|
|
ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
جولة في قافية الحياة
جولة في قافية الحياة أحمد بن عبد المحسن العساف كنت في زيارة خاطفة لمكتبة شهيرة، فوقعت عيني على نسخة أخيرة من كتاب يحكي سيرة ذاتية، فقلبته حتى وقعت عيني على واقعة مهمة، واشتريته لجمال أسلوبه، وأهمية صاحب السيرة، ولهذه الواقعة المهمة، وقرأته في الحل والحرم، وأنهيته في موسم شريف، ومكان مبارك، ومع صحبة ميمونة. عنوان الكتاب: قافية الحياة: سيرة ذاتية، تأليف الأديب الكبير عبد الله بن إدريس، صدرت طبعته الأولى عام 1434=2013م، ويقع في (374) صفحة من القطع المتوسط، ويتكون من مقدمة، وتعريف بالمؤلف، ثم عشرة أقسام، وعلى غلاف الكتاب صورة وقورة للمؤلف جمع الله له الأجر والمعافاة. كتب نجل المؤلف إدريس العبد الله مقدمة السيرة بتكليف من أشقائه، وجعل عنوان مقدمته معبراً: عبد الله بن إدريس فيما لم تروه، ومن أقرب للوالد من أبنائه وأهل بيته؟! ولذا أشار الأستاذ إدريس إلى شيء من خصال والده وأخلاقه، ولا ينبئك مثل خبير، مع براءة الابن من طغيان الإعجاب بأبيه؛ حيث أنه شخصية عامة معروفة، وبالتالي فمن المنطقي أن من عرفه يعرف بعض هذه الخصال. فهو أب عطوف رؤوف، يتصاغر لبنيه في طفولتهم، ويحرص على إمتاعهم ومؤانستهم، ومن سماته البارزة العدل مع الأبناء؛ فلا يخص أحدهم بأعطية دون الباقين ولو كانت سراً وأيَّا كان المسوغ. كما أنه يمتاز بالنزاهة المالية في مناصبه الحكومية، والتورع الديني، هذا التورع الذي جعله مثاراً لمزاح رفقاء سفره وتعليقاتهم الساخرة، وما أجمل الورع مهما كان رأي الآخرين فيه. وهو رفيق دونما ضعف، محافظ بغير صلف، متفتح بيد أنه بعيد عن التهاون والتفريط، وكان لا يتدخل في خيارات أولاده، ويحرص على غرس المودة بينهم، ولذلك فأولاده أشقاء وأصدقاء-أدام الله ودادهم وصفوهم- وقد امتن الله عليه بزوجة كريمة موافقة؛ أعانته على تأدية رسالته الخاصة والعامة، ولم تكن من المتذمرات جلابات النكد، كتب الله أجر هذه الزوجة المنيرة الفاضلة. عنوان القسم الأول: النشأة والمشوار الدراسي، حيث ولد المؤلف في حرمة بسدير عام 1347-وهي ذاتها سنة السبلة-، وهو السادس بين إخوانه، وحظي بدعاء من أمه قبل أن تحمل به، وملخص دعوتها أن يرزقها الله ولداً يكون له صيت بين الناس. وحين كبر قليلاً دخل الكتّاب والمدرسة، ثم أتم حفظ القرآن، وكان يقرأ بعض المواعظ على جماعة المسجد بين العشاءين، ولجديته في التعليم طلب شيخ حرمه عثمان بن سليمان من والد عبد الله تفريغه للعلم والدراسة، وألا يشغله بالفلاحة وعمل المزارع. ولم ينس المؤلف بلدته حين انتقل للرياض بعد سنوات، بل كان سبباً في افتتاح مدرسة حكومية فيها، ومعيناً في إنشاء مكتبة عامة حافلة بالكتب المنتقاة بعناية من مصر، وناشطاً في إحياء ناد أدبي في حرمة يعتني بالمواهب الشابة، ويبرزها، ويعينها على الإبداع، وما أعظم بركة من ينفع موطنه، وأهل بلدته. ومع أن والده توفي عام 1361 إلا أن المؤلف لايزال يشعر بألم الوفاة والفراق، حيث أنه كان مع والده في بلدة من ضواحي الرياض، ثم عاد لحرمة ليشارك أهله فرحة عيد الأضحى، وخلال هذه الفترة مات والده وحيداً مما جعل ألم الحادثة شديداً على قلب صاحبنا، وكلما سلك طريق القصيم للتنقل بين الرياض وسدير ذهاباً وإياباً سلم على والده إيماءً باليد، ودعاءً باللسان، وحزناً في الجنان، وأظن أن أولاده البررة سيكررون ذات الفعل مع جدهم كلما عبروا هذا الطريق. وبعد وفاة والده بثلاث سنوات، استأذن المؤلف والدته وإخوانه للتفرغ لطلب العلم، والسفر إلى الرياض للدراسة على يد عالمها الأكبر الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وهو ما كان بعد أن أمضى فترة في حلقة الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم، وكان عدد الدارسين في حلقات الشيخ محمد مئة وخمسون طالباً، تؤمن لهم الكتب، والسكن للقادمين من خارج الرياض-يسمونهم (جُنّب) أي ليسوا من أهل الرياض-، وكان لطلاب السكن سهرات ومسامرات، وما أطيب السمر بفوائد ليس منها محرم أو خادش. وفي عام 1368، وبعد أن قضى عدة أعوام في الدراسة على يد مفتي الديار، عين ابن إدريس معلماً بعد أن أبدى اعتذاراً صلباً عن العمل في القضاء، ومكث في التدريس أقل من سنتين ليلتحق بعدها في المعهد العلمي عام 1370، وبعد المعهد درس في كلية العلوم الشرعية حديثة الافتتاح-الشريعة لاحقاً-، ثم زاد معارفه بنهم من خلال الكتب والمجلات المتوافرة، وزيارة مكتبة الأمير مساعد بن عبد الرحمن التي كانت مفتوحة للعامة، وتحوي كتباً كثيرة، وهذه من فضائل مساعد الذي تولى وزارة المالية في حقبة لاحقة، وفي هذه الفترة كان للأمير عبد الله بن عبدالرحمن مكتبة عامرة كما قرأت في كتب أخرى، وربما أنها لم تكن متاحة للناس كما فعل أخوه. ودرس في المعهد والكلية على يد علماء أجلاء، ومعلمين متبحرين، من أمثال المشايخ الشنقيطي، وابن باز، وعبد الرزاق عفيفي، وحمد الجاسر، وغيرهم. ومن طرائف هذه المرحلة نشوب معركة كلامية بين طالب ومعلم مصري، حيث تفاخر الطالب بقصور الناصرية التي لا مثيل لها في مصر، وكان رد الأستاذ: حمامات قصر عابدين أحسن من ناصريتكم! ومن زملاء الدراسة أسماء بارزة كالمشايخ راشد بن خنين وحمود العقلا وزيد الفياض ومحمد الأشقر، وعبد الله بن غديان، وغيرهم. وبسبب زيارة نهرو للرياض عام 1374 فصل الشيخ حمد الجاسر من رئاسة نادي المعهد والكليات لأنه كتب مقالة ترحيبية عنوانها: مرحباً برسول السلام! وأسندت رئاسته للمؤلف، وبسبب موقف فيه شد وتصادم مع الأستاذ الأديب عبد الله بن خميس عام 1376، فصل ابن إدريس من الكلية لأنه أتهم بتزعم إضراب ومظاهرة طلابية! وكتب المؤلف قصيدة عنوانها في زورقي، وكان الملك سعود يتابع الحدث وهو في زيارة رسمية لإيطاليا، وبعد الفصل التحق المؤلف بوظيفة في وزارة المعارف، بيد أن قرار فصله ألغي حين أيقن الشيخ ابن إبراهيم أنه قرار خاطئ، وما أكبر الرجل حين يرجع عن خطأه ويصلح نتائجه. المشوار الوظيفي هو عنوان القسم الثاني، وتحدث فيه عن عمله مفتشاً فنياً على المعاهد العلمية بعد تخرجه من كلية الشريعة عام 1376، وتمكن بواسطة التفتيش من زيارة عدة مناطق من المملكة، والتعرف إلى رجالاتها، فالتقى بالعبودي، وشيبة الحمد، وابن سبيل، والقرعاوي، والحكمي. ومن طرائف الرحلات أن الشيخ القرعاوي استقبلهم بسيارته الونيت، واشترى ظبياً من رجل عابر ليكون عشاءً لهم، لكنهم تمنعوا، فنزل الشيخ على رغبتهم المتصنعة، ولم يجادلهم حفاظاً على وقته ووقتهم، وبذلك خسروا طعم الظبي وإن ظفروا بحلاوة الموز الصغير. وقد لفتت نظر أديبنا الألفاظ المتنوعة في منطقة جازان، والتي يعد بعضها محرجاً في نجد لاتفاق اللفظ واختلاف المعنى، كما نأى بنفسه عن الاقتران بزوجة أخرى، وقلَّ أن تجد رجلاً لا يرغب في أخرى، وقليل منهم فاعله، ولا يعدم المرء عذراً جميلاً يحتمي به، وكم في النفس من حاجات لا تنقصها الفطنة بل الإقدام! وذكر الأديب ابن إدريس كيف حصل على بيت بعد مشقة وجهد جهيد، وإن قضية السكن لمؤرقة للشباب قبل الزواج وبعده، ولذلك فلا مناص من حلول عاجلة حاسمة لها، فإذا تزوج الشاب، وعمل، وسكن، زادت علاقته بالمكان وأهله، وقل منه النفور والصدود، ولم يجد أحد عليه مدخلاً ليستثير غضبه. ثم تحدث عن فكرة المجلس الأعلى لرعاية العلوم والفنون والآداب، وكيف وئدت الفكرة قبل أن تظهر للعيان، وكان المتهم بالوأد الوزير الخويطر، ولكنه بريء من ذلك. ثم تحدث أديبنا عن تنقلاته الوظيفية حتى عاد إلى جامعة الإمام التي تولى إدارتها بلديه الشيخ د. عبد الله التركي، وفي الجامعة تعاون مع مديرها لإقامة احتفالية ثقافية إسلامية كبرى بمناسبة قرب القرن الهجري الجديد، بيد أن الاحتفال أجهض بعد أن مضوا فيه أشواطاً، ولم يذكر ابن إدريس من قضى على هذه الأفكار! يتبع
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: جولة في قافية الحياة
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |