اللغة العربية في مهب الريح (1) - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الجوانب الأخلاقية في المعاملات التجارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          حتّى يكون ابنك متميّزا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          كيف يستثمر الأبناء فراغ الصيف؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          غربة الدين في ممالك المادة والهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          أهمية الوقت والتخطيط في حياة الشاب المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          الإسلام والغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          من أساليب تربية الأبناء: تعليمهم مراقبة الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          همسة في أذن الآباء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 38 )           »          تعظيم خطاب الله عزوجل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          رسـائـل الإصـلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 42 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-09-2020, 04:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي اللغة العربية في مهب الريح (1)

اللغة العربية في مهب الريح (1)


د. كمال بشر



اللغة العربية في مهب الريح[1]

إذا كان البعض يقول: إنَّ اللغة العربيَّة أصبحتْ في مهبّ الريح، فأنا أقول: إنَّ العروبة كلها في مهب الريح، وإنَّ الانتماء إلى العربيَّة والخواصّ العربيَّة كلها – سواء سياسيًّا أو ثقافيًّا أو اجتماعيًّا أو أخلاقيًّا – أصبحتْ في مهبّ الريح، وأعتقد أنَّ الريح سوف تذهب بهذه الأشياء بلا عودة، لأنَّ كون اللغة في مهب الريح يدل على أنَّ القوم أجمعين في مهب الريح، لأنَّ اللغة هي الإنسان: جسمًا وعقلاً وفكرًا، فاللغة مرتبطة بالعقل والجسم أيضًا، وقد قال العربي في القديم.


لِسَانُ الفَتَى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فُؤَادُهُ فَلَمْ تَبْقَ إِلاَّ صُورَةُ اللَّحْمِ وَالدَّمِ


وهذا أبلغ تعبير عن حقيقة اللغة، وأنَّها لها جانب مادي، وجانب فكري، وأنا هنا حين أتكلَّم عن اللغة، فإنَّني أتكلَّم عنِ اللغة المنطوقة، لأنَّ اللغة في الاصطلاح هي اللغة المنطوقة لا المكتوبة. فاللغة المكتوبة ليست سوى تمثيلٍ للمنطوق، لأنَّ اللغة المنطوقة هي اللغة الواقعيَّة الحيَّة التي بها يصدق الواقع، أمَّا هذا المكتوب ففيه اصطناع وتكلّف، فأنت تجلس أمام الخطاب ساعة تكتب فيه وتعيد وتزيد، ولكنَّ المنطوق يختلف حين تتكلَّم، ثم لماذا ننعى اللغة؟ إنَّ علينا أن ننعَى أنفُسَنَا أوَّلاً، كما يجب أن نعلم أنَّ اللغة لا تعيش وحدها أو لِنَفْسِها ولِذَاتِها، فاللغة لا تعيش إلاَّ في مجتمع، ومن ثمَّ لا بُدَّ من التَّنازُل المستمرّ بينها وبين أهلها.



وتفسير هذه القضيَّة في الكمبيوتر، فالكمبيوتر فيه "الهاردوير" و"السوفت وير"، وكذلك اللغة فيها جانبان، فهناك شيء يُسمَّى الكفاية اللغوية أو المقدرة اللغويَّة، وهذه خاصية إنسانيَّة ممنوحة من الله لكل إنسان سوي على وجه الأرض، فالماكينة جاهزة للعمل، ولكن هذه الماكينة مثل "الهاردوير" عبارة عن إمكانيَّات ماديَّة وهو لا يعمل إلاَّ بالبرمجة "السوفت وير"، فلا بُدَّ من إعداد البرامج أولاً، وإعداد البرامج يكون من البيئة، فإذا كانت البيئة تتكلَّم الإنجليزية يكون البرنامج إنجليزيًّا، وإذا كانت البيئة تتكلَّم العربية يكون بالعربي، بدليل أنَّنا نتكلم العامية بدقة وصحة كاملة، فهل تعلَّمْناها؟ هل أخذنا فيها دروسًا؟ إطلاقا؛ إنَّما الذي حدث ويحدُث هو أنَّنا نسمعها مرارًا وتَكرارًا، ثم نأتِي على منوال ما سمعنا؛ لأنك عندما تسمع اللغة – وهي اللغة المنطوقة – فإنَّ آثار هذا المنطوق تستقرّ في ذهنك، وتكوّن القواعد العامَّة التي يمكن فيما بعد أن تولد منها ما تشاء، ولأنَّنا ليس لدينا مخزون من اللُّغة العربيَّة الفصيحة وإنَّما لدينا مخزونٌ من العاميَّة فلِذَلِكَ نتكلَّم العاميَّة بطلاقة، ومن هنا أقول: إذا أردتُم أن تتعلَّموا لغة أو تكتسبوا لغة أو تُجِيدُوا لغة فعليكم أن تستمعوا لهذه اللغة، ثم عليكم بعد ذلك أن تتكلَّموها جهرًا، لأنَّ هذا الجَهْرَ له آثار صوتيَّة، تذهب إلى الذهن، وتستقِرّ وتكون القواعد.



والسؤال الآن هو: مَن الذي يتكلَّم العربيَّة الفصيحة الآن؟ لا وجود لها إلاَّ على الملابس، فاللغة كلها أخطاء في الإذاعة والتليفزيون، أمَّا أخطاء المُعلم فاللهُ وحده أعلم بها؛ بل إنَّ الذي يُعلم النَّحو نفسه يتكلَّم بالعاميَّة، فكيف يتعلَّم الولد؟ إنَّ التَّعليم في المدارس – في العالم العربي كله – لا قيمة له مُطلقًا بالنّسبة للّغة العربيَّة؛ لأنَّهم يُقدِّمون قواعد اللغة مُنعزلة عن اللغة، بينما المفروض أن يبدأ العمل في تعليم القواعد بقراءة نَصّ وفهم هذا النَّصّ، ثم قراءته جهرًا أكثر من مرَّة بوساطة معلم ماهر، ثم يقرأ الأولاد، وبعد هذا يستخلص المعلم القاعدة من هذا النَّص، ثُمَّ يُطبق هذه القاعدة على هذا النَّص وعلى نَصّ آخَر، فالطَّالب يتعلَّم قواعد اللغة في الفصل الدراسي وقد يحصل على الدَّرجة النهائيَّة، ولكنَّه إذا خَرَجَ من الفصل لا يستطيع أن يتكلَّم لحظة واحدة، ولا يستطيع أن يكتب سطرًا واحدًا، وتنطبق هذه القضيَّة على الإذاعة والتليفزيون، وإن كانت الإذاعة مُلتزمة إلى حدٍّ ما باللغة العربيَّة، فالإذاعة والتليفزيون مدرسة جماهيريَّة مُتنقّلة بالمجَّان، ويسمعها الصَّغير والكبير، الرَّجل والمرأة، والعامل في دكَّانه، وفي ورشته، وفي شارعه، وفي حقْلِه، فإذا سمع كلامًا عربيًّا استطاع فيما بعد أن يأتي على منوال هذا الكلام العربِي.


أمَّا المُصيبةُ الأخيرة في رأيِي فهي المدارس الأجنبيَّة، والجامعات الخاصَّة، ومدارس اللغات، وقد قُلْتُ هذا أمام كِبار المَسؤولين في هذه الدَّولة، فكانوا يتعجَّبون منّي، ويرَونني على أنِّي رجلٌ مُتخلّف، ففي المدارس الأجنبيَّة ومدارس اللغات والجامعات الخاصَّة الموادّ كلّها – ما عدا اللّغة العربيَّة - تدرس باللغات الأجنبيَّة فكيف إذًا يستطيع الولد أن يستوعب اللغة العربيَّة، وكيف يستطيع أن يستوعِبَ المادَّة الَّتي تُقدَّم باللغة الأجنبيَّة، وهو يعيش في المجتمع العربي؟!


إنَّ هذا هو ما أسمّيه بالتَّلوّث اللغوي، والتَّلوث اللغوي معناه: كلام باللغة العربيَّة مخلوط ومغلوط ومملوءٌ باللَّهجات والرَّطانات، ومحشوّ بالكلمات والعبارات الأجنبيَّة التي تنطق وتستخدم خطأ في المبنى والمعنى، ومِن هُنا فأنا أرى أنَّها قضيَّة قوميَّة، وليستْ مجرَّد قضيَّة اللغة، فاللّغة هي العِماد الأوَّل أوِ المرآة التي تُوضِّح لَنَا، فإذا كانت اللغة قويَّة دلَّ ذلك على قوَّة أهلها، والعكس صحيح، لأنَّها المرآة العاكسة لكلّ أعمالك واتّجاهاتك، ولكلّ ما تعمل في هذه الدنيا. إذًا المسألة هي جفاف الفِكْر العربِي، وأيضًا البلادة العربية، فهذا الطالب لا يفكّر عربيًّا؛ وإنَّما يفكّر مرَّة باللغة الألمانيَّة، ومرَّة بالإنجليزيَّة، ومرَّة بالفرنسيَّة، حتَّى أصبحت الموضة أن يتكلَّم جملة بالعربيَّة، ويمزج معها بعض الإنجليزيَّة.


والحقيقة أنَّ القضيَّة من أبسط ما يمكن، فالقضيَّة ليست قضيَّة اللغة، وإنَّما هي قضيَّة أصحاب اللغة من الذين يكتُبون، ويحاوِرُون اللغة، ويبتكرون ما يشاؤون، فكُلّ لُغة على وجه الأرض قابلةٌ للتَّجديد والتَّحديث، والتَّحديثُ عادةً يبدَأُ فرْديًّا من خلال أيّ شَخْصٍ منَ الأشخاص النَّابغين عندما يستعْمِلُ كلمةً أو عبارة ما، مثل المصطلحات الحديثة التي كُنَّا نسمعها في أثناء الحرب من (الصحَّاف)، فقدِ استعمَلَ مجموعةً من الكلمات وبعضها قُبِل، وبعضها لم يُقْبل. إذًا قل ما تشاء، فإذا قبِلَهُ المُجتمع انضمَّتِ الكلمة أوِ العِبارة إلى نظام اللغة، والعكس صحيح؛ لكن لا تنتظر من اللغة أن تُعْطِيَكَ وأنْتَ نائم؛ لأنَّ اللُّغَة لا تَعِيشُ وحْدَها؛ ولذلك أقول: حرِّكْ فِكْرَك، وحرِّكْ ثَقَافَتَكَ، وحرِّك معارِفَك، واطْلُبْ منَ اللغة تُعْطِكَ هذه اللغة ما تشاء، ولكنَّ القضيَّة أنَّنا قومٌ بُلَداء، فضلاً عن أنَّ كلَّ شيء في العالم العربِيّ أصبح مُنْهارًا: الثقافة منهارة، العِلْم منهار، ومِنْ ثمَّ فإنَّ اللّغة من الطبيعي أن تكون منهارة أيضًا، فنحن الذين نقدم الزَّاد للغة، وليست اللغة هي التي تقدم لنا الزَّاد، وبالتالي فالقضيَّة قضيَّة النَّاس؛ لكنَّ العرب الآن نائمون في كل شيء، بما في ذلك العِلم نفسه، فهل نحن عِنْدَنا عِلْم عربِيّ في أيّ فرع من فروع العلم؟ إطلاقًا، حتَّى العلوم النظريَّة هي الآنَ مُتَرْجَمة، أو معرَّبة، أو خليط من عربي وأجنبي، وليس هناك إبداع.


إنَّ اللغة ليست كائنًا حيًّا، وإنَّما اللّغة تُشْبِه الكائنَ الحيَّ، أمَّا العبارة التَّقليديَّة التي ترِدُ عندنا بأن "اللغة كائن حي" فهي عبارة مجازيَّة، لأنَّ الكائن الحيّ يموت بنفسه، بينما اللغة لا تموت بنفسها، فاللغة تموت بموت أهلها، والدَّليل أنَّ اللغات الَّتِي نسمّيها لغات ميتة مثل اليونانيَّة ما زلنا نتعلَّمُها ونقرؤُها ونفهَمُها، فاللغة تختفي وتظهر مثل اللغة العبريَّة فهي في فترة من الفترات انتهتْ ولكنَّها لم تَمُتْ، بلِ اختفت نظرًا لاختفاء قوَّتِها هي، فإذا عادت هذه القوة عادت اللغة، لأنَّ اللغة لا تعيش وحدها أبدًا.


والحقّ أنَّ اللهجة المصريَّة أخفّ وأسهل في النطق؛ لأنَّها مُتناسقة الأصوات والنَّغمات لا أكثر ولا أقلّ، أمَّا الكلمات ومدى صحَّتها فهذِه تَحتاج إلى دراسة علميَّة؛ لكن على أيَّة حال فإنَّنا فيما يتعلَّق بضَعْفِ اللّغة العربيَّة لا نلوم الحكومة، ولا نلوم الشعب، ولا نلوم الأفراد، وإنَّما نلوم الجميع، فكلّنا مُخْطِئون: الأفراد والهيئات والحكومة والقاعدة، ومن ثمَّ فإنَّ القضيَّة قضيَّة قوميَّة كبيرة جدًّا، ولكنَّنا في المقابل لا نستطيع أن نقرّر شيئًا، وإنَّما نَحْنُ ننصح ونوجّه فقط.



[1] الدكتور كمال بشر هو العميد الأسبق لكلية دار العلوم جامعة القاهرة، والأمين العام لمجمع اللُّغة العربيَّة بالقاهرة.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.88 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (3.30%)]