الالتزام في النظم القرآني - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         ولا تبغوا الفساد في الأرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          تحرر من القيود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          فن التعامـل مع الطالبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 790 )           »          العمل السياسي الديـموقراطي سيؤثر في الصرح العقائدي وفي قضية الولاء والبراء وهي قضية م (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 133 )           »          طرائق تنمية الحواس الخمس لدى الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 19 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 33 )           »          الله عرفناه.. بالعقل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 96 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى الإنشاء

ملتقى الإنشاء ملتقى يختص بتلخيص الكتب الاسلامية للحث على القراءة بصورة محببة سهلة ومختصرة بالإضافة الى عرض سير واحداث تاريخية عربية وعالمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-11-2020, 11:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي الالتزام في النظم القرآني

الالتزام في النظم القرآني
الشيخ مسعد أحمد الشايب





ويقصد بالالتزام في النظم القُرْآني أمران:
الأمر الأول:
التزام المادة الواحدة من الألفاظ صورةً مطردة في جميع القُرْآن الكريم؛ كالتزام الجمع مثلًا دون الإفراد أو التثنية، أو التزام الإفراد دون الجمع أو التثنية، أو التزامها النفي دون الإثبات، إلى غير ذلك من الاعتبارات التي لا تنحصر إلا باستقراء جميع ألفاظ القُرْآن.

نماذجه في القُرْآن الكريم:
أ‌- التزام الجمع دون الإفراد أو التثنية: فقد التزم القُرْآن جمع كلمتي (الأرجاء)، و(الألباب) ولم يأتِ منهما بمفرد ولا بمثنى، فجاءت كلمة الألباب في القُرْآن ست عشرة مرة، و(الأرجاء) مرة واحدة في سورة الحاقة آية (17)، والسر في جمع (الألباب) لخفته وثقل المفرد[2].


ب‌- التزام الإفراد دون التثنية أو الجمع، وذلك في كلمة (الأرض)، سواء ذكر معها كلمة (السماء) أو(السماوات) أو أفردت عنهما، وحين يريد القُرْآن صيغة الجمع من (الأرض) فإنه لا يخرج عن هذا الالتزام، فيأتي بالأرض مفردة ويدل على الجمع منها بالوصف؛ قال تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطلاق: 12]؛ أي: مثل السموات سبع أرَضين، وقد ذكرت كلمة (الأرض) مضافة وغير مضافة في القُرْآن الكريم إحدى وخمسين وخمسمائة مرة، وردت مفردة مضافة وغير مضافة[3].


والذي أرتضيه من الأقوال في سر إفراد (الأرض) وجمع (السماوات): ما قاله الآلوسي: (الإشارة إلى تفاوتهما في الشرف، فجمع الأشرف اعتناء بسائر أفراده، وأفرد غير الأشرف، وأشرفية السماء لأنها محل الملائكة المقدسين على تفاوت مراتبهم، وقِبلة الدعاء، ومعراج الأرواح الطاهرة، ولعظمها وإحاطتها بالأرض على القول بكريتها الذاهب إليه بعض منا، وعظم آيات الله فيها، ولأنها لم يعصَ الله تعالى فيها أصلًا، وفيها الجنة التي هي مقر الأحباب، ولغير ذلك، والأرض وإن كانت دار تكليف ومحل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فليس ذلك إلا للتبليغ، وكسب ما يجعلهم متأهلين للإقامة في حضرة القدس؛ لأنها ليست بدار قرار)[4]؛ اهـ.
قلت: وأرى أن بعض ما ذكره الآلوسي فيه نظر؛ ففي السماء وقعت المعصية لله من إبليس بالامتناع عن السجود لآدم، إضافة إلى تكبره وحسده لآدم عليه السلام.
أيضًا من الآراء الوجيهة في سر جمع (السماوات) وإفراد (الأرض) أن العرب كانوا لا يعرفون إلا أرضًا واحدة حتى أثبت الشرع تعددها[5]، أو لأن السماء عوالم كثيرة، والأرض عالم واحد[6].


ت‌- كذلك عند الحديث عن الجنة ونعيمها نجد القُرْآن يلتزم الجمع لكلمتي (الأرائك) و(أكواب)، فقد ذكرت كلمة (الأرائك) خمس مرات[7]، وكلمة أكواب أربع مرات[8]، وكذلك كلمة (أباريق) فقد ذكرت مجموعة مرة واحدة[9].
قلت: ولعل هذا مناسبة لسعة نعيم الجنة، وإشارة إلى كثرته، في حين أن القُرْآن يلتزم الإفراد في كلمة (كأس)، فقد جاءت ست مرات، ثلاث مجرورة، وثلاث منصوبة[10]، والسر في جمع (الأكواب، والأباريق) وإفراد (الكأس) أن ذلك على عادة أهل الشرب أنهم يعدون الخمر في أوانٍ كثيرة، ويؤتى بها، ثم يشربون بكأس واحدة، أو أفردت (الكأس)؛ لأنها لا تسمى كأسًا إلا إذا كانت مملوءة[11].


ث‌- وفي مظاهر الكون التزم القُرْآن الإفراد في (الشمس، والقمر، والضحى، والنهار)، ووجه إفراد (الشمس، والقمر) ظاهر؛ إذ لا ثاني لهما في الوجود، والتأمل إنما في (الضحى، والنهار)، فإذا أريد بالنهار الجمع عدل عن لفظه إلى لفظ (الأيام)؛ قال تعالى: ﴿ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ﴾ [الحاقة: 7][12].


ج‌- والتزم القُرْآن التعريف في كلمتي (الناس، والصدور)، سواء جاءتا جمعًا أم مفردة.
قلت: لعل السر في ذلك أنه لا يوجد أناس إلا على هذه الأرض فقط، وتكون (أل) فيهما للعهد، والله أعلم.


ح‌- التزم التنكير في كلمة (شيء) التي وردت في القُرْآن تسعًا وسبعين ومائتي مرة[13].


خ‌- كذلك التزم القُرْآن النفي في كلمة (يشعرون) التي وردت في القُرْآن إحدى وعشرين مرة[14]، وهذا النفي كثيرًا ما يأتي في موضع الذم؛ كقوله تعالى: ﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴾ [النحل: 21]، وقليلًا ما يأتي في غيره؛ كقوله تعالى: ﴿ ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُون ﴾ [الأعراف: 95].


د‌- والتزم القُرْآن الإثبات في كلمة (طبع) مستخدمًا لها في موضع الذم، وقد وردت في القُرْآن أربع مرات بصيغة (طبع)، ومرتين بصيغة (نطبع)، وثلاث مرات بصيغة (يطبع)، ومرتين بصيغة (طبع)[15].


ذ‌- وورَد فعل الذوق وما تصرف منه في القُرْآن ثلاثًا وستين مرة[16]، معظمها في مجال الوعيد، ولم يذكر إلا في نطاق الاستعارة؛ أي: لم يستخدم على وجه الحقيقة إلا في قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ ﴾ [الأعراف: 22] في الحديث عن آدم عليه السلام وزوجه، ولم يذكر الذوق في بسط جمال الجنة، والتلذذ بمباهجها وشرابها وطعامها، مما يدل على أنه خصص للكافرين والعاصين والجبابرة، وهو يدل على مرتبة بهيمية، هي شأن أهل النار الذين يطعمون من العذاب لتملأ البطون... وحسية التذوق تبعث على التهويل، فكان حقيقًا بأن تقرن بعذاب الآخرة، وفيها أقصى المباشرة في التلقي، وقد وردت أيضًا في تذوق الرحمة، كما وردت في تذوق الوبال والبأس والعذاب؛ إذ تبعث في الذهن صورة النار تأكل الأحشاء بعد أن تصل إلى اللسان؛[17] اهـ.
قلت: والسر في التعبير بالذوق أيضًا هو أن حس الذائق أقوى لإدراك ما يذوقه.
فهذه بعض النماذج المختلفة في القُرْآن للأمر الأول من خاصية الالتزام في النظم القُرْآني.
الأمر الثاني من مقصود كلمة (التزام) في النظم القُرْآني: التفريق في الاستعمال بين الكلمتين المتفقتين في المعنى، فيستعمل الأولى في موضع لا يتعداه، ويستعمل الثانية في موضع آخر لا يتعداه إلى موضع الأولى، والكلمتان عند الناس خاصتهم وعامتهم مستويتان في الدلالة لا فرق بينهما[18].


