|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#41
|
||||
|
||||
رد: خواطر الكلمة الطيبة
خواطر الكلمة الطيبة – حقيقة محبة النبي صلى الله عليه وسلم
الناس تحب القرب من الآخرين من أجل مواصفات معينه، فقد يكون السبب الأخلاق الكريمة للشخص، وأحيانا يكون السبب أنه صاحب كلمة مؤثرة عند البيان والكلام، وأحيانا يكون السبب أن هذا الشخص صاحب أفعال كبيرة وجليلة؛ فالناس تنقسم في قضية القرب والالتفاف حول شخص ما بحكم ما لديه صفات وأخلاق جاذبه. فما بالكم إذا اجتمعت هذه الصفات كلها في شخصية واحدة؟ نعم لقد اجتمعت تلك الصفات وأكثر منها في نبينا محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم-؛ فقد جمع الله له الكمالات كلها، كمال في الخلقة وجماله، وكمال في الخلق وآدابه، والكمال في الأقوال؛ فقد أٌوتي - صلى الله عليه وسلم- جوامع الكلم، والكمال في الأفعال؛ فقد أوتي أحسن الأفعال وأطيبها. فتخيل الكمال في كل هذه الصفات كفيلة بألا تجذب أفرادا فحسب، بل تجذب العالم أجمع؛ فلذلك من يعرف النبي - صلى الله عليه وسلم- ينجذب إليه ويحب القرب منه، حتى قال - صلى الله عليه وسلم-: «من أَشَدِّ أُمَّتي حُبا لي ناسٌ يكونُونَ بَعْدِي، يَوَدُّ أحدُهُمْ لَوْ يُعْطِي أَهْلهُ ومالهُ بِأنْ يَرَانِيَ». وهذا السر الذي من أجله جعل الله -عزوجل- الأنبياء والمرسلين فيهم هذه الصفات، ولكن كمال هذه الصفات كانت في نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم-، فقال: «أنا سيدُ ولدِ آدمَ ولا فخرَ»، أي: لا أفتخر عليكم، ولكن الله جعل فيه هذه الكمالات فيقولها من باب {وأما بنعمة ربك فحدث}، وليس من باب الافتخار، بل كان هو سيد المتواضعين - صلى الله عليه وسلم-، فكلما زاده الله بالفضائل زاد النبي - صلى الله عليه وسلم- بالتواضع أكثر؛ ولذلك ما عرفت الدنيا تواضعا مثل تواضعه - صلى الله عليه وسلم-. ترجمة الحب للنبي - صلى الله عليه وسلم- وهذه الصفات هي التي جعلت الصحابة -رضوان الله عليهم- يترجمون هذا الحب له وهذا الانجذاب له بأن كانوا يجهدون في سبيل الله -عزوجل- لإعلاء كلمة الله، وأيضًا لحمايته - صلى الله عليه وسلم- وحماية دينه وسنته. نحن لم يشرفنا الله -عزوجل- لأن نكون معهم في هذا الوقت حتى نكون سدًا منيعًا له - صلى الله عليه وسلم- وأن نكون دروعا بشرية له كما فعل الصحابة -رضي الله عنهم-، ولا أن نظهر ما في قلوبنا عمليا تجاه محبته والانجذاب له - صلى الله عليه وسلم-، والصحابه -رضوان الله عليهم- كل واحد عبر بطريقته عن هذا الانجذاب، وأكثر شيء يدل على محبتنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- هو: أن نعمل بسنته، وندعو لها، أن ندافعها، وأن نقرأ في سيرته ونتعرف على صفاته - صلى الله عليه وسلم-، فحقيقة المحبة هي الحرص على تطبيق سنة النبي - صلى الله عليه وسلم- والعمل بها، والدفاع عنها، ولهذا نرى أن الله -عزوجل- ما أظهر لنا كمالات محمد - صلى الله عليه وسلم- إلا من أجل ذلك، فالنبي - صلى الله عليه وسلم- لا يتخلى يوم القيامة عمن أحبه وانجذب إليه. أمتي أمتي عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَومَ القِيامَةِ فَيَهْتَمُّونَ لذلكَ، وقالَ ابنُ عُبَيْدٍ: فيُلْهَمُونَ لذلكَ، فيَقولونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنا علَى رَبِّنا حتَّى يُرِيحَنا مِن مَكانِنا هذا، قالَ: فَيَأْتُونَ آدَمَ - صلى الله عليه وسلم-، فيَقولونَ: أنْتَ آدَمُ، أبو الخَلْقِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بيَدِهِ، ونَفَخَ فِيكَ مِن رُوحِهِ، وأَمَرَ المَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لنا عِنْدَ رَبِّكَ حتَّى يُرِيحَنا مِن مَكانِنا هذا، فيَقولُ: لَسْتُ هُناكُمْ، فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتي أصابَ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْها، ولَكِنِ ائْتُوا نُوحًا أوَّلَ رَسولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ، قالَ: فَيَأْتُونَ نُوحًا - صلى الله عليه وسلم-، فيَقولُ: لَسْتُ هُناكُمْ، فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتي أصابَ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْها، ولَكِنِ ائْتُوا إبْراهِيمَ - صلى الله عليه وسلم- الذي اتَّخَذَهُ اللَّهُ خَلِيلًا، فَيَأْتُونَ إبْراهِيمَ - صلى الله عليه وسلم-، فيَقولُ: لَسْتُ هُناكُمْ، ويَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتي أصابَ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْها، ولَكِنِ ائْتُوا مُوسَى - صلى الله عليه وسلم-، الذي كَلَّمَهُ اللَّهُ وأَعْطاهُ التَّوْراةَ، قالَ: فَيَأْتُونَ مُوسَى عليه السَّلامُ، فيَقولُ: لَسْتُ هُناكُمْ، ويَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتي أصابَ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْها، ولَكِنِ ائْتُوا عِيسَى رُوحَ اللهِ وكَلِمَتَهُ، فَيَأْتُونَ عِيسَى رُوحَ اللهِ وكَلِمَتَهُ، فيَقولُ: لَسْتُ هُناكُمْ، ولَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم- عَبْدًا قدْ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ وما تَأَخَّرَ، قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم-: فَيَأْتُونِي فأسْتَأْذِنُ علَى رَبِّي، فيُؤْذَنُ لِي، فإذا أنا رَأَيْتُهُ وقَعْتُ ساجِدًا، فَيَدَعُنِي ما شاءَ اللَّهُ، فيُقالُ: يا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، قُلْ تُسْمَعْ، سَلْ تُعْطَهْ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأرْفَعُ رَأْسِي، فأحْمَدُ رَبِّي بتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ رَبِّي، ثُمَّ أشْفَعُ فَيَحُدُّ لي حَدًّا، فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، وأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أعُودُ فأقَعُ ساجِدًا، فَيَدَعُنِي ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقالُ: ارْفَعْ يا مُحَمَّدُ، قُلْ تُسْمَعْ، سَلْ تُعْطَهْ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأرْفَعُ رَأْسِي، فأحْمَدُ رَبِّي بتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أشْفَعُ فَيَحُدُّ لي حَدًّا، فَأُخْرِجَهُمْ مِنَ النَّارِ وأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، قالَ: فلا أدْرِي في الثَّالِثَةِ، أوْ في الرَّابِعَةِ، قالَ فأقُولُ: يا رَبِّ، ما بَقِيَ في النَّارِ إلَّا مَن حَبَسَهُ القُرْآنُ، أيْ وجَبَ عليه الخُلُودُ. قالَ ابنُ عُبَيْدٍ في رِوايَتِهِ: قالَ قَتادَةُ: أيْ وجَبَ عليه الخُلُودُ». مفهوم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم محبة النبي - صلى الله عليه وسلم- تعني أن يميل قلب المسلم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ميلاً يتجلَّى فيه إيثاره - صلى الله عليه وسلم- على كل محبوب من نفس ووالد وولدٍ، والناس أجمعين؛ وذلك لما خصه الله من كريم الخصال وعظيم الشمائل، وما أجراه على يديه من صنوف الخير والبركات لأُمته، وما امتنَّ الله على العباد ببعثته ورسالته. أصل المحبة وبالجملة، فأصل المحبة الميل إلى ما يوافق المُحب، ثم الميل قد يكون لما يستلذه الإنسان ويستحسنه، كحب الصورة والصوت، والطعام ونحوها، وقد يستلذه بعقله للمعاني الباطنة، كحب الصالحين والعلماء، وأهل الفضل مطلقًا، وهذه المعاني كلها موجودة في النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لما جمع من جمال الظاهر والباطن، وكمال خصال الجلال، وأنواع الفضائل، وإحسانه إلى جميع المسلمين بهدايته إيَّاهم إلى الصراط المستقيم، ودوَام النِّعم والإبعاد من الجحيم. جوانب شتى فنحن نتعلق ونرتبط برسول الله - صلى الله عليه وسلم- من جوانب شتى، في جانب العقل معرفةً وعلمًا، نقرأ ونحفظ سيرته وحديثه، وهديه وسنته، والواجب منها والمندوب منها، ونحو ذلك، ومحبة بالقلب، وهي عاطفة مشبوبة، ومشاعر جيَّاشة، ومحبة متدفقة، وميلٌ عاصف تتعلق به النفس والقلب - صلى الله عليه وسلم-؛ لما فيه من المعاني الحسية والمعنوية. محبة الجوارح ثم محبة بالجوارح تترجم فيها المحبة إلى الاتِّباع لسنته قولا وفعلا وتقريرا - صلى الله عليه وسلم - فلا يمكن أن نقول: إن المحبة اتِّباعٌ فحسب، فأين مشاعر القلب؟ ولا يصلح أن نقول: إنها الحب والعاطفة الجياشة، فأين صدق الاتِّباع؟ ولا ينفع هذا وهذا! فأين المعرفة والعلم التي يؤسس بها من فقه سيرته وهدْيه وأحواله - صلى الله عليه وسلم؟، لذا فنحن نرتبط في هذه المحبة بالقلب والنفس، وبالعقل والفكر، وبسائر الجوارح والأحوال والأعمال، فتكمُل حينئذٍ المحبة؛ لتكون هي المحبة الصادقة الخالصة الحقيقية العملية الباطنية، فتكتمل من كل جوانبها؛ لنؤدي بعض حقِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- علينا. عمل قلبي وحبُّ المسلم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- عمل قلبيّ من أجَلِّ أعمال القلوب، وأمر وجداني يجده المسلم في قلبه، وعاطفة طيبة تجيش بها نفسه، وإن تفاوَتت درجة الشعور بهذا الحب؛ تبعًا لقوة الإيمان، أو ضَعفه.اعداد: د. خالد سلطان السلطان
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |