غابت عنَّا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-07-2020, 02:37 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي غابت عنَّا

غابت عنَّا


أمنية محمد السيد








جَمعتْنا أوقاتٌ طيبات؛ ثم غابتْ عنَّا؛ وليستْ مِن شِيمها الغِياب، فأرسلنا نَطلُبها، وجاءتْنا الإجابة:









إني أتعلَّم:



وقد عهدتُ نفسي منذُ حداثةِ سِني مُعلِّمة؛ كوني الابنةَ الكبرى والأختَ الكبرى، الابنة الكبرى التي تحبُّ أن ترَى فخرَ والديها واعتزازهما، فهي تجتهد في ذلك، تحاول ثم تحاول تَنجَح حينًا وتتكَفْكَف حينًا، وكون ليس لها نموذج مِثالي في أخٍ أكبرَ أو أخت؛ يجعلها تَعتبِر النجاحَ منقوصًا دومًا - مهما تصوَّره الآخرون مبهرًا - خاصَّة ووالداي وعائلتي مِن ذاك النوع الذي حِرْفَته الاجتهاد، وكون إخْوَتي أصغرَ مني فأخافُ إنْ أخطأتُ أن يتعلَّموا مني الخطأ أو يُقلِّدوه وأبْحَث عن التفوقِ مرةً بعدَ مرةٍ حتى يحاكوه.







درجتُ على هذا... ومع الأيَّام صارتْ هوايتي، بل حِرفتي تعلم الأحداث، وليس أبدًا الشكايةَ منها، مهما بدَتْ لي صعبةً أو مؤلمة، ثم - لاحقًا - تلاوة دُروسها لِمَن حولي؛ وإشراكهم فيها؛ ومُراقبة مدَى إفادتِهم منها؛ وثَباتهم عليها ما استطعت لهذا سبيلاً، ثم أنْطَلِق لما فوقَها، وأستغفِر.







وأَتعجَّب؛ بعدَما تغيرت خارطتُنا السياسيةُ وتركيبتها النوعيَّة، كلما مررت بما سطَّرناه معًا من زمان غير بعيد "كلَّما اكتسبتُ خبرةً جديدة؛ ازددتُ أملاً أكبرَ في جيل الصحوة الواعي، وفي النُّفوسِ الشريفة العالية التي تَتوق لحُداةِ الرَّكبِ يَحمِلون المشاعل، ولمستبقِي السَّيْر يَكشِفون الطريق، حتى تنكشفَ أمامَ الجميع السبلُ الصحيحة لممارسةِ حياةٍ إنسانيَّة إسلاميَّة نبيلة على بصيرة".







وها هي الظروف اليومَ تَغيَّرت، وظهرَتْ فعلاً المشاعِل، وبان في الأُفق الحُداة، والدُّعاة، لكن الدروس هنا مختلِفة، فقد أتتْ دفعة واحدة! وأكبر مِن طاقتي الاعتياديَّة على الاستيعاب، فصمتُّ حتى أشتملَ بالصبر؛ لأفهمَ فلا يُدوَّن أثري عجزٌ فيه أو نقص، فكأنَّما كنا مهمَّشين سابقًا لنتعرَّف عليه، حتى إذا ما فُتحت الدُّنيا لاحقًا لم نخترْ إلا العودةَ طائعين إليه، فله الحمد والمِنة.







وإني أراجع:



أُراجِع نفْسي أولاً؛ أراجِع كل ما وعيته في حياتي مِن دروسٍ؛ واستقيته فيها مِن معانٍ، وندبتُ نفْسي حارسة عليه! فها هي أوقاتُ التمحيص الحقيقيَّة أتَتْ، والنوازل الرَّوافع الخوافِض بدَت، حيث لا ينفع نفسًا فيها النفاق، فشأن سُنة الله في خَلْقه التغيير؛ ﴿ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾ [الرحمن: 29]، وسُنَّته في التمحيصِ لا تتغيَّر - سبحانه - يُصبح اليوم على أمْرٍ ويغدو على آخَر ويبيت على ثالِث، ترَى الرِّجال يمرُّون مرَّ السَّحاب، يجتمعون بالنهار على شأن؛ يجمعون له الأعوانَ والخِلاَّن، تراهم يَسعَون كأنَّما بيْن الصفا والمروة، ثم يأتي المساء، وقد تغيَّرت قلوبُهم، وتلوَّنت وُجوههم، واحتارتْ وجهتهم، فقدْ عنَّ في الأمْر جديد، وقدْ نسُوا في غمرتِهم، ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ﴾ [البقرة: 177]، وما ذلك إلاَّ لكذبٍ فيهم أو نِفاق.







