تصويب أخطاء وأوهام العلماء - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12522 - عددالزوار : 213608 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-09-2020, 03:06 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي تصويب أخطاء وأوهام العلماء

تصويب أخطاء وأوهام العلماء


ساعد عمر غازي














لا يشك أحد في أن تصحيح الأوهام والأخطاء التي تقع من أهل العلم في مصنفاتهم، هو من باب النصيحة، فهو منهج العلماء قاطبةً، وفي ذلك يقول الإمام ابن قتيبة - رحمه الله -: "كالشافعي يرد على الثوري وأصحاب الرأي، وعلى معلمه مالك بن أنس، وأبو عبيد يختار من أقاويل السلف في الفقه ومن قراءاتهم ويرذل منها ويدل على عورات بعضها بالحجج البينة، وعلماء اللغة أيضًا يختلفون وينبه بعضهم على زلل بعض، فالفراء يرد على إمامه الكسائي، وهشام يرد على الفراء، والأصمعي يُخطئ المفضل..."[1]. ويقول أيضًا الحافظ السلمي - رحمه الله -: "وكذلك أصحاب الحديث الحفاظ، قد أخذ بعضهم على بعض"[2].




ولذا قال ابن قتيبة - رحمه الله -: "وهذا أكثر من أن يُحاط به أو يوقف من ورائه"[3].




ولا يظن ظان أن التنبيه على ما هفا به الخاطر نسيانًا، أو جرى به القلم طغيانًا، أو أخطأ في الاجتهاد، أو قصر به البحث والتحرير أحيانًا، أن ذلك نقص في هذا العالم، أو مصنفه، أو القصد منه التثريب[4]، فإن السعيد من عدت سقطاته، وحدَّت غلطاته، وحسبت هفواته، إذ الإنسان لا يسلم من سهو أو نسيان، وَلكُل جواد كبوة وَلكُل عَالم هفوة.






ومن الذي تُرضى سجاياه كلها

كفى المرء نبلا أن تعد معايبه[5]






سبب إخراج هذا المقال:

في أثناء الاستفادة من كتب الإمام الألباني - رحمه الله - وقفت كما وقف عليه غيري على الفوائد الحسنة والنكت الفريدة والمعاني الدقيقة، وأيضًا، لا يخلو أن أقف ويقف غيري على الوهم والإيهام، والخطأ والنسيان، وعثرات الأقلام، مما هو مجبول عليه الإنسان، فعزمت على تدون هذه الفوائد التي تدل إمام هذا الرجل، وإصلاح تلك الأخطاء والأوهام التي وقعت له، كما وقعت لغيره، وقد قال الحافظ السلامي - رحمه الله -: "وليس في ذلك عيب ولا نقص عليهم؛ إذ الإنسان قد جبل على الخطأ والنسيان"[6]. فوقعت لي مواضع بلغت ما يقرب حتى الآن سبعمائة موضع، وأنا في سبيل أتمم هذا العمل بفضل الله وتوفيقه، وأرجو أن يكون الغالب عليه الصواب، وإن وقع فيه الغلط، الذي لا يكاد يفلت منه أحد.




ومن هذه الأشياء التي دونتها في كتابي هذا ما جاء في "الضعيفة" (12/730-731) تحت الحديث رقم (5832): "إذا ولج الرجل في بيته؛ فليقل: اللهم! إني أسألك خير المولج، وخير المخرج، باسم الله ولجنا، وباسم الله خرجنا، وعلى الله ربنا توكلنا. ثم ليسلم على أهله":

قال الإمام - رحمه الله -: "ضعيف. أخرجه أبو داود في "سننه" رقم (5096) عن إسماعيل: حدثني ضمضم عن شريح عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... فذكره.




(تنبيه هام): كنت أوردت هذا الحديث في "الصحيحة" برقم (225)، ثم لفت نظري بعض الطلبة - جزاه الله خيرًا - إلى أن فيه انقطاعًا بين شريح وأبي مالك، وقد تنبهت له في حديث آخر، كنت ذكرته شاهدا للحديث المذكور في "الصحيحة" برقم (1502)، فسبحان من لا يضل ولا ينسى، أسأل الله تعالى أن لا يؤاخذني في الدنيا والأخرى.




والعمدة في ذلك قول ابن أبي حاتم في "المراسيل" (ص/60-61) عن أبيه: "شريح بن عبيد الحضرمي لم يدرك أبا أمامة ولا الحارث بن الحارث ولا المقدام، وهو عن أبي مالك الأشعري مرسل". وأقره العلائي في "جامع التحصيل" (237/ 283).




ونحوه قول محمد بن عوف لمن سأله: هل سمع شريح من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال:

"ما أظن ذلك، وذلك؛ لأنه لا يقول في شيء من ذلك: سمعت. وهو ثقة". كما في "التهذيب".




قلت: والتاريخ يؤيد ذلك؛ فإن أبا مالك الأشعري هذا قديم الوفاة، مات في طاعون عمواس سنة (18)، وشريح مات بعد المائة، فبين وفاتيهما نحو ثمانين سنة! فيبعد عادة أن يدركه، ولذلك؛ تعجب الحافظ ابن حجر في "تهذيبه" من الحافظ المزي في ذكره أبا مالك هذا في جملة الصحابة الذين روى عنهم شريح بن عبيد، مع تصريحه بأنه لم يدرك سعد بن أبي وقاص وقد تأخرت وفاته إلى سنة (55)، وأبا ذر وقد مات سنة (36)!". انتهى المراد من كلام الإمام - رحمه الله.




والحديث ضعفه أيضًا الإمام في "الثمر المستطاب" (1/613) بقوله: "وإسناده ضعيف".




قال مقيده عفا الله عنه: ذكرت هذا الحديث لأمور:

الأمر الأول: أن الحديث أخرجه أيضًا الطبراني في "الكبير" (3/296) رقم (3452) و"مسند الشاميين" (2/447) رقم (1674) من طريق محمد بن إسماعيل بن عياش به. وقد فات ذلك الإمام.




والأمر الثاني: خلو كلام الإمام - رحمه الله - من ذكر محمد بن إسماعيل بن عياش مع ضعفه عنده، ثم وجدت أنه ترك ذلك عمدًا لنكتة وقف عليها واعتمدها في غير موضع، وهي أن رواية محمد بن عوف عن محمد بن إسماعيل بن عياش، يقول فيها "قرأت في أصل إسماعيل بن عياش". وهذه وجادة صحيحة. وهذا الحديث عند أبي داود من هذا الطريق: حدثنا ابن عوف ثنا محمد بن إسماعيل قال حدثني أبي قال ابن عوف ورأيت في أصل إسماعيل قال حدثني ضمضم عن شريح عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم -: فذكره.




وإليك نص ما ذهب إليه الإمام - رحمه الله - بخصوص ذلك:

قال في "الصحيحة" (4/76): "ومحمد بن إسماعيل بن عياش قال الهيثمي (7/135): "ضعيف". وبين وجهه الحافظ في "التقريب" بقوله: "عابوا عليه أنه حدث عن أبيه بغير سماع". لكنه أفاد في "التهذيب" فائدة هامة فقال: "وقد أخرج أبو داود عن محمد بن عوف عنه عن أبيه عدة أحاديث، لكن يرونها (الأصل: يروونها) بأن محمد بن عوف رآها في أصل إسماعيل".




قلت: فإذا صح هذا، فرواية ابن عوف عنه قوية؛ لأنها مدعمة بموافقتها لما وجده ابن عوف في أصل إسماعيل، و هي وجادة معتبرة، كما لا يخفى على المهرة". والله أعلم". انتهى كلامه.




وقال الإمام - رحمه الله - في صحيح أبي داود (2/7) الحديث رقم (250): عن شريح بن عُبَيْدٍ قال: أفتاني جبير بن نفير عن الغسل من الجنابة: أن ثوبان حدثهم: أنهم استفتوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فقال:

"أما الرجل؛ فلينشر رأسه، فليغسله حتى يبلغ أصول الشعر. وأما المرأة؛ فلا عليها أن لا تنقضه، لتغرف على رأسها ثلاث غرفات بكفيها".




قلت: إسناده صحيح. وقواه ابن القيم والشوكاني.




إسناده: حدثنا محمد بن عوف قال: قرأت في أصل إسماعيل بن عياش.




قال ابن عوف: ونا محمد بن إسماعيل عن أبيه: ثني ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد.




قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات؛ غير محمد بن إسماعيل؛ فقال المصنف- يعني: أبو داود-: "لم يكن بذاك، قد رأيته ودخلت حمص غير مرة وهو حي؛ وسألت عمرو بن عثمان عنه؟ فذمه"[7]. وقال أبو حاتم:

"لم يسمع من أبيه شيئًا، حملوه على أن يحدث فحدث".




قلت: وإنما اعتمدنا في تصحيحه على قول محمد بن عوف: "قرأت في أصل إسماعيل بن عياش ". وهذه وجادة صحيحة من ثقة في أصل ثقة؛ وهي حجة على المعتمد؛ انظر "مقدمة ابن الصلاح " (ص/169)". انتهى كلامه.




والأمر الثالث: الوقوف على تضعيف الحافظ ابن حجر لهذا الحديث بنحو ما تقدم عن الإمام فقال في "نتائج الأفكار" (1/172 - 173): "هذا حديث غريب، وقول الشيخ - أي النووي في الأذكار -: لم يضعفه أبو داود، يريد في السنن، وإلا فقد ضعف راويه في أسئلة الآجري، فقال: محمد بن إسماعيل ليس بذاك و سألت عنه عمرو بن عثمان فدفعه. و قال أبو حاتم: لم يسمع من أبيه فحملوه على أن حدث عنه.




قلت: ولعله كانت له من أبيه إجازة، فأطلق فيها التحديث، أو تجوز في إطلاق التحديث على الوجادة. وقد أخرج أبو داود بهذا الإسناد أربعة أحاديث يقول في كل منها قال محمد بن عوف: وقرأته في أصل إسماعيل بن عياش، وإسماعيل وإن كان فيه مقال، لكن هذا من روايته عن شامي، فتقبل عند الجمهور. وفي السند علة أخرى: قال أبو حاتم: راوية شريح بن عبيد عن أبى مالك مرسلة". والله أعلم.



تعقب الشيخ الألفي - حفظه الله - للإمام الألباني - رحمه الله - والرد عليه:

ثم وقفت على كتاب "التعقب المتواني على السلسلة الضعيفة للألباني" للشيخ أحمد شحاتة الألفي السكندري - عفا الله عنه - متعقبًا على الإمام - رحمه الله - تصحيح هذا الحديث في "الصحيحة"، - ولعل سبب ذلك: أنه لم يقف على رجوع الإمام عن هذا التصحيح - فقال في (ص/18): " وإنه لعزيز علي أن أذكر خطئه في هذا الموضع، ولولا أنه وهَّم شيخ الإسلام لتغاضيت عن ذكر خطئه... وأقول: إذا كان الشيخ - رحمه الله - قد اقتصر على سنن أبى داود؛ فلماذا لم يذكر تمام الإسناد ليعرف مطالعُه أن الراوي عن إسماعيل بن عياش هو ابنه محمد؟؟!.




وكيف يكون صحيحًا؛ والحال كذلك؟!، ومحمد بن إسماعيل بن عياش بيِّن الأمر في الضعفاء ولا يخفى حاله على من له أدنى معرفة بالحديث، والشيخ حين يتراءى له، يذكر فيه قول أبى حاتم: "لم يسمع من أبيه شيئًا"، وقول أبى داود: "ليس بذاك".




والحديث أخرجه كذلك الطبراني "الكبير" (3/296/3452) و"مسند الشاميين" (2/447/1674) من طريق محمد بن إسماعيل بن عياش به".




