كيف تكونُ قويَّ الشَّخصيَّة؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الجوانب الأخلاقية في المعاملات التجارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          حتّى يكون ابنك متميّزا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          كيف يستثمر الأبناء فراغ الصيف؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          غربة الدين في ممالك المادة والهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          أهمية الوقت والتخطيط في حياة الشاب المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          الإسلام والغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          من أساليب تربية الأبناء: تعليمهم مراقبة الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          همسة في أذن الآباء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 49 )           »          تعظيم خطاب الله عزوجل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          رسـائـل الإصـلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 54 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس

ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس ملتقى يختص بالتنمية البشرية والمهارات العقلية وإدارة الأعمال وتطوير الذات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-04-2019, 09:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي كيف تكونُ قويَّ الشَّخصيَّة؟

كيف تكونُ قويَّ الشَّخصيَّة؟





عن أبي هُرَيْرَة - رضي اللهُ عنهُ - قال: قال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ اللهَ إذا أحبَّ عَبْدًا دعا جِبْرِيلَ فقال: إنِّي أُحِبُّ فلانًا، فأَحِبَّهُ، قال: فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثمَّ يُنادِي في السَّماء، فيقولُ: إنَّ اللهَ يحبُّ فلانًا؛ فأَحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهلُ السَّماء، قال: ثم يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرض. وإذا أَبْغَضَ عَبْدًا دعا جِبْرِيلَ، فيقولُ: إنِّي أُبْغِضُ فلانًا؛ فَأَبْغِضْهُ، قال: فَيُبْغِضُهُ جبريلُ، ثم يُنادِي في أهل السَّماء: إنَّ اللهَ يُبْغِضُ فلانًا؛ فأَبْغِضُوهُ. قال: فيُبْغِضُونَهُ، ثم تُوضَعُ لهُ البَغْضَاءُ في الأرض))[1].



الشَّخصيَّة من أهمِّ عوامل النَّجاح في مختلف جوانب الحياة (زوجيَّة - اجتماعيَّة - عمليَّة)، ومن ثَمَّ وجب إلقاءُ الضَّوء عليها، ولو بصورة مختصرة.


فالشَّخصيَّة هي صفةٌ نِسْبيَّةٌ، وقوَّةٌ خَفِيَّةٌ توجدُ في كلِّ شخصٍ إلى حدٍّ ما، وتختلِفُ في نوعها وقوَّتها باختلاف الأشخاص؛ بمعنى أنَّها: مجموعةُ الفُرُوق التي تميِّزُ الشَّخصَ عن غَيرِهِ، وتَمْنَحُهُ قَبولاً لدى الآخَرِين وتأثيرًا فيهم.


وتتكوَّنُ الشَّخصيَّة القويَّة من عناصرَ جَوْهَرِيَّةٍ، منها:

1- الجاذبيَّةُ:
هي قوَّةٌ طبيعيَّةٌ، إن وُجِدَتْ في الشَّخص استطاعَ أن يجتذِبَ قلوبَ غيره ممن يتَّصِلونَ به بغير أن يتكلَّفَ أو يَتصنَّع ذلك، من خلال أَدَبِهِ، وعِلْمِهِ، وخُلُقِهِ، ورَجَاحَةِ عَقْلِهِ، وخِفَّةِ رُوحِهِ، وسُرعةِ بَدِيهَتِهِ، وحُسْنِ أسلُوبِهِ، ومُراعاةِ شُعُورِ غيره، فيحْصُلَ على غَرَضِهِ، ويكْسِبَ ثقةَ مَنْ حولَهُ.
قال رسولُ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إليَّ وأَقْرَبِكُمْ منِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القيامةِ أَحَاسِنَكُمْ أخلاقًا، وإنَّ أَبْغَضَكُمْ إليَّ وأَبْعَدَكُمْ منِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القيامة الثَّرْثَارُونَ والْمُتَشَدِّقُونَ والْمُتَفَيْهِقُونَ. قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، قد عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ والمُتَشَدِّقُونَ؛ فما المُتَفَيْهِقُونَ؟ قال: المُتَكَبِّرُونَ))[2].