وإنَّما الحقُّ لا لُجَّةَ فيه ولا جَدَل، الحق: حُجَّة، الحق حُجَّةٌ قائمةٌ بذاته، يستطيع ألفٌ أن يتأوَّلوا كلامًا وأفعالاً غشاها الظلام؛ ولا يَستطيع فردٌ أن يَذكُرَ أمامَك حدَثًا واحدًا مكذوبًا كساه النورُ في عيونِ الأنام؛ ﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 115].







هنا وجَب عليَّ الاعتزال، والمراجعة: أين موطن الخَلَل في نفْسي؛ فلا أرَى الحقَّ حقًّا صريحًا واضحًا لا لبسَ فيه ولا ضَيْم؟ كيف السبيلُ لمدارجِ النور أقتِبس منها لقومِي نجمَ الجَدي، فيُذعنوا للحقِّ وتُخبِت له قلوبُهم؛ ويَكفُّوا عن المِراء والرِّياء؛ ويَتوقَّفوا عن دقِّ رؤوس بعضِهم بعضًا وما يُهلِكون إلا أنفسَهم وما يشعرون؟







وإني أُصارِع.



وما أُصارِع إلاَّ نفسي!







فقدْ آنَ الأوان لأختبرَ صِدقي وعَزْمي؛ بل وتواصينا: "أُوصيكم ونفْسِي بتقوى الله، والتصابُر في الحقِّ، والحِلم بيْن الإخوان وشَحْذ العزْم؛ اعمَلوا بنيَّةٍ سليمةٍ، واجعلوها لبناءِ القوَّة في وجه الطغيان، وسَعيًا للجنةما استطعتم لذلك سبيلاً".







فإنَّ الإنسانَ ليهرعَ لِشُرَّاعة فرحِـه ..حين يجِدُ نفسَه على صواب: وجدتُها وجَدتُها! أَنا أنا! ويَنسَى أنَّ اختيارَ الوقت المناسِب لإظهارِ الحقيقة قد يُوازي قيمتَها كاملةً، فما قِيمةُ كونِك على صوابٍ، ولما يتعلَّم الآخرون المغزَى؟







عليَّ هنا أن أترفَّع عن تلمُّظي للنَّجاح، وشَوقي للمكاسبِ والفَلاح، وأنتظر، حتى يُثوبَ القوم بعدَ محاولاتهم كرًّا وفرًّا، وثبًا وعَدْوًا وقفزًا، على رِقاب الآخرين، بل رقبتي! إلى رُشدهم، فيقولوا: يا ويلنا إنَّا كنا ظالمين، فيَجدوا هنالك يدًا تُعطي صادقةً راضيةً مختارةً، وواللهِ إنَّ هذا لصعب شديد! حارٌّ كالنار وقاسٍ كالجمر.







أفْقَدني المنصبُ تلوَ المنصب، وملأَ نفْسي الفانيةَ حسرةً وندمًا على الدُّنيا، وما أصعبَها تلك - نفْسي التي بيْن جَوانحي - حين تنفردُ بي ليلاً ترغِّبني وتؤنبني ؛ وتؤمُّ إبليس في تَقريعي نهارًا، وتُعايرني طوالَ الوقت، على تَفْريطي، فيما يظهَر لها وللعِيان أنَّها فُرُص سانحة، وعُروض سخيَّة، ونِعمة بعدَ جَفاف وشظف، أنا لها أهلٌ، وعليها قادِرة! فأُفٍّ لها مِن فانية! ورحمةُ ربِّك خيرٌ ممَّا يجمعون.







كثيرٌ كلامي وطويل، وإنْ أفردتُ لكم جدائلَ أمثلته لعجبتُم ودهشتُم... خاصة والمقابل شماتة مِن الآخَر وخذلان، ونكران لا عرفان - ولكنِّي كما تعاهَدنا، لن أرضَى إلاَّ أن أصِلَ إليها أولاً: فرسٌ أبيَّة، على الطيِّ عصيَّة، وعلى الخير طويَّة، ترفُض الدَّنيَّة، وتبادر بالعطيَّة، فلتَكُن: نفسٌ مؤمِنة زكيَّة.







اللهمَّ أكملْ لنا دِيننا وأتْمِم علينا نِعمتَك، وأدخِلْنا فيمَن رضيتَ لهم الإسلامَ دِينًا، وصلَّى اللهمَّ وسلَّم وبارَك على محمَّد وآله وصاحبيه أبي بكرٍ وعُمرَ والصحابة أجمعين والتابعين، ولو كره الكافرون، ولو غفَل الغافلون، والحمد لله ربِّ العالمين.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.68 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.97 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.02%)]