني:

أما في القسم الثاني من الرواية يجعلنا نقرأ ما جاء في محتوى كيس الأوراق.. استطاع (شرف) الاطلاع عليها متعاونا مع ضابط السجن، لتعمق معنى (الشرف) بكل دلالاته، كيس أوراق حاول صاحبه السجين (الدكتور رمزي بطرس نصيف) أن يخفيه عن الأعين، لأن محتواه من أوراق قصاصات جرائد، وأشبه بالمذكرات وثق فيها ألاعيب شركة كوش العملاقة السويسرية للأدوية.. المؤسسة الخطيرة ذات اليد الطولى المتحكمة من (بازل) بما تريد التحكم به، فالقصصات توثق ما كان يحمل الأفق من أكاذيب، وصار ضحية الشرف كل من لديه المثل العليا، وبقية الأوراق شهادة العامل بعمله، والدال بمدلوله..

إن رواية (شرف) عنيت الشرف المهني لكل موظف مهما كان موقعه في السلم الإداري لأية دولة في العالم، من بعد أن التفت المثقف نحو الخلل؛ بأن تخلف ما حوله نتيجتهُ الفساد الإداري الذي يصوره (صنع الله ابراهيم) في مجمل عطاءه الروائي بأنه السوسة التي تنخر البلدان، وتجعلها في صور متخلفة، وأن تلك السوسة تصل بأطماعها لتؤسس مؤسسات عبقرية شرسة تطول ما تريد، وتهيكل ما تطمح عبر مناهج ذكية للوصول إلى غاياتها... (إن كوش صارت مصدر خطر على استقلال أي بلد. فنفوذها أقوى من الحكومات وهي غير مسئولة أمام أية جهة في أي مكان. وهي تتحكم في أموال هائلة وبوسعها أن تنقل ما تشاء من هذه الأموال من أي بلد وإليه. الأرباح يمكن تصويرها على أنها خسائر، والأصول تباع، كل هذا دون أن يعرف أحد أو يتبينه بسبب السرية المضروبة على حساباتها. كيف يمكن لأي حكومة أن تتحكم أو تسيطر على كيان مثل هذا يشبه (سمك الجيلي): موجود في كل مكان وليس موجودا في أي مكان؟ أعدت على سمعها ما اقترحه أحد المدراء من ضرورة التفكير في شراء أو استئجار بعض الدول الأفريقية الغنية بالموارد الطبيعية طالما أن حكومتها عاجزة عن حل مشاكلها- الرواية ص334).

ومثلما سخر (سرفانتس) من أدب الفروسية، نقرأ كيف اقتنص صورا لوجوه زعامات عربية تجملت بالخطب الثورية، لتظهر بأجمل الصور، ويكاد يقول بأن ذلك لم يكن ينطل على قارئ تلك الدمى المتشابهة الأدوار ذات الوجوه المريضة بالنرجسية البليدة، مهما أوغلت بالتنكر.. (ربما لا يعرف الكثير عن وحشية صدام وساديته والجرائم التي ارتكبها في حق العراقيين، العرب منهم والأكراد. في سنة 1979م وفي اجتماع لزملائه في قيادة حزب البعث أمسك برأس صديقه (عدنان) وجعل يخبطه في الحائط حتى تفجر منه الدم. لقد رأيت جانبا من هذا الاجتماع في فيلم فيديو أذاعته cnn. صدام في بدلة بيضاء جالسا خلف منصة مرتفعة مطلا على قاعة امتلات بالجالسين وينادي إسما وراء اسم، فيصيح الواحد منهم (والله العظيم أنا مو خاين سيدي) لكنهم يقتادونه للإعدام- الرواية ص328). وأدرج مع الأوراق نصّاً مبدعاً لعرض كامل للعرائس (دمى) الذي أقيم داخل السجن بمناسبة ذكرى الانتصار العظيم في حرب أكتوبر 1973م، أعده وأخرجه الدكتور (رمزي بطرس نصيف)، حيث قال فيه ما لا تتحمل مسؤليته أية نشرية عربية. وأدرج بجرأة منقطعة النظير كل ما يخافه الرقيب، لأنه قوَّل الدمى كل ما استطاعت قوله، ففضحت من افتضح وعرّت من عريّ، بأداة تقنية لم تكن غريبة على المؤلف لأنه أدخل في إحدى روياته السابقة (سيناريو فيلم عن بيروت)، وتعمد بفطنة العارف أن يدخل ما أراده في رواية (شرف) كما ذهب إليه مقصد استاذ النقد العربي الحديث الدكتور محمد غنيمي هلال (إذا لا يسوق الرواي أفكاره وقضاياه العامة منفصلة عن محيطها الحيوي، بل ممثلة في الأشخاص الذين يعيشون في مجتمع ما، وإلا كانت دعاية، وفقدت بذلك أثرها الاجتماعي وقيمتها الفنية معا[4]).

القسم الثالث:

أما القسم الثالث من الرواية فهو مواصلة ما يحدث وراء الحيطان المتراصة، وما بينها. حيث ينتخب (شرف) لمتابعة أحد أدعياء الدين، ونتيجة لتعاونه مع الضابط السابق للسجن (كمرشد) يتغير مكانه من مجاورة دلو البول حيث كان إلى زنزانة أخرى تجمعه مع ناس أكثر خطورة من المجرمين السابقين، وتبدأ معه مشاوير لم تخطر على باله، وبعد عن خطابات العارف العليم الدكتور(رمزي): (هل تعرفون أن 60 بالمئة من ثمن الدواء في مصر يذهب إلى الموزع والمستورد، وأن الدواء الذي تدفعون فيه ثلاثة جنيهات ستدفعون فيه عشرين بعد تطبيق الجات، وهل تعرفون بأن 55 بالمئة من الأطفال مرضى بأكبادهم وأن عدة أفراد لا وطن لهم ولا ضمير كدسوا ثروات بالملايين من أجل استيراد الأطعمة الفاسدة ورش المبيدات. هل تعرفون أنهم يبيعون السرطان لعشرين مليون طفل.. اشربوا هذا بطعم البرتقال، وكلوا هذا بطعم الفراولة، الحسوا هذا بطعم الأناناس والشكولاته والملح والخل والكاري والكباب والخراء.. مياه غازية وكولا ملونة وشكولاته وحلوى وأعصرة ومربات وغزل بنات عبارة عن مكسبات طعم ورائحة ولون أي أمراض تدوخ أطفالكم طوال العمر إلى أن يقصفه السرطان بعد أن يصابوا بالفشل الكلوي من جراء المياه الملوثة أو الطرش أو الغباء بسبب التعرض للرصاص المنبعث السيارات أو يرحمهم الرحيم فيقعوا في بالوعة مجاري أو تدهمهم سيارة- الرواية 478)، واستبدلت بنصائح السفاح (ليس هناك أسرار في السجن).. شيئا فشيئا يستدرج إلى حمل ما يحملون مقابل عدة سكائر، ويرى بأم عينه كيفية أولئك العتاة في الإدمان يأخذون ما أدمنوا عليه. وتنتهي الرواية حين يقترب (سالم)، محاولا الاقناع وتبرير السلوك الشائن.. ليبدأ أول الهبوط، حيث لم يعد للشرف الذي يحمله شرف من معنى..

رواية أعطت معلومات ودونت تاريخاً لن يعبره الزمن الحاكم مهما حاول الطمس، ومهما ابتكر من عوارض وكوارث، إذ تكللت بالنصر كونها تأخذ من إنسانية الإنسان كل الوقت والمال، لتعطي رأسمالا قيما في كيفية انتصار الحكومات على محكوميها، وليس على غيرهم.. خاصة المحكومات الغنية بالثروات، والموقع الاستراتجي..

__________________





قمة آلحزن !
عندمآ تجبرُ نفسّك على ڪره شخص ..
كآنَ يعني لك آلعالم بِآگملہ ؤآلأصعب منـہ !
عِندمآـآ تتصنّع آلڪره .. و بِدآخلڪ حنيين وحب
[ گبير لہ
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 16-08-2015, 06:59 PM
! إنسان والقلم ! إنسان والقلم غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مكان الإقامة: بين طيات الاوراق ، وفي الغربة أسيح
الجنس :
المشاركات: 399
افتراضي رد: أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها

الواقع المرعب في رواية شرف
رواية : صنع الله ابراهيم
قراءة : محمدالأحمد
رواية (شرف ) إحدى العلامات الروائية الجريئة التي أضافها الروائي المصري (صنع الله ابراهيم)، الى المكتبة الروائية العربية. اتسمت بموضوعية جلية اعطت هويتها لاجل ان يبقى الكاتب الملتزم مزاحما احقية الرواية على الراوي ذاته... بكل تاريخه الشخصي، وسلوكه. فتكون الكتابة هي الحقيقة التاريخية الوحيدة التي لا تقبل التزوير، من بعد ان (انتزعت القلة المستغلة منا الروح، الواقع مرعب، وفي ظل هذا الواقع لا يستطيع الكاتب ان يغمض عينيه او يصمت، لا يستطيع ان يتخلى عن مسؤوليته لن اطالبكم باصدار بيان يستنكر ويشجب فلم يعد هذا يجدي لن اطالبكم بشيء فانتم ادرى مني بما يجب عمله، كل ما استطيع هو ان اشكر مرة اخرى اساتذتي الاجلاء الذين شرفوني باختياري للجائزة واعلن اعتذاري عن عدم قبولها لانها صادرة عن حكومة لا تملك فينظري مصداقية منحها وشكراً ).
الكتابة هي الثبات في المواقف لان مبدعها العبقريارتضى ان يكون فاضحا لكل خلل بشري كالانتهاك والاستغلال، والظلم... يخطها الاديب الواعي لذاته في حركة التاريخ، وعمق نظرته المحايدة، ليكون الدرس المتكامل الذي يجعل البشرية تتخطى اخطائها، وكوارثها الاستنزافية للأقتصاد والعقل.

لمع اسم (صنع الله ابراهيم) بعطاء تواصل بالواقعية الموضوعية. فروايات مثل رواية (تلكالرائحة)، رواية (اللجنة)، رواية (نجمة اغسطس)، رواية (بيروت.. بيروت)، رواية (وردة)، ورواية (ذات).. كل منهما جعلها تعطي القاريء كشفاً دقيقاً لما حوله من انتهكات بالغة من الصعب عبورها، وهو يسلط عليها الضوء كاحد عباقرة الفن الروائيا لعالمي.. بكل عصوره، ومدارسه.. بقيت الرواية الحقيقية عصية الكتابة لن تحقق ذاتها الا باضافة جديدة جادة... كالذي نقرأهُ في (شرف) حيث لبنة اخرى في الجراة، وموضوعا جديداً فاضحا لكل العيوب المخفية تحت اسم القانون، وطائلته.. خاصة مشرعيه وسدنته. فالواقع اكثر بشاعة من الخيال، وما جرى ابلغ حدة، واشمل اتساعاً (لقد انحدرت الواقعية في مستوياتها الدنيا الى صحافة، الى اطروحات، الى وصف علمي- وباختصار الىلا فن. اما في المستويات العليا فقد تجاوزت على ايدي اعظم كتابها امثال بلزاك،وديكنز، ودستوفسكي، وتولستوي، وهنري جيمس، وابسن، وحتى زولا، حدود نظرياتها، وخلقت عوالم من صنع الخيال، ونظرية الواقعية هي في نهاية المطاف استطيقيا سيئة لان كل الفنون خلق، وهي عالم بذاتها قوامه الايهام والاشكال الرمزية- رينه ويليك )، فبقيت الواقعية التي انتهجها المبدع الراوي عبر سلسلة حقائق، اعطه الشروع نحو جديد لم يكن نهج احد غيره.


المصدر: الانترنت
__________________





قمة آلحزن !
عندمآ تجبرُ نفسّك على ڪره شخص ..
كآنَ يعني لك آلعالم بِآگملہ ؤآلأصعب منـہ !
عِندمآـآ تتصنّع آلڪره .. و بِدآخلڪ حنيين وحب
[ گبير لہ
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 16-08-2015, 07:00 PM
! إنسان والقلم ! إنسان والقلم غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مكان الإقامة: بين طيات الاوراق ، وفي الغربة أسيح
الجنس :
المشاركات: 399
افتراضي رد: أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها

صنع الله إبراهيم



(مواليد القاهرة 1937) روائيمصرى يميل إلى الفكر اليسارى ومن الكتاب المثيرين للجدل وخصوصاً بعد رفضه استلام جائزة الرواية العربية عام 2003 والتي يمنحها المجلس الأعلى للثقافة.


- سُجن أكثر من خمس سنوات من 1959 إلى 1964 وذلك في سياق حملة شنّها جمال عبد الناصر ضدّ اليسار.


تتميز أعمال صنع الله إبراهيم الأدبية بصلتها الوثيقة التشابك مع سيرته من جهة، ومع تاريخ مصر السياسي من جهة أخرى. من أشهر روايات صنع الله إبراهيم رواية "اللجنة" التي نشرت عام 1981، وهي هجاء ساخر لسياسة الانفتاح التي أنتُهجت في عهد السادات. صوّر صنع الله إبراهيم أيضاً الحرب الأهلية اللبنانية في روايته "بيروت بيروت" الصادرة سنة 1984.


حصل صنع الله إبراهيم على جائزة ابن رشد للفكر الحر عام 2004.



رواياته
  • اللجنة
  • نجمة أغسطس
  • بيروت بيروت
  • ذات
  • شرف
  • وردة
  • أمريكانلي
  • التلصص
  • العمامة والقبعة
  • الجليد
قصصه القصيرة
  • تلك الرائحة
بالإضافة إلى سيرته الذاتية مذكرات سجن الواحات.



==

صنع الله إبراهيم

المصدر : مدون شاعر البيداء

هل هناك من يجهله ، صفعة على وجه النظام الفاسد ، رواياته أشبه بدش ماء بارد في ليل الشتاء القارص يجعلك تنتبه منتفضا ، أو أشبه بطلقات موجهة في مقتل لنظام فاسد

أعمالهجديرة بالاحترام ومواقفه أشد احتراما ، موقف بطولي سجله باعتذاره عن قبول جائزالدولة قائلا : ببساطة أعتذرعن عدم قبولها لأنها صادرة عن حكومة لا تملك –في نظري- مصداقية منحها.

ورفض من قبل جائزة من الجامعة الأمريكية،أعماله قليلة ولكنها درر تضيء سماء الرواية العربية بدءا من اللجنة وانتهاءبأمريكانلي مرورا بشرف ، وذات وتلك الرائحة ، لروايته طعم خاص ومذاق تشتم منه رائحةصنع الله إبراهيم فورا حتى لو لم يكن اسمه موجودا على الكتاب ، تبهرك ثقافتهواطلاعه ومتابعته الذكية للأحداث ويبهرك أكثر أسلوبه الفني الرائع في السرد ومزجالأحداث السياسية بقالب روائي فني شيق ، لا يمكنك ان تمل وأنت تقرا له ولا يمكنك أنتبدأ في كتاب لصنع الله إبراهيم وتدعه من يدك قبل أن تكمل قراءته للنهاية : هذا هونص الكلمة التي ألقاها في ختام مؤتمر الرواية والمدينة .

الكلمة التي ألقاها الروائي صنع الله إبراهيم في ختام "مؤتمر الرواية والمدينة"

لست قادرا على مجاراة الدكتور جابر في قدرته على الارتجال ولهذا فقدسطرت بسرعة كلمة قصيرة أعبر فيها عن مشاعري. وصدقوني إذا قلت أني لم أتوقع أبدا هذاالتكريم. كما أني لم أسع يوما للحصول عليه. فهناك من هم أجدر مني به. بعضهم لم يعدبيننا، مثل غالب هلسا الأردني وعبد الحكيم قاسم المصري ومطيع دماج اليمني وعبدالعزيز مشري السعودي وهاني الراهب السوري… والبعض الآخر ما زال يمتعنا بإبداعه مثلالطاهر وطار وإدوارد الخراط وإبراهيم الكوني ومحمد البساطي وسحر خليفة وبهاء طاهرورضوى عاشور وحنا مينه وجمال غيطاني وأهداف سويف وإلياس خوري وإبراهيم أصلان وجميلعطية وخيري شلبي وفؤاد التكرلي وخيري الذهبي وكثيرينغيرهم.

لقد جرى اختياري من قبل أساتذة أجلاء ورواد للإبداع يمثلون الأمة التيأصبح حاضرها ومستقبلها في مهب الريح، وعلى رأسهم أستاذي محمود أمين العالم الذيزاملته في السجن وتعلمت على يديه وأيدي رفاقه قيم الوطنية الحقة والعدالةوالتقدم.

وهذا الاختيار يثبت أن العمل الجاد المثابر يجد التقدير المناسب دونماحاجة إلى علاقات عامة أو تنازلات مبدئية أو مداهنة للمؤسسة الرسمية التي حرصـتُدائما على الابتعاد عنها. على أن لهذا الاختيار قيمة أخرى هامة. فهو يمثل تقويمالنهج في الإبداع اشتبك دائما مع الهموم الآنية للفرد والوطن والأمة. إنه قدر الكاتبالعربي. فليس بوسعه أن يتجاهل ما يجري من حوله وأن يغض الطرف عن المهانة التي تتعرضلها الأمة من المحيط إلى الخليج، عن القهر والفساد، عن العربية الإسرائيليةوالاحتلال الأمريكي، والتواطؤ المزري للأنظمة والحكومات العربية في كل مايحدث.

في هذه اللحظة التي نجتمع فيها هنا تجتاح القوات الإسرائيلية ما تبقى منالأراضي الفلسطينية وتقتل النساء الحوامل والأطفال وتشرد الآلاف وتنفذ بدقة ومنهجيةواضحة خطة لإبادة الشعب الفلسطيني وتهجيره منأرضه.

لكن العواصم العربية تستقبل زعماء إسرائيل بالأحضان، وعلى بعد خطواتأخرى يحتل السفير الأمريكي حيا بأكمله بينما ينتشر جنوده في كل ركن من أركان الوطنالذي كان عربيا. ولا يراودني شك في أن كل مصري هنا يدرك حجم الكارثة المحيقةبوطننا، وهي لا تقتصر على التهديد العسكري الإسرائيلي الفعلي لحدودنا الشرقية ولاعلى الإملاءات الأمريكية وعلى العجز الذي يتبدى في سياسة حكومتنا الخارجية إنماتمتد إلى كل مناحي حياتنا. لم يعد لدينا مسرح أو سينما أو بحث علمي أو تعليم… لدينافقط مهرجانات ومؤتمرات… وصندوق أكاذيب… لم تعد لدينا صناعة أو زراعة أو صحة أو عدلتفشى الفساد والنهب ومن يعترض يتعرض للامتهان والضرب والتعذيب… انتزعت القِلةالمستغِلة منا الروح… الواقع مرعب. وفي ظل هذا الواقع لا يستطيع الكاتب أن يغمضعينيه أو يصمت. لا يستطيع أن يتخلى عن مسؤوليته. لن أطالبكم بإصدار بيان يستنكرويشجب، فلم يعد هذا يجدي، لن أطالبكم بشيء. فأنتم أدرى مني بما يجبعمله.

كل ما أستطيع هو أن أشكر مرة أخرى أساتذتي الأجلاء الذين شرفونيباختياري للجائزة وأعلن اعتذاري عن عدم قبولها لأنها صادرة عن حكومة لا تملك –فينظري- مصداقية منحها وشكرا.
الإخوة الأعزاء من تابعالموضوع أشكركم على التفاعل

الصديق توت : ربما كان هذا سر تألقه وهو الرصدالذكي لأحوال المجتمع وصياغتها فنيا في قالب روائي لا يشعرك بالملل وليس كمقالاتالصحف مثلا

الأخ حسن ، مقال يوضح فعلا كيف يفكر هذا الرجل ويلقي الضوء على مصداقيته

الأخ الإحساس بالألم :صدقت يا صديقي ولعل ما يرفع من قيمته ورصيده لدىالمثقفين أنه ترك الجائزة لا استغناء عنها بماله بل هو أحوج إليها من غيره هل تعلمقيمة هذه الجائزة التي رفضها إنها تبلغ مائة ألف جنيه وهو ليس ثريا لهذه الدرجةكباقي الكتاب بل هو يقيم في شقة في الدور السابع في عمارة ليس بها مصعد ودخله محدودمن بعض المقالات في الصحف وبعض الترجمات وتمارس زوجته العمل للمساعدة فيالإنفاق.

والآن نعرض لبعض أعماله :

لصنع الله إبراهيم ثماني روايات منشورة أول تلك الروايات هي تلك الرائحةالتي كتبها عام 1966 بعد خروجه من المعتقل أيام جمال عبد الناصر تحكي تجربته فيالسجن وبعد خروجه وقد صودرت تلك الرواية ومنع نشرها ولم تنشر كاملة إلا عام 1986

وبوصفه مؤرخا كما قال توت فقد رصد الحرب الأهلية في لبنان في روايتهبيروت بيروت التي نشرها عام 1984

وله أيضا ذات واللجنة ونجمة أغسطس ومن أهمأعماله شرف ، وهذه سأتوقف عندها قليلا لأنني قرأتها أكثر من خمس مرات لم أملمنها

شرف تناقش سلبيات عصر الانفتاح وما جره على مصر من ويلات في عهد الساداتمن خلال شاب يدخل السجن ويرصد ببراعة ما يدور في السجون بكل تفصيلاته القبيح منهاوالحسن ويقول هو معبرا عن رصد القبح في رواياته : (ألا يتطلب الأمر قليلا من القبح للتعبيرعن القبحالمتمثل فيسلوك فزيولوجي من قبيل ضرب شخص أعزل حتي الموت ووضع منفاخ في شرجه، وسلككهربائي فيفتحته التناسلية؟ وكل ذلك لأنه عبٌرعن رأي مخالف أو دافع عن حريته أوهويته الوطنية؟ولماذا يتعين علينا عندما نكتب ألا نتحدث إلا عن جمال الزهور وروعةعبقها، بينماالخراء يملأالشوارع ومياه الصرف الملوثة تغطي الأرض، والجميعيشمٌون لرائحةالنتنة ويتشكون منها؟) وقد تساءلت وقتها عندما قرأتها للمرةالأولى كيف له أن يلم بهذه التفاصيل الدقيقة عن عالم السجون وتوقعت أنه لا ريب دخلالسجن ثم دفعني إعجابي به للقراءة عنه وعرفت أنه دخل السجن مع سائر المثقفين فيالسابعة والعشرين من عمره وظل في السجن خمس سنوات ، ومن خلال وجوده في السجن يرصدلتفاعل المساجين مع بعضهم من إخوان ومعتقلين سياسيين وتجار مخدرات وأصحاب الأموالالباهظة الذين حولوا السجن إلى فندق خاص بهم ، ويقرر المساجين عمل مسرحية يقومبكتابتها لهم دكتور معتقل سياسي معهم في السجن تمثل عهد السادات وهو أجمل جزء فيالرواية مشهد محاكمة السادات عن جرائمه.
__________________





قمة آلحزن !
عندمآ تجبرُ نفسّك على ڪره شخص ..
كآنَ يعني لك آلعالم بِآگملہ ؤآلأصعب منـہ !
عِندمآـآ تتصنّع آلڪره .. و بِدآخلڪ حنيين وحب
[ گبير لہ

التعديل الأخير تم بواسطة أبــو أحمد ; 17-08-2015 الساعة 06:21 PM.
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 16-08-2015, 07:00 PM
! إنسان والقلم ! إنسان والقلم غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مكان الإقامة: بين طيات الاوراق ، وفي الغربة أسيح
الجنس :
المشاركات: 399
افتراضي رد: أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها


كاتب روائي وقصة قصيرة ومسرحي


٣ أيار (مايو) ٢٠٠٥





تمثل سيرة صنع الله إبراهيم بصورة نموذجية إلي حدٌ ما، حياة عدد كبير من المثقفين العرب الذين ينتمون إلي ما يدعي جيل الستينيات، كما كان يسمي آنذاك الكتاب الصاعدون جيل ما بعد نجيب محفوظ . فقد بدؤوا في أعوام الستينيات يكتبون وينشرون، وقد سيٌسوا جميعا بشدٌة من خلال تنشئتهم في شبابهم.


ولد صنع الله إبراهيم في القاهرة سنة 1937، أي في زمن كانت فيه مصر مستقلة من الناحية النظرية، ولكن القوات البريطانية ظلت تحتل منطقة قناة السويس طوال عشرين سنة أخرى


لقد عايش كشابٌ وككثير من أبناء جيله¬ مرحلة النهضة التي أعقبت الاستعمار وآمال الديمقراطية والعدالة الاجتماعية عميقة. في تلك السنوات بدأ صنع الله إبراهيم دراسة الحقوق، ولكنه ما لبث أن انصرف إلي الصحافة والسياسة.


لقد كانت تلك السنوات سنوات القومية العربية وسياسة الاشتراكية العربية، ولكن الحكومة كانت لا تسمح بتوجيه أي نقد إليها. وبسبب عضويته في حزب شيوعي منشقٌ سجن صنع الله إبراهيم عدٌة مرات لفترة قصيرة، إلي أن سجن خمس سنوات ونصف السنة، من 1959 إلي 1964، وذلك في سياق حملة شنٌها جمال عبد الناصر ضدٌ الشيوعيين والماركسيين .


وإلى فترة الاعتقال هذه ترجع الصداقة التي نشأت بين صنع الله إبراهيم وبين الكتاب كمال القلش و رؤوف مسعد وعبد الحكيم قاسم، وكذلك مع الصديق شهدي عطية الشافعي الذي مات تحت التعذيب.


وبعد تسريحه من السجن اشتغل صنع الله إبراهيم في البداية صحفيا لدي وكالة الأنباء المصرية (مينا) عام 1967، وفي برلين الشرقية لدي وكالة الأنباء الألمانية (أ.د.ن) التابعة لجمهورية ألمانيا الديمقراطية سابقا من 1968 إلي 1971. وتلت ذلك إقامة في موسكو لمدٌة ثلاث سنوات، اشتغل خلالها على فنٌ الفيلم، وذلك ضمن دراسة علم التصوير السينمائي، ليحزم أمره بوضوح لصالح الكلمة المكتوبة. وبعد عودته عام 1974 إلي القاهرة في عهد السادات، عمل صنع الله إبراهيم لدي دار نشر، قبل أن يتخذ في عام 1975 قراره بأن ينذر نفسه للكتابة بصفته كاتبا حرٌا.


نشر صنع الله إبراهيم حتي اليوم ثماني روايات هامٌة، وقصصا قصيرة، والعديد من الروايات البيئية الموجهة إلي الشبيبة كشكل من أشكال توصيل المعرفة، وعدٌة رسومات قصصية ملتزمة. وفي مقالته الذكية المنشورة ضمن الكتاب المصوٌر القاهرة من الحافة إلي الحافة (1999) برهن صنع الله إبراهيم بطريقة أخري علي قدراته كمحلل مستفزٌ وثاقب النظر للأوضاع السياسية والاجتماعية، مثلا عندما أثبت أن الرجل العربي هو في الحقيقة من يرتدي الحجاب، وأنه غير قادر علي أن يتكيف مع خسارة موقعه المهيمن، ومع التحول الاجتماعي السريع. إن هذا الكتاب، الذي يربط فيه صنع الله إبراهيم طوبوغرافيته الشخصية بالجوانب العامة لتاريخ المدينة، هو إعلان حبٌ مرير لمدينته القاهرة.


ومع أنٌ الأعوام التي قضاها في السجن، وهو في الثانية والعشرين إلى السابعة والعشرين من العمر، ومارافقها من تعذيب وأشغال شاقة، قد شكٌلت تجربة تراوماتية بالنسبة إليه، فإن صنع الله إبراهيم نجح في أن ينظر إلي ذلك الزمن نظرة إيجابية، وقد وصفه ذات مرٌة ب جامعته:


من نزلاء السجن الآخرين، كالكاتب المصري المعروف محمود أمين العالم، ورفقاء آخرين، تعلمت المعني الحقيقي للعدالة والتقدٌم وحبٌ بلادي. وفي المعتقل اتخذ صنع الله إبراهيم قرارا بأن يصبح كاتبا. إن روايته الأولي تلك الرائحة الصادرة عام 1966، والتي تعالج تجربة الاعتقال والأيام الأولي التي أعقبته، قد وضعت معايير لمجمل أعمال صنع الله إبراهيم اللاحقة


من أعماله


تلك الرائحة عام 1966 روايته الأولى التي نشرت غير كاملة التي تصف تجربته في السجن والفترة بعد خروجه مباشرة حددت اتجاه نشاطه الأدبي الكامل بعد ذلك. تم مصادرة رواية " تلك الرائحة " من سنة 1966 حتى 1986 حيث تم نشرها لأول مرة بكامل نصوصها الأصلية.
إنسان السد العالي ـ القاهرة عام 1967 بالاشتراك مع كمال القلشة ورؤوف مسعد
حدود حرية التعبير ـ دراسة عام 1973



رواية نجمة أغسطس عام 1974


الدلفين يأتي عند الغروب ـ رواية عام 1983
رواية اللجنة عام 1981
رواية " يوم عادت المملكة القديمة " عام 1982 وقد نالت جائزة أحسن رواية لعام 1982 من المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم .
اليرقات في دائرة مستمرة عام 1982
عندما جلست العنكبوت تنتظر ـ عام 1982
زعنفة الظهر يقابل الفك المفترس ـ عام 1982
الحياة والموت في بحر ملون ـ عام 1983
رواية ذات عام 1992 في القاهرة
رواية بيروت الصادرة عام 1984
كمؤرخ لزمنه طرح صنع الله إبراهيم موضوع الحرب الأهلية في لبنان
رواية شرف الصادرة سنة 1997.
رواية وردة الصادرة عام 2000 وفيها يعالج تجربة جبهة التحرير في سلطنة عُمان أوئل السبعينات
رواية أمريكانلي الصادرة عام 2003
أحدث رواياته هي "أمريكانلي"(2003) التي يمكن أن تقرأ " أمري كان لي"وتسجل تجربة أستاذ تاريخ مصري في جامعة أمريكية وتعرض لتاريخ كل من البلدين.


==

كيف إذن كان السجن عنصر بناء في أعمالك الروائية وكيف استطعت ان تجعله كذلك؟

ـ أنا كنت سجينا سياسيا وهناك فرق بين السجين السياسي وغيره من السجناء، ونحن لدينا تراث في التعامل مع السجن ولم ندعه ينتصر علينا، لذا كنا نقرأ ونكتب وندرس ونتفهم ونستمع إلى زملائنا من الكتاب الكبار الذين سجنوا معنا. اضف الى ذلك شيئا آخر مهما وهو شخصية السجين الذي قد يكون مبدعا مثلي، فانه في هذه الحالة يحول هذا السجن والقيد الى عنصر مهم في ابداعه، وأنا مدين لفترة السجن بالتعرف على عوالم عديدة وثرية وشخصيات مهمة ووفية، مررت بتجارب حادة جدا ساعدتني كثيرا في الكتابة الابداعية. نحن موجودون في سجن كبير ومهم ان نأخذ من السجن الصغير وسائل مقاومة حقيقية وفاعلة للتغلب على السجن الكبير ورفضنا للسجن الصغير لا بد أن يكون امتدادا له رفضنا للسجن الكبير.
__________________





قمة آلحزن !
عندمآ تجبرُ نفسّك على ڪره شخص ..
كآنَ يعني لك آلعالم بِآگملہ ؤآلأصعب منـہ !
عِندمآـآ تتصنّع آلڪره .. و بِدآخلڪ حنيين وحب
[ گبير لہ
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 16-08-2015, 07:04 PM
! إنسان والقلم ! إنسان والقلم غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مكان الإقامة: بين طيات الاوراق ، وفي الغربة أسيح
الجنس :
المشاركات: 399
افتراضي رد: أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها

فوز صنع الله ابراهيم بجائزة بن رشد للفكر الحر

وقد تسابقت أجهزة الإعلام العربية والأوروبية في إجراء مقابلات مع الروائي صنع الله إبراهيم طيلة إقامته في برلين.

وقالت المؤسسة في خطاب التكريم : إنّ مؤسسة ابن رشد للفكرالحر تقدم للمرة السادسة جائزتها في برلين ونالها هذه السنة السيد صنع الله إبراهيم الذي كرس حياته بجرأة ودون حلول وسط سواءً في كتاباته الأدبية أوفي تصرفاته للوصول إلى الحق وحرية الرأي والديموقراطية في الدول العربية. وقع الاختيار عليه من قبل هيئة تحكيم مستقلة تكونت من خمسة أعضاء من أشهر المثقفين وأساتذة الأدب العربي.

روايته الأولى التي نشرت غير كاملة عام 1966 تحت عنوان " تلك الرائحة " التي تصف تجربته في السجن والفترة بعد خروجه مباشرة حددت اتجاه نشاطه الأدبي الكامل بعد ذلك. تم مصادرة رواية " تلك الرائحة " من سنة 1966 حتى 1986حيث تم نشرها لأول مرة بكامل نصوصها الأصلية.

وكمؤرخ لزمنه طرح صنع الله إبراهيم موضوع الحرب الأهلية في لبنان في كتابه "بيروت بيروت" (1984) وفي كتابه "وردة " (2000) يعالج تجربة جبهة التحرير في سلطنة عُمان أوئل السبعينات. أحدث رواياته هي "أمريكانلي"(2003) التي يمكن أن تقرأ " أمري كان لي"وتسجل تجربة أستاذ تاريخ مصري في جامعة أمريكية وتعرض لتاريخ كل من البلدين.

صنع الله إبراهيم رصد تطوره الفكري من خلال ملاحظات كان يكتبها على ورق السجائر في السجن علي مدى سنوات ووضّح مفهوم الالتزام عند كتّاب عالميين كما وضّح تطور هذا المفهوم لديه شخصياً.ً

قضى الكاتب صنع الله إبراهيم خمسة سنوات ونصف في السجن من 1959 إلى 1964 عقب السجن الجماعي للمثقفين في مصر في الستينات.

وذكر صنع الله إبراهيم في خطابه: " كنت أنمو بسرعة. قالوا إن السجن مدرسة للثوار ولدي شكوك بالنسبة لصحة هذه العبارة .لكني متأكد من أن السجن مدرسة هامة للكاتب . ففيه يحتك بشخصيات ومواقف متباينة ويتعرف علي كتابات متنوعة ويثري معارفه بمناقشات لأفكار مختلفة وبملاحظات عن السلوك الإنساني ومحاولات لفهم دوافعها. الوقت في السجن طويل طويل يتيح للكاتب أن يفكر ويتساءل ويشك ويقترب من الضعف الإنساني ويصبح هو نفسه أكثر إنسانية."

وتابع في مكان آخر من خطابه: " وبينما يباد الشعب الفلسطيني على رؤوس الأشهاد، وتضع الإمبراطورية الأمريكية يدها علي بترول العراق وتستعد للسيطرة علي بترول إيران، ويُصنع من الإسلام غولا يستخدمه رأسماليو أوروبا في التغطية على استغلالهم لمواطنيهم ، وتوضع القوانين الفاشية باسم محاربة العداء للسامية. .. بينما كل هذا يجري يتحدث المثقفون" الليبراليون" عن الحكمة والسلام والتسامح والحوار وحب الآخر والتجديد الديني."

فجّر إبراهيم ضجة كبيرة عندما رفض قبول " جائزة الرواية العربية سنة 2003 المقدمة من وزارة الثقافة المصرية، وقال في خطابه : "إن هذه الجائزة مقدّمة من حكومة لا تملك –في نظري- مصداقية منحها".

خلال أعماله نادى صنع الله إبراهيم بالاحتفاظ بالضمير الناقد لكي نرى منخلاله ونفهم العلاقات السياسية المعقّدة. رواياته تُشجع قارئيها على المقاومة، لا على تحمل الوضع المزري.

وقالت الأستاذة ألريكِ شتيلي فيربِكْ في خطاب التكريم: على الرغم من الأضرار التي أصابته والمعاداة التي واجهتهكا نصنع الله إبراهيم مخلصاً لمثله العليا وهي البحث عن الحقيقة. صنع الله إبراهيم منوّرٌ منذرٌ لا يكل ولا يتعب - هو ضمير الأمة الجسور. هذه الجرأة في البحث عن الحقيقة والمعرفة تربط صنع الله إبراهيم بابن رشد وأنه مثله لا يخاف من أي جدل مع الغريب أوبالأحرى من التفكير الغريب . وجائزة ابن رشد تُمنح اليوم لشخص وضع بكتاباته وأعماله علامات واضحة ترمزللوقوف ضدأي نوع من الوصاية والكذب والتعسف والعنف وانتهاك حقوق الإنسان.

أصبح اسم صنع الله إبراهيم يرمز إلى الفكر الحر وكرامة الإنسان.

ومؤسسة ابن رشد للفكر الحر ومركزها في برلين / ألمانيا ومعظم أعضائها من العرب في الوطن العربي والمهجر تمنح جائزتها السنوية لإحدى الشخصيات العربية التي تساهم في مجالها في دعم قيم الحرية والديمقراطية في البلاد العربية. وتم حتى الآنمنح جائزة ابن رشد للفكر الحر لكلٍ من: قناة الجزيرة الفضائية، السيد عصام عبدالهادي، الأستاذ محمود أمين العالم، السيد د. عزمي بشارة، الأستاذ محمد أركون والأستاذ صنع الله إبراهيم.

__________________





قمة آلحزن !
عندمآ تجبرُ نفسّك على ڪره شخص ..
كآنَ يعني لك آلعالم بِآگملہ ؤآلأصعب منـہ !
عِندمآـآ تتصنّع آلڪره .. و بِدآخلڪ حنيين وحب
[ گبير لہ
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 16-08-2015, 07:04 PM
! إنسان والقلم ! إنسان والقلم غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مكان الإقامة: بين طيات الاوراق ، وفي الغربة أسيح
الجنس :
المشاركات: 399
افتراضي رد: أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها

صنع الله إبراهيم
الطاهر وطار يكتب عن صنع الله إبراهيم:


تلصص عن التلصص


أنهيت رواية صنع الله إبراهيم التلصص في أقل من أسبوع، في قراءة ليلية فقط، أنام وأستيقظ عليها، وعلي غير عادتي لم أقفز علي أية صفحة او فصل أو لوحة، بل كثيرا ما عدت لأتثبت مما قرأت.
عادة ما أجد، المقدمة المنطقية، التي تلحم أجزاء الهيكل الروائي إلي بعضها، والتي تعطي لكل كلمة وجملة وفقرة مشروعيتها، وحصانتها، بصفة خاصة، وتمنعنا من التساؤل عما أورد هذا الخبر، في خضم هذه الأخبار المتلاحمة. ولكن في هذه الرواية، كلما عثرت علي واحدة، أجلت البت فيها خشية أن أجد ثانية غيرها. وعندما انتهيت صباح هذا الجمعة، من كل الرواية، استقر رأيي علي ما عثرت عليه في الصفحات الأولي: ما يراه هذا الولد يستوجب الاهتمام.
ذلك أن هذا الولد، هو الذي رأي في كل رواياته، المجتمع المصري، والتغيرات التي تطرأ عليه، والتطورات التي يعاني عسرها، وهو الذي رأي المجتمع الأمريكي، عاريا.
هو هو في اللجنة وفي نجمة أغسطس، وفي بيروت بيروت، وفي ذات، وفي أمريكانلي.
تلك الأشياء التي تعرفها، والتي صارت روتينية بالنسبة إليك، يلمسها صنع الله، فتثير فيك الغرابة، ولربما تجعلك تبتسم أو تحزن، أو حتي تقهقه، كما جري في خاتمة الرواية، عندما لم تفلح شمس المعارف في إخفاء المتلصص، عن أبيه، عاري المؤخرة، وفاطمة الشغالة، تتبرم من تحته.
إن هذا الولد، هو بصيرتنا المصقولة، فكما عرفنا في ذات مثلا، تفاصيل مجتمع الانفتاح،
نري في التلصص مصر الأربعينات من كل زواياها وجوانبها، من خلال ملحمة والد، فقد زوجته، ولم يفلح في الزواج مرة أخري، قضي عليه القدر، كما في الملاحم الإغريقية، أن لا يفارق ابنه.

جعل صنع الله، من الولد رأس خيط، نسيج العنكبوت، وراح، ينسج عمودا لولبيا تتحرك دوائره وتكبر، كلما تحرك الولد صحبة أبيه، داخل الغرف، وفي العمارة، في الحارة، سواء علي الأقدام من متجر لآخر، ومن مدرسة لأخري أو في الترام.

إنه يري، وإنه ليسمع، وإنه ليجعلنا نتوقع، خاصة عندما يطل من خلال فتحات المفاتيح. وصنع الله في كل أعماله يستعين بشيء من الفلفل الأسود للإثارة ، فلا تغفل عيناه، تفاصيل جسد الأنثي، وأحيانا حتي الذكور.

كما نعرف أخبار أخته نبيلة، نعرف أخبار القصر الملكي وأخبار الأحزاب ، وأخبار فلسطين والحرب العربية الإسرائيلية. كل ذلك يتخله، حضور الأم في منظر أو في خبر، من خلال تذكر ماض، أو بالأصح من خلال ومضات، فيمتزج الماضي والحال والحاضر. نتوهم موتها، أو طلاقها أو أي شيء جعلها تترك المنزل، حتي نعرف في الأخير، أنها في مستشفي المجانين. يقصدها الزوج المحروم بقرطاس التفاح.

بصرامة العنكبوت، يضعنا صنع الله، (وإبراهيم يتميز في كل أعماله، بصرامة الجراح، المنتبه لكل دقائق العملية)، في شبكة روايته، ويفرض علينا هدوءه ووقاره، وخبثه كذلك، خاصة في وصف ضعف الناس وهزائمهم أو حيلهم المكشوفة، وكما لو أنه يتشفي منهم ومنا.

لأول مرة، أصادف عملا ملحميا، انمحي منه الفعل الماضي، وحل محله، مشمرا علي ذراعيه، الفعل المضارع، مستعينا بالاسماء أو بشبه الجملة.

يجعل المضارع، المرء في وضعية من يشاهد حركات كاميرا، علي الشاشة، في مناظر لا تتقطع.

حتي أننا نكاد، نتوهم أنه، صنع الله، يأخذ بأيدينا نحن، ككاتب، بدل الابن الذي يأخذ بيده أبوه.


ولقد تولدت قوة هائلة في جعل السرد، حركة، وليس توهما أو خيالا.
لغة إبراهيم صنع الله كعادتها تتجنب التقاعر، لتكون سلسة، خجولة أمام الصورة أو الحركة، ولكنها معبرة بقوة، عما يراد أن يصلنا، ولقد جعل إبراهيم، كل مفردات المجتمع المصري، المعبرة عن أشاء دخيلة، لا بديل لها في الفصحي، تندمج مع النص، دون أي نشاز.
استعملت عبارة ملحمة، وأكررها دون تردد، فهي
ملحمة فقراء مصر أيامها.
ملحمة الصراع مع سلطة فاسدة.
ملحمة حداثة، تدق الأبواب، بإمكانيات محدودة.
ملحمة الصراع العربي الإسرائيلي.
ملحمة أب شبيه بسيزيف، صخرته هي هذا الولد الذي يحبه في عمقه، والذي لا يمكن أن يفرطفيه.
ملحمة هذا الولد المحكوم عليه بالعيش معظم طفولته مع الكبار.
ملحمة النمو والاكتشاف، الطبيعيين الغريزيين.
هنيئا صديقي إبراهيم

المصدر : مدون منتديات ليلاس .
__________________





قمة آلحزن !
عندمآ تجبرُ نفسّك على ڪره شخص ..
كآنَ يعني لك آلعالم بِآگملہ ؤآلأصعب منـہ !
عِندمآـآ تتصنّع آلڪره .. و بِدآخلڪ حنيين وحب
[ گبير لہ
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 16-08-2015, 07:05 PM
! إنسان والقلم ! إنسان والقلم غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
مكان الإقامة: بين طيات الاوراق ، وفي الغربة أسيح
الجنس :
المشاركات: 399
افتراضي رد: أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها

طفولة صنع الله إبراهيم:
- لم نعثر وللأسف على معلومات تفصيلية عن طفولة صنع الله إبراهيم وطبعا هذا هو حال كل المبدعين العرب تقريبا لا احد يهتم بطفولتهم سواء في الحياة او بعد الممات.
- لكن يمكننا ان نرى بوضوح ما طبيعة تلك الحياة من خلال قصة صنع الله إبراهيم التلصص هذه كما في القراءة أعلاه .
- الرواية تحكي قصة مصر في الأربعينات من كل زواياها وجوانبها، من خلال ملحمة والد، فقد زوجته، ولم يفلح في الزواج مرة أخري، قضي عليه القدر، كما في الملاحم الإغريقية، أن لا يفارق ابنه.
- الكتاب غالبا ما يكتبون تجارهم الذاتية وعليه نفترض ان الولد في الرواية هو صنع الله ابرايهم وعليه نفترض انه كان يتيم الام فعلا او افتراضا من خلال الطلاق او مستشفى المجانين، كما هي الام في الرواية.
- يعتبر الناقد أعلاه أن الرواية ( التلصص ) عملا ملحميا، وهو ما يشير الى ان حياة صنع الله كانت ملحمية فانعكست في اعماله. وما يجعل حياته ملحمية كما يقول الكاتب :
o ملحمة فقراء مصر أيامها.
o ملحمة الصراع مع سلطة فاسدة.
o ملحمة حداثة، تدق الأبواب، بإمكانيات محدودة.
o ملحمة الصراع العربي الإسرائيلي.
o ملحمة أب شبيه بسيزيف، صخرته هي هذا الولد الذي يحبه في عمقه، والذي لا يمكن أن يفرط فيه.
o ملحمة هذا الولد المحكوم عليه بالعيش معظم طفولته مع الكبار.
o ملحمة النمو والاكتشاف، الطبيعيين الغريزيين.
- ومن رواية اخرى نعرف كم كانت حياة السجن قاسية .
- ثم تستمر حياة البؤس.
الخلاصة:
لا نعرف على وجه التحديد ان كان صنع لله قد عانى اليتم في الطفولة ولكننا نعرف انه عاش حياة ازمة.
فهو مأزوم.
__________________





قمة آلحزن !
عندمآ تجبرُ نفسّك على ڪره شخص ..
كآنَ يعني لك آلعالم بِآگملہ ؤآلأصعب منـہ !
عِندمآـآ تتصنّع آلڪره .. و بِدآخلڪ حنيين وحب
[ گبير لہ
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 208.40 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 202.23 كيلو بايت... تم توفير 6.17 كيلو بايت...بمعدل (2.96%)]