ومن نماذجه في القُرْآن ما يلي:
أ‌- الأب ليس والدًا: فالكلمتان مترادفتان في الدلالة عند الناس؛ فكلتاهما يصح إطلاقه على المولود له الذكر، فهو أب وهو والد، أما في القُرْآن فالاستعمال مخالف لما ألفه الناس؛ وذلك أن القُرْآن لم يطلق كلمة (الوالد) على الأب الذكر إذا ذكره منفردًا أو مجموعًا جمعًا مقصودًا به الذكور دون الإناث، بل يطلق عليه أو عليهم كلمتي (الأب) و(الآباء)، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الأنعام: 74]، وقوله تعالى: ﴿ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ ﴾ [يس: 6]، والأمثلة في ذلك كثيرة.
إذًا فكلمة (الأب) هي اللفظ المختار في أسلوب القُرْآن للدلالة على المولود له الذكر، فردًا كان أو جمعًا.
أما كلمة (الوالد) فلم تطلق على الذكر المولود له إلا مندرجًا مع الأم (الوالدة)، ودائمًا يسلك القُرْآن هذا المسلك في مقام الإحسان للوالدين، فقال تعالى: ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [البقرة: 83، النساء: 36، والأنعام: 151، والإسراء: 23]؛ فالأب هنا والد على سبيل التغليب؛ لأن الوالد الحقيقي هي الأم، وسر هذا التغليب مراعاة ضعف الأم، وأنها بالإحسان أولى.


وحفاظًا على تلك الدقة في اللفظ القُرْآني، نرى القُرْآن عندما استدعى المقام معنى (الولادة) في جانب الأب لكونه سببًا في حكم شرعي، نراه قد عدل عن اسم الفاعل (والد) إلى اسم المفعول (مولود له) في جانب الأب، فقال تعالى: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 233]، وفي الآية ملحوظتانِ:
الأولى: أن القُرْآن أتى بلفظ (مولود له) مكنيًّا به عن (الأب) على وجه الحقيقة في موضعين من الآية؛ لأن الأب مولود له حقيقة، وليس بوالد.


الثانية: أنه أتى باسم الفاعل في الدلالة على الأم على وجه الحقيقة؛ لأنها والدة فعلًا، وذلك في موضعين (والوالدات)، (لا تضار والدة)[19]؛ فالأب في جميع الأحوال ليس والدًا.


ب‌- النعمة ليست نعيمًا: فكلمة (النعمة) في القُرْآن خاصة بما أنعم الله به على عباده في الدنيا، سواء أكانت مادية أم معنوية، فقد ذكرت تلك الكلمة في القُرْآن مضافة إلى الله سبحانه وتعالى، أو إلى ضميره، أو مقطوعة عن تلك الإضافة، لكنها منسوبة إلى الله بطريق آخر من طرق التعبير - اثنتين وخمسين مرة، سواء أكانت مفتوحة النون أم مكسورتها، وسواء أكانت مجموعة أم مفردة، وجاءت كلمة (نعماء) مرة واحدة في قوله تعالى: ﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ﴾ [هود: 10][20]، أما كلمة: (النعيم) فقد ذكرت في القُرْآن سبع عشرة مرة[21]، ولا خلاف بين المفسرين أنها فيما أنعم الله به على عباده المؤمنين في الآخرة، إلا في آية واحدة، هي قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ [التكاثر: 8]، فقد اختلف المفسرون في النعيم المذكور في الآية هل المقصود به نعيم الدنيا أم الآخرة؟ وهل هو سؤال عام أم خاص بالكفار؟ والذين قالوا: إنه نعيم الدنيا، اختلفوا فيه على عشرة أقوال، أعجبها أنه إرسال المصطفى صلى الله عليه وسلم للخلق رسولًا، ومنهم مَن عمم هذا النعيم[22].
والراجح من وجهة نظري: أن السؤال عام لجميع الخَلق، وأن المراد بالنعيم في الآية هو النعيم عمومًا، نعيم الدنيا والآخرة، إعمالًا لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم تفسيرًا لذلك[23]، وجريًا مع العرف القُرْآني في استعمال كلمة النعيم.


