خذوا عني مناسككم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كتاب الجدول في إعراب القرآن ------ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 534 - عددالزوار : 91717 )           »          الجويني ومنهجه العلمي والإبداعي في استخراج آرائه الاجتهادية​ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          التوبـــة قبــــل رمضـــان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          15 خطوة نحو بر الوالدين بعد الزواج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          أقل مدة الحمل بين النص والواقع الاستثنائي لحماية الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          شهر الصبر والجهاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          أيها الشباب ماذا أنتم فاعلون؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          ماذا لو عطس؟!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          فضل عشر ذي الحجة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          حتى تستمر الحياة نصائح ووصايا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-06-2023, 09:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,363
الدولة : Egypt
افتراضي خذوا عني مناسككم

خذوا عني مناسككم
رمضان صالح العجرمي

1- صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم.
2- آدابٌ يجب على الحاجِّ مراعاتها.

الهدف من الخطبة:
التذكير بصفة وأعمال الحج.

مقدمة ومدخل للموضوع:
أيها المسلمون عباد الله، فإن الحج من أفضل العبادات، وأجلِّ الطاعات، وهو ركن من أركان الإسلام التي لا يتم دين العبد إلا بها، وحتى تكون العبادة صحيحة ومقبولة فإنها لا تتم إلا بأمرين:
1- الإخلاص لله عز وجل؛ بأن يقصد بها وجه الله تعالى والدار الآخرة، لا يقصد بها رياءً ولا سُمْعةً ولا حظًّا من الدنيا.


2- اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فيها قولًا وعملًا، ولا يمكن تحقيق الاتباع إلا بمعرفة سنته، وصفة عبادته صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك فالواجب على من أراد أن يتعبَّد لله تعالى بعبادة الحج أو غيرها أن يتعلَّم هدي النبي صلى الله عليه وسلم فيها؛ حتى يكون عملُه موافقًا للسُّنَّة، فهيا بنا نتعلَّم صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما نقل لنا ذلك جابر بن عبدالله رضي الله عنهما في صحيح مسلم، وذلك من خلال هذه الوقفات:
أولًا: ما هي مواقيت الحج؟
فإن لفريضة الحج مواقيت زمانية، ومواقيت مكانية.


فأمَّا المواقيت الزمانية للحج فهي الأشهر المعلومات التي لا يصحُّ شيء من أعمال الحج إلا فيها؛ كما قال تعالى: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [البقرة: 197]؛ وهي: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة.


وأمَّا العمرة فيجوز أداؤها في جميع أوقات السنة.


وأما المواقيت المكانية للحج والعمرة: فهي الحدود التي لا يجوز للحاجِّ والمعتمر أن يتجاوزها إلا بإحرام، وقد بيَّنها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم؛ ففي الصحيحين عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ: ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ: الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ: قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ: يَلَمْلَمَ، هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ".


وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ"؛ [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ].


ثانيًا: أنواع النُّسُك: وهي ثلاثة أنواع: تمتُّع، وإفراد، وقِران.
فالتمتُّع: أن يُحرِم بالعمرة وحدها في أشهر الحج، فإذا وصل مكة طاف وسعى للعمرة وحلق أو قصَّر، فإذا كان يوم التروية (وهو اليوم الثامن من ذي الحجة) أحرم بالحج وحده وأتى بجميع أفعاله كما سيأتي معنا.


والإفراد: أن يُحرِم بالحج وحده، فإذا وصل مكة طاف للقدوم وسعى للحج، ولا يحلق، ولا يُقصِّر، ولا يحل من إحرامه؛ بل يبقى مُحْرِمًا حتى يحل من بعد رمي جمرة العقبة يوم العيد، وإن أخَّر سعي الحج إلى ما بعد طواف الحج فلا بأس.


والقِرَان: أن يُحرِم بالعمرة والحج جميعًا، أو يحرم بالعمرة أولًا، ثم يُدخِل الحج عليها قبل الشروع في طوافها، وعمل القارن كعمل المفرد سواءٌ، إلا أن القارن عليه هَدْيٌ، والمُفرِد لا هَدْيَ عليه.


ثالثًا: أعمال الحج: وتبدأ من الوصول إلى الميقات.
قالَ جابر رضي الله عنه: "إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُج، ثُمَّ أَذَّنَ في النَّاسِ في العَاشِرَةِ أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حَاجٌّ، فَقَدِمَ المَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ، كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ برَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ".


قال جابر رضي الله عنه: "فَخَرَجْنَا معهُ، حتَّى أَتَيْنَا ذَا الحُلَيْفَةِ، فَصَلَّى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في المَسْجِدِ، ثُمَّ رَكِبَ القَصْوَاءَ، حتَّى إذَا اسْتَوَتْ به نَاقَتُهُ علَى البَيْدَاءِ، فَأَهَلَّ بالتَّوْحِيدِ: ((لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لا شَرِيكَ لكَ))، وَلَزِمَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ تَلْبِيَتَهُ".


ثم يُسنُّ له الإكثار من التلبية بعد ذلك حتى يقطعها عند ابتداء الطواف.


وإذا كان خائفًا من مانع يمنعه من إكمال الحج فيُسنُّ له الاشتراط فيقول حين ينوي الإحرام: اللهم إن حبسني حابس فمحلِّي حيث حبستني.


رابعًا: محظورات الإحرام: وهي ما يمتنع المُحرِمُ من فعلها:
فإذا أحرم الحاجُّ أو المعتمر فيجب عليه أن يتجنب محظورات الإحرام؛ وهي:
1- لبس المخيط، وهو المفصَّل على قدر البدن أو العضو من السراويل والثياب وغيرهما.
2- استعمال الطِّيب في بدنه أو ثيابه.
3- إزالة الشعر والظفر، ذكرًا كان أو أنثى.
4- تغطية رأس الرجل بملاصق له.
5- عقد النكاح له ولغيره.
6- الوطء في الفرج، وهو مفسد للحج قبل التحلُّل الأول، ولو بعد الوقوف بعرفة.
7- قتل صيد البر واصطياده.
فإذا ارتكب محظورًا من هذه المحظورات لزمته الفدية.


خامسًا: الوصول إلى مكة والطواف: وهو ركن من أركان الحجِّ والعمرة.
قال جابر رضي الله عنه: "حتَّى إذَا أَتَيْنَا البَيْتَ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، فَطاف ورَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا، ثُمَّ نَفَذَ إلى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ عليه السَّلَام، فَقَرَأَ: ﴿ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125]، فَجَعَلَ المَقَامَ بيْنَهُ وبيْنَ البَيْتِ، وصلَّى ركعتين وقرَأ في الرَّكْعَتَيْنِ ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص: 1] وَ ﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون: 1].


سادسًا: السعي بين الصفا والمروة: وهو ركن من أركان الحج والعمرة:
قال جابر رضي الله عنه: "ثُمَّ رَجَعَ إلى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ البَابِ إلى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة: 158]، أَبْدَأُ بما بَدَأَ اللَّهُ به، فَبَدَأَ بالصَّفَا، فَرَقِيَ عليه، حتَّى رَأَى البَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ، وَقالَ: ((لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهو علَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ))، ثُمَّ دَعَا بيْنَ ذلكَ، قالَ مِثْلَ هذا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إلى المَرْوَةِ، حتَّى إذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ في بَطْنِ الوَادِي سَعَى، حتَّى إذَا صَعِدَتَا مَشَى، حتَّى أَتَى المَرْوَةَ، فَفَعَلَ علَى المَرْوَةِ كما فَعَلَ علَى الصَّفَا".


فإذا كان قارنًا أو مُتمتِّعًا فإنه يحلق شعره أو يقصِّر ثم يتحلل من إحرامه حتى يوم التروية فيبدأ في أعمال الحج ويجب عليه الهديُ.


قال جابر رضي الله عنه: فقالَ النبي صلى الله عليه وسلم: ((لو أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِن أَمْرِي ما اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الهَدْيَ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فمَن كانَ مِنكُم ليسَ معهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ، وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً)).


وَقالَ صلى الله عليه وسلم: ((دَخَلَتِ العُمْرَةُ في الحَجِّ))، قالَ جابر رضي الله عنه: "فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا، إلَّا النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَمَن كانَ معهُ هَدْيٌ".


أما إذا كان مفردًا فإنه يبقى على إحرامه.


مسألة أيهما أفضل؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الأفضل القِران لمن ساق الهدي، وإلا فالتمتع أفضل لمن لم يسُق الهدي".


سادسًا: أعمال يوم التروية:
قال جابر رضي الله عنه: "فَلَمَّا كانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إلى مِنًى، فأهَلُّوا بالحَجِّ، وَرَكِبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إلى مِنى، فَصَلَّى بهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، وَالْفَجْرَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَأَمَرَ بقُبَّةٍ مِن شَعَرٍ تُضْرَبُ له بنَمِرَةَ".


سابعًا: أعمال يوم عرفة:
قال جابر رضي الله عنه: "فَسَارَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَلَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إلَّا أنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ المَشْعَرِ الحَرَامِ كما كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ في الجَاهِلِيَّةِ، فأجَازَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حتَّى أَتَى عَرَفَةَ، فَوَجَدَ القُبَّةَ قدْ ضُرِبَتْ له بنَمِرَةَ، فَنَزَلَ بهَا (وكان يومُ جمعة)، حتَّى إذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بالقَصْوَاءِ، فَرُحِلَتْ له، فأتَى بَطْنَ الوَادِي، فَخَطَبَ النَّاسَ، ثُمَّ أَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى العَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بيْنَهُما شيئًا، ثُمَّ رَكِبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حتَّى أَتَى المَوْقِفَ، وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا، وَدَفَعَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وهو يقولُ بيَدِهِ اليُمْنَى: ((أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ)).


ثامنًا: أعمال المزدلفة:
قال جابر رضي الله عنه: "حتَّى أَتَى المُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى بهَا المَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بأَذَانٍ وَاحِدٍ وإقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بيْنَهُما شيئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، وَصَلَّى الفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ له الصُّبْحُ بأَذَانٍ وإقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ القَصْوَاءَ حتَّى أَتَى المَشْعَرَ الحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حتَّى أَسْفَرَ جِدًّا".


تاسعًا: أعمال يوم النحر:
قال جابر رضي الله عنه: "فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ حتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ، فَحَرَّكَ قَلِيلًا، ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الوُسْطَى الَّتي تَخْرُجُ علَى الجَمْرَةِ الكُبْرَى، حتَّى أَتَى الجَمْرَةَ الكُبْرَى، فَرَمَاهَا بسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مع كُلِّ حَصَاةٍ منها".


وفي رواية: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَقُولُ: ((لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ))، ثُمَّ انْصَرَفَ إلى المَنْحَرِ، فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا، فَنَحَرَ ما غَبَرَ، وَأَشْرَكَهُ في هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَ مِن كُلِّ بَدَنَةٍ ببَضْعَةٍ، فَجُعِلَتْ في قِدْرٍ، فَطُبِخَتْ، فأكَلَا مِن لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِن مَرَقِهَا، ثُمَّ رَكِبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فأفَاضَ إلى البَيْتِ، فَصَلَّى بمَكَّةَ الظُّهْرَ، فأتى بني عبدالمطلب يسقون على زمزم، فقال: ((انزعوا بني عبدالمطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم، لنزعت معكم))، فناولوه دَلْوًا فشرب منه، ثم رجع إلى مِنى في نفس اليوم، فبات بها".


عاشرًا: أعمال أيام التشريق:
قال جابر رضي الله عنه: "ثم عاد إلى مِنى، فبات بها ثلاث ليالٍ يرمي الجمرات الثلاثة بعد زوال كل يوم، يبدأ بالصغرى ويختم بالكبرى، يرمي كل جمرة بسبع حصيات، ويكبر مع كل حصاة، وفعل ذلك في بقية أيام التشريق، وفي اليوم الثالث عشر من ذي الحجة نفر النبي صلى الله عليه وسلم من مِنى، وركب إلى البيت، فطاف به طواف الوداع، ثم توجَّه راجعًا إلى المدينة".


وبذلك تنتهي أعمال الحج.


نسأل الله العظيم أن يرزقنا حجَّ بيته الحرام.

الخطبة الثانية
آدابٌ يجب على الحاجِّ مراعاتها:
أيها المسلمون عباد الله، فإن هناك آدابًا يجب على الحاجِّ مراعاتها، وأن يتحلَّى بها، ومنها:
1- الإخلاصُ لله تعالى:


قال الله تعالى: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة: 196]، فلا يكون قصده من الحج الرياء والسمعة.


ويكثر الرياء في الحج؛ لأنه عمل ظاهر، وشعيرة كبيرة، والناس يتحدثون فيه، ويتناقلون صور الحجاج الثابتة والمتحرِّكة، ووسائل الإعلام مجتمعة على نقله وإشهاره. وإذا كان يحج لأجل غرض دنيوي مادي أو معنوي لم يكن حجه لله تعالى؛ قال رجل لابن عمر رضي الله عنهما: "ما أكثر الحاج! فقال ابن عمر: ما أقَلَّهم! ثم رأى رجلًا على بعير على رحل رثٍّ خطامه حبال، فقال: "لعل هذا".


وقال شريح رحمه الله: "الحاجُّ قليل والركبان كثير، ما أكثر من يعمل الخير! ولكن ما أقل الذين يريدون وجهه!".


وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى: ((أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ))؛ [رواه مسلم].


2- أن يتخيَّرَ لحَجِّهِ المالَ الحلال:
فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل: ((يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟))؛ [رواه مسلم].


3- وأن يختار الحاجُّ في سفره وحَجِّه الصحبةَ الصالحةَ التي تُعينُه على طاعة الله عز وجل.


4- أن يحذر من الرفث والفسوق والجِدال أثناء أداء النسك؛ كما قال تعالى: ﴿ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة: 197]، وقال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ))؛ [متفق عليه].


5- وأن يُكثِرَ الحاجُّ من ذكر الله عزَّ وجل في حَجِّهِ ويجتهدَ في الدعاء ويسألَ اللهَ عز وجل أن يتقبلَ منه حَجَّهُ وعُمْرتَه وجميعَ أعمالِه الصالحة؛ وذلك لأن الله تعالى لما نهى عن الرفث والفسوق والجدال حثَّ سبحانه وتعالى على فعل الخير، فقال تعالى: ﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ [البقرة: 197].


نسأل الله العظيم أن يرزقنا حجَّ بيته الحرام.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.83 كيلو بايت... تم توفير 1.52 كيلو بايت...بمعدل (2.40%)]