فالشيخ الألفي حصر العلة في ضعف محمد بن إسماعيل بن عياش، وغفل عن العلة الأخرى للحديث، وهي الانقطاع بين شريح وأبي مالك والتي ذكرها الحافظ ابن حجر، والإمام - رحمهما الله - والتي عدل الإمام بسببها، عن تصحيحه، كما فاته ما وقف عليه الإمام - رحمه الله - في حق رواية محمد بن عوف عن محمد بن إسماعيل بن عياش، وهو متجه، عنده - ولو تراءى للشيخ الألفي خلاف ذلك - ولهذا كان هذا الدفاع عن الإمام - رحمه الله -؛ لأن الشيخ الألفي أساء في قوله: "ولا يخفى حاله على من له أدنى معرفة بالحديث. والشيخ حين يتراءى له، يذكر فيه قول أبى حاتم: "لم يسمع من أبيه شيئًا"، وقول أبى داود: "ليس بذاك"". فانظر إلى قوله: " ولا يخفى حاله على من له أدنى معرفة بالحديث، والشيخ حين يتراءى له"، أليس هذا فيه غمز للإمام الألباني - رحمه الله - بإتباع الهوى!!




وفي الحقيقة أن الشيخ أحمد شحاتة الألفي السكندري - عفا الله عنه - قد عاب على الإمام - رحمه الله - شدته في نقد أخطاء العلماء، مع أن الألباني وقعت منه أخطاء تشبه ما انتقده على هؤلاء العلماء، ثم ذهب الشيخ الألفي إلى أبعد من ذلك، وهو أن الإمام الألباني يطعن في الأئمة الأعلام!! حتى سوغ لنفسه أن يطعن هو في الألباني فيقول: (ص/28): "وأقول: لا تستطل هذا التعقب، فإنه ليس تجريحًا ولا غمزًا للشيخ الألباني - طيب الله ثراه -، فإنه حبيب إلينا، وفى القلب من توقيره ما يدفعنا إلى النهى عن تقليده فيما أخطأ فيه، وسبيل الاحتجاج على مقلديه بالانكفاف عن ذلك؛ إيضاح أخطائه، وبيان ما تعاظم فيه بالطعن على أكابر الأئمة الأعلام، لمجرد تضعيف ما تلقوه بالقبول واحتجوا به، ولهذه الأسباب، كتبت كتابي: "(السبل الوضيحة ببيان أوهام الألباني بين الضعيفة والصحيحة)". الشيخ الألفي قد هاله ذلك!! فأراد أن يؤدب الإمام الألباني - رحمه الله - على ما اقترفه في حق الأئمة بأن يقف على أخطاء للإمام، ثم يقول: "إن الألباني أحق أن يقال فيه تلك العبارات التي يستخدمها في حق العلماء!! لأن الأخطاء التي وقع فيها كما يقول على أحدها (ص/28): "ولا يخفى حاله على من له أدنى معرفة بالحديث!! ". ويقول أيضًا (ص/16): " على أن وقوع الألباني في مثل هذا أنكر، فكتب الرجال عدته وعتاده". ومضى يقول (ص/18): "قلت: وهذا من أعجب مرامي سهام الشيخ في تصانيفه، أنه في المواضع التي يُخطئ فيها، مع سهولة الخطأ الذي لا يقع فيه من هو دونه، لا يتغاضى عن أخطاء غيره كائنًا من كان، وإنه لعزيز علىَّ أن أذكر خطئه في هذا الموضع، ولولا أنه وهَّم شيخ الإسلام - ابن تيمية - لتغاضيت عن ذكر خطئه". فأين أثر قولك أيها الشيخ: "فإنه حبيب إلينا!!"، أو أين ما في القلب من توقيره!!




وكان يكفي الشيخ الألفي أن يقف عند بيان ما أخطأ فيه الإمام - رحمه الله - وإعلان عدم موافقته للإمام الألباني في استخدام مثل هذه العبارات، التي اعتبرها شديدة في حق من يتعقبهم الإمام الألباني من العلماء، أما أن يلجأ إلى الدفاع عن العلماء بالغمز في الإمام - رحمه الله - فيقول (ص/28): إنه يطعن في أكابر الأئمة الأعلام، لمجرد تضعيف ما تلقوه بالقبول واحتجوا به، ويقول أيضًا: "وأقول: أبمثل هذا يُحكم على الأئمة الحفاظ: ابن حزم، والزيلعي، وابن حجر، وابن الملقن، وابن ضويان، وهم من هم في سعة الاطلاع وبذل الجهد في التقصي للمصادر والتوثق للطرائق، فيغمزهم بقلة التدقيق، وأنه آت بالمخبوء الذي خفي عليهم، والحجة عليهم احتمالات ظنية لا وجود لها في واقع الأمر، فمتى كان الظن بوجود مخالف للموجود دليلاً على نفى الموجود!!". ويمضي فيقول (ص/17-18): "وأقول: ولم يسلم من غمز الشيخ - عفا الله عنه - حتى أماثل الحفاظ الذين يقلدهم وينصر أقوالهم، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيميه - قدَّس الله ثراه -، ومن جملة ما غمزه به قوله تعقيبًا على حديث أبى مالك الأشعري مرفوعًا: "إذا ولج الرجل في بيته فليقل: اللهم إني أسألك خير المولج، وخير المخرج، بسم الله ولجنا، وبسم الله خرجنا وعلى الله ربنا توكلنا، ثم ليسلِّم على أهله"، وقد صحَّحه في (صحيحته) رقم (225) واهمًا (وقد فات الشيخ الألفي رجوع الإمام عن هذا الوهم في التصحيح)، ثم علَّق عليه بتنبيهٍ قائلاً: "وقد وهم شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله - حيث جعل الحديث من أوراد الدخول إلى المسجد، فإنه قال في "الرد على الأخنائي" (ص/95): وعن محمد بن سيرين: كان الناس يقولون إذا دخلوا المسجد: صلى الله وملائكته على محمد، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، بسم الله دخلنا، وبسم الله خرجنا، وعلى الله توكلنا، وكانوا يقولون إذا خرجوا مثل ذلك. ثم قال: وفيه حديث مرفوع في سنن أبى داود أنه كان يقال عند دخول المسجد". اهـ.




ويمضي الشيخ الألفي في غمز الإمام - رحمه الله - دفاعًا عن الأئمة - في زعمه - فيقول (ص/13-17): "فقد خرج في "صحيحته" رقم (365): حديث: "احضروا الذكر، وادنوا من الإمام، فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر في الجنَّة، وإن دخلها":

أخرجه أحمد (5/11)، وأبو داود (1198)، والحاكم (1/298)، والبيهقي (3/238) جميعًا من طريق قتادة عن يحيى بن مالك أبى أيوب العتكي عن سمرة بن جندب مرفوعًا.




قال الألباني: "ويحيى بن مالك هذا، قد أغفله كل من صنف في رجال الكتب الستة فيما علمنا، فليس هو في (التهذيب)، ولا في (التقريب)، ولا في (التذهيب) نعم. ترجمه ابن أبى حاتم فقال (4/2/190): (يحيى بن مالك، أبو أيوب الأزدي العتكي البصرى المراغي، روى عن: عبد الله بن عمر، وأبى هريرة، وابن عباس، وسمرة بن جندب، وجويرية. روى عنه: قتادة، وأبو عمران الجوني، وعبد الحميد بن واصل). ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، وأورده ابن حبان في (الثقات).




فمثله حسن الحديث، إن شاء الله لتابعيته، ورواية جماعة من الثقات عنه، مع تصحيح الحاكم والذهبي لحديثه: اهـ.




وأقول: أعجب به من وهم لا يغضُ الألباني الطرف عن مثله لأحد كائنًا من كان، وما كنت أظن أن يقع في مثله!!. لا يدري الشيخ - طيب الله ثراه - أين ترجمة: (يحيى بن مالك الأزدي العتكي البصري)، أحد كبراء رواة البصرة وثقاتهم ومشاهيرهم، في مصنفات (رجال الكتب الستة)، ويغيب عنه علم مكانها، فيبحث في (الجرح والتعديل) لابن أبى حاتم، ثم يغتبط بعثوره على ترجمته، وكأنه لم يُسبق!.




ويا ليته اكتفى بما علمه، بل وصف أكابر الحفاظ أصحاب ((التهذيب) و (التقريب) و (التذهيب)؛ يعنى ومن فوقهم بالغفلة عن ذكر المشاهير والأعلام!!.




وأقول: ومما غمز به الفضلاء، ما قاله تعقيبًا على الأستاذ محب الدين الخطيب[8]، حين علّق على حديث: "أيتكن تنبح عليها كلاب الحوأب"، حيث قال: "إن هذا الكلام الذي نسبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليس في دواوين السنة المعتبرة".




قال الشيخ الألباني في "سلسلته الصحيحة" (حديث/474): "كذا قال وكأنه - عفا الله عنا وعنه لم يتعب نفسه في البحث عن الحديث في دواوين السنة المعتبرة، بل وفى بعض كتب التاريخ المعتمدة مثل "البداية والنهاية"، ولو أنه فعل هذا على الأقل، لعرف موضع الحديث من تلك الدواوين المعتبرة أو بعضها، ولكنه أخذ يحسن الظن بابن العربي ويقلده، فوقع في إنكار هذا الحديث الصحيح، وذلك من شؤم التقليد بغير حجة ولا برهان". اهـ. وأقول: إن كان هذا إنصافًا؛ ألا يُعذر أحد في عدم الإحاطة بالدقائق، فبمثله يقال للشيخ: فكيف خفي عليك وأنت البحاثة المدقق؛ أن البخاري خرج حديث أبى أيوب العتكي عن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة، وهى صائمة، فقال: "أصمت أمس؟ "، قالت: لا، قال: "تريدين أن تصومي غدًا؟" قالت: لا، قال: "فأفطري"؛ وأن مسلمًا خرج حديثه عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته"، وحديثه عن عبد الله بن عمرو: "سئل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن وقت الصلوات، فقال: "وقت صلاة الفجر ما لم يطلع قرن الشمس الأول، ووقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس عن بطن". وقارن قول الألباني: "ليس لأبي أيوب الأزدي ذكر في (التهذيب) ولا في (التقريب) ولا في (التذهيب) وغيرها"، بقول الخطيب: "ليس للحديث موضع في دواوين السنة"!. فإن لم تجد بينهما فرقًا في عدم الإحاطة؛ فاجعل الحكم عليهما واحدًا؛ على أن وقوع الألباني في مثل هذا أنكر، فكتب الرجال عدته وعتاده. ولماذا لم يتعب الشيخ نفسه، فينظر في موسوعة الكتب الستة (تحفة الأشراف) للحافظ أبي الحجاج المزي، ليعلم أن لأبي أيوب العتكي في (الكتب الستة) خمسة أحاديث: ثلاثة منها في (الصحيحين)، وأنه ممن احتج به الشيخان وجاوز القنطرة!!

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13-09-2020, 03:06 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تصويب أخطاء وأوهام العلماء



وأنه ممن لا يسئل عن مثله!!، وأنه قد ذكره كل من صنف في (رجال الكتب الستة): كالإمام الدارقطني في (ذكر أسماء التابعين ومن بعدهم ممن صحت روايته من الثقات عند البخاري ومسلم) (1/ترجمة1222) و (2/ترجمة1409)، والحافظ أبو الحجاج المزي في (تحفة الأشراف) في أربعة مواضع:

الأول: في ترجمة (أبى أيوب عن سمرة بن جندب) حديثًا واحدًا (4/85).




الثاني: في ترجمة (أبى أيوب عن عبد الله بن عمرو) حديثان (6/388).




الثالث: في ترجمة (أبى أيوب عن أبى هريرة) حديثًا واحدًا (10/426).




الرابع: في ترجمة (أبى أيوب عن جويرية) حديثًا واحدًا (11/276).




وأعاد ذكره في (تهذيب الكمال) (33/60/7217)، والحافظ القيسراني في (الجمع بين رجال الصحيحين) (2/564)، والحافظ الذهبي في (الكاشف) (3/272/7217)، والحافظ ابن حجر في (تهذيب التهذيب) (12/16) و (تقريب التهذيب) (12/393)".




وقال (ص/14): "لا يدري الشيخ - طيب الله ثراه - أين ترجمة (يحيى بن مالك الأزدي العتكي البصري) أحد كبراء رواة البصرة وثقاتهم ومشاهيرهم، في مصنفات (رجال الكتب الستة)، ويغيب عنه علم مكانها، فيبحث في (الجرح والتعديل) لابن أبى حاتم، ثم يغتبط بعثوره على ترجمته، وكأنه لم يُسبق!.




ويا ليته اكتفى بما علمه، بل وصف أكابر الحفاظ أصحاب (التهذيب) و (التقريب) و(التذهيب)؛ يعني ومن فوقهم بالغفلة عن ذكر المشاهير والأعلام!!". انتهى المراد من كلام الشيخ الألفي. وقد قصدت ذكر كلامه مع طوله لأدلل على أن الأخطاء لا يتابع عليها أحد كائن من كان، قال الإمام ابن قتيبة - رحمه الله -: "وقيل لنا: "اتقوا زلة العالم"، وزلة العالم لا تعرف حتى تكشف، وإن لم تعرف هلك بها المقلدون؛ لأنهم يتلقونها من العالم بالقبول، ولا يرجعون إلا بإظهار لها وإقامة الدلائل عليها وإحضار البراهين"[9]. ولكن لا تنبغي الشدة في النقد مع العلماء الكبار، - وإن استخدمها بعضهم -، ولهذا عدلت عنها فيما تعقبت به الإمام - رحمه الله -، - خلال كتابي الذي أنقل منه -، وأقول للشيخ الألفي: هل بإظهار أخطاء الإمام الألباني - رحمه الله - ارتفع الانتفاع بعلم هذا الإمام، وهل هذا هو طريقة الانتصار لهؤلاء الأئمة العلماء - رحمهم الله - الذين خطأهم الإمام الألباني؟! أو إظهار ما عندك من علم!! حتى تسوغ لنفسك أن تصف ما ينتقده الإمام الألباني على العلماء أنه لمجرد التشهي وإلا فما معنى قولك: "لا يتغاضى عن أخطاء غيره كائنًا من كان!!"، ولم تقف على هذا الحد بل وصفت أخطاء الإمام بأنها سهلة، أي لا تقع: "على من له أدنى معرفة بالحديث!! " مع علمك بأن العلماء الكبار قد يقع منهم مثل ذلك من الأخطاء السهلة!! فتقول: "قلت: وهذا من أعجب مرامي سهام الشيخ في تصانيفه، أنه في المواضع التي يُخطئ فيها، مع سهولة الخطأ الذي لا يقع فيه من هو دونه". ثم تتباكي على نقد الإمام الألباني لشيخ الإسلام ابن تيمية وتجعله ذريعة للرد على الألباني فتقول: "ولولا أنه وهَّم شيخ الإسلام لتغاضيت عن ذكر خطئه".



أقوال الإمام الألباني - رحمه الله - في احترامه وتعظيمه للأئمة الحديث المتقدمين والمتأخرين:

أقول لك أيها الشيخ: إن الإمام الألباني معظم للأئمة العلماء، وهذا أمر متواتر يشهد به صنيعه وعلمه، وإن جاء في كلامه بعض العبارات التي تشعر بشدة تخطئته لهم، أو عدم متابعته لما ذهبوا إليه، في اجتهاداتهم، - حتى وإن كان الصواب معهم في بعضها-، فهل يفهم من ذلك أنه يطعن فيهم وفي علمهم كما تتهمه بقولك: "وسبيل الاحتجاج على مقلديه بالانكفاف عن ذلك؛ إيضاح أخطائه، وبيان ما تعاظم فيه بالطعن على أكابر الأئمة الأعلام، لمجرد تضعيف ما تلقوه بالقبول واحتجوا به". كلا! فهذا صنيع الإمام الألباني - رحمه الله - مع الأئمة، فلما سأله الشيخ الفاضل أحمد بن أبي العينين: هل يمكن أن يوضع حد لعدد من الثقات إذا رووا عن راو معين ليحكم بتوثيقه؟




فأجاب: هذا يحتاج إلى استقراء الحفاظ الذين لم يبق لهم وجود انتبهت لكلامي؛ لأن الموجودين اليوم من أمثالنا علمهم في السطور، وليس في الصدور[10].




وكذلك قال معقبًا على ما قاله الحافظ ابن حجر في "مقدمة فتح الباري" عن أبي صالح كاتب الليث: "قلت: ظاهر كلام هؤلاء الأئمة أن حديثه في الأول كان مستقيمًا ثم طرأ عليه فيه تخليط فمقتضى ذلك أن ما يجيء من روايته عن أهل الحذق كيحيى بن معين والبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم فهو من صحيح حديثه وما يجيء من رواية الشيوخ عنه فيتوقف فيه". قال الإمام - رحمه الله -: "الخلاصة: ليس عندنا ما نرد هذا القول إلا الغرور والإعجاب بما عندنا من جهل"[11]. فلِلَّه دَرُّه ما أَبهى درره، وأبعد غوره وفهمه.




وقال أيضًا في "الضعيفة" (14/767) بعد أن نقل قول أبي حاتم الرازي على حديث بالوضع: "... وهو من دقائق نقده الذي لا يستطيع أن ينهض به إلا من كان مثله من كبار الحفاظ النقاد".



الدعوة إلى الرفق مع من يظهر التقليد والتعصب للإمام الألباني - رحمه الله -، وبيان ذم الإمام - رحمه الله - للتقليد:

فلا بد من التحلي بالبحث العلمي المتأني، والبعد عن الأبحاث التي لم تنضج بعد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في "الرد على البكري": "والعلم شيئان إما نقل مصدق. وإما بحث مُحَقَّقٌ، وما سوى ذلك فهذيان مزوق". وقال أيضًا في "مجموع الفتاوى" (13/344): "إذ العلم إما نقل مُصَدَّقٌ وإما استدلال مُحَقَّقٌ". وكذلك التحلي بالرفق، قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ". رواه مسلم، وبذلك سوف يدرك بعض المعظمين للإمام الألباني - رحمه الله - أنه لا ينبغي تقليده فيما أخطأ فيه، فالإمام - رحمه الله - كان حريصًا على عدم التعصب والتقليد الأعمى، فقد بين ذلك بقوله في "الضعيفة" (14/766): "والتقليد ليس علمًا، ولا سيما وقد أثبت بالأمثلة المتقدمة تساهل البيهقي، فلا يجوز الاعتماد عليه في الرد على من استقل في النظر، وسلك سبيل ابن الجوزي وغيره في نقد المتن أيضًا فأصاب؛ لأنها سبيل الحفاظ النقاد -كما تقدم-". وقال أيضًا في "الضعيفة" (12/44): "... وإنما هو التقليد لبعض الحفاظ دون الرجوع إلى قواعدهم وأصولهم وتراجم رجالهم". ومن أقواله أيضًا في ذم التقليد وآثاره كما في "الضعيفة" (3/46): "... وذلك خطأ منه جر إلى خطأ أوضح بسبب التقليد، وعدم الرجوع في التحقيق إلى الأصول، وإلى أقوال الأئمة الفحول، والله المستعان".



وقوله أيضًا في "الضعيفة" (12/59): "... فانضم هنا إلى التقليد الوهم على الوهم، ظلمات بعضها فوق بعض!". وقال أيضًا في "مقدمة السلسلة الصحيحة المجلد الثاني" (ص/17-18): "وأخيرًا أرى أن ألفت النظر إلى ما ذكرته تحت الحديث (516)، وهو أنني كنت واهمًا مع الحاكم والذهبي في قولهما: إن عطاء والد يعلى على شرط مسلم. والحقيقة أنه ليس على شرطه، بل ولا يعرف إلا برواية ابنه عنه. فَجلَّ من لا ينسى. ومن الغرائب أنه كان قد قلدني في خطئي هذا بعض من يدعي التحقيق، فلعله يعود فيقلدني في الرجوع إلى الصواب، فهذا أولى به من ذاك التقليد!".



بيان أن الإمام الألباني رجع عن خطأ فيما قاله في حق يحيى بن مالك، وعدم معرفة الشيخ الألفي بهذا التراجع:

على أنه قد فات الشيخ الألفي -حظك الله- أن الإمام استدرك على نفسه ما قاله في حق يحيى بن مالك من أنه قد أغفله كل من صنف في رجال الكتب الستة، فليس هو في (التهذيب)، ولا في (التقريب)، ولا في (التذهيب)، فلما خرج حديث: "سمرة بن جندب أن نبي الله صلى قال: "احضروا الذكر، وادنوا من الإمام؛ فإن الرجل لا يزال يتباعد؛ حتى يؤخر في الجنة وإن دخلها". في "صحيح سنن أبي داود - الأم -"(4/272) قال نفس الكلام الذي قاله في "الصحيحة" على يحيى بن مالك، ثم قال الإمام - رحمه الله -: "ثم تبين أنهم ترجموه في "الكني"؛ وهو ثقة".




قال مقيده - عفا الله عنه -: ومع رجوع الإمام، يظل قوله الأول من عدم وقوفه على ترجمة هذا الراوي في (التهذيب)، وفروعه، خطأ لا يتابع عليه، يجب التنبيه عليه والتحذير من الاغترار به!!




والذي أحب أن أنبه عليه، أن الشيخ الألفي لم يعلم بهذا الرجوع من الإمام!! مثل عدم علمه برجوع الإمام عن تصحيح حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه!!، ولكن قد يقال يصدق عليه المثل السائر: "إنَّكَ لَتُكْثِرُ الْحَزَّ وَتُخْطِئُ الْمَفصِلَ".




والسؤال لو أن الشيخ الألفي وقف على رجوع الإمام، هل كانت طريقته في الرد على الإمام ستبقى على هذه الوتيرة بحشد تلك الأدلة أم كانت حدته ستهدأ!! أو على الأقل ربما تهدأ بعض الشيء!!؟ أترك الجواب عن هذا للشيخ الألفي!!.




والذي أحب أن أنبه عليه هو أن الإمام الألباني - رحمه الله - كان من أسرع الناس تراجعًا عن الخطأ، ومن أسرعهم مبادرةً إلى الصواب مهما كثرت الأخطاء أو التراجعات، ومن جميل كلامه - رحمه الله - في هذا المقام قوله في "السلسلة الضعيفة" (1/6): "فرحم الله عبدًا دلَّني على خطئي، وأهدى إليَّ عيوبي. فإن من السهل على- بإذنه تعالى وتوفيقه- أن أتراجع عن خطأ تبيَّن لي وجهه، وكتبي التي تطبع لأول مرة، وما يُجَدَّد طبعُه منها أكبرُ شاهد على ذلك"[12].



عدم وقوف الإمام - رحمه الله - صاحب السنن فكان ماذا؟:

قال مقيده - عفا الله عنه -: وقفت على قول للإمام الألباني - رحمه الله - يشبه قوله في يحي بن مالك، فقد ذهب إلى أن ابن أبي عقيل شيوخ أبي داود في "سننه" لا توجد له ترجمة في "التهذيب" وفروعه!! ففي "صحيح أبي داود -الأم-" (2/54) تحت الحديث (283): عن عمرو بن الحارث عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير وعمرة عن عائشة قالت:

إن أم حبيبة بنت جحش- ختنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحت عبد الرحمن بن عوف- استحيضت سبع سنين، فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذه ليست بالحيضة؛ ولكن هذا عِرْقٌ؛ فاغتسلي وصلي":

قال الإمام - رحمه الله -: "إسناده: حدثنا ابن أبي عقيل ومحمد بن سلمة المصريان قالا: أنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وابن أبي عقيل؛ لم أعرفه، ولم يورده الخزرجي في "الخلاصة"، ولا الحافظ في "التهذيب"، وفي "التقريب"؛ لم يوردوه في باب من نسب إلى أبيه أو جده... إلخ!". انتهى المراد من كلامه.



وفي "صحيح أبي داود - الأم -" (2/178) تحت الحديث رقم (375): عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من اغتسل يوم الجمعة، ومَسَّ من طيب امرأته إن كان لها، ولَبِسَ من صالح ثيابه، ثم لم يتَخَطَّ رقاب الناس، ولم يَلْغُ عند الموعظةِ؛ كانت كفارةً لما بينهما، ومن لغا وتخطى رقاب الناس؛ كانت له ظُهْرًا":

قال الإمام - رحمه الله -: "إسناده: حدثنا ابن أبي عقيل ومحمد بن سلمة المصريان قالا: نا ابن وهب - قال ابن أبي عقيل - قال: أخبرني أسامة - يعني: ابن زيد- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص.



قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عمرو بن شعيب وأبيه؛ وهما ثقتان، كما سبق تحقيق ذلك، رقم (124).



وغير ابن أبي عقيل؛ فإني لم أعرفه إلى الآن، كما سبق أيضًا رقم (283) مقرونًا مع ابن سلمة، كما هو هنا". انتهى المراد من كلامه.



قال مقيده عفا الله عنه: استوقفني أن لا توجد ترجمة لشيخ من شيوخ أبي داود في "التهذيب" وفروعه!! نعم لم يُذكر اسم هذا الشيخ إنما نسب إلى أبيه أو جده، فانصرف ذهن الإمام إلى البحث في باب من نسب إلى أبيه أو جده، ونحو ذلك، في "تهذيب التهذيب"، و"التقريب"، و"خلاصة تذهيب تهذيب الكمال"، فلم يجده فيهم، فلذلك لم يعرفه، وأضيف أيضًا أنه لم يذكر في "تهذيب الكمال" (34/422): "فمن اشتهر بالنسبة إلى أبيه أو جده، أو أمه أو عمه، ونحو ذلك"، لكن ظن يقيني أنه مترجم له في الأسماء، ثم فتشت في "الكاشف" للحافظ الذهبي، في "فصل في الأبناء" فوجدت في (2/481): "ابن أبي عقيل هو عبد الغني بن رفاعة (د)". وفي (1/660) رقم (3418) قال: "عبد الغني بن رفاعة بن أبي عقيل اللخمي أبو جعفر عن بكر بن مضر ومفضل بن فضالة وعنه أبو داود والطحاوي وعدة توفي 255 (د)". فعلم من ذلك أن شيخ أبي داود ابن أبي عقيل هو كما في " تهذيب الكمال" (18/229-230): "عبد الغني بن رفاعة بن عبد الملك اللخمي، أبو جعفر بن أبي عقيل المصري، رأى الليث بن سعد وحكى عنه.



وروى عن: أبي محمد أيوب بن سليمان الخزاعي البصري الأعور صاحب الفرائض، وبكر بن مضر، وخالد بن عبد الرحمن الخراساني، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب (د)، ومفضل بن فضالة، ويغنم بن سالم بن قنبر.



روى عنه: أبو داود، وإبراهيم بن محمد بن الحسن بن متويه الأصبهاني، وأبو حامد أحمد بن سيف بن هاشم البستي، وأبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي، وأبو بكر عبد الله بن أبي داود، وعلي بن أحمد بن سليمان علان الصيقل، ومحمد بن أحمد بن حماد بن زغبة.



قال أبو سعيد بن يونس: كان مولده سنة ثلاث وستين ومئة، وتوفي في ربيع الآخر سنة خمس وخمسين ومئتين". وزاد الحافظ في "تهذيب التهذيب" (6/367): " قلت: وقال ابن يونس: كان فقيهًا فرضيًا ثقة".وكما قيل: العمدة في هذا على ابن يونس فإنه أعرف بأهل مصر، ولذا قال الحافظ في "التقريب": "ثقة". والله ولي التوفيق.



لا تثريب على الإمام، ولا خشونة في القول، وتم إكمال النقص، وظل الإمام - رحمه الله - على مكانته في الديانة والعلم.



الموقف من أخطاء الإمام الألباني - رحمه الله -:

قال مقيده - عفا الله عنه -: لقد وقف أهل العلم على أوهام وغفلات للإمام -رحمه الله، مثل ما وقع لغيره من كبار العلماء، فكان ماذا؟! أقول الإمام الألباني - رحمه الله - عالم تقع له المسائل المحررة والمسائل الواهية كما يقع لغيره وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم[13].




ولكن تبقى تصحيحات الإمام لأخطاء وأوهام العلماء علامة على سعة اطلاعه في هذا العلم، وعلى حدة ذكائه، وهذه حقيقة لا ينكرها إلا جاهل أو مغرض، ولا ينتقص من قدره وقوعه في اجتهادات، وعبارات لا يتابع علها، عند تصحيحه لهذه الأخطاء، أما بيان أخطاء الإمام على طريق الشيخ الألفي فلا حاجة لنا بها، وسوف ترى في كتابي المشار إليه، التنبيه على أخطاء متنوعة للإمام، ومع ذلك فمكانته في قلبي زادت، ولا يعني هذا تقليده فيما وقع فيه من أخطاء، واجتهادات جانبه الصواب فيها، ولا تقديمه على من سبقه من الأئمة الكبار؛ لأن من العدل والإنصاف إنزال الناس منازلهم.




وأجدني أتذكر قول الحافظ الذهبي في حق الإمام الشافعي - رحمه الله -: "لا نلام والله على حب هذا الإمام؛ لأنه من رجال الكمال في زمانه - رحمه الله -، وإن كنا نحب غيره أكثر"[14]. كما أحب أن أقول للمشتغلين بالحديث وعلومه إلا يخرجوا علينا أبحاثهم إلا بعد نضجها. والله الموفق والمعين.




فضيلة الشيخ الألفي - حفظك الله - أعذرني، فأنا لا أقصد التكدير عليك، أو التهكم عليك، ولا النيل من علمك، ولا أبحاثك ولا آرائك الحديثية، ولا منازعتك في فنك، فأنا أحفظ لك علمك، فليس من مسلكي عدم الإنصاف.




إنما هي نصيحة لي أولاً حتى لا نقع في الإمام الألباني - رحمه الله - بحجة الدفاع عن كبار العلماء، أو بيان خطأه في بعض ما ذهب إليه!! وفقنا الله تعالى إلى العلم النافع والعمل الصالح، ورزقنا الإخلاص والمتابعة. والله الموفق.




وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.







[1] إصلاح الغلط (ص/44-45).




[2] التنبيه (ص/151).



[3] إصلاح الغلط (ص/45).



[4] معنى التثريب: التقريع والتوبيخ. انظر: الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي (ص/251). وفي "لسان العرب" (1/235): التثريب، وهو اللوم والتعيير.



[5] مقتبس من "عجالة الإملاء" (ص/22- 23)، وغيره.



[6] التنبيه (ص/152).



[7] وهذا النص في سؤالات الآجري (2/231) رقم (1691)، ولكن وقع عند "فدفعه". وكذا في "تهذيب الكمال" (24/484). أما قوله: "فذمه". ففي "تهذيب التهذيب". والله أعلم.



[8] وقد وصفه الإمام - رحمه الله - في "آداب الزفاف" (ص/ 7)، وفي "التوسل" (ص/107) بـ" العلامة الشيخ محب الدين الخطيب". وقال عنه في "الصحيحة" (1/458): "صديقنا الأستاذ محب الدين الخطيب".



[9] إصلاح الغلط (ص/46).



[10] سؤالات للعلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني (ص/63).



[11] سؤالات للعلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني (ص/164).



[12] انظر: "الإمام الألباني - رحمه الله - دروس ومواقف وعبر" إعداد الدكتور عبد العزيز السدحان (ص/79).



[13] قال ذلك الحافظ الذهبي - رحمه الله - في حق ابن حزم - رحمه الله - في "تذكرة الحفاظ" (3/1153).



[14] سير أعلام النبلاء (10/99).

وهنا لفتة: أقول إن الشيخ الألفي أديب صاحب قلم سيال، مطلع على كتب الأدب، ولكنه كثير الاقتباس منها، ويترك الإشارة إلى ذلك، وكان الأولى به أن يشير إلى ذلك، وسبب هذا الإيراد، أن بعض الأخوة ظن أن بعض مقدمات الشيخ الألفي لكتبه، من إنشاءه، فقلت له: إن الشيخ يقتبس من كتب الأدب وغيرها، فقال ما دليلك على هذا؟ قلت: سوف أذكر لك أمثلة على ذلك: قال الشيخ الألفي في "المقامات القصار" (ص/5): "الحمد لله بالعشي والإشراق. والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على من وقع على محبته الاتفاق. وطلعت شموس أنواره في غاية الإشراق. وتفرد في ميدان الكمال بحسن الاستباق. الناصح الأمين الذي اهتدى الكون كله بعلمه وعمله. والقدوة المكين الذي اقتدي الفائزون بحاله وقوله. ناشر ألوية العلوم والمعارف. ومسدي الفضل للأسلاف والخوالف. الداعي على بصيرة إلى دار السلام. والسراج المنير والبشير النذير، علم الأئمة الأعلام. الآخذ بحُجُزِ مُصَدِّقيِّه عن التهافت في مداحض الأقدام. والتتابع في مزلات الجرأة على العصيان والآثام".

ثم نظر إلى "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب" (2/470-471): "فمن ذلك كتاب كتبه لي الأستاذ المجوّد الأديب الفهامة معلم الملوك سيدي الشيخ محمد بن يوسف المراكشي التامليّ نصّه: "الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على سيدنا محمد تتوالى، من المحب المخلص المشتاق، إلى السيد الذي وقع على محبته الاتفاق، وطلعت شموس معارفه في غاية الإشراق، وصار له في ميدان الكمال حسن الاستباق، الصدر الكامل، والعالم العامل، الفقيه الذي تهتدي الفقهاء بعلمه وعمله، البليغ الذي تقتدي البلغاء ببراعة قلمه، ناشر ألوية المعارف، ومسدي أنواع العوارف".

وكذا ما جاء في "نفح الطيب" (5/60): "وأتم الصلاة والسلام، على علم أولئك الأعلام، الداعي على بصيرة إلى دار السلام، السراج المنير، المبشر النذير، محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة تؤول بهم إلى فسيح رضوانه ورحبه، بعثه الله رحمة للعالمين عامة، وأرسله نعمة للناس موفورة تامة، فأخذ بحجز مصدقيه عن التهافت في مداحض الأقدام، والتتابع في مزلات الجرأة على العصيان".

فظهر بذلك ما قصدته.

وقال الشيخ الألفي في "الابتهاج بفوائد الحافظ المزي أبي الحجاج" (ص/2): "الْحَمْدُ للهِ الَّذِي رَفَعَ لِعِلْمِ الْحَدِيثِ مَنَارَا، وَزَادَ بِإِعْلاءِ رُتَبِ أَهْلِهِ رِفْعَةً وَفَخَارَا، وَزَانَ أَحْكَامَهُ الشَّرِيفَةَ بِأَئِمَّةٍ طَلَعُوا فِي غَيَاهِبِ مُشْكَلاتِهِ بُدُورًَا وَأَقْمَارَا، وَتَدَفَّقُوا فِي تَبْيِينِ أَحْكَامِهِ بِحَارًَا وَأَنْهَارَا".


ثم انظر إلى "صبح الأعشى" (11/203): "الحمد لله الذي رفع للعلم الشريف في أيّامنا الزاهرة منارا، وزاد بإعلاء رتب أهله دولتنا القاهرة رفعة وفخارًا، وزان أحكامه الشريفة بحكّامه الذين طلعوا في غياهب مشكلاته بدورا وتدفّقوا في إفاضته في الأحكام الشرعيّة بحارًا".

فأنا لا أنكر الاقتباس ونحوه، ولكن الأولى الإشارة إلى ذلك. والله أعلم.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 122.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 120.40 كيلو بايت... تم توفير 2.35 كيلو بايت...بمعدل (1.92%)]