لعن الله من ذبح لغير الله - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-08-2020, 05:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي لعن الله من ذبح لغير الله

لعن الله من ذبح لغير الله


أحمد الجوهري عبد الجواد






إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

أحزان قلبي لا تزولْ
حتى أبشر بالقبولْ

وأرى كتابي باليمين
وتقر عيني بالرسولْ


أما بعد فيا أيها الإخوة:
إن نعم الله تعالى علينا لا تعد ولا تحصى، نعم قد نستطيع عد بعضها لكننا لن نستطيع أن نحصيها كلها وقد ذكرنا الله تعالى هذه الحقيقة وسجلها في القرآن الكريم فقال: " ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السموات وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ (إبراهيم: الآيات 32-34) سبحان الله! وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها وتأمل ما ذكر من نعم الله في هذه الآية وما حف بها من المعاني.

فقد عدد الله سبحانه وتعالى عشر نعم تدل على وحدانيته وقدرته وعلمه سبحانه دلالة ظاهرة واضحة، ثم أخبر أنه - عز وجل - أنعم بهذه النعم كلها على الإنسان لأجله هو، وأنه تعالى قد أعطى الناس جميع ما يحتاجون إليه في مصالحهم على حسب حكمته ومشيئته ولكن الناس إلا من رحم الله وعصم لا يقابلون نعمه سبحانه بما تستحقه من شكر لشدة ظلمهم وكثرة جحودهم ولذلك ختم الله تعالى الآيات بقوله: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ أي شديد الظلم لنفسه غافل عن شكر نعم ربه بل جاحد لها ومنكر في بعض الأحيان.

والحقيقة - أيها الإخوة - أننا لو أردنا شكر نعم ربنا جميعها علينا فإننا لن نستطيع لكن الله تعالى يرضى منا بالقليل ويثيبنا عليه الأجر الجزيل، بل مجرد الاعتراف بالعجز عن الشكر شكر في نفسه روى البخاري في صحيحه من حديث أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع مائدته قال: (الحمد لله كثيراً طيباً مباركاً فيه غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا)[1].

ومعناه لك الحمد غير مكفي - أي لم يكفه غيرُه بل هو سبحانه يكفي غيرَه - ولا مودع أي متروك حمده، ولا مستغني عنه ربنا – أي هو الذي يحتاج إليه الخلق[2].

ومن أجمل ما اطلعت عليه ما ورد في الأثر أن داوود عليه السلام قال: يا رب كيف أشكرك وشكري لك نعمة منك علي؟ فقال الله تعالى: " الآن شكرتني يا داود "، وفي خبر آخر: " إذا عرفت أن النعمة مني رضيت منك بذلك شكرا ". [3] أي حين اعترفت بأن التعمة من الله وأقررت بالتقصير عن أداء شكر المنعم سبحانه تكون بذلك قد شكرته، وقد كان التابعى الجليل طلق بن حبيب -رحمه الله- تعالى يقول: إن حق الله أثقل من أن يقوم به العباد وإن نعم الله أكثر من أن يحصيها العباد ولكن أصبحوا تائبين وأمسوا تائبين.

وكان الشافعي يقول: الحمد لله الذي لا يؤدى شكر نعمة من نعمه إلا بنعمة حادثة توجب على مؤديها شكره بها.

وصدق من قال:
لو كل جارحة مني لها لغة
تثنى عليك بما أوليت من حسن

لكان ما زاد شكري إذ شكرت به
إليك أبلغ في الإحسان والمنن


فيارب نشكرك على آلائك ونحمدك على نعمائك ونقر لك بأننا قصرنا في حقك ولا نقدر على مكافأة نعمك إلا أن نعلن أننا تائبون عن معصيتك مقرون بذنوبنا في حقك، اللهم لك الحمد حمداً كثيراً يوافي نعمك ويكافيء مزيدك.

هذه حال المؤمنين مع نعم ربهم - سبحانه وتعالى -، أما المجرمون أما المشركون أما من لا يعرفون الله فإنهم لا يعترفون بنعمه ويجحدون استحقاقه سبحانه للشكر بل استحقاقه أن تنسب إليه النعم كما قال ربنا ﴿ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [فصلت: 9] فهؤلاء ما عرفوا المنعم ولا نعمه شكروا، وبين هؤلاء وهؤلاء قوم مسلمون لكنهم بربهم يشركون - يعرفون نعم الله وأنها منه لكنهم يؤدونها إلى غيره، ويعرفون شكرها لكن لسواه، ومن هؤلاء الذين نراهم يذبحون الذبائح التي خلقها الله - عز وجل - ورباها وتفضل بها يذبحونها لغيره سبحانه من الأولياء والأضرحة والقبور والمشاهد وهذا هو موضوع حديثنا - أيها الإخوة - في هذا اللقاء: الذبح لغير الله تعالى وكما تعودنا سوف أنظم سلك هذا الموضوع في العناصر التالية:
أولاً: وجوب إخلاص العمل كله لله.
ثانياً: لعن الله من ذبح لغير الله.
ثالثاً: أحكام وتنبيهات.

فأعيروني القلوب والأسماع - أيها الإخوة - والله أسأل أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
أولاً: وجوب إخلاص العمل كله لله.
أحبتي في الله:
إن الله تعالى لا يرضى له شريكاً في عمل من الأعمال أبداً فلا يقبل الله من العمل إلا ما كان خالصاً وابتغى به وجهه، بذا أمر العباد وعرفهم قال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5]، وقال عز من قائل: ﴿ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ﴾ [الزمر: 2].

وبهذا علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعرف الناس بما يرضي ربه وما يسخطه فأرشدنا إلى ذلك، عن أمير المؤمِنين أبي حَفْصٍ عمرَ بنِ الخطابِ - رضي الله عنه -، قالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يقُولُ: " إنّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امرِىءٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصيبُهَا، أَوْ امْرَأَةٍ يَنْكَحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَرَ إِلَيْه ".[4] فالله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه - سبحانه وتعالى -، فمن خالف هذا وقَدِم على الله بعمل قد أشرك فيه مع الله غيره فإن عمله حابط غير مقبول وهو مردود عليه كله لا يقبل الله منه شيئاً قال - عز وجل -: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110].

بل خاطب الله الصفوة من أوليائه وخاصةَ أصفيائه المصطفى والأنبياء والمرسلين من قبله. فقال: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الزمر: 65، 66].

وروى الترمذي بسند حسن من حديث أبي سعيد بن أبي فضالة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم القيامة لا ريب فيه نادى مناد: من كان أشرك في عمله لله أحدًا فليطلب ثوابه من عنده فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك ".[5]

وروى ابن ماجه بسند صحيح من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله - عز وجل -: " أنا أغنى الشركاء عن الشرك، فمن عمل لي عملاً أشرك فيه غيري فأنا منه بريء وهو للذي أشرك ".[6]

ومن هنا فلابد أن يكون العامل مخلصاً كل الإخلاص بعيداً عن الشرك كل البعد، ينبغي أن يكون هذا شأن كل مسلم، غير أننا نرى من إخواننا المسلمين من يُلقي بنفسه في أودية الشرك المهلكة بيده حين يذهب فيعمل عملاً هو عبادة لله خالصة لا يصح صرفها لغيره فيصرف هذا الأخ الطيب عبادته تلك لغير الله وذلك في صور شتى، من هذه الصور: صورة ذلك الرجل الذي حمل على سيارته خروفاً سميناً أو بقرة أو جاموسة مليحة وراح بها يذبحها عند قبر ولي الله فلان وفاءً بنذره الذي كان نذره أو شكراً على جميل يحمله في عنقه لصاحب المقام أو عادة لوالده المتوفى لا يريد هو أن يقطعها من بعد وفاته، وما علم هذا المسكين أنه قد أشرك بهذا مع الله - عز وجل -، ذلك لأن الذبح عبادة لا يصح صرفها لغير الله، بل ورد العقاب الشديد والوعيد الأكيد في حق من صرفها لغير العزيز الحميد جل وعلا.

فالذبح والنحر عبادة لله تعالى دلت على ذلك آيات الكتاب الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بل وشهدت بذلك الفطرة السوية النقية التي لم تتلوث بالشرك وتعالوا بنا سريعاً نتعرف إلى ذلك تفصيلاً.

أما آيات الكتاب الكريم والقرآن العظيم فدلت على أن الذبح أو النحر عبادة لله تعالى في غير ما موضع، منها قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ * قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنعام: 162 - 165].

قال الحافظ ابن كثير:
يأمر الله تعالى نبيَّه أن يخبر المشركين الذين يعبدون غير الله ويذبحون لغير اسمه أنه مخالف لهم في ذلك فإن صلاته ونسكه على اسمه وحده لا شريك له، وهذا كقوله تعالى: ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ أي أخلص له صلاتك وذبيحتك فإن المشركين كانوا يعبدون الأصنام ويذبحون لها، فأمره الله تعالى بمخالفتهم والانحراف عما هم فيه، والإقبال والقصد والنية والعزم على الإخلاص لله تعالى فيما هو فيه.

قال مجاهد: النسك: الذبح وعن سعيد بن جبير قال: وَنُسُكِي: وذبحي. [7]

قال العلماء: وانتبهوا - أيها الإخوة - إن قوله سبحانه وتعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي ﴾ [الأنعام: 162]، وقوله ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]، يشمل:
أولاً: ما ذبح تقرباً إلى غير الله من الأولياء وأصحاب المشاهد وغيرها.
ثانياً: ما ذبح للحم وذكر عليه اسمُ غيرِ الله.
ثالثاً: ما قصد بذبحه تعظيم مخلوق ميت أو حي.
رابعاً: ما ذبح استنزالاً للبركة في مكان لم يحدده الشرع أو عند قبر.
خامساً: ما يذبح عند نزول البيوت خوفاً من الجن أن تصيبه أو طلباً لنفع أو دفع ضر من الجن كما يفعله السحرة. [8]

فكل هذا شرك بالله تعالى كما دلت عليه هاتان الآيتان، لأنه ذبح لغير الله.

ودلت أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا الحكم كذلك.

فقد روى مسلم عَنْ أَبِى الطُّفَيْلِ قَالَ قُلْنَا لِعَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ أَخْبِرْنَا بشيء أَسَرَّهُ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا أَسَرَّ إِلَىَّ شَيْئًا كَتَمَهُ النَّاسَ وَلَكِنِّى سَمِعْتُهُ يَقُولُ "لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ الْمَنَارَ".[9]

وفي الأثر الذي أخرجه أحمد وأبو نعيم عن سلمان الفارسي أنه قال: " دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب ". قالوا: وكيف ذلك؟ قال: " مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئاً، فقالوا لأحدهما: قرب، قال: ليس عندي شيء أقرب، قالوا له: قرب ولو ذباباً، فقرب ذباباً فخلوا سبيله، فدخل النار. وقالوا للآخر: قرب، قال: ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله - عز وجل -، فضربوا عنقه، فدخل الجنة".[10]

فهذا رجل قدم شيئاً حقيراً تافها لغير الله تعالى لكنه شرك والشرك عند الله عظيم فأحبط الله عمله وأدخله النار وبئس القرار، وأما من ثبت على توحيده وضحى في سبيله بحياته فكانت له الجنة، إن طريق التوحيد مليء بالعقبات والعراقيل امتحاناً واختباراً فمن انتكس فإنما ينتكس على نفسه ومن ثبت فإنما يغرس شجره بل حدائقه ويزهر ثمره بل ثماره فيطعمه بإذن الله شهيّاً في الجنة وإنما الدنيا صبر ساعة فإن جعلتها طاعة وصبرت انتهت وانقضت فتسعد وتكون في الجنة مع المصطفى صلى الله عليه وسلم خير رفيق
(فحيهلا إن كنت ذا همة فقد
حدا بك حادي الشوق فاطو المراحلا)

(وقل لمنادي حبهم ورضاهم
إذا ما دعا لبيك ألفا كواملا)

(ولا تنظر الأطلال من دونهم فإن
نظرت إلى الأطلال عدن حوائلا)

(ولا تنتظر بالسير رفقة قاعد
ودعه فإن الشوق يكفيك حاملا)

(وخذ منهم زاداً إليهم وسر على
طريق الهدى والحب تصبح واصلا)

(وأحي بذكراهم شراك إذا دنت
ركابك فالذكرى تعيدك عاملا)

(وإما تخافن الكلال فقل لها
أمامك ورد الوصل فابغي المناهلا)

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13-08-2020, 05:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لعن الله من ذبح لغير الله

(وخذ قبساً من نورهم ثم سر به
فنورهم يهديك ليس المشاعلا)

(وحى على وادي الأراك فقل به
عساك تراهم ثَمَّ إن كنت قائلا)

(وإلا ففي نعمان عندي معرف الـ
أحبة فاطلبهم إذا كنت سائلا)

(وإلا ففي جمع بليلته فإن
تفت فمنى يا ويح من كان غافلا)

(وحي على جنات عدن فإنها
منازلك الأولى بها كنت نازلا)

(ولكن سباك الكاشحون لأجل ذا
وقفت على الأطلال تبكي المنازلا)

(وحي على يوم المزيد بجنة الـ
خلود فجد بالنفس إن كنت باذلا)

(فدعها رسوماً دارسات فما بها
مقيل وجاوزها فليست منازلا)

(رسوماً عفت ينتابها الخلق كم بها
قتيل وكم فيها لذا الخلق قاتلا)

(وخذ يمنة عنها على المنهج الذي
عليه سرى وفد الأحبة آهلا)

(وقل ساعدي يا نفس بالصبر ساعة
فعند اللقا ذا الكد يصبح زائلا)

(فما هي إلا ساعة ثم تنقضي
ويصبح ذو الأحزان فرحان جاذلا)[11]

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13-08-2020, 05:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لعن الله من ذبح لغير الله




هذا هو التوحيد الذي يوصل إلى رضا العزيز الحميد وأما بذل الأعمال والعبادات لغير الله فإنها تعود وبالاً على صاحبها وخسراناً في الدنيا قبل الآخرة فلا هو ربح دنياه ولا ربح أخراه فيا لها من خسارة هي الخسران المبين.

والفطرة السوية النقية شاهدة ناطقة بأن الذبح عبادة تختص بخالق السموات والأرض ليست لأحد غيره على الإطلاق، فها هو رجل من الحنفاء عرف الله تعالى حين هدته فطرته السوية النقية وعقله وقلبه الطاهر الصافي إلى التوحيد، وذلك في بيئة مليئة بالشرك والوثنية إنه زيد بن عمرو بن نفيل الذي عاش ومات قبل أن يبعث النبي بالرسالة والذي بحث عن دين الله في الأرض كلها فلم يجده عند اليهود أو عند النصارى ولا في قومه المشركين فعاد أدراجه إلى الكعبة يشهد الله تعالى عندها قائلاً: اللهم إني أشهدك أني حنيفي علي دين إبراهيم الخليل، وفي طوافه بالكعبة كان يرى المشركين يأتون بالذبائح الشياه والأبقار والإبل ليذبحوها أمام الأصنام من دون الله يزعمون - كما نسمع بنفس العبارة من أصحاب القبور والأضرحة اليوم – أنها تقربهم من الله تعالى وتزلفهم إليه وترفع إليه حوائجهم - فيقول الرجل الذي ما تعلم قرآنا ولا سنة ولا اطلع على كتاب أو وحي وإنما فطرته السوية هي التي تنطق بالحق يقول وهو يصرخ فيهم: " يا أهل مكة! الشاة خلقها الله وأنزل لها الماء من السماء وأنبت لها العشب من الأرض، وأنتم تذبحونها لغيره " فكانوا يعرضون عنه ولا يسمعون لقوله فكان يرفع صوته جهيراً ويقول:
أربٌّ واحد أم ألف ربٍّ
أدينُ إذا تقسمت الأمورُ

تركت الّلات والعُزّى جميعاً
كذلك يفعل الرجل البصيرُ

فلا العزى أدينُ ولا ابنَتَيْها
ولا صَنَمَي بني عمرو أزورُ

ولكن أعبد الرحمنَ ربي
ليغفر ذنبيَ الربُّ الغفورُ


وهكذا نطقت فطرته السوية بحرمة ما يصنعون من الذبح والنحر تقرباً لغير الله تعالى الذي خلق وربّى وكبّر وأطعم وسقى وغذى ونفع فماذا يقول من يذبحون مئات الشياه عند قبر ولي أو نبي تقرباً إليه وتزلفاً له من دون الله تعالى؟ وماذا نقول لهم نحن؟

إننا نقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا: " لا إله إلا الله تفلحوا " [12] تلك الكلمة التي صدع بها النبي بين ظهراني المشركين يطالبهم بها ففهموا مراده من ذلك وهم عرب خلص يعرفون ما تحتها من المعاني وما وراءها من الواجبات وما تقتضيه من المقتضيات ومن ضمنها أن يتركوا تلك الأصنام وما يذبحون عندها فلهذا هاجوا وماجوا وأرعدوا وأزبدوا ودقوا طبول الحرب وأوعدوا ضانين على الله تعالى بحقه مدافعين عن الأصنام التي يذبحون لها آلاف النوق عن طيب خاطر ولم لا وهم الذين كانت تقوم فيهم الحرب فتستمر أربعين سنة لأجل ناقة واحدة فليحموا ويدافعوا ما يذبحون له آلاف النوق ولذلك لم يسلموا، هؤلاء الذين حاربهم النبي باللسان والسنان حتى رد بعضهم إلى التوحيد حين عقلوا ورد غيرهم على ظهورهم في النار حين أبوا إلا الكفران، فها نحن نعيد عليكم أيها القبوريون قولة النبي الخالدة: قولوا: " لا إله إلا الله تفلحوا " ومن ضمن ذلك أن تتركوا الذبح عند الأولياء.

ونحذر الذابحين عند القبور والمشاهد الوعيد الشديد الصارم الذي توعدهم إياه الله تعالى على لسان رسوله الكريم ففي الحديث الذي أخرجه مسلم من حديث على بن أبي طالب رضي الله عنه قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات: لعن الله من ذبح لغير الله لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثا، لعن الله من غير منار الأرض " [13]

" لعن الله من ذبح لغير الله " وهذا هو عنصرنا الثاني من عناصر اللقاء، لعن الله من ذبح لغير الله - أيها الإخوة - هذا حكم الذي لا ينطق عن الهوى – صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام يقول: " لعن الله من ذبح لغير الله " وهل تدرون ما هو اللعن؟ اللعن معناه: الطرد من رحمة الله تعالى وهذا بذاته دليل كافٍ على خطورة الذبح لغير الله من الأصنام والأولياء والسادة وآل البيت على نحو ما كان الجاهليون يفعلون، وما يفعله الآن الجاهلون سواء كان المتقرب به كبيراً أو صغيراً عظيماً أو حقيراً.

أيها الإخوة!
قال أهل العلم: إن الله تعالى قال: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2] فأمر نبيه أن يصلي وينحر له حكماً له ولأمته، فكما أنه لو صلى أحد لغير الله كفر؛ فكذلك من نحر أو ذبح لغير الله أيضا يكفر، لأن النحر أو الذبح معطوف على الصلاة وحكم المعطوف حكم المعطوف عليه سواء بسواء.

قال العلامة السعدي - رحمه الله - تعالى:
" نصوص الكتاب والسنة صريحة في الأمر بالذبح لله وإخلاص ذلك لوجهه، كما هي صريحة بذلك في الصلاة، فقد قرن الله الذبح بالصلاة في عدة مواضع من كتابه.

قال: وإذا ثبت أن الذبح لله من أجلِّ العبادات وأكبر الطاعات، فالذبح لغير الله شرك أكبر مخرج عن دائرة الإسلام.

فإن حد الشرك الأكبر وتفسيره الذي يجمع أنواعه وأفراده: (أن يصرف العبد نوعاً من أفراد العبادة لغير الله)..[14]

فالذبح لغير الله - أيها الإخوة - إساءة في حق الله - عز وجل - وهي جريمة شديدة وشنيعة من فاعليها إن لم يتوبوا إلى ربهم ويرجعوا إليه كان مآلهم عنده يوم القيامة أسوأ المآل ومصيرهم بئس المصير، نعوذ بالله من الخذلان.

هذا - أيها الإخوة - هو حكم من ذبح لغير الله وفي الحديث كلمات غير واضحات نلقي عليها في عجالة بعض البيان حتى لا تبقى استفهاماً عند مستفهم:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لعن الله من لعن والديه " اللعن من البشر الإيذاء والسب والشتم فمن سب والديه أو تسبب في ذلك بأن سب أبا رجل فسب أبا الساب فيكون الابن بذلك قد سبهما، وهذا قد حكم عليه النبي صلى الله عليه وسلم باللعن وهذا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم إن من أكبر الكبائر أن يشتم الرجل والديه قيل: وكيف يشتم الرجل والديه يا رسول الله؟ يتعجب الصحابة من رجل يشتم والديه ما يتصورون وقوع هذا أبداً وعندنا في هذه الأيام: من يشتم والديه ويضرب والديه بل ويقتل والديه!!! فرحماك ربي من هذا الكرب العظيم.

قالوا: يا رسول الله وكيف يشتم الرجل والديه؟ قال: " يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه ".[15]

هذا ملعون من رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا عليه الرسول أن يلعنه الله تعالى أيضاً.

ثم قال - صلى الله عليه وسلم -:
" لعن الله من آوى محدثًا " : المحدث هو الذي فعل جرماً يستحق عليه الحد وإيواؤه يعني حمايته يحول بينه وبين إقامة الحد عليه إما بجاهه أو بسلطانه أو بشفاعته الجائرة الظالمة حتى يخلصه مما استحق عليه من العقاب.

وفي بعض الروايات بفتح الدال " لعن الله من آوى محدَثاً " والمحدَث معناه: البدعة، ومعنى آوى المحدَث أي: رضي به. فمن رضي بالبدعة، ولم يُنكرها وهو يقدر فقد آواها، يعني: من رأى البدع وسكت ولم يتكلم في إنكارها والبيان للناس أنها بدع، فقد آواها، يعني حماها بسكوته وتَرْكِه لها، فيكون مستوجباً للعنة، فكيف إذا دعا إليها ودافع عنها - والعياذ بالله -.[16]

فمن رضي بالبدعة ملعون، فاحذر عبد الله أن تشفع في مجرم استحق عقاباً فتمنع بشفاعتك أن ينزل عليه العقاب فضلاً عن الذين يدافعون عنه ويحامون عنه فليحذروا غضب الله وسخطه، واحذر كذلك - عبد الله - من الرضا بالبدعة وحماية المبتدعة والزم طريق السنة وأحب أهلها، أسأل الله أن يجعلنا رفقة نبيه صاحب السنة في الجنة.

ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: " لعن الله من غير منار الأرض ".

والمنار هي العلامات التي تجعل حدّاً فاصلاً بين الجيران أو التي ترشد الناس إلى طريقهم ومواصلاتهم، وأول ذلك علامات الحرم التي تدل عليه وتعرف الناس مناسكهم، فمن غير شيئاً من هذه العلامات والحدود وحولها عن مكانها فهو ملعون مطرود من رحمة الله تعالى فاحذر عبد الله من ذلك ولا تجورن على جارك.

فقد قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم – من اقتطع شبراً من الأرض بغير حق طُوِّقَهُ من سبع أرَضين يوم القيامة " [17]، يا ألله يكلف أن ينقلها على ظهره يحمل ترابها ذرة ذرة فاحذروا عباد الله من هذا، احذروا الذبح لغير الله، احذروا التسبب في لعن الآباء، احذروا إيواء المحدثين والمحدثات، احذروا تغيير منار الأرض احذروا من هؤلاء الأربع.

والشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن هؤلاء الأربع جميعاً وبدأ بأخطرها فجعله في أولها لما أنه جرم كبير ومفسدة عظيمة على عقيدة المسلم ومصيره فحذر من جرمه أولاً فقال: لعن الله من ذبح لغير الله.

ثالثاً: - أيها الإخوة - حتى لا أطيل على حضراتكم: أحكام وتنبيهات:
ونلتقي معها بعد جلسة الاستراحة أسأل الله أن يخلصنا له وألا يجعل في أعمالنا لغيره نصيباً.

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، وأغنى وأقنى، وجعلنا من خير أمة تأمر وتنهى، والصلاة والسلام على خير الورى، وما ضل وما غوى، وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى.

أما بعد، فيا أيها الإخوة!
ثالثا: - أيها الإخوة - أحكام وتنبيهات:
وأول هذه الأحكام: لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله.

أحبتي في الله إن بعض الذين يذبحون عند الأولياء والمشاهد من إذا قلت له: لا تذبح عند هذه المشاهد والمقابر والأضرحة فإن من ذبح لغير الله فقد أشرك يقول لك: ومن قال لك إني أذبح لغير الله إنما أذبح هناك لله وليس لهذا الولي والقبر والضريح وإنما أذبح هناك لله وحده، فإن قلت له: فما هناك وبيتك إلا سواء فاذبح في بيتك يقول لك: أنا أقصد المكان الذي يجتمع فيه أكبر عدد من المساكين والمحتاجين بصنوفهم فأذبح بهذا المكان لأعطيهم، وهذه حجة ربما تروج على بعض الناس ويصدق بها لكن الشرع نظر إلى هذا الأمر من بُعد، نظر إلى زوايا الأمر كله واحتاط لدين الناس بما يعلمه الله من حاضرهم ومستقبلهم ومما يخفى عليهم، فحرم الذبح بالمكان الذي قد يذبح فيه لغير الله ولو كان صاحبنا هذا الذابح يذبح لله.

كما قال الله تعالى لنبيه ينهاه عن الإقامة بمسجد الضرار الذي أقامه المنافقون لا تقم فيه أبدا فهل ذلك لأن النبي كان سيصلي فيه لغير الله؟ قطعاً لا، ولكن لأن ذلك يلبس على الناس دينهم، لأن الشيء أصلاً لغير الله فمنع الله نبيه من الصلاة فيه لأنه ذريعة إلى الشك والريبة: هل هذه مشاركة أو مؤازرة للمنافقين أم لا، فقطع جذور الشك ونهى عن الصلاة فيه، فكذلك نهى الشرع عن الذبح في المكان الذي يذبح فيه لغير الله تعالى، ولو كانت نية الذي يذبح أنه يذبح لله تعالى وهذا ما قاله نبينا المختار صلى الله عليه وسلم فيما روى أبو داود بسند صحيح من حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: نذر رجل أن ينحر إبلاً ببوانة، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم: فقال: " هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ " قالوا: لا قال: " فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ ". قالوا: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم".[18]

فهذا رجل أراد أن يذبح لله فاستأذن النبي فسأله - وهو يعرف أنه موحد سيذبح لله - فسأله هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ هل كان فيها عيد من أعيادهم، يتثبت النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سيذبح في مكان لم يكونوا يذبحون فيها، فلما تيقن من أنه لا يوجد شيء من ذلك قال أوف بنذرك وهذا يدلنا - أيها الإخوة - على شيئين:
الأول: حرمة الذبح لله في مكان يذبح فيه لغير الله.
الثاني: خطورة الذبح لغير الله وعظم جرمه فهذا ذبح لله ومع ذلك منع منه فما بالنا بالذبح لغير الله تعالى.

والخلاصة: لا يذبح لله في مكان يذبح فيه لغير الله.

ثانياً: من أحكام وتنبيهات: الأكل من الذبيحة على هذا الوجه حرام.

أيها الإخوة!
لو ذبح إنسان ذبيحة شاة أو بقرة أو غيرها فذبحها تقرباً إلى الضريح أو ذبحها استجلاباً لبركته أو ذبحها خوفاً من الجن أو ذبحها تقرباً إليهم أو ذبحها لله في مكان يذبح فيه لغير الله فلا ينبغي أن يأكل المسلم منها أما في كل ما سبق فإنه حرام وأما الذي ذبح لله في مكان يذبح فيه لغير الله فلا يؤكل من ذبيحته تنفيراً للناس من عمله وردعاً له على جرمه والدليل على الأول ما قال الله - سبحانه وتعالى -: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 3].

وأكتفي بهذا حتى لا أطيل على حضراتكم وفي النهاية أهمس همسة رقيقة في أذن كل سامع وأذن المتكلم - بلا شك- أقرب أذن سامعة فأقول: يا حبيبي! " فكِّرْ في نِعَمِ اللهِ الجليلةِ وفي أعطياتِهِ الجزيلةِ، واشكُرْهُ على هذهِ النعمِ، واعلمْ أنكَ مغمورٌ بأعطياتِهِ. قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا ﴾.

وقال: ﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾. وقال سبحانه: ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ﴾. وقال سبحانه - وهو يقررُ العبدَ بنعمِهِ عليهِ -: ﴿ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾.

نِعَمٌ تَتْرَى: نعمةُ الحياةِ، ونعمةُ العافيةِ، ونعمةُ السمعِ، ونعمةُ البصرِ، واليدينِ والرجليْن، والماءِ والهواءِ، والغذاءِ، ومن أجلِّها نعمةُ الهدايةِ الربانية: (الإسلاَمُ). يقولُ أحدُ الناسِ: أتريدُ بليون دولار في عينيك؟ أتريُد بليون دولارٍ في أذنيك؟ أتريدُ بليون دولار في رجليك؟ أتريدُ بليون دولارٍ في يديك؟ أتريدُ بليون دولارٍ في قلبك؟ كمْ من الأموالِ الطائلةِ عندك وما أديتَ شُكْرَها!! ". [19]

ففكر في نعم الله أخي واصرف شكرها إلى المنعم بها فإنه وحده معطيها، وهو وحده المستحق لشكرها، ولا تصرفن عبادة إلى غير ربك فإنه الضلال المبين ومن عرف بكم تقدر هذه النعم سبحان ربي بل النعمة من هذه النعم سبحان ربي بل الجزء من النعمة من هذه النعم من عرف بكم يقدر ما عصى الله بنعمه طرفة عين ومن لا يعرف فليلق القلب والسمع والبصر بين يدي هذا الحديث العظيم الجليل الذي رواه الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما: "خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: خَرَجَ مِنْ عِنْدِي خَلِيلِي جِبْرِيلُ آنِفًا فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ إنَّ لِلَّهِ تعالى عَبْدًا مِنْ عِبَادِهِ عَبَدَ اللَّهَ - عز وجل - خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ فِي الْبَحْرِ عَرْضُهُ وَطُولُهُ ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا فِي ثَلَاثِينَ ذِرَاعًا وَالْبَحْرُ مُحِيطٌ بِهِ أَرْبَعَةُ آلَافِ فَرْسَخٍ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَأَخْرَجَ لَهُ عَيْنًا عَذْبَةً بِعَرْضِ الْأُصْبُعِ تَبِضُّ بِمَاءٍ عَذْبٍ فَيَسْتَنْقِعُ فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ وَشَجَرَةَ رُمَّانٍ تُخْرِجُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ رُمَّانَةً يَتَعَبَّدُ يَوْمَهُ فَإِذَا أَمْسَى نَزَلَ فَأَصَابَ الْوُضُوءَ وَأَخَذَ تِلْكَ الرُّمَّانَةَ فَأَكَلَهَا ثُمَّ قَامَ لِصَلَاتِهِ، فَسَأَلَ رَبَّهُ عَنْ وَقْتِ الْأَجْلِ أَنْ يَقْبِضَهُ سَاجِدًا وَأَنْ لَا يَجْعَلَ لِلْأَرْضِ وَلَا لِشَيْءٍ يُفْسِدُهُ عَلَيْهِ سَبِيلًا حَتَّى يَبْعَثَهُ وَهُوَ سَاجِدٌ، قَالَ: فَفَعَلَ فَنَحْنُ نَمُرُّ عَلَيْهِ إذَا هَبَطْنَا وَإِذَا عَرَجْنَا فَنَجِدُ لَهُ فِي الْعِلْمِ أَنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُوقَفُ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ فَيَقُولُ لَهُ الرَّبُّ جَلَّ جَلَالُهُ أَدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي فَيَقُولُ: رَبِّ بَلْ بِعَمَلِي فَيَقُولُ: أَدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي، فَيَقُولُ: رَبِّ بَلْ بِعَمَلِي، فَيَقُولُ اللَّهُ تعالى قَايِسُوا عَبْدِي بِنِعْمَتِي عَلَيْهِ وَبِعَمَلِهِ فَتُوجَدُ نِعْمَةُ الْبَصَرِ قَدْ أَحَاطَتْ بِعِبَادَةِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ وَبَقِيَتْ نِعْمَةُ الْجَسَدِ فَضْلًا عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: أَدْخِلُوا عَبْدِي النَّارَ فَيُجَرُّ إلَى النَّارِ فَيُنَادِي: رَبِّ بِرَحْمَتِك أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ: رُدُّوهُ، فَيُوقَفُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقُولُ: يَا عَبْدِي مَنْ خَلَقَك وَلَمْ تَكُ شَيْئًا؟ فَيَقُولُ أَنْتَ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ مَنْ قَوَّاك لِعِبَادَةِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ؟ فَيَقُولُ أَنْتَ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ مَنْ أَنْزَلَك فِي جَبَلٍ وَسَطِ اللُّجَّةِ وَأَخْرَجَ لَك الْمَاءَ الْعَذْبَ مِنْ الْمَاءِ الْمِلْحِ وَأَخْرَجَ لَك كُلَّ لَيْلَةٍ رُمَّانَةً وَإِنَّمَا تَخْرُجُ مَرَّةً فِي السَّنَةِ وَسَأَلْته أَنْ يَقْبِضَك سَاجِدًا فَفَعَلَ؟ فَيَقُولُ أَنْتَ يَا رَبِّ، قَالَ فَذَلِكَ بِرَحْمَتِي وَبِرَحْمَتِي أُدْخِلُك الْجَنَّةَ أَدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ، فَنِعْمَ الْعَبْدُ كُنْت يَا عَبْدِي فَأَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ، قَالَ جِبْرِيلُ إنَّمَا الْأَشْيَاءُ بِرَحْمَةِ اللَّهِ يَا مُحَمَّدُ".[20]، نسأل الله أن يبصرنا بقدره وأن يعرفنا بنعمه وأن يوفقنا لشكره، وأن يجزل لنا أجره، وأن يعصمنا من أن يكون في قلوبنا شيء من التأله لغيره.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، الدعاء.


[1] أخرجه البخاري (5458).

[2] فتح الباري (15 / 377).

[3] إحياء علوم الدين (3 / 185).

[4] أخرجه البخاري (1).

[5] أخرجه الترمذي 3154، وابن ماجه (4203)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (3).

[6] أخرجه ابن ماجه (4202)، وغيره، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (34).

[7] تفسير ابن كثير - (3 / 381)، تحقيق سامي بن محمد سلامة، دار طيبة، بتصرف.

[8] إعانة المستفيد (1 / 304).

[9] أخرجه مسلم 5240.

[10] أخرجه أحمد في الزهد (22) وأبو نعيم في "الحلية" 1 / 203 موقوفا على سلمان.

[11] من شعر ابن القيم طيب الله ثراه انظر: زاد المعاد (3/ 64)، ومدارج السالكين (3/ 8).

[12] أخرجه أحمد (4/ 341)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 6/ 22: رجاله رجال الصحيح.

[13] أخرجه مسلم (1978).

[14] القول السديد شرح كتاب التوحيد - (ص 54).

[15] أخرجه البخارى 5973، ومسلم 273.

[16] إعانة المستفيد (1 / 306).

[17] أخرجه البخارى 2452، ومسلم 4222.

[18] أخرجه أحمد (3/ 419)، وأبو داود 3313، وصححه الألباني في المشكاة (3437).

[19] لا تحزن.


[20] أخرجه الخرائطي في " فضيلة الشكر " (133 - 134) والعقيلي في " الضعفاء " (165)، وتمام في " الفوائد " (265/ 2 - 266/ 1) وابن قدامة في " الفوائد " (2/ 6/ 1 - 2) والحاكم 7745، قال ابن القيم شفاء العليل - (1 / 114): والإسناد صحيح ومعناه صحيح لا ريب فيه، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، فإن سليمان بن هرم العابد من زهاد أهل الشام، والليث بن سعد لا يروي عن المجهولين" وتعقبه الذهبي فقال: " لم يصح هذا، والله تعالى يقول: (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون)، ولكن لا ينجي أحدا عمله من عذاب الله كما صح، بل أعمالنا الصالحة هي من فضل الله علينا ومن نعمه لا بحول منا ولا بقوة، فله الحمد على الحمد له "، وضعفه الألباني في الضعيفة 1183.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 109.36 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 106.54 كيلو بايت... تم توفير 2.82 كيلو بايت...بمعدل (2.58%)]