يا من يريد الطلاق - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12495 - عددالزوار : 213276 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-10-2020, 02:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي يا من يريد الطلاق

يا من يريد الطلاق


جمعية التنمية الأسرية بالمنطقة الشرقية (وئام)







كلمةٌ أبكت العيون وروعت القلوب إنها... الطلاق.
أسباب كثرة الطلاق.
كراهية الطلاق في الإسلام.
مراعاة الآداب الإسلامية عند الطلاق.

يا من يريد الطلاق!
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

أما بعد[1]:
فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهُدى هُدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة[2].

عباد الله:
أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل؛ فهي وصية الله للأولين والآخِرين، كما قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131].

عباد الله:
كلمةٌ من الكلمات أبكَت عيون الأزواج والزوجات، وروَّعَت قلوب الأبناء والبنات، يا لها من كلمة صغيرة، ولكنها جليلة عظيمة خطيرة: الطلاق، الوداع والفراق، والجحيم والألم الذي لا يُطاق، كم هدم من بيوت للمسلمين، كم فرَّق من شمل للبنات والبنين، كم قطع من أواصر للأرحام والمحبِّين والأقربين! يا لها من ساعة حزينة، يا لها من ساعة عصيبة أليمة! يوم سمعت المرأة طلاقها، فكفكفَت دموعها، وودَّعَت زوجها، ووقفَت على باب بيتها؛ لتلقي آخرَ النظرات على بيتٍ مليءٍ بالذكريات، يا لها من مصيبة عظيمة، هدمت بها بيوت المسلمين، وفرق بها شمل البنات والبنين!

كثر الطلاق اليوم حينما فقدنا زوجًا يرعى الذمم، حينما فقدنا الأخلاق والشيم، زوجٌ ينال زوجته اليوم فيأخذها من بيت أبيها عزيزة كريمة ضاحكةً مسرورةً، ويردها بعد أيام قليلة حزينة باكية مطلقة ذليلة!
كثر الطلاق اليوم حينما استخفَّ الأزواج بالحقوق والواجبات، وضيَّعوا الأمانات والمسؤوليات، سهرٌ إلى ساعات متأخرة، وضياع لحقوق الزوجات، والأبناء والبنات، يُضحك الغريب ويُبكي القريب، يُؤنس الغريب ويُوحش الحبيب.

كثر الطلاق اليوم حينما فقدنا زوجًا يَغفر الزلَّة، ويستر العورة والهنة، حينما فقدنا زوجًا يخاف اللهَ، ويتَّقي الله، ويرعى حدودَ الله، ويحفظ العهود والأيام التي خلَت، والذكريات الجميلة التي مضت.

كثر الطلاق اليوم حينما فقدنا الصالحات القانتات الحافِظات للغيب بما حَفِظ الله، حينما أصبحت المرأة طليقةَ اللسان، طليقة العنان، تخرج متى شاءت، وتدخل متى أرادت، خرَّاجةً ولَّاجةً؛ إلى الأسواق، إلى المنتديات واللقاءات، مضيعة حقوق الأزواج والبنات، يا لها من مصيبة عظيمة.

كثر الطَّلاق اليوم حينما تدخَّل الآباء والأمهات في شؤون الأزواج والزوجات؛ الأب يتابع ابنه في كلِّ صغير وكبير، وفي كلِّ جليل وحقير، والأم تتدخَّل في شؤون بنتها في كل صغير وكبير، وجليل وحَقير، حتى ينتهي الأمر إلى الطَّلاق والفراق، ألم يَعلما أنه مَن أفسد زوجةً على زوجها أو أفسد زوجًا على زوجته، لعنه الله؟

كثر الطلاق لما كثرَت النعم، وبطر الناس الفضل من الله والكرم، وأصبح الغني ثريًّا؛ يتزوَّج اليوم ويطلِّق في الغد القريب، ولم يعلم أن الله سائله، وأنَّ الله محاسبه، وأن الله موقفه بين يديه في يومٍ لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون، ولا عشيرة ولا أقربون.

يا من يريد الطَّلاق، إن كانت زوجتك ساءتك اليوم، فقد سرَّتك أيامًا، وإن كانت أحزنتك هذا العام، فقد سرَّتك أعوامًا.
يا من يريد الطلاق، صبرٌ جميلٌ؛ فإن كانت المرأة ساءتك، فلعلَّ الله أن يُخرج منها ذريَّةً صالحةً تقر بها عينك، فالمرأة تكون عند زوج تؤذيه وتسبه وتهينه وتؤلِمه، فيصبر لوجه الله ويَحتسب أجره عند الله، ويعلم أنَّ معه الله، فما هي إلا أعوامٌ حتى يقر الله عينه بذرِّية صالحة، وما يدريك فلعلَّ هذه المرأة التي تكون عليك اليوم جحيمًا، لعلها أن تكون بعد أيام سلامًا ونعيمًا، وما يدريك فلعلها تَحفظك في آخر عمرك، صبرٌ فإن الصبر عواقبه حميدةٌ، وإن مع العسر يسرًا[3].

أيها المسلمون:
إن الشارع الحكيم رغَّب في الإبقاء على عقد النِّكاح، وأمر الزوج بالمعاشرة بالمعروف، ولو مع كراهته لزوجه، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19]، ووصف الله تعالى عقد النِّكاح بالميثاق الغليظ، فقال: ﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [النساء: 21]، ومقتضى وصفه بالميثاق الغليظ: أنَّه يلزم منه الإلزام والاستدامة، والسَّكَن والاستقرار، وعلى هذا فيجب على الزوجين أن يقاوما كلَّ ما يتهدَّد ذلك.

ولكن إذا لم يكن الأمر كذلك، واستحالت الحياة بين الاثنين؛ لكثرة الخلافات المنفِّرة للقلوب، فإنَّ الطلاق هو آخر الحلول؛ لذا عدَّه الشارِع الحكيم من أبغض الحلال؛ أي: إنه في المرتبة الأخيرة من المباح في تقسيم الحكم التكليفي.

ومما يدلُّ على كراهية الطلاق في الإسلام، ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ليس منا مَن خبَّب امرأة على زوجها أو عبدًا على سيده))[4].

وعن ثوبان، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أيما امرأة سألَت زوجها طلاقًا من غير بأس، فحرامٌ عليها رائحة الجنة))[5]، يقول ابن قدامة في هذا المقام: "فإنه ربما فسدَت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النِّكاح مفسدة محضة، وضررًا مجردًا بإلزام الزوج النَّفقة والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العِشرة والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النِّكاح؛ لتزول المفسدة الحاصلة منه"[6].

ويقول الله تعالى: ﴿ وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 130]، وقد جاءت هذه الآية بعد الآيات الداعية إلى الإصلاح عند نشوز أحد الزوجين؛ فإنَّ الطلاق لم يشرع إلَّا بعد محاولات الإصلاح بين الزوجين، عند نشوب الخلافات بينهما؛ إذ إنَّ الأصل في الزواج هو استمرار الحياة الزوجية بين الزوجين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الأصل في الطَّلاق الحَظر، وإنما أُبيح منه قدر الحاجة؛ كما ثبت في الصحيح عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ إبليس يضَع عرشَه على الماء، ثم يَبعث سراياه، فأدناهم منه مَنزلة أعظمهم فِتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلتُ كذا وكذا، فيقول: ما صنعتَ شيئًا، قال: ثمَّ يجيء أحدهم فيقول: ما تركتُه حتى فرَّقتُ بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه، ويقول: نِعْمَ أنت))، قال الأعمش: أراه قال: ((فيلتزمه))[7]، وقد قال تعالى في ذمِّ السِّحر: ﴿ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ﴾ [البقرة: 102]، وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المنتزعات والمختلعات هنَّ المنافقات))[8]، ولهذا لم يبح إلَّا ثلاث مرَّات، وحرمت عليه المرأة بعد الثالثة، حتى تَنكِح زوجًا غيره، وإذا كان إنما أُبيح للحاجة، فالحاجة تندفع بواحدة، فما زاد فهو باقٍ على الحظر"[9].

وقال ابن عاشور في تفسير آية الطلاق في سورة البقرة: ﴿ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ [البقرة: 236]: "قد يعرض من تَنافر الأخلاق وتجافيها ما لا يطمع معه في تكوين هذين السببين - سببي المعاشرة، وهما: السبب الجبلِّي، والسبب الاصطحابي - أو أحدهما، فاحتيج إلى وضع قانون للتخلُّص من هذه الصحبة؛ لئلا تنقلب سبب شقاق وعداوة، فالتخلص قد يكون مرغوبًا لكلا الزوجين، وهذا لا إشكال فيه، وقد يكون مرغوبًا لأحدهما، ويمتنع منه الآخر، فلزم ترجيح أحد الجانبين، وهو جانب الزوج؛ لأن رغبته في المرأة أشد، كيف وهو الذي سعى إليها، ورغب في الاقتران بها؟ ولأنَّ العقل في نوعه أشد، والنظر منه في العواقب أسد، ولا أشدَّ احتمالًا لأذى وصبرًا على سوء خلق من المرأة، فجعل الشرع التخلُّص من هذه الورطة بيد الزوج، وهذا التخلُّص هو المسمَّى بالطلاق"[10].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله الذي نزَّل على عبده الفرقان ليكون للعالمين نذيرًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إنه كان بعباده خبيرًا بصيرًا، وأشهد أنَّ سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله أرسله بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد: عباد الله:
إن المتأمِّل في الآيات الكريمة يلحظ أن كلمة الطلاق في كل مرَّة تأتي متبوعة بأحد أوصاف المعروف والإحسان؛ للدلالة على أنَّ المطلقين حتى وإن كانا متخاصمين، وبدت الحياة بينهما مستحيلة، إلا أنهما يتفارقان عن طيب خاطر.

فإذا وصلت العلاقة إلى هذه الطَّريق ديانة يجب على الطَّرفين أن يكونا حليمين عادلين، ملتزمين بآداب الطَّلاق التي أَمر بها الإسلام، وكثيرًا ما نرى أثناء إجراء معاملات الطلاق مشاحنات وسبابًا وشتائم بين الزوجين، أو أهليهما، وقد يصِل ذلك حد الضَّرب والاقتتال، أو إظهار عيوب ومساوئ كل طرف أمام الناس، وفي ساحة المحاكم؛ حتى يبرر الوضع الذي انتهى إليه، وهذا شيء لا يرضاه الدِّين، فعلى الزوجين أن يمتثلا للآداب الإسلاميَّة في الطلاق، وسنورد هنا بعضًا منها:
1- من آداب الطلاق أن يكون رجعيًّا؛ أي: طلقة واحدة، فلا يجمع بين الثلاث؛ لأن الطَّلقة الواحدة بعد العدَّة تفيد المقصود، ويستفيد بها الرَّجعة إن ندِم في العدَّة، وتجديد النكاح إن أراد بعد العدة.

2- أن يقع الطلاق في حالة هدوء لا غضب فيه ولا شقاق.
3- أن يقع في طُهر لم يسبقه جِماع، فإن لم تكن الزوجة كذلك، فاصبر حتى تطهر، ثم إن شئتَ طلقتَها، وإن شئت أمسكتها.
4- لا تُغلِظ لها القول، بل تلطَّف في النطق بالطلاق، والتمس الأعذار المسببة له، واطلب به سعادة الطرفين.

5- لا تخرجها من بيتك إلَّا إذا أتمَّت العدَّة، وتبيَّن لك من نفسك بانقضائها صِدق رغبتك في طلاقها، والإصرار على فراقها، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ﴾ [الطلاق: 1].

6- فالواجب على المسلمين مراعاة حدود الله، والتمسُّك بما أمرهم الله به، وألَّا يتَّخذوا من العادات سبيلًا لمخالفة الأمور المشروعة، فيجب مراعاة هذه المسألة، وأن المطلَّقة الرجعيَّة يجب أن تبقى في بيت زوجها حتى تنتهي عدَّتها، وفي هذه الحال في بقائها في بيت زوجها لها أن تكشف له، وأن تتزيَّن، وأن تتجمَّل، وأن تتطيَّب، وأن تكلِّمه ويكلمها، وتجلس معه، وتفعل كل شيء ما عدا الاستمتاع بالجِماع أو المباشرة، فإن هذا يكون عند الرجعة، وله أن يراجعها بالقول، فيقول: راجعتُ زوجتي، وله أن يراجعها بالفعل، فيجامعها بنيَّة المراجعة[11].

7- أن يتلطَّف في التعليل بتطليقها من غير تعنيف أو استخفاف، والإبقاء على ودِّها، وتطييب قلبها بهديَّة على سبيل الإمتاع والجبر لخاطرها؛ لما فجعها به من أذى الطلاق، يقول الله تعالى: ﴿ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 236].

8- ألَّا يبخسها أيَّ حقٍّ من حقوقها، يقول الله تعالى: ﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 20].

9- أن يكون رجلًا في موقفه منها، وأن يكون شهمًا في معاملته لها بعد الطلاق، فلا يلوكها بلسانه بما يسيء إليها بحقٍّ أو بباطل، ولا يلجئها إلى المحاكم في سبيل الحصول على حقوقها من نفقة أو حضانة؛ امتثالًا لقول الله تعالى: ﴿ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 237].

10- ألَّا يفشي سرَّها لا في الطلاق ولا عند النكاح، فقد روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من أشرِّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يُفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرَّها))[12].

وروي عن بعض الصالحين أنه أراد طلاق امرأته فقيل له: ما الذي يريبك فيها؟ فقال: العاقل لا يَهتك سترَ امرأته، فلمَّا طلَّقها قيل: لمَ طلَّقتَها؟ فقال: ما لي ولامرأة غيري[13]، وروي أيضًا أن رجلًا طلَّق زوجته، فسأله أحد الناس عن السَّبب في طلاقها، فقال: كنتُ أصون لساني عن ذكر عيوبها وهي زوجتي، فكيف أستبيح ذلك وقد صارت أجنبية عنِّي؟!

فهذه جملة من الآداب الإسلاميَّة، ولو أن كل مَن أراد الطلاق التزم بها، وطبَّق النصوص الشرعيَّة في آداب الطلاق، لما رأينا تلك المشاهد المؤلمة في ساحات الحياة اليومية.

أيها الزوج:
تريَّث فيما أنت قادِم عليه، فإذا أردتَ الطلاق، فاستشر العلماءَ، وراجع الحكماء، والتمس أهلَ الفضل والصلحاء، واسألهم عمَّا أنت فيه، وخذ كلمةً منهم تثبتك، ونصيحة تقويك.

إذا أردتَ الطلاق، فاستخِر الله، وأنزِل حوائجك بالله، فإن كنت مريدًا للطَّلاق، فخذ بسنَّة حبيب الله صلى الله عليه وسلم؛ طلِّقها طلقةً واحدةً في طُهر لم تجامِعها فيه، لا تطلِّقها وهي حائضٌ، فتلك حدود الله: ﴿ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾ [الطلاق: 1]، وإذا طلَّقتَها، فطلِّقها طلقة واحدة لا تزيد.

عباد الله:
ثم اعلموا رحمكم الله أنَّ الله تعالى أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ وسلِّم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأزواجه وذريته وصحابته، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين...
♦♦♦


وليس من مسالك البناء والعناية والصيانة لمكانة الأسرة أن يتذاكَر الناس دورها وأثرها دون تعزيز قِيَم الأسرة المسلمة، وممارسة بنائها من خلال بيئة أسريَّة صالحة تطبِّق ما تعلق بالأسرة من تشريعات وأحكام مرتبطة بأطوار تكون الأسرة، والارتقاء بعلاقة أطرافها، فيجب أن يتصاحب التنظير مع التطبيق في التربية الأسرية.

ومن الأسس الداعمة لبناء متكامل لمفهوم الأسرة في الإسلام: نَشر الوعي من خلال المنابر العلميَّة ومراكز التواصل الاجتماعي؛ ومن ذلك خطب الجمعة التي تعدُّ من مصادر البلاغ والتوجيه في الواقع، ومن الجميل أن يكون الخطيب من أدوات تنفيذ إستراتيجية بناء المجتمع ومنه الأسرة، وقد أحسن الإخوة في جمعية وئام للرعاية الأسرية بالمنطقة الشرقية واللجنة العلمية بمجموعة زاد بإعداد سِفرٍ جامع للخطب الأسريَّة، والذي أشرف عليه فضيلة الشيخ الموفق محمد بن صالح المنجد، والذي بلا شك يعد هذا الجهد من الأعمال المسددة؛ لما يترتَّب عليه من نَشرٍ لأحكام باب من أبواب الشريعة، والذي يبرز مكانة الأسرة في الإسلام، كما أنَّ في نشر هذا السِّفر تقريبًا لمصدر علمي ينتفع منه الخطباء في العالم الإسلامي.


[1] هذه خطبة الحاجة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه، وكان السلف يفتتحون بها خطبهم في دروسهم وكتبهم وأنكحتهم، وللألباني فيها رسالة لطيفة، جمع فيها طرق حديثها، وألفاظها، وذكر فيها فوائد تتناسب مع موضوعها، وقد طبعت على نفقة جمعية التمدن الإسلامي بدمشق، ثم طبعها المكتب الإسلامي طبعة ثانية جميلة مزيدة ومنقحة؛ أخرجها أبو داود (4607)، والنسائي (1578)، والحاكم (183)، وأحمد (3720 و4115).

[2] أخرجه مسلم (867).

[3] من خطبة بعنوان: (الطلاق) للشيخ: محمد بن محمد المختار الشنقيطي - موقع المنبر، بتصرف.

[4] أخرجه أبو داود (2175)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2014).

[5] أخرجه أبو داود (2226)، والترمذي (1187)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح (3279).

[6] المغني؛ لابن قدامة (7/ 363).

[7] أخرجه مسلم (2813).

[8] أخرجه بهذا اللفظ النسائي (3461)، والبيهقي (316)، وأحمد (414)، وصححه الألباني في الصحيحة (1633).

[9] مجموع الفتاوى (33/ 81).

[10] التحرير والتنوير (2/ 460).

[11] انظر: مجموعة أسئلة تهم الأسرة المسلمة؛ لابن العثيمين (ص: 61).

[12] أخرجه مسلم (1437).

[13] إحياء علوم الدين (2/ 56).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 75.05 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 73.15 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (2.53%)]