|
ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
المرأة المسلمة.. مكانتها وحقوقها في الشريعة
المرأة المسلمة.. مكانتها وحقوقها في الشريعة ( 1 )
يعاني المسلمون اليوم إشكاليات عديدة على مستوى الواقع الاجتماعي، ويأتي في مقدمة هذه الإشكالات قضية المرأة، التي تعد من أهم القضايا المطروحة على ساحة الفكر المجتمعي وأبرزها؛ فالمرأة جزء أساس من المخطط الذي يواجهه الإسلام في كل مكان: عسكريًا، وثقافيًا، واجتماعيًا، وهو أمر واضح للعيان؛ فالمرأة والأسرة المسلمة مستهدفان منذ سنوات عدة. ومن أهم المخططات التي استهدفت المرأة ما سمي بــ(الحركة النسوية) التي نشأت نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 في أوروبا ثم امتدت إلى عدد من الدول العربية، ويعدّ الفكر النسوي -بمفهومه الغربي- سلاحًا فتاكا للقضاء على لحمة المجتمعات الإسلامية، ونبذ الدين، وإشاعة الفوضى والانحلال الخلقي، وفساد المجتمع والثورة على كل موروث تحت شعار: (حقوق المرأة، ونبذ العنف، والمساواة بين الجنسين). تأثر مجتمعاتنا العربية والإسلامية ولا شك أن مجتمعاتنا العربية والإسلامية تأثرت تأثرًا كبيرًا بهذا التيار وأفكاره المنحرفة، في ظل الانتشار الهائل لوسائل التواصل الاجتماعي، فنراهم يبثون سمومهم من خلال المطالب -التي تبدو عادلة- للخروج بالمرأة عن فطرتها وطبيعتها النفسية والجسدية ودورها الأساسي في الأسرة الذي لن يحل محله أحد. الرجوع إلى منهجية القرآن والسُنَّة لذا نرى ضرورة الرجوع إلى منهجية القرآن والسُنَّة ودراستها بعمق وخاصة فيما يتعلق بقضايا المرأة والاهتمام بمشكلاتها، وكيف خصّها الإسلام بكثير من الرعاية والعناية؛ لتستقيم حياتها، ومن ثم يستقيم المجتمع على أثر صلاحها العقدي والإيماني والنفسي والفكري؛ فالمتأمل في آيات القرآن والسيرة العطرة، يرى أن فكرة دونية المرأة في المجتمع الإسلامي التي يسوق لها هذا التيار، لا تمت لحقيقة الإسلام بصلة. موقف القرآن والسنة من قضايا المرأة وموقف القرآن والسنَّة من قضايا المرأة يعد أقوى الدلائل على تكريم الإسلام للمرأة من جهتين:
تكريم المرأة بوصفها إنسانة وأنواع تكريم المرأة بوصفها إنسانة في القرآن الكريم كثيرة جدا، وهي منثورة في آيات القرآن في الحديث عن قضايا الإنسان ومشكلاته، فلا تكاد تخلو سورة مما يفيد الإشارة للمرأة في سياق الحديث عن الإنسان سواء بالتصريح أم التلميح والإشارة. تكريم المرأة لكونها امرأة وتكريم المرأة لكونها امرأة ورد كثيرا في القرآن، ولا سيما السور التي عرضت قضايا المرأة ومشكلاتها وما يخص شؤونها أو وظيفتها في الأسرة والمجتمع، وهناك سور سميت بأسماء النساء أو كن محور السورة وموضوعها أو تتناول قضية من قضاياها مثل، سورة البقرة، والنساء، ومريم، والنور، والأحزاب، والمجادلة، والممتحنة، والطلاق، والتحريم. المرأة في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم والمتأمل في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - يجدها مليئة بدلائل تكريم الإسلام للمرأة، وتخصيصها بكثير من الفضائل، بل أسند إليها كثيرا من الأدوار والمهام المحورية في تاريخ الأمة؛ فالمرأة من أقوى المؤثرات وأشدها على المجتمع؛ فهي العمود الأساس في بناء الشخصية المسلمة؛ نظرا لدورها المحوري في التربية؛ فهي أم وأخت وزوجة وابنة. كذلك نجد أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - عمل على حماية المرأة من العادات السائدة عند العرب؛ فأعطاها حقها في الميراث، وحقها أن تختار زوجها وتستأذن في ذلك، ولها حق القبول والرفض، وغيرها من الحقوق المهدرة عند العرب في الجاهلية. تاريخ المرأة عبر العصور والباحث في تاريخ المرأة عبر العصور، يجد مدى تأثيرها في جميع البيئات على اختلاف الطبقات؛ فهي عامل فعال في الخير والشر، في كل زمان ومكان بدءًا من حواء -عليها السلام-، ثم هاجر والدة إسماعيل -عليهما السلام-، وسارة والدة إسحاق -عليهما السلام-، وامرأة العزيز وأم موسى -عليه السلام- وأخته، وآسية بنت مزاحم، وبنت شعيب زوجة موسى -عليهم السلام-، وبلقيس ملكة سبأ، ومريم ابنة عمران -عليها السلام-، وغيرهن إلى زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أمهات المؤمنين وآل بيته والصحابيات الكريمات. موكب من النساء الصالحات فنرى كوكبة من النساء الصالحات يذكر القرآن مواقفهن وتجاربهن المختلفة والمتعددة، فمنهن من وقفت في وجه أصحاب الضلالات، ومنهن من ذاقت أنواع الاضطهاد والتهديد، ومنهن من ألقت بابنها في البحر امتثالا لأمر الله -تعالى-، ومنهن من ضحت بأمنها وأمان ابنها في سبيل دعوة زوجها، ومنهن من رجعت إلى الحق واعترفت بالذنب، ولكنهن جميعًا مضين بخطوات ثابتة مطمئنات واثقات بالله. فريق آخر من النساء وهناك فريق آخر من النساء السيئات ذكرهن القرآن الكريم، أمثال امرأة نوح وامرأه لوط، وأم لهب حمالة الحطب، وغيرهن من اللواتي ضللن الطريق؛ فباؤوا بغضب الجبار، وهكذا نرى تأثير المرأة الممتد عبر العصور سواء في الخير أم الشر. الإسلام خص المرأة بالحفظ والتكريم خلاصة القول: أنَّ الإسلام خصَّ المرأة بالحفظ والتكريم، وأحاطها بسياج من الرعاية والعناية، وأمر الرجال بحسن معاملتها، وأنزلها مكانة رفيعة تليق بها، وسَنَّ لها الحقوق التي تكفل لها الحياة الكريمة والاحترام والتقدير، كما اهتم الإسلام بإعدادها وتأهيلها لوظيفتها السامية متخذًا في ذلك طرائق عدة وسبلاً شتَّى، وكان من أهمّ الخطوات في ذلك الإعداد والتأهيل، الاهتمام البالغ بقضية تعليم المرأة؛ حيث قرر الإسلام أنّ تربية المرأة وتعليمها من الأعمال العظيمة، ورتّب الشرع على ذلك جزاءً وفيرًا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثَلَاثَةٌ لهمْ أجْرَانِ: رَجُلٌ مِن أهْلِ الكِتَابِ، آمَنَ بنَبِيِّهِ وآمَنَ بمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، والعَبْدُ المَمْلُوكُ إذَا أدَّى حَقَّ اللَّهِ وحَقَّ مَوَالِيهِ، ورَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أمَةٌ فأدَّبَهَا فأحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وعَلَّمَهَا فأحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أجْرَانِ»؛ وهذا ما سنتناوله في الحلقة القادم إن شاء الله. اعداد: أميرة عبدالقادر
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 02-05-2024 الساعة 06:30 AM. |
#2
|
||||
|
||||
رد: المرأة المسلمة.. مكانتها وحقوقها في الشريعة
المرأة المسلمة ومكانتها في الشريعة – 2 – اهتمام الإسلام بتعليم المرأة
تكلمنا في المقال السابق عن أهمية دور المرأة فى المجتمع، وكيف اهتمت الشريعة الغراء بهذا الدور اهتماما بالغا، ووضعت له أسس ومعايير للنهوض بالمرأة في المجتمع المسلم، لكى تؤدى دورها على أكمل وجه، وكيف اهتم الشارع الحنيف بقضاياها ومشكلاتها بما يلائم طبيعتها الفطرية والنفسية، وكانت أولى خطوات هذا الاهتمام هو الاهتمام بتعليم المرأة. فالإسلام هو الشريعة التي أنصفت المرأة وكرامتها، وردت إليها آدميتها بعد أن كانت في الجاهلية أداة للهو واللعب وإثارة الغرائز، فحث الإسلام على تعليم المرأة، وعنى بها عناية بالغة تتناسب وعظمة الرسالة التي عليها أن تحملها؛ فكان التعليم أول مشروع إسلامي للمجتمع دون تفريق بين الرجل والمرأة، بنداء تضمن أداة التعليم الأولى وهي القراءة والكتابة، قال -تعالى-: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، ووردت في القرآن آيات عديدة تحث على العلم وتكرم العلماء قال -تعالى-: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}، وقال -تعالى-: {وقل رب زدني علما}، كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بطلب العلم لكل مؤمن ومؤمنة؛ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «طلَبُ العِلمِ فَريضةٌ على كلِّ مُسلمٍ». تعلم أركان الإسلام والفرائض وقد فرض الإسلام على المرأة العلم بأركان الإسلام من التوحيد والفرائض، وما تحتاجه نحو زوجها وبيتها وأسرتها ومجتمعها، وهذا لا يتم الا بالتعلم، فجاءت الرعاية النبوية بتطبيقها العملي للنساء بالاهتمام بتعليم المرأة على وجه الخصوص، فورد عن أبى بردة عن أبيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثَلَاثَةٌ لهمْ أجْرَانِ: رَجُلٌ مِن أهْلِ الكِتَابِ، آمَنَ بنَبِيِّهِ وآمَنَ بمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، والعَبْدُ المَمْلُوكُ إذَا أدَّى حَقَّ اللَّهِ وحَقَّ مَوَالِيهِ، ورَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أمَةٌ فأدَّبَهَا فأحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وعَلَّمَهَا فأحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أجْرَانِ». يوم خاص للمرأة للتعلم وكان - صلى الله عليه وسلم - يحرص على أن يجعل للمرأة يوما يعظها فيه ويعلمها أمور دينها ودنياها، ومن ذلك ماروى عن أبي سعيد الخدري قال: قالتِ النِّسَاءُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ؛ فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِن نَفْسِكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ، فَوَعَظَهُنَّ وأَمَرَهُنَّ، فَكانَ فِيما قَالَ لهنَّ: ما مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلَاثَةً مِن ولَدِهَا، إلَّا كانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ فَقالتِ امْرَأَةٌ: واثْنَتَيْنِ؟ فَقَالَ: واثْنَتَيْنِ»، فدل ذلك الحديث على اهتمام النبي - صلى الله عليه وسلم - بتعليم المرأة وحرص نساء الصحابيات وإلحاحهن على طلب العلم من النبي - صلى الله عليه وسلم . أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الصحابيات كما كانت أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الصحابيات الكريمات خطوات هادفة، ساهمت فى زرع الثقة فى نفوسهن، وكانت دافعا قويا لهن لتحصيل العلم من منابعه الأصلية، بعد تشرب الإيمان بالله في صدورهن، وقد فاضت كتب التاريخ والسير والحديث بذكر أخباره - صلى الله عليه وسلم - مع عامة النساء، بما يوحي بفائق العناية تجاههن مع إرادة تأهيليهن للأمانة التي عجزت السماوات والأرض أن يحملنها، ولتحقيق هذا الهدف كان لابد من إزالة كم هائل من رواسب الجاهلية، وإعادة تكوين تفسية وعقلية جديدة لا تخضع إلا لموازين الشرع، فكن -رضي الله عنهن- يسألن النبي - صلى الله عليه وسلم - ويراجعنه ويستفسرن عما أشكل عليهن، قالت عائشه -رضى الله عنها-: «نِعمَ النساءُ نساءُ الأنصارِ لم يكنْ يَمنعُهنَّ الحياءُ أن يسألْنَ عنِ الدينِ وأن يتفقَّهنَ فيه». حضور مجالس العلم وحرصت المرأة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - على حضور مجالس العلم وحضور الجمع والجماعات والحج، ولم يمنعها النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك؛ فقال: «لا تَمْنَعُوا النِّساءَ حُظُوظَهُنَّ مِنَ المَساجِدِ، إذا اسْتَأْذَنُوكُمْ»، بل كانت المرأة تحضر الصلاة مع صبيها فإذا بكى كان - صلى الله عليه وسلم - يخفف الصلاة مراعاة لأمه وهذا من تمام رعايته بالمرأة. حضورهن صلاة العيد وحرص على حضورهن صلاة العيد حتى لو كانت حائضًا، أو ليس لديها ثوب تخرج فيه، ففى حديث أم عطية أنها قالت: «أُمِرْنَا أنْ نُخْرِجَ الحُيَّضَ يَومَ العِيدَيْنِ، وذَوَاتِ الخُدُورِ فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ، ودَعْوَتَهُمْ ويَعْتَزِلُ الحُيَّضُ عن مُصَلَّاهُنَّ، قالتِ امْرَأَةٌ: يا رَسولَ اللَّهِ إحْدَانَا ليسَ لَهَا جِلْبَابٌ؟ قالَ: لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِن جِلْبَابِهَا». فخرجن -رضوان الله عليهن- يطلبن العلم وهن خير قدوة فى التأدب والحياء؛ فكانت المرأة تتعلم ومعها دينها يحفظها، وحياؤها يكسوها مهابة ووقارا، مراعية فى خلال رحلتها لطلب العلم الضوابط الشرعية التى أقرها الإسلام، ومن أولها الإخلاص لله -عزوجل-، والالتزام باللباس الشرعى الذى فرضه الله عليها صيانة لها وحماية، غير متطيبة ولا متزينة، غاضة لبصرها، عملا بقوله -تعالى-: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}. ملتزمات بعدم الاختلاط مع الرجال، فالإسلام حافظ على المرأة في جميع تشريعاته، ومنعها من كل ما يعرضها للأذى أو يحط من قدرها، فحرم الاختلاط بين الرجال والنساء، ولو فى مواطن العبادة أو التعليم، وقد ظهر هذا الأدب الشرعي في تعليم النساء في عصر النبوة بطريقة واضحة، كما فى حديث ابن عباس «أنَّ رَسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ ومعهُ بلَالٌ، فَظَنَّ أنَّه لَمْ يُسْمِعْ فَوَعَظَهُنَّ وأَمَرَهُنَّ بالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَتِ المَرْأَةُ تُلْقِي القُرْطَ والخَاتَمَ، وبِلَالٌ يَأْخُذُ في طَرَفِ ثَوْبِهِ»، قال ابن حجر: قوله: ثم أتى النساء، يشعر بأن النساء كن على حدة من الرجال غير مختلطات بهم، وفى رواية أخرى، أنَّ نسوةً مِن الأنصارِ قُلْنَ له: يا رسولَ اللهِ، إنَّا لا نستطيعُ أنْ نأتيَك مع الرِّجالِ فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «موعدُكنَّ بيتُ فلانةَ» فجاء فتحدَّث معهنَّ ثمَّ قال: «لا يموتُ لإحداكنَّ ثلاثةٌ مِن الولدِ فتحتسبُه، إلَّا دخَلتِ الجنَّةَ» فقالتِ امرأةٌ منهنَّ: واثنينِ يا رسولَ اللهِ؟ قال: (واثنينِ). ثمار يانعة واستمر أثر مدرسة النبي - صلى الله عليه وسلم - في إخراج ثمارها إلى العصور التالية لعصر النبوة؛ فكانت المرأة المسلمة على صلة قوية بكتاب الله وسنة نبيه وما يتصل بهما ويخدمهما، كما كانت على جانب كبير من الاهتمام بالعلم والدراية بما ينفعها فى دينها، ويهيئها لحياة كريمة هانئة، وتزخر كتب التاريخ والتراجم والطبقات بأسماء كثير من النساء اللواتى تعلمن القراءة والكتابة، وتعلمن القرآن وحفظنه، وروين الحديث وبرعن فى الفقه والإفتاء، وكان منهن الأديبات الشاعرات، وتميز من النساء من أتقنت علوما أخري كالطب والصيدلة وغيرها من العلوم التى تناسب المرأة، وكن مثالا يحتذى به فى طلب العلم ونشره بمختلف الوسائل الشرعية، فكان لهن أثر واضح فى إثراء الحركة العلمية فى تاريخنا الإسلامي على مر العصور. اعداد: أميرة عبدالقادر
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 02-05-2024 الساعة 06:31 AM. |
#3
|
||||
|
||||
رد: المرأة المسلمة.. مكانتها وحقوقها في الشريعة
المرأة المسلمة ومكانتها في الشريعة 3 – أهمية دور المرأة في الدعوة إلى الله
لا يخفى على كل مسلم ومسلمة، أهمية الدعوة إلى الله فى إيصال الرسالة السماوية التى جاء بها الشرع الحنيف ونشر قيمها وترسيخها فى نفوس الناس، وهذا ما أمرنا الله بها كل بحسب إمكاناته وقدراته، وقد كانت الخيرية لهذه الأمة؛ لأنها أمة الدعوة إلي الله -تعالى-: قال -سبحانه-: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}، (آل عمران: 110)، وقال -تعالى-: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} (النحل: 125)، والأمر في الآية عام موجه للجنسين معا الرجال والنساء؛ لأن الله -تعالى- قد أبطل الدعاوى البشرية الجاهلية التى كانت تميز الرجال عن النساء فى التكاليف الشرعية، وتهدر آدميتها وشخصيتها. فدعوة المرأة -فضلا عن كونها من الناحية العلمية تأصيلية مقررة بالكتاب والسنة- كذلك هى من الناحية العملية واقع مشرف شهد به المخالفون قبل الموافقين، والحق ما شهدت به الأعداء، يقول (توماس أرنولد): «ومما يثير اهتمامنا ما نلاحظه من أن نشر الإسلام لم يكن عمل الرجال وحده بل لقد قام النساء المسلمات أيضا بنصيبهن في هذه المهمة الدينية» النساء شقائق الرجال نعم فالنساء شقائق الرجال، فإذا كان للرجال دور بارز فى حياة الأمة والمجتمع فللمرأة دور بارز أيضا في إصلاح المجتمع مع مراعاة فطرتها ووظيفتها التي خلقت من أجلها ولا يستطيع أحد أن يقوم بهذا الدور غيرها، فقد خصها الله -تعالى- بخطاب التكليف الدعوى: {يا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} (الأحزاب: 32)، قال ابن عباس - رضي الله عنه -: «وقلن قولا معروفا: الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر»، وقال -تعالى-: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ}. أهمية دور المرأة في الدعوة ويكمن أهمية دور المرأة في الدعوة إلى الله -تعالى- في الأسباب الآتية:
تنوع دور المرأة الدعوي وقد تنوعت وظيفة المرأة الدعوية في الإسلام وتعددت مجالاتها ومن ذلك ما يلي: (1) مساندة الزوج على تبليغ الدعوة وكان من أهمها مساندة الزوج على تبليغ الدعوة، ومن أعظم الأمثلة في ذلك ما فعلته أم المؤمنين خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- ومساندتها للنبي - صلى الله عليه وسلم - عند بدء الوحي، قالَتْ عائِشَةُ -رضي الله عنها-: (فَرَجَعَ إلى خَدِيجَةَ، يَرْجُفُ فُؤادُهُ، فَقالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُوهُ حتَّى ذَهَبَ عنْه الرَّوْعُ، فَقالَ: يا خَدِيجَةُ، ما لي؟ وأَخْبَرَهَا الخَبَرَ، وقالَ: قدْ خَشِيتُ علَى نَفْسِي، فَقالَتْ له: كَلَّا، أبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا؛ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ)، فضربت لنا النموذج الأمثل لما يجب أن تقوم به الزوجة تجاه زوجها الداعية من التشجيع والمساندة للثبات على مواصلة السير فى طريق تبليغ الدعوة. (2) تربية الأولاد تربية صحيحة كذلك من مجالات الدعوة الخاصة للمرأة في الاسلام تربية الأولاد تربية صحيحة وعدم إهمال دور الأم فى تكوين الأسرة المسلمة، التي هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع المسلم الصالح؛ لتقدم للمجتمع بذورا صالحة لمجتمعها ودينها، ومثلت أسرة بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - الأسرة الأولى في المجتمع المسلم، فخديجة -رضي الله عنها- أول من أسلمت وصدقت النبي - صلى الله عليه وسلم - وآزرته، وكان لها أعظم الأثر في إسلام بناتها الأربع، وكن بمثابة ركائز ثابتة في دعم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن ذلك أيضًا ما روي عن أم سليم بنت ملحان أم أنس بن مالك -رضي الله عنهما- حينما مات أبوه وخطبها أبو طلحة فقالت: لا أتزوج حتى يبلغ أنس، ويجلس فى المجالس فيقول جزى الله أمي عنى خيرًا لقد أحسنت ولايتي. مساهمات متعددة وتعددت مشاركة المرأة في الدعوة إلى الله -تعالى- بحسب احتياج الأمة وما تمر به من أزمات، فنجدها تارةً تجاهد بمالها كحال خديجة -رضي الله عنها-، وتارةً نجدها تخاطر بنفسها وتتحمل المشاق وتحفظ سر النبي - صلى الله عليه وسلم - وتساعده في الهجرة إلى المدينة، كحال أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها-، كما أننا وجدناها تسارع في تقديم البيعة للنبي - صلى الله عليه وسلم - كنسيبة بنت كعب، وأسماء بنت عمرو بن عدى، ثم تأتي مرحلة الجهاد وبذل الأرواح فى سبيل الله، فنجد المرأة المسلمة خير معين ومساند للرجال فى الجهاد والحث عليه وتقديم كل غال في سبيله، ثم الصبر والتجلد على من استشهد لهن فى المعارك واحتسابهن فى سبيل الله من زوج أو أب أو أخ أو ابن، ومن ذلك أنَّ أمَّ الرَّبيعِ بنتَ البراءِ وَهيَ أمُّ حارثةَ بنِ سُراقةَ أتتِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا نبيَّ اللَّهِ ألا تحدِّثني عن حارثةَ بنِ سراقةَ وَكانَ قُتلَ يومَ بدرٍ أصابَه سَهمٌ غرْبٌ فإن كانَ في الجنَّةِ صبرتُ وإن كانَ غيرَ ذلِك اجتَهدتُ عليهِ الثُكلَ قال - صلى الله عليه وسلم -: «يا أمَّ حارثةَ إنَّها جنانٌ وإنَّ ابنَك أصابَ الفردوسَ الأعلى». تراجم الخلفاء والعلماء وكم في تراجم الخلفاء والعلماء وغيرهم من ذكرٍ لنساء خيِّرات بارَّاتٍ، كن نعم العون لأزواجهن وأولادهن ومن أخذ الحديث عنهن في حفظ السنن، والتربية على خير منهاج، والإعانة على البر، كما كانت زوجة عمر بن عبدالعزيز وزبيدة زوجة الرشيد وأمثالهن، وهكذا أمهات الأئمة: ربيعة الرأي، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وأمثالهن كثير، وحسبنا ما ذاع بين أئمة الحديث أن (كريمة المروزية) -رحمها الله- أثبت من روى عن البخاري -رحمه الله- صحيحه، وأن نسختها من أصح النسخ إن لم تكن أصحها على الإطلاق. دور المرأة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم لقد كانت المرأة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - مقدرة لدورها الدعوي وأثره على كل من حولها، ولا تتوانى عن مهمتها دون كلل أو تعب، فحُقنت دماء المسلمين في صلح الحديبة برأي أم المؤمنين أم سلمة -رضي الله عنها-، وأسلم عكرمة ابن أبى جهل - رضي الله عنه - وحقن دمه بحسن تأثير زوجته أم حكيم بنت الحارث -رضي الله عنها- فكانت سببا في رجوعه وإسلامه بين يدي النبى - صلى الله عليه وسلم . أروع الأمثلة في الدعوة الى الله -تعالى ولا تزال المرأة المسلمة تضرب أروع الأمثلة فى الدعوة إلى الله -تعالى- بكل ما أوتيت من إمكانات وقدرات، واضعةً -نصب عينها- بيتها وزوجها وأبناءها؛ فهم ساحتها الأولى في الدعوة إلى الله بحسن الرعاية والتوجيه والتقويم الحكيم والقدوة الحسنة والوعظ الجميل، غير تاركة قضايا أمتها ومشكلاتها أو منعزلة عن واقعها، بل تضرب بسهم فى كل نواحي التغيير والإصلاح، متمسكة بحجابها ووقارها، متأدبة بآداب الشرع الحنيف في خروجها ومخالطتها لبني جنسها، صانعة أكبر الأثر فى إعلاء راية الدين وجعل نوره يسرى بين الأحياء ويغمر سائر الأرجاء. اعداد: أميرة عبدالقادر
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 02-05-2024 الساعة 06:33 AM. |
#4
|
||||
|
||||
رد: المرأة المسلمة.. مكانتها وحقوقها في الشريعة
المرأة المسلمة ومكانتها في الشريعة – 4 – المرأة المسلمة عماد صلاح الأسرة كان للإسلام السبق في تنظيم علاقة أفراد الأسرة بعضهم ببعض قبل المناهج الغربية الحديثة التي أنشئت نتيجة للتفكك الأسري والانحلال الأخلاقي والانحراف السلوكي لن يكون المنهج الإصلاحي ذا تأثير دون صلاح الأسرة في المقام الأول التي عمادها صلاح الزوجة ليس معنى القوامة الاستبداد والإجحاف والعدوان بل معناها أن تكون القيادة واحدة منظمة تغلفها المودة والرحمة والمشاورة والتعاون والمشاركة إن الأسرة المسلمة هي الركيزة الأولى في صلاح المجتمعات الإسلامية؛ ولذلك فإن هذه الأسرة مستهدفة اليوم استهدافا كبيرا؛ لأنها ما تزال في عدد من بلادنا العربية والإسلامية محتفظة بكثير من المعاني والقيم الإسلامية التي استطاع التغريبيون الوصول إليها واختراقها في كثير من الأماكن وكثير من المجالات، ومع ازدياد هذا الاستهداف كان لزاما على الدعوة الإسلامية الانتباه، وتوجيه مزيد من العناية بأهم ركن فى أركان الأسرة، والمكون الأكثر تأثيرا فيها وهي المرأة المسلمة، وإعدادها لتكون زوجة صالحة، يقع على عاتقها الجزء الأكبر والأهم في البناء النفسي والعقدي والفكري والسلوكي لتلك الاسرة. ووجود الأسرة من أهم ما يميز الشريعة الربانية، فمن نعمة الله على خلقه أن جعل من كل شيء زوجين اثنين، وانفرد هو -سبحانه- بالوحدانية، قال -تعالى-: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، فخلق الله -تعالى- الرجل والمرأة وجعل أحدهما مكملا للآخر، فى إطار شرعي ونظام اجتماعي ترابطي، يسمى الزواج، وهو أول خطوة لتكوين الأسرة، ونعمة المرأة المسلمة في ظل هذا الإطار الشرعي وهذه العلاقة السامية بمكانة عظيمة حفظا لحقوقها واعترافا بدورها في ظل تكاليف شرعية كلف بها الرجل نحوها حماية لها ولمكانتها زوجة وأما وأختا وابنة. المكانة العظيمة وعلت المرأة المسلمة بهذه المكانة العظيمة علوا كبيرا على غير المسلمات اللاتي ضاعت حقوقهن وانتهكت كرامتهن، فالتشريع الرباني تشريع من حكيم حميد؛ فالله -عز وجل بجلاله وكبريائه- هو الذي شرع للنساء حقوقهن، وفرض عليهن واجباتهن فى مجال الأسرة وبيت الزوجية ونحو مجتمعها وأمتها، فلا الرجال يملكون الرجوع عنها، ولا النساء لهن الخيرة. العلاقات الأسرية في الاسلام ولقد اكتسبت العلاقات الأسرية أهمية كبيرة فى الإسلام؛ فهى نواة المجتمع، وهي الحاضن الأول في التربية، وهي الأساس المتين القويم واللبنة الأولى في تكوين المجتمعات، وتقع عليها مسؤولية بناء الإنسان وتربية الأجيال الصاعدة وبناة المستقبل، ولقد كان للإسلام السبق في تنظيم علاقة أفراد الاسرة بعضهم ببعض قبل المناهج الغربية الحديثة التي أُنشئت نتيجة للتفكك الأسرى والانحلال الأخلاقي والانحراف السلوكي، وهي مناهج تعج بالأخطاء البشرية والمغالطات والمتناقضات. دعائم بناء الأسرة وأقام الإسلام بناء الأسرة على دعائم ثابتة وأسس متينة، ورغب فى الزواج وجعله سنة، به تستقيم حياة الإنسان، وتلبي احتياجاته فى إطار شرعي ومجتمعي سليم، وحذر من العزوف عن سنته، والحث على الزواج بغرض اجتماعي وشرعي عظيم، وجعله من الضروريات الخمس التى جاءت الأديان لتحقيقها وحفظ النسل، قال -تعالى-: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (النور 32) وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ؛ فإنَّه له وِجَاءٌ». الوصول إلى زواج ناجح وأسرة مستقرة ومن أجل الوصول إلى زواج ناجح وأسرة مستقرة، وضع الشرع الحكيم حقوقا وواجبات بين الزوجين بالتزامهما تستقيم الحياة بينهما: أولا: حقوق مشتركة بين الزوجينومنها: حق الاستمتاع، وهو حق مشترك لكلا الزوجين قال -تعالى-: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} (البقرة 187)، فكل واحد منهما ستر لصاحبه كما يستر اللباس البدن. ومنها حسن العشرة، فعلى كل من الزوجين ان يحسن معاشرة الآخر، ويعامله بالبر والمعروف، قال -تعالى- {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (البقرة: 228)، وقال -تعالى- {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (النساء: 19)، وكان من جميل عشرته - صلى الله عليه وسلم - لزوجاته أنه كان دائم البشر يداعب أهله ويتلطف معهم ويوسع عليهم في النفقة ويضاحك نساءه، ومن حسن العشرة تزين كل منهما لصاحبه سواء فى الهيئات أم تزيين الأفعال، ومنها التجاوز عن الهفوات والأخطاء والتماس الأعذار وقبول التسويغ والمسارعة في الاعتذار. ومنها التعاون على طاعة الله، والنصح باللين، والرفق والتذكير بالله؛ فهي من الغايات الأساسية في الزواج، قال - صلى الله عليه وسلم - رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امراته فصلت، فإن أبت نضح فى وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء. ومنها الكلمة الطبية، والبسمة المشرقة، واللمسة الحانية، والمعاملة الودودة، التى تطيب بها النفس ويذهب بها الهم، وتسعد بها الحياة. ومن الحقوق المشتركة أيضا حق التوريث؛ فإذا تم بين الزوجين عقد الزواج الصحيح ثبت لكل من الزوجين الحق في أن يرث الآخر إذا مات. ثانيا: حقوق الزوج على زوجته للزوج حقوق على زوجته كفلها الشرع وأكدها، ويجب على المرأة ان تؤديها حتى تنال رضا الله، وتحقق الاستقرار لأسرتها، ومنها: حق القوامة ووجوب طاعته فى غير معصية الله؛ فقد جعل الله الرجل قيما على المرأة حفاظا لها وصيانة لطبيعتها الفطرية، يقوم بشؤونها، ويتولى مسؤولية الإنفاق عليها ورعايتها، قال -تعالى-: {الرجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (النساء:9)، وليس معنى القوامة الاستبداد والإجحاف والعدوان، بل معناها أن تكون القيادة واحدة منظمة تغلفها المودة والرحمة والمشاورة والتعاون والمشاركة، وهذا الحق مناسب لطبيعة الرجال الفطرية وهى حفظ لحقوق المرأة وصيانة لكرامتها، وتفريغا لها للقيام بدورها الأسرى على أكمل وجه. القرار في البيت ومن حقوق الزوج على زوجته القرار فى البيت، فلا تخرج إلا بإذنه، قال -تعالى- {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}، والوقر معناه السكينة والوقار وعدم إظهار الزينة، فلا تكون المرأة كثيرة الخروج والدخول بلا حاجة أو هدف؛ لأن هذا يؤثر على مهمتها الأولى، وهي تربية الأبناء والعناية بهم وطول مصاحبتهم ومراقبتهم وتدبير شؤون بيتها واحتياجات زوجها، وعلى الزوج ألا يتعسف فى استعمال هذا الحق فيمنعها من رؤية أهلها وأرحامها أو طلب العلم أو التداوي، أو التنزه المباح المنضبط، أو العمل والكسب إذا اقتضى الأمر ذلك وفقا للضوابط الشرعية. حق التقويم والتأديب من حقوق الزوج على زوجته أن يُقوِّم سلوكها؛ فالمراأة كثيرا ما يعتريها تغير المزاج أو الانفعالات والاندفاعات الخطأ، أو التأثر بأصدقاء السوء أو بعض الأفكار الهدامة للأسرة؛ نتيجة لتغليب عاطفتها فى معظم الأمور. فعلى الزوج القيام بإصلاح ما اعوج فيها بالموعظة الحسنة والنصح والمعاهدة الإيمانية والقلبية لها وتقويم ما اعوج من أفكارها وسلوكها، مستخدما في ذلك أدواته التي مكنه الله منها، قال -تعالى-: {فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} (النساء: 34)، ووضع الإسلام لهذه الوسائل الثلاث ضوابط وكيفيات يجب مراعاتها حتى لا تأتى بنتائج عكس ما وضعت له. حقوق الزوجة على زوجها وللزوجة على زوجها حقوق منها: حقوق مادية وحقوق نفسية معنوية، ومن الحقوق المادية: المهر والنفقة والكسوة والسكن، ومن الحقوق المعنوية النفسية: إعفاف الزوجة، والعدل بين الزوجات. الأساس الأول للمجتمعات وخلاصة القول: إن الأسرة هى المنشأ الأول والأساس الذي تقوم عليه المجتمعات، وهى نظام متماسك مبني على أسس صادقة متينة، ولن يكون المنهج الإصلاحي ذا تأثير دون صلاح الأسرة في المقام الأول، وعمادها صلاح الزوجة، ولقد كانت أسرة النبي الأولى المتمثلة في أم المؤمنين خديجه بنت خويلد ودعمها للنبي صلى الله عليه وسلم - وإيمانها به وتصديقها له، والتضحية من أجل دعوته، ومعها بناتها الأربع خير مثال لأسرة انطلقت منها دعوة الإصلاح، حتى دخل الناس فى دين الله أفواجا، وانتشر الإسلام في الأمصار. اعداد: أميرة عبدالقادر
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 08-05-2024 الساعة 08:31 AM. |
#5
|
||||
|
||||
رد: المرأة المسلمة.. مكانتها وحقوقها في الشريعة
المرأة المسلمة ومكانتها في الشريعة 5 – دور الأم في تربية الأبناء وتنشئتهم
ذكرنا في المقال السابق أنَّ الإسلام أولى الأسرة عناية فائقة، ومنحها اهتمامًا بالغا يلائم دورها الخطير ومسؤوليتها العظيمة في المجتمع، ووضع لها ضوابط تكفل تحقيق الهدوء والاستقرار، وتجعلها أداة من أدوات البناء الاجتماعي، لا معولًا من معاول الهدم كما يريد الأعداء. ولقد كرم الإسلام المرأة وأنصفها وأعطاها حقوقها كاملة، زوجة كانت أو بنتًا أو أما؛ لكونها شريكة في المجتمع، وأفسح لها المجال لتسهم -بدورها- في حركة المجتمع وبنائه من خلال الأسرة، فأناط بها مسؤولية رعاية البيت وتدبير شؤونه وتنشئة الأبناء وتربيتهم تربية صالحة؛ فالأب والأم هما أول من يستقبل الطفل ويتعهدانه بالرعاية الجسدية والنفسية والدينية والأخلاقية، ودورهما في ذلك عظيم الخطب شديد الأهمية؛ حيث إن الطفل في مراحل نموه الأولى يسهل تدريبه والتأثير عليه، فيقوم الوالدان بتهذيب غرائزه واكتشاف ميوله وتوجيهه الوجهة الصحيحة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه». دور الأم في تربية الأبناء ويشهد الواقع الملموس، وتؤكد حقائق التاريخ والبحوث العلمية، أن دور الأم في تربية الأبناء وتنشئتهم يفوق دور الأب، وهذا ما ذهب إليه علماء النفس والتربية حتى غير المسلمين منهم، يقول (جورج هربرت): «إن أما صالحة خير من مائة معلم؛ فالأم في البيت دليل للقلب والعين والتشبه بها دائم»، وكما قال حافظ إبراهيم: الأم مـــدرســـة إذا أعــددتــهــا أعـددت شـعبًا طـيّب الأعـراق ودور الأم في التربية دور مستمر لا يتوقف على مرحلة بعينها، فيبدأ من الميلاد ثم إلى الشباب، ثم إلى ما شاء الله، ونرى أثر ذلك واضحًا في نماذج كثيرة من حياة الصحابة -رضوان الله عليهم-؛ فهذه أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- توجه ابنها عبدالله بن الزبير في حصار الحجاج بمكة؛ حيث قالت له: «إن كنت على حق وتدعو إلى حق، فاصبر عليه، فقد قتل أصحابك عليه، وإن كنت أردت الدنيا، فلبئس العبد أنت، أهلكت نفسك، وأهلكت من معك، كم خلودك في الدنيا؟ القتل أحسن، والله لضربة سيف في عز، خير من ضربة سوط في مذلة»، فزادته كلمتها ثباتًا وإصرارًا وصلابة في الحق. أسباب أهمية دور الأم في التربية وهناك أسباب عدة جعلت للأم الدور المحوري في تربية الأبناء، منها: 1- ملازمة الطفل لها أكثر من الأب لانشغاله بالعمل. 2- شدة حنو الأم على ولدها؛ فهي أشد التصاقًا به، وهو أشد ميلاً لها، ولتوجيهاتها أكثر استجابة. 3- ما جبلت عليه المرأة من الصبر الشديد في خدمة الطفل والسهر عليه وتلبية احتياجاته. وإذا كان دور الأم بهذه المكانة العالية، فإن الواجب عليها أن تتبع القواعد الصحيحة في التربية، فتضبط حركتها وسكونها وأقوالها وأفعالها ما استطاعت؛ فهو مؤثر في الطفل حتمًا ولاسيما مرحلة الطفولة. منهج التربية الإسلامية إن منهج التربية الإسلامية منهج يتميز بالشمول والتكامل فهو يعمل على بناء الشخصية المسلمة بناء صحيحًا، مراعيًا حاجات الإنسان المختلفة ومراحل نموه واستعداداته وميوله وقدراته؛ لكي تنضج الشخصية المسلمة، فتصبح شخصية متكاملة لا يشوبها خلل أو نقص أو اضطراب، إلا ما يعتريها من القصور الفطري الطبيعي للإنسان؛ لذلك على الأم أن تنطلق في تربية أبنائها من أصول هذا المنهج، وتعمل على تحقيقها واقعًا عمليا معهم، ومن ذلك ما يلي: أولاً: العناية بالجانب الإيمانى وذلك بتعليمهم أصول الإيمان وأركان الإسلام ومبادئ الشريعة والحلال والحرام، وتعليمهم فروض الدين وآدابه وتربيتهم على حب الله والرسول وتلاوة القرآن وفهم معانيه ومعايشة سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسير السلف الصالح. ثانياً: العناية بالتربية الخلقية فالجانب الأخلاقي من أهم الجوانب التربوية التي يجب على الأم تأسيسها في نفوس أبنائها، والمراد بالتربية الخلقية: مجموعة المبادئ الخلقية والفضائل السلوكية والوجدانية التي يجب أن يتلقاها الطفل ويكتسبها ويعتاد عليها منذ تمييزه حتى يصبح مكلفاً، ويخوض خضم الحياة، وكذلك تحصين أبنائها من الرذائل والآفات مثل الكذب والسرقة والسب والشتم والميوعة والانحلال. ثالثاً: تعويد الأبناء على حب من حولهم وذلك من خلال غرس قيم البر والصلة والإحسان وتعليمهم ما أمر الله به من بر الوالدين وحسن صحبتهم وآداب التعامل معهم، «جاء رجلٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: من أحق الناس بحسن صُحْبَتِي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: ثم أمك. قال: ثم من؟ قال: ثم أمك. قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك». فهذا جانبٌ مهمٌ يجب أن تعيره الأم اهتمامها وعنايتها في تربية أبنائها، ودورها هنا أخطر من دور الأب؛ فالأم هي عنوان الحب ومصدر المودة والرحمة والإشفاق؛ لذا وجب عليها أن تسمع أبناءها الكلمات المعبرة عن الحب والقرب، وتحيطهم بالعطف والحنان، وتستجيب ما استطاعت لحاجتهم النفسية والوجدانية والعاطفية. رابعاً: العناية بالتربية الجسمية للأبناء حرص الإسلام حرصاً بالغاً على تنشئة الأبناء تنشئة صحية وجسمية ممتازة؛ فيتحقق لهم قوة الجسم وسلامة البدن من الآفات والأمراض، قال -صلى الله عليه وسلم -: «المسلم القوي خيرٌ وأحب الله من المسلم الضعيف»، ولقد عدّ الإسلام ذلك جانباً مهما من الجوانب التربوية لتحقيق التكامل والتوازن المطلوب في بناء الشخصية السوية. خامساً: تنمية الجانب العقلي عند الأبناء ويراد بها: تكوين فكر الأبناء على كل ما هو نافع من العلوم الشرعية والدنيوية المفيدة للمجتمع، ويجب أن تحرص الأم على أن تكون التربية العقلية والفكرية لأبنائها وفقاً للمنهج الإسلامي، فلا تصادم أصلاً من أصول الشريعة، ولا تخرق مبدأً من مبادئ الإسلام، فلا تعارض بين الشرع والعقل؛ فيجب على الأم أن تغرس في الأبناء أهمية طلب العلم والحث عليه ومكانة العلم والعلماء في الإسلام، قال -صلى الله عليه وسلم -: «من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة»، وقال - صلى الله عليه وسلم - «فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب». التوعية الإيمانية والفكرية وكذلك عليها الاهتمام بالتربية الإيمانية والفكرية لأبنائها، ويكون ذلك بالاتصال الدائم بالقرآن والسنّة بفهم سلف الأمة، ومعرفة التاريخ الإسلامي معرفة صحيحة من العلماء الثقات، ومعرفة المراحل التي مر بها الإسلام حتى يومنا هذا، وما تعرض له المسلمون -عبر العصور- من المحن والشدائد حتى يحموا دينهم وعقيدتهم، وتعليمهم أن الإسلام هو الدين الخالد المصلح لكل زمان ومكان، وأن الإسلام هو الطريق الوحيد لبلوغ المجد والعزة وتحقيق سعادة الدارين. التوعية بمخططات الأعداء وكذلك من دور الأم في التوعية العقلية والفكرية توعية الأبناء بمخططات الأعداء قديماً وحديثاً، وما يدبرونه للإسلام والمسلمين، وتعميق قضايا الأمة في نفوسهم، وكيف أن الأعداء يبثون بذور الإلحاد في الجيل المسلم لمحو العقيدة الإسلامية من الأرض، وتوعيتهم بواجبهم تجاه صد هذه المخططات. سادسًا: التربية على حسن الخلق من خلال تعليم الأبناء حسن معاشرة أعضاء المجتمع وأفراده والاندماج المتوازن المنضبط معهم، فتنصح أبناءها في مراحل نموهم وأطوار نضجهم المختلفة أن يحرصوا على حسن الاتصال بأفراد المجتمع وتقديم الخير لهم، والسعي في قضاء حوائجهم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خيرُ الناسِ أنفعُهم للناسِ»، وكذلك تحمل المسؤولية المجتمعية من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكف الأذى وحفظ اللسان واليد من البغي والعدوان والبطش والاستهزاء والسخرية؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: «المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ»، وتعليمهم حسن الأخلاق وكريم الخصال الاجتماعية التي تجب عليهم تجاه أفراد المجتمع من احترام الكبير والعطف على الصغير؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: «ليس منا من لم يرحمْ صغيرَنا، ويُوَقِّرْ كبيرَنا»، وتوجيه طاقاتهم إلى ما ينفع دينهم ومجتمعهم وأمتهم. اعداد: أميرة عبدالقادر
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 08-05-2024 الساعة 08:34 AM. |
#6
|
||||
|
||||
رد: المرأة المسلمة.. مكانتها وحقوقها في الشريعة
المرأة المسلمة ومكانتها في الشريعة – 6 – اهتمام الإسلام بالجانب الشعوري للمرأة
عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «استوصوا بالنساء؛ فإن المرأة خُلِقَتْ من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء»، وقد أظهرت الكثير من الدراسات الحديثة اهتمام الإسلام البالغ بالجانب الشعوري لدى الإنسان عموما ولدى المرأة خصوصا، وأن مراعاة هذا الجانب له آثار كثيرة ليس فقط على المرأة بل على الحياة الأسرية والاجتماعية عموما. والدارس للشريعة الإسلامية بمختلف جوانبها يلمس هذا الاهتمام بالجانب الشعوري والعاطفي والتعامل مع الأحاسيس البشرية عموما وما يخص المرأة خصوصا؛ فطبيعة المرأة مختلفة عن طبيعة الرجل رغم أنهما خلقا من نفس واحدة، فلكل منهما طبيعة مستقلة، لا مجال أن يكونا طبيعة واحدة متطابقة تمامًا، وعندما جهلت المناهج الغربية هذه الحقيقة ضلت طريقها، وظلمت المرأة كما ظلمت الرجل على السواء من خلال التشريعات التي سنتها في حق المرأة وحق الرجل دون مراعاة للفرق بين الطبيعتين في كثير من الجوانب. فروق بين الرجل والمرأة وهناك فروق بين الرجل والمرأة من الناحية الجسمية والنفسية، فالرجل يميل إلى الأعمال الخشنة والحركية والأعمال الثقيلة والمبارزة والقتال والقيادة والتنافس، والمرأة تميل إلى السلم والهدوء والمؤانسة والتعاون، وهي أسرع تأثرًا من مشاعر الرجل، والرجل أبطأ تأثرًا، وهي أكثر اهتمامًا بالزينة والجمال ومشاعر الأمومة منذ طفولتها، وهي أرق قلبًا من الرجل وأسرع في البكاء. اهتمام الإسلام بالجانب العاطفي للمرأة ومن هنا أدرك الإسلام هذا الفرق بين الطبيعتين من الناحية النفسية، فوجدناه مراعيًا لمشاعر المرأة في نواح كثيرة تظهر بوضوح كيف اهتم الإسلام بالجانب الشعوري والعاطفي للمرأة سواء في التكليفات والواجبات أم في مراحل حياتها من أم أو أخت أو ابنة أو حتى خادمة، وفي هذا أبلغ رد على من يدعي همجية الدين وتشدده وإغفاله للجانب النفسي ويطالب بسن القوانين الحافظة لحق المرأة المعنوي، ولو تأمل آيات القرآن وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - لوجد أرقى مراعاة للمرأة على مختلف العصور. الاهتمام بمشاعر المرأة أمًّا جعل الإسلام مكانة الأم عالية، وحث على برها وملاطفتها وأداء حقها، ووصى بها وبحقها، قال -تعالى-: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا، حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كَرْهًا وَوَضَعَتْهُ كَرْهًا} (الأحقاف: 15)، ولم يغفل الإسلام هذه المشاعر حتى في حالة الشقاق والخلاف والتمزق الأسري؛ فقد حفظ للأم حقها في الحضانة، ورعاية لمشاعرها تجاه أبنائها، فقد ورد أن امرأة قالت: «يا رسول الله، إن ابني هذا كان بطني له وعاء وثديي له سقاء وحجري له حواء، وإن أباه طلقني، فأراد أن ينزعه مني»، فقال رسول الله -[-: «أنت أحق به ما لم تنكحي». ولم يغفل الدين مشاعر الأمومة في نفس الأم حتى في أقدس وأعظم الحالات وهي حالة القيام بين يدي الله -سبحانه- في أثناء العبادة، فعن أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إني لأدخل في الصلاة، وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي؛ مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه»، وبهذه الرواية يكون الإسلام بلغ النهاية في مراعاة مشاعر المرأة واحترام أمومتها وعواطفها. الاهتمام بمشاعر المرأة زوجة جعل الإسلام أساس الزواج الناجح الذي يقوم على المودة والرحمة والسكن بين الزوجين، قال -تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21)، فأساس بناء الأسرة المتينة على أساس المشاعر النبيلة والمودة والمحبة. فإذا جفت المشاعر ونضبت تحولت العلاقة إلى جفاء لا يطاق، ويؤدي إلى انهيار للأسرة بالكلية. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خيرُكُم خَيرُكُم لأَهْلِهِ وأَنا خيرُكُم لأَهْلي»، فجعل إكرام الزوجة من مكارم الأخلاق ومظاهر الخيرية والقوامة، ومنها مراعاة مشاعرها في اختيار زوجها واستئذانها في ذلك، ومنها مراعاة مشاعرها في حقها للنظر للخاطب، فيحدد كل واحد منهما رغبته بالآخر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمُغِيرةِ بن شعبة: «انظر إليها فإنه أحرى أن يُؤَدِّمَ بينكما»، أي أن هذا النظر يدعو لدوام المحبة والألفة بينكما فيما يستقبل. التعامل مع المرأة بحسب طبيعتها وكان من مراعاته - صلى الله عليه وسلم - لمشاعر الزوجة التعامل معها بطريقة توافق طبيعتها وتلائم فطرتها التي جُبِلَتْ عليها، فكان يوصي بحقها ويؤكده، قال - صلى الله عليه وسلم -: «وإن لزوجك عليك حقًا»، ويحترم رأيها ويستمع لها سواء أخذ به أو عدل عنه، فإذا كان صائبًا أخذ به كما حدث في صلح الحديبية وأخذه برأي أم سلمة -رضي الله عنها-، أو عدل عنه كما حدث حين طلب نساؤه - صلى الله عليه وسلم - بتحسين وضعهن الاقتصادي، ونزل الوحي بالتوجيه والتخيير لهن، ومن ذلك أيضًا احترام مشاعرها ورغبتها في التملك والكسب الحلال وعدم السماح للزوج أن يتسلط على مال زوجته، قال -تعالى-: {للرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ}. احترام مشاعر المرأة بنتا لقد أنكر القرآن إنكارًا شديدًا على عادات الجاهلية في كره ولادة الأنثى، فضلا عن دفنها، وعدها عارًا ووبالًا على أبويها، وجعل ولادة الأنثى نعمة شأنها في ذلك شأن الذكر، وقد كانت قريش وصلت لأقصى درجات الجاهلية والحماقة في كراهية البنات حتى صار وأد البنات ودفنهن أحياء سنة جارية وعادة مقبولة في المجتمع الجاهلي، قال -تعالى-: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ} (التكوير:8)، وكان هذا الوأد تحت مسوغات وأسباب تافهة خوفًا من العار أو الفقر. وقد منع الإسلام هذه الجريمة واجتث جذورها إلى الأبد في إثراء مشاعر المرأة وإعادة الثقة في بشريتها وإنقاذ مشاعرها وكرامتها من التردي، بعد أن كانت تشعر في الجاهلية أنها ودواب الأرض سواء، فجاء رسول الله فرفع من شأنها ورد إليها كرامتها وقال: «ليسَ أحدٌ من أمتِي يعولُ ثلاثَ بناتٍ، أو ثلاثَ أخواتٍ، فيحسنُ إليهنَّ إلا كنَّ له سترًا منَ النارِ»، لتشعر البنت بالرعاية النبوية والحنان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويمتلئ قلبها راحة وطمأنينة بأن حقها محفوظ في هذا الدين المبارك، وأنها في أمان؛ فلا تخاف بخسًا ولا هضمًا، فتأمن من الإهانة بكلمة أو إساءة بلفظ، أو أن يؤثر والدها أخاها عليها. حياة النبي - صلى الله عليه وسلم ويستطيع الناظر في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدرك مشاعره وحنانه تجاه البنات حين يقرأ هذا الحديث، عن أبي قتادة قال: «خرج علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمامة بنت العاص على عاتقه، فصلى، فإذا ركع وضعها وإذا رفع رفعها»، وأما عن حبه لفاطمة -رضي الله عنها- فيكفي ما روته عائشة -رضي الله عنها-، قالت: «أقبلت فاطمة تمشى كأن مشيتها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي: مرحباً بابنتي»، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يطيق رؤية فاطمة حزينة، وقد قال» فاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فَمَنْ أَغْضَبَها أَغْضَبَنِي»، وحين دخلت عليه في مرض موته فبكت فهمس في أذنها وهون عليها بأنها أول أهل بيته لحوقًا به، فضحكت بعد بكائها، فهذه مشاعر أب يحترم ويصون مشاعر ابنته، ويحاول بكل كلمة طيبة أن يبدل حزنها فرحًا. اعداد: أميرة عبدالقادر
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 16-05-2024 الساعة 03:56 AM. |
#7
|
||||
|
||||
رد: المرأة المسلمة.. مكانتها وحقوقها في الشريعة
المرأة المسلمة ومكانتها في الشريعة 7 – اهتمام الإسلام بالجانب الشعوري للمرأة 2
ما زال حديثنا موصولا عن اهتمام الإسلام بالجانب الشعوري للمرأة، وذكرنا في الحلقة الماضية كيف اهتم الإسلام بهذا الجانب، وذكرنا الفروق بين الرجل والمرأة، وكيف اهتم الإسلام بمشاعر المرأة كونها أمًّا، وكيف اهتم بها كونها زوجة، وذكرنا توجيه النبي - صلى الله عليه وسلم - في التعامل مع المرأة بحسب طبيعتها وفطرتها، وكذلك اهتمام الإسلام بالمرأة كونها بنتًا، واليوم نتحدث عن مراعاة مشاعر المرأة في التشريع في الواجبات والتكاليف. أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى السماح للمرأة بشهود الصلوات والأعياد، قال رسول الله: «إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها»، ففي الحديث الإذن للمرأة بالخروج إلى المسجد، ولا تمنع من ذلك إذا خرجت منضبطة بالضوابط الشرعية، فلا تتزين ولا تتطيب وتلتزم بحجابها الشرعي، وفيه مراعاة مشاعرها في خروجها للمساجد، فقد تحتاج المرأة إلى زيارة المساجد للصلاة أو لحصول السكينة والطمأنينة أو طلب العلم أو الاجتماع مع الصالحات، فتقتدي بهن في فعل الخيرات وكذلك خروجها لصلاة العيد ولو كانت حائضًا، عن أم عطية قالت: «أمرنا أن نخرج الحيض يوم العيدين وذوات الخدور يشهدن جماعة المسلمين ودعوتهن». وفي الحديث من حصول ثمرة شهود صلاة العيد على نفس المرأة، فتشهد الفرحة، وتشارك فيها وتستمع للخطبة؛ فتتبصر بأمور دينها ودنياها وتعتزل الحائض المصلى، فهذا من حرصه - صلى الله عليه وسلم - على شهود المرأة بمختلف أحوالها الخير ودعوة المسلمين ومشاركتها أخواتها الفرحة والابتهاج في يوم العيد. مراعاة مشاعر المرأة في الواجبات والتكاليف ومن مراعاة مشاعر المرأة في التشريع في الواجبات والتكاليف: شهود فريضة الحج والعمرة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لامرأة من الأنصار: «ما منعك أن تحجين معنا؟» قالت: «كان لنا ناضح فركبه أبو فلان وابنه لزوجها وابنها وترك ناضحا ننضح عليه». فقال: «فإذا كان رمضان اعتمري فيه، فإن عمرة في رمضان حجة»، والناضح هو البعير. في الحديث تفقد النبي لأصحابه ولو كانت امرأة، والسؤال عنها وأثر ذلك على نفسها، فالنبي -برغم مشاغله- لم يغفل أن يتفقد حال المرأة، وسبب عدم مجيئها معهم لأداء فريضة الحج، وعندما بينت له السبب، أرشدها لما هو خير لها وهو أداء العمرة في رمضان؛ فإنها تعدل الحج في الفرض، ونحن نتأمل أثر هذا الاهتمام على نفس هذه المرأة وعظم هذا الجواب في تطييب خاطرها عما فاتها من مرافقته -عليه الصلاة والسلام- في الحج. مراعاة مشاعر المرأة في تخفيف العبادة الترخيص للحامل والمرضع في ترك الصيام، عن أنس بن مالك قال: «رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للحبلى التي تخاف على نفسها أن تفطر وللمرضع التي تخاف على ولدها»، فيه دقة مراعاة شعور المرأة في هذا التخفيف في لفظ خافت من قوله - صلى الله عليه وسلم -، فقد جعل الرخصة مبنية على خوف الأم على نفسها إن كانت حاملًا وعلى ولدها إن كانت مرضعة، فوجود الرخصة مبنى على مراعاة هذا الخوف حين وجوده. فالنبي - صلى الله عليه وسلم - حريص على صحة المرأة النفسية والجسدية، حتى وإن تعلق الأمر بأحد فرائض الدين لكنه يخفف مراعاة لنفس هذه المرأة وصحتها وتأميناً لها مما تخشاه. وكذلك في ترك الحائض والنفساء الصلاة والصيام تقديراً لما تمر به المرأة في هذه الأوقات من الآلام الجسدية وتغيرات نفسية، فالحيض والنفاس يضعف البدن؛ فلا تستطيع أن تؤدي هذه العبادات على الوجه المطلوب، وأمرها الله بقضاء الصيام دون الصلاة لما في ذلك من المشقة عليها؛ فإن هذا من تمام محاسن الشريعة وحكمتها ورعايتها لمصالح المكلفين. مراعاة طبيعتها وفطرتها وهذا غيض من فيض الأمثلة الكثيرة التي يحملها الشرع الحنيف في الاهتمام بالجانب الشعوري والعاطفي للمرأة، مراعاةً لطبيعتها وفطرتها والدور الذي خلقها الله لأجله. وقد امتلأت السنة بنماذج حرص النبي -[- على مراعاة مشاعر المرأة في المجتمع، في الشؤون العامة والخاصة، ليثبت الحق المعنوي للمرأة، وأنه لا يقل عن الحق المادي بل ربما يفوقه ويؤسس قاعدة مراعاة مشاعر المرأة في المجتمع في الأحوال كافة ومن جميع الناس. فكيف بعد كل هذه النماذج وغيرها في حسن التعامل وجميل المراعاة، من يتهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ببخس حق المرأة وتقليل مكانتها، وينادي بمساواتها مع الرجل، ويعقد في ذلك المؤتمرات والندوات مطالبًا بحقوقها؟ أين هو من هذا التعامل الراقي وهذه العزة منقطعة النظير وهذا التكريم واللطف في أدق الأمور مع نفس المرأة ومشاعرها؟ إننا لو اتخذنا هذه النماذج نبراساً لنا في مجتمعنا وسرنا على هذا النهج القويم في التعامل مع المرأة، فلن نجد سعادة نمنحها للمرأة أعظم مما منحها إياها رسول الله - صلى الله عليه وسلم . المرأة المسلمة مربية العلماء
اعداد: أميرة عبدالقادر
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 16-05-2024 الساعة 03:57 AM. |
#8
|
||||
|
||||
رد: المرأة المسلمة.. مكانتها وحقوقها في الشريعة
المرأة المسلمة ومكانتها في الشريعة – 8 - دور المرأة في دعوة الأنبياء والرسل
كان للمرأة في مسيرة الدعوة إلى الله في حياة الأنبياء والمرسلين دور بارز ومهم، فقد ساهمت في الكفاح الدعوي والفكري، وتحملت ألوانا من التعذيب والاضطهاد والتهجير والقتل وصنوف المعاناة والجبروت، وهي أمام هذا كله أعلنت رأيها بحرية وشجاعة، وانضمت لصفوف الدعاة إلى الله رغم ما أصابها من خسارة السلطة والجاه والمال، بل وأحيانا أغلى ما تملك وهم أبناؤها وفلذات أكبادها، وما لحق بها من المطاردة والقتل والتشريد والافتراءات. سارة زوجة إبراهيم -عليه السلام فحينما نقرأ قصة كفاح إبراهيم -عليه السلام- ضد قومه ومجادلته مع النمرود الذي نجا منه بمعجزة من الله -تعالى- بإنقاذه من النار؛ فهاجر إلى بلاد الشام وظهر دور زوجته سارة المؤمنة -رفيقة جهاده وصاحبته- في هجرته إلى الشام ثم إلى مصر ليعودا مرة أخرى إلى الشام فيستقرا هناك، ثم تبدأ مرحلة أخرى من مراحل الجهاد في الدعوة إلى الله، تسانده زوجته سارة، وتقف إلى جانبه في جهاده ومعاناته وهجرته. هجرة الأسرة المباركة ويحدثنا القرآن عن هجرة الأسرة المباركة ودور زوجته المباركة هاجر، ومشاركتها له هذه الرحلة الشاقة إلى واد غير ذي زرع عند البيت المحرم، وتركها وابنها وحيدين بلا أدنى مقومات للحياة، ويقينها بالله -تعالى- وصبرها وتحملها في مسيرة زوجها ليكون أبا لأعظم نبي في تاريخ الشرية محمد - صلى الله عليه وسلم - ويسجل القرآن تلك الأحداث بقوله -تعالى- {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ} (إبراهيم 37)، وما تبع ذلك الصبر واليقين والإيمان والعقيدة الراسخة من خير عظيم نتيجة لتحملها مع نبي الله إبراهيم في مسيرة دعوته إلى الله. أم موسى -عليه السلام ثم يحدثنا القرآن عن دور أم نبي الله موسى -عليه السلام- وتلقيها للوحي الإلهي الذي ألقي في نفسها لتحفظه من ظلم فرعون، وتكريم الله لها بإعادته لها ليصبح ابنها من أولي العزم من الرسل الذي حطم أعظم طاغوت في تاريخ البشرية، فيعرض القرآن قصة أم موسى ويقينها بالله في عودته إليها ملقية به في البحر، متيقنة بموعود الله لها بعودته رغم استحالة الأسباب وانعدامها وربط الله على قلبها، وكذلك دور أخته الذكي في تتبعها له آخذة بما لديها من أسباب لتكون بفعلها هذا ممسكة بأول خيوط الأمل في رجوع موسى -عليه السلام- إلى أحضان أمه. زوجة موسى -عليه السلام وكذلك دور زوجته المباركة التي تعلمنا منها الكثير، فتعلمنا حياء المرأة حين تخرج مضطرة للمزاحمة، وتأدبها بالآداب الشرعية؛ فخرجت مضطرة للسقيا والأب كبير لا يقوى على الخروج، وعلى الرغم من ذلك فقد ابتعدت هي وأختها عن مكان السقاة غير مزاحمتين للرجال ومتسترتين بالحجاب، وكذلك تعلمنا مشية المرأة في حياء فجمال المرأة في حيائها لا في ابتذالها وترخصها؛ فكان أن سخر الله لهما موسى -عليه السلام- ليقضي أمرهما بشهامة ورجولة دون مخالفة، فكان جزاء ذلك الحياء والأدب الجم الزواج المبارك من هذه الفتاة الذكية الحيية التي كان جُلّ همها هو النظر إلى أمانة موسى -عليه السلام- وقوته وما وجدته فيه من صفات الصلاح والتقوى، وكذلك صبرها وتحملها معه مشقة الهجرة بعد انقضاء العهد الذي بينه وبين أبيها تاركه موطنها وموطن عائلتها مطيعة لزوجها، متحملة معه رحلة لا يعلم عواقبها أو نتائجها من أجل الدعوة إلى الله. آسية امرأة فرعون ثم يحدثنا القرآ ن عن موقف آسية بنت مزاحم (امرأة فرعون) وما تحملته من ظلم واضطهاد وإرهاب، وجعلها القرآن نموذجا ومثلا أعلى للصبر والتضحية، في تحررها من رتق عبودية البشر وصدعها بالحق ومواجهتها لصناديد الكفر بإيمان ثابت ويقين راسخ، أمام أعتى طاغية في التاريخ، ولم تضعفها مكانتها السياسبة ووجاهتها وسلطانها ومكانتها من الوقوف والصدع بعقيدتها مضحية بتلك المكانة وواضعة الملك والسلطان تحت قدميها أمام رضا ربها؛ فتحملت صنوف العذاب والاضطهاد في سبيل دعوتها، فقد كانت تعيش في ظل مجد هذا الرجل وسؤدده، يحيط بها الخدم والحشم والحراس، ومع ما كانت فيه من البهرجة والزينة والدنيا إلا أنها غضت الطرف عن ذلك كله، واتجهت لربها بحواسها وآمنت به حق الإيمان؛ فاستحقت ما وصفها به رب العالمين بأنها مثل صالح باق للإيمان. مريم ابنة عمران -عليها السلام وكذلك ما ضربته مريم ابنة عمران من الصبر والثبات أمام أنواع المطاردة والافتراءات، ثابته واثقة ببشرى ربها لها ولابنها من أجل الحفاظ على دعوته وما اختصه الله به من النبوة والوقوف أمام بني إسرائيل وبطشهم؛ فكانت عونا وسندا لنبي الله عيسى -عليه السلام- الذي حمل الرسالة ودعا إلى الله حتى سميت سورة باسمها، وأصبحت من أفضل أربع نساء في الجنة، فعن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت لِفَاطِمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَلَا أُبَشِّرُكَ؟! إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «سَيِّدَاتُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَرْبَعٌ: مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَآسِيَةُ». دور عظيم والمتدبر في آيات الله التي ذكرها الله في سورة مريم وآل عمران يدرك دورها العظيم؛ فقصتها مليئة بالدروس والعبر ذات البعد الإنساني والعقدي، فتعلمنا منها -عليها السلام- أهمية نذر الطاعة لله -تعالى- وعدم اليأس من رحمة الله، وتعلمنا الصبر والعفة وتحمل المسؤولية، والسعي لرعاية ابنها الذي حمل الرسالة وواجهت معه قومها ومجتمعها؛ فكانت من خير نساء العالمين، وتعلمنا منها كيفية مواجهة الصدمات النفسية بالاستسلام لقضاء الله وقدره، وأهمية العزلة المؤقتة وقت الابتلاءات؛ لمناجاة الله والأنس به، والصبر بصدق مع الله عند المصيبة، والخروج من دائرة الأحزان قال -تعالى-: {فناداها من تحتها ألا تحزني}، وتذكر نعم الله -تعالى- التي لاتعد ولا تحصى، قال -تعالى-: ={قد جعل ربك تحتك سريا}، وتعلمنا المحافظة على القوة وعدم الاستسلام للضعف والأخذ بالأسباب، قال -تعالى-: {وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا}. الاستعانة بالله وتُعلمنا الاستعانة بالله في صمت وتفويض الأمر لله، والكثير من العظات والعبر نستلهمها من قصتها التي خلد الله ذكرها في كتابه وأعلى شأنها، وبيَّن براءتها؛ فقد اصطفاها الله بالتطهر لتقوم بأعظم مهمة وهي مهمة الأمومة في سياق المعجزة الإلهية، فكان لها الدور العظيم والأساسي في محور الأحداث المتعلقة بسيرة عائلتها وابنها ورسالته التوحيدية الخالصة ووقوفه أمام بني إسرائيل. نماذج أعلى للبشرية فيُعلي الله ذكرها هي وآسية امرأة فرعون ويجعلهما نموذجا أعلى للبشرية بقوله -تعالى- {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ}، آيتان عظيمتان تتحدثان عن شخصية المرأه بإجلال واحترام، وغاية في الجمال والرقي ليس بإمكان أي حضارة مادية أن تمنحها مثله. اعداد: أميرة عبدالقادر
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 30-05-2024 الساعة 06:38 PM. |
#9
|
||||
|
||||
رد: المرأة المسلمة.. مكانتها وحقوقها في الشريعة
المرأة المسلمة ومكانتها في الشريعة 9 – دور المرأة المسلمة في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم
ما زلنا في الحديث عن ذلك الدور المهم والمحوري الذي قامت به المرأة في حياة الأنبياء والرسل، ذلك الدور الذي تمثَّل في كثير من النواحي، فنجد المرأة أيا ما كانت وظيفتها، أما كانت أو زوجة أو أختا أو بنتا تساند وتدعم وتتحمل وتجاهد في سبيل نصرة تلك الدعوة المباركة، باذلة في ذلك جُلَّ ما تملك من أدوات مادية وعاطفية واجتماعية وتربوية، حتى أعطت ذلك النموذج الفريد في الدعم والمساندة والتحمل والصبر في سبيل قضيتها. وكما كان دورها في حياة أنبياء الله -تعالى- إبراهيم وموسى وعيسى وإسماعيل -عليهم السلام- نجد دورها بارزا جليا في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعوته، والدراس لتاريخ جهود المرأة في الدعوة إلى الله ووقوفها ودعمها لدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - يقف مندهشا مبهورا بها ولا سيما في مرحلة سرية الدعوة. دورها في مراحل الدعوة فلقد عاشت الدعوة المباركة مرحلتين: مرحلة سرية الدعوة، ومرحلة الجهر بالدعوة، وقد بدأت المرحلة السرية بعد نزول الوحي واستمرت ثلاث سنوات من البعثة، وفي هذه المرحلة كانت للمرأة المسلمة دور مهم وكبير في تبليغ الدعوة ونشرها وحمايتها والدفاع عنها ودعم النبي - صلى الله عليه وسلم - ومساندته، مثلها في ذلك مثل الرجال الذين دخلوا الإسلام في هذه المرحلة السرية، بل وصل عدد المسلمات في ذلك الوقت ربع المجتمع المسلم؛ لأن غالبية الرجال الذين دخلوا في الإسلام في ذلك الوقت دخلت معهم نساؤهم. الاستجابة لنداء الله وسجلت المرأة في هذه المرحلة حضورًا قويا في الاستجابة لنداء الله وللتمسك بمبادئ الدعوة الإسلامية وتحملت في هذه المرحلة كما هائلاً من صنوف الاضطهاد والتعذيب من أجل دينها وعقيدتها مقدمة في ذلك أروع المثل للمرأة المسلمة في هذا التوقيت المبكر من الإسلام. النماذج المشرفة وتأتى في طليعة هذه النماذج المشرفة الزوجة المباركة، أول من آمن برسول الله على الإطلاق وهي (خديجة بنت خويلد) -رضي الله عنها- التي وقفت إلى جوار زوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - داعمة ومثبتة لقلبه متحدية معه صناديد قريش وكبرائها؛ فلقد جسدت هذا الدور العقدي الفريد وهي السيدة المرموقة في المجتمع صاحبة المال والثروة والتجارة والرأي والنسب. دورها في بداية نزول الوحي وقد ظهر دورها واضحًا جليًا منذ بداية نزول الوحي على رسول الله عندما عاد إليها قائلا: زملوني زملوني، فقامت على الفور فزملته والتزمته حتى هدأ - صلى الله عليه وسلم - من فزعه وصبت عليه الماء البارد، وعندما سألته عما كان من شأنه بعد أن قوي وتماسك وقص عليها ما كان من شأن جبريل -عليه السلام-، إذا بها تقول كلماتها الشهيرة الخالدة ضاربة في ذلك أروع المثل في الدعم والمساندة والطمأنة والاحتواء النفسي: «أبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا؛ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ»، ثم انطلقت معه إلى ابن عمها ورقة بن نوفل فأخبره النبي بالخبر فقال له ورقة: هذا الناموس الذى أنزل الله على موسى -عليه السلام. دور مهم في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم فلقد كان لخديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- دور مهم في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الوقت العصيب لمكانتها في المجتمع القرشي، وكان إيمانها -رضى الله عنها- برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أول أسباب التخفيف عنه - صلى الله عليه وسلم - مما عاناه بعد ذلك من صنوف الأذى من المشركين وتكذيبهم له؛ فكانت بإيمانها به درعا نفسيا واقيا له - صلى الله عليه وسلم . بذلت أموالها لنصرة دعوته ولم تكتف بهذه المؤازرة النفسية المعنوية بل بذلت أموالها لنصرة دعوته، ولاقت معه صنوف الاضهاد والأذى على مدار عشر سنوات من حياتها جنبا إلى جنب؛ فدخلت معه الشعب، وتحملت معاناة الحصار الذي دام ثلاث سنوات وهي من هي في قومها؟ صاحبة المال والنسب؛ فلم تبق في دارها وهي المترفة المنعمة، ولو أرادات ان تنأى بنفسها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه -رضوان الله عليهم- لفعلت؛ لما لها في قومها من مكانة ومنعة، ولكنها فضلت أن تلحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - راضية معه بالمصير. أثر كبير في قومها وعشيرتها ولم يقف سنها حجر عثرة في طريقها؛ فقد كانت تقارب الثالثة والستين من عمرها وقد كان لموقفها أثر كبير في قومها وعشيرتها، فكيف يرضون بأن تجوع خديجة وتحرم وهي التي كانت تغدق عليهم من وجوه البر والخير فاندفع بعضهم يحمل الطعام سرا، كما فعل حكيم بن حزام وهي عمته -رضى الله عنها- وقد سمي العام الذي ماتت فيه -رضى الله عنها- بعام الحزن؛ لما لاقه النبي من شدة وألم بعد موتها وفقده لأقوى داعم له في دعوته. وبرغم أنه - صلى الله عليه وسلم - تزوج بعدها بعدد من أمهات المؤمنين، إلا أنه كان لا يرى في أحد منهن عوضا له عنها؛ فقال -صلى الله عليه وسلم -: «ما أبدَلَني اللهُ -عزَّوجلَّ- خَيرًا منها، قد آمَنَتْ بي إذ كفَرَ بي الناسُ، وصدَّقَتْني إذ كذَّبَني الناسُ، وواسَتْني بمالِها إذ حرَمَني الناسُ، ورزَقَني اللهُ عزَّ وجلَّ ولَدَها إذ حرَمَني أولادَ النِّساءِ»، فالعالم الإسلامي أجمع إلى يومنا هذا وإلى أن تقوم الساعة مدين لها بالجميل، وقد استحقت ان تكون أكمل النساء وسيدة نساء أهل الجنة قال -صلى الله عليه وسلم -: «أفضَلُ نِساءِ أهْلِ الجنَّةِ خديجةُ وفاطمةُ ومَريَمُ وآسِيةُ». أم الفضل بنت الحارث -رضي الله عنها ومن أروع النماذج أيضا التي قدمتها المرأة المسلمة في مرحلة سرية الدعوة: أم الفضل بنت الحارث، وتسمى لبابة الكبرى بنت الحارث زوجة العباس بن عبدالمطلب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهى أول امرأة أسلمت في مكة بعد السيدة خديجة -رضي الله عنها-، وكان ابنها عبدالله يقول: «آمنت أنا وأمي من المستضعفين من النساء والولدان»، وكانت -رضى الله عنها- شجاعة لا تخشى في الله لومة لائم. الثبات والصبر والإيمان وبهذا الثبات والتحمل في سبيل الدعوة والتحلي بالصبر والإيمان أمام هذا الكم الهائل من الاضطهاد والتنكيل بأبشع الأساليب وأحقرها، تبوأت المرأة المسلمة مكانتها لا بالشعارات الزائفة ولا الدعوات المسمومة ولا التحرر الأخلاقي والحريات المزعومة؛ فنالت حريتها الحقيقة من رق عبودية الشهوات والمنكرات إلى الترقي في مدارج العبودية لله -تعالى. اعداد: أميرة عبدالقادر
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
رد: المرأة المسلمة.. مكانتها وحقوقها في الشريعة
المرأة المسلمة ومكانتها في الشريعة (10) – نماذج مشرفة للمرأة المسلمة ودورها في نشر الدعوة
ما زال حديثنا مستمرا عن دور المرأة في دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث ذكرنا أنَّ المرأة سجلت حضورًا قويا في الاستجابة لنداء الله وللتمسك بمبادى الدعوة الإسلامية، وتحملت كمًّا هائلا من صنوف الاضطهاد والتعذيب من أجل دينها وعقيدتها، مقدمة في ذلك أروع الأمثلة المشرفة للمرأة المسلمة في هذا التوقيت المبكر من الإسلام، ثم ذكرنا نماذج من هذه النماذج المباركة للنساء المسلمات في نشر الرسالة المحمدية، ونستكمل في هذه الحلقة استعراض هذه النماذج. سمية بنت الخياط -رضي الله عنها ومن أمثلة النساء المجاهدات الصامدات سمية بنت الخياط -رضي الله عنها- وهى من السابقين للإسلام هى زوجها ياسر وولدها عمار -رضي الله عنهم جميعًا- بل كانت سابعة سبعة في الإسلام، وتحملت الكثير من العذاب والاذى في سبيل الله، برغم كبر سنها وضعفها؛ فكانت تضرب وتسب وتلقى في الصحراء المحرقة لتأكل جسدها الضعيف النحيف ولإرغامها على الكفر وترك الإسلام، وهي تأبى ذلك أشد الإباء وكان رسول الله يمر بها وهى تعذب وزوجها وابنها في صحراء مكة قائلا لهم: «صبرا يا آل ياسرَ، صبرا يا آل ياسرَ؛ فإن موعدكُم الجنةُ»، حتى جاء أبو جهل إليها ذات يوم وهى مربوطة بين بعيرين فضربها بحربته في قبلها فماتت؛ فكانت أول شهيدة في الإسلام. أم عبيس جارية بنى تميم -رضي الله عنها وهذه أم عبيس جارية بنى تميم -رضي الله عنها-، كانت زوجة لكريز بن ربيعة - رضي الله عنه -، وكانت من السابقات للإسلام، لم يتركها المشركون بعد أن عرفوا أنها آمنت؛ فكان الأسود بن عبد يغوث يعذبها لتكفر بالنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ودينه، وظل حالها هكذا تعذب وتؤذى وتضهد برغم أنها جارية لن تمثل خطرًا على قريش وكبرائها، ولكن أئمة الكفر يعرفون جيدًا معنى الثبات على الحق ولا سيما حينما يكون هذا الثبات من امرأة ضعيفة، تتحمل كل صنوف الأذى مؤثرة دعوتها ودينها على كل شيء، حتى مر بها أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - فرآها تعذب فاشتراها وأعتقها. زنيرة الرومية -رضي الله عنها وهذه زنيرة الرومية -رضي الله عنها- كانت من السابقات للإسلام، وكانت مولاة لرجل من بنى مخزوم، فلما علم أبو جهل بإسلامها أخذ يعذبها حتى تكفر، ولكنها رفضت وظلت ثابتة على دينها حتى أصيبت بالعمى فقال المشركون: أعمتها اللات والعزى لكفرها بهما؛ فردت في ثبات وصمود: كذبوا وما ينفع للات والعزى ولا يضران فرد الله عليها بصرها. فاطمة بنت المجلل -رضي الله عنها ومن أمثلة الصمود كالجبال السيدة فاطمة بنت المجلل -رضي الله عنها- أسلمت هي وزوجها؛ فكانت من السابقين للإسلام، ووقفت تدافع عن الإسلام والمسلمين ضد مشركى قريش غير عابئة بما سيحدث لها من قبلهم، مقدمة أسمى آيات التضحية في سبيل نصرة دينها وعقيدتها. لبينة جارية بنى مؤمل -رضي الله عنها ومن ضمن هؤلاء النسوة الصامدات ممن تحملن الكثير من المتاعب والاضطهاد، (جارية بنى مؤمل)، اسمها لبينة -رضي الله عنها-، وأسلمت في أول الإسلام، فلما علم مشركو قريش بإسلامها عذبوها لتكفر بدين محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ فكانت تضرب وتعذب وتخنق فيظن من حولها أنها ماتت بيد خانقها فيتركها، وظل هكذا حالها حتى مر عليها أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - وهى تعذب فاشتراها وأعتقها، وهذا يدل على قوة إيمانها وصبرها على التعذيب من أجل عقيدتها ودينها، ولم تزحزح قيد أنملة عن دينها مع شدة عذابها الذى كاد أن يصل في بعض الأحيان إلى إزهاق روحها وفقدها لحياتها. أم أيمن بركة -رضي الله عنها ونختم هذه الأمثلة الرائعة لنماذج النساء المسلمات في المرحلة السرية بأم أيمن بركة (حاضنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم ) التي احتلت مكانة مميزة ضمن النساء اللواتي دخلن الإسلام في تلك المرحلة المهمة التى تحتاج لصبر وثبات وتضحية؛ حيث كانت ترعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منذ صغره، وكان يقول لها (يا أماه)، وكانت من أول من آمنوا به -صلى الله عليه وسلم -، ودخلت هي وزوجها -رضي الله عنهما- في الإسلام في أول من دخل، ومثلها مثل بقية المؤمنين السابقين تحملت العذاب من أجل دينها، ومواقفها -رضي الله عنها- كثيرة تدل على قوة إيمانها ومكانتها وعلى كبر سنها وضعفها. والأمثلة للمؤمنات السابقات كثيرة ومشرفة ومنهن وعلى سبيل الإجمال لا الحصر والاعتراف بالفضل والسبق والتحمل: (أسماء بنت سلامة زوجة عياش بن أبى ربيعة، وأسماء بنت عميس زوجة جعفر بن عبد المطلب، وأسماء بنت أبى بكر وزوجها الزبير بن العوام، وزينب بنت النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورقية بنت النبي -صلى الله عليه وسلم -، وفاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - على صغر سنها)، وهذه الأمثلة وغيرها تجعل المرأة المسلمة فخورة بدينها مقتدية بأمهاتها ممن سبقنها للصبر والثبات أمام الفتن والتعذيب والاضطهاد ضاربة أصدق المثل في الثبات على المبادئ والقيم في سبيل نصرة الدين. مقام المرأة وشخصيتها ومن كل هذه النماذج والنصوص نفهم مقام المرأة وشخصيتها في حياة النبي ودعوته والموقف النبوى الذي يمثل أرقى تقييم لمكانة المرأة في الاسلام واحترام شخصيتها، فالمرأة كما حدثتنا آيات القرآن هى حاضنة عظماء الأنبياء؛ فكلفت -من ضمن مهامها- بالعناية بهم ومساندتهم ورعايتهم، وتجسد ذلك جليا في حياة إبراهيم وموسى وعيسى وإسماعيل ومحمد -صلى الله عليهم وسلم- جميعًا، وسجل القرآن دور المرأة في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعوته ومشاركتها له في الهجرة والإعداد لها والجهاد مقرونا بدور الرجل عند حديثه عن الهجرة والبيعة والدعوة واستحقاق الأجر. دور المرأة في مراحل الدعوة الأولى والدراس لتاريخ المرأة المسلمة في مراحل الدعوة الأولى يجد مشاركة المرأة بقوة في سبيل انتشار الدين، وكان سلاحهن في ذلك التمسك بالإسلام والحفاظ عليه وتحملها لأعباء تلك الدعوة شأنها شأن الرجل، متحملة في ذلك صنوف الاضطهاد والإرهاب التي مورست ضدها، محافظة على أسرار دعوتها متحملة لمشقة تلك المسؤولية الكبرى، مبايعة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة، واضعة أمام عينها تربية أبنائها على الإيمان بالله ورسوله وبذل كل غال ونفيس من أجل ذلك، ولم تقصر في أمور دينها، فهاجرت مع زوجها فرارا بدينها عندما أذن النبي بذلك، وجاهدت في كل الضروب التي استطاعت أن تجاهد فيها. المرأة المسلمة في عصرنا الحاضر إن المرأة المسلمة في عصرنا الحاضر لم تكتشف مكانتها الحقيقة في الإسلام بعد، وكذلك الرجل المسلم في عصرنا لم يتعرف على مكانة المرأة في الإسلام على حقيقتها أيضًا؛ لذا اختل ميزان التعامل والعلاقة بينهما، ولن يستقر ذلك الميزان إلا بالعودة إلى مبادئ الإسلام ليعرف كل منهم حقه ومكانته ومسؤليته تجاه الآخر وعلاقته به، فالمرأة اللاهثة وراء سراب الحضارة المادية الغربية التي تخفي وراءها مستنفع السقوط والاضطهاد للمرأة، لو عرفت مالها في الإسلام من قيمة وحق وتقدير لما نادت إلا بالإسلام، ولعرفت أن المنقذ لكرامتها وحقها هو التمسك بمبادئ الاسلام وشريعته الغراء. اعداد: أميرة عبدالقادر
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 09-06-2024 الساعة 06:16 PM. |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |