#1
|
||||
|
||||
الإشمام عند النحاة والقراء
الإشمام عند النحاة والقراء ووجه الاتفاق والاختلاف بينهما حامد شاكر العاني تعريف الإشمام: فالإشمام لغة: مِنْ شمَّ الشيءَ يشمُّه بالفتح شمَّاً، وشميماً أيضاً من باب (ردَّ) لغة فيه، وأَشمَّهُ الطيب فشمَّه وأشمَّهُ بمعنى وتشمَّم الشيءَ شمَّهُ في مهلة، وإشمام الحرف مستقصى في الأصل، والمشموم المسك[1]. وجاء في لسان العرب: قال الجوهري: (وإشمام الحرف أن تشمَّه الضمة أو الكسرة، وهو أقل من روم الحركة، لأنه لا يُسمع، وإنما يتبين بحركة الشفة، قال: ولا يعتد بها حركة لضعفها، والحرف الذي فيه الإشمام ساكن أو ساكن مثل قول الشاعر: متى أنامُ لا يُؤَرِّقني الكَرِي ليلاً وَلا أَسْمَعُ أَجْرِاسَ المَطي قال سيبويه: العرب تُشِمُّ القاف شيئاً من الضمة، ولو اعتددت بحركة الإشمام لانكسر البيت وصار تقطيع رِقُني الكَرِي متفاعلن، ولا يكون ذلك إلاَّ في الكامل). وفي الاصطلاح: هو ضم الشفتين من غير إطباق لها بعد إسكان الحرف كمن ينطق بالضمة، فهو يرى ولا يسمع، أو يكور شفتيه كمن يقبل. تعريف الإشمام عند النحويين: فالإشمام أكثر ما يكون في عضو الشفتين، قال السراج: (أن تضع لسانك في أي موضع شئت ثم تضم شفتيك، وإشمامك للرفع، إنما هو للرؤية، وليس بصوت يسمع، فإذا قلت: هذا (مَعَنُ) فأشممت كانت عند الأعمى بمنزلتها إذا لم تشم، وإنما هو أن تضم شفتيك بغير صويت)[2]. قال سيبويه (ت 180هـ): (أي أن المتكلم حينما يريد بيان الحركة على الحرف لا ينطق بها بل يضم شفتيه كما لو كانتا في وضع نطق الضمة من دون أن يكون هناك أي نوع من التصويت الذي يُشعر بالإشمام)[3]. تعريف الإشمام عند المجودين: قال عبد الوهاب القرطبي (ت 461 هـ): (أما الإشمام فهو يشارك الرَّوْم في أنه إبقاء جزء من الحركة لكن بعد قطع الصوت قبل الإتيان بهذا الجزء، ولهذا تمحض لرؤية العين فأدركه المبصر دون الأعمى)[4]. وقال الشاطبي في حرز الأماني عن الإشمام: والاشْمَامُ إطْبَاقُ الشِّفَاهُ بُعَيْدَ مَا يُسَكنُ لاَ صَوْتٌ هُنَاكَ فَيَحْصلا وقال الاندراني: (الإشمام هو أن تضم شفتيك في المضموم وتكسرها في المكسور بعدما نطقت بالحرف، فيرى ذلك الناظر إلى الشفتين، ولا يحس الأعمى، لأنه لا صوت له فيدركه، وهو دون الرَّوْم، وهو تهيئة العضو لإرادة الحركة، وحقيقة الإشمام تحريك الشفة بلا صويت)[5]. وقال في التمهيد: (الإشمام عبارة عن ضم الشفتين بعد سكون الحرف من غير صوت، ويدرك ذلك الأصم دون الأعمى، ويعبر عنه ويراد به خلط حرف بحرف)[6]. وقال ابن الجزري: (الإشمام بأنه حالة من حالات الوقف على الصوت في الكلمة المرفوعة وهي أن تقف على صوت دون إتباعه، وإنما تضم شفتيك فقط، أو هو الإشارة إلى حركة الرفع من غير صويت)[7]. وقال البناء: (وأما الإشمام فهو حذف حركة المتحرك في الوقف فضم الشفتين بلا صوت إشارة إلى الحركة)[8]. وقال الشيخ عبد الفتاح القاضي: (والإشمام هو الإشارة إلى حركة الموقوف عليه من غير صوت، أو يقال هو إطباق الشفتين عقب تسكين الحرف المرفوع، وهو خاص بالحروف المضمومة والمرفوعة فحسب)[9]. فيفهم من الإشمام بحركة الشفتين في الضم يراها الناظر، ولا يسمع لها صوت، لذلك إذا فعل الإشمام أمام الأعمى فهو لا يدركه ولا يمكن أن ينقله إلى أعمى آخر. فائدة الإشمام: هي لبيان الحركة الأصلية التي وردت في أصل الحرف الموقوف عليه وهي الضمة والكسرة - على خلاف بين القراء- فمنهم من قال أن الإشمام لا يكون إلاَّ في الضم، وقال آخرون ومنهم الاندارني بأنه يجوز في الضمة والكسرة. وجه الاتفاق بين الفريقين: يتفق الفريقان على أن الإشمام يتعلق بعضو الشفتين، وذلك بضمهما عند إشمام حركة الحرف بعد السكون عليه، ولا يدرك ذلك الفعل الأعمى بسمعه، وإنما يراها المبصر بعينيه، وكأن فاعله يريد أن يُقَبِّل، وذلك بتكوير شفتيه. ويتفقان على أن الإشمام لا يكون إلاَّ في المضموم والمرفوع. وذهب الاندارني من المجودين إلى أن الإشمام يكون في المرفوع والمضموم والمجرور والمكسور وكما مر في تعريفه للإشمام مخالفاً بذلك آراء الفريقين، والله أعلم. ملاحظة مهمة: يفرق العلماء بين الإشمام في باب الوقف، والإشمام عند المدغم الكبير: فأما الإشمام في باب الوقف فهو ضم الشفتين عقب إسكان الحرف المضموم إشارة إلى أن حركة هذا الساكن هي الضم. وأما الإشمام في باب المدغم الكبير[10] فهو: ضم الشفتين مع مقارنة النطق بالإدغام. شبهة وردها: يرى البعض من علماء العربية التداخل بين التعريفين الرَّوْم والإشمام، فينسب أحدهما للآخر، أي لا يميز بينهما لشدة التداخل والتقارب فيعرِّفون الإشمام: بأنه صوت يسمع، وأن الرَّوْم صوت لا يسمع، أي ينسبون تعريف الإشمام إلى الرَّوم وتعريف الرَّوم إلى الإشمام، ومثل هذا الفعل لا يصح، فلكل منهما تعريف يختلف عن الآخر رغم اشتراكهما في حركة الضم إلاَّ أنهما يختلفان من حيث الفعل والتصوير والكيفية وإظهار الصوت من عدمه. كتاب الإلقَاءُ الصَّوتِي التَّجْويدِي في (الرَّوْم، والإشمام، والاختلاس، والإخفاء الحقيقي، والإخفاء الشفوي، والإخفات) [1] ينظر: الأصول في النحو: 3/372. [2] مختار الصحاح: 354 مادة (شمم). [3] ينظر: الكتاب: 2/400. [4] ينظر: الموضح في التجويد: 209 - 210. [5] ينظر: الإيضاح في شرح المفصل: أبو عمر بن الحاجب (ت646ه)، مطبعة العاني، بغداد، 1982م، ص: 479، معجم الصوتيات:42. [6] ينظر: التمهيد في معرفة التجويد: 67. [7] النشر: 2/121. [8] ينظر: إتحاف فضلاء البشر:الدمياطي، أحمد بن محمد (ت1117هـ)، مصر 1359 هـ، ص: 101. [9] ينظر: البدورة الزاهرة: 31 و 32. [10] الإدغام على قسمين: الإدغام الكبير وهو للسوسي وحده من طريق الشاطبية، والصغير لجميع القراء، والإشمام والرَّوم لا يكونا إلاَّ في الإدغام الكبير.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |