|
|
ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
عودة الماضي
عودة الماضي محمد حمادة إمام كثيرًا ما يُطالعنا تمنِّي الشعراءِ عودةَ أيامِ الشباب ولياليه، مدَّعين في بعض المواطن، أنه عاد إلى حوزتهم وركابه، هذا بخلاف مَن أخبر بإبائه عليهم، ونفوره منهم بعد رحيله عنهم. فهذا ابن الجياب، يرجو - متفائلًا - عودة الشباب، ورجوعَه إليه، فإذ بالشباب يُلبِّي دعوتَه، ويُجيبه إلى طلَبه، بعد السبعين مِن عمره، على يد مَن أحبَّه، ولم لا؟!، وهو مِن ذوي الحِلم والحِكمة والعلم، فيقول[1]: [من الطويل] سقاني فأهلًا بالسِّقاية والسَّاقي سُلاَفًا بها قَامَ السُّرُورُ على سَاقِ ولا نقْلَ إلَّا مِنْ بدائعِ حِكْمَةٍ ولا كأْسَ إِلَّا مِنْ سُطُورٍ وأَوْراقِ فَقَدْ نَشَأَتْ لي نشوةٌ بَعْد نَشْوةٍ تُمَدُّ بِروْحَانيةٍ ذاتِ أذْوَاقِ فمِن حَظِّها الباهي متاعٌ لِناظِرِي وسمعي وحظُّ الروح ِمِن حظَّها الباقي أعادتْ شبابي بعد سَبْعين حِجَّةً فأثوابُه قَدْ جُدِّدَتْ بَعْدَ إِخْلاقِ وما كُنْتُ يَومًا للمُدَامةِ صاحبًا ولا قَبلَتْها قطُّ نشأةُ أخْلاقي ولا خالَطَتْ لَحْمِي ولا مَزَجَتْ دَمِي وَقَى شَرَّهَا مولاي فالشكرُ للواقي وهذا على عَهْدِ الشّبابِ فكيف لي بها بَعْد ماءٍ للشبيبة مُهْرَاقِ أَحَبَّ العِلْم، وتشرَّب التُّقَى والحِلم - وهذا مِن فضل ربه عليه - فلم تمس يده أقداح المجُونِ والسُّكْر، ولم تجْر في عروقه قطرةُ خمر، هذا في الشباب، فكيف به في المشيب، لقد ازدان بوقارٍ على وقاره، بفضل الباري سبحانه وتعالى، وصدَق اللهُ العظيم إذ يقول: ﴿ إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾ [2].
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: عودة الماضي
أمَّا مَن تمنَّى عودةَ الشبابِ، والشبابُ لم يَنظُر في شكواهم، ولم يُجهِد نفسَه في فحص بلاياهم؛ فمنهم أبو خميس (ت. 703هـ)، الذي يقول في أبيات منها[3]: وماذا عَسَى تَرْجُو لِداتي وأرْتَجِي وقد شَمِطَتْ مِنَّا اللِّحَى والأَفَانِكُ[4] يَعُود لنا شَرْخُ الشَّباب الذي مضَى إذا عاد للدنيا عقيل ومالكُ يئس الرجُل مِن عودة الشباب، وقد استبان فيه المشيب، مؤكِّدًا على ذلك بالربط بين عوده، وعود عقيل ومالك، بعد الموت والفوت. وممَّن استبعَد، أو استعظَم إيابَ الشباب، أبو بكر محمد... بن علي القرشي[5]؛ فقد تأكَّد مِن استحالة رجوعِ الشباب إليه، ونزول الغيثِ بعدَ الجدْب، وحدوث السِّلم عند توالي الحرب، والبُرْء مِن مرضٍ مُزْمِن، وحلول الأمْن بعدَ الخوف، وولادة الغِنَى مِن الفقر، والراحة والعشيرة في الغربة، فيقول[6]: [من المتقارب] قَدِمْتُ فَمَا الغَيْثُ عِنْدَ الجدوبِ ولا السِّلْمُ عِنْد تَوَالي الحُرُوبِ ولا البُرْءُ مِن دَنفٍ مُزْمنٍ وشَرْخُ الشبيبة بعد المشيبِ ولا الأمنُ مِن خيفةٍ والغِنَى مِن الفَقْرِ، والأهْلُ عند الغريبِ أحبَّ الشعراءُ الشبابَ، ووطنَه، فتمنَّوا عودتَه إليهم، ورجوعَهم إلى مَعْهدِهِ، وكأن الزمان أقرَّ أعيُنَهم، في بعض الأحايين بإطلاق سراحه إليهم، وعاندَهم ووقفَ حَجَرَ عثرة في أحايينَ أخرى، حائلًا بينهم وبينه.
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
رد: عودة الماضي
الشباب بين الرجوع والإباء ادعاءً وتكلفاً: كثيراً ما يطالعنا تمني الشعراء عودة أيام الشباب ولياليه، مدعين في بعض المواطن، أنه عاد إلى حوزتهم وركابهم، هذا بخلاف من أخبر بإبائه عليهم، ونفوره منهم بعد رحيله عنهم. فهذا ابن الجياب، يرجو - متفائلاً - عودة الشباب، ورجوعه إليه، فإذ بالشباب يلبي دعوته، ويجيبه إلى طلبه، بعد السبعين من عمره، على يد من أحبه، ولم لا؟!، وهو من ذوي الحلم، والحكمة، والعلم، فيقول [7]: [من الطويل] سقاني فأهلا بالسِّقاية والسَّاقي سُلاَفًا بها قَامَ السُّرُورُ على سَاقِ فَقَدْ نَشَأَتْ لي نشوةٌ بَعْد نَشْوةٍ تُمَدُّ بِرَوْحَانيةٍ ذاتِ أذْوَاقِ فمن حَظِّها الباهي متاعٌ لناظري وسمعي وحظُّ الروح من حظها الباقي أعادت شبابي بعد سَبْعين حِجّةً فأثوابُه قَدْ جُدِّدَتْ بَعْدَ إِخْلاقِ وما كُنْتُ يَومًا للمُدامةِ صاحبا ولا قبلتها قطُّ نشأة أخْلاقي ولا خالطتْ لَحْمِي ولا مَزَجَتْ دَمِي وقى شرها مولاي فالشكر للواقي وهذا على عَهْد الشّبابِ فكيف لي بها بَعْد ماءٍ للشبيبة مُهْرَاقِ أحبَّ العلم، وتشرب التقى والحلم - وهذا من فضل ربه عليه - فلم تمس يده أقداح المجون والسكر، ولم تجر في عروقه قطرة خمر، هذا في الشباب، فكيف به في المشيب، لقد ازدان بوقار على وقاره، بفضل الباري - سبحانه وتعالى -، وصدق الله العظيم إذ يقول: ﴿ إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾ [الطارق: 4] [8] أما من تمنى عودة الشباب، والشباب لم ينظر في شكواهم ولم يجهد نفسه في فحص بلاياهم، فمنهم أبو خميس (ت. 703 هـ )، الذي يقول في أبيات منها: [9] وماذا عَسَى تَرْجُو لِداتي وأرْتَجي وقد شَمِطَتْ مِنّا اللحا والأَفَانِكُ [10] يعود لنا شرخُ الشَّباب الذي مضى إذا عاد للدنيا عقيل ومالكُ يئس الرجل من عودة الشباب، وقد استبان فيه المشيب، مؤكدا على ذلك بالربط بين عودة، وعود عقيل ومالك، بعد الموت والفوت. وممن استبعد، أو استعظم إياب الشباب، أبو بكر محمد.. بن علي القرشي،[11] فقد تأكد من استحالة رجوع الشباب إليه، ونزول الغيث بعد الجدب، وحدوث السلم عند توالي الحرب، والبرء من مرض مزمن، وحلول الأمن بعد الخوف، وولادة الغنى من الفقر، والراحة والعشيرة في الغربة، فيقول: [12] [من المتقارب] قَدِمْتُ فَمَا الغَيْثُ عِنْدَ الجدوب ولا السِّلْمُ عِنْد تَوَالي الحُرُوبِ ولا البُرْءُ مِن دَنفٍ مُزْمنٍ وشَرْخُ الشبيبة بعد المشيبِ ولا الأمنُ من خيفةٍ والغنى من الفَقْرِ، والأهْلُ عند الغريبِ أحب الشعراء الشباب، ووطنه، فتمنوا عودته إليهم، ورجوعهم إلى معهده، وكأن الزمان أقر أعينهم، في بعض الأحايين بإطلاق سراحه إليهم، وعاندهم ووقف حجر عثرة في أحايين أخرى، حائلا بينهم وبينه. [1] انظر: الكتيبة الكامنة صـ 186، 187، النفح حـ 6 / صـ 124. [2] سورة الطارق: 4. [3] انظر: الاحاطة حـ 2 /535. [4] الفَنِيك من الإنسان: مجتمع اللحْيَيْن في وسط الذقن، وقيل: هو طرف اللحْيَين عند العَنْفَقَة. اللسان "ف. ن. ك. " [5] كان قريعَ أصالةٍ وديانةٍ، ونشأةِ ورَع وصيانةٍ، أصبح لهبة الظرفاء ناسمًا، لا تَلْقَهُ إلا باسمًا، وله شِعرٌ يَشهد بجودة الخاطر، وإغداق الطبع الماطر، ومضاء الفِكر الشاكر، لعله المذكور في معجم الشعراء الأندلسيين صـ 428، والمتوفَّى سنة 759هـ. انظر أيضًا: الكتيبة الكامنة صـ 201. [6] انظر: الكتيبة الكامنة صـ 201، 202. [7] انظر الكتيبة الكامنة صـ 186، 187، النفح حـ 6 / صـ 124. [8] سورة الطارق: 4. [9] انظر الاحاطة حـ 2 /535. [10] الفنيك من الإنسان: مجتمع اللحيين في وسط الذقن، وقيل: هو طرف اللحيين عند العنفقة. اللسان "ف.ن.ك. " [11] كان قريع أصالة وديانة، ونشأة ورع وصيانة، أصبح لهبة الظرفاء ناسما، لا تلقه إلا باسما.، وله شعر يشهد بجودة الخاطر، وإغداق الطبع الماطر، ومضاء الفكر الشاكر، لعله المذكور في معجم الشعراء الأندلسيين صـ 428، والمتوفى سنة 759 هـ. انظر أيضا الكتيبة الكامنة صـ 201. [12] انظر الكتيبة الكامنة صـ 201، 202.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |