نماذج من عطاءات الأيام الأخيرة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7806 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 33 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859233 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393571 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215811 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 73 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام > ملتقى أعلام وشخصيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-03-2020, 09:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي نماذج من عطاءات الأيام الأخيرة

نماذج من عطاءات الأيام الأخيرة
محمد بن عبدالله السريِّع

لم يكن حثُّ النبي صلى الله عليه وسلم على العمل والبذل، حتى في المشهد الأخير من الدنيا، غائبًا عن أهل العلم والفضل، بل كانوا - وهم رواتُه ووُعاتُه - أولَ الناس عملًا به: «إنْ قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تَقوم حتى يغرسَها، فليغرسْها»[1].
إن هذا لَتوجيهٌ نبويٌّ بليغ، سبق كلَّ دعوةٍ إلى العطاء الإنساني، ووَضْعِ البصماتِ الإيجابيةِ في هذه الحياة، «فكما غَرس لك غيرُك فانتفعتَ به، فاغرِس لمن يجيء بعدك لينتفع، وإن لم يبقَ من الدنيا إلا صَبابَة»[2].ولأجل ذلك، لم يألُ العلماء جهدًا في التعلُّم، والتعليم، والقراءة، والمذاكرة، والسماع، والإسماع، حتى في أيامهم الأخيرة، ما بَقِيَت فيهم مسكةٌ من حياة.وفيما هاهنا لآلئُ، تُحيط بالعُنق، من هذا الباب، ممهورةٌ بالنماذج المصوَّرة المشاهَدَة، لعل حكايتَها للقصة أن تكون أبلغَ في الأثر، وأوقعَ في النفس.

بلغ الحافظ المتقن أبو أحمد الحاكم الكرابيسي (ت 378هـ) الثالثة والتسعين من عُمره[3]، ولم تزل عادتُه بالرواية والتحديث جاريةً كما كانت، حتى عقد مجلسًا لإملاء الحديث، «ومات - رحمةُ اللهِ عليه - بعدَهُ بأربعة أيام»:


وأملى الحافظ أبو طاهر المخلِّص (ت 393هـ) في حياته مجالسَ حديثيةً كثيرة، كان آخرها يوم الجمعة، الحادي والعشرين من شعبان، سنة 393هـ، يقول الراوي بعد هذا المجلس: «وتأخَّر المخلِّص عن الإملاء أسبوعًا واحدًا، ومات في الثاني، رحمه الله، وهو اليوم الثامن من شهر رمضان»[4]. فكان بين مجلسه ووفاته: 17 يومًا.



ومن النماذج المشرقة: حفيدة العلامة العز ابن عبدالسلام: الشيخة الصالحة زينب بنت يحيى بن عز الدين عبدالعزيز بن عبدالسلام السلمي (ت 735هـ)، قال تلميذها الذهبي: «كان فيها خيرٌ، وعبادةٌ، وحبٌّ للرواية، بحيث إنه قُرئ عليها يومَ موتها عدةُ أجزاء»[5]، وكان عُمرها يومئذٍ يقارب 87 سنة[6].وهذا قيدُ سماعٍ لأحد تلك الأجزاء الحديثية التي قُرئتْ عليها - رحمها الله - قبل موتها بساعات، بخط المحدث الصالح عبدالله بن أحمد ابن المحب المقدسي:

"وبعد انصرافنا من هذا السماع بقليل، تُوفيَت المُسْمِعةُ المذكورةُ إلى رحمةِ الله - تعالى - مِن يومها ذلك، ودُفِنَت يومئذٍ بمقابر الباب الصغير، بعد أن صُلِّيَ عليها بعد العصر بجامع دمشق، رحمها الله - تعالى -، وإيانا، والمسلمين"

وبعد سنواتٍ يسيرة، تُقرأ أجزاءٌ من كتاب (تهذيب الكمال)، على مؤلِّفِه الإمام الحافظ أبي الحجاج يوسف بن عبدالرحمن المزِّي، وتُقَيَّد أسماءُ الحضور، ويكتب المزيُّ بخطِّه على ذلك تصحيحًا وتثبيتًا، ما عدا قيد المجلس الأخير، فقد كان موضع خط المزي منه خاليًا، ناصعَ البياض!لقد كان المجلسَ العلميَّ الأخيرَ في حياته - رحمه الله -، حيث مرض صباح اليوم التالي، واستمرَّ به الوجع يومًا واحدًا، وتوفي من غده، يومَ السبت، الثاني عشر من شهر صفر، سنة 742هـ[7].

"وصحَّ ذلك في يوم الخميس، العاشر من صفر، سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، بدار الحديث الأشرفية، بدمشق المحروسة"[8]

وأما الحافظ أبو المحاسن، محمد بن علي الحسيني الدمشقي، فأنهى كتابَةَ كتابِهِ: (التذكرة بمعرفة رجال الكتب العشرة)، في مجلدٍ يقع في 290 ورقة، ثم لم يلبث بعده سوى تسعة أشهر وأيامًا، حتى توفاه الله في آخر شعبان، سنة 765هـ[9]:

"فرّغه مُصنِّفُه، محمد بن علي بن الحسن بن حمزة الحسيني، عفا الله عنه، في يوم الثلاثاء، حادي عشر ذي قعدة، سنة أربع وستين وسبعمائة"

وغيرُ بعيدٍ ما حكاه السخاويُّ في ترجمة شيخه العلامة الحافظ ابن حجر العسقلاني، من أنه كان يجلس للإملاء، ويُقرئ الكتب، ويُذاكر العلم، وذلك في شهري ذي القعدة، وذي الحجة، من عام 852هـ، حيث بدأ به المرض، حتى توفي - رحمه الله - ليلة الثامن والعشرين من ذي الحجة.وكان آخر ما سُمِعَ عليه مطلقًا كتاب (فضل عشر ذي الحجة)، لابن أبي الدنيا، وذلك يوم عرفة، قبل وفاته بأقل من 20 يومًا[10].وفي تلك السنة الأخيرة، كان الحافظ - كما كان - موئلًا للعلم وطلبته، فهاهو يجلس لتلامذته جلساتٍ ليليَّةً في قراءة مقدمته على فتح الباري (هُدَى الساري)، ويُثبت ذلك بقلمه، وذلك قبل وفاته بتسعة أشهر:


"الحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى. أما بعد: فقد قرأ عليَّ جميعَ هذا الكتاب: صاحبُه الإمام العلامة الأوحد المفسر المحدث الحافظ: برهان الدين البقاعي، من أوله إلى آخره، في ليالٍ آخرها ليلة الأحد، لِلَيلةٍ إنْ بَقِيَتْ من شهر ربيع الأول، سنة اثنتين وخمسين وثماني مائة..."وهاهو يعقد مجالسَ علميةً لقراءة كتابه الكبير (تهذيب التهذيب)، آخرها في ثالث شهر رمضان، من العام الذي توفي فيه، أي: قبل وفاته بنحو أربعة أشهر، ثم يكتب على إثبات ذلك تصحيحًا بخطه:


وأما تلميذه، الحافظ السخاوي، فقد جاور في الحرمين في سنواتِه الأخيرة، يَقرأ فيها ويُقرئ، ويبحث ويعلِّم، حتى قبضه الله إليه في المدينة النبوية، يوم الأحد، الثامن والعشرين من شعبان، سنة 902هـ[11].وكان جاريًا على عادته حتى قبيل وفاته، فنراه هنا يكتب إجازةً لأحد طلبته، بعد أن نَسَخ كتابَه (التوضيح الأبهر)، يومَ الخامس من شعبان، سنة 902هـ، وقرأه عليه كاملًا، وقابل نُسخَتَه معه، وذلك «في مجلسين، ثانيهما سادسَ شعبان، بالروضة الشريفة...، كتبه مؤلفه، ختم الله له بخير». وقد كانت خاتمته بعد 22 يومًا من ذلك التاريخ، رحمه الله.


وأما العلماء الذين بذلوا علومهم في شيخوخةٍ وضعفٍ وشَيبةٍ، فأكثر من أن يُعَدُّوا، ويكفيك أن ترى آثار الزمان على خطوطهم المترددة، وأحرفهم المبعثرة، جعلها الله ثِقالًا في موازين حسناتهم.


وبعدُ، فلا شك أن هذا البذلَ منقطعَ النظير غيرُ منقطعِ المثال، والمفتّش في تراثنا العظيم سيجد من هذه النماذج المشرّفة ما لا يكاد يُحصر، بل الواقع أنها نماذجُ متجددة، باقيةٌ ما بقي أهل العلم الذين يأخذونه بقوة، ويرعونه حقَّ رعايته، ويبذلون مُهَجَهم في تعلُّمه وتعليمه وبَذلِه.سلك الله بنا سبل الصالحين، وهدانا صراط المتقين.
[1] أخرجه الإمام أحمد (12902، 12981)، والبخاري في الأدب المفرد (479)، والبزار (7408)، وغيرهم. وإسناده صحيح، وقد حكم بثبوته ابن المنذر في الإشراف (6/ 272)، وأخرجه الضياء في المختارة (7/ 262 - 264) مصحِّحًا له.
[2] فيض القدير، للمناوي (3/ 30).

[3] سير أعلام النبلاء (16/ 376).

[4] المخلصيات (4/ 168، 173).

[5] الدرر الكامنة (2/ 254). وقال التقي الفاسي في ذيل التقييد (2/ 372): «وحدَّثَتْ يومَ موتها بأجزاء».

[6] حيث إن مولدها - تقريبًا - سنة 648هـ. معجم شيوخ السبكي (ص579)، ذيل التقييد (2/ 372).

[7] الدرر الكامنة (6/ 233).

[8] تهذيب الكمال، مقدمة المحقق (1/ 109، 130).

[9] الدرر الكامنة (5/ 314).

[10] الجواهر والدرر (3/ 1185 - 1193).

[11] شذرات الذهب (10/ 25).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



 

[حجم الصفحة الأصلي: 54.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.07 كيلو بايت... تم توفير 2.36 كيلو بايت...بمعدل (4.34%)]