|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
عندما زارني المتنبي
عندما زارني المتنبي د. حسين علي محمد قال لي صديقي، وكنا نشترك في لجنة واحدة في تصحيح الشهادة الإعدادية، ونتذاكر – أثناء التصحيح – أخبار الشعر والشعراء، من العصور المختلفة: سأرسل لك المتنبي اليوم. وحينما رآني أرفع حاجبي متعجبًا دون أن أنبس بكلمة، أضاف: ألا تعجبك أشعار المتنبي وشوقي وبدوي الجبل وعمر أبي ريشة وأحمد الصافي النجفي ومن في طبقتهم؟ - بلى. قال جادًا: عثرت في مدينتنا الصغيرة على شاعر من طبقتهم، وأسمعني بعض قصائده الرائعة في الغزل والوطنيات. كدت أتعلق برقبته وأنا أسأله: أين هو؟ وأين يعمل؟ قال متثاقلاً: سيقول لك بنفسه عندما يزورك في بيتك اليوم: من هو، وأين يعمل! وأضاف وهو يرشف القطرات الأخيرة من كوب الشاي: سيزورك عصر اليوم، ويعرض عليك قصائده. بعد العصر كان على باب بيتي من ينادي: هل هذا بيت الأستاذ حسين؟ أجاب ابني الصغير: نعم.. تفضل.. أقول له من؟ - المتنبي. ... رحبت به، وسألته عن اسمه، قال: المتنبي. وحينما فتحت فمي تعجبًا، ضحك بصوت عال، وقال: أنا واحد من خمسة في مصر يحملون اسم المتنبي. قاطعته: لقب المتنبي.. قال غاضبًا: أقول لك اسمي: المتنبي، تقول: لقبًا؟! قلت صادقًا: آسف.. يا صديقي. قال جادًا: قبلت اعتذارك (وأضاف) أشهرنا الأستاذ المتنبي وهو ناظر مدرسة إعدادية في دمياط، وأنا أقلهم.. المتنبي سعد، حاصل على الثانوية العامة من الأزهر الشريف، وأعمل بإدارة المياه بالزقازيق. طلبت منه أن يسمعني قصائده، فقرأ لي بعض أبيات (كلها مكسور)، فقاطعته: ألم تعرض قصائدك على أحد؟ أجاب غاضبًا: .. هل تسخر مني يا أستاذ؟.. أقول لك أنا المتنبي.. تقول لي: هل عرضت قصائدك على أحد؟ غضب مني حينما أخبرته أن بعض قصائده مكسورة، وقال لي: يبدو أنك لا تعرف العروض، فأنت تكتب ((الشعر الحر)).. أما أنا فقد درسته في معهد الزقازيق الديني على أيدي شيوخه! جلس برهة بعدها، ثم استأذن في الانصراف. ... وقابلني عدة مرات بعدها، سألته في مرة، وكنا نشتري بعض مواد التموين: هل تنشر قصائدك الآن؟ أجاب في انكسار يشوبه الحزن: نفسي مسدودة! الناس مشغولون بكأس العالم (كان ذلك عام 1982م) وتركوا إسرائيل تقتحم بيروت وتجتاح لبنان، وجعلوا خليل حاوي ينتحر. سألته: هل قرأت شعر خليل حاوي؟ قال: قرأته ولم أستسغه، لأنه يكتب نثرًا، ويدعي أنه شعر!! وابتسم وهو يمد يده إلى ((مخطوط)) يحمله تحت إبطه: هل أسمع إحدى قصائدي الأخيرة؟ فاعتذرت لأن هذا موعد أخذ ابني من ((دار الحضانة)). فقال: لا بأس.. أسمعك آخر ما جادت به مشاعري، وأنت في طريقك للحضانة. وبدأ يلقي ((قصيدته)) بصوت عال، والناس ينظرون إلينا.. مستنكرين!
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |