موقف المسلم من الفتن - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12547 - عددالزوار : 216205 )           »          معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7838 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 62 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859779 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 394108 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 89 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 68 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 69 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-10-2023, 03:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي موقف المسلم من الفتن

موقف المسلم من الفتن 1


هذه محاضرة ألقاها الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- يوم الاثنين الرابع من شهر محرم عام خمسة عشر وأربع مئة وألف، خلال الاحتفاء بالمسابقة التي جرت في مسائل تتعلق بالعقيدة في جامع الأمير خالد بن سعود في مدينة الرياض.
أدلة الكتاب والسنة سدت كل الذرائع المؤدية للفتنـة خيـر كانـت أم شــر
  • جاءت النصوص بسد جميع الذرائع التي تؤدي إلى الفتنة بالنساء فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تسافر امرأة بلا محرم ونهى أن يخلو رجل بامرأة بلا محرم
  • الفتنة تكون بالخير بما ينعم الله به على العبد من صحة في البدن وسلامة في العقل ونمو في المال وكثرة في الأموال
  • فتنة الغنى قد تكون أشد فتنة من الفقر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : «ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا
  • من الفتنة في المأكل والمشرب: أن ييسر للإنسان أكل الحرام، ويسهل له، فإن ذلك من الفتنة
  • سد النبي [ كل باب وكل طريق يوصل إلى الربا حتى جعل بيع العينة من أسباب الذل للأمة
  • موقف الإنسان من فتنة الشر أن يصبر ويحتسب وينتظر الأجر من الله تعالى
  • فتنة النساءلها أسباب ولها دواع، وكلما كثرت أسبابها ودواعيها، وانتفت موانعها كانت الفتنة بها أشد وأعظم
  • بعض الناس يرى من نفسه أنه يكره الطاعات، وأنه يحب المعاصي، وهذه فتنة عظيمة ترد على القلب، والواجب على المرء إذا أحس بذلك أن يعالج نفسه فورا؛ حتى لا يتمكن هذا المرض من قلبه
  • الرضا حال أكمل من الصبر، والفرق بين الراضي والصابر: أن الراضي تستوي عنده المصيبة وعدمها، ولا يتمنى أكثر مما قدره الله عليه
الفتنة تكون بالخير بما ينعم الله به على العبد من صحة في البدن، وسلامة في العقل، ونمو في المال، وكثرة في الأموال، وغير ذلك، وهذه الفتنة قد تكون أشد فتنة من الفقر، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا، ولقد صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
أولا: الفتنة التي تكون بالخير
هذه الفتنة تكون أولا فيما يتعلق بالشهوات المختلفة من حاجة البدن من الطعام والرغبات: (1) فتنة النساء أما فتنة النساء، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما تركت بعدي في الناس فتنة أضر على الرجال من النساء»، وقال: «إن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء»، وهذه الفتنة لها أسباب ولها دواع، وكلما كثرت أسبابها ودواعيها، وانتفت موانعها كانت الفتنة بها أشد وأعظم. فمن الأسباب مثلا: أن تخرج النساء سافرات الوجوه، متجملات الثياب، متتطيبات الرائحة، في الأسواق وتخالط الرجال، فإن هذا من أسباب الشر والفتن؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في النساء اللاتي يخرجن إلى المساجد للعبادة والصلاة قال: «وليخرجن تفلات» أي: غير مطيبات ولا متبرجات بزينة. وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة»، وإنما خص هذه الصلاة بناء على الواقع، وإلا فجميع الصلوات مثل صلاة العشاء، فأيما امرأة أصابت بخورا فلا تخرج من بيتها لا إلى المساجد، ولا إلى المدارس، ولا إلى قضاء الحاجات، بل تخرج غير متطيبة ولا متبرجة بزينة؛ لأنها إن خرجت متطيبة أو متبرجة بزينة كان ذلك من أسباب الشر والفتنة.
سد الذرائع التي تؤدي إلى الفتنة
ولذلك جاءت النصوص بسد جميع الذرائع التي تؤدي إلى هذه الفتنة، فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تسافر امرأة بلا محرم، ونهى أن يخلو رجل بامرأة بلا محرم؛ لأن السفر مظنة البلاء والشر والفتنة، فكان لا بد أن يكون للمرأة محرم إذا سافرت، سواء سافرت إلى عبادة كالحج والعمرة، أم إلى زيارة قريب أم إلى عيادة مريض، أم إلى أي غرض من الأغراض، فإنها لا تسافر إلا بمحرم؛ خوفا من الفتنة. ولقد تساهلت النساء اليوم في هذا، فصار بعضهن يسافرن بلا محرم، بناء على الثقة بأنفسهن، وعلى الثقة في من يصحبهن في السفر، وهذه الثقة إذا قدر السلامة معها فإنه قد يأتي سفر لا يمكن أن تكون السلامة معه؛ ولهذا لما خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: «لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم»، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال: انطلق فحج مع امرأتك»، ولم يقل له: هل المرأة شابة أم عجوز؟ هل هي جميلة أم قبيحة؟ هل معها نساء أم لم يكن معها نساء؟ هل هي آمنة أم خائفة؟ بل قال: اترك الغزو، وانطلق، وحج مع امرأتك.
(2) فتنة المأكل والمشرب
ومن الفتن في شهوة المأكل والمشرب: الربا، والربا ربح يسير سهل، وربما يكون كثيرا، يكون فيه المطمع، فالنفس تفتتن به؛ لأنه لا يحتاج إلى عناء، فالمرابي مثلا يتعامل بالربا وهو جالس على كرسيه، ويحصل على الفائدة، وربما تكون كثيرة، ثم إنه يكثر الورود عليه إذا فتح الباب للناس وافتتنوا به، ولهذا جاءت النصوص القرآنية والنبوية في التحذير منه وبيان خطره: قال الله -تبارك و-تعالى--: {يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربوا إن كنتم مؤمنين (278) فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون} (البقرة: ۲۷۸-۲۷۹) وأخبر أن من عاد إلى الربا بعد العلم فإنه من أصحاب النار، فقال: {ومن عاد فأوليك أصحاب النار هم فيها خالدون} (البقرة: ٢٧٥)، ولعن النبي - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: «هم سواء». واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله.
سد الطريق إلى الربا
وقد سد النبي - صلى الله عليه وسلم - كل باب وكل طريق يوصل إليه، حتى جعل بيع العينة من أسباب الذل للأمة؛ إذ قال - صلى الله عليه وسلم -: «إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم بأذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد - سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه من قلوبكم حتى ترجعوا إلى دينكم». والعينة هي تحايل على الربا، صورتها الإباحة وهي حرام. مثالها: أن تبيع على شخص سلعة بمئة ألف إلى أجل، ثم تشتريها منه نقدا بثمانين ألفا، فصورة هذه المعاملة صورة مباحة: بعت عليه بينا بمئة ألف إلى سنة أو سنتين، ثم اشتريته نقدا بثمانين، فهذا بيع وشراء، لكن حقيقته أنني أعطيته ثمانين بمئة، وأدخلت هذا العقد الصوري بين هذا وهذا، أي: جعلت ظاهره الصحة، ولكن حقيقته البطلان، فكل حيلة يتحيل بها الإنسان على الربا فإنها لا تمنعه من الوقوع في إثمه.
تيسير أكل الحرام
ومن الفتنة في المأكل والمشرب أيضا: أن ييسر للإنسان أكل الحرام، ويسهل له، فإن ذلك من الفتنة؛ فقد ييسر الله لك الحرام؛ ليعلم -عزوجل- هل تخافه أو لا تخافه؟ وأضرب مثلا لذلك في قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ} (المائدة: ٩٤)، معنى الآية: أن المحرم يحرم عليه الصيد؛ لقوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ} (المائدة: ٩٥)، فأراد الله -تعالى- أن يبتلي الصحابة بشيء من الصيد تناله الأيدي والرماح، فتناله الأيدي إن كان من السائر، وتناله الرماح إن كان من الطائر، مع أن الأصل أن السائر لا يناله إلا الرمح، والطائر لا يناله إلا السهم، لكن الله يسر وسهل نيل هذا الصيد ليعلم من يخافه بالغيب، وكان الذي حصل أن الصحابة -رضوان الله عليهم- ما صادوا ولا طائرا ولا أرنبا؛ لأنهم يخشون الله بالغيب مع تيسر المحرم عليهم، لكنهم خافوا الله -عزوجل- وتركوه، فاحذر إذا يسر الله لك أمر المعصية أن تعصي الله!
ثانيا: الفتنة التي تكون بالشر
وهذه الفتنة تكون فيما يتعلق بالدين والنفس. (1) الفتنة بالمصيبة في الدين قد يفتن المرء في دينه بمصيبة تقع عليه، فيخرج بها من الدين - والعياذ بالله - من حيث لا يشعر، تصيبه المصيبة في نفسه بمرض، فيتسخط على الله، ويرى أن الله قد ظلمه، ولا يصبر على هذه المصيبة، بل يتسخط من قضاء مولاه وربه -عزوجل- مع أن الحكم لله العلي الكبير، وإلى هذا يشير قوله -تعالى-: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} (الحج: ١١) معنى {عَلَى حَرْفٍ} أي: على جانب وعلى طرف فليست العبادة متمكنة في قلبه {فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} (الحج: ١١). فما موقف الإنسان من فتنة الشر؟ الجواب: موقف الإنسان من فتنة الشر أن يصبر ويحتسب، وينتظر الأجر من الله قال -تعالى-: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر:١٠)؛ ولهذا قال العلماء: إن الإنسان عند المصيبة له أربع حالات:
  • الحال الأولى: السخط على الله -عزوجل-؛ حيث قدر عليه المصيبة.
  • الحال الثانية: الصبر، فيتذوق مرارة المصيبة، ولا تكون سهلة عليه، بل هي صعبة، ويتمنى أنها لم تصبه، لكن يصبر، ولا يكون في قلبه جزع على الله، ولا تسخط منه، ولا في لسانه قول محرم، ولا في أفعاله فعل محرم، فلا لطم في الخدود، ولا نتف في الشعور، ولا شق في الجيوب، لكنه راض صابر محتسب.
  • الحال الثالثة: الرضا بالمصيبة، والرضا حال أكمل من الصبر، والفرق بين الراضي والصابر: أن الراضي تستوي عنده المصيبة وعدمها، ولا يتمنى أكثر مما قدره الله عليه، وأما الصابر فقد أثرت فيه المصيبة، ويتمنى أنها لم تكن، وليست بالهينة عليه، لكنه يصبر، فيحبس نفسه عن المحرم القلبي والقولي والفعلي. وأما الراضي فيقول: يفعل ربي ما يشاء، وأنا راض مطمئن، والمصيبة وعدمها عندي سواء، ولكن اعلم أن الحزن لا ينافي الرضا؛ ولهذا وقع الحزن من الرسول حين مات ابنه إبراهيم - رضي الله عنه - فقال - صلى الله عليه وسلم -: «العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم محزنون».
كيف يكون الشكر على المصيبة؟
  • الحال الرابعة: الشكر، فكيف يكون الشكر على المصيبة؟ وهل يتصور أن يشكر الإنسان ربه على المصيبة؟
الجواب: نعم، يتصور، وذلك بأن يقيس هذه المصيبة بما هو أعظم، فيشكر الله، ويقول: حنانيك بعض الشر أهون من بعض، فيشكر الله -تعالى- أن لم يصبه بمصيبة عظمى، ويشكر الله؛ حيث كانت المصائب كفارات للذنوب، فـ«ما يصيب المسلم، من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه»، ويشكر الله -عزوجل- أن جعله في هذه الحال العالية، حال الرضا، فيكون في ذلك شاكرا.
مصيبة الدين
بعض الناس يرى من نفسه أنه يكره الطاعات، وأنه يحب المعاصي، وهذه فتنة عظيمة ترد على القلب، والواجب على المرء إذا أحس بذلك أن يعالج نفسه فورا؛ حتى لا يتمكن هذا المرض -الذي هو سرطان الدين- في قلبه، فيخرج من الإيمان وهو لا يشعر. والدواء لهذا المرض الخطير هو ما أرشد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذه الوصفة الدوائية لا تظنوها مجلدات أو أسفارا كثيرة، بل هي في كلمتين فقط، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فليستعذ بالله ولينته»، فهاتان الكلمتان تقضيان على هذا الداء العضال، والواصف لهما هو الرسول الذي هو أعلم الناس بأمراض القلوب ودوائها، فإذا أحسست بنفسك أنك تكره شيئا من طاعة الله، أو أن لديك شكا في أمر من الأمور اليقينية، فالدواء بهدين الشيئين، وهما:
  • الأول: الاستعاذة بالله، فتقول: أعوذ بالله من الشيطان الرحيم؛ لأن الله -تعالى- قال: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} (الأعراف: ٢٠٠).
  • الثاني: الانتهاء، بأن تعرض عن هذا، وانزعه من قلبك، وتناساه، وتغافل عنه، وبذلك يزول؛ لأن الواصف للدواء أعلم الناس به، وأنصح الناس لعباد الله، وهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-10-2023, 06:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: موقف المسلم من الفتن

موقف المسلم من الفتن 2


هذه محاضرة ألقاها الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- يوم الاثنين الرابع من شهر محرم عام خمسة عشر وأربع مئة وألف، خلال الاحتفاء بالمسابقة التي جرت في مسائل تتعلق بالعقيدة في جامع الأمير خالد بن سعود في مدينة الرياض.
  • الفتنة بالإ عجاب بالنَّفْسِ والا عتدادِ بالرَّأْي
  • الرجولَةُ فِي العِلْمِ والدِّينِ تحتاجُ إلَى عِلْمٍ وتَقْوَى، فَلْنَفْرِضْ أَنَّكَ رَجُلٌ والإمام أحمدُ -رَحمَهُ اللَّهُ- رَجُلٌ، لكن هل أنتَ في مصاف الإمام أحمد في العِلْمِ
  • داء العُجْبِ مِنْ أشد ما يكونُ ضَررًا عَلَى المَرْءِ ولا سيما طلبةُ العِلْمِ لأنَّ الرَّجُلَ إذَا أُعجِبَ برأيهِ احْتَقَرَ الآخَرِينَ
  • مِنْ أشد مَا يكونُ ضَرَرًا عَلَى الأُمَّةِ إذا تفرَّقَ العُلماء وصارَ كُلُّ واحدٍ منهم له منهَجٌ ومَذْهَبٌ ورَأَيِّ ولمْ يُحاول أحدٌ منهُمْ أنْ يَتَّصِلَ بأخِيهِ إذا خالفه لِيَبْحَثَ معه حتَّى يَصِلَا إلى الاتفاقِ
  • مَنْ عَرَفَ قَدْرَ نَفْسِهِ عَرَفَ النَّاسُ قَدْرَهُ وَمَنْ أُعْجِبَ بنفسِهِ سَقَطَ مِنْ أَعْيُنِ النَّاس وهذَا مِنَ الفِتَنِ العظيمة
  • أوْجَبَ طاعةَ ولاة الأمور، لكنَّهُ جَعَلَهَا تابعة لطاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ ولهذا قال: {أَطِيعُوا الله وأطيعوا الرسول وأولي منكم} (النساء:٥٩)، ولم يقل: وأطيعوا أولي الأمْرِ؛ لأنَّ طاعة ولاة الأمور ليستْ مُسْتَقِلَّة، ولكنها تابعة لطاعة الله
  • مِنَ الفتن العظيمَةِ: أَنْ يَكُونَ للأمراء مَنْهَجٌ وللعلماء مَنْهَجٌ والواجِبُ أنْ يكونَ منهج الجميع واحِدًا لأنَّ العلماء عليهم البيان والأمراء عليهِمُ التَّنْفِيذُ
  • المسائِلُ الدِّينِيَّةُ دواءٌ للقُلوبِ، فَإِذَا وَصَفَ لكَ عالِمٌ وصفةً، والآخر وصْفَةً أُخْرَى بخِلافِهَا، فَخُذُ بمَنْ تَرَى أَنَّ قَوْلَهُ أَقْرَبُ للصَّوابِ
قال الشيخ العلامة محمد بن صالح بن العثيمين -رحمه الله: مِنَ الفِتْنَةِ مَا يَعْرِضُ لبعض طلبَةِ العِلْمِ، مِنَ الإِعْجَابِ بالنَّفْسِ، والاعْتِدادِ بالرَّأْيِ، واحْتِقارِ الآخَرِينَ، وعدمِ رفْعِ الرَّأْسِ لأقوالِهِمْ، حَتَّى يَتَصَوَّرَ الإِنْسَانُ نفسَهُ وكَأَنَّهُ عَالِمُ الأُمَّةِ وجهبذها، وهذَا الدَّاءُ -أعني: داءَ العُجْبِ- مِنْ أشد ما يكونُ ضَررًا عَلَى المَرْءِ، ولا سيما طلبةُ العِلْمِ؛ لأنَّ الرَّجُلَ إذَا أُعجِبَ برأيهِ احْتَقَرَ الآخَرِينَ، وَلَمْ يَرْفَعْ لآرائِهِمْ رَأْسًا، ولمْ يَرَ فِي مُخَالَفَتِهَا بأَسًا، وتجِدُهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ كَأَنَّهُ يمشي عَلَى الهَواءِ مِنْ شِدَّةِ رَفْعِ العُجْبِ لَهُ.
حتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لِيَذْهَبُ إِلَى القَوْلِ الضعيفِ الَّذِي ليسَ لَهُ حَقٌّ مِنَ النَّظَرِ فَيَأْخُذُ بهِ، ويَحْتَقِرُ الآخَرِينَ الَّذِينَ عندهُمْ مِنَ العِلْمِ والنَّظَرِ مَا لَيسَ عندَهُ؛ لأنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى حديث لمْ يَعْلَمْ أنَّ لهُ مُعارِضًا، لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ ضَعِيفٌ، لمْ يَعْلَمْ أَنَّ لَهُ مُخصَصًا فيأخُذُ بِهِ، وليْتَهُ يَأخُذُ بِهِ وَيَسْلَمُ الآخَرُونَ مِنْ شَرِّهِ، بلْ يَأْخُذُ بِهِ ثُمَّ تَراهُ يُضَلَّلُ مَنْ هُوَ أفْضَلُ منه في العِلْم والدين، وهذا داء عظيم، يُوجِبُ لمَنِ اتَّصَفَ بِهِ -نَعُوذُ باللهِ مِنْهُ- أَنْ يَعْمَى عن الحق -والعياذُ بالله-، ويرى الباطل حقا والحق باطِلًا، ولقدْ سَمِعْتُ عن بعض الصَّغارِ فِي العِلْمِ أَنَّهُ عُورِضَ مَرَّةً مِنَ المَرَّاتِ بقَوْلِ الإمامِ أحمدَ بنِ حَنْبَلٍ، قيلَ لَهُ: أنتَ تقولُ كَذَا، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ- يقولُ كذَا، فَقالَ: ومَنْ أَحمدُ بنُ حَنْبَلٍ؟ أحمدُ بنُ حَنْبَلٍ رَجُلٌ وأَنَا رَجُلٌ!.
الرجولَةُ فِي العِلْمِ والدِّينِ
والرجولَةُ فِي العِلْمِ والدِّينِ تحتاجُ إلَى عِلْمٍ وتَقْوَى، فَلْنَفْرِضْ أَنَّكَ رَجُلٌ والإمام أحمدُ -رَحمَهُ اللَّهُ- رَجُلٌ، لكن هل أنتَ في مصاف الإمام أحمد في العِلْمِ، أَوْ فِي الزُّهْدِ، أَوْ فِي التَّقْوَى؟! اتَّقِ اللهِ -يَا أَخِي- في نفسِكَ، واعْرِفْ قَدْرَ نَفْسِكَ، وَمَنْ عَرَفَ قَدْرَ نَفْسِهِ عَرَفَ النَّاسُ قَدْرَهُ، وَمَنْ أُعْجِبَ بنفسِهِ سَقَطَ مِنْ أَعْيُنِ النَّاس، وهذَا مِنَ الفِتَنِ العظيمة، ولهذا تَجِدُ الرَّجُلَ يتحدَّثُ معكَ -وهُوَ طَالِبٌ عِلْمٍ صغير- وهُوَ شامخ، مُرْتَفِعٌ، لَا يَلِينُ ولا يَتَبَيَّنُ الحَقِّ؛ وذلك سببه الإعجاب بالنفس، وهُوَ مِنَ الفِتَنِ. نسألُ اللهَ -تَعَالَى- أَنْ يَجْعَلَنَا مِمَّنْ عَرَفَ قَدْرَ نَفْسِهِ، وَنَزَّلَهَا فِي مَنْزِلَتِهَا.
الفِتْنَةُ بالتباعُدِ والتباغُضِ
مِنَ الفِتَنِ مَا يَحْصُلُ بينَ العُلماء، وبينَ العُلماء والدعاة، وبينَ العُلماء والأَمْراء، وبينَ الشُّعوب ووُلاةِ أُمورِهَا، مِنَ التباعُدِ والتباغُضِ، وَكَوْنِ كُلِّ واحدٍ منهم يحفِرُ للآخَرِ، ويَوَدُّ أنْ يَقَعَ فِي هذه الحفرة، وهذا بلاءٌ مِنْ أشد مَا يكونُ ضَرَرًا عَلَى الأُمَّةِ، فإذا تفرَّقَ العُلماء وصارَ كُلُّ واحدٍ مِنَ العُلماء له منهَجٌ ومَذْهَبٌ ورَأَيٌ، ولمْ يُحاول أحدٌ منهُمْ أنْ يَتَّصِلَ بأخِيهِ إذا خالفه؛ لِيَبْحَثَ معه حتَّى يَصِلَا إلى الاتفاقِ، فَإِنَّ هَذَا خَطَرٌ عظيمٌ، وكذلك لو كان هناكَ مُبايَنَةٌ وانفصام بينَ العُلماءِ، أَهْلِ الفِقْهِ والنَّظَرِ وبينَ الدُّعاةِ أَهْلِ الوَعْظِ والتَّأْثِيرِ، فإِنَّ هَذَا ضررٌ عظيمٌ؛ لأنَّ الواجِبَ أَنْ يكون هؤلاءِ وهَؤلاءِ في صف واحد.
تأثير الدعاة
فالدُّعاةُ يُؤثرُونَ تأثِيرًا مُباشِرًا عَلَى مَنْ يكونونَ حَوْلَهُمْ، وعلَى مَنْ يُحاضِرُونَ عِندَهُمْ؛ لأنَّ اللهَ -تَعَالَى- أعْطاهُمْ مِنَ البيانِ والفصاحَةِ وتَتابع الأسلوبِ وحُسْنِ الاخْتِيَارِ مَا يَكونُ لهُ أثرٌ، وَأَهْلُ العِلْمِ والفِقْهِ والنَّظَرِ لهم شأنهُمْ فِي مَعْرِفَةِ الأحْكامِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ أَدِلَّتِهَا مِنَ الكِتابِ والسُّنَّةِ والإجماع والقياس، فإذَا ضَربَ هَؤلاءِ بهؤلاءِ تَفَكَّكَتِ الأُمَّةُ، وَإِذَا انْفَصَمَتِ العُرَى بينَ هَؤلاءِ وهؤلاءِ تَفَكَّكَتِ الأُمَّةُ؛ فالواجِبُ عَلَى الطَّرَفَيْنِ جَميعًا أَنْ يَكُونُوا يدا واحدة، فإذَا أَخْطَأتَ أنتَ أيُّها العالِمُ في حُكْمِ مِنَ الأحْكامِ فَنَبَّهَكَ أحدُ الدُّعاةِ، وصارَ الصَّوابُ معه، فارْجِعْ إلى الحقِّ، لَا تَرْجِعْ إِلَى قَوْلِ فُلانٍ وفُلانٍ، بَلِ ارجع إلى الحق.
خطأ الدعاة في المنهج
وكذلِكَ أيضًا فالدُّعاةُ إِذَا أخطؤوا فِي مَنْهَجٍ مِنَ المَناهِجِ وَسَارُوا عَلَيْهْ ورَأَوْا أَنَّ فيه إصلاحا، وقد يكون الإصلاح فيه في الوقت الحاضِرِ مَلْمُوسًا، لكن لهُ عَواقِبُ وخيمةٌ أكثر بكثير فِي ضَرَرِهَا كَمَا حَصَلَ مِنَ الإِصْلاحِ، فَعَلَى الدعاة إذا وجهوا التَّوْجِيه السَّلِيمَ الَّذِي تكونُ العاقِبَةُ فيه حَمِيدَةً -وإن كانتِ المَصْلَحَةُ ليستْ سَرِيعة عَجِلَة- أنْ يَأْخُذُوا بهذَا التَّوْجِيهِ، وَأَنْ يَسْتَفِيدُوا مِنْ خبْرَةِ العُلَماءِ ذَوِي الْفِقْهِ والنَّظَرِ.
الفِتْنَةُ فِي التَّفَرُّقِ بينَ وُلاةِ الأُمورِ
مِنَ الأُمراءِ وُولاةِ الأُمورِ مِنَ العلماء
مِنَ الفتن العظيمَةِ: أَنْ يَكُونَ للأمراء مَنْهَجٌ، وللعلماء مَنْهَجٌ، والواجِبُ أنْ يكونَ منهج الجميع واحِدًا؛ لأنَّ العلماء عليهم البيان، والأمراء عليهِمُ التَّنْفِيذُ، فإذا وُجِدَ بَيانُ الحَقِّ وَتَنْفِيذُ الحَقِّ صَلَحَتِ الأُمَّةُ، أمَّا إِذَا انْفَرَدَ الأُمراء بأهْوائهِمْ، وانْفَرَدَ العُلماء بما عندهُمْ، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ أمْرُ الأُمَّةِ؛ ولهذا أَمَرَ اللهُ -عَزَوَجَلَّ- بطاعتِهِ وطَاعَةِ رَسُولِهِ وأُولِي الأَمْرِ، فقالَ -تَعالَى-: {يأَيُّهَا الَّذِينَ امنوا أطيعوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُم} (النساء: ٥٩) فأوْجَبَ طاعةَ ولاة الأمور، لكنَّهُ جَعَلَهَا تابعة لطاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ ولهذا قال: {أَطِيعُوا الله وأطيعوا الرسول وأولي منكم} (النساء:٥٩)، ولم يقل: وأطيعوا أولي الأمْرِ؛ لأنَّ طاعة ولاة الأمور ليستْ مُسْتَقِلَّة، ولكنها تابعة لطاعة الله. وليسَ يَعْنِي ذلكَ أَنَّنا لَا نطِيعُ وَلاةَ الأُمورِ إِلَّا فِيمَا أَمَرَ اللهُ بهِ؛ لأَنَّهُ لوْ كانَ هَذَا هُوَ المقصودَ لَمْ يَكُنْ للأمْرِ بطاعَةِ وُلاةِ الأُمورِ فَائِدَةٌ؛ لأنَّ مَا أَمَرَ اللهُ وَجَبَ عليْنَا القيامَ بهِ إذا كانَ واجبًا، سواءٌ أَمَرَ بِهِ وُلاةُ الأُمورِ أَمْ لمْ يَأْمُرُوا.
مُرادُ اللَّهِ فِي هَذِهِ الآية
ولكن النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - بَيَّنَ مُرادَ اللَّهِ فِي هَذِهِ الآية، وأنَّهُ يَجِبُ عليْنَا طاعةُ وُلاةِ الأُمورِ مَا لَمْ يَأْمُرُوا بِمَعْصِيَةٍ، فَإِنْ أَمَرُوا بمَعْصِيَةٍ فَلَا طَاعَةَ؛ لأنَّهُ لَوْ أَمَرَنَا بمعصية مثلا بأنْ قالَ: احْلِقِ اللَّحْيَةَ، فَلَا نُطِيعُهُ؛ لأنَّ الرَّسُولَ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «أَعْفُوا اللَّحَى» وهذا يقولُ: احْلِقُوا اللَّحَى فَلَا يُمْكِنُ أَنْ نُطِيعَهُ لأَنَّنا نقولُ: رَبُّنَا ورَبُّكَ اللهُ، والله أمَرَنَا بإعفائها وإطلاقها، وأنتَ أمَرْتَ بحَلْقِهَا، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ نُطِيعَكَ، فأَنْتَ مِثْلُنَا مَرْبُوبٌ، عبدٌ، يَجِبُ أنْ تُطِيعَ الله، فكيفَ تأمُرُنَا بِمَعْصِيَةِ اللهِ؟! ولهذا قالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ».
إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ
وقد أَرْسَلَ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّةً سَرِيَّةً، وأمَّرَ عليهِمْ رَجُلًا، وأمَرَهُمْ بطاعَتِهِ -فِي قِصَّة عَجِيبَةٍ- فَخَرَجَتِ السَّرِيَّةُ ومَعَهَا أميرُهَا، فَغَاضَبُوهُ ذَاتَ يَوْمٍ، فقالَ لَهُمُ: «اجْمَعُوا حَطَبًا»، فَجَمَعُوا الحَطَبَ -وَجَمْعُ الحطَّبِ ليسَ مَعْصِيةً- ثُمَّ قَالَ: «أَضْرِمُوا فِيهِ النَّارِ» -وإضْرَامُ النَّارِ فيهِ ليسَ بمَعْصِيَةِ أيضًا- ثُمَّ قَالَ: «ألْقُوا أَنْفُسَكُمْ فِي النَّارِ» فَأَمَرَهُمْ أنْ يَنتَحِرُوا، وأنْ يَقْتُلُوا أَنفُسَهُمْ، وهذَا -لَا شكَّ- مَعْصِيَةٌ، فَتَوَقَّفُوا، وقال بعضُهُمْ لِبَعْض: «نحنُ إِنَّمَا اتَّبَعْنَا الرَّسُولَ - صلى الله عليه وسلم - خَوْفًا مِنَ النَّارِ، فكيفَ نُلْقِي أَنفُسَنَا فِي النَّارِ؟!» لَا يُمْكِنُ! فلما رَجَعُوا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأَخْبَرُوهُ الخَبَرَ قالَ: «إِنَّهُمْ لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا» يعني: لاتَّصَلَتْ نارُ الدُّنْيَا بنارٍ الآخِرَةِ -والعياذُ باللهِ-؛ لأنَّ الإِنْسَانَ إِذَا قَتَلَ نَفْسَهُ بِشيءٍ فَإِنَّهُ يُعَذِّبُ بِهِ يَوْمَ القِيامَةِ؛ فإنْ قَتَلَ نفسَهُ بحديدَةٍ صارَ يَطْعَنُ نفسه بهذهِ الحديدَةِ في نارِ جَهَنَّمَ -والعياذُ باللهِ- وإنْ قَتَلَ نفسَهُ بسُمٌ صارَ يَتَحَسَّى هَذَا السُّمَّ في نار جهنَّمَ، وإنْ قَتَلَ نفسَهُ بالتَرَدِّي بإلْقاءِ نفسِهِ مِنْ جِدَارٍ أَوْ مِنْ جَبَلٍ فكذلك. المهم أني أقُولُ: مِنَ الفِتَنِ مَا يَقَعُ بينَ طلبةِ العِلْمِ، وبينَ العُلماء والدعاة، وبين طلبة العِلْمِ والأمراء، فالواجب علينا جميعًا أَنْ نَكُونَ أُمَّةً واحِدَةً، هَدَفنَا واحد، وقَصْدُنَا واحِدٌ، وطريقنا واحِدٌ.
ما يقعُ بينَ العُلماءِ مِن اخْتِلاف
فإنْ قالَ قَائِلٌ: مَا تقولُ فِيما يقعُ بينَ العُلماءِ مِن اخْتِلافِ فِي الفَتَاوَى -وهذا شيءٌ واقع- فتأتي إلَى هَذَا العالم يقول لك: هَذَا حرام، وتأتي إلى الآخَرِ فيقولُ: هَذَا حلال، فهل هَذَا مِنَ الفِتَنِ؟ فالجواب أنْ نَقُولَ: لَوْ أنَّ الناسَ اتَّفَقُوا عَلَى قَوْلٍ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لأنَّ اللَّهَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- قَالَ: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَحِدَةٌ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ . إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ} (هود: ۱۱۷-۱۱۸) ولكن إذا كان كل واحدٍ منهم لم يتبين لهُ الحَقُّ فِي قَوْلِ صاحِبِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا. هَذَا باعتبارِ اختلافِ العُلماء فيما بينهم. أمَّا أنا فَلَا يَلْزَمُنِي أنْ آخُذَ بقول فُلانٍ، ولا يَلْزَمُ فُلانًا أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلي ما دَامَ لمْ يَتَبَيَّن الحق، ولا يُكَلِّفُ الله نفسا إلَّا وُسْعَهَا.
شأنُ الناسِ أمامَ اختلافِ العُلماءِ
لكنْ مَا شأنُ الناسِ أمامَ اختلافِ العُلماءِ؟ هَلْ يَأخُذُ بِقَوْلِ فُلانٍ أوْ بِقَوْلِ فُلانٍ؟ نقول: الأمْرُ -ولله الحمد- واضح، فخُذْ بِقَوْلِ مَنْ تَرَى أَنَّهُ أَقْرَبُ إلى الصواب، إما لغَزارَةٍ فِي عِلْمِهِ، وإِمَّا لِثقَةٍ فِي دِينِهِ؛ لأَنَّ ثِقَتَنَا بِأَقْوالِ العلماء إمَّا لأَنَّهُم أَغْزَرُ عِلْمًا وأوْسَعُ عِلْمًا، وأصَحُ فَهُمَا، أَوْ لأَنَّهُمْ أَخْشَى للَّهِ، وأتقى للهِ -عَزَوَجَلَّ-، فَالَّذِي تَرَى أَنَّهُ أَقْرَبُ إلى الصَّوابِ لغَزَارَةِ عِلْمِهِ وقُوَّةِ إيمانِهِ خُذْ بِقَوْلِهِ، ودَعِ القَوْلَ الآخَرَ، ويَظْهَرُ لكَ ذلكَ بمَا لَوْ كانَ الإِنْسَانُ مريضًا، فَذَهَبَ إلى طبيب، فقال: دَواؤُكَ في كذا وكذا، ثُمَّ ذَهَبَ إلى طبيب آخر فقال: دَواؤُكَ في كذا وكذا، بخلافِ الأَوَّلِ؛ فَسَيَأْخُذُ بِقَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ أَصَحُ وأَقْرَبُ للصَّوَابِ. إذًا: المسائِلُ الدِّينِيَّةُ دواءٌ للقُلوبِ، فَإِذَا وَصَفَ لكَ عالِمٌ وصفةً، والآخر وصْفَةً أُخْرَى بخِلافِهَا، فَخُذُ بمَنْ تَرَى أَنَّ قَوْلَهُ أَقْرَبُ للصَّوابِ، وإنْ تَساوَى عندَكَ الأَمْرَانِ، ولَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تُميّز أحدَهُمَا مِنَ الآخَرِ، أو لم تَدْرِ أَيَّهما أَعْلَمُ؛ لأَنَّكَ جَاهِلٌ ولَسْتَ مِنْ أَهْلِ البلد، ولا تَدْرِي مَنْ هُوَ أَعْلَمُ، فهُنا قال بعضُ العُلماء: أنتَ مُخَيَّرٌ، إِنْ شِئْتَ خُذْ بِقَوْلِ فُلانٍ أوْ بِقَوْلِ فُلانٍ؛ لأنَّهُ ليس عندَكَ مَا يُرَجُحُ قَوْلَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. وقالَ آخَرُونَ: خُذْ بالأشَدُ؛ لأنَّهُ أحْوَطُ. وقالَ آخَرُونَ: خُذْ بالأيسر؛ لأنَّهُ أسْهَلُ وأوْفَقُ لقَواعِدِ الشريعَةِ؛ إذ أنَّ هذه الشريعة -والحمدُ اللهِ- مَبْنِيَّةٌ عَلَى اليُسْرِ والسُّهُولَة، قالَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (البقرة: 185) وقال -تَعالَى-: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حرج} ( الحج: ۷۸)، وقال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «الدِّينُ يُسْر»، وكان إذا بعث البعوث قالَ: «يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا وَبَشِّرُوا وَلَا تُنفُرُوا»، وقال: «فَإِنَّما بُعِثْتُمْ مُسرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسَّرِينَ» فخُذْ بِالأيْسَرِ، ولعلَّ هَذَا أَقْرَبُ إِلَى الصَّوابِ، أَنَّهُ إذَا اختلف عندك عالِمانِ، ولمْ يَتَبَيَّنْ لكَ أَيُّهُما أَرْجَح، فَخُذْ بالأيسر؛ لأنَّهُ أوْفَقُ لقواعد الشريعة.

اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 76.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 74.71 كيلو بايت... تم توفير 2.17 كيلو بايت...بمعدل (2.83%)]