|
|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
خصائص الخطاب الدعوي المعاصر وضوابطه
خصائص الخطاب الدعوي المعاصر وضوابطه
الخطاب الدعوي من أهم وسائل الدعوة إلى الله -تعالى-؛ لذا وجب الاهتمام به، ووضع ضوابط له ليؤتي ثماره ويكون واقعًا ملموسًا وله تأثيره في كل مجالات الحياة كلها؛ لذلك كان لابد أن يتسم الخطاب الدعوي بالرشد والحكمة واختيار أحسن الأساليب والوسائل في إيصال الدعوة إلى الآخر، كما في قول الله -تعالى-: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} النحل (125). لذلك يحتاج الخطاب الدعوي المعاصر إلى مراجعات تصحيحية على مستوى المضمون والمحتوى، وشموله لكل ما جاء به الشرع الحنيف من عقائد وعبادات وأخلاق ومعاملات، كما يحتاج إلى المراجعات على مستوى الوسائل، وهي الأدوات التي يؤدى بها الخطاب؛ للتأكد من ملائمتها للمكان والزمان، فضلا عن مراجعته على مستوى الأسلوب، وهو الكيفية والطريقة التي تؤدى به، وفيما يلي جملة من خصائص الأسلوب الدعوي الناجح. (1) الرفق واللين لابد أن يتسم الخطاب الدعوي بالرفق واللين، ولا سيما مع المخالف للرأي، كما في قوله -تعالى- {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}. طه (43-44). وفى حديث أبي موسى - رضي الله عنه - قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعاذ بن جبل إلى اليمن فقال: «بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا»، فالخطاب الدعوي يعتمد على الإقناع والتأثير في قلوب الناس، والاقتناع هو مسألة نفسية ولا يكون بالإكراه والتعنيف . (2) وضوح الهدف والمقصد من سمات الخطاب الدعوي الناجح الوضوح من حيث الهدف (القصد) والمضمون، فلا يكون فيه غموض لتجنب سوء الفهم والتشويش على السامع (المخاطب)، ومما يعين على الوضوح: التحدث بلسان المدعوين، واستخدام أساليبهم البيانية، {وَما أَرسَلنا مِن رَسولٍ إِلّا بِلِسانِ قَومِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُم فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشاءُ وَيَهدي مَن يَشاءُ وَهُوَ العَزيزُ الحَكيمُ} (إبراهيم: ٤) وكذلك تجنب التقعر في الكلام أو استخدام المصطلحات ذات الحمولات الفلسفية الغامضة التي لا تهضمها العامة «حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله». (3) السهولة واليسر السهولة واليسر، فلا يكون فيه تعسير ولا تكلف؛ وذلك لتسهيل النجاة للناس {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}، والتيسير من مقاصد الشريعة {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ}، والتخفيف من السمات المميزة لهذه الشريعة «بعثت بالحنيفية السمحة» {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}. (4) التبشير وعدم التنفير وكان هذا هديا ثابتا في دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - فعن عَنْ أبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا بَعَثَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي بَعْضِ أَمْرِهِ قَالَ: «بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا، وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا» .أخرجه مسلم، ويقتضي ذلك تغليب الترغيب والتبشير، وتجنب كل ما من شأنه أن ينفر الناس، ومن أنواع التنفير: التيئيس والتشديد والغلو والتنطع، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «هَلَكَ المتنطعون ، قَالَهَا ثَلَاثًا» ومن التبشير التشويق وتقديم الخطاب بأبهى حلة وذلك باستخدام المؤثرات البصرية والإعلامية الجذابة؛ فإن المعاني تحتاج إلى أن تقدم في قوالب تناسبها وقد يكون القالب لفظا كما يكون مؤثرات صوتية وبصرية. (5) اللين وترك الخشونة والإغلاظ قال -تعالى- لموسى وهارون -عليهما السلام-: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا} وهذا في مواضع الدعوة وليس في مواضع الإنكار، ومن اللين تحسين الكلام وتجنب الإفحاش {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}؛ وذلك لحفظ مقام المدعو والمردود عليه وتجنب الواقعية، ويكون ذلك من جهتين: الأولى- هي أن يكون ملقي الخطاب ملما بواقعه ومدركا لما يحيط به من فرص وعقبات فضلا عن معرفة أحوال مجتمعه وعاداته، والجهة الثانية- هي أن يكون الخطاب مناسبا لمقتضى الحال، ملائما للزمان والمكان، مشتبكا مع مشكلات المجتمع، مقدما لها حلولا واقعية وعملية {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا}. (6) مراعاة مقاصد الشارع مراعاة مقاصد الشارع في تحديد أولويات الخطاب الدعوي، فالبداية تكون بما بدأ به الشارع، والتركيز يكون بحسب الأهمية التي أولاها الشارع للقضايا التي يتناولها الخطاب، وفي حديث معاذ دليل وإرشاد للدعاة : عَنِ ابن عباس -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -[- لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا -]- عَلَى الْيَمَنِ، قَالَ : «إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ؛ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ، فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كرائم أَمْوَالِ النَّاسِ»، فتكون البداية بالأركان والأصول لأهميتها، ومنها القضايا المركزية كالعقيدة والأخلاق، ويكون التركيز عليها أكثر من التركيز على ما دونها في المرتبة، وطردا لهذا الأصل فإن البداية في إصلاح مشكلات المجتمع تكون بأكثرها خطورة وأشدها ضررا على دين الناس ودنياهم، وكذلك التركيز عليها سيكون أشد وأكثر. (7) التوسط والاعتدال التوسط والاعتدال من أهم سمات خطاب الدعوة الناجح والمؤثر، فالوسطية مدحها الشرع وحث عليها، قال -تعالى-: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}، وهي ما كان بين الإفراط والتفريط كقوله -تعالى-: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}، وقوله: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلً}، وأهل السنة معروفون بوسطيتهم بين الغلاة والحفاة في أمهات مسائل الاعتقاد، وهذا هو الصراط المستقيم الذي أمرنا باتباعه والدعوة إليه {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، والفطر السوية مجبولة على محبة الاعتدال في كل الأمور. (8) التأليف وعدم التفريق التأليف وعدم التفريق وتجنب كل ما يدعو إلى التنازع والتشتت؛ لأن المحافظة على تماسك جماعة المسلمين من أهم مقاصد الخطاب الدعوي، ولقد اعتذر هارون حين عاتبه أخوه موسى -عليهما السلام- باعتذار واع لمقاصد الدعوة فقال الله في شأنه: {قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي}، وقعوا في الشرك وعبدوا العجل ومع ذلك يحافظ على تماسكهم فما بالنا نفرق جماعة المسلمين بمسائل اجتهادية الكل فيها مأجور بإذن الله أجرا أو أجرين؟! وأهل السنة والجماعة إنما اشتهروا بهذا اللقب الثنائي لتمسكهم بالسنة ومحافظتهم على تماسك جماعة المسلمين وتراص سوادهم الأعظم. ضوابط الخطاب الدعوي مع تنامي روح الكراهية والتطرف تجاه الإسلام والمسلمين، أصبح تجديد الخطاب الدعوي أمراً ملحا، ولا يعنى هنا تجديد الخطاب بلغة بعض من يعادون الدين، وممن يشيرون إلى التغيير الكامل للدين وتبديل أحكامه ومسلماته، ولكن ما نقصده هو تجديد لغة الخطاب وأدائه ومقوماته ووسائله وطرقه؛ ليتقبله الناس ويعملوا بمقتضاه، ومن هذه الضوابط ما يلي:
اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|