وهنا يثار سؤال مهم: إذا كان المراد بالنعيم النعيمَ عمومًا، فما معنى هذا السؤال؟
قلت: هو للمؤمن سؤال عن شكر تلك النعم، أما للكافر فهو سؤال توبيخ وتحسير، وليس بغريب عن منهج القُرْآن في التقريع والتوبيخ للكفار؛ حيث بدأت السورة بالنعي على هؤلاء الكفرة حظهم من الحياة الفانية؛ حيث شغَلهم وألهاهم عن الحياة الباقية، حتى أنزلهم الموت القبور؛ قال تعالى: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ﴾ [التكاثر: 1، 2]، وحين يرَوْن ما أعده الله للمؤمنين من جناتٍ وأنهارٍ وحورٍ عين... إلخ يسألهم المولى تبارك وتعالى عن النعيم الحق، ما هو؟ أهو ما أعده الله للمؤمنين أم هو ما كانوا يحظون به في الدنيا وضيَّع عليهم نعيم الآخرة؟! وهذا السؤال يحقق أمرين:
الأول: بيان خطأ مسعاهم، وضلال ما كانوا يتمسكون به.
الثاني: إدخال الحسرة عليهم حين يرون هذا النعيم الخالد الذي غفلوا عنه[24]؛ فالنعمة ليست نعيمًا، والأمثلة على هذا الأمر في القُرْآن كثيرة، وما ذكر فيه التوضيح والإبانة[25].


[1] استفدت هذا العنصر من "خصائص التعبير القرآني وسماته البلاغية"، ومن "من بلاغة النظم القرآني" للدكتور. بسيوني فيود، بالإضافة إلى مراجع أخرى، فقمت بفهم كلامهم وتلخيصه بأسلوبي، وأضفت إليه بعض الجديد من مطالعاتي.

[2] انظر: "روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني" للآلوسي ت (1270هـ)، تحقيق: علي عبدالباري عطية، نشر: دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة: الأولى (1415هـ)، (1/ 429) وعزاه لأبي حيان.

[3] انظر: "المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم" لمحمد فؤاد عبدالباقي ت (1388هـ)، نشر: مطابع الشعب القاهرة، الطبعة: الأولى (1378هـ)، (ص26 - 33).

[4] "روح المعاني" (4/ 77).

[5] "السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم" للخطيب الشربيني شمس الدين محمد بن أحمد ت (977هـ)، نشر: مطبعة بولاق الأميرية القاهرة (1285هـ)، (3/ 297).

[6] انظر: "التحرير والتنوير = تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد" لمحمد الطاهر بن عاشور التونسي ت (1393هـ)، نشر: الدار التونسية للنشر تونس (1984م)، (7/ 126).

[7] "المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم" (ص: 33).

[8] السابق (ص: 622).

[9] السابق (ص: 118).

[10] السابق (ص588).

[11] انظر: "اللباب في علوم الكتاب" لابن عادل الحنبلي، تحقيق: عادل أحمد عبدالموجود، وعلي محمد معوض، نشر: دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة: الأولى (1419هـ = 1998م)، (18/ 387)، "السراج المنير" (4/ 183).

[12] انظر: "خصائص التعبير القرآني" (1/ 280).

[13] "المعجم المفهرس" (ص: 394 - 398).

[14] المصدر السابق (ص: 383 - 384).

[15] المصدرالسابق (ص: 425).

[16] المصدر السابق (ص: 280، 279).

[17] انظر: "جماليات المفردة القرآنية" لأحمد ياسوف، نشر: دار المكتبي دمشق، الطبعة: الثانية، (1419هـ = 1999م)، (ص: 104، 105).

[18] انظر: خصائص التعبير القرآني (1/ 282، 283).

[19] انظر: "خصائص التعبير القرآني" (1/ 283 - 286).

[20] انظر: "المعجم المفهرس" (ص: 707، 708).

[21] المصدر السابق (ص: 708).

[22] انظر: "زاد المسير" (4/ 486).

[23] انظر: "تفسير ابن كثير" (8/ 474 وما بعدها)، فالأحاديث والآثار التي تفسر ذلك بنعيم الدنيا كثيرةٌ.

[24] انظر: "خصائص التعبير القرآني " (1/ 287 - 292).

[25] انظر: أمثلة أخرى في "الإعجاز البياني للقرآن ومسائل ابن الأزرق" د/ عائشة عبدالرحمن ت (1998م) نشر: دار المعارف القاهرة، الطبعة: الثالثة، (ص: 198 - 220)، "إعجاز القرآن والبلاغة النبوية"، (ص: 241، 242)، "خصائص التعبير القرآني"، (1/ 203، 202).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 72.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 70.35 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (2.67%)]