عرض كتاب: (الفساد والاقتصاد العالمي) - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12410 - عددالزوار : 208958 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 167 - عددالزوار : 59562 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 60 - عددالزوار : 757 )           »          الأعمال اليسيرة.. والأجور الكثيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          خواطر متفرقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          السلفية منهج الإسلام وليست دعوة تحزب وتفرق وإفساد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 33 )           »          القذف أنواعه وشروطه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 61 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 15874 )           »          الضلع أعود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام

الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-04-2019, 12:55 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,380
الدولة : Egypt
افتراضي عرض كتاب: (الفساد والاقتصاد العالمي)

عرض كتاب: (الفساد والاقتصاد العالمي)
حسام محمود مصطفى



في أعقاب نُموِّ صُور الترابُط الاقتصاديِّ بين دُول الشَّمال الغَنية والجنوب الفقيرة، بَزَغتْ رَغبةٌ مُلحَّةٌ بين شعوب المشرق والمغرب في التعاون؛ لتعزيز الشَّراكات التجاريَّة والاستثماريَّة، لكن تلك الطُّموحات اصطدمت بسلبياتِ العولمة المتعلِّقة بالأزمة الماليَّة، إضافةً إلى تفشِّي الفساد بالعديد من القطاعات، والذي أدَّى لتدهور الرأسماليَّة تحت وطأة الحروب التجاريَّة، والإسراف في القُروض والائتمان العقاري، وطوفان الانهيارات في أسواق المال الغربيَّة التي أَعقبت سقوطَ مؤسَّساتٍ وبنوكٍ عملاقة، وإعلانها الإفلاسَ، وتسريح العمالة؛ لتزدادَ الأزمة تعقيدًا.

*سلبيات العولمة أسقطت الرأسمالية:
أهوال الأزمات المالية الراهنة ترتبط بشكلٍ وثيق بالفساد؛ حيثُ أعطتِ المكاسبُ غيرُ المشروعة للطُّغاة في هذا العصر الفرصةَ لفرْض توجُّهاتهم، فيدفعون بلادَهم إلى أعماقٍ أشدَّ غورًا من القلاقل السياسيَّة والاقتصاديَّة، ويعمل الفساد في الضَّمائر على تشويه آليات السُّوق، وطمس الحقائق، وعرقلة الاستثمارات التنمويَّة القائمة على العمل والإنتاج، وكلَّما كان الفساد مُشوِّهًا لطبقات المجتمع، فهو يَقضي على السُّلْطة الشرعيَّة السياسيَّة.

ولعلَّ أبلغَ الشواهد التاريخيَّة في القرن الماضي على ذلك ما وقع مِن انهيارٍ للكتلة السوفيتية بسقوط ثوابتها الشيوعيَّة، وفشل نماذجها الاقتصاديَّة، كما هَوتِ النُّمور الآسيوية في فخِّ الخسائر بالإسراف في إبرام الصَّفقات طويلة الأجل، والمشروعات عالية المخاطر؛ ليعصف بها التباطؤ التنمويُّ، إلاَّ أنَّ أشدَّ صور الفساد شيوعًا هو المتزامن مع الاتِّجار بالشِّعارات السياسيَّة؛ لتكون في النهاية أداةً لكسر المعادلات الاقتصاديَّة، التي مِن المفترض أنْ تستهدفَ صالحَ الشُّعوب لتصيرَ حِكرًا على السَّادة والقيادات، وتستولي حفنةُ المتآمرين على المناصب والثَّروات، كما في بعض بلدان العالَم الثالث، خاصَّةً في إفريقيا والشَّرق الأوسط.

لكن ما حدث في الفترة الأخيرة من أزمةٍ ماليَّة مستحكمة، يجب أن يُدير العقولَ للتأمُّل في كيفية مواجهة ألوان الفساد، حيثُ أصدر صندوقُ النَّقد والبنك الدوليَّان العديدَ من المشروعات لمكافحة الممارسات غيرِ المشروعة، التي مِن شأنها الخروج على القوانين بالسَّاحة الاقتصاديَّة، بجانب التصدِّي لظواهر غسيل الأموال، والاتِّجار في البَشر والمخدِّرات، ومنع وجود مؤسَّسات تتاجر في السِّلاح تحت ستار أنشطة أخرى، تُؤجِّج بها نيرانَ الصراعات والحروب الأهليَّة والإقليميَّة.

وتُركِّز الأوساطُ الاقتصاديَّة في الفترة الأخيرة على احتواء الأزمات الاجتماعيَّة التي أدَّت لاختلالاتٍ ماليَّة في الأنشطة التَّشغيليَّة، والأهداف التنموية، وحتَّى طموحات الشعوب الفقيرة صارت هناك مزايدات جماعيَّة عليها مِن قِبَلِ الأغنياء، بتراجع المصالح العامَّة للطبقات الأقلِّ دخلاً مِن أجْل نظيراتها الثريَّة الخاصَّة.

فإمكانية الوصول - مثلاً - لمناصب الحكم إذا كان باستقلالٍ وحرية، سيُولِّد نتائجَ إيجابيةً للمجتمعات، والعكس صحيح، ولعلَّ (المحسوبية) المهيمنة على القنوات الاقتصاديَّة تعوق النهضةَ الاستثماريَّة، كما عانت من ذلك بُلدان كالمكسيك والأرجنتين طويلاً، في حين تُحاول الصينُ والهند معالجةَ صور هيمنة النُّخب المختارة على الإدارات والمؤسَّسات العملاقة؛ لإتاحة الفُرَص للشَّباب، فيما يعدُّ الفسادُ والرِّشوة والبيروقراطية من أفدح مساوئ الاقتصاد الرُّوسي، وأنظمة شرق أوروبا.

ووسْطَ كلِّ هذه الصِّراعات الاقتصاديَّة أصبحت الشعوبُ أكثرَ وعيًا بضرورة إيجاد حلولٍ عاجلة للأَزمات الماليَّة المتفاقمة، وإعادة ترتيب المؤسَّسات العملاقة، وإصلاح الأجهزة المصرفيَّة والبنكيَّة، والتوصُّل لأُطرٍ صحيحة؛ لمعالجة مظاهر الرِّشوة، وغسيل الأموال، والضَّرب على أيدي المفسدين لتنقية الأسواق مِن الغلاء، خاصَّةً مع تحرُّك المنظَّمات الحكومية وجهاتِ التَّنمية والتعاون لضبط آليات العرْض والطلب، ووضع أطر تنظيميَّة للشَّركات متعددة الجنسيات، ومنع صُوَر التلاعُب بقوتِ وأرزاقِ البُسطاء مِن عامَّة النَّاس، والاستفادة الإيجابيةِ من ثورة المعلومات الرَّقميَّة، وتكنولوجيا الاتِّصالات والإعلام؛ لخدمة مقومات التنمية الشَّعبيَّة.

*نجاح السياسات الاقتصادية مرهون بمشروعيتها:
تُحذِّر الدوائر الماليَّةُ مِن انعكاسات الفساد (الدكتاتوري) للسلطات على السَّاحة الاقتصاديَّة العالَميَّة، وتُشدِّد على أهميَّة معالجة عواقبه جذريًّا؛ نظرًا لإفراغه للمجتمعات مِن مبادئها المتوارثة؛ لِيَحُلَّ محلَّها تجمعاتٌ شاردةٌ مِن اللِّئام والمرتزقة، مِن وراء الأزمات النقديَّة، حيثُ يَحصُلون على أرباحٍ طائلةٍ على حساب خسائر الطَّبقات الفقيرة، التي تكدح بالعمل في المصانع والمزارع.

ولعلَّ أقسى ألوان التَّسلُّط الشمولي التي عانى منها الاتِّحاد السوفيتي قُبيل انهياره، وتكرَّر؛ ولكن بصورٍ أقلَّ وضوحًا في المؤسَّسات الأجنبية العملاقة؛ لتسيرَ نحو تجميل الرِّشوة بإعطاء القروض والاكتتابات، والتَّزوير في الميزانيات العامَّة؛ لتصيرَ بين عشيَّةٍ وضُحاها أثرًا بعد عَين، وتتكبد الخسائرَ، الواحدة تلوَ الأخرى، في طوفان الأزمات المتلونة بأنظمةٍ غير مستقرَّةِ الأهواء؛ كما في الغرب الأوروبي.

كما برزتْ فضائح (ووترجيت) في منتصف سبعينيات القرن الماضي، ونظيراتها لـ(كلينتون) في نهاية نفس القرن بالولايات المتحدة، التي أطاحتْ برئيسين لأقوى دولةٍ في العالَم كانَا يتصارعانِ مع دوامات الفساد التاريخيِّ وتورَّطَا فيه، ولكنَّ هناك صورًا أخرى سجَّلها التاريخ عن طريق الثَّورات الديِّمقراطيَّة السلمية التي أسقطتِ القادةَ المستبدين في أنحاء الوطن العربيِّ، وأمريكا اللاتينية في القرن الماضي، ثم قرارات (ميخائيل جورباتشوف) بتنشيط اقتصاد الاتِّحاد السوفيتي، وما قيل عن صفقة أمريكيَّة مشبوهة معه؛ لتفتيت القوة العُظمى الثانية في العالَم.

ويحملنا التَّاريخ أيضًا إلى غياهب الانفتاح التحرُّري للرأسماليَّة في أوروبا الشرقيَّة بعدَ سقوط حائطِ برلين؛ لِتُصَوِّرَ العواصمَ الغربيَّة الشيوعيَّة على أنَّها كِيانٌ اقتصاديٌّ بالٍ، أصبح لا فائدة منه؛ لتنتهيَ الحرب الباردة بخسائرِ المعسكر الشَّرقي لروسيا، وتفرض الولايات المتحدة هيمنتَها وإرادتها بنظُمها السياسيَّة والاقتصاديَّة، وتبسط سطوتَها العسكريَّة، واستعمارَها الاقتصاديَّ على شعوب العالَم؛ لتتحولَ الأنظار الاستثماريَّة صَوبَ قلب أوروبا - خاصَّة إيطاليا - لتكونَ معقلاً لمكافحة الفساد النقدي، والإصلاح القائم على رفْع جودة الصناعة، وتقديم أروع فنون الإنتاج الحديث عبرَ مؤسَّسات مبتكرة، توجت في النِّهاية بإطلاق مَنطقة اليورو والاتِّحاد الأوروبي.

ومع انهيار أفكار الشيوعيَّة التي انحصرت حاليًّا في الصِّين تقريبًا، صَعِدت بُلدان كانت تكتوي بنيران الحرب الباردة، وتصمد أمامَ الكتلة الشرقيَّة آنذاك؛ لتتصدر قوافلَ التنمية على الساحة الاقتصاديَّة، وفى مقدِّمتها: اليابان، وتايوان، وكوريا الجنوبية، والمكسيك، وإيطاليا؛ لتفتح عيون شعوبها على دعائمَ السُّوق الحرَّة، وعلى الدُّول الصناعية الأخرى العملاقة أن تمد جسورَ التواصُل التجاريِّ.

ومن المعلوم أنَّه يمكن أن تكونَ هناك عواقبُ معقَّدةٌ لمواجهة الفساد المتضخم في البلدان التي تمرُّ بمراحلَ انتقاليةٍ من الحُكم السلطوي إلى الديمقراطيَّة، واقتصاديات السُّوق الحُرَّة، لكن تَغيُّر صُوَرِ الأنشطة السِّريَّة جعل السقوطَ في دوامة الصَّفقات المشبوهة غيرَ قاصرٍ على القطاع العام وبعض الحكومات، بل امتدَّ - بصورٍ غير معهودة - إلى المؤسَّسات الخاصَّة، والبنوك الأجنبية، والشَّركات متعددة الجنسيات؛ ليفتحَ الباب أمامَ المُقامِرين بالرَّأسماليَّة في الولايات المتحدة في عهد الجمهوريين برئاسة (جورج بوش) الأب، ثم في فترتي ولاية الابن (جورج دبليو بوش)، الذي فشل في كبح جِماح الأزْمة الماليَّة؛ ليلقيَها على عاتق الإدارة التَّالية له بالبيت الأبيض.

واستغلَّت بعضُ القيادات المأجورة الباحثة عن المكسب السَّريع - خاصَّة بالدُّول النَّامية - سياساتِ الخصخصة، وبيع القطاعات العامَّة كفرصةٍ للثراء الفاحش، عن طريق بيع الأصول العامَّة بأسعارٍ زهيدة للأقارب والأصدقاء من الباطن؛ لتدخلَ أموال الشَّعب في جيوب كبار المسؤولين عبرَ ممارساتٍ غيرِ شريفة تُحاك في الظلام، أدَّت لإفلاس الموازنات العامَّة من جهة، وبروز نُظمٍ فاسدة تُكافحها الشُّعوب على مدى أعمارِ أجيالِها من جهةٍ أخرى، حتَّى إنَّ الكثير من الدُّول صارت تُجنِّد أجهزةً استخباراتيَّةً، وهيئاتٍ اقتصاديَّةً لمراقبة تلك الصَّفقات، ومكافحة الفساد المتفشي، وتطبيق قوانين رادعة على المتآمرين في هذا المنوال.

*مكافحة الأزمة المالية بتعظيم قيم العمل والإنتاج:
هناك مجموعاتٌ من الدِّراسات الخاصَّة بالإصلاحات الاستثماريَّة والتعديلات الاقتصاديَّة طرحتْها أقلامُ الباحثين والخبراء، والتي يمكن بها معالجةُ الأزمات الرَّاهنة، وفى مُقدَّمتها: التَّركيزُ على القطاعات الإنتاجيَّة، والزراعة التي تُغذي الصناعات الإستراتيجيَّة، وتعديل مؤسَّسات السياحة ومؤتمراتها، وتنمية الاستثمارات البَينيَّة والعابرة للقارَّات، وترميم الطُّرق والسِّكك الحديديَّة، وتطوير خِدْمات الهاتف النَّقَّال بالمناطق النائية بالعالَم الثالث، حتَّى تكون رافدًا لتحسين مستويات المعيشة للشُّعوب، وتحديث المركبات، ونظم التسويق المحليَّة، وإنعاش برامج تعبئة الموارد؛ لِتَجنُّب فقدانها بأبخسِ الأسعار.

كما أنَّه من الضَّروريِّ أن تلتزمَ الحكومات بترشيد الثروات العامَّة، وتحسين الانتفاع بالقُدرات الذاتية للشُّعوب، وضبط آليات الأسعار وموازين المدفوعات، والالْتزام بالنُّظُم الأكثرِ شفافيةً؛ لمنعِ الفساد الإداريِّ والمصرفيِّ، وحسن إدارة الممتلكات المؤمَّنة - إن وجدت - وتطوير النُّظُم التكنولوجية للبُلدان الفقيرة، وإضفاء طابع اللاَّمركزيَّة على الحُكم المحلي، وجعل السلطات الإقليميَّة أكثرَ خضوعًا للرَّقابة والمحاسبة؛ لضمان نزاهتها، وحظر الفساد الأجنبيِّ الخارجي في الأسواق الوطنية.

أمَّا على صعيدِ الأنشطة المتعلِّقة بالمناقصات والمزايدات الدوليَّة، فيجب على مختلف بُلدان العالَم، حتى تتجنَّب الانتكاساتِ الماليَّةَ القيامُ بتبنِّي نُظمٍ مناهِضة للرشاوى والمحسوبيات، ومنع التجاوزات المتعلِّقة بالابتزاز الاستثماريِّ والإلكتروني، ووضع ضوابطَ صارمةٍ للمناقصات في المؤسَّسات؛ لتقليص التكاليف المختصة بالتوريدات، والسلع والخِدْمات، وبالتَّالي تقليل نفقات المواطنين البُسطاء بدلاً من انتقال الأعباء المشبوهة من تجار الجُملة والتجزئة للمستهلكين الفقراء.

وهناك رؤى عديدةٌ للأسواق الناشئة والبازغة لتخطي عقبات الأزمات الاقتصاديَّة؛ ومنها: مؤازرة التصدير، ومنع الإغراق، وتَبنِّي سياسات المناطق الاستثماريَّة الحُرَّة، والكنتونات الصناعيَّة - كما فعلت الصِّين - وعدم المبالغة في المضاربات المحفوفة بالمخاطر، والتصدِّي لسلبيات العولمة المرتبطة باستثماراتٍ غيرِ تنافسيَّة، فتوجد مناطق يمكنها مواصلة حركة التنمية رغمَ العراقيل الراهنة، وفي مقدِّمتها أُمُم جنوب شرق آسيا (سنغافورة، وأندونيسيا، وتايلاند، وماليزيا، والفلبين، وبورناي)، وأيضًا الصعود بحجم التشغيل للأسواق، وتنقيتها من المشكلات المصرفيَّة - إن وجدت - مثلما تقوم الولايات المتحدة والاتِّحاد الأوروبي، وتحاول تجمُّعاتُ الصين، وهونج كونج، والهند الاستمرارَ في حركات الإصلاح المؤسَّسيِّ والتشريعيِّ بتطبيق سياسات متوازنة، وتصنيف الصناعات، وإرشاد المستثمرين، ومنْع انهيارات الأسواق، ووقايتها من الاختلالات السِّعريَّة والهيكليَّة.

*الإصلاح الاستثماري يصارع الفساد السلطوي:
كانت - ولا تزال - العولمة بكلِّ مشاكلها وأَزماتها المستعرة لُغزًا على مَرِّ العقود؛ حيث تُشير الأوساط إلى ضرورة توسيع إطار التكامُل الاقتصاديِّ العالميِّ، وتعميقه بمصداقية، مع درْءِ مخاطر الفساد؛ للحيلولة دونَ تَكْرار ظواهر إفلاس البُنوك نتيجةَ هروب رؤوس أموالها عبرَ البحار والمحيطات، خاصَّة مع احتدام الجدل بشأن صفقات الائتمان والقُروض، حيثُ يعمل بزوغ النِّظام المالي الدولي الإلكتروني على سرعة التواصُل السُّوقيِّ، والتلاقي بين الدوائر الاقتصاديَّة في الشَّرق والغرب خلالَ ثوانٍ معدودة.

ومِن المدهش أن يصلَ الحالُ بالاقتصاد العالميِّ الحديث إلى جَعْل بعض البشر يكتسبون ملايين الدولارات بمجرد الضَّغط على أزرار الكمبيوتر، واختيار الصَّفقات بالفارة، وبواسطة مداولات تتم في دقائقَ معدودةٍ عبرَ الأقمار الصناعية، فتلك ثورةٌ معلوماتية رائعة للمستثمرين؛ لتدورَ الأموال على كافَّةِ الأسواق بالكرة الأرضيَّة، بالرغم من سلبيات الاقتصار على الكَسْبِ في هذا المجال دونَ تعبٍ حقيقي في العمل، إلاَّ أنَّ هناك - أيضًا - تحدياتٍ أخرى تتعلَّق بمساوئ اختلاط السيولة النقديَّة الدوليَّة، ووجود قنَّاصة رأسماليين راغبين في دمج الأموال القذرة لصفقات الاحتيال والنصب مع المدفوعات والاستثمارات المشروعة.

وقد يَصير النِّظام المالي المرقم، والمتكامل دوليًّا في ظل الانفتاح غير المحسوب، لا يخضع للسلطات الرِّقابيَّة الكفيلة بمنع وقوع عمليات النَّصْب والاحتيال، وتبييض الأموال؛ وصولاً إلى أفظع درجات الفوضى، بفرض ضرائبَ على مؤسَّسات معروفة بتجاراتها المُحرَّمة والإجراميَّة؛ لوجود قضايا واتِّهامات ضدَّها بلا إدانةٍ حقيقيَّة، خاصَّة بالبُلدان النامية والفقيرة.

فعلى مدى العقد الماضي مثلاً، حقَّقت حكومة سويسرا أرباحًا طائلةً من جرَّاء السِّريَّة المصرفية لحسابات بنوكها، حتَّى كانت تُتَّهم بأنَّها جعلت من مصارفها تربةً خصبة، وملاذًا آمنًا للخارجين علي القانون؛ من المقترضين من البنوك، والمهربين، والمجرمين، ومحتالي شركات توظيف الأموال، فلم تَعُدِ البنوك في سويسرا اليومَ تلتزم بقيود السِّريَّة المصرفيَّة إذا تعارضت مع قوانين الشَّفافية والنَّزاهة العالميَّة.

من خلال هذا التَّشابُك لمعطيات الصِّراعات الماليَّة والاستثماريَّة يظهر للعِيان العديدُ من النقاط الواجب توافُرُها؛ كي يخرجَ العالَم من مسلسل التراجعات الماليَّة والتجاريَّة، وفي مقدِّمتها أخذُ العِظة من التاريخ، حيث ينبغي احتكامُ الأنظمة الحكوميَّة والقيادات السياسيَّة إلى المبادئ في التعاملات الاقتصاديَّة، وعدم الانغماس في الأنشطة المُحرَّمة التي تَسقط في النِّهاية، مهما طال بها المقام.

كما أنَّ تذكرة الخبراء للمؤسَّسات العامَّة والقطاعات الشَّعبيَّة بتجارِب البُلدان يجعلها تضع إستراتيجياتٍ سليمةً للتنمية، والإنتاج معًا، بعيدًا عن الاهتزازات الاجتماعيَّة، ودرء الأطماع التجاريَّة للانتهازيِّين، الذين كانوا السببَ الرئيس في الإطاحة بحكوماتٍ، وأنظمة سياسيَّة واقتصاديَّة لعدَّةِ عُقودٍ، في حين تَبقَى قِيَمُ العمل والإنتاج صامدة.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.25 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (3.07%)]