التوعية الدينية ودورها في الحد من تعاطي المخدرات - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الدور الحضاري للوقف الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          آفاق التنمية والتطوير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 3892 )           »          تحت العشرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 61 - عددالزوار : 6972 )           »          المرأة والأسرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 61 - عددالزوار : 6433 )           »          الأخ الكبير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          فوائد متنوعة منتقاة من بعض الكتب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 202 )           »          الحفاظ على النفس والصحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          شرح النووي لحديث: أنت مني بمنزلة هارون من موسى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          نظرية التأخر الحضاري في البلاد المسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الاستعلائية في الشخصية اليهودية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-10-2020, 10:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,915
الدولة : Egypt
افتراضي التوعية الدينية ودورها في الحد من تعاطي المخدرات

التوعية الدينية ودورها في الحد من تعاطي المخدرات
أ. د. فؤاد عبدالمنعم أحمد




التربية الإسلامية والتوعية الدينية ودورهما في الحد من تعاطي المخدرات (1)



المقدمة
الحمد لله القائل في كتابة العزيز: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85]، والصلاة والسلام على خير خلقه محمدٍ عبدِه ورسوله، المبعوث رحمة للعالمين، وصفه ربُّنا - عز وجل - فقال: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، وأمرنا ربنا - عز وجل - باتِّباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في قوله: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]، فقد كان الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - خُلُقه القرآن وربَّى أصحابه عليه، فكانوا خير أمة أُخرِجت للناس تأمر بالمعروف وتَنهَى عن المنكر وتؤمن بالله، فتحقق لهم العزة والنصر والتمكين.

أما بعد:
"لقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وكرَّمه أعظم تكريم، سخَّر له الكون تسخيرَ تعريفٍ وتكريم، ووهبه نعمةَ العقل ليتعرف به على خالقه العظيم، وجعل له فطرة سليمة تدلُّه على خطئه الجسيم، وأودع فيه الشهوات ليرقى بها صابرًا أو شاكرًا إلى رب الأرض والسموات، وجعل له الشرع الحنيف ميزانًا دقيقًا، فأحلَّ له من خلاله الطيبات، وحرم عليه الخبائث، ومنحه حرية الإرادة، ليثمِّن عمله، كل ذلك ليعرف ربَّه فيعبده، فيسعد بعبادته في الدنيا والآخرة"[1].

أهمية البحث:
إن تعاطي المخدِّرات بين منسوبي الحرس الملكي بمقولة: "إن القرآن لم يُحرِّمها، ولم تُحرِّمها السنة، ولم يَرِدْ عن الأئمة الأوائل شيء في تحريمها"[2]، وإنها تُبدِّد همومَهم، وتعاونهم على التمتع والإمتاع بأزواجهم - يؤدي بالإخلال بالواجبات الملقاة على عاتقهم من أمن وحماية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظة الله ورعاه - داخل المملكة وخارجها، وكذلك ضيوف الدولة المُهمِّين[3]، مما يُخِل بأمن البلاد والعباد في المملكة.

التوعية الدينية:
مركب إضافي من لفظين: التوعية، والدين، نُبيِّن مدلولهما لغة واصطلاحًا، والوصول إلى المعنى المركب لهما.

التوعية لغةً: من الوعي، ويقصد بالوعي لغة عدة معانٍ؛ منها: حفظ القلب للشيء، والفهم وسلامة الإدراك، وأوعيته واستوعيته لغة في الاستيعاب، وهو أخذ الشيء كله[4].

الوعي في الاصطلاح: هو معرفة حقائق الأمور والتفصيل بين الحسنات والسيئات، وأساسه العقل وينقسم إلى قسمين: غريزي، ومكتسب.

فالغريزي: هو العقل الحقيقي وله حدٌّ يتعلَّق به التكليف لا يُجاوِزُه إلى زيادة، ولا يقصر عنه إلى نقصان، وبه يمتاز الإنسان عن سائر الحيوان.

أما العقل المكتسب، فهو نتيجة العقل الغريزي، (ويقصد به الوعي) وهو نهاية المعرفة، وصحة السياسة، وإصابة الفكر ونماؤه[5].

الدين في اللغة: تستعمل كلمة "الدين" في كلام العرب بمعان شتى؛ أهما:
1- القهر والسلطة والحكم والأمر، فيقولون (دان الناس)؛ أي: قهرهم على الطاعة، و(دنته)؛ أي: سُسْتُه وملكتُه، وفي هذا المعنى جاء الحديث النبوي: ((الكيِّس مَن دان نفسه وعمِل لِما بعد الموت))؛ أي: قهر نفسه وذلَّلها لطاعة الله، قال - تعالى -: ﴿ فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الواقعة: 86، 87].

2- الطاعة والعبودية، والخدمة، والخضوع تحت غلبته وقهره، تقول العرب: دنتهم فدانوا؛ أي: قهرتهم فأطاعوا.

3- الشرع والقانون والطريقة والمذهب والملَّة والعادة والتقليد، فيقولون: "ما زال ذلك ديني وديدني"؛ أي دأبي وعادتي.

4- الجزاء والمكافأة والقضاء والحساب، فمن أمثال العرب: "كما تَدِينُ تُدان"؛ أي: تصنع بغيرك يُصنع بك وتُجازَى، ومن هنا تأتي كلمة "الديَّان" بمعنى القاضي وحاكم المحكمة[6].

الدين في الاصطلاح:
﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19].
يُقصَد بالدين عند الإطلاق ما أفصَحَت عنه الرسالات السماوية إلى رسل الله - عليهم السلام - من لدن نوح - عليه السلام - إلى محمد - عليه الصلاة والسلام - وهو المنهج الذي رَضِيَه الله - تعالى - لخلقه وأنزله على رسله، وهو واحدٌ من حيث العقيدة، ومختلف من حيث الشريعة رحمة من الله - تعالى - بعباده، ومقتضاه توحيدُ الله - سبحانه - في أسمائه وصفاته، والإقرار بربوبيته وألوهيته وعبادته، على مقتضى ما شرع وأمر في كتابه العزيز، وعلى لسان رسوله الكريم - عليه الصلاة والسلام.

قال الله - عز وجل -: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19].

قال ابن كثير في تفسيرها:
"إخبارٌ من الله بأن لا دينَ عنده يقبَلُه من أحدٍ سوى الإسلام، وهو اتِّباع الرسل فيما بعَثهم به في كل حين، حتى خُتِموا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - الذي سدَّ جميعَ الطرق إليه إلا من جهةِ محمد - صلى الله عليه وسلم - فمن لقِي الله بعد بعثةِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - بدين غير شريعته فليس بمتقبَّل"، كما قال - تعالى -: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85].

وقال في هذه الآية مخبرًا بانحصارِ الدين المستقبل عنده في الإسلام، وقوله - تعالى -: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، وهذه أكبرُ نِعَم الله - عز وجل - على هذه الأمة؛ حيث أكمل الله - تعالى - لهم دينَهم، فلا يحتاجون إلى دينٍ غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم - صلوات الله وسلامه عليه - ولهذا جعله خاتمَ الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحلَّه، ولا حرام إلا ما حرَّمه، ولا دين إلا ما شرعه[7].

التوعية الدينية:
الإسلام هو دين الله الذي أوحاه إلى سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وفيه عقيدة وشريعة، والعقيدة بكلياتها أصل، والشريعة بأحكامها التفصيلية فرعٌ، وإن صحت عقيدة المرء صحَّ عمله، وإن فسَدت فسَد عمله، وأركان العقيدة هي أركان الإيمان، وأركان الشريعة هي أركان الإسلام وفروعه، من عبادات ومعاملات وأخلاق.

وقد عبَّر القرآن عن العقيدة بالإيمان، وعن الشريعة بالعمل الصالح، فورد الإيمان مقترنًا بالعمل الصالح، في أكثر آيات القرآن الكريم؛ لأن العَلاقة بين الإيمان والعمل الصالح عَلاقة السبب بالنتيجة، وعلاقة الشجر بالثمر، قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا ﴾ [الكهف: 107]؛ ولأن الإسلام دينُ الفطرة، فقد راعى في الإنسانِ الجانبَ العقلي، وجعل كمالَه معرفةَ الحقائق المطابقةِ للواقع، المؤيَّدة بدليلٍ قطعي، وراعى في الإنسانِ الجانبَ السلوكي، وجعل كمالَه انطلاقَه من حقائقَ يقينيةٍ، وتوجيهه نحو هدف كبير، لتحقيق سعادة الفرد والمجتمع في الدنيا والآخرة.

ثم إن السنَّة المطهَّرة، جاءت لتبين للناس ما نُزِّل إليهم، فحضَّت على طلب العلم بالله وبأسمائه الحُسنى وصفاته الفُضلى، وما يتبع ذلك من إيمان باليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين؛ ليصح الإيمان، وحضَّت على طلب العلم بالأمر والنهي، والحلال والحرام، والمندوب والمكروه، والمباح؛ ليصحَّ الإسلام.

كل ذلك تحقيقًا لمفهوم التكليف الذي وَرَد في معرِضِ الأمانة التي حملها الإنسان، والتي أشفقتِ السمواتُ والأرض والجبال من حملها، قال - تعالى -: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72].

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من يُرِدِ الله به خيرًا يُفقِّهُ في الدين))[8]، وقال أيضًا: ((إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلُّم، ومن يتحرَّ الخير يُعْطَه، ومن يتَّقِ الشر يوقَه))[9].

فلقد بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذين الحديثين أن الخيرَ كلَّه في العلمِ، وأن العلم مقدَّم على العمل، وأن للعلم طريقًا واحدًا لكسبِه ألا وهو التعلم، ولم يقل التعليم؛ لأن كلمة "التعلم" تُفِيد بذل الجهد الذاتي للمتعلِّم، بناءً على رغبة حرَّة صادقة، بينما "التعليم" يُفِيد بذل جهد المعلِّم لا المتعلِّم، ويُفِيد الإلزام، لا الرغبة الطوعية[10]، إذًا نقصد بالتوعية الدينية فهمَ الإسلام على حقيقتِه والإدراك السليم له.

والتوعية الدينية تهدِفُ إلى إعداد الفرد المتكامل الذي يتوافَقُ سلوكُه مع إيمانه بالعقيدة، من أجل التوافق النفسي والاجتماعي للفرد وصحته والتزاماته بالضوابط الدينية والاجتماعية، التي تُقلِّل من الانحرافات السلوكية في المجتمع.

وتُبنَى التوعية الدينية على أساس تقويةِ إيمانِ الفرد وعقيدتِه بالله ودينه أولاً، وتعريفه بطرق الخير والشر، ثم تركه بعد ذلك ليختار لنفسِه على ضوء إيمانه، وذلك بعد بيان ما حرَّمه الله على النفس لاجتنابه، حتى يمكن إقناعه بالإبعاد عن الموادِّ المخدِّرة لما فيها من أضرار ومضارَّ بالصحة والعقل.

إن تعاليم الدين والتمسُّك بالقيم والمبادئ الإسلامية، وبيان موقف الدين الإسلامي من تعاطي المخدِّرات والخمور - يُعتَبر من أهم الجوانب التي يُمكِنُ أن تساعد في تقليص حجم هذه الظاهرة (المشكلة)، كما أن دورَها في الحدِّ من انتشار كلِّ ما يُخالِفُ العقيدة وما تنهَى عنه أحكام الدين؛ حيث توضِّح هذه التعاليم طريق الاستقامة والمضارَّ الصحية والاقتصادية والاجتماعية المترتبة على تعاطي العقاقيرِ المُخدِّرة والاتِّجار بها، بل إن التوعية الدينية من شأنِها أيضًا إعدادُ أفرادِ المجتمع للتوافق الشخصي والاجتماعي والصحة النفسية[11].

والتوعية الدينية في المجتمعات الإسلامية تُستَمدُّ من قيم الدين الحنيف، والتي هي قِيَمٌ يُؤمنُ بها أبناء الأمة الإسلامية، تقومُ على الإقناع بأن الإسلام هو طريق الحياة المستقرَّة الآمنة، والتي لا ضررَ فيها ولا ضرارَ، فهو الدين المتكامل المشتمل على الجوانب الروحية والاقتصادية والاجتماعية.

وهو دينُ الإقناع الذي لا يُغيِّر ما بالناس حتى يُغيِّروا هم ما بأنفسهم، فقد تدرَّج في إقناع الناسِ عندما نزل بالتحريم، عن طريق إيضاح المعتقدات الخاطئة المتأصلة في النفوس، ولم يتم بالتعسف والقسوة والإجبار على الإقلاع عن السلوك الخاطئ في وقت قصير، بل بدأ التحريم تدريجيًّا، موضحًا ومقنعًا أن التعسف في المنع أمر غير مرغوب فيه، وهذا ما تقوم عليه الخطط الحالية في معالجة المشاكل الاجتماعية في عالمنا المعاصر.

إن الدين الإسلامي في محاربته للفساد إنما يعمَلُ على تنمية الذات على التَّقوى، وتدريبها على اتِّباع الحق وتجنُّب الضلال.

ومن المتفق عليه أن التوعية الدينية تُقلِّل من الاضطرابات النفسية، وتُحقِّق التوافق النفسي بين أبناء الأمة الإسلامية.

يلزم التوعية الدينية أن تكون ذاتَ طابع عامٍّ يتَّسِم بالبساطة حتى يُدرِكها العامَّة والخاصة، كما يلزَمُ أن تتَّسِم بالاستمرارية مع مراعاة عدمِ الإيجاز المُخِلِّ ولا الإطالة المملَّة؛ لأن التوعية لا يكونُ أثرها مباشرًا قاطعًا، بل قد تحتاجُ إلى شهورٍ طويلة لإحداث التغير المطلوب والمقاصد المرجوَّة[12]، ومن التوعية الدينية بشأن ظاهرة المخدِّرات بيان حكم الإسلام فيها.

حرمة المخدِّرات:
حرَّمتِ الشريعة الإسلامية تناولَ المُخدِّرات بأي طريق كان، سواء بطريق الأكل، أو التدخين، أو السعوط، أو الشراب، أو الحقن؛ لأنها مَفسَدةٌ، ودرءُ المفاسد من المقاصد الضرورية للشريعة الإسلامية، واستند فقهاءُ الشريعة الإسلامية على عدَّة أدلة مستمدَّة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والإجماع، والتي ورد تحريمُ المُخدِّر فيها بصفته العامَّة على أساس أن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة فيهما قواعدُ عامَّة وكلية تُوضِّح لنا منهج الإسلام في الحلال والحرام.

أولاً في القرآن الكريم:
ورد في قوله - تعالى -: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾ [الأعراف: 157].

وفي هذه الآية الكريمة قاعدةٌ عامَّة فيها إباحةُ فعل الطيبات، وتحريمُ كلِّ ما هو خبيث، والمخدِّراتُ بكافة أنواعها تعتبرُ من الخبائث، وإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد وصف الخمرَ بأنها (أم الخبائث)، فإن هذا الوصف ينطبقُ من باب أولى على المخدِّرات؛ لأنها أشدُّ ضررًا من الخمر، فتكون محرَّمة بدلالة النصوص، والتي استُمِدَّت منها القاعدة الشرعية التي تعتبر من أهم القواعد التشريعية في الإسلام، وهي (دفع المضار وسد ذرائع الفساد)[13].

ثانيًا: السنة:
احتج الفقهاء بتحريم المُخدِّرات أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما أسكر كثيرُه فقليله حرامٌ))[14].

يظهر من هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتبر كلَّ مادَّة مُسكِرةٍ خمرًا، سواء سُمِّيت بذلك في لغة العرب أو لم تُسَمَّ به، فقد روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((كلُّ مُخمِّرٍ خمرٌ، وكل مُسكِرٍ حرامٌ))[15]، والخمر يُغطِّي العقل، وقد جمع الرسول - صلى الله عليه وسلم - بما أُوتِيه من جوامع الكلم كلَّ ما غطَّى العقل وأسكَر، ولم يُفرِّق بين نوع ونوع، ولا عبرةَ لكونِه مأكولاً أو مشروبًا، على أن الخمر قد يصطنع بها؛ أي تجعل أدمًا، وهذه الحشيشة قد تذاب بالماء وتشرب فالخمر يشرب ويؤكل والحشيشة تؤكل وتُشرَب، وكل ذلك حرام، وحدوثها بعد عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم - والأئمة لم يمنَعْ من دخولها في عموم حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المسكر.

وعن أم سلمه - رضي الله عنها - أنها قالت: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل مسكر ومُفتِّر[16]، والمفتِّر بتشديد التاء، من فتَّره، فالمفتِّر: كل ما يورث الفتور والخمول والانكسار والضعف واسترخاء الجسم وهَدَد الأطراف.

فالمخدِّرات تورث الفتور، والنهي عن المفتِّر نهي عن المخدر، والنهي عن تناول الشيء يدل على تحريمه، فيكون تناول المخدِّرات حرامًا؛ إذ إن القاعدة عند المحدِّثين والأصوليين أنه إذا ورد النهي عن شيئين مقترنين ثم نُصَّ على حكم النهي عن أحدهما من حرمة أو غيرها - أُعطِي الآخرُ ذلك الحكم بدليلِ اقترانهما في الذِّكر والنهي، وفي الحديث المذكور ذكر المفتِّر مقرونًا بالمُسكِر، وتقرر عندنا تحريم المسكر بالكتاب والسنة والإجماع، فيجب أن يُعطَى المُفتِّر حكمَه بقرينة النهي عنهما مقترنين[17].

ثالثًا: الإجماع:
وبذلك أجمع على حرمة "المخدِّرات" فقهاءُ الإسلام، الذين ظهرت في عهدهم، وتبيَّنوا آثارها السيئة في الإنسان وبيئته ونسله، وعرَفوا أنها فوق آثارِ الخمر الذي حرَّمته النصوص الصريحة الواضحة في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وحرَّمه النظر العقلي السليم.

قرَّروا حرمتها، وقرَّروا عقوبة تناولِها، كما قرَّروا حرمةَ الاتِّجار بها وعقوبة المتَّجِرين، وقد جاء في كتبهم: "ويحرُمُ أكل البنجِ والحشيش والأفيون؛ لأنها مَفسدةٌ للعقل، وتصدُّ عن ذكر الله وعن الصلاة، ويجب تعزيرُ آكلها بما يردعه".

وقال ابن تيمية: "إن فيها من المفاسد ما ليس في الخمر، فهي أولى بالتحريم، ومَن استحلها وزعم أنها حلال، فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قُتِل مرتدًّا، لا يُصلَّى عليه، ولا يُدفَن في مقابر المسلمين".

وقال تلميذه ابن القيم: "يدخل في الخمرِ كلُّ مسكر، مائعًا كان أو جامدًا، عصيرًا أو مطبوخًا، واللقمة الفسق والفجور التي تحرك القلب الساكن إلى أخبث الأماكن".

ويعني باللقمة الملعونة "الحشيشة"، هذه اللُّقمة التي تذهب بنخوة الرجال، وبالمعاني الفاضلة في الإنسان، وتجعله غير وَفِيٍّ إذا عاهد، وغير أمينٍ إذا اؤتُمِن، وغير صادق إذا حدَّث، تُمِيتُ فيه الشعور بالمسؤوليات، والشعور بالكرامات، وتملؤه رعبًا ودناءةً وخيانة لنفسه ولمن يعاشر، وبذلك يُصبِحُ كما ترون عضوًا غير صالح في المجتمع الفاضل، بل عضوًا فاسدًا موبوءًا يسري وباؤه وفسادُه إلى المجتمع الفاضل فيُوبِئُه ويُفسِده، وإذًا فمن أوجبِ الواجبات العملُ على ردعِه وقايةً للمجتمع من شره.

نعم، لم يَرِدْ في القرآن ولا في أقوال الرسول - عليه السلام - ولا أقوال الأئمة المتقدِّمين شيءٌ خاصٌّ بتلك الموادِّ، لا في حلِّها ولا في حرمتِها؛ لأنها لم تكن معروفةً في زمنهم جميعها، وإنما ظهرت - كما قال الإمام ابن تيمية - فيما بين المائة السادسة والمائة السابعة من الهجرة، حينما ظهرت دولة التتار، وإذا كانت قواعد التشريع في الإسلام معروفة، وأن تحريم الخمر ليس تعبديًّا، وإنما كان محرمًا لما فيه من الضرر - كانت تلك الموادُّ ولا شك محرَّمةً في نظر الإسلام، وكان تحريمُها من نوع تحريم الخمر إن لم يكن أشد[18].

ويتمثَّل تعاطي المواد المخدرة في الاعتداء على الضروريات الخمس وهي: (الدين والنفس، والعرض، والعقل، والمال).

وبما أن المخدِّرات تُؤدِّي إلى إفسادِ هذه المقاصد، فتعاطي المُخدِّر يصدُّ عن ذكرِ الله وعن قيام المتعاطي بواجباتِه الشرعية، الذي غالبًا ما يقطعُ صلتَه بربه، ويُتلِفُ نفسه بإلحاقه الأذى بها، وإصابتها بأمراض فتَّاكة نتيجة لتعاطي المخدر قد يؤدي إلى الموت والانتحار، وتضعف النسل بما يؤدي إليه من إنجاب أطفالٍ مصابين بداءِ المخدر أو مشوَّهين، ومن انعدام للرقابة الأبوية وتبلُّد للأحاسيس، وانعدام للغَيْرة على العِرْض والشَّرَف، ومهلكة للمال الخاصِّ والعامِّ، بإنفاق كل ما يملكُه الفرد في سبيل الحصول على المخدِّر، وتكبُّد المجتمع لنفقات باهظة من أجل مكافحتها وعلاج آثارها[19].

خاتمة:
إن المسلم الحقَّ من منسوبي الحرس الملكي إن عَلِم حكمَ تحريم الله للمُخدِّرات، وتلبيس إبليس وأعوانه في الترغيب فيها، يدفعه إيمانه أن يتجنَّب تعاطيَها، ويحثَّ الآخرين على عدم تناوُلِها أمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر، والتزامًا بمبادئ الإسلام، وحبًّا لله ورسوله، وطلبًا للفوز برضوانِه.


[1] النابلسي، محمد راتب، تأملات في الإسلام، ط 5، سورية: دمشق، دار المكتبي، 1429هـ - 200م، ص5.

[2] شلتوت محمود شيخ أزهر سابق، الفتاوى، ط 8، القاهرة وبيروت، دار الشرق، 1395هـ - 1975، ص 375، وردَّ على هذا.

[3] لمزيد من المعلومات www.rg. Jov.sa، آل الشيخ، اللواء الركن عبدالله محمد، دراسة لنشأة مراحل تطور الحرس الملكي، 2008م، ص 5.

[4] مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، المكتبة الإسلامية، إستنبول: تركيا، ج 2، ص 1044 وما بعدها.

[5] الحوشان، بركة بن زامل، سلسلة إصدارات مركز البحوث والدراسات، الوعي الأمني، الرياض، 1425هـ - 2004م، ص 15 - 16.

[6] مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، مرجع سابق، ج 1، مادة دين ص 307.

[7] ابن كثير، أبو فداء الحافظ، تفسير القرآن العظيم، تحقيق محمد البنا بيروت، دار ابن حزم، ط1، 1419هـ - 1998م لعل الصواب: ج2 ص694، ج3 ص111.

[8] أخرجه البخاري في كتاب العلم / 71.

[9] رواه الدارقطني، وحسنه العلماء، انظر صحيح الجامع 2328.

[10] النابلسي، محمد راتب، نظرات في الإسلام، سورية: دار المكتبي، ط 3، 1419هـ - 1998م، ص 43 - 44.

[11] منصور، عبدالمجيد سيد: الإدمان أسبابه ومظاهره والوقاية والعلاج، سلسلة كتب مكافحة الجريمة الكتاب الخامس، المملكة العربية السعودية، وزارة الداخلية، مركز أبحاث مكافحة الجريمة، د. ط، 1406هـ - 1986م، ص 278 إلى 281، القرني، بريك عائض: المخدرات ماهيتها وأنواعها وأسباب تعاطيها وأضرارها وأحكامها وسبل الوقاية منها، ط 1، 1411هـ ص 146 - 147.

[12] منصور، عبدالمجيد سيد أحمد، الإدمان، مرجع سابق، ص 280 - 281.

[13] آل معجون، خلود سامي: مكافحة جرائم المخدرات في النظام الإسلامي وتطبيقه في المملكة العربية السعودية الرياض: دار النشر بالمركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، 1411هـ - 1991م، ص 50.

[14] أبو داود، سليمان بن الأشعث: سنن أبي داود، إعداد وتعليق عزت الدعاس وعادل السيد، ط1، بيروت: دار ابن حزم، 1418هـ 1997م، كتاب الأشربة، باب النهي عن المسكر، حديث رقم 3681، ج 4، ص 58 - 59.

[15] سنن أبي داود، المرجع السابق، كتاب الأشربة، باب النهي عن المسكر، رقم 3680، ج4، ص 58.

[16] ابن حنبل، أحمد، مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج 44، أشرف على تحقيقه الشيخ شعيب الأرنؤوط، ط 1، بيروت: مؤسسة الرسالة، 1421هـ - 2001م حديث رقم 26634 ص 246.

[17] عبدالقادر شيبة الحمد، بحث أثر المخدرات في تدهور الشعوب، المؤتمر الإقليمي السادس للمخدرات، 1974م، ج3، ص 63.

[18] شلتوت، محمود: الفتاوى، دراسة لمشكلات المسلم المعاصرة في حياته اليومية العامة، القاهرة، بيروت، ط8، 1395هـ - 1975م، ص 373 - 374.

[19] أبو حمرة، الهادي علي يوسف: المعاملة الجنائية لمتعاطي المخدِّر، دار الجماهيرية، الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى، ط 1، 1425م، ص 151، ولزيادة التفاصيل عن أضرار المخدرات يراجع كتاب: "المسكرات والمخدرات والمكيفات وآثارها الصحية والاجتماعية والنفسية"؛ للدكتور عبدالمجيد سيد أحمد منصور، الرياض: دار النشر بالمركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، 1409هـ - 1989م.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 79.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 77.85 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.37%)]