الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله - الصفحة 9 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12495 - عددالزوار : 213355 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #81  
قديم 15-07-2020, 09:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

(2) المالكية قالوا: يجب إمساك المفطر في النذر المعين أيضاً، سواء أفطر عمداً أو لا، لتعيين وقته للصوم بسبب النذر، كما أن شهر رمضان متعين للصوم في ذاته، أما النذر غير المعين وباقي الصوم الواجب، فإن كان التتابع واجباً فيه كصوم كفارة رمضان، وصوم شهر نذر أن يصومه متتابعاً فلا يجب عليه الإمساك إذا أفطر فيه عمداً لبطلانه بالفطر، ووجوب استئنافه من أوله، وإن أفطر فيه سهواً أو غلبة. فإن كان في غير اليوم الأول منه وجب عليه الإمساك. وإن كان في اليوم الأول ندب الإمساك، ولا يجب، وإن كان التتابع غير واجب فيه. كقضاء رمضان وكفارة اليمين جاز الإمساك وعدمه، سواء أفطر عمداً أو لا، لأن الوقت غير متعين للصوم. وإن كان الصوم، نفلاً، فإن أفطر فيه نسياناً وجب الإمساك، لأنه لا يجب عليه قضاؤه بالفطر نسياناً، وإن أفطر فيه عمداً، فلا يجب الإمساك لوجوب القضاء عليه بالفطر عمداً، كما تقدم
(3) الحنابلة قالوا: يسن له الفطر، كالمريض بالفعل، ويكره له الصيام.
الحنفية قالوا: إذا كان صحيحاً من المرض، وغلب على ظنه حصول المرض بالصيام، فإنه يباح له الفطر، كما يباح له الصوم؛ كما لو كان مريضاً بالفعل.
المالكية قالوا: إذا ظن الصحيح بالصوم هلاكاً أو أذى شديداً وجب عليه الفطر كالمريض.
الشافعية قالوا: إذا كان صحيحاً وظن بالصوم حصول المرض، فلا يجوز له الفطر ما لم يشرع في الصوم، ويتحقق الضرر
(4) المالكية قالوا: الحامل والمرضع، سواء أكانت المرضع أماً للولد من النسب، أو غيرها، وهي الظئر، إذا خافتا بالصوم مرضاً أو زيادته، سواء كان الفخوف على أنفسهما وولديهما أو أنفسهما فقط، أو ولديهما فقط يجوز لهما الفطر، وعليهما القضاء، ولا فدية على الحامل، بخلاف المرضع فعليها الفدية؛ أما إذا خافتا بالصوم هلاكاً، أو ضرراً شديداً لأنفسهما، أو ولديهما، فيجب عليهما الفطر، وإنما يباح للمرضع الفطر إذا تعين الرضاع عليها، بأن لم تجد مرضعة سواها، أو وجدت ولم يقبل الوالد غيرها. أما إن وجدت مرضعة غيرها وقبلها الولد فيتعين عليها الصوم، ولا يجوز لها الفطر بحال من الأحوال، وإذا احتاجت المرضعة الجديدة التي قبلها الولد الأجرة، فإن كان للولد مال، فالأجرة تكون من ماله، وإن لم يوجد له مال، فالأجرة تكون على الأب، لأنها من توابع النفقة على الولد، والنفقة واجبة على أبيه إذا لم يكن له مال.
الحنفية قالوا: إذا خافت الحامل، أو المرضع الضرر من الصيام جاز لهما الفطر، سواء كان الخوف على النفس والولد معاً، أو على النفس فقط، أو على الولد فقط، ويجب عليهما القضاء عند القدرة بدون فدية، وبدون متابعة الصوم في أيام القضاء، ولا فرق في المرضع بين أن تكون أما أو مستأجرة للإرضاع. وكذا لا فرق بين أن تتعين لفرضاع أو لا، لأنها إن كانت أماً فالإرضاع واجب عليها ديانة، وإن كانت مستأجرة فالإرضاع واجب عليها بالعقد، فلا محيص عنه.
الحنابلة قالوا: يباح للحامل، والمرضع الفطر إذا خافتا الضرر على أنفسهما وولديهما، أو على أنفسهما فقط، وعليهما في هاتين الحالتين القضاء دون الفدية، أما إن خافتا على ولديهما فقط فعليهما القضاء والفدية، والمرضع إذا قبل الولد ثدي غيرها وقدرت أن تستأجر له، أو كان للولد مال يستأجر منه من ترضعه استأجرت له، ولا تفطر، وحكم المستأجر للرضاع كحكم الأم فيما تقدم.
الشافعية قالوا: الحامل، والمرضع إذا خافتا بالصوم ضرراً لا يحتمل، سواء كان الخوف على أنفسهما وولديهما معاً، أو على أنفسهما فقط، أو على ولديهما فقط، وجب عليهما الفطر، وعليهما القضاء في الأحوال الثلاثة، وعليهما أيضاً الفدية مع القضاء في الحالة الأخيرة: وهي ما إذا كان الخوف على ولدهما فقط، ولا فرق في المرضع بين أن تكون أماً للولد أو مستأجرة للرضاع، أو متبرعة به، وإنما يجب الفطر على المرضع في كل ما تقدم إذا تعينت للإرضاع، بأن لم توجد مرضعة غيرها مفطرة، أو صائمة لا يضرها الصوم، فإن لم تتعين للإرضاع جاز لها الفطر مع الإرضاع، والصوم مع تركه، ولا يجب عليها الفطر، ومحل هذا التفصيل في المرضعة المستأجرة إذا كان ذلك الخوف قبل الإجارة، أما بعد الإجارة بأن غلب على ظنها احتياجها للفطر بعد الإجارة، فإنه يجب عليها الفطر متى خافت الضرر من الصوم، ولو لم تتعين للإرضاع.
والفدية هي إطعام مسكين عن كل يوم من أيام القضاء مقداراً من الطعام يعادل ما يعطى لأحد مساكين الكفارة، على التفصيل المتقدم في المذاهب
(5) الحنابلة قالوا: إذا سافر الصائم من بلده في أثناء النهار، ولو بعد الزوال سفراً مباحاً يبيح القصر جاز له الإفطار، ولكن الأولى له أن يتم صوم ذلك اليوم
(6) الشافعية: زادوا شرطاً ثالثاً لجواز الفطر في السفر، وهو أن لا يكون الشخص مديماً للسفر، فإن كان مديماً له حرم عليه الفطر، إلا إذا لحقه بالصوم مشقة كالمشقة التي تبيح التيمم، فيفطر وجوباً
(7) الشافعية قالوا: إذا أفطر الصائم الذي أنشأ السفر بعد طلوع الفجر بما يوجب القضاء والكفارة وجبا عليه، وإذا أفطر بما يوجب القضاء فقط وجب عليه القضاء؛ وحرم عليه الفطر على كل حال
(8) المالكية قالوا: إذا بيت نية الصوم في السفر، فأصبح صائماً فيه ثم أفطر لزمه القضاء والكفارة سواء أفطر متأولاً أو لا.
الحنفية قالوا: يحرم الفطر على من بيت نية الصوم في سفره، وإذا أفطر فعليه القضاء دون الكفارة
(9) المالكية قالوا: الأفضل للمسافر الصوم إن لم يحصل له مشقة.
الحنابلة قالوا: يسن للمسافر الفطر، ويكره له الصوم، ولو لم يجد مشقة لقوله صلى الله عليه وسلم: "ليس من البر الصوم في السفر"
(10) الحنابلة قالوا: من عجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فعليه الفدية عن كل يوم، ثم إن أخرجها فلا قضاء عليه إذا قدر بعد على الصوم؛ أما إذا لم يخرجها ثم قدر فعليه القضاء

(11) الشافعية قالوا: إن كان متعدّياً بجنون بأن تناول ليلاً عمداً شيئاً أزال عقله نهاراً، فعليه قضاء ما جن فيه الأيام، وإلا فلا.
الحنابلة قالوا: إذا استغرق جنونه جميع اليوم، فلا يجب عليه القضاء مطلقاً، سواء كان متعدياً أو لا، وإن أفاق في جزء من اليوم وجب عليه القضاء.
الحنفية قالوا: إذا استغرق جنونه جميع الشهر، فلا يجب عليه القضاء، وإلا وجب.
المالكية قالوا: إذا جن يوماً كاملاً أو جله سلم في أوله أو لا، فعليه القضاء، وإن جن نصف اليوم أو أقله، ولم يسلم أوله فيهما فعليه القضاء أيضاً، وإلا فلا، كما تقدم
(12) المالكية قالوا: لا يجب الإمساك، ولا يستحب في هذه الحالة إلا إذا كان العذر الإكراه، فإنه إذا زال وجب عليه الإمساك، وكذا إذا أكل ناسياً، ثم تذكر، فإنه يجب عليه الإمساك أيضاً.
الشافعية قالوا: لا يجب الإمساك في هذه الحالة، ولكنه يسن
(13) الحنفية قالوا: إذا قضى ما فاته من رمضان في الأيام التي نذر صومها صح صيامه عن رمضان، وعليه قضاء النذر في أيام أخر، وذلك لأن النذر لا يتعين بالزمان والمكان والدرهم، فيجزئه صيام رجب عن صيام شعبان في النذر، وكذلك يجزئه التصدق بدرهم بدل آخر في مكان غير المكان الذي عينه في نذره.
الحنابلة قالوا: إن ظاهر عبارة الإقناع أنه إذا قضى أيام رمضان في أيام النذر المعين أجزأه
(14) الحنفية قالوا: من نوى قضاء صيام الفائت في رمضان الحاضر صح الصيام ووقع عن رمضان الحاضر دون الفائت، لأن الزمن متعين لأداء الحاضر، فلا يقبل غيره، ولا يلزم فيه تعيين النية؛ كما تقدم في "شرائط الصيام"
(15) الشافعية قالوا: يجب القضاء فوراً أيضاً إذا كان فطره في رمضان عمداً بدون عذر شرعي.
الحنفية قالوا: يجب قضاء رمضان وجوباً موسعاً بلا تقييد بوقت؛ فلا يأثم بتأخره إلى أن يدخل رمضان الثاني
(16) المالكية قالوا: كفارة رمضان على التخيير بين الإعتاق والإطعام، وصوم الشهرين المتتابعين، وأفضلها الإطعام، فالعتق، فالصيام، وهذا التخيير بالنسبة للحر الرشيد، أما العبد فلا يصح العتق منه، لأنه لا ولاء له، فكيفر بالإطعام إن أذن له سيده فيه، وله أن يكفر بالصوم، فإن لم يأن له سيده في الإطعام تعين عليه التكفير بالصيام، وأما السفيه فيأمره وليه بالتكفير بالصوم، فإن امتنع أو عجز عنه كفر عنه وليه بأقل الأمرين قيمة من الإطعام، أو العتق
(17) المالكية قالوا: يجب تمليك كلواحد مداً بمد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ملء اليدين المتوسطتين لا مقبوضتين ولا مبسوطتين، ويكون ذلك المد من غالب طعام أهل بلد المكفر من قمح أو غيره، ولا يجزئ بدله الغداء ولا العشاء على المعتمد، وقدر المد بالكيل بثلث قدح مصري، وبالوزن برطل وثلث، كل رطل مائة وثمانية وعشرون درهماً مكياً، وكل درهم يزن خمسين حبة، وخمس حبة من متوسط الشعير، والذي يعطى إنما هو الفقراء أو المساكين، ولا يجزئ إعطاؤها لمن تلزمه نفقتهم، كأبيه وأمه وزوجته وأولاده الصغار، أما أقاربه الذين لا تلزمه نفقتهم فلا مانع من إعطائهم منها إذا كانوا فقراء، كإخوته وأجداده.
الحنفية قالوا: يكفي في إطعام الستين مسكيناً أن يشبعهم في غذاءين أو عشاءين، أو فطور وسحور، أو يدفع لكل فقير نصف صاع من القمح أو قيمته، أو صاعاً من الشعير، أو التمر أو الزبيب، والصاع قد حان وثلث بالكيل المصري. ويجب أن لا يكون في المساكين من تلزمه نفقته. كأصوله وفروعه وزوجته.
الشافعية قالوا: يعطي لكل واحد من الستين مسكيناً مداً من الطعام الذي يصح إخراجه في زكاة الفطر، كالقمح والشعير، ويشترط أن يكون من غالب قوت بلده، ولا يجزئ نحو الدقيق والسويق، لأنه لا يجزئ في الفطرة. والمد: نصف قدح مصري. وهو ثمن الكيلة المصرية. ويجب تمليكهم ذلك. ولا يكفي أن يجعل هذا القدر طعاماً يطعمهم به، فلا غداهم وعشاهم به لم يكف ولم يدزئ. ويجب أن لا يكون في المساكين من تلزمه نفقته إن كان الجاني في الصوم هو المكفر عن نفسه؛ أما إن كفر عنه غيره فيصح أن يعتبر عيال ذلك الجاني في الصوم من ضمن المساكين.
الحنابلة قالوا: يعطي كل مسكين مداً من قمح، والمد: هو رطل وثلث بالعراقي، والرطل العراقي مائة وثمانية، وعشرون درهماً، أو نصف صاع من تمر أو شعير أو زبيب أو أقط، وهو اللبن المجمد، ولا يجزئ إخراجها من غير هذه الأصناف مع القدرة؛ والصاع أربعة أمداد، ومقدار الصاع بالكيل المصري قد حان، ويجوز إخراجها من دقيق القمح والشعير أو سويقهما، وهو ما يحمص ثم يطحن، إذا كان بقدر حبة في الوزن لا في الكيل، ولو لم يكن منخولاص، كما يجزئ إخراج الحب بلا تنقية، ولا يجزئ في الكفارة إطعام الفقراء خبزاً، أو إعطاؤهم حباً معيباً، كالقمح المسوس والمبلول والقديم الذي تغير طعمه، ويجب أن لا يكون في الفقراء الذين يطعمهم في الكفارة من هو أصل أو فرع له، كأمه وولده، ولو لم يجب عليه نفقتهما، ولا من تلزمه نفقته، كزوجته وأخته التي لا يعود لها غيره، سواء كان هو المكفر عن نفسه، أو كفر عنه غيره.
(18) الحنفية قالوا: لا تتعدد الكفارة بتعدد ما يقتضيها مطلقاً، سواء كان التعدد في يوم واحد، أو في أيام متعددة، وسواء كان في رمضان واحد، أو في متعدد من سنين مختلفة، إلا أنه لو فعل ما يوجب الكفارة ثم كفر عنه ثم فعل ما يوجبها ثانياً، فإن كان هذا التكرار في يوم واحد كفت كفارة واحدة، وإن كان التكرار في أيام مختلفة عما بعد الأول الذي كفر عنه بكفارة جديدة، وظاهر الرواية يقتضي التفصيل، وهو إن وجبت بسبب الجماع تتعدد، وإلا فلا تتعدد.
الحنابلة قالوا: إذا تعدد المقتضى الكفارة في يوم واحد، فإن كفر عن الأول لزمته كفارة ثانية للموجب الذي وقع بعده، وإن لم يكفر عن السابق كفته كفارة واحد عن الجميع
(19) الحنابلة قالوا: إذا عجز في وقت وجوبها عن جميع أنواعها سقطت عنه ولو أيسر بعد ذلك


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #82  
قديم 15-07-2020, 09:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الاول
[كتاب الاعتكاف]
صـــــ 528 الى صــــــــ535
الحلقة (69)

[كتاب الإعتكاف]

[تعريفه وأركانه]
هو اللبث في المسجد للعبادة على وجه مخصوص، ومعنى هذا أن النية ليست ركناً من أركان الاعتكاف، وإلا لذكرت في التعريف، وهو كذلك عند الحنفية، والحنابلة،
فإنهم يقولون:
إن النية شرط لا ركن، وخالف المالكية. والشافعية،
فقالوا:
إنها ركن لا شرط. وقد عرفت أن الأمر في ذلك سهل، إذ النية لا بد منها عند الفريقين، سواء كانت شرطاً أو ركناً،
فمن قال:
إنها ركن ذكرها في التعريف، فزاد بعد كلمة "مخصوص" كلمة، "بنية" ومن لم يقل: إنها ركن حذف كلمة "بنية".
فأركانه ثلاثة:
المكث في المسجد. والمسجد. والشخص المعتكف.
والنية عند من يقول:
إنها ركن. وله أقسام. وشروط. ومفسدات. ومكروهات وآذاب.
[أقسامه ومدته]
فأما أقسامه فهي اثنان: واجب، وهو المنذور، فمن نذر أن يعتكف وجب عليه الاعتكاف، وسنة، وهو ما عدا ذلك، وفي كون السنة مؤكدة في بعض الأحيان دون بعض تفصيل في المذاهب مذكور تحت الخط (1) . وأقل مدته لحظة زمانية بدون تحديد، وخالف المالكية، والشافعية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (2) .
[شروط الاعتكاف - اعتكاف المرأة بدون زوجها]
وأما شروطه: فمنها الإسلام، فلا يصح الاعتكاف من كافر، ومنها التمييز، فلا يصح من مجنون ونحوه؟ ولا من صبي غير مميز، أما الصبي المميز فيصح اعتكافه، ومنها وقوعه في المسجد، فلا يصح في بيت ونحوه، على أنه لا يصح في كل مسجد؛ بل لا بد أن تتوافر في المسجد الذي يصح فيه الاعتكاف شروط مفصلة في المذاهب، مذكورة تحت الخط (3) ، ومنها النية، فلا يصح الاعتكاف بدونها. وقد عرفت أنها من الشروط عند الحنفية، والحنابلة، وخالف المالكية، والشافعية، فانظر مذهبهم تحت الخط (4) ، ومنها الطهارة من الجنابة والحيض والنفاس، عند الشافعية، والحنابلة، أما المالكية؛ والحنفية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (5) .
وزاد المالكية على ذلك شروطاً أخرى، فانظرها تحت الخط (6) ، ولا يصح اعتكاف المرأة بغير إذن زوجها، ولو كان اعتكافها منذوراً، سواء علمت أنه يحتاج إليها للاستمتاع، أو ظنت، أو لا. وخالف الشافعية، والمالكية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (7)
[مفسدات الاعتكاف]
أما مفسدات الاعتكاف منها: الجماع عمداً، ولو بدون إنزال، سواء كان بالليل أو النهار، باتفاق. أو الجماع نسياناً فإنه يفسد الاعتكاف عند ثلاثة؛
وقال الشافعية:
إذا جامع ناسياً للاعتكاف فإن اعتكافه لا يفسد، أما دواعي الجماع من تقبيل بشهوة، ومباشرة ونحوها، فإنها لا تفسد الاعتكاف إلا بالإنزال، باتفاق ثلاثة، وخالف المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط (8) ، ولكن يحرم على المعتكف أن يفعل تلك الدواعي بشهوة، ولا يفسده إنزال المني بفكر أو نظر أو احتلام، سواء كان ذلك عادة له أو لا، عند الحنفية والحنابلة، أما المالكية، والشافعية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (9) ، ومنها الخروج من المسجد، على تفصيل في المذاهب، مذكور تحت الخط (10) ومنها الردّة، فإذا ارتد المعتكف بطل اعتكافه، ثم إن عاد للإسلام، فلا يجب عليه قضاءه ترغيباً في الإسلام؛ عند الحنفية، والمالكية، وخالف الشافعية، والحنابلة؛ فانظر مذهبيهما تحت الخط (11) .
وهناك مفسدات أخرى مفصلة في المذاهب، مذكورة تحت الخط (12) .
[مكروهات الاعتكاف وآدابه]
وأما مكروهاته وآدابه، ففيها تفصيل في المذاهب مذكور تحت الخط (13) .
(1) الحنابلة قالوا: يكون سنة مؤكدة في شهر رمضان وآكده في العشر الأواخر منه.
الشافعية قالوا: إن الاعتكاف سنة مؤكدة في رمضان وغيره، وهو في العشر الأواخر منه آكد.
الحنفية قالوا: هو سنة كفاية مؤكدة في العشر الأواخر من رمضان، ومستحب في غيرها فالأقسام عندهم ثلاثة.
المالكية قالوا: هو مستحب في رمضان وغيره على المشهور، ويتأكد في رمضان مطلقاً وفي العشر الأواخر منه آكد، فأقسامه عندهم اثنان: واجب، وهو المنذور، ومستحب، وهو ما عداه
(2) المالكية قالوا: أقله يوم وليلة على الراجح.
الشافعية قالوا: لا بد في مدته من لحظة تزيد عن زمن قول: "سبحان الله"
(3) المالكية: اشترطوا في المسجد أن يكون مباحاً لعموم الناس، وأن يكون المسجد الجامع لمن تجب عليه الجمعة، فلا يصح الاعتكاف في مسجد البيت ولو كان المعتكف امرأة، ولا يصح في الكعبة، ولا في مقام الولي.
الحنفية قالوا: يشترط في المسجد أن يكون مسجد جماعة، وهو ما له إمام ومؤذن سواء أقيمت فيه الصلوات الخمس أو لا.
هذا إذا كان المعتكف رجلاً، أما المرأة فتعتكف في مسجد بيتها الذي أعدته لصلاتها، ويكره تنزيهاً اعتكافها في مسجد الجماعة المذكور، ولا يصح لها أن تعتكف في غير موضع صلاتها المعتاد، سواء أعدت في بيتها مسجداً لها أو اتخذت مكاناً خاصاً بها للصلاة.
الشافعية قالوا: متى ظن المعتكف أن المسجد موقوف خالص المسجدية - أي ليس مشاعاً - صح الاعتكاف فيه للرجل والمرأة، ولو كان المسجد غير جامع، أو غير مباح للعموم.
الحنابلة قالوا: يصح الاعتكاف في كل مسجد للرجل والمرأة، ولم يشترط للمسجد شروط، إلا أنه إذا أراد أن يعتكف زمناً يتخلله فرض تجب فيه الجماعة، فلا يصح الاعتكاف حينئذ إلا في مسجد تقام فيه الجماعة ولو بالمعتكفين
(4) الشافعية، والمالكية قالوا: النية ركن لا شرط، كما تقدم، ولا يشترط عند الشافعية في النية أن تحصل وهو مستقر في المسجد ولو حكماً، فيشمل المتردد في المسجد، فتكفي في حال مروره على المعتمد
(5) الحنفية قالوا: الخلو من الجنابة شرط لحل الاعتكاف لا لصحته، فلو اعتكف الجنب صح اعتكافه مع الحرمة، أما الخلو من الحيض والنفاس فإنه شرط لصحة الاعتكاف الواجب، وهو المنذور؛ فلو اعتكف الحائض أو النفساء لم يصح اعتكافهما، لأنه يشترط للاعتكاف الواجب الصوم،ولا يصح الصيام منهما، أما الاعتكاف المسنون، فإن الخلو من الحيض والنفاس ليس شرطاً لصحته لعدم اشتراط الصوم له على الراجح.
المالكية قالوا: الخلو من الجنابة ليس شرطاً لصحة الاعتكاف، إنما هو شرط لحل المكث في المسجد، فإذا حصل للمعتكف أثناء اعتكافه جنابة بسبب غير مفسد للاعتكاف؛ كالاحتلام، ولم يكن بالمسجد ماء وجب عليه الخروج للاغتسال خارج المسجد، ثم يرجع عقبه فإن تراخى عن العود إلى المسجد بعد اغتساله بطل اعتكافه، إلا إذا تأخر لحاجة من ضرورياته، كقص أظافره أو شاربه، فلا يبطل اعتكافه، وأما الخلو من الحيض والنفاس فهو شرط لصحة الاعتكاف مطلقاً، منذوراً أو غيره، لأن من شروط صحته الصوم، والحيض والنفاس مانعان من صحة الصوم؛ فإذا حصل للمعتكفة الحيض أو النفاس أثناء الاعتكاف خرجت من المسجد وجوباً، ثم تعود إليه عقب انقطاعهما لتتميم اعتكافها التي نذرته أو نوته حين دخولها المسجد، فتعتكف في المنذور بقية أيامه وتأتي أيضاً ببدل الأيام التي حصل فيها العذر، وأما في التطوع فتكمل الأيام التي نوت أن تعتكف فيها، ولا تقضي بدل أيام العذر.
(6) المالكية: زادوا في شروط الاعتكاف الصوم، سواء كان الاعتكاف منذوراً أو تطوعاً.
الحنفية: زادوا في شروط الاعتكاف الصيام إن كان واجباً، أما التطوع فلا يشترط فيه الصوم
(7) الشافعية قالوا: إذا اعتكف المرأة بغير إذن زوجها صح وكانت آثمة، ويكره اعتكافها إن أذن لها، وكانت من ذوات الهيئة.
المالكية قالوا: لا يجوز للمرأة أن تنذر الاعتكاف أو تتطوع به، بدون إذن زوجها إذا علمت أو ظنت أنه يحتاج لها للوطء، فإذا فعلت ذلك بدون إذنه، فهو صحيح، وله أن يفسده عليها بالوطء لا غير، ولو أفسده وجب عليها قضاؤه؛ ولو كان تطوعاً، لأنها متعدية بعدم استئذانه ولكن لا تسرع في القضاء إلا بإذنه
(8) المالكية قالوا: مثل الجماع القبلة على الفم، ولم يقصد المقبل لذة، ولم يجدها، ولو لم ينزل؛ أما اللمس والمباشرة. فإنهما يفسدان بشرط قصد اللذة، أو وجدانها، وإلا فلا
(9) المالكية قالوا: يفسد الاعتكاف بإنزال بالفكر، والنظر ليلاً أو نهاراً، عامداً أو ناسياً.
الشافعية قالوا: إن كان الإنزال بالنظر والفككر عادة للمعتكف، فإنه يفسد الاعتكاف، وإن لم يكن عادة له، فلا يفسده
(10) الحنفية قالوا: خروج المعتكف من المسجد له حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون الاعتكاف واجباً بنذر، وفي هذه الحالة لا يجوز له الخروج من المسجد مطلقاً ليلاً أو نهاراً، عمداً أو نسياناً، فمن خرج بطل اعتكافه إلا بعذر، والأعذار التي تبيح للمعتكف - اعتكافاً واجباً - الخروج من المسجد تنقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول: أعذار طبيعية، كالبول، أو الغائط، أو الجنابة بالاحتلام حيث لا يمكنه الاغتسال في المسجد ونحو ذلك، فإن المعتكف يخرج من المسجد للاغتسال من الجنابة، ولقضاء حاجة الإنسان بشرط أن لا يمكث خارج المسجد إلا بقدر قضائها،
الثاني: أعذار شرعية كالخروج لصلاة الجمعة إذا كان المسجد المعتككف فيه لا تقام فيه الجمعة، ولا يجوز أن يخرج إلا بقدر ما يدرك به أربع ركعات قبل الأذان عند المنبر، ولا يمكث بعد الفراغ من الصلاة إلا بقدر ما يصلي أربع ركعات أو ستاً، فإن مكث أكثر من ذلك لم يفسد اعتكافه في المسجد الأول بلا ضرورة،
الثالث: أعذار ضرورية، كالخوف على نفسه أو متاعه إذا استمر في هذا المسجد، وكذا إذا انهدم المسجد، فإنه يخرج بشرط أن يذهب إلى مسجد آخرفوراً ناوياً الاعتكاف فيه.
الحالة الثانية: أن يكون الاعتكاف نفلاً، وفي هذه الحالة لا بأس من الخروج منه ولو بلا عذر، لأنه ليس له زمن معين ينتهي بالخروج؛ ولا يبطل ما مضى منه، فإن عاد إلى المسجد ثانياً ونوى الاعتكاف كان له أجره، أما إذا خرج من المسجد في الاعتكاف الواجب بلا عذر أثم وبطل ما فعل منه.
المالكية قالوا: إذا خرج المعتكف من المسجد، فإن كان خروجه لقضاء مصلحة لا بد منها كشراء طعام أو شراب له، أو ليتطهر، أو ليتبول مثلاً، فلا يبطل اعتكافه، وأما إذا خرج لغير حاجياته الضرورية، كأن خرج لعيادة مريض، أو لصلاة الجمعة حيث كان المسجد الذي يعتكف فيه ليس فيه جمعة، أو خرج لأداء شهادة، أو تشييع جنازة ولو كانت جنازة أحد والديه، فإن اعتكافه يبطل، وإن كان الخروج واجباً، كما في الجمعة، فإن مكث بالمسجد، ولم يخرج لها، كان آثماً، وصح اعتكافه،لأن ترك جمعة واحدة ليس من الكبائر، والاعتكاف لا يبطل إلا بارتكاب كبيرة على المشهور، وليس من الخروج المبطل لاعتكافه ما إذا خرج لعذر، كحيض، أو نفاس. كما تقدم؛ وأما إذا صادف المعتكف أثناء اعتكافه زمن لا يصح فيه الصوم كأيام العيد، فإنه يجب عليه البقاء بالمسجد، ولا يجوز له الخروج على الراجح، فإذا انتهى العيد أتم ما بقي من أيام الاعتكاف الذي نذره أو نواه تطوعاً.
الحنابلة قالوا: يبطل الاعتكاف بالخروج من المسجد عمداً لا سهواً إلا لحاجة لا بد له منها كبول وقيء غلب عليه، وغسل ثوب متنجس يحتاج إليه، والطهارة عن الأحداث. كغسل الجنابة والوضوء، وله أن يتوضأ في المسجد: ويغتسل إذا لم يضر ذلك بالمسجد أو بالناس، وإذا خرج المعتكف لشيء من ذلك، فله أن يمشي على حسب عادته بدون إسراع وكذلك يجوز له الخروج ليأتي بطعامه وشرابه إذا لم يوجد من يحضرهما له ويخرج أيضاً للجمعة إن كانت واجبة عليه ولا يبطل اعتكافه بذلك، لأنه خروج لواجب، وله أن يذهب لها مبكراً، وأن يطيل المقام بمسجدها بعد صلاتها بدون كراهة، لأن المسجد الثاني صالح للاعتكاف، ولكن يستحب له المسارعة بالرجوع إلى المسجد الأول ليتم اعتكافه به. وعلى الإجمال لا يبطل الاعتكاف بالخروج لعذر شرعي أو طبيعي.
الشافعية قالوا: الخروج من المسجد بلا عذر يبطل الاعتكاف: والأعذار المبيحة للخروج تكون طبيعية كقضاء الحاجة من بول وغائط، وتكون ضرورية، كانهدام حيطان المسجد، فإنه إن خرج إلى مسجد آخر بسبب ذلك لا يبطل اعتكافه، وإنما يبطل الاعتكاف بالمفسد إذا فعله المعتكف عامداً مختاراً، عالماً بالتحريم، فإن فعله ناسياً، أو مكرهاً، أو جاهلاً جهلاً يعذر به شرعاً، كأن كان قريب عهد بالإسلام، لم يبطل اعتكافه، ومن خرج لعذر مقبول شرعاً لا ينقطع تتابع اعتكافه بالمدة التي خرج فيها، ولا يلزمه تجديد نيته عند العود، ولكن يجب قضاء المدة التي مضت خارج المسجد إلا الزمن الذي يقضي فيه حاجته من تبرز ونحوه مما لم يطل عادة، فإنه لا يقضيه، وهذا إذا كان الاعتكاف واجباً متتابعاً، بأن نذر اعتكاف أيام متتابعة أما الاعتكاف المنذور المطلق أو المقيد بمدة لا يشترط فيها التتابع، فإنه يجوز الخروج من المسجد فيهما ولو لغير عذر، لكن ينقطع اعتكافه بخروجه، ويجدد النية عند عودته، إلا إذا عزم على العودة فيهما؛ أو كان خروجه لنحو تبرز، فإنه لا يحتاج إلى تجديدها، ومثل ذلك الاعتكاف المندوب، أما بول المعتكف في إناء في المسجد فهو حرام، وإن لم يطل اعتكافه
(11) الحنابلة قالوا: إذا عاد للإسلام بعد الردّة وجب عليه القضاء.
الشافعية قالوا: إذا كان الاعتكاف المنذور مقيداً بمدة متتابعة بأن نذر أن يعتكف عشرة أيام متتابعة بدون انقطاع، ثم ارتد في الأثناء وجب عليه إذا رجع للإسلام أن يستأنف مدة جديدة؛ أما إذا نذر اعتكافاً مدة غير متتابعة، ثم ارتد أثناء الاعتكاف وأسلم، فإنه لا يستأنف مدة جديدة؛ بل يبني على ما فعل
(12) المالكية قالوا: من المفسدات أن يأكل أو يشرب نهاراً عمداً، فإذا أكل أو شرب نهاراً عامداً بطل اعتكافه، ووجب عليه ابتداؤه من أوله، سواء كان الاعتكاف واجباً أو غيره؛ ولا يبني على ما تقدم منه، وأما إذا أكل أو شرب ناسياً، فلا يجب عليه ابتداءه بل يبني على ما تقدم منه، ويقضي بدل اليوم اذي حصل فيه الفطر، ولو كان الاعتكاف تطوعاً ومنها تناول المسكر المحرم ليلاً، ولو أفاق قبل الفجر؛ وكذلك تعاطي المخدر إذا خدره بالفعل، فمتى تعاطى شيئاً من ذلك بطل اعتكافه وابتدأه من أوله، ومنها فعل كبيرة لا تبطل الصوم كاليغبة والنميمة، على أحد قولين مشهورين، والقول الآخر هو: أن ارتكاب الكبائر لا يبطله، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك، ومنها الجنون والإغماء؛ فإذا جن المعتكف أو أغمي عليه، فإن كان ذلك مبطلاً للصوم، كما تقدم، بطل اعتكافه، ولكنه لا يبتدئه من أوله كما تقدم في "الحيض والنفاس" ومنها الحيض والنفاس، كما تقدم في الشروط.
الحنفية قالوا: يفسد الاعتكاف أيضاً بإغماء إذا استمر أياماً، ومثله الجنون، وأما السكر ليلاً فلا يفسده، وكذلك لا يفسد بالسباب والجدل ونحوهما من المعاصي؛ وأما الحيض والنفاس فقد تقدم أن الخلو منهما شرط لصحة الاعتكاف الواجب، ولحل الاعتكاف غير الواجب فإذا طرأ أحدهما على المعتكف اعتكافاً واجباً فسد اعتكافه، وإذا فسد الاعتكاف معيناً، كما إذا نذر اعتكاف عشرة أيام معينة قضى بدل الأيام التي حصل فيها المفسد، ولا يستأنف الاعتكاف من أوله؛ وإن كان غير معين استأنف الاعتكاف، ولا يعتد بما تقدم عنه على وجود المفسد.
الحنابلة قالوا: من مفسدات الاعتكاف أيضاً سكر المعتكف ولو ليلاً، أما إن شرب مسكراً ولم يسكر، أو ارتككب كبيرة، فلا يفسد اعتكافه، ومنها الحيض والنفاس، فإذاحاضت المرأة أو نفست بطل اعتكافها، ولكنها بعد زوال المانع تبني على ما تقدم منه، لأنها معذورة، بخلاف السكران، فإنه يبني بعد زوال السكر، ويبتدئ اعتكافه من أوله؛ ولا يبطل الاعتكاف بالإغماء، ومن المفسدات أن ينوي الخروج من الاعتكاف، وإن لم يخرج بالفعل.
الشافعية قالوا: يفسد الاعتكاف أيضاً بالسكر والجنون إن حصلا بسبب تعديه، وبالحيض والنفاس إذا كانت المدة المنذورة تخلو في الغالب عنهما، بأن كانت خمسة عشر يومياً فأقل في الحيض، وتسعة أشهر فأقل في النفاس، أما إذا كانت المدة لا تخلو في الغالب عنهما بأن كانت تزيد على ما ذكر، فلا يفسد بالحيض ولا بالنفاس؛ كما لا يفسد بارتكاب كبيرة، كالغيبة، ولا بالشتم
(13) المالكية قالوا: مكروهات الاعتكاف كثيرة: منها أن ينقص عن عشرة أيام ويزيد على شهر،ومنها أكله خارج المسجد بالقرب منه، كرحبته وفنائه؛ أما إذا أكل بعيداً من المسجد، فإن اعتكافه يبطل، ومنها أن لا يأخذ القادر معه في المسجد ما يكفيه من أكل أو شرب ولباس، ومنها دخوله منزله القريب من المسجد لحاجة لا بد منها إذا لم يكن بذلك المنزل زوجته أو أمته، لئلا يشتغل بهما عن الاعتكاف، فإن كان منزله بعيداً من المسجد بطل اعتكافه بالخروج إليه، ومنها الاشتغال حال الاعتكاف بتعلم العلم أو تعليمه، لأن المقصود من الاعتكاف رياضة النفس، وذلك يحصل غالباً بالذكر والصلاة، ويستثنى من ذلك العلم العيني؛ فلا يكره الاشتغال به حال الاعتكاف، ومنها الاشتغال بالكتابة إن كانت كثيرة؛ ولم يكن مضطراً لها لتحصيل قوته وإلا فلا كراهة؛ ومنها اشتغاله بغير الصلاة والذكر؛ وقراءة القرآن والتسبيح والتحميد والتهليل والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك كعيادة مريض بالمسجد وصلاة على جنازة به ومنها صعوده منارة أو سطحاً للأذان، ومنها اعتكاف ما ليس عنده ما يكفيه.
وأما آدابه: فمنها أن يستصحب ثوباً غير الذي عليه، لأنه ربما احتاج؛ ومنها مكثه في مسجد اعتكافه ليلة العيد إذا اتصل انتهاء اعتكافه بها ليخرج من المسجد إلى مصلى العيد، فتتصل عبادة بعبادة، ومنها مكثه بمؤخر المسجد ليبعد عمن يشغله بالكلام معه، ومنها إيقاعه برمضان، ومنها أن يكون في العشر الأواخر منه لالتماس ليلة القدر؛ فإنها تغلب فيها، ومنها لا ينقص اعتكافه عن عشرة أيام.
الحنفية قالوا: يكره تحريماً فيه أمور: منها الصمت إذا اعتقد أنه قربة؛ أما إذا لم يعتقده كذلك فلا يكره؛ والصمت عن معاصي اللسان من أعظم العبادات؛ ومنها إحضار سلعة في المسجد للبيع أما عقد البيع لما يحتاج لنفسه أو لعياله بدون إحضار السلعة فجائز، بخلاف عقد التجارة فإنه لا يجوز.
وأما آدابه: فمنها أن لا يتكلم إلا بخير؛ وأن يختار أفضل المساجد وهي المسجد الحرام؛ ثم الحرم النبوي، ثم المسجد الأقصى لمن كان مقيماً هناك؛ ثم المسجد الجامع، ويلازم التلاوة والحديث والعلم وتدريسه ونحو ذلك.
الشافعية قالوا: من مكروهات الاعتكاف الحجامة والفصد إذا أمن تلويث المسجد، وإلا حرم؛ ومنها الإكثار من العمل بصناعته في المسجد، أما إذا لم يكثر ذلك؛ فلا يكره فمن خاط أو نسج خوصاً قليلاً فلا يكره.
وأما آدابه: فمنها أن يشتغل بطاعة الله تعالى كتلاوة القرآن والحديث والذكر والعلم، لأن ذلك طاعة؛ ويسن له الصيام؛ وأن يكون في المسجد الجامع؛ وأفضل المساجد الحرام؛ ثم المسجد النبوي، ثم المسجد الأقصى؛ وأن لا يتكلم إلا بخير فلا يشتم، ولا ينطق بلغو الكلام.
الحنابلة قالوا: يكره للمعتكف الصمت إلى الليل، وإذا نذر ذلك لم يجب عليه الوفاء به.
وأما آدابه: فمنها أن يشغل وقته بطاعة الله تعالى، كقراءة القرآن، والذكر، والصلاة؛ وأن يجتنب ما لا يعنيه
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #83  
قديم 15-07-2020, 09:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله


الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الاول
[كتاب الزكاة]
صـــــ 536 الى صــــــــ546
الحلقة (70)

[كتاب الزكاة]

[تعريفها]
هي لغة التطهير والنماء، قال تعالى: {قد أفلح من زكاها} أي طهرها من الأدناس،
ويقال:
زكاة الزرع إذا نما وزاد، وشرعا تمليك مال مخصوص لمستحقه بشرائط مخصوصة،
وهذا معناه: أن الذين يملكون نصاب الزكاة يفترض عليه أن يعطوا الفقراء ومن على شاكلتهم من مستحقي الزكاة الآتي بيانهم قدراً معيناً من أموالهم بطريق التمليك، والحنابلة يعرفون الزكاة بأنها حَق واجب في مال خاص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص؛ وهو بمعنى التعريف الأول إلا أن التعريف الأول قد صرح بضرورة تمليك المستحق وإعطائه القدر المفروض من الزكاة فعلاً، إذ لا يلزم من الوجوب التمليك بالفعل.[حكمها ودليله]الزكاة ركن من أركان الإسلام الخمس، وفرض عين على كل من توفرت فيه الشروط الآتية.وقد فرضت في السنة الثانية من الهجرة. وفرضيتها معلومة من الدين بالضرورة.ودليل فرضيتها: الكتاب، والسنة، والاجماع،
أما الكتاب فقد قال تعالى: {وآتوا الزكاة} .
وقال تعالى:
{وفي أموالهم حَق معلوم، للسائل والمحروم} .
وأما السنة فكثيرة:
منها قوله صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس" فذكر من الخمس "إيتاء الزكاة" ومنها ما أخرجه الترمذي عن سليم بن عامر،
قال:
سمعت أبا أمامة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع،
فقال:
"اتقوا الله، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأدوا زكاة أموالكم وأطيعوا ذا أمركم، تدخلون جنة ربكم" حديث حسن صحيح، ومنها غير ذلك وأما الاجماع فقد اتفقت الأمة على أنها من أركان الإسلام، بشرائط خاصة.
[شروط وجوب الزكاة]
يشترط لوجوب الزكاة شروط:
منها البلوغ، فلا تجب على الصبي الذي له مال، ومنها العقل.
فلا تجب على المجنون، ولكن تجب في مال كل منهما؛ ويجب على الولي إخراجها،
عند ثلاثة من الأئمة: وخالف الحنفية؛ فانظر مذهبهم تحت الخط (1) .
[هل تجب الزكاة على الكافر؟]
من شروطها الإسلام، فلا تجب على كافر، سواء كان أصلياً أو مرتداً، وإذا أسلم المرتد، فلا يجب عليه إخراجها زمن ردته، عند الحنفية؛ والحنابلة؛ أما المالكية، والشافعية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (2) ؛ وكما أن الإسلام شرط لوجوب الزكاة، فهو شرط لصحتها أيضاً، لأن الزكاة لا تصح إلا بالنية، والنية لا تصح من الكافر، باتفاق ثلاثة،
وقال الشافعية:
تصح النية من المرتد،
ولذا قالوا: تجب الزكاة على المرتد وجوباً موقوفاً إلى آخر ما هو مبين في مذهبهم تحت الخط (3) .
[هل تجب الزكاة في صداق المرأة]
يشترط لوجوب الزكاة الملك التام، وهل صداق المرأة قبل قبضه مملوك لها ملكاً تاماً أو لا؟ في ذلك تفصيل في المذاهبن فانظره تحت الخط (4) .
[نصاب الزكاة، وحولان الحول عليه]
يشترط لوجوب الزكاة أن يبلغ المال المملوك نصاباً، فلا تجب الزكاة إلا على من ملك نصاباً، والنصاب معناه في الشرع - ما نصبه الشارع علامة على وجوب الزكاة؛ سواء كان من النقدين أو غيرهما - ويختلف مقدار النصاب باختلاف المال المزكى، وسيأتي بيانه عند ذكر كل نوع من الأنواع التي تجب فيها الزكاة؛ أما حولان الحول فمعناه أن لا تجب الزكاة إلا إذا ملك النصاب، ومضى عليه حول وهو مالكه، والمراد الحول القمري لا الشمسي، والسنة القمرية ثلاثمائة وأربع وخمسون يوماً، والسنة الشمسية تختلف باختلاف الأحوال، فتارة تكون ثلاثمائة وخمسة وستون يوماً، وتارة تزيد على ذلك يوماً، وفي حولان الحول تفصيل المذاهب، فانظره تحت الخط (5) .
[الحرية، وفراغ المال من الدين]
ويشترط لوجوب الزكاة الحرية:
فلا تجب على الرقيق ولو مكاتباً، كما يشترط فراغ المال من الدين، فمن كان عليه دين يستغرق للنصاب أو ينقصه، فلا تجب عليه الزكاة على تفصيل في المذاهب مذكور تحت الخط (6) .
[هل تجب الزكاة في دور السكنى وثياب البدن، وأثاث المنزل، والجواهر الثمينة؟]
لا تجب الزكاة في دور السكنى، وثياب البدن، وأثاث المنزل، ودواب الركوب، وسلاح الاستعمال، وما يتجمل به من الأواني إذا لم يكن من الذهب أو الفضة، وكذا لا تجب في الجواهر كاللؤلؤ، والياقوت والزبرجد؛ ونحوها إذا لم تكن للتجارة، باتفاق المذاهب، وكذا لا تجب في آلات الصناعة مطلقاً، سواء أبقي أثرها في المصنوع أم لا، إلا عند الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (7) ، وكذا لا تجب في كتب العلم إذا لم تكن للتجارة، سواء أكان مالكها من أهل العلم، أم لا، إلا عند الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (8) .
[الأنواع التي تجب فيها الزكاة]
الأنواع التي تجب فيها الزكاة خمسة أشياء الأول: النّعَم - وهي الأبل والبقر والغنم -، والمراد بها الأهلية، فلا زكاة في الوحشية، وهي التي تولد في الجبال؛ فمن كان يملك عدداً من بقر الوحش، أو من الظباء، فإنه لا يجب عليه زكاتها، ومثل ذلك النعم المتولدة بين وحشي وأهلي، فإنها لا زكاة فيها، سواء أكانت الأم أهلية أم لا؛ باتفاق المالكية، والشافعية، وخالف الحنفية والحنابلة، فانظر مذهبيهما تحت الخط (9) ، والمراد بالبقر ما يشمل الجاموس، وبالغنم ما يشمل المعز ولا زكاة في غير ما بيناه من الحيوان، فلا زكاة في الخيل والبغال والحمير والفهد والكلب المعلم ونحوها إلا إذا كانت للتجارة، ففيها زكاة التجارة الآتي بيانها.
الثاني: الذهب والفضة،
ولو غير مضروبين
الثالث:
عروض التجارة،
الرابع:
المعدن والركاز،
الخامس:
الزروع والثمار ولا زكاة فيما عدا هذه الأنواع الخمسة.
[شروط زكاة الإبل والبقر والغنم، وبيان معنى السائمة وغيرها]
تجب الزكاة فيالإبل والبقر والغنم بشرطين:

الشرط الأول: أن تكون سائمة غير معلوفة، خلافاً للمالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط (10) ، وفي معنى السائمة تفصيل في المذاهب مذكور تحت الخط (11)
الشرط الثاني: أن يملك منها عدداً معيناً، وهو النصاب، فإذا لم يملك هذا العدد، أو كانت معلوفة عنده لا ترعى الحشائش المباحة فإن الزكاة لا تجب فيها.
معفو عنه لا زكاة فيه، مثلاً الخمس من الإبل فيها شاة، والتسع فيها شاة أيضاً، فلا شيء عليه في مقابل الأربع الزائدة على أصل النصاب، وهكذا.هذا، ولا تجزئ الشاة في الزكاة عن الإبل إلا بشروط مفصلة في المذاهب، مذكورة تحت الخط (12) .
[زكاة البقر]
أول نصاب البقر ثلاثون، فإذا بلغتها، ففيها تبيع، أو تبيعة، وإخراج التبيعة أفضل، عند الشافعية، والمالكية، فإذا بلغت أربعين، ففيها مسنة، ولا يجزئ الذكر المسن، باتفاق ثلاثة؛وخالف الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (13) ، فإذا زادت على ذلك ففي كل ثلاثين تبيع أو تبيعة، وفي كل أربعين مسنة، ففي الستين تبيعان أو تبيعتان، وفي السبعين مسنة وتبيع، وفي الثمانين مسنتان وفي التسعين ثلاثة أتبعة، وفي المائة مسنة، وتبيعان، وفي مائة وعشرة مسنتان، وتبيع، وفي مائة وعشرين تجب أربعة أتبعة، أو ثلاث مسنات، إلا عند المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط (14) ، وهكذا؛ وما بين الفريضتين معفو عنه، ولا زكاة فيه. إلا عند الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (15) ، والتبيع ما أوفى سنة، ودخل في الثانية، والمسنة ما أوفت سنتين، ودخلت في الثالثة، وتعريف التبيع والمسنة بهذا متفق عليه، إلا عند المالكية. فانظر مذهبهم تحت الخط (16) .
[زكاة الغنم]
أو نصاب الغنم أربعون. وفيها شاة من الضأن أو المعز بالسن التي تقدم بيانها. إلا أنه إذا كانت الغنم ضأناً تعين ألإخراج منها. وإن كانت معزاً فالإخراج من المعز، وإن كانت الغنم ضأنا ومعزاً فإن كان الغالب أحدهما فالشاة المخرجة تكون منه. وإن تساويا مثل أن يكون عنده عشرون من الضأن، وعشرون من المعز كان محصل الزكاة بالخيار في أخذ الشاة من أي الصنفين شاء؛ وهذا الحكم متفق عليه بين الحنفية. والمالكية، أما الشافعية. والحنابلة فانظر مذهبيهما تحت الخط (17) فإذا بلغت مائة وإحدى وعشرين، ففيها شاتان، فإذا بلغت مائتين وواحدة، ففيها ثلاث شياه، وفي أربعمائة شاة أربع شياه، وما زاد ففي كل مائة شاة، وما بين الفريضتين معفو عنه، فلا زكاة فيه.
(1) الحنفية قالوا: لا تجب الزكاة في مال الصبي والمجنون، ولا يطالب وليهما بإخراجها من مالهما؛ لأنها عبادة محضة، والصبي، والمجنون لا يخاطبان بها، وإنما وجب في مالهما الغرامات والنفقات، لأنهما من حقوق العباد، ووجب في مالهما العشر وصدقة الفطر، لأن فيهما معنى المؤنة، فالتحقا بحقوق العباد، وحكم المعتوه كحكم الصبي، فلا تجب الزكاة في ماله
(2) المالكية قالوا: الإسلام شرط صحة لا للوجوب، فتجب على الكافر وإن كانت لا تصح إلا بالإسلام، وإذا أسلم فقد سقطت بالإسلام، لقوله تعالى: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} ولا فرق بين الكافر الأصلي والمرتد
(3) الشافعية قالوا: تجب الزكاة على المرتد وجوباً موقوفاً على عودة إلى الإسلام، فإن عاد إليه تبين أنها واجبة عليه لبقاء ملكه، فيخرجها حينئذ، ولو أخرجها حال ردته أجزأت، وتجزئه النية في هذه الحالة، لأنها للتمييز لا للعبادة، أما إذا مات على ردته ولم يسلم، فقد تبين أن المال خرج عن ملكه وصار فيئاً فلا زكاة

(4) الحنفية قالوا: الملك التام هو أن يكون المال مملوكاً في اليد، فلو ملك شيئاً لم يقبضه، فلا تجب فيه الزكاة، كصداق المرأة قبل قبضه، فلا زكاة عليها فيه، وكذلك لا زكاة على من قبض ما ولم يكن ملكاً له، كالمدين الذي في يده مال الغير، أما مال العبد المكاتب، فإنه وإن كان مملوكاً له ملكاً غير تام، إلا أنه خارج بقيد الحرية الآتي؛ وأما مال الرقيق فهو غير مملوك له، وهو خارج أيضاً بقيد الحرية، ولا زكاة في المال الموقوف لعدم الملك فيه، ولا في الزرع النابت بأرض مباحة، لعدم الملك أيضاً.
المالكية قالوا: الملكك التام هو أن يكون الشخص صاحب التصرف فيما ملك، فلا زكاة على العبد بجميع أنواعه فيما ملك من المال لأن ملكه غير تام، ولو كان مكاتباً، لأنه تصرفه ربما أدى إلى عجزه عن أداء دين الكتابة، فيرجع رقيقاً، وكذلك لا زكاة على من كان تحت يده شيء غير مملوك له، كالمرتهن، وأما المرأة فصداقها مملوك لها ملكاً تاماً، إلا أنها لا تزكيه حال وجوده بيد الزوج، وإنما يجب عليها زكاته بعد أن يمضي عليه حول عندها بعد قبضه؛ وأما المدين الذين بيده مال غيره، وكان عيناً، فإن كان عنده ما يمكنه أن يوفي الدين منه من عقار وغيره وجب عليه زكاة المال الذي بيده متى مضى عليه حول، لأنه بالقدرة على دفع قيمته من عنده أصبح مملوكاً له، أما إذا كان المال الذي عنده حرثاً أو ماشية أو معدناً: فإن الدين لا يسقط زكاته، ولا يتوقف وجوب الزكاة على أن عنده ما يوفي به الدين، ولا زكاة في مال مباح لعموم الناس، كالزرع النابت وحده في أرض غير مملوكة لأحد، فيكون الزرع لمن أخذه، ولا تجب الزكاة فيه. وأما الموقوف لا يخرج العين عن الملك، فلو وقف بستاناً ليوزع ثمره على الفقراء، أو على معنين، كبني فلان، وجب عليه أن يزكي ثمره متى خرج منه نصاب، فإن خرج منه أقل من نصاب، فلا زكاة إلا إذا كان عند الواقف ثمر من بستان آخر يكمل النصاب فتجب عليه زكاة الجميع.
الشافعية قالوا: اشتراط الملك التام، يخرج الرقيق والمكاتب، فلا زكاة عليهما، أما الأول فلأنه لا يملك، وأما الثاني فلأن ملكه ضعيف، وكذلك يخرج المال المباح لعموم الناس، كزرع نبت بفلاة وحده بدون أن يستنبته أحد، فلا زكاة فيه على أحد لعدم ملكه له، وخرج أيضاً المال الموقوف على غير معين فلا تجب الزكاة فيه، كما إذا وقف بستاناً على مسجد، أو رباط، أو جماعة غير معينين، كالفقراء والمساكين، فلاتجب الزكاة في ثمره وزرعه؛ أما إذا أجرت الأرض وزرعت، فيجب على المستأجر الزكاة مع أجرة الأرض، وكذلك الموقوف على معين تجب الزكاة فيه؛ وأما صداق المرأة إذا كان بيد زوجها فهو من قبيل الدين؛ وسيأتي أن زكاته واجبة، وإنما تخرج بعد قبضه؛ وكذلك يجب على من استدان مالاً من غيره أن يزكيه إذا حال عليه الحول وهو في ملكه، لأنه ملكه بالاستقراض ملكاً تاماً.
الحنابلة قالوا: الملك تام هو أن يكون بيده لم يتعلق به حَق للغير، ويتصرف فيه على حسب اختياره فوائده له لا لغيره، فلا تجب الزكاة في دين الكتابة، ولا فيما هو موقوف على غيرمعين، كالمساكين، أو على مسجد ومدرسة ونحوها، أما الوقف على معين، فتجب فيه الزكاة، فمن وقف أيضاً أو شجراً على معين، فتجب عليه الزكاة في غلة ذلك متى بلغت نصاباً، أما صداق المرأة فهو من قبيل الدين، وسيأتي حكمه وحكم المال الذي استدانه شخص من غيره، أما العبد فلا زكاة عليه، وسيأتي الكلام فيه عند ذكر شرط الحرية
(5) الحنفية قالوا: يشترط كمال النصاب في طرفي الحول، سواء بقي في أثنائه كاملاً أو لا، فإذا ملك نصاباً كاملاً في أول الحول، ثم بقي كاملاً حتى حال الحول وجبت الزكاة، فإن نقص في أثناء الحول، ثم تم في آخره وجبت فيه الزكاة كذلك أيضاً، أما إذا استمر ناقصاً حتى فرغ الحول، فلا تجب فيه الزكاة، ومن ملك نصاباً في أول الحول ثم استفاد مالاً في أثناء الحول يضم إلى أصل المال، وتجب فيه الزكاة إذا بلغ المجموع نصاباً، وكان المال المستفاد من جنس المال الذي معه، وإنما يشترط حولان الحول في غير زكاة الزرع والثمار؛ أما زكاتهما فلا يشترط فيها ذلك.
المالكية قالوا: حولان الحول شرط لوجوب الزكاة في غير المعدن والركاز والحرث - الزرع والثمار -، أما هي فتجب فيها الزكاة، ولو لم يحل عليها الحول؛ كما يأتي تفصيله في كل من هذه الأنواع الثلاثة؛ وإذا ملك نصاباً من الذهب أو الفضة في أول الحول، ثم نقص في أثنائه، ثم ربح فيه ما يكمل النصاب في آخر الحول؛ فتجب عليه الزكاة، لأن حول الربح أصله وكذا لو ملك أقل من نصاب في أول الحول، ثم اتجر فيه فربح ما يكمل النصاب في آخر الحول وجب عليه زكاة الجميع.
الحنابلة قالوا: يشترط لوجوب الزكاة مضي الحول، ولو تقريباً، فتجب الزكاة مع نقص الحول نصف يوم، وهذا الشرط معتبر في زكاة الأثمان والمواشي وعروض التجارة، أما في غيرها: كالثمار والمعادن والركاز، فلا يشترط لوجوب الزكاة فيها حولان الحول. ولا بد من حولان الحول بتمامه، ولو تقريباً، على النصاب، فإذا ملك أقل من نصاب في أول الحول، ثم اتجر فيه فربح ما يكمل النصاب، فيعتبر حول الجميع من حين تمام النصاب، فلا زكاة إلا إذا مضى حول من يوم التمام، أما إذا ملك في أول الحول نصاباً، ثم استفاد في أثناء الحول مالاً من جنسه بالاتجار فيه، فإنه يضم إلى المال الذي عنده، ويزكي الجميع على حول الأصل، لأن حول الربح حول أصله متى كان الأصل نصاباً.
الشافعية قالوا: حولان الحول شرط لوجوب الزكاة على التحديد، فلو نقص الحول ولو لحظة. فلا زكاة، وإنما يشترط حولان الحول في غير زكاة الحبوب، والمعدن، والركاز وربح التجارة، لأن ربح التجارة يزكى على حول أصله. بشرط أن يكون الأصل نصاباً، فإن كان أقل من نصاب ثم كمل النصاب بالربح، فالحول من حين التمام، ولو كان النصاب كاملاً في أول الحول، ثم نقص في أثنائه، ثم كمل بعد ذلك فلا زكاة، إلا إذا مضى حول كامل من يوم التمام
(6) الشافعية قالوا: لا يشترط فراغ المال من الدين. فمن كان عليه دين وجبت عليه الزكاة ولو كان ذلك الدين يستغرق النصاب.
الحنفية قالوا: ينقسم الدين بالنسبة لذلك إلى ثلاثة أقسام:
الأول: أن يكون ديناً خالصاً للعباد؛
الثاني: أن يكون ديناً لله تعالى، ولكن له مطالب من جهة العباد: كدين الزكاة والمطالب هو الإمام في الأموال الظاهرة. - وهي السوائم. وما يخرج من الأض -، أو نائب الإمام في الأموال الباطنة - وهي أموال التجارة: كالذهب والفضة - ونائب الإمام هم الملاك، لأن الإمام كان يأخذها إلى زمن عثمان رضي الله عنه، ففوّضها عثمان إلى أربابها في الأموال الباطنة،
الثالث: أن يكون ديناً خالصاً لله تعالى ليس له مطالب من جهة العباد، كديون الله تعالى الخالصة من نذور وكفارات، وصدقة فطر؛ ونفقة حج، فالدين الذي يمنع وجوب الزكاة هو دين القسمين الأولين. فإذا ملك شخص نصاب الزكاة، ثم حال عليه الحول ولم يخرج زكاته، ثم حال عليه حول آخر، فإنه لا تجب عليه الزكاة فيه بالنسبة للحول الثاني، لأنه دين زكاة الحول الأول ينقصه عن النصاب، وكذا لو ملك مالاً، وكان عليه دين لشخص آخر لا فرق بين أن يكون الدين قرضاً أو ثمن مبيع، أو نقوداً، أو مكيلاً، أو موزوناً، أو حيواناً، أو غيره، والدين المذكور يمنع وجوب الزكاة بجميع أنواعها إلا زكاة الزروع والثمار - العشر والخراج -، أما القسم الثالث فإنه لا يمنع وجوب الزكاة.
المالكية قالوا: من كان عليه دين ينقص النصاب، وليس عنده ما يفي به من غير مال الزكاة مما لا يحتاج إليه في ضرورياته، كدار السكنى، فلا تجب عليه الزكاة في المال الذي عنده، وهذا الشرط خاص بزكاة الذهب والفضة إذا لم يكونا من معدن أو ركاز، أما الماشية والحرث فتجب زكاتهما. ولو مع الدين، وكذا المعدن والركاز.
الحنابلة قالوا: لا تجب الزكاة على من عليه دين يستغرق النصاب أو ينقصه؛ ولو كان الدين من غير جنس المال المزكى، ولو كان دين خراج؛ أو حصاد، أو أجرة أرض وحرث، ويمنع الدين وجوب الزكاة في الأموال الباطنة: كالنقود وقيم عروض التجارة والمعدن والأموال الظاهرة: كالمواشي والحبوب والثمار، فمن كان عنده مال وجبت زكاته، وعليه دين، فليخرج منه بقدر ما يفي دينه أولاً، ثم يزكي الباقي إن بلغ نصاباً
(7) الحنفية قالوا: آلات الصناعة إذا بقي أثرها في المصنوع: كالصباغة تجب فيها الزكاة، وإلا فلا
(8) الحنفية قالوا: كتب العلم إذا كان مالكها من أهل العلم، فلا تجب فيها الزكاة وإلا وجبت
(9) الحنفية قالوا: المتولد بين وحشي وأهلي ينظر فيه للأم، فإن كانت أهلية ففيها الزكاة؛ وإلا فلا زكاة فيها.
الحنابلة قالوا: تجب الزكاة في الوحشية والمتولد بين وحشية وأهلية
(10) المالكية قالوا: لا شترط في وجوب زكاة النعم السوم، فتجب الزكاة فيها متى بلغت نصاباً، سواء أكانت سائمة أو معلوفة، ولو في جميع السنة، وسواء أكانت عاملة أم غير عاملة
(11) الحنابلة قالوا: السائمة هي التي تكتفي برعي الكلأ المباح في أكثر السنة على الأقل، ويشترط أن تكون مقصودة للدر أو النسل أو التسمين، فلو اتخذت للحمل أو الركوب أو الحرث فلا زكاة فيها، ولو اتخذت للتجارة ففيها زكاة التجارة الآتي بيانها؛ ولا يشترط أن ترسل للرعي، فلو رعت بنفسها أو بفعل غاصب أكثر الحول بدون أن يقصد مالكها ذلك وجب فيها الزكاة.
الشافعية قالوا: السائمة هي النعم التي يرسلها صاحبها العالم بأنه مالك لها أو نائبه لرعي الكلأ المباح كل الحول ومثل الكلأ المباح الكلأ المملوك إذا كانت قيمته يسيرة، ولا يضر علفها بشيء يسير تعيش بدونه بلا ضرر بين، كيوم أو يومين إذا لم يقصد بذلك العلف اليسير فطع السوم، فلو تخلف شرط من هذه الشروط لا تكون سائمة، كأن سامت بنفسها، أو سامها غير مالكها، أو نائبه، أو علفت قدراً لا تعيش بدونه، وكذا لو علفت بشيء تعيش بدونه بضرر بين، أو تعيش بلا ضرر بين لكن قصد بعلفها قطع السوم، أو ورثها وارث ولم يعلم بانتقال الملك إليه، فلا زكاة في كل هذه الأحوال، كما لا زكاة في السائمة المستكملة للشروط إذا قصدت للعمل.
الحنفية قالوا: السائمة هي التي يرسلها صاحبها لترعى في البراري في أكثر السنة لقصد الدر، أو النسل؛ أو السمن الذي يراد به تقويتها لا ذبحها، فلا بد من أن يقصد صاحبها إسامتها لذلك؛ فإن قصد إسامتها للذبح أو الحمل أو الركوب، أو للحرث، فلا زكاة فيها أصلاً، وإن أسامها للتجارة ففيها زكاتها التي سيأتي بيانها، وكذا لا تجب فيها الزكاة إن علفها نصف السنة أو أكثر من نصفها، كما لا تجب الزكاة إن سامت بنفسها بدون قصد من مالكها.
المالكية: لم يحددوا السائمة، لأنه لا فرق عندهم بين السائمة وغيرها في وجوب الزكاة، كما عرفت
(12) المالكية قالوا: إذا بلغت الإبل مائة وإحدى وعشرين إلى تسع وعشرين خير الساعي بين أن يأخذ ثلاث بنات لبون أو حقتين، إذا وجد الصنفان عند المزكي أو فقداً، أما إذا وجد أحدهما فقط، فإنه يتعين الإخراج منه، ولا يكلف رب المال بإخراج النصف المفقود إذا رأى الساعي ذلك.
الحنفية قالوا: إذا زاد العدد على مائة وعشرين استؤنفت الفريضة، وكانت زكاة ما زاد كزكاة النصاب الأول، فيجب في كل خمس يزيد على ذلك شاة مع الحقتين إلى مائة وخمس وأربعين، ففيها حقتان وبنت مخاض، وفي مائة وخمسين ثلاث حقاق، ثم تجب في كل خمس يزيد على مائة وخمسين شاة إلى مائة وأربع وسبعين، وفي مائة وخمس وسبعين ثلاث حقاق وبنت مخاض وفي مائة وست وثمانين ثلاث حقاق وبنت لبون، وفي مائة وست وتسعين أربع حقاق إلى مائتين وفي مائتين يخير المتصدق بين أربع حقاق أو خمس بنات لبو، ثم تستأنف الفريضة، كما تستأنف في الخمسين التي بعد المائة، والخمسين، بمعنى أنه يجب في كل خمس تزيد على المائتين شاة مضافة إلى ما وجب في ذمته إلى مائتين وأربع وعشرين، فإذا بلغت مائتين وست وثلاثين، ففيها بنت لبون مع ما وجب في المائتين. إلى مائتين وخمسين، فإذا زادت، فعل في الخمسين الزائدة مثل ما تقدم، وهكذا
(12) الحنفية قالوا: الشاة التي تجزئ في الزكاة ما أتمت سنة ودخلت في الثانية، معزاً كانت أو ضأناً، ويشترط أن تكون سليمة من العيوب، ولو كانت الإبل المزكاة معيبة.
الحنابلة قالوا: الشاة التي تجزئ في الزكاة إن كانت من الضأن، فيشترط أن تتم ستة أشهر وإن كانت من العز اشترط فيها تمام سنة كاملة، ويجب أن تكون الشاة المخرجنة سليمة من العيوب التي تمنع من إجزائها في الأضحية، إلا أنه إذا كانت الإبل المخرج عنها مريضة تنقص قيمة الشاة بنسبة نقص قيمة الإبل المريضة عن الإبل الصحيحة، مثلاً إذا كان عند الشخص خمس من الإبل تساوي لمرضها ثمانين جنيهاً، ولو كانت صحيحة لكانت قيمتها مائة، فيكون نقص المريضة عن الصحيحة الخمس، فلو كانت الشاة التي تخرج عن الإبل الصحيحة تساوي خمساً، فالتي تخرج عن الإبل المريضة شاة صحيحة تساوي أربعا فقط.
الشافعية قالوا: الشاة التي تجزئ في الزكاة إن كانت ضأناً وجب أن تتم سنة، إلا إذا اسقطت مقدم أسنانها بعد مضي ستة أشهر من ولادتها، فإنها تجزئ، وإن لم تتم الحول، وإن كانت من المعز فيشترط أن تتم سنتين وتدخل في الثالثة، ولا بد في كل منها من السلامة، وإن كانت الإبل التي يخرج زكاتها معيبة.
المالكية قالوا: الشاة التي يجزئ إخراجها في الزكاة لا بد أن تكون جذعة، أو جذعاً، بلغ كل منهما سنة تامة، سواء كانت من الضأن أو المعز، وفي إخراج الواجب من أي الصنفين تفصيل حاصله أنه يتعين إخراج الشاة من الضأن إن كان أكثر غنم أهل البلد الضأن، ولو كانت غنم الزكي بخلاف ذلك، فإن كان أكثر الغنم في بلد المزكي هو المعز، فالواجب إخراج الشاة منه، إلا إذا تبرع بإخراجها من الضأن، فيكفيه ذلك، ويجبر الساعي على قبوله، فإن تساوى الضأن والمعز في البلد، خير الساعي في أخذ الشاة من الضأن أو المعز، ويجب أن تكون الشاة التي يخرجها سليمة من العيوب، فلا يجزئ إخراج المعيبة، إلا إذا رأى الساعي أنها أنفع للفقراء، لكثرة لحمها مثلاً، فيجزئ إخراجها، لكن لا يجبر المالك على دفعها
(13) الحنفية قالوا: الذكر والأنثى سواء. فالأربعون من البقر الواجب فيها مسن أو مسنة
(14) المالكية قالوا: في مائة وعشرين أربعة أتبَعة أو ثلاث مسنات. يخير آخذ الزكاة في أخذ أيهما شاء إذا وجد الصنفان. أو فقد معاً. فإذا وجد أحدهما فقط عند المالك تعين الأخذ منه وليس لأخذ الزكاة جبره على شراء الصنف الآخر
(15) الحنفية قالوا: ما بين الفريضتين عفو إلا فيما زاد على الأربعين إلى الستين. فإنه يبج الزكاة في الزيادة بقدرها من المسنة على ظاهر الرواية. ففي الواحدة الزائدة على الأربعين ربع عشر مسنة. وفي الاثنين نصف عشر مسنة. وهكذا إلى الستين
(16) المالكية قالوا: التبيع هو ما أوفى سنتين. ودخل في الثالثة، أما المسنة فهي ما أوفت ثلاث سنين. ودخلت في الرابعة

(17) الشافعية قالوا: يجزئ إخراج الضأن عن المعز وعكسه مع رعاية القيمة، فلو كانت غنمه كلها ضأناً وأراد أن يخرج ثنية من المعز أجزأه ذلك بشرط أن تكون قيمتها تساوي قيمة الجذعة من الضأن وهكذا.
الحنابلة قالوا: يجزئ إخراج الواحدة من المعز عن الضأن بشرط أن يكون سنها حولاً، كما تجزئ الشاة من الضأن عن أربعين من المعز بشرط أن لا ينقص سنها عن ستة أشهر؛ كما تقدم


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #84  
قديم 15-07-2020, 09:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله


الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الاول
[كتاب الزكاة]
صـــــ 546 الى صــــــــ558
الحلقة (71)

[زكاة الذهب والفضة]
تجب الزكاة في الذهب والفضة إذا بلغا النصاب، ونصاب الذهب عشرون مثقالاً، وهو الدينار، باتفاق إلا عند الحنابلة، فانظر مذهبهم تحت الخط (1) ، ويساوي بالعملة المصرية أحدَ عشر جنيهاً مصرياً ونصفاً وربعاً وثمناً، وقيمة ذلك بالقروش المصرية 1187، 50؟؟ قرش، وقيمة النصاب بالجنيه الإنجليزي اثنا عشر جنيهاً وثمن جنيه إنجليزي، وقيمة النصاب بالبنتو خمسة عشر بنتو وخمسا خمس، وقيمة النصاب من المجر خمسة وعشرون مجراً وثمانية استاع؛ وقيمة النصاب من البندقي خمسة وعشرون بندقياً ونصف بندقي، ويجب أن يخرج مالك النصاب من الذهب ربع العشر زكاة له بالشروط المتقدمة ونصاب الفضة مائتا درهم، وتساوي بالريال المصري ستة وعشرين ريالاً مصرياً، وتسعة قروش، وثلثي قرش، ويساوي بالقروش المصرية خمسمائة وتسعة وعشرين قرشاً وثلثين، فمن ملك نصاباً منها وجب عليه إخراج ربع العشر زكاة له، ولا فرق بين أن يكون الذهب والفضة مضروبين أو غير مضروبين، وهذا في غير الحلي، أما الحلي ففي زكاته تفصيل المذاهب، مذكور تحت الخط (2) .
[زكاة الدين]
من كان له دين على آخر يبلغ نصاباً وحال عليه؛ واستكمل الشرائط المتقدمة، ففي زكاته تفصيل في المذاهب، مذكور تحت الخط (3) .
[زكاة الأوراق المالية "البنكنوت"]جمهور الفقهاء يرون وجوب الزكاة في الأوراق المالية، لأنها حلت محل الذهب والفضة في التعامل، ويمكن صرفها بالفضة بدون عسر، فليس من المعقول أن يكون لدى الناس ثروة من الأوراق المالية، ويمكنهم صرف نصاب الزكاة منها بالفضة، ولا يخرجون منها زكاة؛ ولذا أجمع فقهاء ثلاثة من الأئمة على وجوب الزكاة فيها؛ وخالف الحنابلة فقط، فانظر تفصيل آراء المذاهب تحت الخط (4) .
[زكاة عروض التجارة]
عروض التجارة جمع عرض - بسكون الراء - وهو ما ليس بذهب أو فضة، مضروباً كان، كالجنيه والريال، أو غير مضروب. كحلية النساء فقد اتفق ثلاثة من الأئمة على أن الذهب والفضة لا تدخل في عروض التجارة مطلقاً؛ وخالف المالكية في غير المضروب،
فقالوا:
إذا لم يكن الذهب والفضة مضروبين فإنهما يكونان من عروض التجارة، لا من النقدين، فتجب الزكاة في عرض التجارة من قماش وحديد ونحو ذلك، فيجب على من يملك تجارة أن يخرج زكاتها، وهو ربع العشر، بشروط، وكيفية مفصلة في المذاهب، فانظرها تحت الخط (5) .
[هل تجب الزكاة في عين عروض التجارة أو قيمتها]
تجب الزكاة في قيمة عروض التجارة وفي عينها، ويضم عند التقويم بعضها إلى بعض، ولو اختلفت أجناسها، كثياب ونحاس، كما يضم الربح الناشيء عن التجارة إلى أصل المال في الحول، وكذلك المال الذي استفاده من غير التجارة، وفي ذلك تفصيل المذاهب، مذكور تحت الخط (6) .
[زكاة الذهب والفضة المخلوطين]
إذا كان الذهب أو الفضة مخلوطان بشيء آخر من نحاس أو نيكل، فلا زكاة فيهما حتى يبلغ ما فيهما من الذهب والفضة الخالصين نصاباً كاملاً، سواء كان الذهب أو الفضة أكثر من المادة المخلوطة به أو أقل، عند الشافعية، والحنابلة، وخالف الحنفية، والمالكية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (7) .
[المعادن والركاز]
في تعريف المعدن والركاز وحكمهما تفصيل في المذاهب، فانظره تحت الخط (8) .
(1) الحنابلة قالوا: الدينار أصغر من المثقال، فالنصاب بالدنانير خمسة وعشرون ديناراً وسبعا دينار وتسع دينار
(2) المالكية قالوا: الحلي المباح كالسوار للمرأة وقبضة السيف المعد للجهاد، والسن والأنف للرجل لا زكاة فيه، إلا في الأحوال الآتية: أولاً: أن يتكسر بحيث لا يرجى عوده إلى ما كان عليه إلا بسبكه مرة أخرى،
ثانياً: أن يتكسر بحيث يمكن عوده بدون السبك مرة أخرى ولكن لم ينو مالكه إصلاحه،
ثالثاً: أن يكون معداً لنوائب الدهر وحوادثه لا للاستعمال
رابعاً: أن يكون معداً لمن سيوجد للممالك من زوجة وبنت مثلاً،
خامساً: أن يكون معداً لصداق من يريد أن يتزوجها أو يزوجها لولده،
سادساً: أن ينوي به التجارة، ففي جميع هذه الأحوال تجب فيه الزكاة، وأما الحلي المحرم: كالأواني، والمرود؛ والمكحلة، فتجب فيه الزكاة بلا تفصيل، والمعتبر في زكاة الحلي الوزن لا القيمة.
الحنفية قالوا: الزكاة واجبة في الحلي، سواء كان للرجال أو للنساء، تبراً كان أو سبيكة آنية كان، أو غيرها، ويعتبر في زكاته الوزن لا القيمة.
الحنابلة قالوا: لا زكاة في الحلي المباح المعد للاستعمال أو الإعارة لمن يباح له استعماله، فإن كان غير معد للاستعمال فتجب زكاته إذا بلغ النصاب من جهة الوزن، فإذا بلغ النصاب من جهة القيمة دون الوزن فلا تجب فيه الزكاة، أما الحلي المحرم فتجب فيه الزكاة كما تجب في آنية الذهب والفضة البالغة نصاباً وزناً، وإذا انكسر الحلي، فإن أمكن لبسه مع الكسر فهو كالصحيح لا تجب فيه الزكاة، وإن لم يمكن، فإن كان يحتاج في إصلاحه إلى صوغ، وجبت فيه الزكاة، وإن لم يحتج إلى صوغ، ونوى إصلاحه فلا زكاة فيه.
الشافعية قالوا: لا تجب الزكاة في الحلي المباح الذي حال عليه الحول مع مالكه العالم به. أما إذا لم يعلم بملكه، كأنه يرث حلياً يبلغ نصاباً، ومضى عليه الحول بدون أن يعلم بانتقال الملك إليه، فإنه تجب زكاته، أما الحلي المحرم: كالذهب للرجل؛ فإنه تجب فيه الزكاة؛ ومثله حلي المرأة إذا كان فيه إسراف، كخلخال المرأة إذا بلغ مائتي مثقال، فإنه تجب فيه الزكاة أيضاً، كما تجب في آنية الذهب والفضة، وتجب الزكاة في قلادة المرأة المأخوذة من الذهب والفضة المضروبين إذا لم تكن لها عروة من غير جنسها، فإن كان لها عروة منهما فلا زكاة فيها، ويعتبر في زكاة الحلي الوزن دون القيمة، وإذا انكسر الحلي لم تجب زكاته إذا قصد إصلاحه. وكان إصلاحه ممكناً بلا صياغة، وإلا وجبت
(3) الحنفية قالوا: ينقسم الدين إلى ثلاثة أقسام: قوي، ومتوسط، وضعيف: فالقوي هو دين القرض والتجارة إذا كان على معترف به، ولو م فلساً، والمتوسط هو ما ليس دين تجارة: كثمن دار السكنى، وثيابه المحتاج إليها إذا باعها، ونحو ذلك مما تتعلق به حاجته الأصلية، كطعامه وشرابه، والضعيف هو ما كان في مقابل شيء غير المال: كدين المهر، فإنه ليس بدلاً عن مال أخذه الزوج من زوجته، وكدين الخلع، بأن خالعها على مال، وبقي ديناً في ذمتها؛ فإن هذا الدين لم يكن بدل شيء أخذه منها، ومثله دين الوصية ونحوه، فأما الدين القوي، فإنه يجب فيه أداء الزكاة عن كل ما يقبض منه إن كان يساوي أربعين درهماً، فكلما قبض أربعين درهماً سواء قبض أقل منها ابتداء، بأن قبض أو دفعة ثلاثين مثلاً أو قبض في الأول أربعين، ثم قبض أقل منها بعد ذلك، فإنه لا تجب عليه الزكاة في كلحال، إلا في الأربعين الكاملة، لأن الزكاة لا تجب في الكسور من الأربعين، فلو كان له دين عند آخر يبلغ ثلاثمائة درهم مثلاً؛ ثم حال عليها ثلاثة أحوال، فقبض منها مائتين، وجب عليه أن يخرج زكاة السنة الأولى عنها خمسة دراهم؛ فيبقى منها مائة وخمسة وتسعون تحتوي على الأربعين، أربع مرات، وذلك يساوي مائة وستين درهماً فيخرج عنها أربعة دراهم، وهي زكاة السنة الثانية، فيبقى مائة وستة وثمانون درهماً؛ تحتوي أيضاً على الأربعين أربع مرات، فيخرج زكاة السنة الثالثة أربع دراهم أيضاً، ولا شيء عليه فيما زاد عن ذلك، ويعتبر حولان الحول في الدين القوي من وقت ملك النصاب لا من وقت القبض، فيجب أداء الزكاة بمجرد القبض، بلا خلاف، أما الدين المتوسط، فإنه لا تجب فيه الزكاة إلا إذا قبض منه نصاباً، فإذا كان الدين خمسمائة درهم مثلاً، وقبض مائتين، وجب عليه أن يخرج خمسة دراهم، ولا يجب عليه فيما دون ذلك،
كما تقدم، والدين المتوسط مثل الدين القوي في حولان الحول عليه، فيعتبر حوله بحسب الأصل، لا من وقت القبض في الأصح؛ وأما الدين الضعيف فإنه يجب أداء الزكاة فيه بقبض نصاب منه؛ بشرط أن يحول عليه الحول من وقت القبض.
وهذا كله إذا لم يكن عنده ما يبلغ نصاباً سوى مال الدين: أما لو كان عنده مال يبلغ ذلك، ثم قبض من الدين شيئاً، سواء كان كان ما قبضه قليلاً، أو كثيراً، وسواء أكان الدين قوياً أم متوسطاً أم ضعيفاً؛ فإنه يجب ضم ما قبضه من الدين إلى ما عنده من المال، وإخراج زكاة الجميع، لأن المقبوض من الدين في هذه الحالة يكون كالمال الذي استفاده في أثناء السنة، وقد علمت أنه يجب ضمه إلى الأصل.
الحنابلة قالوا: تجب زكاة إذا كان ثابتاً في ذمة المدين، ولو كان المدين مفلساً، إلا أنه لا يجب إخراج زكاته إلا عند قبضه، فيجب عليه إخراج زكاة ما قبضه فوراً إذا بلغ نصاباً بنفسه، أو بضمه إلى ما عنده من المال، ولا زكاة في الديون التي لم تكن ثابتة في ذمة المدين.
المالكية قالوا: من ملك مالاً بسبب ميراث أو هبة أو صدقة أو خلع أو بيع عرض مقتنى، كأن باع متاعاً أو عقاراً أو أرش جناية - تعويض - ولم يضع عليه يده، بل بقي ديناً له عند واضع اليد، فإن هذا الدين لا تجب فيه الزكاة إلا بعد أن يقبضه ويمضي عليه حول من يوم قبضه مثال ذلك: رجل ورث مالاً من أبيه، وعينت له المحكمة حارساً قبل أن يقبضه لسبب من الأسباب، واستمر ديناً له أعواماً كثيرة، فإنه لا يطلب بزكاته في كل هذه الأعوام، ولو أخره فراراً من الزكاة، فإذا قبضه، ومضى عليه حول بعد قبضه وجبت عليه زكاة ذلك الحول ويحتسب من يوم القبض، ومن كان عنده مال مقبوض بيده وأقرضه لغيره، وبقي عند المدين أعواماً كثيرة فإنه تجب عليه زكاة عام واحد، إلا إذا أخره قصداً، فراراً من الزكاة فإن تجب عليه زكاته في كل الأعوام التي قصد تأخيره فيها ويحتسب عام زكاة هذا المال من يوم الملك أو من يوم تزكيته، إن كان قد زكاه قبل إقراضه، فإذا ملك شخص مالاً، ومكث معه ستة أشهر، ثم أقرضه لآخر، فمكث عنده ستة أشهر أخرى فإنه تجب فيه الزكاة عن هذا الحول لأنه يحتسب من يوم الملك، أما إذا مكث بيده سنة، ثم زكاه وأقرضه لآخر، فإن الحول يحتسب من يوم تزكيته، وإنما تجب الزكاة في هذا الدين بشروط أربعة:
أولاً: أن يكون أصله - وهو ما أعطاه للمدين - عيناً، ذهباً أو فضة، أو عرض تجارة لمحتكر - التاجر المحتكر هو الذي لا يبيع ولا يشتري بالسعر الحاضر، وإنما يحبس السلع عنده رجاء ارتفاع الأسواق -، مثال ما أصله عين أن يكون عنده عشرون جنيهاً، فيسلفها لغيره، ومثال ما أصله عرض تجارة لمحتكر أن يكون عنده ثياب للتجارة، وهو محتكر - فيبيعها لغيره بعشرين جنيهاً مؤجلة إلى عام أو أكثر، فإن كان أصل الدين عرضاً للقنية، ولم ينوبه التجارة، كما إذا كان عنده داراً اتخذها لسكناه، ثم باعها بأربعمائة جنيه مؤجلة؛ عاماً أو أكثر، فلا تجب عليه زكاة ثمنها إلا إذا قبض منه نصاباً فأكثر، ومضى على المقبوض من يوم قبضه عام، فيزكي ذلك المقبوض لا غير، وإن كان أصل الدين عرض تجارة لتاجر مدير، وهو الذي يبيع ويشتري بالسعر الحاضر، فإنه يزكي الدين كل عام بإضافته إلى قيم العروض التي عنده، وإلى باع به من الذهب والفضة، على ما يأتي في "زكاة التجارة".
ثانياً: أن يقبض شيئاً من الدين على التفصيل الآتي، فإن لم يقبض منه شيئاً. فلا زكاة عليه إلا في دين تجارة المدير على ما يأتي:
ثالثاً: أن يكون المقبوض ذهباً أو فضة، فإن قبض عروضاً: كثياب، وقمح، فلا تجب عليه الزكاة، إلا إذا باع هذه العروض، ومضى حول من يوم قبض العروض، فيزكي الثمن حينئذ؛ وهذا إذا كان تاجراً محتكراً، فإذا كان مديراً زكى قيمة العروض كل عام، ولو لم يبعها، وإذا لم يكن تاجراً أصلاً بأن قبض عروضاً للقنية؛ ثم باعها لحاجة؛ فإنها تجب زكاتها عليه إذا مضى عليها حول من يوم قبض ثمنها.
رابعاً: أن يكون المقبوض نصاباً على الأقل، ولو قبضه لعدة مرات، أو يكون المقبوض أقل من نصاب، ولكن عنده ما يكمل النصاب من ذهب أو فضة حال الحول عليهما، أو كانا من المعدن، لأن المعادن لا يشترط في زكاة المستخرج منها حلول الحول، كما تقدم، فلو قبض من دينه نصاباً زكاه دفعة واحدة، ثم يزكي المقبوض بعد ذلك، سواء كان قليلاً أو كثيراً، إلا أن مبدأ الحول في المستقبل مختلف، فحول النصاب المقبوض أولاً من يوم قبضه، وحول الدفع المقبوضة بعد ذلك من يوم قبض كل منها؛ أما إذا كان المقبوض أولاً أقل من نصاب، ولم يكن عنده ما يكمل النصاب، فلا يزكى إلا إذا تم المقبوض نصاباً بدفع أخرى، ويعتبر حول المجموع من يوم التمام، ثم ما يقبضه بعد التمام يزكيه قليلاً أو كثيراً، ويعتبر حوله في المستقبل من يوم قبضه.
الشافعية قالوا: تجب زكاة الدين إذا كان ثابتاً، وكان من نوع الدراهم أو الدنانير أو عروض التجارة، سواء كان حالاً أو مؤجلاً؛ أما إذا كان الدين ماشية أو مطعوماً، نحو التمر والعنب، فلا تجب الزكاة فيه، ولا يجب إخراج زكاة الدين على الدائن إلا عند التمكن من أخذ دينه، فيجب حينئذ إخراجها عن الأعوام الماضية؛ أما إذا تلف الدين قبل التمكن من أخذه؛ فإن الزكاة تسقط عنه

(4) الشافعية قالوا: الورق النقدي وهو المسمى - بالبنكنوت - التعامل به من قبيل الحوالة على البنك بقيمته، فيملك قيمته ديناً على البنك، والبنك مدين مليء، مقر، مستعد للدفع حاضر، ومتى كان المدين بهذه الأوصاف وجبت زكاة الدين في الحال؛ وعدم الإيجاب والقبول اللفظيين في الحوالة لا يبطلها، حيث جرى العرف بذلك، على أن بعض أئمة الشافعية قال: المراد بالإيجاب والقول كل ما يشعر بالرضا من قول أو فعل، والرضا هنا متحقق.
الحنفية قالوا: الأوراق المالية - البنكنوت - من قبيل الدين القوي، إلا أنها يمكن صرفها فضة فوراً، فتجب فيها الزكاة فوراً.
المالكية قالوا: أوراق البنكنوت وإن كانت سندات دين إلا أنها يمكن صرفها فضة فوراً، وتقوم مقام الذهب في التعامل، فتجب فيها الزكاة بشروطها.
الحنابلة قالوا: لا تجب زكاة الورق النقدي إلا إذا صرف ذهباً أو فضة ووجدت فيه شروط الزكاة السابقة
(5) الشافعية قالوا: تجب زكاة عروض التجارة بشروط ستة:
الأول: أن تكون هذه العروض قد ملكت بمعاوضة: كشراء، فمن اشترى عروضاً نوى بها التجارة، سواء اشتراها بنقد أو بدين، حال أو مؤجل، وجب عليه زكاتها بالكيفية الآتية؛ أما إذا كانت العروض مملوكة بغير معاوضة: كإرث، كأن ترك لورثته عروض تجارة، فلا تجب عليهم زكاتها حتى يتصرفوا فيها بنية التجارة،
الثاني أن ينوي بهذه العروض التجارة حال المعاوضة في صلب العقد أو في مجلسه، فإذا لم ينو بالعروض التجارة على هذا الوجه، فلا زكاة فيها، ويشترط تجديد نية التجارة عند كل معاوضة حتى يفرغ رأس المال، فإذا فرغ رأس المال، فلا تجب النية عند كل تصرف، لانسحاب حكم التجارة عليه، اكتفاء بما تقدم؛
الثالث: أن لا يقصد بالمال القنية، أي إمساكه للانتفاع به، وعدم التجارة، فإن قصد ذلك انقطع الحول، فإذا أراد التجارة بعد احتاج لتجديد نية التجارة مقرونة بتصرف في المال،
الرابع: مضى حول من وقت ملك العروض، فإن لم يمض حول من ذلك الوقت فلا تجب الزكاة فيها، إلا إذا كان الثمن الذي ملك به العروض نقداً حالاً، وكان نصِاباً، أو كان أقل من نصاب ولكنه يملك ما يكمل النصاب من النقد، ففي هاتين الصورتين تجب عليه الزكاة في العروض، متى مضى حول على أصلها، وهو النقد،
الخامس: أن لا يصير جميع مال التجارة في أثناء الحول نقداً من جنس ما تقوّم به العروض؛ على ما يأتي في "كيفية زكاة العروض" وهو أقل من النصاب، فإن صار جميع المال نقداً مع كونه أقل من نصاب، انقطع الحول، فإذا اشترى به سلعة للتجارة ابتدأ حولها من حين شرائها، ولا عبرة بالزمن السابق، أما لو صار بعض المال إلى ما ذكر؛ وبقي بعضه عروضاً، أو باع الكل بنصاب من نقد أو بعرض، أو بنقد لا يقوم به آخر الحول، كما يأتي، فلا ينقطع الحول،
السادس: أن تبلغ
قيمة العروض آخر الحول نصاباً، فالعبرة بآخر الحول لا بجميعه ولا بطرفيه، وإذا كانت عروض التجارة مما تتعلق الزكاة بعينها: كالسائمة والثمر، نظر، فإن وجد النصاب في عين المال وفي قيمته زكيت عين المال على حكم زكاة السوائم والثمر دون القيمة، وإن وجد النصاب في أحدهما دون الآخر زكى ما وجد فيه النصاب من قيمة عروض التجارة أو ذات السوائم والثمر، وتتكرر زكاة عروض التجارة بتكرار الأعوام ما دام النصاب كاملاً، وكيفية زكاتها أن تقوم آخر الحول بما اشتريت به من ذهب وفضة، أما إذا اشتراها بغير نقد فتقوم بالنقد الغالب في البلد، ولا بد في التقويم آخر الحول من عدلين: لأنها شهادة بالقيمة والشاهد في ذلك لا بد من تعدده، والواجب فيها ربع العشر.
الحنفية قالوا: تجب الزكاة في عروض التجارة بشروط:
منها أن تبلغ قيمتها نصاباً من الذهب أو الفضة، وتقوم بالمضروبة منهما، وله تقويمها بأي النوعين شاء، إلا إذا كانت لا تبلغ بأحدهما نصاباً، وتبلغ بالآخر، فحينئذ يتعين التقويم بما يبلغها النصاب؛ وتعتبر قيمتها في البلد الذي فيه المال حتى لو أرسل تجارة إلى بلد آخر فحال عليها الحول اعتبرت قيمتها في تلك البلد، فلو أرسلها إلى مفازة اعتبرت قيمتها في أقرب الأمصار إلى تلك المفازة، وتضم بعض العروض إلى بعض في التقويم، وإن اختلفت أجناسها، ومنها أن يحول عليها الحول، والمعتبر في ذلك طرفاً الحول لا وسطه؛ فمن ملك في أول الحول نصاباً، ثم نقص في أثنائه، ثم كمل في آخره وجبت فيه الزكاة، أما لو نقص في أوله أو في آخره، فإنه لا تجب فيه الزكاة، كما تقدم في "شروط الزكاة" وكذا لو زادت قيمتها في ىخر الحول عن النصاب، فإنه يخرج زكاتها باعتبار هذه الزيادة، ومنها أن ينوي التجارة، وأن تكون هذه النية مصحوبة بعمل تجارة فعلاً.
فلو اشترى حيواناً ليستخدمه، ثم نوى أن يتجر فيه لا يكون للتجارة إلا إذا شرع في بيعه أو تأجيره بالفعل، وإذا وهب له مال غير النقدين، أو أوصى له به، ونوى به التجارة عند الهبة أو الوصية، فإن هذه النية لا تصح إلا إذا تصرف بالفعل، وإذا استبدل سلعة تجارية بسلعة مثلها، فتعتبر النية في الأصل لا في البدل، فيكون البدل للتجارة بلا نية اكتفاءً بالنية في الأصل، إلا إذا نوى عدم التجارة فيه فإنه لا يكون للتجارة حينئذ، ومنها أن تكون العين المتجر فيها صالحة لنية التجارة، فلو اشترى أرض عشر وزرعها، أو بذراً وزرعه وجب في الزرع الخارج العشر دون الزكاة، أما إذا لم يزرع الأرض العشرية، فإن الزكاة تجب في قيمتها، بخلاف الأرض الخراجية، فإن الزكاة لا تجب فيها وإن لم يزرعها، وإذا كان عنده ماشية للتجارة لم يحل عليها الحول، ثم قطع نية التجارة وجعلها سائمة للدّر والنسل، ونحوهما مما تقدم في "زكاة السوائم" بطل حول التجارة، وابتدأ الحول من وقت جعلها سائمة، فإذا تم الحول من ذلك الوقت زكاها نفسها على حكم زكاة السائمة المتقدمة، ولا يقومها وإذا اتجر في الذهب أو الفضة زكاها على حكم زكاة النقد المتقدمة، ولا يشترط في وجوب زكاتهما نية التجارة، وإذا بقيت عروض التجارة عنده أعوام ثم باعها بعد ذلك، فعليه زكاتها لجميع الأحوال، لا لعام فقط.
المالكية قالوا: تجب زكاة عروض التجارة مطلقاً، سواء كان التاجر محتكراً أو مديراً وقد سبق بيانهما في "زكاة الدين" بشروط خمسة، وبكيفية مخصوصة:
الأول: أن يكون العرض مما لا تتعلق الزكاة بعينه: كالثياب والكتب، فإن تعلقت الزكاة بعينه كالحلي من الذهب أو الفضة وكالماشية - الإبل والبقر والغنم - وجبت زكاته بالكيفية المتقدمة في زكاة النعم والذهب والفضة إن بلغ نصاباً، فإن لم يبلغ نصاباً تكون لزكاة في قيمته كبقية العروض
الثاني: أن يكون العرض مملوكاً بمبادلة حالية: كشراء، وإجارة، لا مملوكاً بإرث أو خلع أو هبة أو صدقة مثلاً، فإنه إذا ملك شيئاً بسبب ذلك، ثم نوى به التجارة فإنه إذا باعه يستقبل بثمنه حولاً من يوم قبض الثمن، لا من يوم ملكه، وإذا لم يبعه، فلا يقوم عليه، ولا زكاة فيه ولو كان مديراً،
الثالث أن ينوي بالعرض التجارة حال شرائه، سواء نوى التجارة فقط، أو نوى معها الاستغلال أو الانتفاع بنفسه، مثال ذلك: أن يشتري للتجارة بيتاً ونوى مع ذلك أن يكريه، أو يسكنه ريثما يظهر فيه ربح فيبيعه، فتجب زكاته في كل هذه الأحوال على التفصيل الآتي في كيفية "زكاة العروض" وأما إذا اشترى عرضاً، ونوى به الاستغلال، أو الاقتناء لينتفع به بنفسه، أو لم ينو شيئاً، فلا تجب زكاته،
الرابع: أن يكون ثمنه عيناً، أو عرضاً امتلكه بمعاوضة مالية؛ وأما إذا كان ثمنه عرضاً ملكه بهبة أو إرث مثلاً، فلا زكاة فيه. بل إذا باعه بعد استقبل بثمنه حولاً من يوم قبضه،
الخامس: أن يبيع من ذلك العرض بنصاب من الذهب أو الفضة إن كان محتكراً أو بأي شيء منهما ولو درهما إن كان مديراً.
فإن لم يبع المحتكر بنصاب من النقدين، أو لم يبع المدير بشيء منهما فلا تجب الزكاة إلا إذا كان عند المحتكر ما يكمل النصاب منهما من مال استفاده بإرث مثلاً وحال عليه الحول، أو من معدن وإن لم يحل الحول عليه فتجب عليه زكاة الجميع. وأما كيفية زكاة عرض التجارة، فإن كان التاجر محتكراً فيزكي ما باع به من النقدين مضموماً إلى ما عنده منها لسنة واحدة فقط. ولو أقامت العروض عنده أعواماً. والديون التي له من التجارة لا يزكيها إلا إذا قبضها. فيزكيها لعام واحد فقط وإن كان مديراً. فإنه يقوم في كل عام ما عنده من عروض التجارة، ولو كسد سوقها. وأقامت عنده أعواماً، ثم يضم قيمتها إلى ما عنده من النقدين، ويزكي الجميع؛ وأما الديون التي له من التجارة فإن كانت نقداً حل أجله أو كان حالاً ابتداء، وكان مرجواً خلاصه ممن هو عليه في الصورتين. فإنه يعتبر عدده ويضمه إلى ما تقدم. وإن كان الدين عرضاً أو نقداً مؤجلاً وكان مرجواً خلاصه أيضاً فإنه يقومه ويضم القيمة لما تقدم ويزكي الجميع؛ وكيفية تقويم النقد المؤجل أنه يقول بعرض ثم العرض بذهب أو فضة حالين؛ مثلاً إذا كان له عشرة جنيهات مؤجلة يقال ما مقدار ما يشتري بهذه العشرة جنيهات المؤجلة من الثياب مثلاً؟ فإذا قيل خمسة أثواب قيل: وإذا بيعت هذه الخمسة بذهب أو فضة حالة فبكم تباع؟ فإذا قيل: بثمانية جنيهات اعتبرت هذه الثمانية قيمة للعشرة المؤجلة.
وضمت لما عنده من النقود وقيمة العروض، فإذا بلغ المجموع نصاباً زكاه، وإلا فلا، وأما إذا كان الدين على معدم لا يرجى خلاصه منه، فلاتجب عليه زكاته إلا إذا قبضه من المدين، فإذا قبضه زكاه لعام واحد فقط، وكذا حكم الدين السلف، فإنه يزكي لعام واحد فقط بعد قبضه، ويعتبر مبدأ حول المدير من الوقت الذي ملك فيه الثمن الذي اشترى به عروض التجارة إن لم تجر فيه الزكاة، فإن جرت الزكاة في عينه فحوله من يوم ملك الأصل. أو زكاته إذا كان دون نصاب، كما سبق ولو تأخر وقت الإدارة عن ذلك على الراجح، وأما المحتكر فمبدأ حوله يوم ملك الأصل، أو زكاته إن كان قد زكاه، قولاً واحداً. ولا تقوم على المدير الأواني التي توضع فيها سلع التجارة، ولا آلات العمل، إذا كان التاجر محتكراً لبعض السلع، ومديراً للبعض الآخر، فالزكاة فيها تفصيل يتلخص فيما يلي: إن كان ما فيه الإدارة مساوياً لما فيه الاحتكار، زكى الأول على حكم الإدارة. يعني يقومه كل عام. وزكى الثاني على حكم الاحتكار، فكل منهما على حكمه المتقدم، أي المدار يقوم كل عام، وغيره ينتظر بركات البيع وقبض الثمن، وأما إذا كان الأكثر للإدارة، فيقوم الجميع كل عام، تغليباً لجانب الإدارة على الاحتكار، ويكفي في تقويم العروض واحد، ولا يشترط التعدد، لأن ذلك ليس من قبيل الشهادة، بل هو من قبيل الحكم، والحاكم لا يجب أن يكون متعدداً.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #85  
قديم 15-07-2020, 09:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله


الحنابلة قالوا: تجب الزكاة في عروض التجارة إذا بلغت قيمتها نصاباً بشرطين:
الأول: أن يملكها بفعله، كالشراء، فلو ملك العروض بغير فعله، كأن ورثها، فلا زكاة فيها،
الثاني: أن ينوي التجارة حال التملك، بأن يقصد التكسب بها، ولا بد من استمرار النية في جميع الحول، أما لو اشترى عرضاً للقنية، ثم نوى به التجارة بعد ذلك، فلا يصير للتجارة، إلا الحلي المتخذ للبس، فإنه إذا نوى به التجارة بعد شرائه للبس يصير للتجارة بمجرد النية، وتقوم عروض التجارة عند تمام الحول، ويكون التقويم بما هو أنفع للفقراء من ذهب أو فضة، سواء أكان من نقد البلد أم لا، وسواء بلغت قيمة العروض نصاباً بكل منهما أو بأحدهما، ولا يعتبر في التقويم ما اشتريت به من ذهب أو فضة لا قدراً ولا جنساً، وإذا نقصت بعد التقويم أو زادت، فلا عبرة بذلك متى كان التقويم عند تمام الحول، وإن ملك نصاب سائمة لتجارة، ثم حال الحول عليه، وكان السوم ونية التجارة موجودين، فعليه زكاة تجارة، وليس عليه زكاة سوم؛ ولو ملك سائمة للتجارة نصف حول، ثم قطع نية التجارة، استأنف بها حولاً من وقت قطع النية؛ وإن اشترى أرضاً لتجارة يزرعها. وبلغت قيمتها نصاباً؛ أو اشترى أرضاً لتجارة وزرعها ببذر تجارة، فعليه زكاة الجميع قيمة إن بلغت قيمتها نصاباً
(6) الحنفية قالوا: إذا كان مالكاً لنصاب من أول الحول، ثم ربح فيه أثناء الحول، أو استفاد مالاً من طريق آخر غير التجارة، كالإرث والهبة، فإن الربح، وذلك المال المستفاد يضم كل منهما إلى النصاب في الحول، بحيث إنه يزكي الجميع متى تم الحول على النصاب ولم ينقص في آخر الحول. فالعبرة عندهم في وجوب الزكاة بوجود النصاب في طريق الحول كما تقدم.
المالكية قالوا: الربح وهو الناشئ عن التجارة بالمال، يضم لأصله، وهو المال الذي نشأ عنه في الحول، ولو كان الأصل أقل من نصاب، فلو كان عنده عشرة دنانير في المحرم اتجر فيها من ذلك التاريخ، فصارت في رجب عشرين ديناراً، ثم استمرت إلى المحرم من العام التالي وجب عليه زكاة الجميع، لأن الربح يعتبر كامناً في أصله؛ فكأنه موجود عند وجوده، فلذلك ضم إليه مطلقاً، ولو كان الأصل دون نصاب، وأما المال المستفاد من تجارة، كالإرث والهبة فإنه لا يضم إلى ما عنده من المال في الحول، ولو كان المال نصاباً، بل يستقبل به حولاً جديداً من يوم ملكه، فمن كان عنده المال في الحول، ولو كان المال نصاباً، بل يستقبل به حولاً جديداً من يوم ملكه، فمن كان عنده نصاب من الذهب مثلاً ملكه في محرم، ثم استفاد في رجب عشرة دنانير، فإنه إذا جاء المحرم زكى النصاب، ثم إذا جاء رجب ثاني عام زكى العشرة، ففي زكاة العين - الذهب والفضة - فرق بين الربح وغيره "أما زكاة الماشية" فإن كان عنده ماشية، وكانت نصاباً. ثم استفاد ماشية أخرى بشراء أو هبة، سواء أكان المستفاد نصاباً أم لا؛ فإن الثانية تضم للأولى، وتزكى على حولها، فإن كانت الأولى أقل من نصاب، فلا تضم الثانية لها، ولو كانت الثانية نصاباً؛ ويستقبل بها حولاً من يوم حصول الثانية، وأما إن حصلت الفائدة بولادة الأمهات، فحولها حولهن، وإن كانت الأمهات أقل من نصاب، لأن النتاج يقدر كامناً في أصله؛ فحوله حوله.
الشافعية قالوا: يضم الربح لأصله في الحول؛ وكذلك ماله المملوك له من أول حول التجارة ولو كان الأصل دون نصاب؛ وأما المال المستفاد من غير التجارة، فله حول مستقل من يوم ملكه، ولا يضم إلى مال التجارة في الحول إلا إذا كان ثمراً ناشئاً عن الشجر المتجر فيه، أو نتاجاً ناشئاً عن الحيوان المتجر فيه، فإنه يضم إليه في الحول.
الحنابلة قالوا: يضم الربح لأصله في الحول إذا كان الأصل نصاباً، فإن كان أقل من نصاب، فلا يضم إلى الأصل، بل يكون حول الجميع من حين تمام النصاب، وأما المستفاد من غير التجارة فلا يضم في الحول إلى ما لها، بل له حول مستقل من يوم ملكه، إلا نتاج السائمة فخوله حول الأمهات
(7) الحنفية قالوا: يعتبر في المغشوش الغالب من الذهب أو الفضة أو غيرهما، فالذهب المخلوط بالفضة إن غلب فيه الذهب زكى زكاة الذهب، واعتبر كله ذهباً، وإن غلب فيه الفضة، فحكمه كله حكم الفضة في الزكاة؛ فإن بلغ نصاباً زكي، وإلا فلا؛ أما إن كان الغالب النحاس، فإن راج في الاستعمال رواج النقد، وبلغت قيمته نصاباً زكي، كالنقود، وكذلك يزكي زكاة النقد إن كان الخالص فيه يبلغ نصاباً، فإن لم يرج، ولم يبلغ خالصه نصاباً، فإن نوى به التجارة كان كعروض التجارة، فيقوم، وتزكى القيمة، وإلا فلا تجب فيه الزكاة.
المالكية قالوا: الذهب والفضة المغشوشان إن راجا في الاستعمال رواج الخالص من الغش وجبت زكاتهما كالخالص سواء، وإن لم يروجا في الاستعمال كرواج الخالص، فإما أن يبلغ الصافي فيهما نصاباً أو لا، فإن بلغ نصاباً زكي الخالص. وإلا فلا
(8) الحنفية قالوا: المعدن والركاز بمعنى واحد، وهو شرعاً مال وجد تحت الأرض، سواء كان معدناً خلقياً، خلقه الله تعالى بدون أن يضعه أحد فيها. أو كان كنزاً دفنه الكفار؛ ولا يسمى ما يخرج من المعدن والركاز زكاة على الحقيقة، لأنه لا يشترط فيهما ما يشترط في الزكاة وتنقسم المعادن إلى أقسام ثلاثة: ما ينطبع بالنار، ومائع وما ليس بمنطبع؛ ولا مانع، فالمنطبع ما كان كالذهب والفضة والنحاس والرصاص والحديد، والمائع ما كان كالقار - الزفت - والنفط - زيت البترول "الغاز" - ونحوهما؛ والذي ليس بمنطبع ولا مائع ما كان كالنورة والجواهر واليواقيت.
فأما الذي ينطبع بالنار، فيجب فيه إخراج الخمس، ومصرفه مصرف خمس الغنيمة المذكورة في قوله تعالى: {واعلموا أنما غنمتم من شيء، فأن لله خمسة} الآية، وما بقي بعد الخمس يكون للواجد إن وجد في أرض غير مملوكة لأحد، كالصحراء والجبل، وإنما يجب فيه الخمس إذا كان عليه علامة الجاهلية، أما إن كان من ضرب أهل الإسلام؛ فهو بمنزلة اللقطة، ولا يجب فيه الخمس، ولو اشتبه الضرب يجعل جاهلياً، أما إن وجده في أرض مملوكة، ففيه الخمس المذكور، والباقي للمالك، ومن وجد في داره معدناً أو ركازاً، فإنه لا يجب فيه الخمس؛ ويكون ملطاً لصاحب الدار، ولا فرق فيمن وجد الكنز والمعدن بين أن يكون رجلاً أو امرأة حراً أو عبداً، بالغاً أو صبياً أو ذمياً، وأما المائع: كالقار والنفط والملح؛ فلا شيء فيه أصلاً، ومثله ما ليس بمنطبع ولا مائع: كالنورة والجواهر ونحوهما، فإنه لا يجب فيهما شيء ويستثنى من المائع الزئبق، فإنه يجب فيه الخمس، ويلحق بالكنز ما يوجد تحت الأرض من سلاح وآلات وأثاث ونحو ذلك، فإنه يخمس على ما تقدم، ولا شيء فيما يستخرج من البحر: كالعنبر واللؤلؤ والمرجان والسمك ونحو ذلك، إلا إذا أعده للتجارة؛ كما تقدم.
المالكية قالوا: المعدن هو ما خلفه الله تعالى في الأرض من ذهب أو فضة أو غيرهما؛ كالنحاس والرصاص والمغرة والكبريت، فهو غير الركاز الآتي بيانه، وحكمه أنه تجب زكاته إن كان من الذهب أو الفضة، بشروط الظكاة السابقة، من: الحرية، والإسلام، وبلوغ النصاب، وأما مرور الحول فلا يشترط، كما تقدم، وفي اشتراط الحرية، والإسلام، وعدم اشتراطهما، ويضم المخرج ثانياً لما استخرج أولا، متى كان العرق واحداً، ثم ما يخرج بعد تمام النصاب تجب فيه الزكاة أيضاً، سواء كان قليلاً أو كثيراً؛ فإن تعدد العرق، فإن كان ظهور العرق الثاني قبل انقطاع العمل في الأول، كان العرقان كعرق واحد، فيضم ما خرج من أحدهما للآخر، فمتى بلغ المجموع نصاباً زكاه، وإلا فلا، وإن كان ظهور العرق الثاني بعد انقطاع العمل في الأول اعتبر كل على حدته، فإن بلغ المخرج منه نصاباً زكاه، وإلا فلا، ولو كان مجموع الخارج منهما نصاباً، وكما لا يضم عرق إلى آخر، لا يضم معدن إلى آخر، فلا بد أن يكون الخارج من كل نصاباً على حدته، والزكاة الواجبة في المعدن هي ربع العشر، ومصرفها مصرف الزكاة الآتي بيانه، وهو الأصناف الثمانية المذكورة في قوله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين} الآية، ويستثنى من ذلك ما يسمى - بالندرة - وهي القطعة الخالصة من الذهب والفضة التي يسهل تصفيتها من التراب، فيجب فيها الخمس، ويصرف في مصارف الغنائم، وهو مصالح المسلمين، ولا يختص بالأصناف الثمانية.
ولو لم يبلغ الخارج نصاباً، وإنما يجب الخمس في الندرة إذا لم يحتج مخرجها من الأرض إلى نفقة عظيمة في الحصول عليها، أو عمل كبير؛ وإلا ففيها ربع العشر يصرف في مصارف الزكاة؛ ولو لم تبلغ الندرة نصاباً، ولو كان مخرجها عبداً أو كافراً، وأما معادن غير الذهب والفضة، كالنحاس والقصدير فلا يجب فيها شيء إلا إذا جعلت عروض تجارة، فيجري فيها تفصيل زكاة عروض التجارة السابق، وأما الركاز فهو ما يوجد في الأرض من دفائن أهل الجاهلية من ذهب أو فضة أو غيرهما، ويعرف ذلك بعلامة عليه، فإذا شك في المدفون هل هو لجاهلي أو غيره، حمل على أنه لجاهلي، ويجب في الركاز إخراج خمسه، سواء كان ذهباً أو فضة أو غيرهما، وسواء وجده مسلم أو غيره؛ حراً كان الواجد أو عبداً، ويكون الخمس كالغنائم يصرف في المصالح العامة، إلا إذا احتاج الحصول على الركاز إلى عمل كبير، أو نفقة عظيمة، فيكون الواجب فيه ربع العشر، ويصرف لمصارف الزكاة، ولا يشترط في الواجب في الركازين في الحالين بلوغ النصاب، والباقي من الركاز بعد إرخاج الواجب يكون لمالك الأرض التي وجد فيها إن كان قد ملكها بإرث، أو بإحياء لها، فإن ملكها بشراء أو هبة مثلاً، فالباقي يكون للمالك الأول وهو البائع له، أو الواجد فإن لم تكن الأرض مملوكة لأحد فالباقي يكون لواجد الركاز، وأما ما يوجد في الأرض مما دفنه المسلمون أو أهل الذمة من الكفار، فإنه يكون لهم متى عرف المالك أو ورثته، وإن لم يعرف مستحقه، فيكون كاللقطة يعرّف عاماً، ثم يكون لواجده، إلا إذا قامت القرائن على أن هذه الدفائن قالوا قد توالى عليها عصور ودهور؛ بحيث لا يمكن معرفة ملاكها ولا ورثتهم، فلا تعرّف حينئذ وتكون من قبيل المال الذي جهلت أربابه؛ فيوضع في بيت مال المسلمين، ويصرف في المصالح العامة، ومثل دفائن الجاهلية أموالهم التي توجد على
ظهر الأرض، أو بساحل البحر، فيجب فيها الخمس، والباقي لمن وجدها، ولا شيء فيما يلفظه البحر: كعنبر ولؤلؤ ومرجان ويسر، بل يكون لمن يجده إلا إذا علم أنه سبق ملكه لأحد من أهل الجاهلية أو غيرهم فيكون كالركاز واللقطة، على ما تقدم من التفصيل.
الحنابلة قالوا: المعدن هو كل ما تولد من الأرض، وكان من غير جنسها، سواء كان جامداً: كذهب وفضة وبلور وعقيق ونحاس وكحل؛ أو مائعاً: كزرنيخ ونفط ونحو ذلك؛ فيجب على من استخرج شيئاً من ذلك وملكه العشر، بشرطين:
الأول: أن يبلغ بعد تصفيته وسبكه نصاباً إن كان ذهباً أو فضة، أو تبلغ قيمته نصاباً إن كان غيرهما؛
الثاني: أن يكون مخرجه ممن تجب عليه الزكاة، فلا تجب عليه إن كان ذمياً أو كافراً أو مديناً أو نحو ذلك. ثم إن كان المعدن جامداً أو كان مستخرجاً من أرض مملوكة فهو لمالكها؛ ولو كان المستخرج غيره. لأنه يملكه بملكه الأرض، لكن لا يجب عليه زكاته إلا إذا وصل إلى يده؛ ولا يضم معدن إلى معدن آخر ليس من جنسه لتكميل نصاب المعدن؛ إلا في الذهب والفضة؛ فيضم كل منهما إلى الآخر في تكميل النصاب؛ فإن كان في أرض مباحة غير مملوكة؛ فالمستخرج منها ملك لمن استخرجه، وتجب عليه زكاته - ربع العشر - سواء كان ذهباً أو فضة أو سلاحاً أو ثياباً أو غيرها ومن وجد مسكاً أو زباداً، أو استخرج لؤلؤاً أو مرجاناً أو سمكاً أو نحوه من البحر، فلا زكاة عليه في ذلك، ولو بلغ نصاباً، وأما الركاز فهو دفين الجاهلية، أو من تقدم من الكفار، ويلحق بالمدفون ما وجد عليه إسلام وكفر. فهو لفطة تجري عليه أحكامها. ويجب على واجد الركاز إخراج خمسة إلى بيت المال. فيصرفه الإمام أو نائبه في المصالح العامة. وباقيه لواجده إن وجده في ارض مباحة. وإن وجد في ملكه فهو له. وإن وجده في ملك غيره فهو له إن لم يدعيه المالك.
فإن ادّعاه مالك الأرض بلا بينة ولا وصف فالركاز لمالك الأرض مع يمينه فإن كان متعدياً بالدخول في الأرض فمالكها أربابه. وإن كان قد دخلها وعمل فيها بإذنه، فالواجد أحق من المالك.
الشافعية قالوا: المعدن ما يستخرج من مكان خلقه الله تعالى فيه، وهو خاص هنا بالذهب والفضة، فلا يجب شيء فيما يستخرج من المعادن: كالحديد والنحاس والرصاص وغير ذلك، ولا فرق في المعدن بين الجامد والمائع والمنطبع وغيره؛ ويجب فيه ربع العشر، كزكاة الذهب والفضة بشروطها المتقدمة إلا حولان الحول، فإنه ليس بشرط هنا، ولكن بقي شرط آخر، وهو أن يكون المعدن في أرض مباحة أو مملوكة له وإلا فلا زكاة فيه إلا إذا كان المعدن بأرض موقوفة على معين، وكان وجود المعدن بها بعد الوقف، فإنه يجب فيه الزكاة، ولا يشترط في المستخرج من المعدن النصاب دفعة واحدة، بل لو استخرج ما يبلغ النصاب على عدة مرات ضم ووجبت زكاة الجميع ولو زال ملكه عما استخرجه أولاً، بشرط أن يتحد المعدن، ويتصل العمل، أو ينفصل لعذر: كمرض، وإلا فلا يزكى الأول إن لم يبلغ نصاباً، وإنما يضم إلى الثاني فقط في إكمال النصاب، فإن كمل به وجبت زكاة الثاني فقط؛ ووقت وجوب الزكاة فيه عقب تخليصه وتنقيته؛ فلو أخرج الزكاة قبل تصفيته لا تجزئ، وأما الركاز فهو دفين الجاهلية؛ ويجب فيه الخمس حالاً بالشروط المعتبرة في الزكاة، إلا حولان الحول متى بلغ كل منهما نصاباً؛ ولو ضمه إلى ما في ملكه ولو غير مضروب، فلو وجده فوق الأرض لا يكون ركازاً، بل يكون لقطة، فإن لم يكن دفين الجاهلية بأن وجد عليه علامة تدل على أنه إسلامي، فحكمه وجوب رده إلى مالكه، أو وارثه إن علم، وإلا فهو لقطة، وكذا إذا جهل حاله، أجاهلي هو أو إسلامي، وإذا وجد الركاز في أرض مملوكة فهو لمالك الأرض إن ادعاه، وإلا فهو لمن علم ممن سبقه من
المالكين


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #86  
قديم 15-07-2020, 09:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله


الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الاول
[كتاب الزكاة]
صـــــ 546 الى صــــــــ558
الحلقة (72)

[زكاة الزرع والثمار]
ثبتت فرضيتها زيادة على ما تقدم من الدليل العام بدليل خاص من الكتاب والسنة، قال تعالى: {وآتوا يوم حصاده} ،
وقال صلى الله عليه وسلم:
ما سقت السماء ففيه العشر، وما سقى غرب "دلو" أو دالية "دولاب" ففيه نصف العُشر" وهذا الحديث قد بين ما أجملته الآية الكريمة المذكورة.وأما شروطها فهي شروط الزكاة العامة المتقدمة؛ ولها شروط أخرى؛ وأحكام مفصلة في المذاهب، فانظرها تحت الخط (1) .
[مصرف الزكاة]
تصرف الزكاة للأصناف الثمانية المذكورة في قوله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء، والمساكين، والعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب؛ والغارمين، وفي سبيل الله، وابن السبيل} .
وفي تعريف كل واحد من هؤلاء الأصناف، وما يتعلق بذلك من الأحكام تفصيل في المذاهب، فانظره تحت الخط (2) .

(1) الحنفية قالوا: من الشروط العامة: العقل والبلوغ، فلا تجب الزكاة في مال الصبي والمجنون؛ إلا أن هذين الشرطين غير معتبرين في زكاة الزروع والثمار، فتجب في مال الصبي والمجنون، ويشترط لزكاتهما - زيادة على ما تقدم - أن تكون الأرض عشرية فلا تجب الزكاة في الخارج من الأرض الخراجية، وأن يكون الخارج منها مما يقصد بزراعته استغلال الأرض ونماؤها فلا تجب في الحطب والحشيش والقصب الفارسي - الغاب - والسعف، لأن الأرض لا تنمو بزراعة هذه الأصناف، بل تفسد بها، نعم لو قطعها وباعها واستفاد منها، وجبت الزكاة في قيمتها إن بلغت نصاباً ولا بد من زرع الأرض بالفعل بالنسبة للزكاة؛ بخلاف الخراج، فإنه يتقرر متى كانت صالحة للزراعة، ومتمكناً ربها من زرعها، فلو تمكن من زراعة أرض ولم يزرعها، فلاتجب فيها الزكاة، ويجب فيها الخراج لنموها تقديراً، فسبب وجوب الزكاة هو الأرض النامية حقيقة بالخارج منها، بخلاف الخراج، فسبب وجوبه النمو ولو تقديراً.
وحكم زكاة الزرع والثمار هو أنه يجب فيها العشر إذا كانت خارجة من أرض تسقى بالمطر أو السيح - الماء الذي يسيح على الأرض من المصارف ونحوها - ونصف العشر إذا كانت خارجة من أرض تسقى بالدلاء ونحوها، ويجب أن يخرج زكاة كل ما تخرجه الأرض من الحنطة والشعير، والدخن، والأرز، وأصناف الحبوب والبقول، والرياحين، والورد وقصب السكر، والبطيخ والقثاء، والخيار، والباذنجان، والعصفر، والتمر والعنب وغير ذلك، سواء كانت له ثمرة تبقى أو لا، وسواء كان قليلاً أو كثيراً، فلا يشترط فيها نصاب ولا حولان؛ وتجب في الكتاب وبذره، وفي الجوز واللوز والكمون والكزبرة، وفيما يجمع من ثمار الأشجار التي ليست بمملوكة: كأشجار الجبال، ولا تجب في البذور التي لا تصلح إلا للزراعة: كبذر البطيخ والحناء، وبذر الحلبة، وبذر الباذنجان؛ ولا تجب فيما هو تابع للأرض: كالنخل والأشجار، ولا تجب فيما يخرج من الشجر: كالصمغ والقطران، ولا تجب في حطب القطن ونحوه، ولا تجب في الموز، وما ينفق على الزرع من الكلف يحسب على الزارع؛ فتجب الزكاة في كل الخارج بدون أن تخصم منه النفقات وإذا باع الزرع قبل إدراكه وجبت الزكاة على المشتري، وبعد الإدراك على البائع ووقت وجوب زكاة الخضر عند ظهور الثمرة، والأمن عليها من الفساد بأن بلغت حداً ينتفع بها؛ ثم يخرج حقها وقت قطعها، أما وقت زكاة الحبوب فبعد كيلها وتنقيتها، وتسقط الزكاة بهلاك الخارج من غير صنع المالك، وإذا هلك بعضه بغير صنعه سقط بقدر ما هلك؛ وكذا ما يقتاته اضطراراً.
الشافعية قالوا: زكاة الزروع والثمار تجب بشروط ثلاثة زيادة على ما تقدم.
الأول: أن يكون مما يقتات اختياراً: كالبر، والشعير، والأرز، والذرة، والعدس، والحمص والفول؛ والدخن، فإن لم يكن صالحاً للاقتيات: كالحلبة، والكراويا، والكزبرة والكتان، فلا زكاة فيه؛ وكذا ما يقتات به عند الضرورة: كالترمس ونحوه،
الثاني: أن يكون مملوكاً لمالك معين بالشخص، فلا زكاة في الموقوف على المساجد، على الصحيح، إذ ليس لها مالك معين، كما لا زكاة في النخيل المباح بالصحراء إذا لم يكن لها مالك معين، الثالث: أن يكون نصاباً فأكثر؛ ولا يزكى من الثمار إلا العنب أو الرطب، فلا زكاة في الخوخ، والمشمش، والجوز، واللوز، والتين، ومتى ظهر لون العنب أو الرطب، أو لأن جلده وصلح للأكل، أو اشتد الحب والزرع فقد بدا صلاحه، وحينئذ يحرم على المالك التصرف فيه قبل إخراج الزكاة ولو بالصدقة؛ وعلى هذا يحرم أكل الفول الأخضر والفريك، وإطاء أجر الحصادين قبل إخراج الزكاة على المعتمد، ولا تجب الزكاة في الزروع والثمار إلا إذا بلغا حد النصاب، وهو خمسة أوسق تحديداً، وما زاد فبحسابه، فلا زكاة فيما دون ذلك، والوسق ستون صاعاً. والصاع أربعة أمداد؛ والمد رطل وثلث بالبغدادي، ويبلغ النصاب بالكيل المصري الآن أربعة أرادب وكيلتين.
هذا إذا كانت الحبوب خالية من الطين والتراب ومصفاة من القشر، فإن كانت مما يدخر في قشره، كشعير الأرز، أو كان فيها غلت: كطين وتراب، فلا يعتبر إلا ما كان خالصاً منها، بحيث تبلغ النصاب، ولا بد أن يكون النصاب من جنس واحد، فلا يضم القمح إلى الشعير لإتمام النصاب، وكذا غيره من الأصناف المختلفة، ولا يضم ثمر أو زرع هذا العام إلى العام الذي قبله لإكمال النصاب. أما إذا تكرر الزرع في عام واحد: كالذرة الصيفية، والذرة النيلية فيضم بعضه إلى بعض، لأنه لم يتخلل بين الزرعين عام كامل، أي اثني عشر شهراً هلالية؛ والعبرة في الحبوب للحصاد، وفي الثمار بظهورها، وكذا العنب فإنه يضم ما بكر منه إلى ما تأخر في عامه. أما التمر المتكرر في عام، كأن أثمرت النخلة مرتين في عام واحد؛ فيزكى عن المرة الأولى إن أكملت النصاب، وإلا فلا يضم إلى المرة الثانية، والذي يجب إخراجه يختلف باختلاف مدة عيش الزرع ونمائه، لا بعدد السقيات؛ فإن سقي الزرع، أو التمر بماء السماء، أو بماء النهر بدون آلات، أو شرب بعروقه: كالزرع البعلي، فالواجب فيه العشر، فإن سقي بدولاب أو شادوف، أو بماء مشتري، فالواجب فيه نصف العشر لكثر المؤونة، فلو سقي بمجموع الأمرين، كأن سقي نصف الأرض بماء السماء، والنصف الآخر بدولاب وجب في هذه الحالة إخراج ثلاثة أرباع العشر، وإن اختلف عدد السقيات، لأن العبرة بمدة الزراعة لا بعدد السقيات.
الحنابلة قالوا: تجب زكاة الزروع والثمار، بشرطين زيادة على ما تقدم:
الأول: أن تكون صالحة للادخار،
الثاني: أن تبلغ نصاباً وقت وجوب الزكاة، والنصاب هنا خمسة أوسق بعد تصفيه وأربعمائة وثمانية وعشرون رطلاً مصرياً، وأربعة أسباع رطل، فلا فرق فيما تجب فيه الزكاة بين كونه حباً أو غيره، مأكولاً أو غير مأكول: كالقمح، والفول، وحب الرشا، وحب الفجل، وحب الخردل، والزعتر، والأشنان وورق الشجر المقصود ...
كورق السدر، والآس، وكتمر، وزبيب، ولوز، وفستق، وبندق، أما العناب والزيتون، فلا تجب الزكاة فيهما، كما تجب في الجوز الهندي، والتين، والتوت، وبقية الفواكه وقصب السكر، واللفت، والكرنب، والبصل، والفجل، والورس، والنيلة، والحناء، والبرتقال، والقطن، والكتان، والزعفران، والعصفر، لأن هذه الأشياء لم يتحقق فيها الشرط الأول، وأما العلس، والرز اللذان يدخران في قشرهما، فنصابهما في قشرهما عشرة أوسق لأن الاختبار دل على ذلك، ولا يجوز تقدير غيرهما في قشره، ولا إخراج زكاته قبل تصفيته، والعبرة في هذه المكاييل بالمتوسط في الثقل، وهو العدس، والحنطة، فتجب في خفيف بلغ النصاب كيلاً إن قارب هذا الوزن، وإن لم يبلغه، لأنه في الكيل كالثقيل ولا تجب في ثقيل بلغ النصاب وزناً لا كيلاً، وتضم أنواع الجنس لبعضها في تكميل النصاب إن كانت من زرع عام واحد أو من تمر عام واحد، إن كانت الثمرة من شجر يحمل في السنة مرتين، والزكاة الواجب إخراجها في الزرع والثمار هي العشر إن سقيت بماء السماء ونحوه؛ ونصف العشر إن سقيت بالآلات؛ فإن سقي النصف بماء السماء؛ والنصف الآخر بالآلات، وجب إخراج ثلاثة أرباع العشر، فإن تفاوتا فالحكم لأكثرهما نفعاً للزرع، فإن جهل المقدار، فالواجب العشر احتياطاً، والوقت الذي تجب فيه الزكاة في الحبوب هو وقت اشتدادها حال الصلاح للأخذ والادخار، ووقت وجوبها في الثمار عند طيب أكهلا وظهورها، فإذا أتلفها أو باعها بعد ذلك ضمن الحنفية قالوا: الفقراء، فإن تلفت من غير تعدية سقطت عنه الزكاة ما لم تكن قد وضعت في الجرين أو نحوه، فإن وضعت في ذلك ثم تلفت ضمن الزكاة للفقراء.
المالكية قالوا: تجب زكاة الحرث - الزرع والثمار - ويتعلق الوجوب بها من وقت الطيب، وهو بلوغ الزرع، أو الثمر حد الأكل منه؛ قال مالك رضي الله عنه: إذا أزهى النخل، وطاب الكرم، وأسود الزيتون، أو قارب، وأفرك الزرع، واستغنى عن الماء، وجبت فيه الزكاة، وحيث إن الزكاة وجبت فيها من حين الطيب فكل ما أكل من الحب، وهو فريك، أو من البلح هو بسر، أو من العنب بعد ظهور الحلاوة فيه يحسب، وتتحرى زكاته، وإذا أخرج زكاته منه إذ ذاك أجزأه، وكذلك يحسب ما يرميه الهواء إن أمكن جمعه والانتفاع به، أو يهديه أو يعلف به الدواب، أو يستأجر به الحصاد أو غيره، ولا يجسب ما يأكله الطير أو الجراد، وما تلف بسبب حر أو برد، وكل جائحة سماوية، وكذا لا يحسب ما تأكله الدابة في حال درسها، ويشترط في وجوب الزكاة بلوغ الحرث نصاباً، ونصاب الحرث خمسة أوسق، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس في حب ولا تمر صدقة حتى تبلغ خمسة أوسق"، وقدر النبي صلى الله عليه وسلم الوسق بستين صاعاً بصاع المدينة في عهده، والصاع خمسة أرطال وثلث بالرطل العراقي، وبالكيل أربعة أمداد بمد النبي صلى الله عليه وسلم، والمد ثلث قدح بالقدح المصري، فيكون الصاع قدحا وثلثاً، وقدر النصاب بالكيل المصري بأربعة أرادب، وويبة - كيلتين -، ويقدر الجفاف للأوسق إن كانت غير جافة بالفعل ولا يحسب منها الحشف، وتعتبر خالصة من القشر الذي تخزن بدونه كقشر الفول الأعلى.
أما القشر الذي تخزن فيه: كقشر حب الفول، فلا يعتبر الخلوص منه، وإنما تجب الزكاة في الحبوب والثمار إذا حصلت في الإنبات، أو غرس الشخص، سواء أكانت الأرض خراجية أم لا، أما ما نبت بنفسه في الجبال أو في الأرض المباحة، فلا زكاة فيه: ومن سبق إلى شيء منها ملكه، وتجب الزكاة في عشرين نوعاً، وهي: القمح، والشعير، والسلت - نوع من الشعير لا قشر له - والعلس - وهو نوع من القمح تكون الحبتان منه في قشرة واحدة، - وهو طعام أهل صنعاء باليمن -، والأرز، والدخ، والجلبان -، وذوات الزيوت الأربعة، وهي: - الزيتون والسمسم، والقرطم وحب الفجل الأحمر - ونوعان من الثمار. وهما: - التمر، والزبيب - ولا زكاة في غيرها، إلا أن تكون عروض تجارة، فزكى قيمتها على ما تقدم، والواجب إخراجه هو نصف العشر من الحب، أو التمر، أو زيت ما له زيت، متى بلغ الحب نصاباً، وإن لم يبلغه الزيت وإنما يجب نصف العشر إن سقي بالآلات، فإن سقي بالمطر أو السيح، فالعشر، ولو اشترى المطر ممن نزل بأرضه، أو أنفق عليه حتى أوصله لأرضه من غير آلة رافعة، ففيه العشر أيضاً، وإن سقي بالآلة وبغيرها نظر للزمن، فإن تساوت مدة السقيين أو تقاربت أخرج عن النصف العشر، وعن النصف الآخر نصف العشر، فيخرج عن الجمع ثلاثة أرباع العشر، فإن كانت مدة أحدهما الثلث أو قريباً منه فقيل: يعتبر الأكثر، فيزكي الكل عن حكمه، وقيل: ينظر لكل واحدة على حدة فإذا كان السقي في ثلثي المدة بدون آلة وفي ثلثها بالآلة أخرج عن ثلثي الخارج العشر وعن ثلثه نصف العشر. وعلى القول الأول يخرج عن الكل العشر، ويضم بعض الأنواع إلى بعض على الأوجه الآتي: القطاني السعة المتقدمة جنس واحد في الزكاة، تضم أنواعه بعضها إلى بعض.
فإذا حصل من مجموعها نصاب فأكثر، وجبت زكاة الجميع، ويخرج من كل نوع القدر الذي يخصه والقمح والشعير والسلت في "باب الزكاة" جنس واحد كذلك. فإن اجتمع منها نصاب وجبت زكاة الجميع. وأخرج من كل نوع ما يخصه. وشروط الضم من كل ما ذكر أن يزرع المضموم قبل استحقاق حصاد المضموم إليه وغلا لم يضم إليه. وأن يبقى من حب الأول إلى وجوب زكاة الثاني ما يكملان به نصاباً. وأما الذي لا يضم بعضه إلى بعض فهو باقي الأنواع العشرين السابقة: كالأرز والذرة والعلس والتمر. والزبيب. فكل واحد منها ينظر إليه وحده. فإن حصل منه نصاب وجبت زكاته وإلا فلا، فلا يضم أرز لذرة ولا تمر لزبيب، كما لا يضم فول إلى قمح ولا عدس إلى شعير مثلاً. وأما أصناف منهما نصاب يزكي الجميع وأخرج من كل بقدره. فإن اجتمع النصاب من جيد ومتوسط ورديء، أخرج زكاة الجميع من المتوسط. فإن أخرجهما من الجيد كان أفضل ولا يجزء الإخراج من الرديء لا عنه ولا عن غيره. وإذا بدا صلاح البلح باحمراره أو اصفراره. أو بدا صلاح العنب بحلاوته. واحتاج المالك للأكل منه أو بيعه. أو إهدائه. فعليه أن يقدره أولاً بواسطة عدل عارف ما على الأشجار والنخيل من العنب والبلح إذا جف كل منهما، بأن صار البلح تمراً والعنب زبيباً. ويكون التقدير لشجرة شجرة ويعد ذلك يتصرف فيه كيف يشاء. فإذا بلغ مقدار الزبيب أو التمر نصاباً: زكي إن كان كل منهما مما شأنه الجفاف. واليبس وإلا أخرج الزكاة من الثمن إن باعه. ومن القيمة إن لم يبعه.
فيخرج عشر الثمن أو القيمة أو نصف عشرهما كما سبق، متى بلغ الحب بالتقدير نصاباً، ولو لم يبلغه الثمن ولا القيمة، وكذا الحكم في كل زرع وثمر شأنه عدم الجفاف، ولو لم يكن محتاجاً إلى بيعه، أو أكله، فيخرج عنه من ثمنه إن باعه ومن قيمته إن لم يبعه، وذلك: كالفول المسقاري، ورطب مصر، وعنبها؛ والزيتون الذي لا زيت له تخرج من ثمنه أو قيمته إن بلغ الحب نصاباً

(2) الحنفية قالوا: "الفقير" هو الذي يملك أقل من النصاب؛ أو يملك نصاباً غير تام يستغرق حاجته، أو يملك نصباً كثيرة غير تامة تستغرق الحاجة، فإن ملكها لا يخرجه عن كونه فقيراً يجوز صرف الزكاة له، وصرفها للفقير العالم أفضل، والمسكين هو الذي لا يملك شيئاً أصلاً، فيحتاج إلى المسألة لقوته، أو لتحصيل ما يوارى به بدنه، ويحل له أن يسأل لذلك، بخلاف الفقير؛ فإنه لا تحل له المسألة ما دام يملك قوت يومه بعد سترة بدنه، "والعامل" هو الذي نصبه الإمام لأخذ الصدقات والعثور، فيأخذ بقدر ما عمل، و"الرقاب": هم الأرقاء المكاتبون، و"الغارم": هو الذي عليه دين ولا يملك نصاباً كاملاً بعد دينه، والدفع إليه لسداد دينه أفضل من الدفع للفقير، "وفي سبيل الله" هم الفقراء المنقطعون للغزو في سبيل الله على الأصح، "وابن السبيل" هو الغريب المنقطع عن ماله، فيجوز صرف الزكاة له بقدر الزكاة لقدر الحاجة فقط؛ والأفضل له أن يستدين، وأما المؤلفة قلوبهم، فإنهم منعوا من الزكاة في خلافة الصديق، ويشترط لصحة أداء الزكاة النية المقارنة لإخراجها، أو لعزل ما وجب إخراجه.
هذا، وللمالك أن يصرف الزكاة لجميع الأصناف المذكورة في الآية الكريمة، أو لبغضهم، ولو واحداً من أي صنف كان، والأفضل أن يقتصر على واحد إذا كان المدفوع أقل من نصاب، فإن دفع لواحد نصاباً كاملاً فأكثر، أجزأه مع الكراهة. إلا إذا كان مستحق الزكاة مديناً، فإنه يجوز للممالك أن يسدد له دينه بالزكاة، ولو كانت أكثر من نصاب؛ وكذا لو كان ذا عيال. فإنه يجوز أن يصرف له من الزكاة أكثر من نصاب، ولكن بحيث لو زرع على عياله يصيب كل واحد منهم أقل من نصاب، ويشترط في سداد الدين بالزكاة أن يأمره مستحقها بذلك، فلو سدد المالك دين من يستحق الزكاة بدون أمره لم يجزئه الزكاة، وسقط الدين، ولا يجوز للممالك أن يصرف الزكاة لأصله: كأبيه وجده، وإن علا، ولا لفرعه كابنه وابن ابنه وإن سفل. وكذا لا يجوز له أن يصرفها لزوجته، ولو كانت مبانة في العدة، كما لا يجوز لها أن تصرفها لزوجها عند أبي حنيفة. أما باقي الأقارب، فإن صرف الزكاة لهم أفضل، والأفضل أن يكون على هذا الترتيب، الإخوة، والأخوات، ثم أولادهم، ثم الأخوال، والخالات، ثم أولادهم، ثم باقي ذوي الأرحام، ويجوز أن يصرف الزكاة لمن تجب عليه نفقته من الأقارب، بشرط أن لا يحبسها من النفقة، ولا يجوز أن يصرف الزكاة في بناء مسجد، أو مدرسة، أو في حج، أو جهاد، أو في إصلاح طرق، أو سقاية، أو قنطرة، أو نحو ذلك من تكفين ميت، وكل ما ليس فيه تمليك لمستحق الزكاة، وقد تقدم أن التمليك ركن للزكاة. ويجوز صرف الزكاة لمن يملك أقل من النصاب، وإن كان صحيحاً ذا كسب.
أما من يملك نصاباً من أي مال كان، فاضلاً عن حاجته الأصلية، وهي مسنكة، وأثاثه، وثيابه، وخادمه، ومركبه وسلاحه، فلا يجوز صرف الزكاة له، ويجوز دفع الزكاة إلى ولد الغني الفقيرة، والى الأب المعسر، وإن كان ابنه موسراً، ويكره نقل الزكاة من بلد إلى بلد، إلا أن ينقلها إلى قرابته، أو إلى قوم هم أحوج إليها من أهل بلده، ولو نقل إلى غيرهم أجزأه مع الكراهة، وإنما يكره النقل إذا أخرجها في حينها، أما إذا عجلها قبل حينها، فلا بأس بالنقل. والمعتبر في الزكاة مكان المال حتى لو كان المالك في بلد وماله في بلد أخرى تفرق الزكاة في مكان المال. وإذا نوى الزكاة بما يعطيه لصبيان أقاربه أو لمن يأتيه ببشارة ونحوها أجزأه. وكذا ما يدفعه للفقراء من الرجال والنساء في المواسم والأعياد. ويجوز التصدق على الذمي بغير مال الزكاة ولا تحل لبني هاشم بخلاف صدقات التطوع والوقف.المالكية قالوا: "الفقير" هو من يملك من المال أقل من كفاية العام. فيعطي منها. ولو ملك نصاباً وتجب عليه زكاة هذا النصاب. وليس من الفقير من وجبت عليه نفقته على غيره متى كان ذلك الغير غنياً قادراً على دفع النفقة. فلا يجوز أن يعطي الزكاة لوالده الفقير ولو لم ينفق عليه بالفعل، لأنه قادر على أخذ نفقته منه برفع الأمر للحاكم. وأما إذا كان شخص ينفق على فقير تطوعاً بدون أن تجب عليه نفقته فإنه يجوز له أن يصرف الزكاة له. ومتى كانت له حرفة يتحصل منها على ما يكفيه، أو له مرتب كذلك، فلا يجوز إعطاؤه من الزكاة فإن كان المرتب لا يكفيه أعطي من الزكاة بقدر كفايته؛ و"المسكين" من لا يملك شيئاً أصلاً، فهو أحوج من الفقير؛ ويشترط في الفقير والمسكين ثلاثة شروط: الحرية؛ والإسلام؛ وأن لا يكون كل منهما من نسل هاشم بن عبد مناف، إذا أعطوا ما يكفيهم من بيت المال، وإلا صح إعطاؤهم، حتى لا يضر بهم الفقر، وأما بنو المطلب أخي هاشم فليسوا من آل النبي صلى الله عليه وسلم، فتحل لهم الزكاة؛ وأما صدقى التطوع، فتحل لبني هاشم، وغيرهم، "والمؤلفة قلوبهم" هم كفار، يعطون منها ليتمكن الإيمان في قلوبهم، وعلى القول الثاني، فحكمهم باق لم ينسخ، فيعطون من الزكاة الآن.
وأما على التفسير الأول ففي بقاء حكمهم وعدمه خلاف، والتحقيق أنه إذا دعت حاجة الإسلام إلى استئلاف الكفار أعطوا من الزكاة وإلا فلا، و"العامل على الزكاة": كالساعي، والكاتب، والمفرق والذي يجمع أرباب المواشي لتحصيل الزكاة منهم، ويعطي العامل منها ولو غنياً، لأنه يستحقها بوصف العمل، لا الفقر، فإن كان فقيراً استحق بالوصفين، ويشترط في أخذه منها أن يكون حراً مسلماً غير هاشمي، ويشترط في صحة توليته عليها أن يكون عدلاً عارفاً بأحكامها، فلا يولى كافر، ولا فاسق، ولا جاهل بأحكامها، وإذا ولى السلطان عاملاً عبداً، أو هاشمياً، نفذت توليته، ويعطى الأجرة من بيت المال لا من الزكاة، و"في الرقاب" الرقبة رقيق مسلم يشتري من الزكاة ويعتق، ويكون ولاؤه للمسلمين، فإذا مات ولا وارث له، وله مال فهو في بيت مال المسلمين، و"الغارم" هو المدين الذي لا يملك ما يوفي به دينه، فيوفى دينه من الزكاة، ولو بعد موته وشرطه الحرية، والإسلام، وكونه غير هاشمي، وأن يكون تداينه لغير فساد: كشرب خمر، وإلا فلا يعطى منها إلا أن يتوب، والمجاهد يعطى من الزكاة إن كان حراً مسلماً غير هاشمي، ولو غنياً، ويلحق به الجاسوس، ولو كافراً، فإن كان مسلماً، فشرطه أنه يكون حراً غير هاشمي، ولو غنياً، ويلحق به الجاسوس، ولو كافراً، فإن كان مسلماً، فشرطه أنه يكون حراً غير هاشمي، وإن كان كافراً، فشرطه الحرية فقط، ويصح أن يشتري من الزكاة سلاح، وخيل للجهاد، ولتكن نفقة الخيل من بيت المال، وابن السبيل هو الغريب المحتاج لمن يوصله لوطنه فيعطي من الزكاة إن كان حراً مسلماً غير هاشمي، ولا عاصياً بسفره: كقاطع الطريق، ومتى استوفى الشروط أخذ، ولو غنياً ببلده، إن لم يجد من يسلفه ما يوصله إليها، وإلا فلا يعطى، كمن فقد أحد الشروط، ويجب في الزكاة أن ينوي مخرجها أن
هذا القدر المعطى زكاة، وتكون النية عند تفريقها إن لم ينو عند العزل، فإن نوى عند عزل مقدار الزكاة أنه زكاة،كفاه ذلك، فإن تركت النية أصلاً، فلا يعتد بما أخرجه من الزكاة، ولا يلزم إعلان الأخذ بأن ما أخذه هو من الزكاة، بل يكره، لما فيه من كسر قلب الفقير، ويتعين تفرقة الزكاة بموضع الوجوب أو قربه، ولا يجوز نقله إلى مسافة قصر فأكثر، إلا أن يكون أهل ذلك الموضع أشد حاجة من أهل محل الوجوب، فيجب نقل الأكثر لهم؛ وتفرقة الأقل على أهله وأجرة نقلها من بيت مال المسلمين، فإن لم يوجد بيت مال بيعت واشتري مثلها بالمحل الذي يراد النقل إليه، أو فرق ثمنها بذلك المحل على حسب المصلحة، وموضع الوجوب هو مكان الزروع والثمار، ولو لم تكن في بلد المالك، ومحل المالك.
هذا في العين، وأما الماشية فموضع وجوبها محل وجودها إن كان هناك ساع، وإلا فمحل المالك، ولا يجب تعميم الأصناف الثمانية في الإعطاء، بل يجوز دفعها، ولو لواحد من صنف واحد، وإلا العامل، فلا يجوز دفعها كلها إليه إذا كانت زائدة على أجرة عمله.
الحنابلة قالوا: الفقير هو من لم يجد شيئاً، أو لم يجد نصف كفايته: و"المسكين" هو من يجد نصفها أو أكثر، فيعطي كل واحد منهما من الزكاة تمام كفايته مع عائلته سنة، و"العامل عليها" هو كل ما يحتاج إليه في تحصيل الزكاة، فيعطى منها بقدر أجرته. ولو غنياً و"المؤلف" هو السيد المطاع في عشيرته ممن يرجى إسلامه أو يخشى شره، أو يرجى قوة إيمانه أو إسلام نظيره من الكفار أو يحتاج إليه في جبايتها ممن لا يعطيها، فيعطى منها ما يحصل التأليف، و"الرقاب" هو المكاتب ولو قبل حلول شيء من دين الكتابة، ويعطى ما يقضي به دين الكتابة، و"الغارم" قسمان:
أحدهما: من استدان للإصلاح بين الناس.
ثانيهما: من استدان لإصلاح نفسه في أمر مباح أو محرم وتاب، ويعطى ما يفي به دينه، {وفي سبيل الله} هو الغازي إن لم يكن هناك ديوان يتفق منه عليه، ويعطى ما يحتاج إليه من سلاح، أو فرس، أو طعام، أو شراب، وما يفي بعودته، {وابن السبيل} وهو الغريب الذي فرغت منه النفقة في غير بلده في سفر مباح، أو محرم، وتاب، ويعطى ما يبلغه لبلده ولو وجد مقرضاً، سواء كان غنياً أو فقيراً، ويكفي الدفع لواحد من هذه الأصناف الثمانية، ويجوز أن يدفع الجماعة زكاتهم لواحد كما يجوز للواحد أن يدفع زكاته لجماعة، ولا يجوز إخراج الزكاة بقيمة الواجب، وإنما الواجب إخراج عين ما وجب، ولا يجوز دفع الزكاة للكافر، ولا لرقيق، ولا لغني بمال أو كسب، ولا لمن تلزمه نفقته ما لم يكن عاملاً، أو غازياً، أو مؤلفاً، أو مكاتباً، أو ابن سبيل، أو غارماً لإصلاح ذات بين، ولا يجوز أيضاً أن تدفع الزوجة زكاتها لزوجها، وكذا العكس، ولا يجوز دفعها لهاشمي، فإن دفعها لغير مستحقها جهلاً، ثم علم عدم استحقاقه لم تجزئه، ويستردها ممن أخذها، وإن دفعها لغير مستحقها جهلاً، ثم علم عدم استحقاقه لم تجزئه، ويستردها ممن أخذها، وإن دفعها لمن يظنه فقيراً أجزأه كما يجزئه تفرقتها للأقارب إن لم تلزمه نفقتهم، والأفضل تفرقتها جميعاً لفقراء بلده؛ ويجوز نقلها لأقل من مسافة القصر من البلد الذي فيه المال والأفضل تفرقتها جميعاً لفقراء بلده؛ ويجوز نقلها لأقل من مسافة القصر من البلد الذي فيه المال ويحرم نقلها إلى مسافة القصر، وتجزئه.
الشافعية قالوا: "الفقير" هو من لا مال له أصلاً، ولا كسب من حلال، أو له مال، أو كسب من حلال لا يكفيه، بأن كان أقل من نصف الكفاية، ولم يكن له منفق يعطيه ما يكفيه: كالزوج بالنسبة للزوجة؛ والكفاية تعتبر بالنسبة لعمره الغالب، وهو اثنان وستون سنة. إلا إذا كان له مال يتجر فيه، فيعتبر ربحه في كل يوم على حدة، فإن كان ربحه في كل يوم أقل من نصف الكفاية في ذلك اليوم، فهو فقير، وكذا إذا جاوز العمر الغالب، فالعبرة بكل يوم على حدة، فإن كان عنده من المال أو الكسب ما لا يكفيه في نصف اليوم، فهو فقير؛ و"المسكين" من قدر على مال، أو كسب حلال، يساوي نصف ما يكفيه في العمر الغالب المتقدم، أو أكثر من النصف، فلا يمنع من الفقر والمسكنة وجود مسكن لائق به، أو وجود ثياب كذلك، ولو كانت للتجمل، وكذا لا يمنع من وصف المرأة بالفقر والمسكنة وجود حلي لها تحتاج للتزين به عادة. وكذا وجود كتب العلم التي يحتاج لها للمذاكرة، أو المراجعة، كما أنه إذا كان له كسب من حرام، أو مال غائب عنه بمرحلتين، أو أكثر، أو دين له مؤجل.
فإن ذلك كله لا يمنعه من الأخذ من الزكاة بوصف الفقر أو المسكنة؛ و"العامل على الزكاة" هو من له دخل في جميع الزكاة: كالساعي، والحافظ، والكاتب، وإنما يأخذ العامل منها إذا فرقها الإمام، ولم يكن له أجرة مقدرة من قبله، فيعطى بقدر أجر مثله و"المؤلفة قلوبهم" هم أربعة أنواع:
الأول: ضعيف الإيمان الذي أسلم حديثاً؛ فيعطي منها ليقوى إسلامه؛
الثاني: من أسلم، وله شرف في قومه، ويتوقع بإعطائه من الزكاة إسلام غيره من الكفار؛
الثالث: مسلم قوي الإيمان: يتوقع بإعطائه أن يكفينا شر من وراءه من الكفار،
الرابع؛ من يكفينا شر مانع الزكاة؛ و"الرقاب" هو المكاتب، يعطى من الزكاة ما يتسعين به على أداء نجوم الكتابة، ليخلص من الرق، وإنما يعطى بشروط: أن تكون كتابته صحيحة؛ وأن يكون مسلماً؛ وأن لا يكون عنده وفاء بما عليه من دين الكتابة؛ وأن لا يكون مكاتباً لنفس المزكي؛ و"الغارم" هو المدين، وأقسامه ثلاثة:
الأول: مدين للإصلاح بين المتخاصمين، فيعطى منها، ولو غنياً؛
الثاني: من استدان في مصلحة نفسه ليصرف في مباح؛ أو غير مباح، بشرط أن يتوب،
الثالث: من عليه دين بسبب ضمان لغيره؛ وكان معسراً هو المضمون إذا كان الضمان بإذنه، فإن تبرع هو بالضمان بدون إذن المضمون يعطى متى أعسر هو، ولو أيسر المضمون؛ ويعطى الغارم في القسمين الأخيرين ما عجز عنه من الدين، بخلاف القسم الأول، فيعطى منها، ولو غنياً، و"في سبيل الله" هو المجاهد المتطوع للغزو، وليس له نصيب من المخصصات للغزاة في الديوان، ويعطى منها ما يحتاج إليه ذهاباً وإياباً وإقامة، ولو غنياً، كما تعطى له نفقة من يمونه وكسوته، وقيمة سلاح وفرص، ويهيأ له ما يحمل متاعه وزاده إن لم يعتد حملها و"ابن السبيل" هو المسافر من بلدة الزكاة، أو المار بها فيعطى منها ما يوصله لمقصده، أو لماله إن
كان له مال، بشرط أن يكون محتاجاً حين السفر، أو المرور، وأن لا يكون عاصياً بسفره، وأن يكون سفره لغرض صحيح شرعاً؛ ويشترط في أخذ الزكاة من هذه الأصناف الثمانية زيادة على الشروط الخاصة لكل صنف شروط خمسة:
الأول: الإسلام؛
الثاني كمال الحرية، إلا إذا كان مكاتباً؛
الثالث: أن لا يكون من بني هاسم، ولا بني المطلب، ولا عتيقاً لواحد منهم، ولو منع حقه من بيت المال، ويستثنى من ذلك الحمال والكيال، والحافظ للزكاة، فيأخذون منها ولو كفاراً أو عبيداً، أو من آل البيت، لأن ذلك أجرة على العمل؛
الرابع؛ أن لا تكون نفقته واجبة على المزكي،
الخامس:أن يكون القابض للزكاة. وهو البالغ العاقل حسن التصرف. ويجب في الزكاة تعميم الأصناف الثمانية إن وجدوا، سواء فرقها الإمام أو المالك. إلا أن المالك لا يجب عليه التعميم. إلا إذا كانت الأصناف محصورة بالبلد ووفى بهم المال. وإلا وجب إعطاء ثلاثة أشخاص من كل صنف، وإن فقد بعض الأصناف أعطيت للموجود. واختار جماعة جواز دفع الزكاة ولو كانت زكاة مال لواحد، وتشترط نية الزكاة عند دفعها للإمام. أو المستحقين، أو عند عزلها. ولا يجوز للمالك نقل الزكاة من بلد إلى آخر ولو كان قريباً، متى وجد مستحق لها في بلدها. أما الإمام فيجوز له نقلها. وبلد الزكاة هو المحل الذي تم الحول والمال موجود فيه.
وهذا فيما يشترط فيه الحول: كالذهب، وأما غيره: كالزرع فبلد زكاته المحل الذي تعلقت الزكاة به وهو موجود فيه



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #87  
قديم 22-07-2020, 03:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الاول
[كتاب الحج والعمرة]
صـــــ 567 الى صــــــــ578
الحلقة (73)

[صدقة الفطر]
صدقة الفطر واجبة على كل حر مسلم قادر، أمرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم في السنة التي فرض فيها رمضان قبل الزكاة، وقد كان صلى الله عليه وسلم يخطب قبل يوم الفطر، ويأمر بإخراجها، فقد أخرج عبد الرزاق بسند صحيح عن عبد بن ثعلبة،
قال:
خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل يوم الفطر بيوم أو يومين،
فقال: "أدّوا صاعاً من بر أو قمح؛ أو صاعاً من تمر أو شعير عن كل حر أو عبد، صغير أو كبير" وفي بيان حكمها ومقاديرها تفصيل المذاهب، فانظره تحت الخط (1) .
[كتاب الحج [والعمرة]]
[[الحج]]
[تعريفه]
هو لغة القصد إلى معظم، وشرعا أعمال مخصوصة تؤدي في زمان مخصوص ومكان مخصوص على وجه مخصوص.
[حكمه، ودليله]
الحج فرض في العمر مرة على كل فرد من ذكر أو أنثى بالشرائط الآنية. وقد ثبتت فرضيته بالكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فقوله تعالى:
{ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً} ،
وأما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم:
"بني الإسلام على خمس ... " الحديث، وقد تقدم واتفقت الأمة على فرضيته. فيكفر منكرها، ويدل على أنه مفرض في العمرة مرة واحدة لقوله صلى الله عليه وسلم "يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج. فحجوا.
فقال رجل:
أكل عام يا رسول الله؟ فسكت صلى الله عليه وسلم حتى قالها ثلاثاً.
فقال عليه الصلاة والسلام:
لو قلت: نعم لو جبت. ولما استطعتم"
وقد فرض الله الحج على المسلمين القادرين لحكم كثيرة: منها اجتماع المسلمين في صعيد واحد.
يعبدون إلهاً واحداً مخلصين له الدين القيم الذي هو أساس الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة:
وأن من قواعد هذا الدين أن أتباعه إخوة يجب عليهم أن يتعاونوا على البر والتقوى فيعمل كل منهم لنصرة صاحبه وإن بعدت أبدانهم وتفرقت منازلهم. وعليهم أن يذكروا في هذا الموقت أنهم بين يدي ربهم العلي القدير الذي خلقهم وفضلهم على كثير من خلقه، وأنهم سيموتون ويقفون بين يديه في يوم لا ينفع فيه سوى العمل الصالح، والتمسك بما أمر الله به في كل شأن من الشؤون.
[متى يجب الحج]
الحج فرض على الفور فكل من توفرت فيه شروط وجوبه ثم أخره عن أول عام استطاع فيه يكون آثماً بالتأخير:
عند ثلاثة من الأئمة، وخالف الشافعية فانظر مذهبهم تحت الخط (2) .
وله شروط وجوب وشروط صحة وأركان، وواجبات. وسنن. ومندوبات. ومكروهات. ومفسدات، ومحرمات غير مفسدات، وسنبينها وما يتعلق بها بعناوين خاصة.
[شروط وجوبه]
فأما شروط وجوبه: فمنها الإسلام. عند ثلاثة؛ وخالف المالكية. فانظر مذهبهم تحت الخط (3) . فلا يجب على الكافر الأصلي. أما المسلم المرتد عن الإسلام فإنه لا يجب عليه. عند الحنفية. والحنابلة أما المالكية،
فقد عرفت أنهم يقولون:
إن الإسلام شرط صحة لا شرط وجوب، وأما الشافعية. فانظر مذهبهم تحت الخط (4) .
[شروط وجوب الحج: البلوغ - العقل - الحرية]
يشترط لوجوب الحج أمور: منها البلوغ، فلا يجب الحج على الصبي الذي لم يبلغ الحلم،
لقوله صلى الله عليه وسلم:
"أيما صبيّ حج عشر حجج، ثم بلغ، فعليه حجة الإسلام". فإذا حج الصبي وكان مميزاً يدرك معنى أعمال الحج، فإنه يصح منه. ولكن لا يسقط عنه الحج المفروض لما عرفت. فإذا لم يكن الصبي مميزاً، وحضر الحج؛ فإن وليه مكلف بالقيام بأعمال الحج عنه. كما سيأتي في شروط الصحة، ومنها العقل؛ فلا يجب الحج على المجنون. كما لا يصح منه، فهو كالصبي غير المميز في ذلك، ومنها الحرية، فلا يجب الحج على الرقيق. وهذا القدر متفق عليه.
[الاستطاعة وحكم حج المرأة، والأعمى]
ومن شروط وجوب الحج الاستطاعة. فلا يجب الحج على غير المستطيع، باتفاق المذاهب.
كما قال تعالى:
{ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً} ولكنهم اختلفوا في تفسير الاستطاعة، كما اختلفوا في معنى الاستطاعة بالنسبة للمرأة، والأعمى؛ وقد ذكرنا ذلك ما باقي شروط وجوب الحج، فانظره تحت الخط (5) .
[شروط صحة الحج - حج الصبي المميز وغيره - وقت الحج]
يشترط لصحة الحج الإسلام، سواء مباشرة الشخص بنفسه أو فعله نيابة عنه، فلا يصح من الكافر ولا عنه طبعاً، والتمييز، فإذا حج صبي مميز وقام بأعمال الحجر،
فإنها تصح منه:
كالصلاة، باتفاق ثلاثة من الأئمة، وقال المالكية؛ إن التمييز شرط لصحة الإحرام لا لصحة الحج، والأمر في ذلك سهل، فإن التمييز لا بد منه على كل حال، أما الصبي الذي لا يميز والمجنون فإن الحج لا يصح منهما، فلا يصح منهما إحرام، ولا أي عمل من أعمال الحج، ولكن على الوالي أن يقوم بالإحرام عنهما، وعليه أن يحضرهما المواقف، فيطوف ويسعى بهما، ويأخذهما إلى عرفة، وهكذا، ومن شروط صحة الحج أن يباشر أعماله في وقت خاص، فإذا باشرها في وقت آخر بطل حجه، وفي بيان هذا الوقت اختلاف المذاهب، فانظره تحت الخط (6) .
[أركان الحج]
وأما أركان الحج فهي أربعة:
الإحرام؛ وطواف الزيارة، ويسمى طواف الإفاضة. والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، وهذه الأركان لو نقص واحد منها بطل الحج، باتفاق ثلاثة من الأئمة،
وقال الحنفية:
إن له ركنين فقط، فانظر مذهبهم تحت الخط (7) ، وإليك بيان هذه الأركان على هذا الترتيب.

(1) الحنفية قالوا: حكم صدقة الفطر الوجوب بالشرائط الآتية، فليست فرضاً، ويشترط لوجوبها أمور ثلاثة: الإسلام، والحرية، وملك النصاب الفاضل عن حاجته الأصلية، ولا يشترط نماء النصاب ولا بقاؤه، فلو ملك نصاباً بعد وجوبها، ثم هلك قبل أدائها لا تسقط عنه بخلاف الزكاة، فإنه يشترط فيها ذلك، كما تقدم، وكذا لا يشترط فيها العقل، ولا البلوغ، فتجب في مال الصبي والمجنون، حتى إذا لم يخرجها وليهما كان آثماً، ويجب عليهما دفعها للفقراء بعد البلوغ والإفاقة ووقت وجوبها من طلوع فجر عيد الفطر، ويصح أداؤها مقدماً ومؤخراً، لأن وقت أدائها العمر فلو أخرجها في أي وقت شاء كان مؤدياً لا قاضيا، كما في سائر الواجبات الموسعة، إلا أنها تستحب قبل الخروج إلى المصلى، لقوله صلى الله عليه وسلم: "أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم"؛ ويجب أن يخرجها عن نفسه، وولده الصغير الفقير، وخادمه، وولده الكبير إذا كان مجنوناً؛ أما إذا كان عاقلاً، فلا يجب على أبيه، وإن كان الولد فقيراً، إلا أن يتبرع، ولا يجب على الرجل أن يخرج زكاة زوجته، فإن تبرع بها أجزأت، ولو بغير إذنها، وتخرج من أربعة أشياء:
الحنطة، والشعير، والتمر والزبيب، فيجب من الحنطة نصف صاع عن الفرد الواحد، والصاع أربعة أمداد. والمدر رطلان، والرطل مائة وثلاثون درهماً، ويقدّر الصاع بالكيل المصري بقدحين وثلث.
فالواجب من القمح وسدس مصري عن كل فرد، والكيلة المصرية تكفي سبعة أفراد إذا زيد عليها سدس قدح، ويجب من التمر والشعير والزبيب صاع كامل، فالكيلة المصرية منها تجزئ عن ثلاثة، ويبقى منها قدح مصري، ويجوز له أن يخرج قيمة الزكاة الواجبة من النقود، بل هذا أفضل؛ لأنه أكثر نفعاً للفقراء، ويجوز دفع زكاة جماعة إلى مسكين واحد، كما يجوز دفع زكاة الفرد إلى مساكين، ومصرف زكاة الفطر هو مصرف الزكاة العامة الذي ورد في آية: {إنما الصدقات للفقراء} الآية.
الحنابلة قالوا: زكاة الفطر واجبة بغروب شمس ليلة عيد الفطر على كل مسلم يجد ما يفضل عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته، بعد ما يحتاجه من مسكن وخادم ودابة وثياب بذلته وكتب علم، وتلزمه عن نفسه وعمن تلزمه مؤنته من المسلمين، فإن لم يجد ما يخرجه لجميعهم بدأ بنفسه، فزوجته، فرفيقه، فأمه؛ فأبيه، فولده، فالأقرب، فالأقرب، باعتبار ترتيب الميراث، وسن إخراجها عن الجنين، والأفضل إخراجها في يوم العيد قبل الصلاة، ويكره إخراجها بعدها، ويحرم تأخيرها عن يوم العيد إذا كان قادراً على الإخراج فيه، ويجب قضاؤها، وتجزئ قبل العيد بيومين؛ ولا تجزئ قبلهما، ومن وجب عليه زكاة فطره أخرجها في المكان الذي أفطر فيه آخر يوم من رمضان، وكذا يخرج من وجب عليه زكاة فطره أخرجها في المكان الذي أفطر فيه آخر يوم من رمضان، وكذا يخرج من وجبت عليه فطرته في هذا المكان، والذي يجب على كل شخص: صاع من بر أو شعير، أو تمر، أو زبيب، أو أقط، وهو طعام يعمل من اللبن المخيض ويجزئ الدقيق إن كان يساوي الحب في الوزن، فإن لم يوجد أحد هذه الأشياء أخرج ما يقوم مقامه من كل ما يصلح قوتاً من ذرة، أو أرز، أو عدس، أو نح ذلك؛ ويجوز أن يعطي الجماعة فطرتهم لواحد، كما لا يجوز للشخص شراء زكاته، ولو من غير من أخذها منه، ومصرفها مصرف الزكاة المفروضة.
الشافعية قالوا: زكاة الفطر واجبة على كل حر مسلم ويجب على الكافر إخراج زكاة خادمه وقريبه المسلمين إذا كان قادراً على قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته بعدما يحتاج إليه من كل ما جرت به العادة، من حو سمك وغيره، من الطعام الذي يصنع للعيد. ومن الثياب اللائقة به وبمن يمونه. ومن مسكن وخادم يحتاج إليهما يليقان به، ومن آنية وكتب يحتاجهما ولو تعددت من نوع واحد؛ ومن دابة أو غيرها مما يحتاجه لركوبه وركوب من يمونه مما يليق بهما، وتجب ولو كان المزكي مديناً، ويجب أن يخرجها عنه وعمن تلزمه نفقته وقت وجوبها، وهم أربعة أصناف:
الأول: الزوجة غير الناشز ولو موسرة أو مطلقة رجعياً أو بائناً حاملاً إذا لم تكن لها نفقة مقدرة وإلا فلا تجب. ومثل المرأة العبد والخادم.
الثاني: أصله وإن علا.
الثالث: فرعه وإن سفل: ذكراً أو أنثى صغيراً أو كبيراً، والأصل والفرع لا تجب الزكاة عنهما إلا إذا كانوا فقراء أو مساكين ولو بسبب الاشتغال بطلب العلم.
ويشترط في الفرع الكبير الذي لم يكن مشتغلاً بطلب العلم أن يكون غير قادر على الكسب،
الرابع: المملوك وإن كان آبقاً أو مأسوراً، ووقت وجوبها آخر جزء من رمضان، وأول جزء من شوال، ويسن إخراجها أول يوم من أيام عيد الفطر بعد صلاة الفجر، وقيل صلاة العيد، ويكره إخراجها بعد صلاة العيد إلى الغروب إلا لعذر، كانتظار فقير قريب، ونحوه، ويحرم إخراجها بعد غروب اليوم الأول إلا لعذر، كغياب المستحقين لها وليس من العذر في هذه الحالة انتظار نحو قريب، ويجوز إخراجهما من أول شهر رمضان في أول يوم شاء، ويجب إخراجها في البلد التي غربت عليه فيها شمس آخر أيام رمضان ما لم يكن قد أخرجها في رمضان قبل ذلك في بلده، والقدر الواجب عن كل فرد صاع، - وهو قد حان بالكيل المصري - من غالب قوت المخرج عنه، وأفضل الأقوات: البر، فالسلت - الشعير النبوي -، فالذرة، فالأرز فالحمص، فالعدس، فالفول، فالتمر، فالزبيب، فالأقط، فاللبن، فالجبن، ويجزئ الأعلى من هذه الأقوات، وإن لم يكن غالباً عن الأدنى، وإن كان هو الغالب بدون عكس، ولا يجزئ نصف من هذا ونصف من ذاك، وإن كان غالب القوت مخلوطاً، ولا تجزئ القيمة، ومن لزمه زكاة جماعة، ولم يجد ما يفي بها بدأ بنفسه فزوجته، فخادمها، فولده الصغير، فأبيه، فأمه، فابنه الكبير فرفيقه، فإن استوى جماعة في درجة واحدة، كالأولاد الصغار اختار منهم من شاء، وزكى عنه.
المالكية قالوا: زكاة الفطر واجبة على كل حر مسلم قادر عليها في وقت وجوبها، سواء كانت موجودة عنده، أو يمكنه اقتراضها، فالقادر على التسلف يعد قادراً إذا كان يرجو الوفاء، ويشترط أن تكون زائدة عن قوته وقوت جميع من تلزمه نفقته في يوم العيد، فإذا احتاج إليها في النفقة فلا تجب عليه، ويجب أن يخرجها الشخص عن نفسه وعن كل من تلزمه نفقته من الأقارب، وهم الوالدان الفقيران. والأولاد الذكور الذين لا مال لهم إلى أن يبلغوا قادرين على الكسب، والإناث الفقراء أيضاً إلى أن يدخل الزوج بهن أو يدعى للدخول، بشرط أن يكن مطيقات للوطء، والمماليك ذكوراً وإناثاً والزوجة والزوجات. وإن كن ذات مال. وكذا زوجة والده الفقير؛ وقدرها صاع عن كل شخص. وهو قدح وثلث بالكيل المصري فتجزئ الكيلة عن ستة أشخاص، ويجب إخراج الصاع للقادر عليه، فإن قدر على بعضه أخرجه فقط، ويجب إخراجها من غالب قوت البلد من الأصناف التسعة الآتية وهي: القمح، والشعير، والسلت والذرة، والدخن والأرز، والتمر، والزبيب. والأقط - لبن يابس أخرج زبده - فإن اقتات أهل البلد صنفين منها، ولم يغلب أحدهما، خير المزكي في الإخراج من أيهما، ولا يصح إخراجها من غير الغالب، إلا إذا كان أفضل، كأن اقتاتوا شعيراً فأخرج براً فيجزئ، وما عدا هذه الأصناف التسعة.
كالفول، والعدس، لا يجزئ الإخراج منه إلا إذا اقتاته الناس وتركوا الأصناف التسعة، فيتعين الإخراج من المقتات، فإن كان فيه غالب وغير غالب أخرج من الغالب وإن استوى صنفان في الاقتيات: كالفول، والعدس خير في الإخراج من أيهما، وإذا أخرجها من اللحم اعتبر الشبع، مثلاً إذا كان الصاع من القمح يشبع اثنين لو خبز، فيجب أن يخرج من اللحم ما يشبع اثنين، وشرط في صرف الزكاة لواحد من الأصناف المذكورة في الآية أن يكون فقيراً أو مسكيناً، حراً مسلماً ليس من بني هاشم، فإذا وجد ابن سبيل ليس فقيراً، ولا مسكيناً. الخ، لا تصرف له الزكاة وهكذا، ويجوز إعطاء كل فقير أو مسكين صاعاً أو أقل، أو أكثر، والأولى أن يعطى لكل واحد صاعاً، وهنا أمور تتعلق بذلك، وهي:
أولاً إذا كان الطعام الذي يريد الإخراج منه غير نظيف - به غلت - وجبت تنقيته إذا كان الغلت ثلثا فأكثر وإلا ندبت الغربلة،
ثانياً: يندب إخراجها بعد فجر يوم العيد، وقبل الذهاب لصلاة العيد، ويجوز إخراجها قبل يوم العيد بيوم أو يومين، ولا يجوز أكثر من يومين على المعتمد،
ثالثاً: إذا وجبت زكاة عن عدة أشخاص وكان من وجبت عليه زكاتهم غير قادر على إخراجها عنهم جميعاً، ويمكنه أن يخرجها عن بعضهم بدأ بنفسه، ثم بزوجته، ثم ولديه ثم ولده،
رابعاً: يحرم تأخير زكاة الفطر عن يوم العيد، ولا تسقط بمضي ذلك اليوم، بل تبقى في ذمته، فيطالب بإخراجها عن نفسه وعن كل من تلزمه نفقته إن كان ميسوراً ليلة العيد،
خامساً: من كان عاجزاً عنها وقت وجوبها، ثم قدر عليها في يوم العيد لا يجب عليها إخراجها، ولكنه يندب فقط.
سادساً: من وجبت عليه زكاة الفطر وهو مسافر ندب له إخراجها عن نفسه، ولا يجب إذا كانت عادة أهله الإخراج عنه أو أوصاهم به، فإن لم تجر عادة أهله بذلك، أو لم يوصهم، وجب عليه إخراجها عن نفسه،
سابعاً: من اقتات صنفاً أقل مما يقتاته أهل البلد: كالشعير بالنسبة للقمح، جاز له الإخراج منه عن نفسه، وعمن تلزمه نفقته إذا اقتاته لفقره، فإن اقتاته لشح أو غيره، فلا يجزئه الإخراج منه،
ثامناً: يجوز إخراج زكاة الفطر من الدقيق أو السويق بالكيل، وهو قدح وثلث، كما تقدم، ومن الخبز بالوزن. وقدر برطلين بالرطل المصري
(2) الشافعية قالوا: هو فرض على التراخي فإن أخره عن أول عام قدر فيه إلى عام آخر فلا يكون عاصياً بالتأخير، ولكن بشرطين:
الأول: أن لا يخاف فواته، إما لكبر سنه وعجزه عن الوصول، وإما لضياع ماله، فإن خاف فواته لشيء من ذلك وجب عليه أن يفعله فوراً وكان عاصياً بالتأخير،
الثاني: أن يعزم على الفعل فيما بعد، فلو لم يعزم يكون آثماً
(3) المالكية قالوا: الإسلام شرط صحة لا وجوب، فيجب الحج على الكافر، ولا يصح منه إلا بالإسلام
(4) الشافعية قالوا: لا يجب الحج على الكافر الأصلي، أما المرتد المستطيع. فيجب عليه الحج، ولا يصح، إلا إذا أسلم، وإذا مات بعد إسلامه قبل أن يحج حج عنه من تركته
(5) الحنفية قالوا: الاستطاعة هي القدرة على الزاد والراحلة، بشرط أن يكونا زائدين عن حاجياته الأصلية: كالدين الذي عليه، والمسكن، والملبس، والمواشي اللازمة له، وآلات الحرفة، والسلاح، وأن يكونا زائدتين عن نفقة من تلزمه نفقتهم مدة غيابه إلى أن يعود؛ ويعتبر في الراحلة ما يليق بالشخص عادة وعرفاً، ويختلف ذلك باختلاف أحوال الناس، فالرجل الذي لا يستطيع الركوب على الأتان مثلاً، أو حول سنام البعير، ولم يستطع أن يستأجر محملاً، فإنه لا يجب عليه الحج، إذا لا يكون قادرا في هذه الحالة، ومثله من لا يستطيع أن يستأجر مركباً يركب عليه وحده، فلو قدر على راحلة مع شريك له؟ بحيث يتعاقبان الركوب عليها، فيمشي كل منهما تارة، ويركب أخرى، فإنه لا يعتبر قادراً، ولا يجب عليه الحج.
هذا إذا كان بعيداً عن مكة بثلاثة أيام فأكثر، أما من كان قريباً منها، فإنه يجب الحج عليه، وإن لم يقدر على الراحلة، متى قدر على المشي. وعلى الزاد الفاضل عما تقدم.
ومن شروط الوجوب: العلم بكون الحج فرضاً بالنسبة لمن كان في غير بلد الإسلام، فمن نشأ في غير بلد الإسلام، ولم يخبره بفرضية الحج رجلان، أو رجل وامرأتان، فلا يجب عليه الحج، أما من كان في دار الإسلام، فإنه يجب عليه الحج، ولو لم يعلم بفرضيته؛ سواء نشأ مسلماً أو لا.
هذه هي شروط وجوب الحج عند الحنفية، وهناك شروط أخرى يقال لها: شروط الأداء، لأن الحنفية يفرقون بين الوجوب وبين الأداء، كما تقدم في "مباحث الصلاة"، وهذه الشروط اربعة: أحدها. سلامة البدن، فلا يجب على مقعد، ومفلوج، وشيخ لا يثبت على الراحلة ونحو ذلك، وهؤلاء لا يجب عليهم تكليف غيرهم بالحج عنهم أيضاً؛ ويلحق بهم المحبوس والخائف من السلطان الذي يمنع الناس من الحج، أما الأعمى القادر على الزاد والراحلة، فإن لم يجد قائداً للطريق، فإنه لا يجب عليه الحج بنفسه، ولا بغيره؛ وإن وجد قائداً وجب عليه أن يكلف غيره بالبحج عنه؛ ثانيها: أمن الطريق بأن يكون الغالب فيه السلامة، سواء كان ذلك بحراً أو براً،
ثالثها: وجود زوج أو محرم للمرأة، لا فرق بين أن تكون المرأة شابة أو عجوزاً إذا كان بينها وبين مكة ثلاثة أيام، فأكثر؛ أما إذا كانت المسافة أقل من ذلك، فيجب عليها أداء الحج وإن لم يكن معها محرم ولا زوج؛ والمحرم هو الذي لا يحل له زواجها بسبب النسب أو المصاهرة أو الرضاع ويشترط فيه أن يكون مأموناً عاقلاً بالغاً، ولا يشترط كونه مسلماً؛
رابعها: عدم قيام العدة في الحنفية قالوا: المرأة، فلا تخرج إلى الحج إذا كانت معتدة من طلاق أو موت.
المالكية قالوا: الاستطاعة هي إمكان الوصول إلى مكة ومواضع النسك إمكاناً مادياً، سواء كان ماشياً أو راكباً، وسواء كان ما يركبه مملوكاً له أو مستأجراً؛ ويشترط أن لا تلحقه مشقة عظيمة بالسفر، فمن قدر على الوصول مع المشقة الفادحة، فلا يكون مستطيعاً، ولا يجب عليه الحج، ولكن لو تكلفه، وتجشم المشقة أجزأه ووقع فرضاً، كما أن من قدر على الحج بأمر غير معتاد: كالطيران ونحوه لا يعد مستطيعاً، ولكن لو فعله أجزأه، ويعتبر أيضاً في الاستطاعة الأمن على نفسه وماله، فمن لم يأمن على نفسه لا يجب عليه الحج، وكذا من لم يأمن على ماله من ظالم، لا يجب عليه إلا إذا كان الظالم واحداً، وكان يأخذ قليلاً لا يجحف بالمأخوذ منه، وكان لا يعود للأخذ مرة أخرى، فإن وجوده وأخذه لا يمنعان الاستطاعة فيجب الحج مع ذلك؛ ولا يشترط في الاستطاعة القدرة على الزاد والراحلة؛ كما يؤخذ مما تقدم، فيقوم مقام الزاد الصنعة إذا كانت لا تزري بصاحبها؛ وعلم أو ظن رواجها، وعدم كسادها بالسفر، ويقوم مقام الراحلة القدرة على المشي، فمن قدر على المشي وجب عليه الحج.
ولو كان بعيداً عن مكة بمقدار مسافة القصر، أو أكثر، فيجب الحج على الأعمى القادر على المشي إذا كان معه ما يوصله من المال، وكان يهتدي إلى الطريق بنفسه، أو معه قائد يهديه، ولا يمنع الاستطاعة عدم ترك شيء لمن تلزمه نفقتهم: كولده، أو خوفه على نفسه الفقر فيما بعد، إلا إذا خاف الهلاك عليهم أو على نفسه، فلا يجب عليه الحج وإذا لم يوجد عند الشخص إلا ما يباع على المفلس، كالعقار، والماشية، والثياب التي للزينة، وكتب العلم، وآلة الصانع وجب عليه الحج، لأنه مستطيع، وتعتبر الاستطاعة ذهاباً فقط إن أمكنه أن يعيش بمكة، فإن لم يمكنه الإقامة بها اعتبرت الاستطاعة في الإياب أيضاً إلى مكان يمكنه أن يعيش فيه، ولا يلزم رجوعه لخصوص بلده، فلا بد أن يكون عنده ما يكفيه ذهاباً وإياباً إلى محل يعيش فيه، أو صنعة تقوم بحاجياته إذا كانت رائجة، كما تقدم، ولا فرق بينالبر والبحر متى كانت السلامة فيه غالبة، فإن لم تغلب، فلا يجب الحج إذا تعين البحر طريقاً؛ وكل ما تقدم في الاستطاعة معتبر في حَق الرجل والمرأة.
ويزاد في حَق المرأة أن يكون معها زوج، أو محرم من محارمها، أو رفقة مأمونة، فإذا فقد جميع ذلك، فلا يجب عليها الحج، وأن يكون الركوب ميسوراً لها إذا كانت المسافة بعيدة، والبعد لا يحد بمسافة القصر، بل بما يشق على المرأة المشي فيه، ويختلف ذلك باختلاف النساء؛ فيلاحظ في كل امرأة ما يناسبها؛ فإذا
الشافعية قالوا: المشي على المرأة؛ ولم يتيسر لها الركوب، فلا يجب عليها الحج، كما لا يجب عليها إذا تعين السفر في سفن صغيرة لا تتمكن فيها المرأة فيها محفوظة، فيجب السفر فيها إذا تعينت طريقاً، ولا يسقط الحج عنها، وإذا كانت المرأة معتدة من طلاق أو وفاة وجب عليها البقاء في بيت العدة ولا يجوز لها الإحرام بالحج، لأنه يؤدي إلى ترك بيت العدة ولبثها فيه واجب، لكن لو فعلت ذلك صح إحرامها مع الإثم، ومضت فيه، ولا تمكث في بيت العدة.
الحنابلة قالوا: الاستطاعة هي القدرة على الزاد والراحلة الصالحة لمثله، ويشترط أن يكونا فاضلين عما يحتاجه من كتب علم، ومسكن، وخادم، ونفقة عياله على الدوام.
ومن شروط وجوب الحج أمن الطريق بحيث لا يوجد مانع من خوف على النفس، أو المال، أو العرض، أو نحو ذلك، أما المرأة فإنه لا يجب عليها الحج إلا إذا كان معها زوجها أو أحد من محارمها: كأخ، أو ابن، أو عم، أو أب، أو نحوهم ممن لا تحل له، ومن شروط وجوب الحج أن يكون المكلف مبصراً، فإن كان أعمى فإنه لا يجب عليه أداء الحج إلا إذا وجد قائداً يقوده؛ وإلا فلا يجب عليه الحج، لا بنفسه ولا بغيره، ومن عجز عن الحج بنفسه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه، أو كان لا يقدر على الركوب إلا بمشقة شديدة، فإنه يجب عليه أنينيب من يحج عنه؛ كما يأتي في مبحث "الحج عن الغير".
الشافعية قالوا: الاستطاعة نوعان: استطاعة بالنفس، واستطاعة بالغير. أما الأولى فلا تتحقق إلا بأمور: أولاً: القدرة على ما يلزمه من الزاد، وأجرة الخفارة، ونحو ذلك في الذهاب، والإقامة بمكة، والإياب منها إن لم يعزم على الإقامة بها، فإن عزم على الإقامة بها فلا يشترط القدرة على مؤونة الإياب،
ثانياً: وجود الراحلة، ويعتبر ذلك في حَق المرأة مطلقاً، سواء كانت المسافة طويلة أو قصيرة، وفي حَق الرجل إن كانت المسافة طويلة، وهي مرحلتان فأكثر، فإن كانت قصيرة وقدر على المشي بدون مشقة لا تحتمل عادة وجب عليه الحج بدون وجود الراحلة، وإلا فلا يجب، والمراد بالراحلة ما يمكن الوصول عليه، سواء كانت مختصة أو مشتركة، بشرط أن يجد من يركب معه؛ فإن لم يجد من يركب معه، ولم يتيسر له ركوبها وحده، فلا يجب عليه الحج، ولا بد أن تكون الراحلة مهيأة بما لا بد منه في السفر كخيمة تنصب عليها لاتقاء حر أو برد وإلا فلا يجب الحج إن حصلت بدونها مشقة لا تحتمل وفي حَق المرأة لا بد من ذلك، ولو لم تتضرر بعدمه. لأن الستر مطلوب في حقها. ويشترط كون ما تقدم عن الزاد والراحلة فاضلاً عن دينه، ولو مؤجلاً، وعن نفقة من تلزمه نفقته حتى يعود، وعن مسكنه اللائق به إن لم يستغن عنه، وإلا باع مسكنه وحج به، وعن مواشي الزراعة، أمن الطريق، ولو ظناً، على نفسه، وعلى زوجه، وعلى ماله، ولو كان قليلاً، فلو كان في الطريق سبع، أو قاطع طريق أو نحوهما، ولا طريق له سوى هذا، فلا يجب عليه الحج،
رابعاً: وجود الماء والزاد وعلف الدابة في الطريق. بحيث يجد ذلك عند الاحتياج إليه بثمن المثل على حسب العادة.
خامساً: أن يكون مع المرأة زوجها، أو محرمها، أو نسوة يوثق بهن، اثنتان فأكثر، فلو وجدت امرأة واحدة، فلا يجب عليها الحج، وإن جاز لها أن تحج معها حجة الفريضة، بل يجوز لها أن تخرج وحدها لأداء الفريضة عند الأمن. أما في النفل فلا يجوز الخروج مع النسوة ولو كثرت. وإذا لم تجد المرأة رجلاً محرماً أو زوجاً إلا بأجرة لزمتها إن كانت قادرة عليها، والأعمى لا يجب عليه الحج إلا إذا وجد قائداً ولو بأجرة، بشرط أن يكون قادراً عليها، فإن لم يجد قائداً، أو وجده، ولم يقدر على أجرته، فلا يجب عليه، ولو كان مكياً. وأحسن المشي بالعصا.
سادساً: أن يكون ممن يثبت على الراحلة بدون ضرر شديد. وإلا فليس بمستطيع بنفسه.
سابعاً: أن يبقى من وقت الحج بعد القدرة على لوازمه ما يكفي لأدائه، وتعتبر الاستطاعة عند دخول وقته وهو من أول شوال إلى عشر ذي الحجة، ولو كان مستطيعاً قبل ذلك، ثم عجز عن دخول وقته فلا يجب عليه، وأما النوع الثاني. وهو الاستطاعة بالغير، فسيأتي بيانه في مبحث "الحج عن الغير"
(6) الحنفية قالوا: الوقت الذي هو شرط لصحة الحج هو وقت طواف الزيارة، ووقت الوقوف، فأما وقت الوقوف فهو من زوال شمس يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النحر، وأما طواف الزيارة فوقته من فجر يوم النحر إلى آخر العمر، فيصح الطواف في أي زمن بعد الوقوف بعرفة في زمنه المذكور، فلو لم يقف بعرفة في زمنه قبل الطواف لم يصح طوافه، وأما الوقت الذي لا يصح شيء من أفعال الحج قبله، فهو شوال، وذو القعدة وعشر ذي الحجة، فلو طاف أو سعى قبل ذلك، فلا يصح، ويستثنى من ذلك الإحرام، فإنه يصلح قبل أشهر الحج من الكراهة، وزاد الحنفية في شروط الصحة: المكان المخصوص، وهو أرض عرفات للوقوف؛ والمسجد الحرام لطواف الزيارة؛ والإحرام، وقد عدوا شروط الصحة فقط ثلاثة: الإحرام، الوقت، المكان، أما الإسلام فهو شرط وجوب وصحة معاً وأما التمييز فلم يعدوه من شروط الصحة؛ وإن كان شرطاً في المعنى، لأن إحرام غير المميز لا يصح عندهم.
المالكية قالوا: الوقت الذي هو شرط لصحة الحج منه ما يبطل الحج بفواته، ومنه ما لا يبطل الحج بفواته، وهو أنواع: وقت الإحرام بالحج، ووقت الوقوف بعرفة؛ ووقت الطواف بالركن، وهو طواف الإفاضة، ويسمى طواف الزيارة، ووقت بقية أعمال الحج: كرمي الجمار، والحلق، والذبح، والسعي بين الصفا والمروة؛ فوقت الإحرام من أول شوال إلى قرب طلوع فجر يوم النحر بحيث يبقى على الفجر زمن يسع الإحرام، والوقوف بعرفة؛ وليس ابتداء الإحرام في ذلك الوقت شرطاً لصحة الحج، فيصح ابتداء الإحرام قبل ذلك الزمن إذا استمر محرماً إلى دخوله، وبعده مع الكراهة فيهما، ويكون الإحرام بعده للعام القابل، لأنه لا يمكن الحج في هذا العام، لفوات زمن الوقوف؛ ووقت الوقوف الركن من غروب شمس يوم عرفة إلى طلوع فجر العيد، وأما الوقوف لحظة من الوقت الذي بين زوال الشمس يوم عرفة وغروبها فهو واجب يلزم في تركه هدي، ووقت طواف الإفاضة من يوم عيد النحر إلى آخر شهر ذي الحجة، فإذا أخره عن ذلك لزم دم؛ وصح، ولا يصح قبل يوم العيد، بخلاف الوقوف لركن، فلا يصح قبل وقته المتقدم، ولا بعده، ووقت بقية أعمال الحج على تفصيل سيأتي عند ذكر كل منها، فالسعي يكون عقب طواف الإفاضة إن لم يتقدم عقب طواف القدوم، والرمي له أيام مخصوصة: الأول، والثاني، والثالث، والرابع من أيام العيد، وهكذا مما يأتي؛ فوقت الحج الذي فيه جميع أعمال: شوال، وذو القعدة، وجميع ذي الحجة. وأما المكان المخصوص.
وهو أرض عرفة للوقوف، فليس ركنا على حدة، ولا شرطاً كذلك، بل هو جزء من مفهوم الركن، وهو الوقوف بعرفة، وكذا المسجد الحرام بالنسبة للطواف ليس شرطاً لصحة الحج، بل هو شرط لصحة الطواف، وأما التمييز فلم يعدوه من شروط الحج، وإن كان إحرام غير المميز لا يصح، لأنه شرط في الإحرام الذي هو النية، لأن النية لا تصح من غير المميز؟ فليس عندهم شرط لصحة الحج إلا الإسلام فقط.
الشافعية قالوا: الوقت الذي هو شرط لصحة الحج يبتدئ من أول يوم من شوال إلى طلوع فجر يوم عيد النحر؛ وهو شرط الإحرام بالحج، فلو أحرم به قبل هذا الوقت أو بعده، فلا يصح حجاً، ولكن ينعقد عمرة، وأما الوقوف بعرفة وطواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة وغير ذلك من أعمال الحج، فلكل منها وقت يأتي بيانه عند ذكره، وليس عندهم من شروط صحة الحج سوى هذه الثلاثة: الإسلام، والتمييز، والوقت المخصوص.
الحنابلة قالوا: الوقت الذي هو شرط لصحة الحج وأنواع: وقت الإحرام، ووقت الوقوف بعرفة ووقت طواف الإفاضة، ووقت بقية أعمال الحج؛ كالسعي بين الصفا والمروة أما وقت الإحرام فهو من أول شوال إلى قرب طلوع فجر يوم النحر، بحيث يبقى على طول الفجر زمن يسع الإحرام والوقوف، والإحرام في هذا الوقت سنة، ويصح قبل هذا الوقت وبعده مع الكراهة فيهما، وأما وقت الوقوف بعرفة وغيره من بقية الأعمال، فسيأتي ذكره عند بيان كل منها
(7) الحنفية قالوا: للحج ركنان فقط، وهما الوقوف بعرفة، ومعظم طواف الزيارة، وهو أربعة أشواط وأما باقية، وهو الثلاثة الباقية المكملة للسبعة، فواجب، كما سيأتي، وأما الإحرام فهو من شروط الصحة؛ كما تقدم، والسعي بين الصفا والمروة واجب لا ركن.
الشافعية قالوا: أركان الحج ستة: هي الأربعة المذكورة في أعلى الصحيفة، وزادوا عليها ركنين آخرين: وهما إزالة الشعر، بشرط أن يزيل ثلاث شعرات، كلاً أو بعضاً من الرأس لا من غيره، ويشترط أن يكون ذلك بعد الوقوف بعرفة، وبعد انتصاف ليلة النحر في الحج وترتيب معظمم الأركان ويشترط أن يكون ذلك بعد الوقوف بعرفة، وبعد انتصاف ليلة النحر في الحج وترتيب معظم الأركان الخمسة بأن يقدم الإحرام على الجميع، والوقوف على طواف الإفاضة والحلق، والطواف على السعي إن لم يفعل السعي عقب طواف القدوم


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #88  
قديم 22-07-2020, 03:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الاول
[كتاب الحج والعمرة]
صـــــ 578 الى صــــــــ589
الحلقة (74)

[الركن الأول من أركان الحج: الإحرام]
[تعريفه]
الإحرام معناه في الشرع نية الدخول في الحج والعمرة، ولا يلزم في تحققه اقترانه بتلبية، أو سوق هدي، أو نحو ذلك عند الشافعية، والحنابلة، أما المالكية والحنفية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (1)
[مواقيت الإحرام]
الميقات معناه في اللغة موضع الإحرام للحاج، وهو موافق للمعنى الشرعي، فللإحرام ميقات مكاني، وميقات زماني، أما الميقات الزماني فقد تقدم الكلام عليه في مبحث "وقت الحج" المتقدم قريباً، وأما الميقات المكاني فيختلف باختلاف الجهات، فأهل مصر والشام والمغرب، ومن وراءهم من أهل الأندلس والروم والتكرور ميقاتهم الجحفة، وهي - بضم الجيم، وسكون الحاء - قرية بين مكة والمدينة، وهي خربة الآن، ويقرب منها القرية المعروفة برابغ، فيصح الإحرام منها بلا كراهة؛ وهؤلاء يحرمون من هذا المكان عند محاذاته بحراً، لأنه لا يلزم في الإحرام من الميقات المرور به في البرن،
بل المدار على أحد أمرين:
إما المرور عليه أو محاذاته ولو بالبحر، وأهل العراق وسائر أهل المشرق ميقاتهم ذات عرق، وهي قرية على مرحلتين من مكة، وسميت بذلك لأن بها جبلاً يسمى عرقاً - بكسر العين - يشرف على واد يقال.
له: وادي العقيق، وأهل المدينة المنورة بنور النبي صلى الله عليه وسلم ميقاتهم ذو الحليفة، وهي موضع ماء لبني جشم؛ بنيه وبين المدينة دون خمسة أميال، وهي أبعد المواقيت من مكة؛ لأن بينهما تسع مراحل؛ أي سفر تسعة أيام، والميقات لأهل اليمن والهند يلملم - بفتح اللامين؛ وسكون الميم بينهما - وهو جبل مشرف على عرفات،
وهو على مرحلتين من مكة يقال له:
قرن المنازل، وهذه المواقيت لأهل هذه الجهات المذكورة، ولكل من مر بها أو حاذاها، وإن لم يكن من أهل جهتها،
فمن مر بميقات منها:
أو حاذاه قاصداً النسك، وجب عليه الإحرام منه، ولا يجوز له أن يجاوزه بدون إحرام، فإن جاوزه ولم يحرم، وجب عليه الرجوع إليه ليحرم منه، إن كان الطريق مأموناً؛ وكان الوقت متسعاً، بحيث لا يفوته الحج ولو رجع، فإن لم يرجع لزمه هدي، لأنه جاوز الميقات بدون إحرام، سواء أمكنه الرجوع أو لم يمكن، لخوف الطريق. أو ضيق الوقت، إلا أنه في حالة إمكان الرجوع يأثم بتركه، ولا فرق في ذلك بين أن يكون أمامه مواقيت أخرى في طريق أو لا؛ وهذا الحكم بهذا التفصيل متفق عليه بين الشافعية، والحنابلة، وأما الحنفية والمالكية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (2) .
[ما يطلب من مريد الإحرام قبل أن يشرع]
من أراد ألإحرام،
فإنه يطلب منه أمور:
بعضها سنة، وبعضها مندوب؛ وقد رأينا أن نذكرها مفصلة في كل مذهب على حدة، ليسهل حفظها فانظرها تحت الخط (3) .
[ما لا يجوز للمحرم فعله بعد الدخول في الإحرام: الجماع - الصيد - الطيب]
نهى الشارع المحرم عن أشياء بعضها لا يحل فعله، وبعضها يكره فعله،
وإليك بيانها:
يحرم على المحرم عقد النكاح، ويقع باطلاً عند ثلاثة؛ وخالف الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (4) ،
وكذا يحرم عليه الجماع ودواعيه: كالقبلة والمباشرة، ويحرم الخروج عن طاعة الله تعالى بأي فعل محرم، وإن كان ذلك محرماً في غير الحج، إلا أنه يتأكد فيه، وتحرم المخاصمة مع الرفقاء والخدم وغيرهم،
لقوله تعالى:
{فمن فرض فيهن الحج فلا رفث، ولا فسوق، ولا جدال في الحج} والرفث الجماع ودواعيه، والكلام الفاحش،
والجدال:
المخاصمة؛ ويحرم أيضاً التعرض لصيد البر بالقتل أو الذبح، أو الإشارة إليه إن كان مرئياً، أو الدلالة عليه إن كان غير مرئي،
أو نحو ذلك:
كإفساد بيضه، وإنما يحرم التعرض له إذا كان وحشياً مأكولاً، أما إذا كان غير مأكول، فيجوز التعرض له عند الشافعية، والحنابلة، أما الحنفية، والمالكية،
فقالوا:
يحرم التعرض لصيد البر الوحشي مطلقاً، سواء كان مأكولاً أو غير مأكول؛
وأما صيد البحر فهو حلال: قال الله تعالى: {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة، وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً} والبري: هو ما يكون توالده وتناسله في البر، وإن كان يعيش في الماء، والبحري بخلافه عند ثلاثة؛ وخالف الشافعية، فانظر مذهبهم تحت الخط (5) .
ويحرم عليه أيضاً استعمال الطيب:
كالمسك في ثوبه؛ أو بدنه، وقلم الظفر، ويحرم على الرجل أن يلبس مخيطاً أو محيطاً ببدنه،
أو بعضه:
كالقميص والسراويل والعمامة والجبة، ويقال لها القباء والخف إلا إذا لم يجد نعلين، فيجوز لبس الخفين بعد أن يقطعهما أسفل من الكعبين؛ وتغطية رأسه ووجهه أو بعضه بأس ساتر، عند الحنفية، والمالكية، أما الشافعية، والحنابلة،
فقالوا: لا يحرم على الرجل تغطية وجهه.
[ستر وجه المرأة المحرمة ورأسها]
ويجوز للمرأة أن تستر وجهها ويديها وهي محرمة إذا قصدت الستر عن الأجانب بشرط أن تسدل على وجهها ساتراً لا يمس وجهها، عند الحنفية، والشافعية؛ وخالف الحنابلة، والمالكية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (6) .
[لبس الثوب المصبوغ بما له رائحة طيبة، وإزالة الشعر]
يحرم لبس ثوب مصبوغ بما له رائحة طيبة، على تفصيل مذكور تحت الخط (7) .
[شم الطيب وحمله حال الإحرام]
يكره للمحرم أن يشم الطيب - الروائح العطرية - أو يحمله، باتفاق، أو المكث بمكان فيه رائحة عطرية، فإنه مكروه، عند المالكية، والحنفية،
سواء قصد شمه أو لا:
أما الحنابلة، والشافعية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (8) .
[إزالة شعر الرأس وغيره حال الإحرام]
يحرم على المتلبس بالإحرام أن يزيل شعر رأسه بالحلق أو القص أو غيرهما، كما يحرم عليه إزالة شعر غير الرأس، ولو كان نابتاً في العين، ويستثنى من ذلك ما إذا تأذى ببقائه، فيجوز إزالته، وفيه الفدية، إلا في إزالة شعر العين إذا تأذى به، فلا فدية، إلا عند المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط (9) ، وسيأتي تفصيل ذلك في باب الفدية.
[الخضاب بالحناء حال الإحرام]
لا يجوز للمحرم أن يختضب الحناء، لأنه طيب، والمحرم ممنوع من التطيب، سواء كان رجلاً أو امرأة، وسواء كان الخضاب بها في اليدين، أو في الرأس، أو غير ذلك من أجزاء البدن، عند المالكية، والحنفية، أما الشافعية، والحنابلة، فانظر مذهبيهما تحت الخط (10) .
[هل يجوز للمحرم أن يأكل أو يشرب ما فيه طيب]
لا يجوز للمحرم أن يأكل أو يشرب طيباً أو شيئاً مخلوطاً بطيب، سواء كان قليلاً أو كثيراً إلا إذا استهلك الطيب، بحيث لم يبق له طعم، ولا رائحة، باتفاق ثلاثة وللمالكية في هذا تفصيل مذكور تحت الخط (11) ، فإذا بقي للطيب طعم أو رائحة حرم، باتفاق، ولا فرق في ذلك بين أن يكون ما يضاف إليه الطيب مطبوخاً أو غير مطبوخ، باتفاق ثلاثة، وخالف الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (12) .
[الاكتحال بما فيه طيب، دهن الشعر والبدن]
لا يجوز للمحرم أن يكتحل بما فيه طيب، فإن فعل ففيه الجزاء الآتي بيانه، أما الاكتحال بما ليس فيه طيب فجائز؛ باتفاق ثلاثة، وخالف المالكية؛ فانظر مذهبهم تحت الخط (13) ويحرم عليه إسقاط شعره، فإن فعله ففيه الجزاء الآتي. ولا يجوز للمحرم أن يدهن شعره أو بدنه، على تفصيل في المذاهب، مذكور تحت الخط (14) .
[حكم قطع حشيش الحرم وشجره]
لا يحل للمحرم، كما لا يحل لغيره أن يتعرض لشجر الحرم بقطع، أو قلع، أو إتلاف، ولا لغصن من أغصانه، ولو كانت الأغصان واصلة إلى الحل، أما إذا كان الشجر مغروساً في الحل، فيباح التعرض له، والانتفاع به إذا لم يكن مملوكاً للغير، ولو وصلت أغصانه إلى داخل الحرم؛ ومثل الشجر في ذلك حشيش الحرم، إلا الإذخر، وهو نبت معروف طيب الرائحة وكذا السنا المعروف - بالسنامكي - فإنه يباح التعرض لها بالقطع وغيره. وفي شجر الحرم وحشيشه تفصيل مذكور تحت الخط (15) .
[ما يباح للمحرم]
الفصد - الحجامة - حك الجلد والشعريباح للمحرم الفصد والحجامة من غير حلق الشعر، باتفاق ثلاثة، وخالف المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط (16) ، وكذا يباح له حك الجلد والشعر إذا لم يترتب على ذلك سقوط الشعر، أو الهوام، باتفاق ثلاثة من الأئمة، وقال الشافعية؛ يكره للمحرم حك جلده وشعره، ما لم يترتب عليه سقوط الشعر، وإلا كان حراماً.
[غسل الرأس والبدن والاستظلال]
يباح للمحرم غسل رأسه وبدنه بالماء لإزالة الأوساخ عنه، بشرط أن لا يغتسل بما يقتل الهوام، فيجوز الاغتسال بالصابون ونحوه من المنظفات التي لا تقتل الهوام؛ ولو كانت له رائحة، عند الشافعية، والحنابلة، أما المالكية، والحنفية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (17) ، ويجوز له أيضاً أن يستظل بالشجرة والخيمة والبيت والمحمل والمظلة المعروفة - بالشمسية - بشرط أن لا يمس شيء من ذلك رأسه ووجهه، فإن كشفهما واجب، باتفاق المالكية والحنفية، أما الشافعية، والحنابلة، فانظر مذهبيهما تحت الخط (18) .
[ما يطلب من المحرم لدخول مكة]
يسن له أن يغتسل لدخول مكة، وهذا الغسل للنظافة لا لطواف القدوم، باتفاق ثلاثة من الأئمة ولذا يطلب من الحائض والنفساء عندهم، وخالف المالكية، فانظر مذهبهم تحت الخط (19) ، ويستحب له أن يدخلها نهاراً، وأن يكون دخوله من أعلاها، ليكون مستقبلاً للبيت تعظيماً له، وأن يكون دخوله من بابها المعروف - بباب المعلى - وإذا دخلها بدأ بالمسجد الحرام بعد أن يأمن على أمتعته، ويندب له أن يدخل المسجد من باب السلام نهاراً، ملبياً متواضعاً خاشعاً، وأن يرفع يديه عند رؤية البيت، ويكبر ويهلل،
ويقول:
اللهم زد هذا البيت.
تشريفاً وتعظيماً، وتكريماً ومهابة، وبراً، وزد من عظمته وشرفه ممن حجه أو اعتمره تعظيماً وتشريفاً، وتكريماً ومهابة، وبراً، وهذا متفق عليه،
إلا أن الحنفية يقولون: يكره له رفع يديه، وهو يدعو،
ولفظ الدعاء الوارد:
"اللهم أنت السلام،
ومنك السلام:
فحينا ربنا بالسلام"
، ويدعو بعد ذلك بما شاء، وبعد ذلك يطوف القدوم المذكور، وإنما يسن هذا الطواف للمحرم بشرطين؛
أحدهما:
أن يكون قادماً من خارج مكة، ولهذا يسمى طواف القدوم،
الشرط الثاني:
أن يتسع له الوقت، وإلا ذهب للوقوف وتركه إذا ظن أنه يعطله عن الوقوف.

(1) الحنفية قالوا: الإحرام هو التزام حرمات مخصوصة، ويتحقق بأمرين. الأول: النية:
الثاني: اقترانها بالتلبية، ويقوم مقام التلبية مطلق الذكر، أو تقليد البدنة مع سوقها، فلو نوى بدون تلبية أو ما يقوم مقامها مما ذكر، أو لبى ولم ينو لا يكون محرماً، وكذا لو أشعر البدنة بجرح سنامها الأيسر، وهو خاص بالإبل، أو وضع الجل عليها، أو أرسلها؛ وكان غير متمتع بالعمرة إلى الحج، ولو يلحقها، أو قلد شاة لا يكون محرماً.
المالكية قالوا: الإحرام هو الدخول في حرمات الحج، ويتحقق بالنية فقط على المعتمد ويسن اقترانه بقول: كالتلبية والتهليل، أو فعل متعلق بالحج: كالتوجه، وتقليد البدنة
(2) الحنفية قالوا: إن جاوز الميقات بدون إحرام حرم عليه ذلك؛ ويلزمه الدم إن لم يكن أمامه ميقات آخر يوم يمر عليه بعد، وإلا فالأفضل إحرامه من الأول فقط إن أمن على نفسه من ارتكاب ما ينافي الإحرام، فإن لم يأمن فالأفضل أن يؤخر الإحرام إلى آخر المواقيت التي يمر بها.
المالكية قالوا: متى مر بميقات من هذه المواقيت وجب عليه الإحرام؛ فإن جاوزه بدون إحرام حرم، ولزمه دم، إلا إذا كان ميقات جهته أمامه يمر عليه فيما بعد، فإن كان كذلك ندب له الإحرام من الأول فقط، فإن لم يحرم منه فلا إثم عليه ولا دم، وخالف المندوب

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #89  
قديم 22-07-2020, 03:36 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله


(3) الحنفية قالوا: يطلب منه أمور: منها الاغتسال، وهو سنة مؤكدة ويقوم مقامه الوضوء في تحصيل أصل السنة، ولكن الغسل أفضل، وهذا الغسل للنظافة لا للطهارة، فيطلب من الحائض أو النفساء حال الحيض النفاس، وإذا فقد الماء سقط ولم يشرع بدله التيمم، إذ لا نظافة في التيمم، ومنها قص الأظافر، وحلق الشعر المأذون في إزالته.
كشعر الرأس والشارب إذا اعتاد حلق ذلك؛ وإلا فيسرحه، وهذا مستحب، ويكون قبل الغسل؛ ومنها جماع زوجته إذا لم يكن بها مانع؛ لئلا يطول عليه العهد، فيقع فيما يفسد الإحرام، وهو مستحب أيضاً ومنها لبس إزار ورداء، والإزار هو ما يستتر له من سرته إلى ركبته، والرداء هو ما يكون على الظهر والصدر والكتفين؛ وهو مستحب أيضاً، وإن زرّر أو عقده أساء، ولا دم عليه؛ ويستحب أن يكون الإزار والرداء جديدين أو مغسولين طاهرين، وأن يكونا أبيضين، ومنها التطيب في البدن والثوب بطيب لا تبقى عينه بعد الإحرام؛ وإن بقيت رائحته، وهو مستحب إن كان عنده طيب؛ وإلا فلا يستحب؛ ومنها أن يصلي بعدما تقدم ركعتين إذا كان الوقت ليس وقت كراهة وإلا فلا يصلي، وهذه الصلاة سنة على الصحيح؛ والأفضل أن يقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب، وسورة {قل يا أيها الكافرون} وفي الثانية بالفاتحة؛ وسورة الإخلاص ويقوم مقامها الصلاة المفروضة إذا أحرم بعدها، ومنها أن يقول بلسانه قولاً مطابقاً لما في قلبه: اللهم إني أريد الحج، فيسره لي، وتقبله مني، ثم يلبي بعد ذلك، وصفة التلبية أن يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك؛ لا شريك لك، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من التلبية بصوت منخفض، ويكثر ما استطاع من التبية عقب كل صلاة مكتوبة، وكذا كلما لقي ركباً، أو ارتفع على مكان، أو هبط وادياً، وكذا يكثرها بالأسحار، وحين يستيقظ من نومه، وعند الركوب والنزول، ويستحب في التلبية كلها رفع الصوت بدون إجهاد.
المالكية قالوا: يسن له أن يغتسل ولو كان حائضاً أو نفساء، لأنه مطلوب للإحرام، وهو يتأتى من كل شخص، ولا تحصل السنة إلا إذا كان متصلاً بالإحرام، فلو اغتسل ثم انتظر طويلاً عرفاً بلا إحرام أعاده، ويندب أن يكون الغسل بالمدينة المنورة، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، لمن أراد أن يحرم من ذي الحليفة، وإذا كان فاقداً للماء، فلا يشرع له التيمم بدل الغسل، ويسن أيضاً تقليد الهدي إن كان معه، ثم إشعاره بعد ذلك، والتقليد هو: تعليق قلادة في عنقه، ليعلم به المساكين، فتطمئن نفوسهم، والإشعار هو أن يشق من السنام قدر الأنملة أو الأنملتين، ويكون بالجانب الأيسر، ويبدأ به من العنق إلى المؤخر، وإنما تقلد الإبل والبقر ولا يشعر إلا الإبل وما له سنام من البقر، أما الغنم فلا تقلد ولا تشعر، ويندب أن يلبس إزاراً ورداء ونعلين، والإزار هو ما يستر العورة من السرة إلى الركبة، والرداء هو ما يلقى على الكتفين ولو لبس غيرهما مما ليس مخطياً ولا محيطاً، فلا يضر، ولكن يفوت المندوب، ومن السنن إيقاع الإحرام عقب صلاة، ويندب أن يكون ركعتي نفل إن كان الوقت مما تجوز فيه النافلة، وإلا انتظر حتى تحل النافلة، والأولى أن يحرم الراكب إذا استوى على ظهر دابته، والماشي إذا أخذ في المشي، ويسن قرن الإحرام بالتلبية، كما تقدم، والتلبية في ذاتها واجبة؛ ويندب تجديدها عند تغير الحال، كصعود على مرتفع، أو هبوط إلى واد، أو ملاقاة رفقة، وعقب الصلاة،ويستمر يلبي حتى يدخل مكة، ثم يقطعها حتى يطوف، ويسعى إذا أراد السعي عقب طواف القدوم ثم يعاودها بعد ذلك حتى تزول الشمس يوم عرفة، ويصل إلى مصلاها، فيقطعها حينئذ، فإن لم يعاودها كان تاركاً للواجب، وعليه دم، ويندب التوسط فيها، فلا يداب عليها حتى يمل ويضجر، كما يندب التوسط في رفع صوته بها، فلا يخففه
جداً، ولا يرفعه جداً؛ بل يكون بين الرفع والخفض ويندب الاقتصار على اللفظ الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.
الحنابلة قالوا: يسن له أن يغتسل ولو حائضاً أو نفساء، أو يتيمم لعدم الماء. أو عجزه عن استعماله بمرض ونحوه، ولا يضر حدث بين الغسل والإحرام، ويسن له أيضاً أن يتنظف قبل إحرامه بأخذ شعره، وقلم ظفره، وإزالة رائحة كريهة، ويسن له أيضاً أن يطيب بدنه بالطيب وكره تطييب ثوبه، فإن طيبه واستدام لبسه فلا بأس ما لم ينزعه فإن نزعه لم يجز له لبسه قبل غسله، ويسن له أيضاً قبل إحرامه لبس إزار ورداء أبيضين نظيفين جديدين ونعلين بعد تجرده عن المخيط إن كان ذكراً، ويسن له إحرامه عقب صلاته مفروضة أو نافلة، بشرط أن لا يكون أداء النافلة وقت نهي، وأن لا يكون عادماً للماء والتراب، ويسن أن يعين في إحرامه نسكاً، حجاً كان أو عمرة، أو قراناً، وأن يتلفظ بما يعينه، ويسن له أن يقول: اللهم إني أريد النسك الفلاني، فيسره لي، وتقبله مني، وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، فإن فعل ذلك وحبس بمرض أو عدو ونحوه حل؛ ولا شيء عليه.
الشافعية قالوا: يسن لمن يريد الإحرام أمور: منها الغسل قبله، ولو مع بقاء الحيض، وينوي به غسل الإحرام، ويكره تركه لغير عذر، فإن عجز عنه لعدم الماء، أو لعدم قدرته على استعماله يتيمم، ومنها إزالة شعر الإبط والعانة، وقص الشارب، وتقليم الأظافر وحلق الرأس، لمن يتزين به، وإلا أبقاه ولبده بنحو صمغ، وهذا إذا كان عازماً على عدم التضحية، وإلا أخر ذلك إلى ما بعدها، ويسن تقديم هذه الأشياء على الغسل في حَق غير الجنب، أما هو فيسن له تأخيرها عنه، ومنها تطييب البدن بعد الغسل إلا لصائم، فيكره، وإلا للمرأة التي وجب عليها الإحداد - ترك الزينة - لوفاة زوجها فيحرم، ولا بأس باستدامته بعد الإحرام، ولو كان مما له جرم، ولا يضر تعطر الثوب بسبب ذلك ومنها الجماع قبل إحرامه، ومنها أن تخضب المرأة يديها إلى الكوعين من غير نقش، وأن تمسح وجهها بشيء من الخضاب، ومنها أن يلبس إن كان رجلاً إزاراً ورداءً أبيضين جديدين؛ وإلا فمغسولين، ونعلين، ويكره لبس المصبوغ ومنها صلاة ركعتين سنة الإحرام القبلية في غير وقت الكراهة، إلا لمن كان في الحرم المكي، فيصليها مطلقاً، ويقوم مقامها أي صلاة يصليها فرضاً أو نفلاً، ويسر القراءة فيهما ولو ليلاً، ومنها استقبال القبلة عند بدء الإحرام، ويقول: اللهم احرم لك شعري وبشري، ولحمي ودمي، ومنها التلبية، وهي أن يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، يقول ذلكبسكينة ووقار للذكر، ويسن أن يرفع صوته بها ما دام محرماً، فإن لم يكن محرماً فالسنة الإسرار بها، كما أن السنة للمرأة أن تسر بها على كل حال، ويكره لها رفع الصوت بها بحضرة الأجانب، ومثلها الخنثى، ويصلي ويسلم عقبها على النبي صلى الله عليه وسلم، وتتأكد التلبية ثلاثاً عند تغير الأحوال من سكون إلى
حركة، وصعود وهبوط، واختلاط رفقة، وإقبال ليل أو نهار ثم يدعو بعدها بما شاءَ، والوارد أفضل
(4) الحنفية قالوا: يجوز للمحرم عقد النكاح، لأن الإحرام لا يمنع صلاحية المرأة للعقد عليها، وإنما يمنع الجماع، فهو كالحيض، والنفاس، والظهار قبل تكفيره، في أن كلاً منها يمنع الجماع فقط، لا صحة العقد
(5) الشافعية قالوا: البري ما يعيش في البر فقط؛ أو يعيش فيه؛ وفي البحر: كالسلحفاة البحرية، والبحري ما لا يعيش إلا في البحر
(6) الحنابلة قالوا: للمرأة أن تستر وجهها لحاجة، كمرور الأجانب بقربها، ولا يضر التصاق الساتر بوجهها، وفي هذا سعة ترفع المشقة والحرج.
المالكية قالوا: إذا قصدت المرأة بستر يديها أو جهها التستر عن أعين الناس، فلها ذلك إذا تحققت أن هناك من ينظر إليها بالفعل، أو كانت بارعة الجمال، لأنها مظنة نظر الرجال، وهي محرمة، بشرط أن يكون الساتر لا غرز فيه، ولا ربط، وإلا كان محرماً، وعليها الفدية في ستر الوجه كما يأتي، فإذا لم يتحقق هذان الشرطان، فإنه يحرم عليها ستر وجهها ويديها بشيء يحيط بهما. كالقفاز، وهو لباس يعمل على قدر اليدين لاتقاء البرد، ويحرم سترهما بشيء فيه خياطة أو ربط؛ وأما إدخالهما في قميصها، فلا يحرم، كما لا يحرم عليها ستر جزء من وجهها يتوقف عليه ستر رأسها ومقاصيصها
(7) الحنفية قالوا: يحرم لبس المصبوغ بالعصفر، وهو زهر القرطم، والورس - بفتح الواو، وسكون الراء - وهو نبت أحمر باليمن، والزعفران ونحو ذلك من أنواع الطيب، إلا إذا غسل بحيث لا تظهر له رائحة، فيجوز لبسه حال الإحرام.
المالكية قالوا: المصبوغ بما له رائحة يحرم على المرحم، وذلك كالمصبوغ بالورس والزعفران. وأما المصبوغ بالعصفر: فإن كان صبغه قوياً بأن صبغ مرة بعد أخرى حرم لبسه ما لم يغسل، وإن كان صبغه ضعيفاً، أو كان قوياً وغسل، فلا يحرم لبسه، وإنما يكره لبسه لمن كان قدوة لغيره، لئلا يكون وسيلة لأن يلبس العوام ما يحرم، وهو المطيب.
الشافعية قالوا: المصبوغ بما تقصد رائحته: كالزعفران والورس، لا يجوز لبسه إلا إذا زالت الرائحة بالمرة، وأما المصبوغ بما يقصد للون دون الرائحة: كالعصفر والحناء فلبسه لا يحرم.
الحنابلة قالوا: يحرم عليه لبس المصبوغ بالورس أو الزعفران، وأما المصبوغ بالعصفر، فيباح لبسه، سواء كان الصبغ قوياً أو ضعيفاً
(8) الحنابلة، الشافعية قالوا: إذا قصد شم الطيب، كما إذا وضع وردة على أنفه بقصد شمها حرم عليه ذلك، سواء كان معه أو مكث بمكانه، أما إذا لم يقصد شمه، فلا حرمة عليه
(9) المالكية قالوا: إزالة الشعر مطلقاً حرام على المحرم، سواء كان الشعر في العين أو غيره، إلا لعذر يقتضي إزالته؛ فلا يحرم حينئذ، وفيها الفدية، ولو كان في العين
(10) الشافعية قالوا: يكره الخضاب بالحناء للمرأة حال الإحرام: إلا إذا كانت معتدة من وفاة؛ فيحرم عليها ذلك؛ كما يحرم عليها الخضاب إذا كان نقشاً، ولو كانت غير معتدة، وأما الرجل فيجوز له الخضاب بها حال الإحرام في جميع أجزاء جسده، ما عدا اليدين والرجلين، فيحرم خضبهما بغير حاجة، وكذا لا يجوز له أن يغطى رأسه بحناء ثخينة.
الحنابلة قالوا: لا يحرم على المحرم ذكراً كان أو أنثى الاختضاب بالحناء في أي جزء من البدن ما عدا رأس الرجل، وفي هذه سعة
(11) المالكية قالوا: المراد باستهلاك الطيب في الطعام ذهاب عينه بالطبخ، ومتى كان كذلك لا يحرم، ولو ظهر ريحه: كالمسك. أو لونه: كالزعفران. أما ما اختلط بشيء من غير طبخ فيحرم تناوله على المحرم. وقال بعضهم: إن الطيب إذا طبخ في الطعام لا يحرم تناوله. ولو بقيت عينه
(12) الحنفية قالوا: إذا تغير الطيب بالطبخ فلا شيء على المحرم في أكله سواء وجد رائحته أو لا. أما إن خالط ما يؤكل بلا طبخ فإن كان الطيب مغلوباً، فلا شيء فيه، إلا أنه يكره إن وجدت معه رائحة الطيب: وإن كان غالباً ففيه الجزاء. وهذا إذا خلط بما يؤكل، فإن خلط بما يشرب، فإن كان غالباً ففيه دم، وإن كان مغلوباً ففيه صدقة. إلا إن شرب مراراً. ففيه دم، كما يأتي، أما إن أكل عين الطيب. فإن كان كثيراً ففيه دم وإلا فلا شيء فيه
(13) المالكية قالوا: يحرم على المحرم الاكتحال مطلقاً بما فيه طيب وغيره إلا لضرورة فيجوز مطلقاً، غير أنه إذا اكتحل بطيب لضرورة فعليه الفدية، وإن اكتحل بغير مطيب لضرورة، فلا فدية عليه
(14) المالكية قالوا: يحرم عليه دهن الشعر والجسد، أو بعضه، بأي دهن كان، ولو كان خالياً من الطيب، فإن فعل ذلك فعليه الفدية، كما سيأتي، إلا إذا ادهن بما لا يطب فيه لمرض به؛ فلا فدية عليه، سواء كان المرض في باطن اليدين أو في الرجلين أو غيرهما، وفي غيرهما خلاف في موجب الفدية.
الحنفية قالوا: الأشياء التي تستعمل في البدن تنقسم إلى ثلاثة أنواع: الأول: طيب محضر أعد للتطيب به؛ كالمسك، والكافور، والعنبر، ونحو ذلك، وهذا النوع لا يجوز للمحرم استعماله في ادهان أو غيره، بأي وجه كان، الثاني: ما ليس طيباً بنفسه، وليس فيه معنى الطيب ولا يصير طيباً بوجه: كالشحم، وهذا النوع يجوز للمحرم استعماله في الأدّهان، ونحوه، ولا شيء في استعماله، الثالث: ما ليس طيباً بنفسه، ولكنه أصل للطيب، وهذا يستعمل تارة على وجه التطيب والادهان؛ وتارة على وجه التداوي: كالزيت؛ فإن استعمل التطيب والأدّهان فهو في حكم الطيب، لا يجوز للمحرم استعماله، أما إذا استعمل للتداوي. فإنه يجوز للمحرم كما يجوز له أكله.
الشافعية قالوا: يحرم الأدّهان بما له رائحة طيبة مطلقاً، ويجوز الادهان بغيره في جميع البدن إلا في شعر الرأس والوجه؛ فلا يجوز إلا لحاجة.
الحنابلة قالوا: ما له رائحة طيبة يحرم على المحرم الدّهان به في سائر بدنه، أو أي جزء، أما ما ليس كذلك: كالزيت فلا يحرم الادهان به، ولو في شعر الرأس والوجه
(15) الشافعية قالوا: يحرم التعرض لأشجار الحرم الرطبة. وحشيشه الرطب بقطع أو قلع أو إتلاف، ولو كان مملوكاً للمتعرض ما عدا ما ذكر. ويزاد عليه الشوك فيباح قطعه، وإنما يحرم التعرض لشجر الحرم وحشيشه إن كان بغير قصد إصلاحه كأن يقلم الشجر لنموه، وإلا جاز أما الشجر اليابس فيجوز قطفه وقلعه وكذا يجوز قطع الحشيش اليابس. أما قلعه فيحرم مطلقاً. إلا إذا فسد منبته. فيجوز أيضاً. ولا فرق في الشجر بين الذي نيت بنفسه: كالسنط وما أنبته الناس: كالنخل. فيحرم التعرض له مطلقاً. أما الحشيش والحبوب ونحوها فإنما يحرم التعرض لها إذا نبتت بنفسها. فإذا زرعها الناس جاز لهم التعرض لها محرمين أو غير محرمين ويستثنى من المنع أمور: منها أخذ سعف النخل وورق الشجر بلا خبط يضر بالشجر وإلا حرم. ومها أخذ ثمر الشجر. وكذا عود السواك، بشرط أن ينبت مثله في سنة. ومنها رعي الشجر بالبهائم. ومنها أخذه للدواء: كالحنظل والسنامكي.
الحنابلة قالوا: يحرم قلع شجر الحرم المكي وحشيشه إذا كان رطبين. ولو كان فيهما مصرة: كالشوك. وكذا السواك ونحوه. والورق الرطب. أما ما كان يابساً من الشجر والحشيش فلا بأس بقطعهما أو قلعهما. لأنهما كالميت وكذا لا بأس بقطع الإذخر، والفقع والكمأة والتمرة، وإن كان كل ذلكرطباً. كما لا بأس بقطع أو قلع ما زرعه آدمي من شجر أو حشيش، لأنه مملوك الأصل، ويباح رعي حشيش الحرم، المذكور، والانتفاع بما تساقط من ورق الشجر، وما انفصل من الأرض، أو انكسر من غير فعل آدمي، ولم ينفصل المنكسر عن أصله، أما ما قطعه آدمي فلا يجوز أن ينتفع به هو أو غيره.
الحنفية قالوا: النابت في أرض الحرم. إما أن يكون جافاً، أو منكسراً، وإما أن يكون غير ذلك، فالجاف والمنكسر لا يدخل في حكم شجر الحرم، لأنه حطب؛ وكذا حشيش الإذخر فإنه مستثنى من شجر الحرم وغير الجاف وهو قابل للنمو. إما أن يكون نابتاً بنفسه أو لا. والأول إما أن يكون من جنس ما ينبته الناس: كالزرع.
أولاً: كالشجرة المعروفة - بأم غيلان - فالذي يحرم قطعه من ذلك هو الذي ينبت بنفسه، وليس من جنس ما ينبته الناس. وهذا لا يجوز قطعه مطلقاً. سواء كان مملوكاً أو غير مملوك. إلا أنه إذا قطعه مالكه حرم عليه قطعه فقط وليس عليه جزاء، وإذا قطعه غير مالكه فعليه الجزاء؛ وسيأتي بيانه؛ وعليه قيمته، ويعفى عما يقطع من ذلك بسبب نصب الخيمة، أو حفر الكانون، أو وطء الدواب، لأنه لا يمكن الاحتراز عنه أما الذي ينبته الناس، أو ينبت بنفسه، وهو من جنس ما ينبته الناس، فإنه يحل قطعه والانتفاع به إذا لم يكن مملوكاً للغير فإن كان مملوكاً للغيرلزم دفع قيمته لمالكه.
المالكية قالوا: يحرم قطع ما شأنه أن ينبت بنفسه من الشجر والنبات: كالبقل البري، وشجرة الطرفاء، ولو زرع، وسواء كان أخضر أو يابساً، ويستثنى من ذلك أمور.
أولاً: الإخذر وهو نبت كالحلفاء طيب الرائحة؛
ثانياً: السنا، المعروف بالسنامكي، للاحتياج إليه في التداوي،
ثالثاً: قطع ورق الشجر بالمجن، وهو عصا معوجة، يضعها على الغصن، ويحركها، فيقع الورق من غير خبط، وأما خبط العصا على الشجر ليقع ورقه فهو حرام، وأما الشجر أو النبات الذي شأنه أن يزرع كالخس، والحنطة، والبطيخ والرمان، فيجوز قطعه من أرض الحرم ولو كان نابتاً بنفسه

(16) المالكية قالوا:
يكره للمحرم الفصد والحجامة لغير حاجة، ويجوزان لحاجة، وعليه الفدية إن وضع على موضعهما عصابة، وإلا فلا
(17) المالكية قالوا: لا يجوز للمحرم إزالة الوسخ بالغسل، ويستثنى من ذلك غسل اليدين فيجوز بما يزيل الوسخ كالصابون ونحوه مما ليس بطيب، أما الغسل بالطيب الذي تبقى رائحته في اليد فلا يجوز.
الحنفية قالوا: يجوز للمحرم أن يغتسل بما يزيل الوسخ، ولا يقتل الهوام. كما قال الشافعية والحنابلة، إلا أنه لا يجوز له أن يغتسل بما له رائحة عطرية
(18) الشافعية قالوا: يجوز الاستظلال بكل ما ذكر. ولو لاصق رأسه أو وجهه لكن لو وضع على رأسه ما يقصد به الستر عرفاً: كعباءة. وقصد الاستتار به حرم عليه ذلك. وإلا فلا.
الحنابلة قالوا: إذا استظل بما يلازمه غالباً كالمحمل حرم عليه ذلك. سواء كان راكباً أو ماشياً وإن استظل بما لا يلازمه، كشجرة أو خيمة جاز له ذلك
(19) المالكية قالوا: الغسل لدخول مكة مندوب لا سنة. وهو للطواف بالبيت لا للنظافة فلا تفعله الحائض ولا النفساء، لأنهما ممنوعتان من الطواف، لأن الطهارة شرط فيه، كما يأتي، ويندب أن يدخل مكة نهاراً في وقت الضحى، فإن قدم ليلاً بات بمكان يعرف بذي طوى، وأخر الدخول للغد إذا ارتفع النهار، ولم ينصوا على طلب الدعاء عند رؤية البيت، سواء كان الدعاء خاصاً أو عاماً


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #90  
قديم 22-07-2020, 03:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الاول
[كتاب الحج والعمرة]
صـــــ 589 الى صــــــــ
603
الحلقة (75)
[الركن الثاني من أركان الحج: طواف الإفاضة]
أنواع الطواف ثلاثة:
النوع الأول: الطواف الركن، فمن لا يفعله يبطل حجة،
ويقال له:
طواف الإفاضة، وطواف الزيارة.
النوع الثاني:
الطواف الواجب: وهو طواف الزيارة؛ ويسمى طواف الصدر،
النوع الثالث:
الطواف المسنون، وهو طواف القدوم المتقدم ذكره فلنتكلم فيها، ولنبدأ بالكلام في طواف الإفاضة، الذي هو ركن من أركان الحج.
[تعريف طواف الإفاضة]
طواف الإفاضة،
ويقال له:
طواف الزيارة ركن من أركان الحج الأربعة المتقامة، باتفاق المذاهب، فإذا لم يفعله الحاج بطل حجه وهو سبعة أشواط بكيفية خاصة ستعرفها قريباً،
وقال الحنفية:
إن الطواف الركن هو أربعة أشواط، فمتى طاف أربعة أشواط فقد حصل الركن، أما باقي السبعة فإنه واجب لا ركن، وذلك لأن طواف الأشواط الربعة هو طواف لأكثر الأشواط؛ وللأكثر حكم الكل.
[وقت طواف الإفاضة]
وقت طواف الإفاضة الذي هو ركن من أركان الحج اختلفت في تحديده المذاهب؛ فانظره تحت الخط (1) .
[شروط الطواف]
للطواف مطلقاً بأنواعه شروط، فلا يصح إلا بها، وهي مفصلة في المذاهب تحت الخط (2) .
[سنن الطواف وواجباته]
للطواف واجبات وسنن مفصلة في المذاهب، فانظرها تحت الخط (3) .
[الركن الثالث من أركان الحج، السعي بين الصفا والمروة]
السعي بين الصفا والمروة، ركن من أركان الحج، بحيث لو لم يفعله بطل حجه، عند ثلاثة من الأئمة،
وخالف الحنفية في ذلك فقالوا:
إن السعي واجب لا ركن، فلو تركه لا يبطل حجه، وعليه فدية.
[شروط السعي بين الصفا والمروة، وكيفيته وسننه]
للسعي شروط وسنن، مفصلة في المذاهب؛ فانظرها تحت الخط (4) .
[الركن الرابع؛ الحضور بأرض عرفة، وكيفية الوقوف]
الركن الرابع من أركان الحج الحضور بأرض عرفة، على أي حال من الأحوال، سواء كان يقظان أو نائماً، وسواء كان قاعداً أو قائماً، وسواء كان واقفاً أو ماشياً، باتفاق، وله شروط وسنن مفصلة في المذاهب، فانظرها تحت الخط (5) .
[واجبات الحج]
[رمي الجمار - المبيت بمنى - الوجود بمزدلفة]
وقد عرفت مما تقدم أن كل ركن من أركان الحج له شروط وواجبات، وسنن، وقد بينا كل ما يخص كل ركن منها قريباً، وبقيت واجبات عامة لا تخص ركناً دون ركن، وهي التي نريد بيانها ها هنا ذا، ومنها رمي الجمار، والمبيت بمنى، والوجود بالمزدلفة، والحلق، والتقصير، وغير ذلك مما هو مفصل في المذاهب، فانظره تحت الخط (6) .
(1) الحنفية قالوا: وقت طواف الإفاضة من فجر يوم النحر إلى آخر العمر بعد الوقوف بعرفة، فمتى وقف الحاج بعرفة طولب بطواف الإفاضة؛ أما إذا لم يقفبعرفة في وقته الآتي بيانه؛ فإن طواف الإفاضة لم يصح منه؛ ويبطل حجه، ويشترط أن يطوف في أشهر الحج المعلومة، وهي شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، فإذا وقف بعرفة في شهر ذي الحجة، ولم يطف طواف الإفاضة حتى فرغ ذلك الشهر كان عليه أن يطوفه في هذه الأشهر في سنة أخرى.
المالكية قالوا: إن وقت طواف الإفاضة من يوم عيد النحر إلى آخر شهر ذي الحجة، فإذا أخره الحاج عن ذلك الوقت لزمه دم وصح حجة، ولا يصح طواف الإفاضة قبل يوم العيد، أما وقت الوقوف بعرفة فإنه لا يصح قبل وقته ولا بعده، كما يأتي في مبحثه.
الشافعية قالوا: طواف الإفاضة، أو طواف الزيارة الذي هو ركن من أركان الحج، أول وقته بعد نصف الليل من ليلة النحر، وأفضل وقته يوم النحر، ولا آخر لوقته، بل له أن يؤخره إلى أي وقت شاء، ولكن لا تحل له النساء إلى أن يطوف، كما لو كان محرماً، فإذا طاف تم له التحلل من الإحرام؛ وحلت له النساء، ولم يبق عليه سوى رمي أيام التشريق، والمبيت بمنى، وهي واجبات يطالب بها بعد زوال الإحرام على سبيل التبعية لأعمال الحج.
الحنابلة قالوا: إن طواف الإفاضة ركن يبتدئ من نصف ليلة عيد النحر بالنسبة لمن وقف بعرفة؛ فلا يصح قبل الوقوف بعرفة مطلقاً، فمن طاف قبل الوقوف بعرفة بطلحجه، كما يقول الحنفية، أما نهاية وقته فلا حد لها، فيطالب به ما دام حياً، فهم كالحنفية إلا في تحديد الوقت
(2) الشافعية قالوا: للطواف في ذاته ثمانية شروط:
الأول: ستر العورة الواجب سترها في الصلاة؛ فإذا طاف أحد مكشوف العورة بطل حجه،
الثاني: الطهارة من الحدث والخبث، كما في الصلاة أيضاً،
الثالث: بدؤه بالحجر الأسود محاذياً له أو لجزئه بجميع بدنه من جهة الشق الأيسر؛ بأن لا يقدم جزءاً من بدنه على جزء من الحجر، فإذا بدأ بغيره لم يحسب ما طافه قبل وصوله إليه، فإذا انتهى إليه ابتدأ منه؛ ويشترط أن يحاذيه على الوجه المذكور عند الانتهاء أيضاً،
الرابع: جعل البيت عن يساره وقت الطواف ماراً تلقاء وجهه؛ ولا بد أن يكون الطائف خارجاً بكل بدنه عن جدار البيت وشائروانه، وعن الحجر - بكسر الحاء - فلو مشى على الشاذروان أو مس الجدار في مروره أو دخل في إحدى فتحتي الحجر - بالكسر وخرج من الأخرى لم يصح طوافه الذي حصل فيه، كما لا يصح طواف من استقبل البيت، أو استدبره أو جعله عن يمينه، أو على يساره ورجع القهقري،
الخامس: كونه سبعة أشواط يقيناً.
فلو ترك شيئاً من السبع لم يجزئه،
السادس: كونه في المسجد وإن استع، فيصح الطواف ما دام في المسجد، ولو في هوائه أو على سطحه، ولو مرتفعاً عن البيت، ولو حال حائل بين الطائف والبيت،
السابع: عدم صرفه لأمر آخر غير الطواف، فإن صرفه انقطع،
الثامن: نية الطواف، وهذا شرط في غير طواف الركن وطواف القدوم، أما هما فلا يحتاج كل منهما إلى نية لشمول نية النسك لهما، ولا بد أن تكون نية الطواف عند محاذاة الحجر؛ فلو نوى بعدها لم يحسب ما طافه حتى ينتهي إليه، إلا إذا عاد إلى محاذاته بعد النية، ويزيد طواف القدوم شرطاً تاسعاً، وهو أن يكون قبل الوقوف بعرفة، فلا يطلب ممن دخل مكة بعد الوقوف بعرفة، وبعد منتصف الليل، وللطواف واجبات: منها أن يصون نفسه عن كل مخالفة في وقت الطواف، ومنها أن يصون قلبه عن احتقار من يراه، ومنها أن يلتزم الأدب، ومنها أن يحفظ يده وبصره عن كل معصية.
المالكية قالوا: يشترط لصحة الطواف شروط:
الأول: أن يكون سبعة أشواط؛ فإن نقص عنها لم يجزئه، ولا يكفي عنه الدم إن كان ركناً، وإن شك في النقص بني على اليقين، وتمم الأشواط السبعة، أما إذا زاد عليها فلا يضر؛ لأن الزائد لغو لا اعتداد به،
الثاني: الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر ومن الخبث. فإذا أحدث في أثنائه، أو علم فيه بنجاسة في بدنه أو ثوبه بطل، فإن أحدث بعده وقبل صلاة ركعتيه أعاده؛ لأن الركعتين كالجزء منه، إلا إذا خرج من مكة وشق عليه الرجوع له، فيكفيه الطواف، ويعيد الركعتين فقط، وعليه أن يبعث بهدي، وحكم صلاة هاتين الركعتين الوجوب بعد طواف الإفاضة والقدوم؛ أما في طواف الوداع فقيل بوجوب الركعتين، وقيل بسنيتهما، والقولان صحيحان؛ ويندب أن يقرأ فيهما بعد الفاتحة سورة "الكافرون" في الركعة الأولى؛ وسورة "الإخلاص" في الثانية، وندب صلاتهما خلف مقام إبراهيم والدعاء بعدهما بالملتزم - وهو بين الحجر الأسود والباب - كما يندب فعلهما بعد صلاة المغرب وقبل نافلتها لمن طاف بعد العصر.
الثالث: ستر العورة كما في الصلاة.
الرابع: أن يجعل البيت - وهو الكعبة - عن يساره.
الخامس: أن يكون جميع بدنه خارجاً عن الحجر بتمامه وعن الشاذروان - وهو بناء محدوب لاصق الكعبة
- السادس: الموالاة: فلو فرق بين أشواطه كثيراً بطل الطواف. ويغتفر التفريق اليسير.
السابع: أن يكون داخل المسجد. فلا يصح على سطحه ولا خارجه ويلزم ابتداء الطواف من الحجر الأسود. فلو ابتدأه قبله وجب إتمام الشوط الأخير إليه، فإن لم يتمه وطال الفصل أو انتقض وضوءه فعليه إعادته، إلا إذا رجع لبلده، فيكفيه هذا الطواف؛ ويبعث هدياً.
الحنابلة قالوا: يشترط لصحة الطواف شروط. منها النية ومنها دخول الوقت في طواف الزيارة، وهو من نصف ليلة عيد النحر بالنسبة لمن وقف بعرفة، ولا يصح قبل الوقوف ولا حد لآخر وقته، ومنها ستر العورة كما في الصلاة، ومنها الطهارة من الخبث، كما في الصلاة، ومنها الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر، إلا إذا كان الحاج طفلاً لم يميز، فيصح الطواف، ولو كان محدثاً متلبساً بنجاسة؛ ومنها كون الأشواط سبعاً، يبتدئها من الحجر الأسود، فإذا ابتدأ من غيره لا يحسب هذا الشوط، ومنها المشي إذا كان قادراً عليه، ومنها الموالاة بين الأشواط؛ فلو أحدث في أثنائه بطل، وعليه استئنافه، لكن إذا أقيمت الصلاة للراتب فله أن يصلي معه، ويبني على ما تقدم من الأشواط، مبتدئاً من الحجر الأسود، وكذلك إذا حضرت جنازة للصلاة عليها، ومنها أن يكون بالمسجد فلا يصح خارجه، ويصح على سطحه، ومنها جعل البيت عن يساره ولا بد أن يكون خارجاً عن جميع الحجر والشاذروان، وليس للطواف واجبات عندهم.
الحنفية قالوا: يشترط لصحة الطواف أمور:
أحدها: أن يكون داخل المسجد الحرام حتى لو طاف بالكعبة من وراء زمزم، أو من وراء العمد جاز، أما إذا طاف خارج المسجد، فإن طوافه لا يصح،
ثانيها أن يبتدأ من طلوع فجر النحر إن كان طواف زيارة؛ أو إفاضة، ولاحد لنهايته، كما تقدم في مبحث "طواف الإفاضة" أما إن كان طواف قدوم فيبتدئ من حين دخول مكة؛ وينتهي إلى الوقوف بعرفة، فمتى وقف فقد فاته طواف القدوم أما إذا لم يقف فينتهي بطلوع فجر يوم النحر، فهذه شروط صحة الطواف عند الحنفية
(3) الشافعية قالوا: للطواف ثمانية سنن.
الأولى: أن يستقبل البيت أول طوافه. ويقف بجانب الحجر إلى جهة الركن اليماني بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه، ومنكبه الأيمن عند طرفه ثم ينوي الطواف ثم يمشي مستقبلاً الحجر ماراً إلى جهة الباب. فإذا جاوزه انفتل وجعل يساره إلى البيت، وهذا خاص بالمرة الأولى.
الثانية: أن يمشي القادر، ولو امرأة والركوب في الطواف خلاف الأولى إن كان بلا عذر، وإلا فلا بأس به إذا كان الحمل على غير دابة صيانة للمسجد عن الدابة؛ والأفضل أن يكون حافياً ما لم يتأذ بذلك.
ويندب أن يضيق الخطوات ليكثر الثواب، وأن يلمس الحجر الأسود بيده أول طوافه، ويقبله تقبيلاً خفيفاً، ولا يسن للمرأة ذلك إلا عند خلو المطاف ليلاً أو نهاراً، ويستحب للرجل أن يضع جبهته عليه؛ وأن يكون الاستلام والتقبيل ثلاثاً، فإن عجز عن الاستلام بيده استلمه بنحو عصا، ويقبل ما أصابه به، فإن عجز عن ذلك أيضاً أشار إليه بيده؛ أو بما فيها؛ واليمين أفضل؛ يفعل ذلك في طوافه؛
الثالثة: الدعاء المأثور، فيقول عند استلام الحجر الأسود عند ابتداء كل طوفة: بسم الله؛ والله أكبر مع رفع يديه كرفع الصلاة: اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا القول آكد في الطوفة الأولى من غيرها،
الرابعة: أن يمشي الذكر مسرعاً من غير عدو، ولا وثب في الطوفات الثلاثة الأولى، ويمشي في الباقي على هينة، بخلاف المرأة، فإنها تمشي كعادتها،
الخامسة: الاضطباع للذكر ولو صبياً، وهو أن يجعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن، وطرفيه على منكبه الأيسر،
السادسة: أن يكون الرجل والصبي قريباً من البيت عند عدم الزحام، وعدم التأذي بخلاف المرأة، فيسن لها عدم القرب صيانة لها،
السابعة: الموالاة في الطواف، فلو أحدث في الطواف، ولو عمداً، تطهر وبنى، لكن الاستئناف أيضاً أفضل، وكذا لو أقيمت الصلاة وهو في الطواف؛ فإنه يصلي ويتم الطواف بعدها، والاستئناف أيضاً أفضل،
الثامنة: أن يصلي بعده ركعتين؛ ويكفي فرض أو نفل آخر عنهما ويندب أن تكونا عقب الطواف مباشرة، كما يندب استلام الحجر عقبهما، وأن يسعى عقب الاستلام إن كان السعي مطلوباً منه، والأفضل صلاتهما خلف المقام، ثم بالحجر - بالكسر - ثم ما قرب من البيت، وهما سنة مطلوبة، ولو طال تأخرهما عن الطواف، ويكره قطع الطواف من غير سبب، والبصق ولو في نحو
ثوب بلا عذر، وجعل يديه خلف ظهره، أو على فمه في غير حال التثاؤب، وفرقعة الأصابع، ويكره الطواف أيضاً حال مدافعة الأخبثين.
المالكية قالوا: للطواف واجبان، وسنن، فأما واجباه فهما صلاة ركعتين بعده، كما تقدم، والمشي فيه للقادر عليه، وأما سننه، فهي تقبيل الحجر الأسود في الشوط الأول، ويكبر عند ذلك، فإن لم يتمكن من تقبيله لمسه بيده، فإن يستطع لمسه بعود مثلاً، ثم يضع يده أو العود بعد اللمس بأحدهما على فيه، ويكبر حينئذ فإن لم يستطع شيئاً من ذلك كبر عند محاذاته، ومن السنن أيضاً استلام الركن اليماني بيده في الشوط الأول، ثم يضعها على فيه، والدعاء في الطواف، ولا يحد بحد مخصوص، بل بما شاء، والرمل، وهو الإسراع فوق المشي المعتاد في الأشواط الثلاثة الأول، وإنما يسن الرمَل للرجل لا للمرأة، وفي غير طواف الإفاضة، أما الرمل في طواف الإفاضة فهو مندوب، كما يأتي، ويندب في الطواف الرمل في الشواط الثلاثة الأول من طواف الإفاضة لمن يم يطف طواف القدوم، وتقبيل الحجر الأسود في الشوط الأول، واستلام الركن اليماني في الشوط الأول أيضاً، والقرب من الكعبة بالنسبة للرجال، أما النساء فالسنة أن يطفن خلف الرجال، كما في الصلاة.
الحنابلة قالوا: سنن الطواف هي:
أولاً: استلام الركن اليماني بيده اليمنى في كل شوط،
ثانياً: استلام الحجر الأسود وتقبيله في كل شوط أيضاً إن تيسر، والإشارة إليه بيده عند محاذاته إن تعسر،
ثالثاً: الاضطباع في طواف القدوم، وهو أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر،
رابعاً الرمَل، وهو الإسراع في المشي مع تقارب الخطى، وإنما يسن في الأشواط الثلاثة الأول من طواف القدوم لغير الراكب والمعذور والمحرم من مكة أو مكان قريب منها، ولغير المرأة أيضاً، أما هؤلاء فلا يسن لهم، كما لا يسن في طواف الزياة ولا غيره مما عدا طواف القدوم،
خامساً: الدعاء،
سادساً: الذكر،
سابعاً؛ القرب من الكعبة،
ثامناً: صلاة ركعتين بعد الطواف.
الحنفية قالوا: واجبات الطواف وسننه أمور. فمن واجباته أن يبدأ طوافه من الحجر الأسود، فلو لم يفعل ذلك وجب عليه إعادة الطواف ما دام بمكة، فإن لم يعده ورجع عليه دم، والأفضل أن لا يترك شيئاً من الحجر الأسود، بل يقابله بجميع بدنه، بأن يجعله عن يمينه، ويجعل منكبه الأيمن عند الحجر الأسود، ومنها التيامن، بأن يطوف عن يمينه مما يلي الباب، ويجعل الكعبة عن يساره، لأنها بمنزلة الإمام له والمنفرد يقف على يمين إمامه، فلو نكس الطواف بأن طاف عن يساره، وجعل الكعبة عن يمينه وجبت عليه الإعادة أو الدم، أما طهارة الثوب والبدن والمكان من الخبث فسنة مؤكدة، حتى لو طاف وعليه ثوب كله نجس، فلا جزاء عليه وإنما ترك السنة على الصحيح، ومنها ستر العورة الواجب سترها في الصلاة، فلو انكشف ربع العضو الواجب ستره في الصلاة فقد ترك الواجب؛ ووجبت عليه الإعادة أو الدم.
واعلم أن ستر العورة في ذاته فرض، فمعنى كونه واجباً هنا أن الطواف لا يفسد بتركه، بل يصح مع الإثم، وتجب فيه الإعادة أو الجزاء، أما إذا انكشف أقل من ربع العضو، فلا يضر، كما في الصلاة، ومنها المشي فيه للقادر عليه، فلو كاف راكباً أو محمولاً: أو زاحفاً بلا عذر، فعليه الإعادة أو الدم، أما إن كان ذلك لعذر، فلا شيء عليه، ومنها أن يطوف وراء الحطيم - الحجر - لأن بعضه من البيت ومنها كون الطواف سبعة أشواط، والشوط من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود وهذه الأشواط السبعة واجبة كلها في طوافي القدوم والوداع، إلا أنه لو ترك أكثر أشواط الوداع، وهي أربعة، لزمه دم، ولو ترك أقل من ذلك لزمه لكل شوط صدقة بخلاف طواف القدوم فإنه لا يلزمه شيء بترك أكثرها أو أقلها؛ سوى التوبة، لأنه سنة في ذاته، وإنما وجب بالشروع فيه، كالنافلة، فلا يكون حكمه حكم الواجب بأصله، أما طواف الزيارة المفروض، فأكثر أشواطه ركن، بحيث لو ترك الأكثر بطل، وباقيها واجب، كما تقدم، ولا يتحقق ترك الواجب إلا بالخروج من مكة؛ أما ما دام فيها، فهو مطالب به، ولا تجزئ الإنابة في الطواف بدون عذر، ومنها أن يصلي ركعتين عقب كل سبعة أشواط من طوافه، سواء كان طوافه فرضاً أو واجباً أو سنة أو نفلاً، والأفضل أن يوالي بينهما وبين الطواف؛ إلا إذا طاف في وقت كان طوافه فرضاً أو واجباً أو سنة أو نفلاً، والأفضل أن يوالي بينهما وبين الطواف؛ إلا إذا طاف في وقت الكراهة؛ ولا تفوت بتركها، بل يصليهما في أي وقت شاء، ولو بعد الرجوع إلى وطنه، إلا أنه يكره له الكراهة؛ ولا تفوت بتركها، بل يصليهما في أي وقت شاء، ولو بعد الرجوع إلى وطنه، إلا أنه يكره له ذلك، ويستحب أداءهما خلف المقام، ثم في الكعبة، ثم في الحجر تحت الميزاب، ثم في كل ما يقرب منالحجر - بالكسر - إلى البيت، ثم
المسجد، ثم الحرم، فإن صلاهما خارج الحرم أساء، ويقرأ في الركعة الأولى، "الكافرون"، وفي الثانية "الإخلاص".
هذه واجبات الطواف؛ أما سننه فهي أمور: منها أن يجعل قبل شروعه في الطواف طرف ردائه تحت إبطه اليمنى؛ ويلقي طرفه الآخر على كتفه الأيسر، ويسمى هذا الفعل اضطباعاً ويفعل ذلك في كل طواف بعده سعي، كطواف القدوم، ومنها المشي بسرعة، مع تقارب الخطى؛ وهز الكتفين ويسمى هذا الفعل رملاً، يأتي به في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، فإن رأى ما يعوقه وقف حتى يتمكن من إعادة الرمل، ومنها استلام الحجر الأسود، وتقبيله عند نهاية كل شوط، وتتأكد النية في الشوط الأول والأخير، فإن لم يستطع استلامه بيده استلمه بنحو عصا إن أمكن، ويقبل ما مس به، فإن لم يستطع ذلك أيضاً استقبل الحجر ورفع يديه مستقبلاً بباطنهما إياه، ويكبر، ويهلل ويحمد الله تعالى، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وهذ الاستقبال مستحب، وكذا استلام الركن اليماني مستحب، وليس بسنة، ويستحب أن يدعو عقب صلاة ركعتي الطواف خلف المقام بما يحتاج إليه من أمور الدنيا والآخرة، وأن يأتي زمزم بعد صلاة ركعتين قبل الخروج إلى الصفا، فيشرب منها، ويتضلع، ويفرغ الباقي في البئر، ويقول: اللهم إني أسألك رزقاً واسعاً، وعلماً نافعاً، وشفاءً من كل داء، ثم يأتي الملتزم قبل الخروج إلى الصفا

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 376.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 370.72 كيلو بايت... تم توفير 6.07 كيلو بايت...بمعدل (1.61%)]