|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
إنهم محتقرون مهانون، وأنا منهم!
إنهم محتقرون مهانون، وأنا منهم! أ. حنافي جواد إنَّهم محتقرون مهانون، مدفوعون مهمَّشون، منبوذون ممقوتون، يُقَبَّل أطفالُ غيرهم ممن لهم مال وجاه وقوة، أمَّا هم فيُنبذون، وقد يبتسمُ في وجوهِهم ابتسامة سرعان ما تنقلبُ على أعقابِها (تكشيرة)، إنهم أبناء الفقراء، وسيورِّثونه أبناءَهم كما ورثوه من آبائهم وأجدادهم. هل وجود الفقراء ضروري؟ نعم إنه وجودٌ ضروري، هم عمَّالُنا وأُجَراؤنا وعبيدنا، وخدام مصالحنا، ومنظفو أحذيتنا وسياراتنا، ومؤنسونا، فلولا وجودهم لما وُجِد الأغنياء، ولولا غباء الفقراءِ لما أدرك ذكاء الأغنياء، الذكاء المعتبر ذكاؤهم، صنعوه وسطَّروا ضوابطَه ووسائل اختباره، وقسَّموه كما حلا لهم وطاب، وانبثق عن ذلك توسع الهوة بين فقراءِ النَّاس وأغنيائهم. إذا ترقى فقيرٌ من الفقراءِ إلى عتبةِ الأغنياء استقبلوه محتفلين، وهنؤوه فرحين مرحين مسرورين؛ قائلين: لقد كنتَ من شرذمةِ الفقراء المرضى، وأنت الآن من ثُلةِ الأغنياء الأثرياء المترَفِين، فهنيئًا لك ولنسلِك، تعال إلينا، أقبل لنعلمَك علمنا، ونشربك مشاربَنا، ونؤكلك مآكلنا، ونركبك مراكبَنا، إنها دوابٌّ من النوعِ الممتاز، ليست كدوابِّكم، أقبل، أقبل. فينسى الفقيرُ المترقي وضعَه القديم، فيقطع صلتَه بأصحابِه السابقين ليفعلَ بهم ما كان يُفعل به، ويستغلهم كما كانوا يستغلونه. ذكَّرتُ غنيًّا بوضعِه القديم؛ فقال بالحرفِ الواحد مرتبكًا: أنا لست أنا، أنا مذ ولدتُ كنت غنيًّا، ورثتُ الغنى عن أجدادي كابرًا عن كابر. ربما الذي حدثتني عنه أخي، التبس بعضُنا ببعض، لا بل أخي كذلك خلق غنيًّا، أذكرُ ذلك جيدًا، إنَّ اللهَ خلق من الخلقِ متشابهين. وهكذا تملَّص صاحبي من حالِه القديم، وتملَّص مني فانسلَّ بأعجوبةٍ وقذفني بعبارةٍ ما زال لوقعِها آثارٌ في نفسي: "أنا لست أنا"، فذكرت حذاءَه القديم الممزَّق الذي ما زلتُ أنظره صباحَ مساءَ في طريقي إلى العملِ وعند عودتي من المعمل.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |