الإعجاز التشريعي في القرآن - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1078 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 844 )           »          صحتك فى شهر رمضان ...........يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 828 )           »          اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 909 )           »          فتاوى رمضانية ***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 564 - عددالزوار : 92746 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11935 - عددالزوار : 190975 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 114 - عددالزوار : 56909 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 78 - عددالزوار : 26181 )           »          شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 33 - عددالزوار : 726 )           »          الدين والحياة الدكتور أحمد النقيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 72 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-07-2019, 03:06 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,605
الدولة : Egypt
افتراضي الإعجاز التشريعي في القرآن

الإعجاز التشريعي في القرآن
حكمت الحريري



إن من أبرز وجوه الإعجاز في القرآن الكريم هو ما تضمنه من العلم الذي هو قوام جميع الأنام، في الحلال والحرام، وفي سائر الأحكام التي لا يكون صلاح الفرد والمجتمع ولا تتحقق السعادة البشرية إلا بـها، وفي حال تركها والتخلي عنها يكون الشقاء والضنك والفساد والهلاك.
قال - تعالى -: ((قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى)) [طه: 123 - 124].
فالقرآن منهج للحياة البشرية بكل مقوماتـها، يشمل التصورات العقائدية التي تفسر طبيعة الوجود ويحدد مكان الإنسان في هذا الوجود والغاية من وجوده، ويشمل النظم التي تنبثق من العقيدة التي يدعو إليها القرآن الكريم وتستند إليه، وأساسها الإيمان بالله - عز وجل -، والإيمان بالرسل، والإيمان باليوم الآخر.
هذا المنهج - القرآن الكريم - يشمل سائر النظم التي تتمثل في حياة البشر كالنظام الاجتماعي، والنظام السياسي، والنظام الاقتصادي والنظام الدولي، والنظام الأخلاقي، وكل الأسس التي تقوم عليها هذه الأنظمة المذكورة، أو تستند إليها، أو تحدد شكلها وطبيعتها أو خصائصها، إنما تنبثق من هذا المنهج الشامل، باعتباره منهج حياة يشتمل على تلك المقومات كلها مترابطة، غير منفصل بعضها عن بعض[1].
القرآن الكريم يخاطب جميع طبقات البشر في جميع العصور خطاباً مباشراً، إذ إنه ليس نظاماً تاريخياً لفترة من فترات التاريخ، وليس نظاماً محلياً لمجموعة من البشر في جيل من الأجيال، ولا في بيئة من البيئات، إنما هو المنهل العذب المورود الذي لا ينضب معينه في حياة البشر المتجددة، لتسلك الصراط الذي رسمه لها الخالق العظيم المدبر الحكيم - سبحانه - ((فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لكلمات الله))، ((إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه))، ((ألا له الخلق والأمر)).
نداءات القرآن تدوي في جميع الآفاق:
من سمات الإعجاز التشريعي في القرآن الكريم أنه يقدم أحكامه بنداءات مدوية في جميع الآفاق ويملأ الأرض والسبع الطباق بكل قوة ونضارة، حتى إنه ينظر إلى كل عصر من العصور المختلفة في الأفكار، والمتباينة في الطبائع نظراً كأنه خاص بذلك العصر، ووفق مقتضياته، ملقناً دروسه، ملفتاً إليها الأنظار[2].
قال - تعالى -: ((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم)) [النساء: 1].
((يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم)) [الحجرات: 13].
((يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون)) [آل عمران: 71].
((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما، ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا، وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما))[آل عمران: 65-67].
((يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر)) [النساء: 59].
((يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود))[المائدة: 1].
((يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله)) [المائدة: 11].
((يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء)) [الممتحنة: 1].
((وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين، قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم)) [الأحقاف: 29- 30].
((الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم)) [غافر: 7].
((قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم)) [الأنبياء: 69].
((ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد)) [سبأ: 10].
النور المبين:
فالقرآن هو النور المبين والذكر الحكيم والصراط المستقيم لا تزيغ به الأهواء، ولا تتشعب معه الآراء، ولا يشبع منه العلماء، ولا يمله الأتقياء، من قال به صدق ومن علم علمه سبق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم.
قال - تعالى -: ((إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم)) [الإسراء: 9].
وقال - تعالى -: ((ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين)) [البقرة: 2].
وقال - تعالى -: ((يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين، يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم)) [المائدة: 15-16].
وقال - تعالى -: ((يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين، يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم)) [النور: 35].
فالله - تعالى - نور، وكتابه نور، ورسوله نور.
اللهم اهدنا لنورك ووفقنا للعمل بكتابك واتباع سنة نبيك.
أرأيت الشمس التي هي نور الله - تعالى -، إذا طلعت يستغني كل الناس عن كل نور سواها، إذا طلعت الشمس ولا يحجبها عن الناس حاجب، فلا حاجة عندها للسرج والمصابيح والقناديل، إذا ظهرت الشمس في رابعة النهار، فلا قيمة للسرج والمصابيح والقناديل، إذا أشرقت الشمس بنور ربـها وسطع شعاع التوحيد والعبودية لله - عز وجل -، فما معنى الشرك بالله؟!
وما قيمة الاستغاثة بالأولياء أو بالأصنام أو بالأحجار والأشجار أو الشموس والأقمار؟!!
إذا أشرقت الشمس بنور ربـها، ودخل الناس في دين الله أفواجاً فما جدوى الديانات الوثنية والشركية؟!
وما غناء القومية أو الاشتراكية أو الديموقراطية أو البعثية وغيرها من المبادئ والأفكار والتسميات، التي كونتها ووضعتها العقول البشرية التي اجتالتها الشياطين فحرفتها عن المنهج المستقيم؟!!
قال - تعالى -: ((أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون))[آل عمران: 83].
وقال - تعالى -: ((أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)) [المائدة: 50].
وقال - تعالى -: ((إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون)) [يوسف: 40].
فخذ ما صفا ودع ما كدر.
خذ ما تراه ودع أمراً سمعت به *** في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل
الناكبون عن الصراط:
على أن أقواماً تنكبوا الصراط المستقيم واتبعوا طريق أصحاب الجحيم فاتخذوا أحبارهم ورهبانـهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم.
فقال - تعالى - في شأنـهم: ((ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا، وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا)) [النساء: 60-61].
وقال - تعالى -: ((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)) [النساء: 65].
هؤلاء الذين يبغونـها عوجاً ويسعون في الأرض فساداً، قال الله - تعالى - فيهم: ((يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)) [التوبة: 32-33].
هؤلاء الذين يعرضون عن حكم الله - عز وجل - وعن ذكره إنما يتبعون منهج اليهود قتلة الأنبياء الذين قال الله عنهم: ((أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون)) [البقرة: 87].
لقد عرف اليهود على مدار التاريخ كله بالتعنت والعصيان لحكم الله وكراهية الأنبياء فتأمل على سبيل المثال لتعنتهم قوله - تعالى -: ((وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال)) [البقرة: 247].
وقوله: ((وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين، يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرون)) [المائدة: 20-21].
وقوله: ((ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا)) [النساء: 51].
وقوله: ((ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون، ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون)) [المائدة: 80-81].
وليس هذا موضع استقصاء سوء أخلاق اليهود وفسادهم وبيان كيدهم ومكرهم وتحريفهم واحتيالهم وتعنتهم، فقد ذكرته في غير هذا الموضع[3].
فانظر كيف كان عاقبة مكرهم:
فمالك والمسالك الوعرة والصحارى المقفرة والأماكن الموحشة!! دعك من بنيات الطريق، واسلك سبيل النجاة التي سلكها رسل الله وأنبياؤه الكرام عليهم الصلاة والسلام وأنت تتلو قول الله - تعالى - بيقين ((قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين)) [يوسف: 108].
لقد عرفت البشرية ألواناً مختلفة من المذاهب والنظم والتشريعات - الخارجة والمنحرفة عن منهج الله - زاعمة أنـها تـهدف إلى سعادة البشر، ولكن حقيقتها أنـها كانت عاراً وشناراً على واضعيها، ودماراً وبواراً على أهلها ومتبعيها، قال - تعالى -: ((ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون، فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين، فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون)) [النمل: 50-52].
وقال - تعالى -: ((فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون))[العنكبوت: 40].
يقول ألكسيس كارل في كتاب (الإنسان ذلك المجهول) وهو من كبار العلماء الأطباء المفكرين الغربيين، ص30:
"إن نظم الحكومات التي أنشأها أصحاب المذاهب بعقولهم عديمة القيمة.. فمبادئ الثورة الفرنسية وخيالات ماركس ولينين تنطبق على الرجال الجامدين فحسب، يجب أن يفهم بوضوح أن قوانين العلاقات البشرية ما زالت غير معروفة، وأن علوم الاجتماع والاقتصاد علوم تخمينية افتراضية"[4].
مقولة ألكسيس كارل جاءت في وقت كانت فيه أفكار ماركس ولينين في أوج قمتها وظهورها، فكيف يكون الأمر لو اطلع على سقوط وتفتيت الشيوعية وأفكار ماركس ولينين؟!!
لقد تحولت البلاد التي خضعت لتلك الأفكار إلى عصابات (مافيا دولية) تسلب وتنهب وتبيع كل الابتكارات التي أنجزت في الاتحاد السوفيتي سابقاً وللعلم فإنـها لم تتميز إلا بابتكار الأسلحة الفتاكة- حتى إن هذه العصابات لم تعد تلوي على شيء!!
والذي حدث لتلك الإمبراطورية سيحدث لغيرها بإذن الله، مادامت تسير على غير هدى من الله وسيبقى المستقبل لهذا الدين الذي ارتضاه الله ليحكم حياة البشر.
قال - تعالى -: ((قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل، واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين)) [يونس: 108-109].
وقال - تعالى -: ((ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد(100)وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب، وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد، إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود)) [هود: 100-103].
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21-07-2019, 03:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,605
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الإعجاز التشريعي في القرآن

الإعجاز التشريعي في القرآن
حكمت الحريري

الشريعة الكاملة:
بعد هذا العرض المسهب، لنداءات القرآن الكريم وبيان ثمرة العمل به، وخطورة النظم والتشريعات المضلة التي تعتمد على العقول البشرية، نتناول بشيء من التفصيل جوانب الإعجاز التشريعي في القرآن الكريم.
قال - تعالى -: ((اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا))[المائدة: 3].
هذه الآية الكريمة نزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع يوم الجمعة عشية وقوفه بعرفة، وعاش النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد نزولها إحدى وثمانين ليلة.
ومن الفوائد والأحكام الشرعية التي تستنبط من الآية ما يلي:
1- كمال دين الإسلام وتمامه فلا نقص فيه أبداً، ولا يحتاج إلى زيادة أبداً، بحيث لا يصح الاستدراك على أحكامه وتشريعاته بل هو شامل كامل.
2- إن دين الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله - تعالى - لعباده فلا يسخطه، بل لا يقبل غيره كما صرح بذلك في آيات أخر قال - تعالى -: ((ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)) [آل عمران: 85].
وقال - تعالى -: ((إن الدين عند الله الإسلام)) [آل عمران: 19]، ((فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون)) [البقرة: 132].
3- في بيان إكمال الدين، بيان جميع الأحكام التي تتم بـها نعمة الله على عباده وبذلك يتم صلاح حياة الخلق، حيث قال - تعالى -: ((وأتممت عليكم نعمتي))[المائدة: 3] فهذا نص صريح أن أحكام الشريعة الإسلامية التي قررها القرآن تضمنت كل ما يحتاج إليه الخلق في أمور الدنيا والآخرة.
وهذه ميزة واضحة للتشريع القرآني بحيث أن غيره من الشرائع عجزت عن أن تفي بحاجات الناس في الدنيا فضلاً عن الآخرة.
اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت:
إن أولى المبادئ وأعظم المسائل التي أولاها القرآن العناية والاهتمام هي مسألة توحيد الخالق - عز وجل -، حيث قال - تعالى -: ((إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء)) [النساء: 48].
وقال - تعالى -: ((قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد))[الإخلاص: 1-4].
وفي الحديث عن النبي قال عن هذه السورة إنـها تعدل ثلث القرآن.
وذلك لأن موضوع التوحيد ذكر في القرآن الكريم بما يعدل ثلثه.
ومما علم باستقراء القرآن الكريم أن التوحيد ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: توحيد الربوبية وهذا النوع من التوحيد جبلت عليه فطر العقلاء من البشر وأقرّ به المشركون، ولكن لم ينفعهم ذلك ولم ينقذهم من النار قال - تعالى -: ((ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله)) [الزخرف: 87]، وقال - سبحانه -: ((وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون)) [يوسف: 106].
الثاني: توحيد الألوهية، وهذا النوع بعثت الرسل لتحقيقه وتعليمه للخلق لأنه يتضمن معنى العبادة التي لا يستحقها إلا الله - عز وجل - قال - تعالى -: ((ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت)) [النحل: 36].
وقال - تعالى -: ((لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم)) [الأعراف: 59].
((وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون))[الأعراف: 65].
((وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره)) [الأعراف: 73].
((وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره)) [الأعراف: 85].
الثالث: توحيد الأسماء والصفات، ويبنى هذا النوع من التوحيد على أصلين هما:
- تنـزيه الله - تعالى - عن مشابـهة صفات الحوادث.
- الإيمان بكل ما وصف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، من غير تأويل ولا تمثيل ولا تعطيل، ((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)) [الشورى: 11].
وقد بين الله - سبحانه وتعالى- أنه ما خلق الخلق إلا من أجل عبادته فقال: |((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون، إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين)) [الذاريات: 56-58].
وبين الحكمة التي خلق الخلق لأجلها فقال: ((وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا)) [هود: 7].
وقال: ((الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا)) [الملك: 2].
ولكي يتحقق حسن العمل من الإنسان يقتضي أن تتوفر فيه الشروط الآتية[5]:
1- أن يكون العمل خالصاً لوجه الله - تعالى -، فقال - سبحانه -: ((قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين)) [الزمر: 11]، ((وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين)) [البينة: 5].

2- أن يكون موافقاً لما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال - تعالى -: ((قل إن كمتم تحبون الله فاتبعوني)) [آل عمران: 31]، وقال: ((وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)) [الحشر: 7].

3- أن يكون العمل مبنياً على أساس العقيدة الصحيحة قال - تعالى -: ((ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن)) [طه: 112].
من ثمرات التوحيد:
ومن أهم ثمرات ونتائج عقيدة التوحيد تحرير الإنسان من ذل الشرك وربقة العبودية لغير الله - عز وجل -، ومن تسلط الطواغيت ومن أسر الأهواء. فلا الملائكة ولا الجن ولا الأحجار ولا الأشجار ولا الأنبياء ولا الأولياء، ولا الأضرحة والقبور، ولا الملوك والزعماء تنفع شيئاً من دون الله ((من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)) [البقرة: 255]. ((قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير، تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب)) [آل عمران: 26-27].
ومن ثمرات توحيد الله - عز وجل - أيضاً تـهذيب السلوك الفردي والاجتماعي والرقي الأخلاقي لدى الأفراد والجماعات، وحياة الضمير والوجدان وذلك عن طريق تنمية الشعور بمراقبة الله - عز وجل -.

فلا يمكن لأي شريعة من الشرائع أن تبلغ الكمال الذي بلغته شريعة الإسلام، ولا يمكن لأي شريعة وضعية كانت أو غيرها عدا شريعة الإسلام أن تفي بمصالح البشرية وتوازن بين مصالح الإنسان الدنيوية والأخروية. فالديانة النصرانية بعد تحريفها أغفلت إلى حد كبير الجانب الدنيوي من حياة الإنسان، والديانة اليهودية المحرفة أغفلت الجانب الأخروي، والشرائع الوضعية اليوم تبعتها في ذلك، وكل ذلك مؤداه إلى الشقاء.
كليات الأحكام:
ومن جوانب الإعجاز التشريعي في القرآن الكريم أن بعض آياته تضمنت كليات الأحكام الشرعية، فلم تدع خيراً إلا أمرت به، ولم تدع شراً إلا ونـهت عنه، ومن ذلك قوله - تعالى -: ((الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)) [النحل: 90].
فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: إن أجمع آية في القرآن في سورة النحل ((إن الله يأمر بالعدل و الإحسان))[6] الآية.
وعن قتادة: ليس من خلق حسن كان في الجاهلية يعمل ويستحب إلا أمر الله - تعالى - به في هذه الآية، وليس من خلق سيء إلا نـهى الله عنه في هذه الآية[7].
وعن علي - رضي الله عنه - أنه قال: أمر الله - تعالى - نبيه أن يعرض نفسه على قبائل العرب وأنا معه وأبو بكر، فوقفنا على مجلس عليه الوقار، فقال أبو بكر: ممن القوم؟
فقالوا: من شيبان بن ثعلبة.
فدعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الشهادتين، وإلى أن ينصروه، فإن قريشاً كذبوه.
فقال مفروق بن عمرو: إلام تدعونا أخا قريش؟
فتلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم: ((إن الله يأمر بالعدل و الإحسان))الآية.
فقال مفروق بن عمرو: دعوت والله إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ولقد أفك من كذبوك وظاهروا عليك[8].
فانظر - رحمك الله - فيما يلي كم من آيات بينات وردت في تفصيل هذه الآية المجملة.
فمن الآيات التي تأمر بالعدل قوله - تعالى -: ((بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)) [المائدة: 8].
وقوله - تعالى -: ((إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا)) [النساء: 58].
ومن الآيات التي تأمر بالإحسان قوله - تعالى -: ((وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين)) [البقرة: 195].
وقوله - تعالى -: وقولوا للناس حسنا))[البقرة: 83].
وقوله - تعالى -: ((وأحسن كما أحسن الله إليك و لا تبغ الفساد في الأرض))[القصص: 77].
ومن الآيات التي تأمر بإيتاء ذي القربى قوله - تعالى -: ((فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون)) [الروم: 38].
وقوله - تعالى -: ((وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا)) [الإسراء: 26].
ومن الآيات التي نـهى الله فيها عن الفحشاء والمنكر والبغي:
قوله - تعالى -: ((ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن)) [الأنعام: 151].
وقوله - تعالى -: ((قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق))[الأعراف: 33].
ومن الآيات التي جمع فيها بين الأمر بالعدل والتفضل بالإحسان:
قوله - تعالى -: ((وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين)) [النحل: 126]، فالعقوبة بالمثل عدل، والصبر الذي هو العفو إحسان.
وقوله - تعالى -: ((وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله)) [الشورى: 40]، فجزاء السيئة بالسيئة عدل، ثم دعا إلى العفو، فهذا إحسان.
وقوله - تعالى -: ((والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له)) [المائدة: 45]، تضمنت أيضاً العدل والإحسان.
وقوله - تعالى -: ((ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل، إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم، ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور)) [الشورى: 41 - 43].
فمن انتصر بعد ظلمه فهذا عدل، ومن صبر وغفر فهذا إحسان.
وقوله - تعالى -: ((لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما(148)إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا)) [النساء: 148 - 149]. إلى غير ذلك من الآيات[9].
ومن الآيات الجامعة لكليات الأحكام[10] قوله - تعالى -: ((قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون)) [الأعراف: 29].
فجميع الواجبات محصورة في هذه الآية الكريمة، إذ الواجبات محصورة في حق الله - تعالى - وحق عباده، وحق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وقد شمل هذا الموضوع (التوحيد) ثلث آيات القرآن الكريم تقريباً، كما ذكرنا من قبل.
وجميع المحرمات محصورة في قوله - تعالى -: ((قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون))[الأعراف: 32].
فكل ما حرم تحريماً مطلقاً عاماً لا يباح في حال فهو داخل في هذه المذكورات في الآية الآنفة؛ ثم إن بيان أنواع الفواحش والبغي بغير الحق.. جاء تفصيله في مواضع مختلفة من سور القرآن الكريم، ليس هذا موضع بسطها والحديث عنها.
ومنها قوله - تعالى -: ((والعصر، إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)) [العصر: 1-3].
قال الشافعي - رحمه الله -: لو تأمل الناس هذه السورة لكفتهم...

----------------------------------------
[1] - انظر (المستقبل لهذا الدين)، ص: 5 لسيد قطب.
[2] - انظر (المعجزات القرآنية)، ص: 90.
[3] - في كتاب (من جوامع الكلم) موضوع بعنوان (قوم بـهت).
[4] - نقلاً عن كتاب (المسؤولية) ص: 146، للدكتور محمد أمين المصري.
[5] - انظر محاضرة للشيخ محمد أمين الشنقيطي مطبوعة ضمن كتاب (بـهجة الناظرين) ص: 505، رتبه عبد الله بن جار الله الجار الله.
[6] - تفسير القرآن العظيم لابن كثير 4: 950.
[7] - التفسير الكبير للرازي 7: 259.
[8] - سنن ابن ماجة.
[9] - انظر أضواء البيان للشنقيطي 3/ 260.
[10] - انظر (طريق الوصول إلى العلم المأمول بمعرفة القواعد والضوابط والأصول) ص: 212، للشيخ عبد الرحمن السعدي
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 83.53 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 81.19 كيلو بايت... تم توفير 2.34 كيلو بايت...بمعدل (2.80%)]