مستقبل اللغة العربية رهين بأهلها - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         أبو بكر الصديق رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 25 )           »          لماذا يصمت العالم عن المجاعة في غزة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          أعمال تعدل أجر الصدقات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          البلاء في حقك: نعمةٌ أو نقمة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الدنيا دار من لا دار له ولها يجمع من لا عقل له (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          شرح النووي لحديث: كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          شرح النووي لحديث: ارم فداك أبي وأمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          شرح النووي لحديث: ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          أنسيت بأنك في غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 06-10-2022, 06:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي مستقبل اللغة العربية رهين بأهلها

مستقبل اللغة العربية رهين بأهلها
رشيد الاركو
















أمَّا بعد:




فإنَّ استشراف المستقبل رهينٌ بمعرفة الماضي والحاضر، والحديث عن مستقبلِ موضوعٍ ما هو مُتضمِّن بشكلٍ أو بآخر حديثًا عن ماضي ذلك الموضوع وحاضره.




والدراسة المستقبليَّة لموضوعٍ ما تظلُّ دائمًا وأبدًا نسبيَّةً ومتأرجحة بين إمكانيَّات الوقوع، وإمكانيَّات اللَّاوقوع، مستحضرة في أُفُقها الاستشرافيِّ السيناريوهات المُمكنةَ في حدود الإمكانات الإنسانيَّة.









وعلى هذا، فمستقبل اللُّغات رهينٌ بما عاشته تلك اللُّغات في زمنها الماضي، وما تعيشه في زمنها الحاضر، وتبقى الدِّراسة المستقبليَّة لمصيرِ لغةٍ ما احتماليَّةً ونسبيَّة، مهما حاول الباحث جاهدًا تحرِّيَ الضوابط العلميَّة.




وسأحاول في هذه المقالة مقاربة بعض الاحتمالات الواردة فيما يخص مستقبل اللُّغة العربيَّة عامَّة، ومستقبلها في المغرب على الخُصوص.









وليس همِّي في هذا البحث استقصاء كل الأسباب والمسائل المتعلقة بمستقبل اللُّغة العربيَّة؛ وإنَّما الاقتصار على جانبٍ واحد، مرتبطٍ باللُّغة ارتباطًا تلازميًّا، لا ينفكُّ عنها ولا تنفكُّ عنه، والإشارة بإيجاز وفي لمحاتٍ خاطفةٍ للجوانب الأخرى المتعلِّقة بمستقبل اللُّغة العربيَّة، إذًا فهذه دراسة جزئيَّة لموضوعٍ كبيرٍ، لا تهدف إلى الإحاطة الكُلِّية الشاملة.









وقد جعلت المقالة وفق العناصر الآتية:




توطئة.




مستقبل اللُّغة العربيَّة رهين بمستقبل متكلميها.




مستقبل اللُّغة العربيَّة في المغرب.




خاتمة.









1- توطئة:كثيرًا ما نقرأ ونسمع عند المسلمين أنَّ اللُّغة العربيَّة ستبقى خالدة ومحفوظة؛ لارتباطها بالقرآن الكريم، ويستدلون على هذا بالآية الكريمة: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: 9]، وحديثهم هذا هو حديث عن مستقبل اللُّغة العربيَّة، وهم - وباعتمادهم على الآية السالفة - يقررون حقيقةً مفادُها: أن اللُّغة العربيَّة ستبقى ما بقي الإنسان، وهذا البقاء ضامنه الله تعالى.









وسأحاول أن أُناقش هنا هذا الرأي بإيجاز اعتمادًا على فرضيتين:




تفترض الأولى: أن هذا الرأي صحيح.




وتفترض الثانية: أن هذا الرأي غير صحيح.









الفرضية الأولى:




حتى وإن سلَّمنا مع القائلين بأنَّ الله قد نصَّ في القرآن الكريم على أن اللُّغة العربيَّة محفوظة، وستبقى ما بقي إنس على وجه هذه الأرض، فلا نعرف حقيقةً كيف هو هذا البقاء؟ وإن عُدنا للقرآن الكريم، لا نجد آيةً صريحة تخبرنا كيف ستكون اللُّغة العربيَّة في المستقبل؟









وعلى هذا، وانطلاقًا من فرضيتنا الأولى، يُمكن القول: إنَّ اللُّغة العربيَّة ستكون حاضرة في المستقبل؛ لكنَّنا لا نعلم بأيِّ شكلٍ من الأشكال ستكون، ولو تركنا المجال للعقل ليرصد لنا الإمكانات المُمكنة منطقيًّا، مع استحضارنا للوضعيَّة التي عاشتها اللُّغة العربيَّة وتعيشها الآن، لأعطانا عدَّة احتمالات، من بينها: أن اللُّغة العربيَّة يمكن أن تكون حاضرةً بقوَّة في المستقبل، أو أن تكون حاضرةً بالشكل الذي هي عليه الآن، أو أن تبقى فقط لغةً دينيَّةً يمارسها المسلم في العبادات والممارسات الدينيَّة لا غير؛ أي: ستُصبح لغةً طقوسيةً، وليست لغةً حياتيَّةً، هذه الاحتمالات كلُّها قائمة بذاتها، حتى وإن أقررنا ببقاء اللُّغة العربيَّة.









الفرضية الثانية:




الآية التي استدلَّ بها القائلون بأن اللُّغة العربيَّة ستبقى إلى الأبد، لو أمعنَّا النظر فيها ورجعنا للمفسِّرين، لوجدنا أنَّها لا تنصُّ بالضرورة على بقاء اللُّغة العربيَّة؛ فخلاصة ما جاء في التفاسير: أن هذه الآية تدلُّ على إقرارٍ من الله تعالى على أنَّه هو الذي أنزل الذكر - ويُقصد بالذِّكر هنا عند جلِّ المُفسِّرين القرآنُ - واللهُ هو الحافظ له من التغيير والتبديل، وقيل أيضًا بأنَّ ﴿ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]؛ أي: في حال إنزاله وبعد إنزاله؛ ففي حال إنزاله حافظون له من استراق كلِّ شيطانٍ رجيم، وبعد إنزاله أودعه الله في قلب رسوله واستودعه فيه ثمَّ في قلوب أمَّته، وحفظ الله ألفاظه من التغيير فيها، والزيادة والنقص، وحفظ معانيه من التبديل، وأرجع بعض المفسرين الضمير في قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9] إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من أن يُكاد أو يُقتل، لكنَّ أغلب المُفسِّرين يُرجِّحون المعنى الأول[1].









وبناءً على ما سطرناه من خلال الفرضيتين، يمكن القول: إنَّ مستقبل اللُّغة العربيَّة يبقى هو كذلك رهين مُعطيات وأسباب أخرى، إن توافرت فسيكون للعربيَّة مستقبل قوي، وإن انعدمت فسيكون مستقبل العربية مرتبطًا بالدِّين فقط، ولن تُستعمل في الحياة اليومية، وفيما سيأتي من صفحات سأحاول إبراز أهمِّ عنصرٍ في تحديد معالم مستقبلِ أيِّ لغةٍ مهما كانت.









2- مستقبل اللُّغة العربيَّة رهينٌ بمستقبل مُتكلِّميها:




إنَّ اللُّغة لا تعدو أن تكون وعاءً ووسيلةً من وسائل الناس في التخاطب والتواصل، وهي - مثلها مثل باقي الكائنات الحيَّة - تعيش وتزدهر إذا توافرت شروط ازدهارها، وتموت وتضمحل إذا توافرت شروط فنائها، واللُّغة - أيُّ لغةٍ - لا توجد في هذا العالم دون مُتكلِّمين بها، فاللُّغة كما يعبِّر عن ذلك الباحثون: هي ظاهرة إنسانيَّة اجتماعيَّة، لا يمكن دراستها أو استشراف مستقبلها دون استحضار البُعدين الأساسين المُهيكلين لها، وهما: البُعد الإنساني، والبُعد المجتمعيُّ الحياتي،وهذان البُعدان لا ينفصل بعضهما عن بعض، واللُّغة ترتبط بهما ترابطًا تلازميًّا، لا تنفكُّ عنهما ولا ينفكَّان عنها، إذًا فالإنسان أو مُتكلِّم اللُّغة هو أهم عنصر في تحديد معالم مستقبل لغةٍ ما، ولنا في التاريخ أسوةٌ حسنةٌ، فعندما كان أهل اللُّغة العربيَّة أسيادًا في العلوم، والفنون، والآداب، والعمران، والزراعة، والصناعة، والتجارة - بمعنى: أنَّ اللُّغة ارتبطت بقوَّة المسلمينبكلِّ ما تحمله القوَّة من عناصرَ عسكرية، واجتماعية، ودينية، وعلمية، وثقافية[2] - كانت لغتهم سيِّدة على اللُّغات الأخرى، وما كان على الآخر إلا أن يتعلَّم اللُّغة العربيَّة؛ لأنَّها كانت السبيل الوحيد للارتقاء والسُّمو، واكتساب العلم والمعرفة، ولنستمع إلى ما قاله القس "Alvaro" مُتحدِّثًا عن فترةٍ سادت فيها اللُّغة العربيَّة في أوربا، يقول: "إنَّ كلَّ الموهوبين من شُبَّان النصارى لا يعرفون اليوم إلا لغة العرب وآدابها، ويُؤمنون بها، ويقبلون عليها في نهم، وهم يُنفقون أموالًا طائلةً في جمع كتبها، ويُصرِّحون في كلِّ مكان بأنَّ هذه الآداب حقيقةٌ بالإعجاب، فإذا حدَّثتهم عن كتب النصرانية، أجابوك في ازدراء بأنَّها غير جديرة بأن يصرفوا إليها انتباههم، يا للألم! لقد أُنسيَ النصارى حتى لغتهم، فلا تكاد تجد واحدًا منهم بين الألف يستطيع أن يكتب إلى صاحبٍ له كِتابًا سليمًا من الخطأ، فأمَّا عن الكتابة في اللُّغة العربيَّة، فإنَّك تجد فيهم عددًا عظيمًا يُجيدونها في أسلوبٍ مُنمَّق، بل هم يَنظِمون من الشِّعر العربي ما يفوق شِعر العرب أنفسهم فنًّا وجمالًا"[3]، هذا الكلام نفسه ينطبق اليوم على العرب، فقد تركوا لغتهم، واهتموا بلغة مُستعمريهم، وهذه الحالةُ التي يعيشها العرب اليوم وتعيشها لغتهم يمكن إجمالها في ما قاله ابن حزم قبل عشرة قرون تقريبًا، فقد قال: "إن اللُّغة يسقط أكثرها ويبطل بسقوط دولة أهلها، ودخول غيرهم عليهم في مساكنهم، أو بنقلهم عن ديارهم واختلاطهم بغيرهم، فإنَّما يُقيد لغةَ الأمَّة وعلومها وأخبارها قوَّةُ دولتها ونشاط أهلها وفراغهم، وأمَّا مَن تلفت دولتهم، وغلب عليهم عدوهم، واشتغلوا بالخوف، والحاجة، والذُّل، وخدمة أعدائهم، فمضمون منهم موت الخواطر، وربَّما كان ذلك سببًا لذهاب لغتهم، ونسيان أنسابهم وأخبارهم، وبيود علومهم، هذا موجودٌ بالمشاهدة، ومعلومٌ بالعقل ضرورة"[4]، وقال ابن خلدون في الصَّدَد نفسه: "إن غلبة اللغة بغلبة أهلها، وإن منزلتها بين اللُّغات صورة لمنزلة دولتها بين الأمم"[5].









وبناءً على هذا يمكن القول: إنَّ أهل اللغة هم المسؤولون بالدرجة الأولى عن حالة ووضعيَّة لغتهم، فإن كانوا مُستقلِّين أقوياء، كانت لغتهم مُستقلَّة قويَّة، وإن كانوا تابعين مُنهزمين كانت لغتهم لغةً ضعيفةً، فقيمةُ اللُّغة من قيمةِ أهلها، وكرامتها من كرامتهم، وقوَّتُها من قوتهم، ولا يمكن أبدًا فصل اللُّغة عن مُنتجيها، فما يعتري أهلَ اللُّغة يعتري اللُّغةَ بالضرورة.









ومن أهم أسباب قوَّة أي لغة وانتشارها الواسع:




تفوُّق أهلها وإشعاعهم في العلوم، والآداب، والفنون، فتكون لغتهم بذلك لغةَ العلوم، والفنون، والآداب.




سيطرة النَّاطقين بها على دواليب الاقتصاد والمال، والقطاعات الحيويَّة الموجودة في العالم.




الاستقلال المادِّي والمعنوي والفِكري للدول الناطقة بها.









وعلى هذا؛ فمستقبل اللُّغة العربيَّة رهينٌ بمستقبل مُتكلِّميها، وما دام أهل اللُّغة العربيَّة في ضعفٍ وهوانٍ، وهزيمةٍ نفسيَّة، وتخلُّفٍ اقتصادي، وتبعيَّةٍ ثقافية وعلمية، ولغويَّة وإعلامية، وفي صراعٍ وتنازعٍ لا ينتهيان، فلا تنتظر من لغتهم أن تكون في وضعٍ أحسن ممَّا هم فيه[6].




ومن خلال ما قيل نستنتج أنَّ قضية مستقبل اللُّغة العربيَّة ليست بالقضيَّة الثانويَّة، بل هي قضية وجود؛ فإمَّا نكون أو لا نكون.









وهذان الاحتمالان كلاهما وارد، لكن بالنظر إلى الوضعية التي يعيشها الناطق باللُّغة العربيَّة - كما قلنا - المُتَّسِمةِ بالتشتُّت والتخلُّف، والتبعيَّة والاتكاليَّة، والتغنِّي بالماضي التليد، وغياب النظرة البعيدة، فالاحتمالُ الثاني يكون لا شكَّ هو الاحتمال الوارد بقوَّة.




لكن مع ذلك يجب على الإنسان أن يكون مؤمنًا بأنه لا يوجد حلم لا يمكن تحقيقه[7]، وكما هو معلوم فحلمُ كل الناطقين بلغة الضَّاد، هو أن تنتشر في الآفاق؛ لهذا فكلُّ ما علينا فعله هو بذل الجهد والمال لتحقيق هذا الحلم، وبناء تصوُّر مستقبليٍّ للنُّهوض بهذه اللُّغة لتصل إلى المكانة التي نحلم أن تكون فيها.









لهذا فأول ما يمكن فعله هو العمل بمقتضى الآية التي تقول: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]، ومن المسلَّم به أنَّ مَن غيَّر نفسه غيَّر تبعًا لذلك التاريخ والمستقبل[8]، فإنكانت الأمَّة العربية الإسلامية تتخبَّط اليوم في ثنائية الذُّل والتبعيَّة في شتَّى مناحيها، فلا شكَّ أن اللغة التي يمتلكونها لن تكون مستقلَّة.









لهذا فثاني خطوة يجب على الأمة فعلها: هي الانفكاك عن الثنائية التي ذكرت، وإحلال محلها ثنائية العزَّة والاستقلال، بمعنى أن نعتزَّ بلغتنا ونفتخرَ بها، ونستعملها في كلِّ مستوياتنا التعليمية، وتعاملاتنا الإدارية، وخطاباتنا السياسيَّة، سواء داخل البلاد الناطقة بالعربية أو خارجها، ونشراتنا الإعلامية، وكذلك يجب أن يكون لنا حرية واستقلال سياسيٌّ، في تعاملنا مع أمورنا الخاصَّة، وألا نتساهل مع تدخلات الآخر وإملاءاته، ومن حقِّنا فرض عقوباتٍ قاسيةٍ على مَن تُسوِّل له نفسه إهانة كرامتنا اللغوية، فكرامةُ اللغة وقيمتها من كرامة وقيمة أهلها، فإن حُطَّ من قدر لغتنا وتُنقِّص منها، فهذا تنقيصٌ من قدرناوقيمتنا، بالإضافةِ إلى هذا يجب أن يكون لنا استقلال ثقافي، فلا يُعقَل أن نتبع ثقافيًّا حضارةً ما؛ لأنَّ الثقافة لا تُصدَّر ولا تُستورَد؛ بل هي ناتجة من رحم الأمة، ومن ماضيها، ومنتجات أهلها؛ لهذا فلا يمكن فصل الثقافة عن اللغة، فكلاهما ينصهران في بوتقة واحدة، وينبعثان من مصدرٍ واحدٍ هو من صميم الأمة وروحها.









وثالث ما على الأمَّة فعله تبعًا لهذا: أن تعمل على البعث الفكريِّ والبعث الروحي، اللذَيْن هما عماد كل حضارةٍ في سيرها الحثيث[9]، وهذان الأُسَّان يقتضيان أن تُحارب الأمَّة الجهلَ أينما ذهب وارتحل؛ لأنَّ الجهل هو السبب في الذُّل والتبعيَّة التي يعيشها عالمنا الإسلاميُّ، وبموازاة محاربة الجهل يجب الحث على طلب العلم والمعرفة اللذَيْن يُمكِّنان الأمَّةَ من الرِّيادة والسِّيادة.









فعلى أهل العربية أن يقوموا بالقفزة ذاتها التي حدثت منذ ثلاثة عشر قرنًا؛ لكي يترجموا من جديد الفكر العلميَّ، وحتى الفكر السياسي[10]؛ ليواكبوا العصر السائرين في ركبه، ويحتلوا مراكز تجعل الآخر يحترمهم ويحترم تبعًا لذلك لغتهم، وقد قال في هذا الصَّدَد مالك بن نبي: "إنَّه لمن الواضح أن الشعب الذي بدأ يعود إلى وَقاره، ويستمسك بأسباب كرامته، ويميل إلى التناسب والجمال في مظهره العام - قد أعاد سيره في موكب التاريخ"[11].
يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 109.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 107.37 كيلو بايت... تم توفير 1.94 كيلو بايت...بمعدل (1.78%)]