وعن ثَقيلِ الظِّلِّ قال الشَّاعرُ:

سَقَطَ الثَّقِيلُ مِنَ السَّفِينَةِ فِي الدُّجَى فَبَكَى عَلَيْهِ رِفَاقُهُ وَتَرَحَّمُوا
حَتَّى إِذَا طَلَعَ الصَّبَاحُ أَتَتْ بِهِ نَحْوَ السَّفِينَةِ مَوْجَةٌ تَتَقَدَّمُ
قَالَتْ: خُذُوهُ كَمَا أَتَانِي سَالِمًا لَمْ أَبْتَلِعْهُ لأنَّهُ لا يُهْضَمُ!!


2- الذَّكاءُ:

هو حُضُورُ الذِّهْن، وسُرعةُ البَدِيهَة، وصفاءُ القَرِيحَة، وللنَّشاط العقليِّ – الذَّكاء - تأثيرٌ كبيرٌ في شخصيَّة الإنسان؛ في أعمالِهِمْ، وأقوالِهِمْ ومَنْطِقِهِمْ وتفكيرِهِمُ المنظَّمِ، وآرائِهِمُ المرتَّبة، وأسلوبِهِمُ الجميل، وحُسْنِ اعتذارِهِمْ، وبُعْدِ نَظَرِهِمْ، وقُدْرَتِهِمْ على التخلُّص من أيَّة مشكلةٍ تعترضُهُمْ، بما أوتوا من نشاطٍ عقليٍّ، وحِدَّةِ ذِهْنٍ، وصِدْقِ حِسٍّ.
قيل للعبَّاس بن عبد المُطَّلبِ: "أَأَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ رسولُ الله –صلَّى الله عليه وسلَّم-؟ قال: هو
-عليه الصَّلاة والسَّلام- أكبرُ مِنِّي، وأنا وُلِدْتُ قَبْلَهُ"!

وهكذا يساعد الذَّكاءُ على النَّجاة من أيِّ مَوْقفٍ طارئٍ، ويُنْقِذُ صاحبَهُ، ويحفظُ شخصيَّتَهُ، وله أثرٌ كبيرٌ في حُسْنِ الخُلُقِ والسُّلوكِ، والنَّجاحِ في الحياة.

قال الشَّاعرُ:

مَا عَاتَبَ الْمَرْءُ اللَّبِيبُ كَنَفْسِهِ وَالْمَرْءُ يُصْلِحُهُ الْجَلِيسُ الصَّالِحُ


3- المُشارَكةُ الشعورية:
من أهمِّ عناصر الشَّخصيَّة، تجعلُ القلبَ مُتَّقِدًا، يَشْعُرُ بشعور غَيْره، ويَقِيسُ نفسَه بمقياس سواهُ منَ النَّاس.
وفي الحديث؛ قال رسول الله –صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى))[3].
لذلك كان الشُّعورُ بمشاعر الآخَرينَ، ومشاركتُهُمْ أفراحَهُمْ وأحزانَهُمْ وأفكارَهُمْ وآلامَهُمْ سببًا في امتلاك قلوبِهِمْ.
غيرَ أنَّه ينبغي ألاَّ يتدخَّلَ الشعورُ والعاطفةُ في أقوالِنا وأفعالِنا وتحرُّكاتِنا تدخُّلاً كبيرًا؛ حتَّى نَزِنَ الأمورَ بميزان العَدالة والمَنْطِق، لا العاطفةِ، ومن ثَمَّ وَجَبَ ألاَّ نَنْظُرَ إلى الأمور من ناحيةٍ واحدةٍ (عاطفيَّةٍ)؛ حتَّى لا تُعْمِينا عن حقائق الأشياء، وعَلاقتِها بغيرها.
عن أبي هُرَيْرَة –رضي الله عنه– قال: قال رسول الله –صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((لا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حتَّى تُؤْمِنُوا، ولا تُؤْمِنُوا حتَّى تَحَابُّوا؛ أَلا أَدُلُّكُمْ على أَمْرٍ إذا أَنْتُمْ فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ))[4].

4- الشَّجاعة:

هي قوَّةٌ بها يَتمكَّنُ الإنسانُ منَ السَّيطرة على قُوَاهُ، مع ضبط نَفْسه وقتَ الخطر الذي يهدِّدُهُ، سواءٌ كان ذلك الخطر حقيقيًّا أو وهميًّا. وهي خيرُ مقياسٍ يُقاسُ به الإنسانُ في أوقات الشِّدَّة؛ إذ يُتَطَلَّبُ الثَّباتُ والإقدامُ، وهذه الفضيلةُ تبدو في ثبات القلب ورَبَاطَةِ الجَأْشِ والبَسَالةِ في مواجهة أيِّ مَوْقفٍ، وبِحَسَبِ العقل والمنطِق؛ لا سَبَبَ يدعو الإنسانَ إلى الخوف من بني جِنْسِهِ؛ لأنَّ الخوفَ غالبًا مبنيٌّ على الوَهْم، والثِّقَةُ تُوَلِّدُ الثِّقةَ، وتُوجِدُ التأثيرَ في قُلُوب الآخَرينَ؛ ذلك لأنَّ المؤمنَ يعلمُ أنَّه لن يُصيبَهُ إلا ما كَتَبَهُ اللهُ تعالى؛ قال سبحانهُ: {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 51].
ومَنْ ترسَّخَ الإيمانُ في قلبه كان شجاعًا، ولعل مِن أفضل مَوَاقف الشَّجاعة ما يكونُ اعترافا بالخطأ، ومحاولة إصلاحِهِ؛ فالاعترافُ بالحقِّ فضيلةٌ، والأمانةُ تقتضي الصَّراحةَ في القَوْل والفِعْل أيضًا.
إِذَا الْمَرْءُ أَعْيَتْهُ الْمُرُوءَةُ يَافِعًا فَمَطْلَبُهَا كَهْلاً عَلَيْهِ ثَقِيلُ


ولعلَّ ضبطَ النَّفس وكبح جِماحِها يتطلَّبُ قوَّةً وشجاعةً هائلةً؛ عن أبي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه– قال: قال رسول الله –صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ؛ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ))[5]؛ فيَقْهَرُ نفسَه بالحِلْم، ويَتغلَّبُ عليها بثَباتِه؛ فيَدْفَعُ السَّيِّئةَ بالحَسَنَة؛ قال تعالى: {وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 34-35].
وكذا نَجِدُ أنَّ للشَّجاعة دَوْرًا كبيرًا في التغلُّب على الصِّعاب التي تَعْترضُ حياتَنا، ولنا في رسول الله –صلَّى الله عليه وسلَّم– وصحابتِهِ الأبرارِ أروعُ الأمثلة في الشَّجاعة والإقدام؛ قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا))، فقال رَجُلٌ: يا رسولَ اللَّهِ، أَنْصُرُهُ إذا كان مَظْلُومًا؛ أَفَرَأَيْتَ إذا كان ظَالِمًا! كيف أَنْصُرُهُ؟!! قال: ((تَحْجُزُهُ – أَوْ: تَمْنَعُهُ - مِنَ الظُّلْمِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ))[6].

5- الحِكْمَةُ:

إنَّ شخصيَّة الإنسان لا تكونُ متينةً إلا إذا زانَتْها الحكمةُ، والعِلْمُ، والحَزْمُ، ووَضْعُ الأشياءِ في مَواضِعِها، وتقدِيرُها حقَّ قَدْرِها؛ فالرَّجلُ الحكيمُ يكونُ سديدَ الرَّأيِ، بَعيدَ النَّظَرِ، حَسَنَ التَّقديرِ، يَتمسَّكُ بالحقِّ والعدلِ والنَّزاهةِ؛ قال تعالى: {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيراً} [البقرة: 269].
فالحِكْمَةُ تَحْمِلُ الإنسانَ على العمل وَفْقَ العقل، وهي خُلاصَةُ الأخلاق، وأساسُ كلِّ فضيلةٍ، بما يُدْرِكُ به الإنسانُ عواقبَ الأمور، ويُميِّزُ بين الخير والشَّر، والحقِّ والباطل.
ومِنَ الحِكْمَةِ: التَّوَاضُعُ، والحِلْمُ، والاحْترامُ، والشَّجاعةُ.
عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ –رضي الله عنه– قال: سمعتُ رسولَ اللهِ –صلَّى الله عليه وسلَّم– يقولُ: ((مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا؛ فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذَلِكَ أَضْعَفُ الإيمانِ))[7].
وقال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ – أي: حَاسَبَها - وعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ، والعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاها وتَمَنَّى على اللهِ الأمَانِيَّ))[8].

قال الشَّاعرُ:

يُعَدُّ رَفِيعُ الْقَوْمِ مَنْ كَانَ عَاقِلاً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَوْمِهِ بِحَسِيبِ
وَإِنْ حَلَّ أَرْضًا عَاشَ فِيهَا بِعَقْلِهِ وَمَا عَاقِلٌ فِي بَلْدَةٍ بِغَرِيبِ


وقال آخَرُ:

اعْمَلْ وَأَنْتَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى حَذَرِ وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ بَعْدَ الْمَوْتِ مَبْعُوثُ
اعْلَمْ بِأَنَّكَ مَا قَدَّمْتَ مِنْ عَمَلٍ مُحْصًى عَلَيْكَ وَمَا خَلَّفْتَ مَوْرُوثُ


6- التَّفاؤلُ:

لا شَكَّ أنَّ التَّفاؤلَ والتَّيَمُّنَ والنَّظَرَ إلى الأشياء بمنظارِ الفَأْلِ الحَسَنِ يُعطي صاحبَهُ شخصيَّة طيِّبةً ومَمْدُوحَةً؛ فعن أبي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه– قال: سمعتُ رسولَ اللهِ –صلَّى الله عليه وسلَّم– يقولُ: ((لا طِيَرَةَ، وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ)). قَالُوا: وما الْفَأْلُ؟ قال: الكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُها أَحَدُكُمْ))[9].
والرَّسولُ –صلَّى الله عليه وسلَّم– نهى عنِ الطِّيَرَة -وهي التَّشاؤمُ- وأحبَّ الفَأْلَ.
ولا نَقْصِدُ بالتَّفاؤل أن نُغْمِضَ أعيُنَنا عنِ الحقائق وعواقب الأمور، لكنَّ المقصودَ هو التفكيرُ بعين الأمل لا بعين اليَأْس، والمُتفائلُ يرضى بالماضي، خيرِه وشرِّه، ويَثِقُ بالمستقبَل، ثم يؤدِّي الواجبَ، ويَتركُ النتيجة لله سبحانه؛ قال تعالى: {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 171].

والشَّخصيَّة القويَّة ينبغي لها التمسُّكُ بالتَّفاؤل، ويقودُها الأملُ، ويُحْيِيها الرَّجاءُ، وتُفَكِّرُ في النَّجاح أكثرَ منَ الإخفاق، وتميلُ إلى جانب الثِّقة أكثرَ منَ التردُّد، ويَتنافَى التشاؤمُ مع العقل السَّليم وقوَّة الإيمان؛ لأنَّ التشاؤمَ هو قِصَرُ النَّظَر، والوَسْوَسَة هي ضعفُ العقيدة؛ ففي التَّطَيُّرِ ظنٌّ بمعرفة الغَيْب، وما يعلمُ الغَيْبَ إلا اللهُ؛ قال تعالى: {وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [هود: 123]، وقولُه سبحانهُ: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} [البقرة: 216]، وقولُه تعالى: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيرًا} [الأحزاب: 47].


7- التَّواضُعُ وعدمُ التَّصَنُّع:

ويعني: سهولةَ الأخلاق، وتجنُّبَ العَظَمة والكِبرياء، والتباعُدَ عنِ الإعجاب والخُيَلاء، وهو حِلْيَةٌ يتحلَّى بها الإنسانُ؛ فيَسْمُو في الدُّنيا قَدْرُهُ، ويتملَّكُ صاحبُهُ مودَّةَ القلوب، وينالُ كلَّ مرغوبٍ ومحبوبٍ، وبه يُجْتَلَبُ المَجْدُ، ويُكْتَسَبُ الحمدُ؛ فمَنْ تَواضَعَ للهِ رَفَعَهُ، والمُتَظاهِرُ والمُتَصَنِّعُ حتمًا يتَّضحُ أمرُهُ لدى النَّاس، ويَبِينُ جَهْلُهُ وضَعْفُه، فيعلمونَ كَذِبَهُ؛ فيَحتقِرونَهُ وينْفِرُونَ منهُ، ويصيرُ ممقوتًا عندهمْ جميعًا.
فالتَّواضعُ في غير مَذَلَّةٍ سبيلٌ للنَّجاح والرِّفعة، والتَّصنُّع سبيلٌ للإخفاق والمهانة.
عن أبي هُرَيْرَة –رضي الله عنه– قال: قال رسول الله –صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وما زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا، وما تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ))[10].
التواضعُ أساسٌ للشخصيَّة المحبوبة الجذَّابة، وإنَّنا نجْتَذِبُ غَيْرَنا بقَدْرِ حُبِّ غَيْرِنا لنا، ولنا في رسول الله –صلَّى الله عليه وسلَّم– وصحابتِه المَثَلُ والقُدْوَةُ؛ قال رسول الله –صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((إنَّه أوحِيَ إليَّ أنْ تواضعوا حتَّى لا يَفْخَرَ أحدٌ على أحدٍ، ولا يبغي أحدٌ على
أحدٍ))[11].

وقال رجلٌ: يا رسولَ الله؛ إنِّي أحبُّ أن يكونَ ردائي حسنًا، ونَعْلِي حسنةً؛ أفَمِنَ الكِبْرِ ذلكَ؟ فقال: ((لا، إنَّ اللهَ جميلٌ يحبُّ الجَمالَ))[12].
قال عبد المَلِك بنُ مَرْوَانَ: "أفضلُ الرِّجال مَنْ تَواضَعَ عن رِفْعَةٍ، وعفا عن قُدْرَةٍ، وأنْصَفَ عن قُوَّةٍ".

قال الشَّاعرُ:

عَجِبْتُ مِنْ مُعْجَبٍ بصُورَتِهِ وَكَانَ بِالأَمْسِ نُطْفَةً مَذِرَةْ
وَفِي غَدٍ بَعْدَ حُسْنِ طَلْعَتِهِ يَصِيرُ فِي اللَّحْدِ جِيفَةً قَذِرَةْ
وَهْوَ عَلَى تِيهِهِ وَنَخْوَتِهِ مَا بَيْنَ جَنْبَيْهِ يَحْمِلُ الْعُذْرَةْ


8- حُسْنُ المَظْهَر والقَوَام:

لمِظَهْرِ الإنسانِ أثرٌ في شخصيَّتِهِ، فالرَّجُلُ الصَّحيحُ الجِسْم، الحَسَنُ القامة، ربَّما لا يَحتاجُ في إظهار شخصيَّته والتَّأثير في غَيْره إلى ما يَحتاجُ إليه الشَّخصُ النَّحيفُ الجِسْم، المُشَوَّهُ الخِلْقَة؛ ففي حين تَجِدُ الأوَّلَ طبيعيًّا في معاملته؛ تجدُ الثَّانيَ مُحبًّا للتَّظاهُر، مُتَكَلِّفًا في أقواله وأفعاله، مُنْتَهِزًا كلَّ وسيلةٍ يستطيعُ أن يُظْهِرَ بها نفوذَهُ (عِلْمٌ – نَسَبٌ – مَالٌ – جَاهٌ – مَرَحٌ – فُكَاهَةٌ ...)
ذلك لأنَّ الإنسانَ حينما يُحِسُّ نَقْصًا في النَّاحية الجِسْميَّة مثلاً؛ تَراهُ يعمَلُ على أن يملأَ هذا الفراغَ، ويُكْمِلَ ذلكَ النَّقصَ منَ النَّاحية العقليَّة أو الخُلُقيَّة أو العِلْمِيَّة؛ حتَّى يُظْهِرَ شخصيَّتَهُ للملأ! وهكذا عَظَمةُ الخالق جلَّ وعلا؛ أن يعوِّضَ الإنسانَ بشيءٍ عمَّا فَقَدَهُ، وفي الحديث قال رسول الله –صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((إنَّ اللهَ لا يَنْظُرُ إلى أَجْسَامِكِمْ، ولا إلى صِوَرِكُمْ، ولكنْ يَنْظُرُ إلى قُلُوبِكُمْ))[13].
لذلك؛ لا ينبغي أن نَحْتَقِرَ إنسانًا، أو نَسْتَخِفَّ بمخلوقٍ، مهما يكنْ شأْنُهُ؛ فإنَّ مواهبَ الله
-تعالى- في الصُّدُور، لا في الثِّيابِ والظُّهُور.

قال رسولُ اللهِ –صلَّى الله عليه وسلَّم– في الحديث: ((مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى النَّاسِ فَلْيَتَوَكَّلَ على اللهِ تعالى، ومَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ أَغْنَى النَّاسِ فَلْيَكُنْ بما في يَدِ اللهِ عزَّ وجلَّ أَوْثقَ مِنْهُ بما في يَدَيْهِ، ومَنْ أَحَبَّ أنْ يَكُونَ أَكْرَمَ النَّاسِ فَلْيَتَّقِ اللهَ عزَّ وجلَّ))[14].
وقال ابنُ عمرَ – رضي الله عنهما-: "نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ"[15].

9- قُوَّةُ البيان:

لا شَكَّ أنَّ قُوَّةَ البيان، وفصاحةَ اللِّسان، وحُسْنَ المَنْطِق، والقُدْرَةَ على التَّأثير في السَّامع مع رَجَاحَة العقل تُكْسِبُ الإنسانَ شخصيَّةً قويَّةً، وتجعلُ لهُ مَنْزلةً بين سامِعِيهِ، وبلاغةُ اللِّسان وفصاحتُهُ لها قُدْرَةٌ كبيرةٌ على إقناع الآخَرين، ولنا في قصَّة سيِّدنا موسى -عليه السَّلامُ– وقفةٌ.
قال تعالى: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي} [القصص: 34].
فكان هارونُ عَوْنًا لأخيه -عليهما السَّلامُ- في إقناع فِرْعَوْنَ وقومِه، ولقد جاءَ في الحديث: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ؛ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ))[16].

والفصاحةُ لا تعني الثَّرْثَرَةَ والتَّشَدُّقَ والتَّوَعُّرَ في الكلام، وإنَّما هي حُسْنُ التَّعبير عمَّا في النَّفْس، وقوَّةُ التَّأثير في المُسْتَمِع، والتَّكَلُّمُ من غير تَهَيُّبٍ أو تَخَوُّفٍ؛ بحيثُ يكونُ الكلامُ حُلْوًا رشيقًا، سَهْلاً عَذْبًا مؤثِّرًا. ولهذا؛ كان الأمرُ يَتَطَلَّبُ العِلْمَ بالشَّيءِ الذي نُريدُ الكلامَ عنهُ، وترتيبَ الأفكار لهُ، وما أجملَ الكلمةَ الصَّائبةَ في اللَّحظة المناسِبة، وكذا حُسْنُ الاستماع للمتكلِّم من آداب التَّخاطُب.


والرَّجلُ الفصيحُ تكونُ الأعناقُ إليه أَمْيَلَ، والعقولُ عنه أَفْهَمَ، والنُّفوسُ إليه أَسْرَعَ، وقد ذَكَّرَ اللهُ رسولَه –صلَّى الله عليه وسلَّم– حالَ قريشٍ وبلاغتَهُمْ؛ فقال: {وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ} [المنافقون: 4]. فكلَّما كان اللِّسانُ أَبْيَنَ كان أَحْمَدَ، وقيل لجعفرِ بنِ يحيى البَرْمَكِيِّ: ما البيانُ؟ قال: أن يُحِيطَ لَفْظُكَ بمعنَاكْ، ويَكْشِفَ عن مَغْزَاكْ، ويُخْرِجَهُ منَ الشِّرْكَة، ولا يُسْتَعَانَ عليه بالفِكْرَة، ويكونَ سَلِيمًا منَ التَّكَلُّف، بعيدًا منَ الصَّنْعَة، بريئًا منَ التَّعقيد، غَنِيًّا عنِ التَّأويِل.

قال سهلُ بنُ هارونَ: "العقلُ رائدُ الرُّوحِ، والعِلْمُ رائدُ العقلِ، والبَيَانُ تَرْجُمَانُ العِلْمِ".
وقيل: "حياةُ المُروءةِ الصِّدْقُ، وحياةُ الرُّوحِ العفافُ، وحياةُ الحِلْمِ العِلْمُ، وحياةُ العِلْمِ البَيَانُ"، ولهذا؛ فإنَّ الكلمةَ إذا خَرَجَتْ منَ القلب وَقَعَتْ في القلب، وإذا خَرَجَتْ منَ اللِّسان لمْ تَتَجَاوَزِ الآذانَ.
قال –صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ، مَا يَتَبَيَّنُ فيها – (أي: لا يُفَكِّرَ فيها؛ أخير هي أمْ لا) - يَزِلُّ بها في النَّار أبْعَدَ مِمَّا بين المَشْرِق والمَغْرِب))[17].

قال الشَّاعرُ:

لِسَانُ الْفَتَى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فُؤَادُهُ فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ صُورَةُ اللَّحْمِ وَالدَّمِ


وقال آخَرُ:
لا يُعْجِبَنَّكَ مِنْ خَطِيبٍ خُطْبَةٌ حَتَّى يَكُونَ مَعَ الْكَلامِ أَصِيلا
إِنَّ البيان لَفِي الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا جُعِلَ اللِّسَانُ عَلَى الْفُؤَادِ دَلِيلا


أخـيرًا:
إِذَا وَعَظْتَ فَأَوْجِزْ؛ فإنَّ كثيرَ الكلام يُنْسي بعضُه بعضًا، وأَصْلِحْ نفسَكَ يَصْلُحْ لكَ النَّاسُ.

10- الثِّقةُ بالنَّفْس:

من أهمِّ عناصر الشَّخصيَّة الثِّقةُ بالنَّفْس أوَّلاً، والاعتمادُ عليها ثانيًا، ومتى وُجِدَتِ الثِّقةُ بالنَّفْس؛ فمنَ السَّهْل الاعتمادُ عليها في كلِّ عملٍ ممكِنٍ منَ الأعمال النَّافعة، وفي التَّغلُّبِ على العقباتِ ومشاقِّ الحياة؛ قال تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159].

وإنَّ المؤمنَ يتوكَّلُ على الله -سبحانه- في كلِّ أموره؛ ولهذا فإنَّه يَثِقُ بنفسه، ويعتمدُ على ذاته في إنجاز كلِّ شؤونه، ملتمِسًا الأسبابَ والدَّواعيَ، من إلمامٍ بجوانب الموضوع، والثَّقةِ بالنَّفْس، والدِّقَةِ في الأداء وإتقانِه؛ بذلك يستطيعُ الشَّخصُ القيامَ بأعباء الحياة من غير اتِّكالٍ على غيره؛ فيؤدِّي واجبَهُ نحو نفسِه ومجتمعِه.


والرَّجلُ الواثقُ بنفسِه ثقةً بعيدةً عنِ الغرور والاسْتبداد، الواثق بقوله وفعله، يستطيعُ أن يواجهَ أيَّ موقف، ويُبَرْهِنَ على سَدَاده وصَوَابه، فيستطيعُ تدبيرَ حالِه، مُعِدًّا نفسَهُ للنُّزول إلى مُعْتَرَكِ الحياة، فيخرجُ للمجتمع رابِطَ الجَأْشِ، قويَّ العزيمة، ثابتَ القلب، مُسْتَلْهِمًا من قوَّة إيمانِهِ، ومُنِيبًا للهِ أمرَهُ.

قال تعالى: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88].
وقولُهُ عزَّ وجلَّ: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً} [الأحزاب: 3].
وقال رسول الله –صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((لَوْ أنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ على اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ؛ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ؛ تَغْدُو خِمَاصًا وتَرُوحُ بِطَانًا))[18].

قال الشَّاعرُ:

تَوَكَّلْ عَلَى الرَّحْمَنِ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ وَلاَ تَرْغَبَنْ فِي الْعَجْزِ يَوْمًا عَنِ الطَّلَبْ
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ قَالَ لِمَرْيَمٍ وَهُزِّي إِلَيْكِ الجِذْعَ يَسَّاقَطِ الرُّطَبْ
وَلَوْ شَاءَ أَنْ تَجْنِيهِ مِنْ غَيْرِ هِزَّةٍ جَنَتْهُ وَلَكِنْ كُلُّ رِزْقٍ لَهُ سَبَبْ


11- اعْتِدَالُ المِزاج:

يقولُ علماءُ النَّفْس: إنَّ المِزاجَ هو الشَّخصيَّة الفِطْرِيَّةُ الطَّبيعيةُ - (الطَّبْع) - والنَّاسُ يختلفونَ في أَمْزِجَتِهِمْ كما يختلفون في شخصيَّاتِهِمْ؛ فنَجِدُ المتفائلَ، والمتشائمَ، وغيرَ المتسامحٍ، والمِقْدَامَ، والمُتَرَدِّدَ...إلخ، وذلك لأسبابٍ كثيرةٍ، منها الوِراثَةُ، والمُناخُ، والبيئةُ، والغُدَدُ وإفرازاتُها، وكذا الأمراضُ، وخلافُه.
والشَّخصُ إذا امتلكَ حُسْنَ طَبْعٍ، واعْتِدَالَ مِزاجٍ، وَحِلْمًا، وَلِينًا؛ كانت من دعائم شخصيَّتِه وقوَّتِها؛ وقد قال الله تعالى لرسولِه –صلَّى الله عليه وسلَّم-: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159].
قال رسول الله –صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((إنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحبُّ الرِّفْقَ، ويُعْطي على الرِّفْقِ ما لا يُعْطي على العُنْفِ، وما لا يُعْطي على سِوَاهُ))[19].
وقولُهُ: ((إنَّ المؤمنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائمِ القَائمِ))[20].
وقوله: ((ألا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ على النَّارِ؟ –أو: بِمَنْ تَحْرُمُ عليه النَّارُ؟- تَحْرُمُ على كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ))[21].

قال الشَّاعرُ:

تَأَنَّ ولا تَعْجَلْ بِلَوْمِكَ صَاحِبًا لَعَلَّ لَهُ عُذْرًا وَأَنْتَ تَلُومُ


وقال آخَرٌ:
إذا كُنْتَ في كُلِّ الأُمُورِ مُعَاتِبًا صَدِيقَكَ لَمْ تَلْقَ الَّذي لا تُعَاتِبُهْ
فَعِشْ وَاحِدًا أو صِلْ أَخَاكَ فَإنَّهُ مُقَارِفُ ذَنْبٍ تَارَةً وَمُجَانِبُهْ
إذا أَنْتَ لَمْ تَشْرَبْ مِرارًا على القَذَى ظَمِئْتَ وَأَيُّ النَّاسِ تَصْفُو مَشَارِبُهْ
وَمَنْ ذا الَّذي تُرْضَى سَجَايَاهُ كُلُّهَا كَفَى المَرْءَ نُبْلاً أَنْ تُعَدَّ مَعايبُهْ


وبعد أن وضَّحْنَا عناصرَ الشَّخصيَّة القويَّة؛ فإننا نؤكِّدُ أنَّ الشَّخصيَّة القويَّة لها دَوْرٌ كبيرٌ في نجاح الإنسان في مختلف شؤون حياته، ومن ثم تُعَدُّ خُطْوَةً مُهِمَّةً نحوَ السَّعادة.


عن أبي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه– قال: قال رسول الله –صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأَحَبُّ إلى الله من المؤمن الضَّعيف، وفي كلٍّ خيرٌ؛ احْرِصْ على ما يَنْفَعُكَ، واسْتَعِنْ بالله ولا تَعْجِزْ، وإن أصابَكَ شيءٌ فلا تَقُلْ: لو أنِّي فَعَلْتُ كذا كان كذا، ولكن قُلْ: قَدَرُ اللهُ وما شاءَ فَعَلَ؛ فإنَّ (لَوْ) تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطانِ))[22].

ـــــــــــــــــــــــــــــ
[1] رواه مسلم.
[2] رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
[3] رواه مسلم.
[4] رواه مسلم.
[5] رواه مسلم.
[6] رواه البخاري.
[7] رواه مسلم.
[8] رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. وضعفه الألباني.
[9] رواه مسلم.
[10] رواه مسلم.
[11] رواه مسلم.
[12] رواه مسلم.
[13] رواه مسلم.
[14] رواه الحاكم.
[15] رواه البخاري.
[16] متَّفقٌ عليه.
[17] متَّفقٌ عليه.
[18] رواه الترمذي.
[19] رواه مسلم.
[20] رواه أبو داود.
[21] رواه الترمذي، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
[22] رواه مسلم.


منقول
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 75.51 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 73.63 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.49%)]