10-09-2019, 04:05 PM
|
|
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة :
|
|
الولاء والبراء . . والبلاء
الولاء والبراء . . والبلاء
مركز الألباني
عقيدةُ (الولاء والبراء) بالنّسبة للعبد الصالح بمثابةِ الميزان الذي يضبطُ به إيمانَه، وأعمالَه، وتقواه؛ إذ يكونُ -بها- مُتَوَلِّياً صالحي المُؤْمنين، ومُتَبَرِّئاً مِن فعائل المُبْتَدعين والفاسقين والكافرين -كُلاًّ بِحَسَبِه-.
كلُّ ذلك -منه- تحقيقاً لقول النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: «أوثق عُرى الإيمان: المُوالاةُ في اللهِ، والمُعاداةُ في الله، والحُبُّ في اللهِ، والبُغْضُ في الله»، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «مَن أحبَّ لله، وكره لله، وأعطى لله: فقد استكمل الإيمان».
ولا يزالُ أهلُ العلمِ والدِّين والصَّلاح قائمين بهذه العقيدةِ الحقَّةِ، محفوفةً بالرحمةِ والشفقةِ؛ فمقصودُها الأوّلُ والأخيرُ إصلاحُ النَّفسِ وإصلاحُ الآخرين؛ كما كان يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «أهل السنَّة أعرفُ النّاس بالحقّ، وأرحمُهم بالخلق».
ولكنَّ ثمَّةَ مُكَدِّراتٍ عِدَّةً –مِن غُلُوٍّ، أو تقصيرٍ، أو خلطٍ- تُفسِدُ على جوانبَ مِن هذه العقيدة الحقَّةِ نقاءَها، وصفاءَها؛ مِن خلالِ مُمارساتٍ فرديَّةٍ -أو جماعيَّةٍ- فاسدةِ النهج، مُختلَّةِ التصوُّرِ -قد تقِلُّ أو تكثُرُ-!
وقد يكون مِن الصعبِ جدّاً حَصْرُ تلكم المُمارسات -جميعاً-، وإلقاءُ الضَّوْءِ عليها للتنبيهِ عليها –كُلِّها-، والتَّحذير منها؛ لكنْ: لا بدَّ ممَّا لا بُدَّ منه -ولو على سبيل التمثيل-:
فأوّلُ هاتيك الممارسات الشّنيعة التي تحملُ بين جَنَباتها بلاءً مُضاعَفاً: صنيعُ بعض الجماعات الحزبيَّة الإسلاميّة؛ التي تتخيَّل نَفسَها -تصوُّراً وواقعاً- (جماعةَ المسلمين)، بدلاً مِن (جماعة [من] المسلمين)؛ فَيُنْتِجُ هذا الخللُ الفِكريُّ هَرَماً لا حَدَّ له مِن التّشرذُم، والتّمحوُر، والبلاء الذي ما بعده بلاء -مما تتقطَّع به المودّات، وتنقصم به العُرى الوثيقات، وتذوبُ له الحقائق والمسلَّمات- . . .
وهذا الخَلَلُ الجماعيُّ ينعكسُ -بداهةً- على الأفراد الذين يعيشون هذا التّصوُّر، ويَحْيَوْن هذا الاختلال؛ فانظر كم سيكون لهم مِن نصيبٍ في تلكم الممارسات الظالمة المظلمة!
وكم سيكون -بعد ذا- مِن خَطَر الخَبْط وخَلَل الخَلْط بين (الفردِ) و (الجماعةِ)! وبين (جماعةٍ)، و (الجماعةِ)؟!
ومِن صُور (الولاء والبراء) -الفرديَّة- ذات البلاء:
صُورةُ ذلك المبتدع المنحرف -الجاهل-، الذي يرى نفسه –في غُلُوِّه- فوق الآخرين ممَّن ليسوا على فِكره ورأْيهِ؛ فتراه يُعْرِض عنهم، ولا يُسلِّمُ عليهم، بل إذا سلَّموا عليه: تغافل وتغاضى!! ونأى بجانبهِ!!!
وهو -واللهِ- أحقُّ بها وأهلُها، لكنَّ رحمةَ أهلِ السُّنّة أوسعُ مِن حَنقَ أهل البدعة {لو كانوا يعلمون}!!
{ولا تحسبنَّ الله غافلاً عمّا يعملُ الظالمون} . .
ومِن صُور (الولاء والبراءِ) -الفرديَّة- ذات البلاء -أيضاً-:
صُورةُ ذلك المُدَّعي الذي يظنُّ نفسَه على شيءٍ وليس هو على شيءٍ، وهذا -هكذا- يكادُ يكون أمراً طبيعيّاً لا يرتدُّ إلا على شخصهِ، ولا ينعكس إلى على ذاتهِ؛ لكنَّ مَكْمَن البلاء في هذا الشخص وفعائلهِ: اختلالُ موازينهِ -إن وُجدت!- في مِقياس ضوابط (الولاء والبراء) الشرعيَّة، ومُمارساتهِ لها؛ ففي الوقت الذي نراه فيه حَمَلاً وديعاً بين يَدَي بعض المُتَمَشْيخَةِ الغارقين في الانحراف الاعتقاديِّ والمنهجيِّ والفِكريِّ: نراه أسداً هَصُوراً (!) أمامَ مَن مسَّ جَنَابَ شخصهِ، أو جانباً من ذاتهِ!!
ولو أنَّ هذا النَّفَرَ -الظالمَ لنفسهِ- انْطَلَقَ في تناقُضهِ هذا مِن داخل شخصيَّته، ونَبَعَتْ تصرُّفاتُهُ -سُلُوكيَّاً- مِن مأزقهِ الذهنيِّ: لَهانَ الأمرُ على شِدَّته، وسَهُلَ الخَطْبُ على حِدّتِهِ!!
لكنَّ الطامَّة الدهياء، والبليَّةَ العمياء: أنّه يسكُتُ -مُنْبكِماً- عن إطلاق أيِّ اسم على تراميهِ الظلوم بين يدي أولئك المنحرفين -ذاك-، في الوقت الذي يُسارعُ فيه -بغير خشية ولا ورع- ولا نقول: علم!- مُسَمِّياً انعكاساتهِ الشخصيَّةَ الفرديّةَ الظالمةَ: (ولاءً وبراءً) في ذات اللهِ . . .
وهي -واللهِ- الذي لا يُحْلَفُ بغيره- ظُلُمات (الأنا)، وأباطيل النفس الصغيرة الحقيرة -التي لم تُميِّز- في كثيرٍ من الأمور- بين الحقِّ والباطل، بين الهوى والهدى- . . .
{إنَّ هذا لهُو البلاءُ المُبين}
فـ
متى سيكون لنا -نحن المسلمين- على اختلاف مواقفِنا ومواقعِنا، وبمختلف توجُّهاتِنا ومدارِكِنا- اعتبارٌ شرعيٌّ حَقٌّ لقاعدة (الولاء والبراء) -الحقَّة-؛ لِنَنْزِعَ عنها ما عَلِقَ بها مِن مُكَدِّرات الصفاء، وجالبات (البلاء)؟!!
{لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيَّدهم بروحٍ منه ويدخلهم جنَّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إنَّ حزب الله هم المُفلحون} [المجادلة:22].
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|